JABER
03-23-2008, 12:45 AM
الاستغلال الجنسي وسرقة الأعضاء وراء تفاقم الظاهرة
23/03/2008 الجزائر- نصر الدين قاسم:
كانت الام برفقة ابنها الصغير عندما منعها الحارس من اصطحابه الى داخل المستشفى بحجة ان الاطفال يمنع عليهم زيارة المرضى. وكانت المسكينة قد جاءت من بعيد وقد كلفت نفسها شراء شيء من الفاكهة لعيادة مريضها. ولم تستسغ ان تعود ادراجها دون ان تراه، فاستسمحت الحارس ان يبقي ولدها عنده حتى تقوم هي بالزيارة على جناح السرعة. ولم تكن المسكينة تدري بان القدر يخبئ لها فاجعة ليس بعدها فاجعة. الحارس ورأفة بهذه السيدة قبل عن مضض.
ما كادت السيدة تتلاشى وسط الزوار الوافدين،
حتى جاءت سيدة اخرى تظاهرت وكأنها تعرف
الطفل جيدا: «آه ماذا تفعل هنا يا بني، تركتك ماما وراحت.. هيا بنا الى الدار». والتفتت الى الحارس وكلها ثقة:
«عندما تأتي فلانة ـ وكانها تعرفها معرفة جيدة ـ قل لها بأنه عند قريبتك فلانة فقد مرت من هنا وعز عليها ان تتركه في قاعة الانتظار فاخذته معها الى بيتها انها في انتظارك».
هلع الام لم يكن ليوصف وهي تكتشف بان ابنها اخذته سيدة تدعي انها قريبتها، ضربت على صدرها وصرخت باعلى صوتها مكلومة: «ما عندي حتى قريبه هنا انا غريبة جئت من مدينة بعيدة.. ولا اعرف احدا هنا».
جرائم تحبس الأنفاس
صدم الحارس المسكين واكتشف بأنه وقع ضحية استغفال واحتيال موصوف، كثر البكاء والعويل والتفت النسوة وتجمع الناس، وتذكر الحارس ان السيدة استقلت سيارة اجرة، فترقبوا عودتها، ليأخذهم صاحبها حيث اخذ السيدة والطفل. بعد ساعات من البحث في تلك المدينة الصغيرة وجد الطفل المسكين جثة هامدة مرمي في مكان خال وقد نزعت كبده».
هذه القصة المرعبة وقصص اخرى اكثر رعبا تملأ الدنيا في الجزائر هذه الايام، بعد تفاقم ظاهرة اختطاف الاطفال في مختلف المدن الجزائرية. الجزائريون لم يسكنهم رعب على اطفالهم كالذي سكنهم هذه الاشهر. وكانت ظاهرة اختطاف الاطفال قد انفجرت بشكل استعراضي بداية الصيف الماضي مع قضية الطفل ياسين الذي اختطف ولم يظهر عليه اي خبر ليكتشف بعد اكثر من خمسين يوما جثة هامدة بدا يفتتها العفن في بئر مهجورة في مزرعة نائية.
قضية ياسين هزت المجتمع ووصل صيتها الى اعلى مؤسسات الجمهورية، فقد اهتم بمتابعة
تفاصيلها رئيس الجمهورية شخصيا، والذي بادر الى تعزية ومواساة عائلته بعد اكتشاف مقتله.
قضية ياسين ادمت قلوب الجزائريين وتعدت حدود الوطن وتهافت الجزائريون في الخارج استعدادا لدفع
الفدية ان كان السبب وراء اختطافه هو ذلك. ومن يومها لم تتوقف وسائل الاعلام عن الحديث عن عشرات
الحالات من الاختطاف يوميا وفي مختلف انحاء
الوطن غير ان مدينتي الشلف وتيزي أوزو
انفردت بقصص من الغرابة مما يصعب على العقل تصديقه.
البداية كانت بين الجزائر وفرنسا
ظاهرة اختطاف الاطفال عرفها الجزائريون
منذ مدة ولكن بنوع آخر من الاختطاف ذلك الذي كان يتم بين الوالدين من زواج مختلط فرنسي جزائري،
نظرا لتناقض قوانين الاحوال الشخصية في البلدين، فعادة ما كان الزوج يخطف اولاده ويعود بهم الى الجزائر او العكس عندما تختطف الام الفرنسية ابناءها وتعود بهم الى فرنسا.
