جمال
03-20-2008, 07:06 PM
للأسف العالم العربي يتمنى الآن رئيسا مسيحيا... ولو أن صدام لم يسقط!
العرب يتقبلون رئيسا مسيحيا للبنان ويتقبلون رئيسا مسيحيا للعراق ، ولكنهم غير مستعدين لتقبل رئيس شيعي للعراق !
مع الأسف فان النظام العربي ما زال يصر على أن العراق بلد محتل، بينما سفارات اسرائيل والوجود العسكري الأميركي السياسي كله متجحفل في العالم العربي وهذا الوجود في العراق سبة وهو فضيلة في الدول العربية الأخرى!
http://www.alraimedia.com/Applications/NewsPaper/Images/Img1_33431.jpg
السنيد يتحدث إلى الزميل يوسف علاونة
| حوار يوسف علاونة - الراي|
فيما أبدى التفاؤل بمجريات وتطورات الخطة الأمنية للعراق وتوجهات توسيع الحكومة واعادة تشكيلها على أساس غير طائفي وتعزيز دور التكنوقراط في الحياة السياسية والعملية العراقية، فان الشاعر المعروف الدكتور حسن السنيد مستشار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وعضو لجنة الخارجية والأمن والنائب في مجلس النواب العراقي، انتقد الموقف العربي الذي ما زال على تحفظه من التغيير في بغداد واتجاه التجربة الجديدة في العراق، متذمرا من أن العرب كانوا سيقبلون أكثر على بغداد لو كان رئيسه الجديد أو زعامته السياسية من المسيحيين وليس من الشيعة كما هو واقع الحال، لينفي في الوقت نفسه أن يكون العراق دولة شيعية... أبدا يا اخوان العراق ليس حكومة أو نظاما شيعيا أبدا... هكذا قال وخلص مبديا التفاؤل بنقلة في العلاقات العربية مع العراق كي لا تبقى ايران بل وحتى بلدان أوروبا الغريبة أقرب الى العراق الجديد مما هي الدول العربية.
وحسن السنيد كان له اسم آخر في زمن الرئيس المخلوع والمعدوم صدام، فقد كان ينشر شعره الجميل والوطني ومن كل نوع باسم (جواد جميل) وله مساجلة مشهودة مع الراحل نزار قباني في مسألة الفارس العربي... وخلافات مرحلة نسأل الله أن تكون تداعياتها أقل ضررا.
فالى الحوار معه:
• السؤال الذي أود أن أبدأ به هذا الحوار هو هل أنتم كطبقة سياسية حاكمة تدير العراق وتشترك بشأنه الآن... هل أنتم راضون ولماذا حصلت هذه المتاهات والمشاكل وكانت التجربة السابقة لكم تمثل دليلا للخطأ وما يمكن تجنبه لبناء عهد جديد دون أخطاء ومشاكل؟
- الظروف السياسية المحيطة بتكوين الدولة العراقية الجديدة، بعضها لم يكن متوقعا، ورؤية المعارضة انعكست بصورة طبيعية على تكون الدولة العراقية الجديدة، المعارضة كانت تعمل برؤية الانتماء، سواء كان انتماؤها قوميا، طائفيا، حزبيا، باعتبار أن المعارض ميال الى أن تبدو طبيعة التكوين الذي ينتمي اليه، حتى يشعر بوجوده، وهذه الرؤية نفسها التي انعكست على التشكيلة العراقية الجديدة، وبالتالي وبدلا من أن يسعى السياسي العراقي لأن يعكس الرؤية الوطنية العراقية الكلية بدأ يتصرف كمعارض يعكس رؤية جزئية وغير شاملة. وفي الحقيقة فان ما عمد اليه (بول) بريمر (الحاكم المدني الأميركي) في بداية تشكيل مجلس الحكم كان أساسا خاطئا، وغير سليم وغير صالح لأن ينمو كتشكيل حكومي. لقد شكل بريمر مجلس الحكم برؤية المربعات الطائفية والقومية والأثنية والسياسية، وفي تصوري أن هذا أثر حتى على صياغة الدستور العراقي، فصرنا نذكر بايجابية مكونات العراق، من باب الاستعراض الذي لا يريد أن ينكر أحدا ويريد ابراز التنوع والتلوين العراقي الذي طمس بالنظم السابقة، لكن هذا انعكس في المحصلة سلبيا على القرار السياسي العراقي الذي أصبح مرهونا متداخل الألوان.
