زهير
04-18-2008, 06:48 AM
القبس في حوار مشتعل مع العلامة محمد حسين فضل الله:
الشيعة ليسوا جميعا حزب الله وهم طائفة متنوعة الأبعاد
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/18-4-2008//383579_57.jpg
• السيد فضل الله متحدثا الى القبس
18/04/2008 بيروت ـــ نبيه البرجي ومازن مجوز
لأنه واجه الكثير من حالات الحصار، حتى منع عنه «الخمس» في احيان كثيرة لدفعه الى الاستسلام او الى الموت الفقهي، لانه العربي ـــ العروبي ـــ في العقل وفي القلب، والذي يرى ان ابتعاد مرجعية الازهر عن الحالة العربية، وكذلك تراجع مرجعية النجف (العربية بطبيعة الحال) السبب الرئيسي في الشقاق الراهن بين العرب وايضا بين المسلمين. ولأنه صاحب الفتاوى المتنورة التي تتفاعل مع العصر، وتتعامل مع النص الديني بعمق، وبشفافية، وبتفهم لكل الآراء دون ان تلامس اصابعه الكراهية.
ولأنه العدو الاكبر لاي فتنة سنية ـــ شيعية يراها خرابا للزمن الاسلامي كله دون ان يكون لها اي مبرر، وعلى المستويات كافة. لهذا كله، ولأشياء اخرى، نقصد المرجع الشيعي، وهو يؤكد انه المرجع الاسلامي، العلامة السيد محمد حسين فضل الله، في الوقت الذي تنتشر الحساسيات (والغرائز) داخل المجتمع اللبناني.
ربما المرحلة تقتضي الكثير من الصراحة، لذا بدأنا حوارنا معه عن «القضية الشيعية» في لبنان بعدما اثيرت علامات استفهام كثيرة حول الولاء، وقلنا: طائفة في مهب الريح، اعترض، واستعرض، طويلا في التاريخ، ليؤكد، وبالمطلق، على اسلامية، وعروبة، الطائفة.
يذكر شواهد، وهو السيد في الفقه المنفتح، فالقرآن الكريم يبدأ بهذه الكلمات «بسم الله الرحمن الرحيم». اجل الرحمن الرحيم، هكذا يفهم الاسلام، ومن هذا ينطلق في احكامه.
يؤكد ان الشيعة لم يلتزموا جميعا بولاية الفقيه، وان العالم يتمذهب، وليس العالم الاسلامي فقط، ويقول ان الشيعة ليسوا كلهم «حزب الله»، ولكن ليشدد على انتصار المقاومة، متسائلا: لماذا نحملها هي ولا نحمل اسرائيل مسؤولية الحرب؟
لا وقف للنار بين لبنان والدولة العبرية، لذلك يرى ان من الممكن جدا نشوب الحرب، الحرب؟ ترتعد فرائص اللبنانيين، وان كان «منطق الاشياء» يشير الى ان الامور قد لا تبقى على مراوحتها الراهنة.
«القبس» حاورته:
• الشيعة في لبنان.. طائفة في مهب الريح لماذا؟
ــ في تصوري ان السؤال لا يملك الكثير من الدقة، لان الشيعة في لبنان يمثلون جماعة عاشت اضطهاد التاريخ في ظروف جعلتها في عزلة سياسية عن الواقع اللبناني، بحيث انها لم تنفتح على التطورات التي كانت تحيط بالواقع اللبناني السياسي، بل كل خطواتها السياسية تتحرك باتجاه الاجواء الاقطاعية التي كانت تتوارثها بعض العائلات، ولذلك لم يحدث في بدايات القرن السابق اي تطور سياسي في الذهنية الشيعية، ولكنها في الوقت نفسه، انفتحت بعض الانفتاح على التطورات السياسية في المنطقة عندما سقطت الخلافة العثمانية، وبدأت الدول الغربية تعمل على اساس تنظيم الاستعمار في حصصها السياسية والاقتصادية، فكانت اول انطلاقة شيعية بارزة في تأييد الملك فيصل الاول، ابن الشريف حسين، في ملكيته في سوريا، والتي لم يكن الفرنسيون يوافقون عليها. ثم تطورت الامور في المنطقة منذ بدأت المشكلة الفلسطينية ومنذ بدأت بعض الاحزاب اليسارية تتحرك في اتجاه الواقع اللبناني لا سيما الواقع الجنوبي الذي يمثل الشيعة اكثرية فيه، فلاحظنا في الثلاثينات وبعدها، بعض التطورات في حركة الشباب الشيعي في الانتماء الى خط اليسار.
المسألة الى ما بعد الخمسينات عندما ولدت اسرائيل في المنطقة وانطلق التيار اليساري في هذا المجال.
الشيعة انفتحوا انذاك على الواقع السياسي اللبناني الذي انفتح على قضايا المنطقة، ومن هناك كانت حركة عبد الناصر، وحركة الانقلاب العراقي على الملكية (عام 1958) وهكذا انطلق الواقع الشيعي على الارض اللبنانية التي اتسع دورهم فيها في خطوط اليسار بشكل كبير جداً.
وانطلقت الامور حتى فكر الكثيرون ومنهم السيد موسى الصدر في تأسيس حركة ارادها ان تكون حركة مقاومة من جهة، وحركة اسلامية معتدلة ومنفتحة من جهة ثانية. ومن الطبيعي ان السيد الصدر الذي كان يشرف على هذه الحركة، وهي حركة امل، كان له دور كبير في الحركية الشيعية من خلال انفتاحه الثقافي والديني السياسي على كل اللبنانيين، حتى كانت المأساة في سفره الى ليبيا حيث غيب هناك بالطريقة التي نعتقد فيها انه لاقى وجه ربه.
ليسوا في مهب الريح
لذلك فالشيعة لم يكونوا في مهب الريح، بل كانوا يتحركون على الارض، وكانت الارض تتسع بهم تارة وتضيق بهم اخرى حسب الظروف المحيطة بالمنطقة، ثم عندما انطلقت الثورة الاسلامية في ايران نشأت حركة «حزب الله» التي انفتحت على ايران انفتاحا واسعا، لا سيما في بعض اعضائها الذين آمنوا بولاية الفقيه، واعتبروا الامام الخميني قائدا سياسيا بالاضافة الى كونه قائدا شرعيا.