البدايات الاولى لخطف الاطفال في الجزائر لاغراض اجرامية كانت قليلة ونادرة جدا وكانت اشبه بالاساطير. فقد كان يروى ان بعض المشعوذين والسحرة يختطفون الاطفال ليستعملوا اعضاءهم في السحر والشعوذة واعداد الطعام بايدي الموتى وما الى ذلك من الخرافات. غير ان الاختطاف عرف منعرجا آخر في السنوات الاخيرة عندما انتشرت ظاهرة اختطاف ابناء الاثرياء او حتى بعض الاثرياء انفسهم للمطالبة بالفدية، وقد تمت عدة عمليات غنم من ورائها المختطفون ملايين الدنانير، ولم يعرف عنهم شيء. بعض الاخبار تقول انهم مجموعات اشرار لجات الى هذه الطريقة للابتزاز والسرقة، واخبار تقول بانها من فعل الجماعات المسلحة حتى تضمن التمويل لنشاطاتها، وقد يكون الاثنان معا.
الاختفاء اكثر من الاختطاف
لقد احصت مصالح الدرك الوطني اكثر من 800 حالة اختطاف منذ سنة 2000، اودت بحياة اكثر
من 367 طفلا، مسجلة في السياق ذاته
اكتشاف ظاهرة جديدة في اختفاء الاطفال، وهي تلك التي يفتعل فيها الاطفال عملية الاختطاف هروبا
من اهلهم سواء لاخطاء ارتكبوها او نظرا لنتائجهم الدراسية الضعيفة، فقد سجلت في السنتين الاخيرتين 2006-2007 اكثر من 268 حالة راح ضحيتها ثمانون
منهم. وتذهب تقارير الدرك الوطني الى التأكيد
بأن ظاهرة الهروب هي الاكثر رواجا من ظاهرة الاختطاف بكثير، فمنذ بداية السنة الجديدة 2008، احصت مصالحها ان 90 في المائة من الحالات المبلغ عنها تصنف في خانة الهروب، ولم تسجل سوى ثلاث حالات توفرت فيها اركان جريمة الاختطاف.
في بداية الصيف الماضي عادت ظاهرة اختطاف الاطفال ثم قتلهم سواء بعد الاعتداء عليهم جنسيا حتى لا يفتضح امر الجاني، او بعد نزع اعضائهم، كما تناقلته الكثير من التقارير الاعلامية. لكن مصالح الامن تنفي نفيا قاطعا وجود مثل هذه الحالات او وجود عصابات تمتهن الاتجار بالاعضاء البشرية، وتؤكد انها لم تحصل على اية حالة انتزعت فيها اعضاء الضحية باستثناء تلك المصنفة في خانة الاعتداءات الجنسية والتي يتم فيها التنكيل بالضحية بعد اغتصابها، وما دون ذلك فهو مجرد اشاعات حسب مصالح الامن.
سحرة وشعوذة
اراء مسؤولي الصحة والاساتذة الجراحين تؤكد ما ذهبت اليه التقارير الامنية اذ تجزم باستحالة استعمال اعضاء الاطفال لاغراض زرعها لاناس آخرين. ذلك لان
عمليات زرع الاعضاء عمليات حساسة ومعقدة
تستوجب شروطا تقنية وصحية واحتياطات
حفظ دقيقة ومحددة في الزمان والمكان، وهذا ما يصعب توفيره في حالات اختطاف، خصوصاً في ما
يتعلق بالكلى والقرنيات كما هو مشاع في الاوساط
الاعلامية والشعبية، التي تتحدث عن هذا النوع
من سرقة الاعضاء. ويرجح الاساتذة الجراحون والاطباء ان تكون ظاهرة سرقة الاعضاء من عمل
مشعوذين يستعملونها في شعوذتهم وتعويذاتهم واعمالهم الشريرة.
ظاهرة اختطاف الاطفال تحولت الى قضية وطنية تعهدت السلطات من رئيس الحكومة الى وزير الداخلية بمحاربتها ميدانيا بكل ما اوتيت الدولة من امكانات، وقانونيا بشن تشريعات صارمة في هذا الباب. كما تقوم مصالح الامن والدرك بتوعية المواطنين بضرورة الاهتمام باطفالهم ومتابعتهم والتبليغ عن كل حالة اختفاء فور حدوثها، لانه من الاسباب الثانوية لاستفحال ظاهرة الاختطاف هو عدم التبليغ، او التبليغ المتاخر جدا.