صحيح أنه عمل في نطاق المحافظة على المكون، لكن ذلك أدى الى (تذهيب) وتسطيح الموقف، وبدل أن يكون الموقف وطنيا عراقيا بحتا، حتى وان كان على حساب أحد المكونات بدأنا نميل لأن ترضي المواقف كافة المكونات ودون استثناء، فصارت المواقف باهتة، وهو ما استقرت وضعيته في الانتخابات، والتعيينات وكل التشكيلات، للمجلس الوطني السابق، والحالي، والحكومة الموقتة والانتقالية، والدائمة، وحتى البرلمان الحالي من الواضح أنه ينتمي لكتل سياسية وان كانت تنتمي كلها الى خطاب وطني، لكنها في الحقيقة تؤشر على مكونات سياسية أو قومية أو دينية أو أثنية أو طائفية.
• بعد هذا التوغل في نظام المحاصصة... هل هناك مجال للتدارك لمصلحة ما هو وطني وعريض وأعلى من الانتماء الضيق؟
- نعم... الجميع يشعر الآن بخطورة استمرار المحاصصة السياسية، والطائفية، مشروع المحاصصة عموما صار مزعجا، ولذلك فان البرلمان يسعى عبر الانتخابات المقبلة الى تشريع قانون انتخابي يعتمد القوائم المفتوحة من أجل الابتعاد عن التركيز الطائفي والقومي والأثني... والحكومة من خلال رئيسها السيد نوري المالكي بدأ يصرح على أن المحاصصة التي تشكلت على أساسها الحكومة لم يختر فيها الوزراء بنفسه، وأن هذه الحكومة تحتاج لتغيير على أسس تكنوقراطية ومهنية، وأخرى غير التي تشكلت على أساسها وهذا يعني أن السيد المالكي يشعر بثقل افرازات المحاصصة على حركته الادارية في العراق.
• العراق يتمتع باندماج مجتمعي أفضل من مجتمعات محافظة عربية... كالخليج أو منفتحة كلبنان لجهة الاندماج المعيشي بين مكونيه الفئوي أو الطائفي... ربما العراق البلد الوحيد في العالم الذي يضم قبيلة (تميم) تضم نصارى ومسلمين سنة وشيعة وصابئة، وكذا الأمر بالنسبة لمعظم القبائل الأصيلة في العراق... مع ذلك رأينا للأسف قتلا طائفيا وتهجيرا متبادلا ولم نر تظهيرا سياسيا لهذه الصورة؟ كيف تتم معالجة التهجير الآن؟
- التهجير نجم عن الأزمة الأهلية الطائفية التي حدثت بعد تفجير مرقدي الامامين العسكريين، وبالتالي فان القلق الأمني ساعد الكثير من المتطرفين والمأزومين على أن يستخدموا ورقة التهجير للتغيير الديموغرافي سواء في بغداد أو في غيرها، وذلك من أجل أن تكون بعض المناطق صافية لحركة ذلك المكون، وخطة أمن بغداد التي بدأت منذ عام تقريبا أخذت بنظر الاعتبار أن جزءا من مهامها اعادة المهجرين الى منازلهم ونبذ وازالة آثار عمليات التهجير القسري، سواء أكانت هذه العوائل سنية أم شيعية.
وبالطبع فان تنظيم (القاعدة) ساعد كثيرا على التهجير وتفشي الظاهرة وتعميقها، لكن خطة أمن بغداد أنجزت بعد سنة من الاستقرار النوعي في بغداد عودة نحو 70 في المئة من العوائل المهجرة الى منازلها وبيسر ترى الآن أن هناك محلات يتشارك فيها السنة والشيعة سواء في الأعظمية أو الحرية أو الزعفرانية أو في العامرية، والمناطق التي كانت مختلطة وتمثل مفاصل واضحة للتهجير، هناك الآن أسواق كانت مغلقة باعتبار أنها تتشكل من السنة والشيعة، ولكنها عادت للعمل، ومنها الشورجة والمنصور حيث هناك أسواق مركزية ضخمة، وتمثل دورا مهما في الحياة الاقتصادية والتجارية للبلد وبدأ المهجرون يعودون الى مناطقهم، وحسب احصائنا فانه أنجز كما قلت عودة غالب المهجرين حيث نسعى لاستكمال عودة القسم الآخربعد أن تتهيأ ظروف أمكانية أفضل... والآن لا نشكو من هاجس التهجير وشوكته انكسرت ولله الحمد وبدأ العراقيون يتعاملون بعلاقة اجتماعية ألفوها سابقا، وأؤشر على أن التهجير لن يعود مرة أخرى.