لذلك خرج من رحم حركة «امل» بعض القيادات، التي اصبحت قيادات لـ «حزب الله» وهكذا انطلقت حركة «حزب الله» اضافة الى الذهنية التي اثارها السيد موسى الصدر في حركة «امل» الى مسألة المقاومة التي تطورت لتتحول الى مقاومة لاسرائيل، ومن الطبيعي انها التقت مع بعض الاوضاع الاقليمية التي كانت في مواجهة مع اسرائيل، وبدأت حركة «حزب الله» تعمل على تعبئة الشباب من اجل اعتماد نهج المقاومة وتسليحهم وتدريبهم، حتى ان الشيعة لم يكونوا يحلقون في الفضاء، كما يحلق غيرهم، بل كانوا يمشون على الارض ولهذا استطاعوا ان يحرروا لبنان من الاحتلال الاسرائيلي عام 2000، ويهزموا اسرائيل عام 2006، مما يدل على انهم تجذروا في الارض في الوقت الذي يعيش فيه الكثير من اللبنانيين على سطح السطح لا على السطح وحده.
لذلك، نتصور ان الحديث ان الشيعة في مهب الريح ليس حديثا دقيقا.
تمذهب المقاومة
• اي مقاومة عندما تتمذهب؟
ـــ الشيعة لم يتمذهبوا، انني اتساءل امام هذا العنوان: اي جهة في العالم لم تتمذهب؟
اي مقاومة للماركسيين عندما يتمذهبون بالماركسية؟
اي مقاومة للقوميين عندما يتمذهبون بالقومية؟ اي مقاومة للفرنسيين عندما يتمذهبون بالعمق الكاثوليكي. ان فرنسا لاتزال كاثوليكية في العمق، ولهذا لاحظناها في ايام الحرب اللبنانية المشؤومة انهم كانوا يتحركون بذهنبة كاثوليكية، وهذا ما قلته لبعض سفراء فرنسا: «انتم لستم علمانيين، بل انكم كاثوليكيون في هذا المجال».
مشكلة المذهبية عندما توظف لحالة مذهبية ضيقة. اما عندما توظف لحالة وطنية قومية اسلامية تنفتح على الواقع اللبناني والعربي والاسلامي، فاي مذهبية هي هذه المذهبية.
المذهبية تمثل خطوطا في القيمة التي يؤمن بها اصحابها. لكن المسألة ان الشيعة لم يحاربوا لحماية التشيع وانما حاربوا لحماية لبنان كله، ولحماية العالم العربي من اسرائيل التي هزمت العروبة واسقطتها كلها في كل صراعاتها مع العالم العربي، كما ان الشيعة لم يتمذهبوا شيعيا في مقابل السنة، بل انهم تعاونوا مع السنة في هذا المجال وفتحوا حركتهم للكثيرين ممن يريدون ان يتعاونوا معهم في قضية المقاومة.
جدار الفصل
• ولكن هناك جدار فصل بين السنة والشيعة وهذا واقع؟
ـــ استطيع ان أؤكد ان الشيعة في الخط العام ليسوا مذهبيين في المعنى الضيق الذي يحاول ان يضيق بالسنة. واذا كان هناك بعض الشيعة ممن يعيش بعض التعقيدات تجاه السنة، فان هناك الكثير من العالم السني ممن يتطرف تجاه الشيعة بحيث انهم يكفرون الشيعة.
ولعل الثقافة الواسعة في اكثر مواقع العالم الاسلامي تنطلق من تكفير الشيعة، وان الشيعة مرتدون وانهم كفرة، ولهذا رأينا كيف ان «القاعدة» في خطابها عندما دخلت العراق وعندما عاشت في افغانستان، كان اعضاؤها يستغلون دماء الشيعة، وقالوا اننا نحارب في العراق الشيعة والاحتلال.
لذلك الشيعة لم يكفروا السنة.
الانفتاح على الوحدة
• حذرت في خطبة الجمعة من ان هناك شيعة تكفر..؟
ـــ هناك حركة رد فعل ولم تكن حركة فعل. فعندما ندرس ان الشيخ عبدالحسين شرف الدين، وهو من مراجع الشيعة سافر الى القدس، وامّ جماعة المسلمين من كل المذاهب في بيت المقدس في المسجد الاقصى، ونحن نلاحظ ان العلماء الشيعة الكبار ينفتحون على الوحدة الاسلامية، واذكر انه في عام 1952 عندما شاركت في اربعين المرحوم السيد محسن الامين وكان الى جانبي المرشد العام للاخوان المسلمين في سوريا ولبنان الدكتور مصطفى السباعي، فكانت لي مداخلة في قصيدتي في دعوة الى الوحدة الاسلامية، وكانت مداخلة السباعي تتضمن ان شخصا سنيا جاء الى السيد محسن الامين في الشام، وقال له اريد ان اصبح شيعيا، فقال له ليس هناك فرق بين الشيعة والسنة، كلنا مسلمون ونحن نختلف مع السنة، كما يختلف السنة بعضهم مع بعض في بعض القضايا في هذا المجال، لكن الرجل اصر على ذلك، قال له: هل تريد ان تكون شيعيا، قال نعم.
قال: اجلس على ركبتيك، فجلس.
قال: قل اشهد ان لا إله الا الله، فقال.
ثم اضاف: قل اشهد ان محمدا رسول الله، فقال.
قال: صرت شيعيا، لاننا عندما نتحدث في مسألة التشيع فاننا نتحدث عما قاله رسول الله، ونختلف مع السنة حول ان كان رسول الله قال ذلك في خلافة علي (ع) او لم يقل ذلك.
اذا انت عندما شهدت ان محمدا رسول الله فقد اخذت بكل ما جاء عن محمد رسول الله، وماذا قال رسول الله، هذا مما نختلف فيه مع السنة.