23/03/2008 الجزائر- نصر الدين قاسم:
كانت الام برفقة ابنها الصغير عندما منعها الحارس من اصطحابه الى داخل المستشفى بحجة ان الاطفال يمنع عليهم زيارة المرضى. وكانت المسكينة قد جاءت من بعيد وقد كلفت نفسها شراء شيء من الفاكهة لعيادة مريضها. ولم تستسغ ان تعود ادراجها دون ان تراه، فاستسمحت الحارس ان يبقي ولدها عنده حتى تقوم هي بالزيارة على جناح السرعة. ولم تكن المسكينة تدري بان القدر يخبئ لها فاجعة ليس بعدها فاجعة. الحارس ورأفة بهذه السيدة قبل عن مضض.
ما كادت السيدة تتلاشى وسط الزوار الوافدين،
حتى جاءت سيدة اخرى تظاهرت وكأنها تعرف
الطفل جيدا: «آه ماذا تفعل هنا يا بني، تركتك ماما وراحت.. هيا بنا الى الدار». والتفتت الى الحارس وكلها ثقة:
«عندما تأتي فلانة ـ وكانها تعرفها معرفة جيدة ـ قل لها بأنه عند قريبتك فلانة فقد مرت من هنا وعز عليها ان تتركه في قاعة الانتظار فاخذته معها الى بيتها انها في انتظارك».
هلع الام لم يكن ليوصف وهي تكتشف بان ابنها اخذته سيدة تدعي انها قريبتها، ضربت على صدرها وصرخت باعلى صوتها مكلومة: «ما عندي حتى قريبه هنا انا غريبة جئت من مدينة بعيدة.. ولا اعرف احدا هنا».
جرائم تحبس الأنفاس
صدم الحارس المسكين واكتشف بأنه وقع ضحية استغفال واحتيال موصوف، كثر البكاء والعويل والتفت النسوة وتجمع الناس، وتذكر الحارس ان السيدة استقلت سيارة اجرة، فترقبوا عودتها، ليأخذهم صاحبها حيث اخذ السيدة والطفل. بعد ساعات من البحث في تلك المدينة الصغيرة وجد الطفل المسكين جثة هامدة مرمي في مكان خال وقد نزعت كبده».
هذه القصة المرعبة وقصص اخرى اكثر رعبا تملأ الدنيا في الجزائر هذه الايام، بعد تفاقم ظاهرة اختطاف الاطفال في مختلف المدن الجزائرية. الجزائريون لم يسكنهم رعب على اطفالهم كالذي سكنهم هذه الاشهر. وكانت ظاهرة اختطاف الاطفال قد انفجرت بشكل استعراضي بداية الصيف الماضي مع قضية الطفل ياسين الذي اختطف ولم يظهر عليه اي خبر ليكتشف بعد اكثر من خمسين يوما جثة هامدة بدا يفتتها العفن في بئر مهجورة في مزرعة نائية.
قضية ياسين هزت المجتمع ووصل صيتها الى اعلى مؤسسات الجمهورية، فقد اهتم بمتابعة
تفاصيلها رئيس الجمهورية شخصيا، والذي بادر الى تعزية ومواساة عائلته بعد اكتشاف مقتله.
قضية ياسين ادمت قلوب الجزائريين وتعدت حدود الوطن وتهافت الجزائريون في الخارج استعدادا لدفع
الفدية ان كان السبب وراء اختطافه هو ذلك. ومن يومها لم تتوقف وسائل الاعلام عن الحديث عن عشرات
الحالات من الاختطاف يوميا وفي مختلف انحاء
الوطن غير ان مدينتي الشلف وتيزي أوزو
انفردت بقصص من الغرابة مما يصعب على العقل تصديقه.
البداية كانت بين الجزائر وفرنسا
ظاهرة اختطاف الاطفال عرفها الجزائريون
منذ مدة ولكن بنوع آخر من الاختطاف ذلك الذي كان يتم بين الوالدين من زواج مختلط فرنسي جزائري،
نظرا لتناقض قوانين الاحوال الشخصية في البلدين، فعادة ما كان الزوج يخطف اولاده ويعود بهم الى الجزائر او العكس عندما تختطف الام الفرنسية ابناءها وتعود بهم الى فرنسا.