• بما في ذلك البصرة؟
- بما في ذلك البصرة وكافة المناطق.
• دخلنا في المعمعة الانتخابية الأميركية وبرنامج الحزب الديموقراطي هو الانسحاب والحزب الجمهوري غير بعيد عن خيار التقليص الكبير للوجود العسكري الأميركي... هل العراق جاهز لانكفاء أميركي شامل أو كبير عن أراضيه؟
- بصراحة فان الحاجة لوجود قوات أجنبية في العراق، بدأت تقل كلما تقدم بناء الجيش وقوات الأمن العراقية، وقامت بانجاز مهامها الأمنية والدفاعية، الحاجة للقوات الأجنبية تتضاءل في كثير من المناطق، ولكن لأن العراق جزء من الأوراق الانتخابية الأميركية فان الاقتراع بين الجمهوريين والديموقراطيين ينعكس بخطابين متباينين حول الواقع العراقي، وتحديدا الواقع الأمني، والديموقراطيون في تصوري يغازلون الرأي العام الأميركي بعودة أبنائهم، فيما يخطط الجمهوريون الى معاهدة أمنية مع الحكومة العراقية تقلل عديد القوات الأميركية في العراق ويبدو أن انعكاس هذا الخطاب على الرأي العام الأميركي واضح لأن وضع العراق والقوات أمر يشغل بال المواطن الأميركي.
وفي تصوري فان خروج العراق من البند السابع في العام المقبل ان شاء الله، وعدم التجديد لوجود القوات الدولية في العراق عبر مجلس الأمن لسنة أخرى ستنتهي في مطلع يناير 2009 والشروع بمعاهدة الصداقة طويلة الأمد والتي ستكون في اطار الدولتين المتكافئتين، مع حفظ المصلحة الوطنية والسيادة العراقية، هذه المعاهدة ستقلل الحاجة الى وجود القوات الأميركية كقوة فاعلة في الأمن العراقي، وستبقى قوة ساندة للأمن العراقي ونتوقع تبعا لهذا انخفاض عديد القوات الأميركية التي ستبدأ بالانسحاب بعد منتصف هذا العام بالضبط. وهذه ليست توقعات حلمية وانما من واقع قراءة لتطور قدرات القوة العسكرية والأمنية العراقية، وستبدأ القوات الأميركية بالانسحاب تدريجيا في منتصف هذا العام وسيتم انجاز المعاهدة الأمنية بين العراق والولايات المتحدة هذا العام أيضا، وبالتالي فان أجواء رحيل القوات الأجنبية ستبدو واضحة بعد منتصف العام، لا أريد أن أكون جزءا من الخطاب الانتخابي الأميركي حول القضية العراقية، وأريد توقعا موضوعيا بعيدا عن ذلك.
• للعراق موازنة ضخمة تصل الى 48 مليار دولار... لماذ عجلة التنمية والبناء بطيئة في العراق؟
- الموازنة الفيديرالية العراقية بحدود الرقم الذي ذكرتم، واذا أضفنا الفوائض المتحققة من ارتفاع أسعار النفط فسيكون هناك تضخم لهذا الرقم لأن التقديرات بنيت على أساس سعر افتراضي هو 57 دولارا للبرميل وهذه ستضيف مدخولا ماليا للموازنة ولذلك فان مجلس النواب سيكون لديه مشروع ميزانية تكميلية منتصف هذا العام لاستيعاب زيادات أسعار النفط، والموازنة العراقية بنيت على أساس أن 30 في المئة منها استثمارية، و60 في المئة للتشغيل وهذا نمو عن العام الماضي حيث كان أكثر من 80 في المئة للتشغيل (الرواتب وغيرها دون انشاءات ومشاريع) فيما أقل من 20 في المئة منها للاستثمار والمشاريع وهذا يعتمد على قدرة الدوائر العراقية والجهد العراقي الاستثماري في استغلال رؤوس الأموال.