إيران
• أليست المشكلة الشيعية هي في التماهي المطلق مع الحالة الايرانية بمنأى عن الحالة العربية؟
ـــ انني اسأل ان ايران دولة اسلامية كبقية الدول الاسلامية، كماليزيا واندونيسيا، لماذا يوجه السؤال الى الشيعة في علاقتهم بايران؟ وهم لا ينطلقون في خضوع للسياسة الايرانية، وانني اتساءل لقد كانت ايران الشاه، وكان الشيعة معارضين لايران الشاه.
اما عند ثورة الإمام الخميني، فانه يمثل مرجعية شيعية فقهية سياسية في مواجهة الاستكبار العالمي سواء اميركا او الاتحاد السوفيتي آنذاك، وكان منفتحا على المسألة الفلسطينية، ولذلك طرد ممثل اسرائيل من السفارة الاسرائيلية في طهران واقام مكانه الفلسطينيون آنذاك.
لذلك، فإن التيار الشيعي في هذا المقام، فتح على الإمام الخميني وعلى الثورة الاسلامية، كما فتح عليها الكثيرون في العالم الاسلامي آنذاك. الغاية ان هناك من الشيعة من التزم بولاية الفقيه التي لم يلتزم كل الشيعة بها.
ولا اعتقد ان الذي يعمل لمواجهة اسرائيل، لا يمكن ان يتنكر للعروبة في هذا المجال.
كيف نستطيع القول ان الذين وقفوا ضد انتصار المقاومة على اسرائيل مخلصون للقومية العربية؟
انتصار
• الأمر نسبي عندما يقتل 1200 شخص لبناني ويدمر لبنان ويقاتل الشيعة بمفردهم، هل يمكن ان نسمي ذلك انتصارا؟
- انني اتساءل: هل الدراسات السياسية من خلال خبراء اميركيين يقولون ان الخطة لحرب لبنان، بهدف اسقاط المقاومة وسلاحها كانت معدة منذ اوائل الثمانينات وان «حزب الله» عندما أسر الجنديين كان يتحرك في الخط الذي سار فيه منذ أيام ارييل شارون عندما اسر بعض الجنود الاسرائيليين واستطاع ان يبادل بهم الكثير من اللبنانيين والفلسطينيين، لذلك لم يكن «حزب الله» في موقع اعلان حرب؟
الدفاع عن الخطأ
• هل تدافع عن الخطأ؟
ــ انا لا ادافع عن الخطأ، لكن لماذا نحمل المقاومة لا اسرائيل مسؤولية الحرب؟ هل ان اسر الجنديين الاسرائيليين يستدعي مثل هذه الحرب المدمرة للمدنيين اللبنانيين؟.
تجربة غزة
• كانت تجربة غزة لا تزال ساخنة، وكان يفترض بأهل القرار ان يدركوا او يستشعروا النتائج.
ــ لم يكن هذا واردا في الحسابات العامة على مستوى الخطوط السياسية الموجودة في المنطقة.
• اذاً هل الخلل في الرؤية الاستراتيجية؟
ــ الخلل هو ان ثمة خطة خفية اميركية ــ اسرائيلية بهدف القضاء على المقاومة الاسلامية في لبنان.
قد يكون هناك عدم وضوح في الرؤية لهذا المجال، ولكن هذا لا يمنع ان اسرائيل هي المسؤولة.
نحن الآن ليس ثمة وقف اطلاق نار بين لبنان واسرائيل، بل هناك وقف للعمليات العسكرية فقط، بحيث انه من الممكن جدا نشوب الحرب.
ولاء الطائفة
• سياسياً، لمن يفترض أن يكون ولاء الطائفة للبنان، للعروبة، أم للمرجعية الدينية؟
ـــ لا أعتقد انها للمرجعية الدينية، هل سوريا تمثل مرجعية دينية، هل المقاومة الفلسطينية تمثل مرجعية دينية؟
•... ولاء؟!
ـــ ليس هناك ولاء، هناك فرق بين أن أواليك بمعنى أني أحبك وأخلص لك لأنك تتفق معي في الفكر، وفي الخط. وبين ان أواليك أن أخضع لك وأن أستعبد لك.
• أليس الشيعة خاضعين لإيران؟
ـــ الشيعة ليسوا جميعاً «حزب الله»، فالشيعة يمثلون طائفة متنوعة الأبعاد وفيهم اليساريون.
• أين هم؟
ـــ هم موجودون في لبنان.
• على هامش الهامش؟
- أين هم المسيحيون في ما عدا الأحزاب، والمنظمات البارزة في واجهة الصورة، كما أنه أين هم السنة غير البارزين في واجهة الصورة ليس كل طائفة تندفع في الخط السياسي بجميع أفرادها.
المرجعية المنفتحة
• لماذا الكثيرون في العالم العربي يجدون فيك المرجع الأهم؟
ـــ لا أدري إذا كانت كلمة الأهم هي دقيقة، لكنهم يجدون في هذه المرجعية انها تنفتح على كل أوضاع الإسلام الحضاري، وتجيب على كل علامات الاستفهام للشباب الإسلامي وليس الشيعي فحسب، ولذلك فانني أرصد كل السلبيات التي توجه للإسلام وللتشيع في كل العالم.
الشباب يجدون ان ثمة مرجعية حركية منفتحة على قضايا الإسلام في العالم الإسلامي والشيعي دون تعصب لأنني كنت من دعاة الوحدة الإسلامية أوائل الخمسينات.
لهذا يرفضونني
• إذا لماذا يرفضك الفاعلون؟ أو الأقوياء؟
ـــ لا أعتقد ان كل الفاعلين يرفضونني لكن طبيعة التنافس البشري الموجود بين موقع وموقع يفرض ذلك، كما أن ثمة حالات من التخلف لا ترتضي بعض الأفكار التي يعتبرونها
متطرفة أو ضالة كما في تعبير بعض من أسميتهم الأقوياء؟
• نحن نتقاتل منذ قرن تقريباً، نقاتل هباء أليس من الضروري أن نبحث عن البديل؟
ـــ لم نقاتل هباءً ولكننا قاتلنا الاستعمار - وقاتلنا إسرائيل وانتصرنا، ولم يكن الانتصار عنفوانياً بمعنى استعراض العضلات السياسية، قتالنا كان قتالا مدروسا ضمن خطة تحاول انقاذ العالم العربي والاسلامي. الذين قاتلوا هباء هم الذين انهزموا امام اسرائيل.