البدايات الاولى لخطف الاطفال في الجزائر لاغراض اجرامية كانت قليلة ونادرة جدا وكانت اشبه بالاساطير. فقد كان يروى ان بعض المشعوذين والسحرة يختطفون الاطفال ليستعملوا اعضاءهم في السحر والشعوذة واعداد الطعام بايدي الموتى وما الى ذلك من الخرافات. غير ان الاختطاف عرف منعرجا آخر في السنوات الاخيرة عندما انتشرت ظاهرة اختطاف ابناء الاثرياء او حتى بعض الاثرياء انفسهم للمطالبة بالفدية، وقد تمت عدة عمليات غنم من ورائها المختطفون ملايين الدنانير، ولم يعرف عنهم شيء. بعض الاخبار تقول انهم مجموعات اشرار لجات الى هذه الطريقة للابتزاز والسرقة، واخبار تقول بانها من فعل الجماعات المسلحة حتى تضمن التمويل لنشاطاتها، وقد يكون الاثنان معا.
الاختفاء اكثر من الاختطاف
لقد احصت مصالح الدرك الوطني اكثر من 800 حالة اختطاف منذ سنة 2000، اودت بحياة اكثر
من 367 طفلا، مسجلة في السياق ذاته
اكتشاف ظاهرة جديدة في اختفاء الاطفال، وهي تلك التي يفتعل فيها الاطفال عملية الاختطاف هروبا
من اهلهم سواء لاخطاء ارتكبوها او نظرا لنتائجهم الدراسية الضعيفة، فقد سجلت في السنتين الاخيرتين 2006-2007 اكثر من 268 حالة راح ضحيتها ثمانون
منهم. وتذهب تقارير الدرك الوطني الى التأكيد
بأن ظاهرة الهروب هي الاكثر رواجا من ظاهرة الاختطاف بكثير، فمنذ بداية السنة الجديدة 2008، احصت مصالحها ان 90 في المائة من الحالات المبلغ عنها تصنف في خانة الهروب، ولم تسجل سوى ثلاث حالات توفرت فيها اركان جريمة الاختطاف.
في بداية الصيف الماضي عادت ظاهرة اختطاف الاطفال ثم قتلهم سواء بعد الاعتداء عليهم جنسيا حتى لا يفتضح امر الجاني، او بعد نزع اعضائهم، كما تناقلته الكثير من التقارير الاعلامية. لكن مصالح الامن تنفي نفيا قاطعا وجود مثل هذه الحالات او وجود عصابات تمتهن الاتجار بالاعضاء البشرية، وتؤكد انها لم تحصل على اية حالة انتزعت فيها اعضاء الضحية باستثناء تلك المصنفة في خانة الاعتداءات الجنسية والتي يتم فيها التنكيل بالضحية بعد اغتصابها، وما دون ذلك فهو مجرد اشاعات حسب مصالح الامن.
سحرة وشعوذة
اراء مسؤولي الصحة والاساتذة الجراحين تؤكد ما ذهبت اليه التقارير الامنية اذ تجزم باستحالة استعمال اعضاء الاطفال لاغراض زرعها لاناس آخرين. ذلك لان
عمليات زرع الاعضاء عمليات حساسة ومعقدة
تستوجب شروطا تقنية وصحية واحتياطات
حفظ دقيقة ومحددة في الزمان والمكان، وهذا ما يصعب توفيره في حالات اختطاف، خصوصاً في ما
يتعلق بالكلى والقرنيات كما هو مشاع في الاوساط
الاعلامية والشعبية، التي تتحدث عن هذا النوع
من سرقة الاعضاء. ويرجح الاساتذة الجراحون والاطباء ان تكون ظاهرة سرقة الاعضاء من عمل
مشعوذين يستعملونها في شعوذتهم وتعويذاتهم واعمالهم الشريرة.
ظاهرة اختطاف الاطفال تحولت الى قضية وطنية تعهدت السلطات من رئيس الحكومة الى وزير الداخلية بمحاربتها ميدانيا بكل ما اوتيت الدولة من امكانات، وقانونيا بشن تشريعات صارمة في هذا الباب. كما تقوم مصالح الامن والدرك بتوعية المواطنين بضرورة الاهتمام باطفالهم ومتابعتهم والتبليغ عن كل حالة اختفاء فور حدوثها، لانه من الاسباب الثانوية لاستفحال ظاهرة الاختطاف هو عدم التبليغ، او التبليغ المتاخر جدا.