وأستطيع القول اننا نحتاج الى خبرات في عملية البناء والاعمار ولذلك تلجأ حكومتنا بين فترة وأخرى للاستفادة من خبرات الآخرين في مجال الاعمار والاستثمار، لأننا ورثنا دولة تكاد أن تكون بمستوى القرن السابع عشر، وهناك مناطق في العراق ما زالت تحتاج الى عشرات المليارات من الدولارات حتى تلحق بمستوى المجتمعات الحضرية والمدنية المحيطة بالعراق، مدينة الناصرية مثلا في حاجة لعشرين مليار دولار لتلتحق بركب المدن، وموازنتنا لهذا العام تعطي الناصرية نصف مليار دولار أي أن المدينة في حاجة بهذه النسبة والتناسب الى أربعين سنة لتحقق طموحاتها بينما العالم متوقف من حولها ولا ينمو أو يتطور!
نحن في حاجة الى برمجة الاعمار ولذلك فاننا ندعو دائما خبراء عالميين ومؤسسات اعمار عريقة وعقدنا أكثر من ثلاثين مؤتمرا حول هذا الشأن لرفع مستوى التفكير الاداري لدى مراكزنا الاعمارية.
ان هذه الموازنة اذا أنجزت هذا العام فستكون نقلة مهمة للعهد الجديد في العراق، وفي السنوات الأربع الماضية لامسنا حركة الاعمار ولم نقاربها، وهذا العام هناك مشاريع ضخمة مثل بناء محطات الكهرباء وعقود لمطارات دولية ومصافي النفط، مشاريع كبرى، وسعي لتطوير الاستثمار النفطي ودعوة الشركات الأجنبية النفطية الكبرى للاستثمار في حقولنا.
• عبر الحكومة المركزية؟
- نعم عبر الحكومة المركزية حيث يعتمد ذلك على أسس تشريعية وقانونية ملزمون بتنفيذها هذا العام مثل قانون النفط وقانون الاستثمارات النفطية، والقوانين الأخرى التي تشجع الاستثمار وفي تصوري، فان نهوض الحكومة العراقية سيشكل يدا واحدة، ومشاريع الاستثمار الأجنبية ورؤوس الأموال المقبلة للعراق ستشكل اليد الأخرى التي باستطاعتها أن تنهض بواقع العراق الحضري من الدمار الذي لحق به، والتخلف، والحالة المزرية التي ورثها العراقيون من نظام صدام حسين.
• هل تتوقعون أن ينخرط الطرف الكردي في (المعقولية) المركزية بالنسبة للنفط دون طمع باستحواذ أو انفراد بحقول كركوك؟
- هذا الخلاف بين اقليم كردستان والحكومة الاتحادية حول حقول النفط خلاف كان لا ينبغي له أن يكون خلافا اعلاميا وأن يكون ورقة بيد الصحافة، وفي الدستور العراقي هناك مادة تتوقع هكذا خلاف بين الحكومات الفيديرالية والحكومة الاتحادية، وفي الدستور هناك مواد كثيرة تصرح باللجوء عند الخلاف على قراءة وتفسير المواد الدستورية الى المحكمة الاتحادية العليا للبت فيه وحسمه قانونيا، وكنا نأمل ونتوقع من الحكومة المركزية وحكومة الاقليم (كردستان) ألا تدرج هذا الأمر في الخطاب الاعلامي بل أن يكون جزءا من المراجعات القانونية والدستورية، لتحل بيسر وسهولة أثر الخلاف الواضح الذي احتدم بين وزارتي النفط الاتحادية وفي الاقليم، وقد استطعنا أن نلملم أطراف الخلاف، وأن نسعى لطرح الأمر على المحكمة الاتحادية لفصله وحل الصراع بعيدا عن التهديد والرفض والتأزيم بينما الحل بين أيدينا ونحمد الله أننا سيطرنا على هذا.