الخروج من العالم
• برنارد لويس المستشرق الاميركي البريطاني الاصل يقول «لقد خرج المسلمون من العالم»
ـــ انا اعتقد انهم دخلوا الى العالم بشكل قوي وفاعل ومزعج لكثير من قوى الاستكبار العالمي.
• لماذا؟ نحن الان عندما نواجه الاعلام نجد ان الاعلام مشغول بالمسلمين سواء أكانوا مسلمين ممن نرضى عن خطهم ام لا؟
ان الاسلام يشغل العالم، وهذا ما يفسر بعض الامور الصادرة من اوروبا مثل الصور المسيئة في الدانمرك وفيلم «الفتنة» (للنائب الهولندي)، ومثل الدعايات السلبية ضد الاسلام التي قادها الباب الجديد بنديكت السادس عشر في محاضرته ضد الاسلام، التي دللت على انه لم يفهم الاسلام فهما علميا موضوعيا يتناسب مع موقعه.
اننا نتصور ان الاسلام سواء كان اسلاما منفتحا او متخلفا، حضاريا او بدائيا، اصبح يشغل العالم كما لم يشغله اي شيء آخر.
كلام خطير
• هذا كلام خطير، عندما تقول سواء كان الاسلام متحضرا او متخلفا.
ـــ عندما نريد ان ندرس الاسلام في الواقع الداخلي للمسلمين نرفض اسلام التخلف والغلو واسلام البدائية، نحن ندعو الى الاسلام الحضاري، لكن حتى بالنسبة الى الاسلام المتطرف عندما ندرس خلفياته فانها كانت رد فعل لما يمارسه الاستكبار العالمي.
كل المشاكل تقريبا هي في العالم الاسلامي، وقيل ان احد الاسباب هو ضغط الايديولوجيا.
• استطرادا، لابد ان يكون هناك خلل ما، خلل بنيوي ام مبرمج خارجيا.
ـــ انا اعتقد ان مشكلة العالم الاسلامي هي انه ابعد الله عن فكره وروحه، لان الله ليس مجرد لافتة نلوح بها وليس مجرد عقيدة تجريدية تنفتح.
الله هو الرحمن الرحيم، والله هو المحبة والانفتاح على انه نور السموات والارض، وهو نور العقل.
الخلافة للسنيورة أم لنصر الله؟
عن دوره في رأب الصدع بين السنّة والشيعة يقول السيد فضل الله «بدأت منذ زمن على مواجهة هذه المشكلة التي اعتبرها تنطلق من تراكمات التاريخ اولا، ومن التخلف الذي يعيشه المسلمون الذين ينطلقون في خط العصبية من خلال بعض المتعصبين من رجال الدين هنا وهناك في هذا المجال، ومن خلال الخطة الاميركية في تمزيق العالم الاسلامي وحديث الرئيس جورج بوش عن الفوضى الخلاقة او البناءة، لأنه ليس هناك فوضى اكثر عمقا وتدميرا من الفوضى في الخلافات المذهبية في العالم الاسلامي، والا فإنني اتساءل اي مشكلة بين السنة والشيعة في لبنان؟
لماذا تدخل العلاقة السلبية او الايجابية مع شخصية سياسية سنية او شيعية في المسألة؟ كأننا نتحدث هل الخلافة لعلي او لأبي بكر، هل الخلافة للسنيورة او للسيد نصر الله مثلا (رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والامين العام لـ «حزب الله» حسن نصر الله؟
هل هناك محاولة في لبنان لاثارة المذهبية الخانقة التي يديرها بعض علماء الدين وبعض الزعماء السياسيين من اجل تكبير دورهم لايجاد حالة من العصبية الانفعالية التي تتيح لهم الكثير من المكاسب، وربما يخططون من خلالها حسب الظروف التي يريدها الاستكبار لحرب سنية ــ شيعية، وقد تحدث الكثيرون عن أن بعض غير المسلمين من الزعماء يريدون ان يحاربوا حتى آخر سني او آخر شيعي في هذا البلد.
أقوياء ولكن.. كالعيس في البيداء يقتلها الظما
«القبس» توجهت الى السيد فضل الله بالقول: دائما اميركا.. اميركا منذ طفولتنا نسمع اميركا.. لقد سئمنا اين نحن مما يجري؟
يجيب السيد «لو لم نكن نعيش التخلف السياسي والديني، ولو لم نكن نخضع للذين يسيطرون على العالم العربي، لما استطاعت اميركا ان تستفيد من نقاط الضعف هذه، نحن نقول ان اي قوة في العالم من القوى الطاغية لا تستطيع ان تسيطر على اي شعب ما لم تكن في داخله نقاط ضعف تفتح الثغرات لاميركا كما فعلت من قبل لاوروبا.
نحن اقوياء، لدينا قوة اقتصادية وعددية وثقافية، ولكن كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول.
نحن اقوياء ولكننا لا نستعمل قوتنا الا عندما يكون بأسنا بيننا، شديدا كما كان في زمن الدعوة: بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى.
مرجعية النجف هي الأقوى
يقول السيد فضل الله «ان المرجعية الدينية في النجف تمثل اقوى المرجعيات في عدد الذين يرجعون اليها في التقليد، وهذه المرجعية لم تنفتح على الجانب السياسي الا في ثورة العشرين عندما واجهت الاحتلال البريطاني، وهي في بعض الحركات الجزئية التي كان يمثلها السيد محسن الحكيم، والتي حاولت ان تنطلق بطريقة جنينية في حركة السيد محمد باقر الصدر ورفاقه في حزب الدعوة الذي حاول ان ينطلق في مرجعية معينة للانفتاح السياسي في هذا المقام.
اما بالنسبة الى ايران فالمراجع لم يدخلوا في المسائل السياسية، اغلب المراجع في قم لا يمارسون اي عمل سياسي، بل ان الكثيرين منهم لا يؤيدون القيادة الاسلامية في ايران المتمثلة بولاية الفقيه، ولكن بعضهم يؤيدها من دون ان يشارك فيها».
ويؤكد السيد ان المرجعية «تتحرك في العراق بحجم معين، وتتحرك بحجم اصغر في ايران وتنطلق في العالم».
