المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحاج رضوان كان يتجول بدون حراسة احيانا.. وتصفيته تشير لاختراق امني خطير



فاطمة
04-10-2008, 12:29 AM
سورية: التصعيد الاسرائيلي والحرج من تورط عربي يؤجلان كشف غموض اغتيال مغنية

دمشق ـ خاص بـ القدس العربي


تعيش الاوساط الدبلوماسية في دمشق هذه الايام حالة من الترقب والانتظار لمعرفة نتائج التحقيقات في عملية اغتيال الراحل عماد مغنية زعيم الجناح العسكري لحزب الله، والاطراف المتورطة فيها الي جانب الطرف الاسرائيلي.
السلطات السورية سربت انباء تفيد بانها ستعلن نتائج هذه التحقيقات التي قالت انها اكتملت يوم امس الاول الاحد، ولكن يبدو انها قررت التريث، وتأجيل هذه الخطوة لبضعة ايام مقبلة بسبب تزايد حدة التوتر علي الجبهتين السورية واللبنانية اثر الحشود والمناورات الاسرائيلية التي توصف بانها الاضخم منذ قيام الدولة العبرية.

وقال مصدر دبلوماسي في دمشق ان الاعلان ربما يشكل احراجا كبيرا للسلطات السورية لانها ستضطر الي الكشف عن دور لعبته مخابرات دول عربية مجاورة في عملية الاغتيال، جنبا الي جنب مع اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية علاوة علي تورط بعض العناصر الداخلية سورية ولبنانية وفلسطينية.

الحاج رضوان مثلما يلقبه اصدقاؤه في دمشق ولبنان وطهران، كان يتحرك بثقة غير عادية في العاصمة السورية، ويشعر بالامان بسبب اعتقاد مترسخ لديه بانه شخص غير معروف لم تنشر له اي صور شخصية علي مدي ثلاثين عاما، ولم يظهر في اي احتفال شعبي او رسمي، مضافا الي ذلك قناعته بانه من الصعب اختراق الاجراءات الأمنية السورية المشددة في العاصمة دمشق.

احدي الشخصيات الفلسطينية التي كانت تعرف عماد مغنية بشكل جيد قالت لـ القدس العربي ان الراحل كان بسيطا جدا في ملبسه ومأكله وتحركاته، وغالبا ما كان يتجول بمفرده، ودون اي حراسة شخصية، ولم يتورع في بعض الاحيان عن استخدام سيارات الاجرة في تنقلاته.

وذكرت هذه الشخصية انه في احدي المرات جاء لزيارتها في حوالي الساعة الثانية صباحا، دون سابق انذار، وبعد تناول اقداح الشاي، ومع اقتراب صلاة الفجر هب واقفا وقرر المغادرة رافضا كل الدعوات له بقضاء الليلة عند مضيفيه، وقرب الباب قال لهم انا ذاهب لصلاة الفجر، ومنها الي لبنان، صلوا من اجل المقاومة، وادعوا لها بالتوفيق، دون ان يفصح عن ما في سريرته.

وقالت هذه الشخصية انه افاق في صباح اليوم نفسه علي عملية لحزب الله في جنوب لبنان تم خلالها اسر الجنديين الاسرائيليين.

اغتيال مغنية اصاب القيادات الفلسطينية المقيمة بدمشق بحالة من القلق، لان الوصول الي شخص في حجمه، ومكانته، وعدم تواجده في مكان ثابت، وغموض شخصيته، يعني الوصول الي اي هدف آخر مثلما اكد احد القادة الفلسطينيين الكبار، ومع ذلك لم يلاحظ زائر هذه القيادات اي اجراءات امنية غير عادية حول مقراتها واماكن تواجدها في العاصمة السورية.

السلطات السورية نفسها شعرت بقلق اكبر من جراء عملية الاغتيال هذه، لان الهدف منها لم يكن تصفية الشخصية العسكرية الابرز في المقاومة الاسلامية اللبنانية، وانما ايضا احراج الامن السوري واجهزته المعروفة بصلابتها وصعوبة اختراقها.

القلق السوري انعكس بشكل واضح في الاجراءات الامنية المشددة وغير المسبوقة التي جري اتخاذها اثناء انعقاد القمة العربية العادية في دمشق اواخر الشهر الماضي، فقد جري تحويل جميع رحلات الطيران الي مطارات حلب واللاذقية طوال يومي القمة، وانتشرت قوات الامن بكثافة في قلب العاصمة وامام مداخل الفنادق الرئيسية حيث يقيم اعضاء الوفود الرسمية وضيوف القمة من الصحافيين والمدعوين للحيلولة دون وقوع اي حادث يمكن ان يعكر صفو القمة، بعد ان تحول انعقادها الي نجاح في حد ذاته بسبب محاولات واشنطن ودول عربية مثل مصر والمملكة العربية السعودية لافشالها.

السلطات السورية تتكتم علي التحقيقات ونتائجها، الامر الذي ترك الباب مفتوحا امام التكهنات حول الجهة او الجهات المتورطة في عملية الاغتيال وكيفية التنفيذ. ولعل الرواية الوحيدة تلك التي نشرتها صحف اسرائيلية وبريطانية افادت ان عملاء اجهزة مخابرات اسرائيلية لغموا مسند رأس السائق في السيارة التي يستخدمها الراحل مغنية وهي من نوع جيب بيجارو وجري تفجيره فور استقلاله السيارة وادارته لمحركها.

اوساط لبنانية مقربة من حزب الله قالت ان قوات الامن السورية عثرت علي سيارتين استخدمهما المتورطون في جريمة الاغتيال وتعرفوا علي هوية الاشخاص الذين استقلوهما الي دمشق، ولكن لم يتم الكشف عنهما، والدولة التي جاءوا منها.

هناك عدة تفسيرات لعملية تأجيل الاعلان عن نتائج التحقيقات رغم الضغوط الممارسة علي سورية من ايران وحزب الله مثلما يتردد في لبنان وسورية نفسها، ابرزها ان السلطات الامنية السورية تخشي ان يؤدي اعلان النتائج الي اعمال انتقامية من الجهات العربية المتورطة الي جانب اسرائيل، الامر الذي قد يؤدي الي اعطاء اسرائيل ذريعة لشن حرب شاملة ضد سورية وحزب الله وربما ايران ايضا.
مصدر لبناني كبير مقرب من القيادة السياسية لحزب الله اكد لـ القدس العربي ان الانتقام لاغتيال الشهيد عماد مغنية قد تأجل لعدة اسابيع او اشهر مقبلة لحرمان اسرائيل من اي ذريعة لشن هجوم علي لبنان واشعال نار الحرب الاقليمية التي تستعد لها بشكل جيد من خلال مناوراتها العسكرية الموسعة التي بدأت يوم الاحد الماضي.

اصدقاء الحاج رضوان في دمشق، خاصة في الاوساط الفلسطينية يتحدثون عنه كبطل، من حيث الشجاعة الممزوجة بالدهاء. ويؤكدون انه لعب دورا كبيرا، وعلي مدي خمسة وعشرين عاما في توظيف خبراته العسكرية الهائلة في التخطيط والتنفيذ لإلحاق خسائر كبيرة في صفوف الاسرائيليين، وتدريب قوات المقاومة ضد الامريكيين في العراق علاوة علي هندسته للانتصار الكبير الذي تحقق علي الاسرائيليين اثناء الحرب الاخيرة علي لبنان.