• هوشيار زيباري وزير الخارجية تعمد أن يجمع الأمين العام المساعد للجامعة العربية مع البعثات العربية في بغداد ليظهر له قلتها وتدني مستوى التمثيل، وأنتم ترددون الشكوى دائما من النكوص العربي عن الانفتاح على العراق الحالي، وهناك أزمة مختزنة مع العديد من الدول العربية، ومنها المملكة العربية السعودية منذ ما أثير عن زيارة المالكي للرياض وأيضا نلمس تقصيرا منكم عن متابعة تصريحات ودية اتجاه المملكة فما مشكلتكم؟
- النظام السياسي العربي ما زال يتخوف من التشكيل السياسي الجديد للعراق، لا يزال يشعر أن هذا المشروع يحمل في طياته شيئا من النشوز عن المألوف في النظام السياسي العربي.
• يا سيدي هذا كلام مثقفين وليس كلام حكام أو مسؤولين؟
- اسمح لي أن أسلسل لك الموضوع. هذا الشعور جعل الدول العربية تتعامل بغربة مع النظام السياسي الجديد في العراق، نحن فتحنا آفاق التعاون والديبلوماسية غير المحدودة مع كل الدول العربية، وتناسينا كل المواقف التي ربما كانت جزءا من عقليتنا السياسية أو الاجتماعية، وبدأنا نتعامل مع كل الدول العربية بانفتاح كامل، ورئيس جمهوريتنا ورئيس وزرائنا وكل حكوماتنا الموقتة والمنتخبة وغيرها ما تركوا موقفا عربيا لم يشاركوا به، ولم يدعوا اجتماعا دون أن يتواجدوا فيه، لكن الجامعة العربية منذ أن سقط نظام صدام حسين عندما أرسلنا لهم وزير خارجيتنا ليشارك في اجتماعات الجامعة كان هناك تجاف من الجامعة، ورفضوا مشاركته، الجامعة لا تزال تتوجس، وتلفها مشاعر الريبة من النظام الجديد، والخطاب السياسي العراقي عن الديموقراطية والتغيير والانتخابات والدستور الجديد وحقوق المرأة، والمجتمع المدني، وغير ذلك من فيديرالية وانفتاح. كل هذا يشعر بعض الأنظمة العربية بأن هذا النظام يشكل هاجسا مرعبا كمثال جديد لشعوب المنطقة، ولذلك لا أستطيع أن أفهم كيف أننا أرسلنا سفراء الى جميع الدول العربية، لكن أقرب هذه الدول العربية تحتج بأن الواقع الأمني لا يسمح لهم بعودة السفراء فيما كنا نعطي لهم تطمينات، وتعهدات بأننا نستطيع توفير الأجواء الأمنية كما نوفرها الآن لسفراء أوروبا.
ليس هينا عليّ أنا العربي أن أرى الأوروبيين يعملون ويتحركون ويصرحون ويستثمرون ويفعلون فعلا سياسيا مؤثرا في بغداد فيما لا أجد السفراء العرب يتواجدون. هذا يؤثر على مشروعي السياسي وعلى تطور العلاقة مع العالم العربي، وشعوري بأني جزء من هذا العالم العربي، في الوقت الذي نرى أن الجامعة العربية حتى في مؤتمر البرلمانيين العرب منذ أيام قليلة تعتبر العراق بلدا محتلا بينما العالم كله يتعامل مع العراق كبلد مؤهل وبسيادة وبه شرعية وانتخابات ودستور.
وجود الأميركيين مثله مثل وجودهم في السيلية وقاعدة أنجرليك، لماذا يتعامل العالم العربي هكذا؟ هل لأن مجلس الأمن الدولي أخضعنا للفصل السابع؟ لم يكن ذلك برغبة منا انما رغما عن ارادتنا وأخضعونا للبند السابع ولوصاية مجلس الأمن، وتاليا فان الدول العربية يجب أن تكون عونا لنا على أن نخرج من هذا المستنقع، وأن تشعرنا أن الأميركيين لا بد أن يرحلوا عن بلدنا، وأننا جزء من العرب وهم جزء منا.