الشيعة ليسوا جميعا حزب الله وهم طائفة متنوعة الأبعاد
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/18-4-2008//383579_57.jpg
• السيد فضل الله متحدثا الى القبس
18/04/2008 بيروت ـــ نبيه البرجي ومازن مجوز
لأنه واجه الكثير من حالات الحصار، حتى منع عنه «الخمس» في احيان كثيرة لدفعه الى الاستسلام او الى الموت الفقهي، لانه العربي ـــ العروبي ـــ في العقل وفي القلب، والذي يرى ان ابتعاد مرجعية الازهر عن الحالة العربية، وكذلك تراجع مرجعية النجف (العربية بطبيعة الحال) السبب الرئيسي في الشقاق الراهن بين العرب وايضا بين المسلمين. ولأنه صاحب الفتاوى المتنورة التي تتفاعل مع العصر، وتتعامل مع النص الديني بعمق، وبشفافية، وبتفهم لكل الآراء دون ان تلامس اصابعه الكراهية.
ولأنه العدو الاكبر لاي فتنة سنية ـــ شيعية يراها خرابا للزمن الاسلامي كله دون ان يكون لها اي مبرر، وعلى المستويات كافة. لهذا كله، ولأشياء اخرى، نقصد المرجع الشيعي، وهو يؤكد انه المرجع الاسلامي، العلامة السيد محمد حسين فضل الله، في الوقت الذي تنتشر الحساسيات (والغرائز) داخل المجتمع اللبناني.
ربما المرحلة تقتضي الكثير من الصراحة، لذا بدأنا حوارنا معه عن «القضية الشيعية» في لبنان بعدما اثيرت علامات استفهام كثيرة حول الولاء، وقلنا: طائفة في مهب الريح، اعترض، واستعرض، طويلا في التاريخ، ليؤكد، وبالمطلق، على اسلامية، وعروبة، الطائفة.
يذكر شواهد، وهو السيد في الفقه المنفتح، فالقرآن الكريم يبدأ بهذه الكلمات «بسم الله الرحمن الرحيم». اجل الرحمن الرحيم، هكذا يفهم الاسلام، ومن هذا ينطلق في احكامه.
يؤكد ان الشيعة لم يلتزموا جميعا بولاية الفقيه، وان العالم يتمذهب، وليس العالم الاسلامي فقط، ويقول ان الشيعة ليسوا كلهم «حزب الله»، ولكن ليشدد على انتصار المقاومة، متسائلا: لماذا نحملها هي ولا نحمل اسرائيل مسؤولية الحرب؟
لا وقف للنار بين لبنان والدولة العبرية، لذلك يرى ان من الممكن جدا نشوب الحرب، الحرب؟ ترتعد فرائص اللبنانيين، وان كان «منطق الاشياء» يشير الى ان الامور قد لا تبقى على مراوحتها الراهنة.
«القبس» حاورته:
• الشيعة في لبنان.. طائفة في مهب الريح لماذا؟
ــ في تصوري ان السؤال لا يملك الكثير من الدقة، لان الشيعة في لبنان يمثلون جماعة عاشت اضطهاد التاريخ في ظروف جعلتها في عزلة سياسية عن الواقع اللبناني، بحيث انها لم تنفتح على التطورات التي كانت تحيط بالواقع اللبناني السياسي، بل كل خطواتها السياسية تتحرك باتجاه الاجواء الاقطاعية التي كانت تتوارثها بعض العائلات، ولذلك لم يحدث في بدايات القرن السابق اي تطور سياسي في الذهنية الشيعية، ولكنها في الوقت نفسه، انفتحت بعض الانفتاح على التطورات السياسية في المنطقة عندما سقطت الخلافة العثمانية، وبدأت الدول الغربية تعمل على اساس تنظيم الاستعمار في حصصها السياسية والاقتصادية، فكانت اول انطلاقة شيعية بارزة في تأييد الملك فيصل الاول، ابن الشريف حسين، في ملكيته في سوريا، والتي لم يكن الفرنسيون يوافقون عليها. ثم تطورت الامور في المنطقة منذ بدأت المشكلة الفلسطينية ومنذ بدأت بعض الاحزاب اليسارية تتحرك في اتجاه الواقع اللبناني لا سيما الواقع الجنوبي الذي يمثل الشيعة اكثرية فيه، فلاحظنا في الثلاثينات وبعدها، بعض التطورات في حركة الشباب الشيعي في الانتماء الى خط اليسار.
المسألة الى ما بعد الخمسينات عندما ولدت اسرائيل في المنطقة وانطلق التيار اليساري في هذا المجال.
الشيعة انفتحوا انذاك على الواقع السياسي اللبناني الذي انفتح على قضايا المنطقة، ومن هناك كانت حركة عبد الناصر، وحركة الانقلاب العراقي على الملكية (عام 1958) وهكذا انطلق الواقع الشيعي على الارض اللبنانية التي اتسع دورهم فيها في خطوط اليسار بشكل كبير جداً.
وانطلقت الامور حتى فكر الكثيرون ومنهم السيد موسى الصدر في تأسيس حركة ارادها ان تكون حركة مقاومة من جهة، وحركة اسلامية معتدلة ومنفتحة من جهة ثانية. ومن الطبيعي ان السيد الصدر الذي كان يشرف على هذه الحركة، وهي حركة امل، كان له دور كبير في الحركية الشيعية من خلال انفتاحه الثقافي والديني السياسي على كل اللبنانيين، حتى كانت المأساة في سفره الى ليبيا حيث غيب هناك بالطريقة التي نعتقد فيها انه لاقى وجه ربه.
ليسوا في مهب الريح
لذلك فالشيعة لم يكونوا في مهب الريح، بل كانوا يتحركون على الارض، وكانت الارض تتسع بهم تارة وتضيق بهم اخرى حسب الظروف المحيطة بالمنطقة، ثم عندما انطلقت الثورة الاسلامية في ايران نشأت حركة «حزب الله» التي انفتحت على ايران انفتاحا واسعا، لا سيما في بعض اعضائها الذين آمنوا بولاية الفقيه، واعتبروا الامام الخميني قائدا سياسيا بالاضافة الى كونه قائدا شرعيا.
لذلك خرج من رحم حركة «امل» بعض القيادات، التي اصبحت قيادات لـ «حزب الله» وهكذا انطلقت حركة «حزب الله» اضافة الى الذهنية التي اثارها السيد موسى الصدر في حركة «امل» الى مسألة المقاومة التي تطورت لتتحول الى مقاومة لاسرائيل، ومن الطبيعي انها التقت مع بعض الاوضاع الاقليمية التي كانت في مواجهة مع اسرائيل، وبدأت حركة «حزب الله» تعمل على تعبئة الشباب من اجل اعتماد نهج المقاومة وتسليحهم وتدريبهم، حتى ان الشيعة لم يكونوا يحلقون في الفضاء، كما يحلق غيرهم، بل كانوا يمشون على الارض ولهذا استطاعوا ان يحرروا لبنان من الاحتلال الاسرائيلي عام 2000، ويهزموا اسرائيل عام 2006، مما يدل على انهم تجذروا في الارض في الوقت الذي يعيش فيه الكثير من اللبنانيين على سطح السطح لا على السطح وحده.
لذلك، نتصور ان الحديث ان الشيعة في مهب الريح ليس حديثا دقيقا.
تمذهب المقاومة
• اي مقاومة عندما تتمذهب؟
ـــ الشيعة لم يتمذهبوا، انني اتساءل امام هذا العنوان: اي جهة في العالم لم تتمذهب؟
اي مقاومة للماركسيين عندما يتمذهبون بالماركسية؟
اي مقاومة للقوميين عندما يتمذهبون بالقومية؟ اي مقاومة للفرنسيين عندما يتمذهبون بالعمق الكاثوليكي. ان فرنسا لاتزال كاثوليكية في العمق، ولهذا لاحظناها في ايام الحرب اللبنانية المشؤومة انهم كانوا يتحركون بذهنبة كاثوليكية، وهذا ما قلته لبعض سفراء فرنسا: «انتم لستم علمانيين، بل انكم كاثوليكيون في هذا المجال».
مشكلة المذهبية عندما توظف لحالة مذهبية ضيقة. اما عندما توظف لحالة وطنية قومية اسلامية تنفتح على الواقع اللبناني والعربي والاسلامي، فاي مذهبية هي هذه المذهبية.
المذهبية تمثل خطوطا في القيمة التي يؤمن بها اصحابها. لكن المسألة ان الشيعة لم يحاربوا لحماية التشيع وانما حاربوا لحماية لبنان كله، ولحماية العالم العربي من اسرائيل التي هزمت العروبة واسقطتها كلها في كل صراعاتها مع العالم العربي، كما ان الشيعة لم يتمذهبوا شيعيا في مقابل السنة، بل انهم تعاونوا مع السنة في هذا المجال وفتحوا حركتهم للكثيرين ممن يريدون ان يتعاونوا معهم في قضية المقاومة.
جدار الفصل
• ولكن هناك جدار فصل بين السنة والشيعة وهذا واقع؟
ـــ استطيع ان أؤكد ان الشيعة في الخط العام ليسوا مذهبيين في المعنى الضيق الذي يحاول ان يضيق بالسنة. واذا كان هناك بعض الشيعة ممن يعيش بعض التعقيدات تجاه السنة، فان هناك الكثير من العالم السني ممن يتطرف تجاه الشيعة بحيث انهم يكفرون الشيعة.
ولعل الثقافة الواسعة في اكثر مواقع العالم الاسلامي تنطلق من تكفير الشيعة، وان الشيعة مرتدون وانهم كفرة، ولهذا رأينا كيف ان «القاعدة» في خطابها عندما دخلت العراق وعندما عاشت في افغانستان، كان اعضاؤها يستغلون دماء الشيعة، وقالوا اننا نحارب في العراق الشيعة والاحتلال.
لذلك الشيعة لم يكفروا السنة.
الانفتاح على الوحدة
• حذرت في خطبة الجمعة من ان هناك شيعة تكفر..؟
ـــ هناك حركة رد فعل ولم تكن حركة فعل. فعندما ندرس ان الشيخ عبدالحسين شرف الدين، وهو من مراجع الشيعة سافر الى القدس، وامّ جماعة المسلمين من كل المذاهب في بيت المقدس في المسجد الاقصى، ونحن نلاحظ ان العلماء الشيعة الكبار ينفتحون على الوحدة الاسلامية، واذكر انه في عام 1952 عندما شاركت في اربعين المرحوم السيد محسن الامين وكان الى جانبي المرشد العام للاخوان المسلمين في سوريا ولبنان الدكتور مصطفى السباعي، فكانت لي مداخلة في قصيدتي في دعوة الى الوحدة الاسلامية، وكانت مداخلة السباعي تتضمن ان شخصا سنيا جاء الى السيد محسن الامين في الشام، وقال له اريد ان اصبح شيعيا، فقال له ليس هناك فرق بين الشيعة والسنة، كلنا مسلمون ونحن نختلف مع السنة، كما يختلف السنة بعضهم مع بعض في بعض القضايا في هذا المجال، لكن الرجل اصر على ذلك، قال له: هل تريد ان تكون شيعيا، قال نعم.
قال: اجلس على ركبتيك، فجلس.
قال: قل اشهد ان لا إله الا الله، فقال.
ثم اضاف: قل اشهد ان محمدا رسول الله، فقال.
قال: صرت شيعيا، لاننا عندما نتحدث في مسألة التشيع فاننا نتحدث عما قاله رسول الله، ونختلف مع السنة حول ان كان رسول الله قال ذلك في خلافة علي (ع) او لم يقل ذلك.
اذا انت عندما شهدت ان محمدا رسول الله فقد اخذت بكل ما جاء عن محمد رسول الله، وماذا قال رسول الله، هذا مما نختلف فيه مع السنة.
إيران
• أليست المشكلة الشيعية هي في التماهي المطلق مع الحالة الايرانية بمنأى عن الحالة العربية؟
ـــ انني اسأل ان ايران دولة اسلامية كبقية الدول الاسلامية، كماليزيا واندونيسيا، لماذا يوجه السؤال الى الشيعة في علاقتهم بايران؟ وهم لا ينطلقون في خضوع للسياسة الايرانية، وانني اتساءل لقد كانت ايران الشاه، وكان الشيعة معارضين لايران الشاه.
اما عند ثورة الإمام الخميني، فانه يمثل مرجعية شيعية فقهية سياسية في مواجهة الاستكبار العالمي سواء اميركا او الاتحاد السوفيتي آنذاك، وكان منفتحا على المسألة الفلسطينية، ولذلك طرد ممثل اسرائيل من السفارة الاسرائيلية في طهران واقام مكانه الفلسطينيون آنذاك.
لذلك، فإن التيار الشيعي في هذا المقام، فتح على الإمام الخميني وعلى الثورة الاسلامية، كما فتح عليها الكثيرون في العالم الاسلامي آنذاك. الغاية ان هناك من الشيعة من التزم بولاية الفقيه التي لم يلتزم كل الشيعة بها.
ولا اعتقد ان الذي يعمل لمواجهة اسرائيل، لا يمكن ان يتنكر للعروبة في هذا المجال.
كيف نستطيع القول ان الذين وقفوا ضد انتصار المقاومة على اسرائيل مخلصون للقومية العربية؟
انتصار
• الأمر نسبي عندما يقتل 1200 شخص لبناني ويدمر لبنان ويقاتل الشيعة بمفردهم، هل يمكن ان نسمي ذلك انتصارا؟
- انني اتساءل: هل الدراسات السياسية من خلال خبراء اميركيين يقولون ان الخطة لحرب لبنان، بهدف اسقاط المقاومة وسلاحها كانت معدة منذ اوائل الثمانينات وان «حزب الله» عندما أسر الجنديين كان يتحرك في الخط الذي سار فيه منذ أيام ارييل شارون عندما اسر بعض الجنود الاسرائيليين واستطاع ان يبادل بهم الكثير من اللبنانيين والفلسطينيين، لذلك لم يكن «حزب الله» في موقع اعلان حرب؟
الدفاع عن الخطأ
• هل تدافع عن الخطأ؟
ــ انا لا ادافع عن الخطأ، لكن لماذا نحمل المقاومة لا اسرائيل مسؤولية الحرب؟ هل ان اسر الجنديين الاسرائيليين يستدعي مثل هذه الحرب المدمرة للمدنيين اللبنانيين؟.
تجربة غزة
• كانت تجربة غزة لا تزال ساخنة، وكان يفترض بأهل القرار ان يدركوا او يستشعروا النتائج.
ــ لم يكن هذا واردا في الحسابات العامة على مستوى الخطوط السياسية الموجودة في المنطقة.
• اذاً هل الخلل في الرؤية الاستراتيجية؟
ــ الخلل هو ان ثمة خطة خفية اميركية ــ اسرائيلية بهدف القضاء على المقاومة الاسلامية في لبنان.
قد يكون هناك عدم وضوح في الرؤية لهذا المجال، ولكن هذا لا يمنع ان اسرائيل هي المسؤولة.
نحن الآن ليس ثمة وقف اطلاق نار بين لبنان واسرائيل، بل هناك وقف للعمليات العسكرية فقط، بحيث انه من الممكن جدا نشوب الحرب.
ولاء الطائفة
• سياسياً، لمن يفترض أن يكون ولاء الطائفة للبنان، للعروبة، أم للمرجعية الدينية؟
ـــ لا أعتقد انها للمرجعية الدينية، هل سوريا تمثل مرجعية دينية، هل المقاومة الفلسطينية تمثل مرجعية دينية؟
•... ولاء؟!
ـــ ليس هناك ولاء، هناك فرق بين أن أواليك بمعنى أني أحبك وأخلص لك لأنك تتفق معي في الفكر، وفي الخط. وبين ان أواليك أن أخضع لك وأن أستعبد لك.
• أليس الشيعة خاضعين لإيران؟
ـــ الشيعة ليسوا جميعاً «حزب الله»، فالشيعة يمثلون طائفة متنوعة الأبعاد وفيهم اليساريون.
• أين هم؟
ـــ هم موجودون في لبنان.
• على هامش الهامش؟
- أين هم المسيحيون في ما عدا الأحزاب، والمنظمات البارزة في واجهة الصورة، كما أنه أين هم السنة غير البارزين في واجهة الصورة ليس كل طائفة تندفع في الخط السياسي بجميع أفرادها.
المرجعية المنفتحة
• لماذا الكثيرون في العالم العربي يجدون فيك المرجع الأهم؟
ـــ لا أدري إذا كانت كلمة الأهم هي دقيقة، لكنهم يجدون في هذه المرجعية انها تنفتح على كل أوضاع الإسلام الحضاري، وتجيب على كل علامات الاستفهام للشباب الإسلامي وليس الشيعي فحسب، ولذلك فانني أرصد كل السلبيات التي توجه للإسلام وللتشيع في كل العالم.
الشباب يجدون ان ثمة مرجعية حركية منفتحة على قضايا الإسلام في العالم الإسلامي والشيعي دون تعصب لأنني كنت من دعاة الوحدة الإسلامية أوائل الخمسينات.
لهذا يرفضونني
• إذا لماذا يرفضك الفاعلون؟ أو الأقوياء؟
ـــ لا أعتقد ان كل الفاعلين يرفضونني لكن طبيعة التنافس البشري الموجود بين موقع وموقع يفرض ذلك، كما أن ثمة حالات من التخلف لا ترتضي بعض الأفكار التي يعتبرونها
متطرفة أو ضالة كما في تعبير بعض من أسميتهم الأقوياء؟
• نحن نتقاتل منذ قرن تقريباً، نقاتل هباء أليس من الضروري أن نبحث عن البديل؟
ـــ لم نقاتل هباءً ولكننا قاتلنا الاستعمار - وقاتلنا إسرائيل وانتصرنا، ولم يكن الانتصار عنفوانياً بمعنى استعراض العضلات السياسية، قتالنا كان قتالا مدروسا ضمن خطة تحاول انقاذ العالم العربي والاسلامي. الذين قاتلوا هباء هم الذين انهزموا امام اسرائيل.
الخروج من العالم
• برنارد لويس المستشرق الاميركي البريطاني الاصل يقول «لقد خرج المسلمون من العالم»
ـــ انا اعتقد انهم دخلوا الى العالم بشكل قوي وفاعل ومزعج لكثير من قوى الاستكبار العالمي.
• لماذا؟ نحن الان عندما نواجه الاعلام نجد ان الاعلام مشغول بالمسلمين سواء أكانوا مسلمين ممن نرضى عن خطهم ام لا؟
ان الاسلام يشغل العالم، وهذا ما يفسر بعض الامور الصادرة من اوروبا مثل الصور المسيئة في الدانمرك وفيلم «الفتنة» (للنائب الهولندي)، ومثل الدعايات السلبية ضد الاسلام التي قادها الباب الجديد بنديكت السادس عشر في محاضرته ضد الاسلام، التي دللت على انه لم يفهم الاسلام فهما علميا موضوعيا يتناسب مع موقعه.
اننا نتصور ان الاسلام سواء كان اسلاما منفتحا او متخلفا، حضاريا او بدائيا، اصبح يشغل العالم كما لم يشغله اي شيء آخر.
كلام خطير
• هذا كلام خطير، عندما تقول سواء كان الاسلام متحضرا او متخلفا.
ـــ عندما نريد ان ندرس الاسلام في الواقع الداخلي للمسلمين نرفض اسلام التخلف والغلو واسلام البدائية، نحن ندعو الى الاسلام الحضاري، لكن حتى بالنسبة الى الاسلام المتطرف عندما ندرس خلفياته فانها كانت رد فعل لما يمارسه الاستكبار العالمي.
كل المشاكل تقريبا هي في العالم الاسلامي، وقيل ان احد الاسباب هو ضغط الايديولوجيا.
• استطرادا، لابد ان يكون هناك خلل ما، خلل بنيوي ام مبرمج خارجيا.
ـــ انا اعتقد ان مشكلة العالم الاسلامي هي انه ابعد الله عن فكره وروحه، لان الله ليس مجرد لافتة نلوح بها وليس مجرد عقيدة تجريدية تنفتح.
الله هو الرحمن الرحيم، والله هو المحبة والانفتاح على انه نور السموات والارض، وهو نور العقل.
الخلافة للسنيورة أم لنصر الله؟
عن دوره في رأب الصدع بين السنّة والشيعة يقول السيد فضل الله «بدأت منذ زمن على مواجهة هذه المشكلة التي اعتبرها تنطلق من تراكمات التاريخ اولا، ومن التخلف الذي يعيشه المسلمون الذين ينطلقون في خط العصبية من خلال بعض المتعصبين من رجال الدين هنا وهناك في هذا المجال، ومن خلال الخطة الاميركية في تمزيق العالم الاسلامي وحديث الرئيس جورج بوش عن الفوضى الخلاقة او البناءة، لأنه ليس هناك فوضى اكثر عمقا وتدميرا من الفوضى في الخلافات المذهبية في العالم الاسلامي، والا فإنني اتساءل اي مشكلة بين السنة والشيعة في لبنان؟
لماذا تدخل العلاقة السلبية او الايجابية مع شخصية سياسية سنية او شيعية في المسألة؟ كأننا نتحدث هل الخلافة لعلي او لأبي بكر، هل الخلافة للسنيورة او للسيد نصر الله مثلا (رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والامين العام لـ «حزب الله» حسن نصر الله؟
هل هناك محاولة في لبنان لاثارة المذهبية الخانقة التي يديرها بعض علماء الدين وبعض الزعماء السياسيين من اجل تكبير دورهم لايجاد حالة من العصبية الانفعالية التي تتيح لهم الكثير من المكاسب، وربما يخططون من خلالها حسب الظروف التي يريدها الاستكبار لحرب سنية ــ شيعية، وقد تحدث الكثيرون عن أن بعض غير المسلمين من الزعماء يريدون ان يحاربوا حتى آخر سني او آخر شيعي في هذا البلد.
أقوياء ولكن.. كالعيس في البيداء يقتلها الظما
«القبس» توجهت الى السيد فضل الله بالقول: دائما اميركا.. اميركا منذ طفولتنا نسمع اميركا.. لقد سئمنا اين نحن مما يجري؟
يجيب السيد «لو لم نكن نعيش التخلف السياسي والديني، ولو لم نكن نخضع للذين يسيطرون على العالم العربي، لما استطاعت اميركا ان تستفيد من نقاط الضعف هذه، نحن نقول ان اي قوة في العالم من القوى الطاغية لا تستطيع ان تسيطر على اي شعب ما لم تكن في داخله نقاط ضعف تفتح الثغرات لاميركا كما فعلت من قبل لاوروبا.
نحن اقوياء، لدينا قوة اقتصادية وعددية وثقافية، ولكن كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول.
نحن اقوياء ولكننا لا نستعمل قوتنا الا عندما يكون بأسنا بيننا، شديدا كما كان في زمن الدعوة: بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى.
مرجعية النجف هي الأقوى
يقول السيد فضل الله «ان المرجعية الدينية في النجف تمثل اقوى المرجعيات في عدد الذين يرجعون اليها في التقليد، وهذه المرجعية لم تنفتح على الجانب السياسي الا في ثورة العشرين عندما واجهت الاحتلال البريطاني، وهي في بعض الحركات الجزئية التي كان يمثلها السيد محسن الحكيم، والتي حاولت ان تنطلق بطريقة جنينية في حركة السيد محمد باقر الصدر ورفاقه في حزب الدعوة الذي حاول ان ينطلق في مرجعية معينة للانفتاح السياسي في هذا المقام.
اما بالنسبة الى ايران فالمراجع لم يدخلوا في المسائل السياسية، اغلب المراجع في قم لا يمارسون اي عمل سياسي، بل ان الكثيرين منهم لا يؤيدون القيادة الاسلامية في ايران المتمثلة بولاية الفقيه، ولكن بعضهم يؤيدها من دون ان يشارك فيها».
ويؤكد السيد ان المرجعية «تتحرك في العراق بحجم معين، وتتحرك بحجم اصغر في ايران وتنطلق في العالم».