مع الأسف فان النظام العربي بدل أن يدعم هذا المشروع السياسي في العراق، يفعل العكس وهذا المشروع واضحة معالمه ويريد أن يجعل العراق متحررا وديموقراطيا، وبعيدا عن أي قوى مؤثرة فيه سواء كانت أميركية أو تركية أو ايرانية.
مع الأسف فان النظام العربي ما زال يصر على أن العراق بلد محتل، بينما سفارات اسرائيل والوجود العسكري الأميركي السياسي كله متجحفل في العالم العربي وهذا الوجود في العراق سبة وهو فضيلة في الدول العربية الأخرى! هذا النظام العربي ما زال يقرأ بعين واحدة، وحتى الآن لم يشعرنا أنه يهتم بأمر العراق ومستقبل العراق.
العرب يتقبلون رئيسا مسيحيا للبنان ويتقبلون رئيسا مسيحيا للعراق ، ولكنهم غير مستعدين لتقبل رئيس شيعي للعراق !
مع الأسف فان النظام العربي ما زال يصر على أن العراق بلد محتل، بينما سفارات اسرائيل والوجود العسكري الأميركي السياسي كله متجحفل في العالم العربي وهذا الوجود في العراق سبة وهو فضيلة في الدول العربية الأخرى!
http://www.alraimedia.com/Applications/NewsPaper/Images/Img1_33431.jpg
السنيد يتحدث إلى الزميل يوسف علاونة
| حوار يوسف علاونة - الراي|
فيما أبدى التفاؤل بمجريات وتطورات الخطة الأمنية للعراق وتوجهات توسيع الحكومة واعادة تشكيلها على أساس غير طائفي وتعزيز دور التكنوقراط في الحياة السياسية والعملية العراقية، فان الشاعر المعروف الدكتور حسن السنيد مستشار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وعضو لجنة الخارجية والأمن والنائب في مجلس النواب العراقي، انتقد الموقف العربي الذي ما زال على تحفظه من التغيير في بغداد واتجاه التجربة الجديدة في العراق، متذمرا من أن العرب كانوا سيقبلون أكثر على بغداد لو كان رئيسه الجديد أو زعامته السياسية من المسيحيين وليس من الشيعة كما هو واقع الحال، لينفي في الوقت نفسه أن يكون العراق دولة شيعية... أبدا يا اخوان العراق ليس حكومة أو نظاما شيعيا أبدا... هكذا قال وخلص مبديا التفاؤل بنقلة في العلاقات العربية مع العراق كي لا تبقى ايران بل وحتى بلدان أوروبا الغريبة أقرب الى العراق الجديد مما هي الدول العربية.
وحسن السنيد كان له اسم آخر في زمن الرئيس المخلوع والمعدوم صدام، فقد كان ينشر شعره الجميل والوطني ومن كل نوع باسم (جواد جميل) وله مساجلة مشهودة مع الراحل نزار قباني في مسألة الفارس العربي... وخلافات مرحلة نسأل الله أن تكون تداعياتها أقل ضررا.
فالى الحوار معه:
• السؤال الذي أود أن أبدأ به هذا الحوار هو هل أنتم كطبقة سياسية حاكمة تدير العراق وتشترك بشأنه الآن... هل أنتم راضون ولماذا حصلت هذه المتاهات والمشاكل وكانت التجربة السابقة لكم تمثل دليلا للخطأ وما يمكن تجنبه لبناء عهد جديد دون أخطاء ومشاكل؟
- الظروف السياسية المحيطة بتكوين الدولة العراقية الجديدة، بعضها لم يكن متوقعا، ورؤية المعارضة انعكست بصورة طبيعية على تكون الدولة العراقية الجديدة، المعارضة كانت تعمل برؤية الانتماء، سواء كان انتماؤها قوميا، طائفيا، حزبيا، باعتبار أن المعارض ميال الى أن تبدو طبيعة التكوين الذي ينتمي اليه، حتى يشعر بوجوده، وهذه الرؤية نفسها التي انعكست على التشكيلة العراقية الجديدة، وبالتالي وبدلا من أن يسعى السياسي العراقي لأن يعكس الرؤية الوطنية العراقية الكلية بدأ يتصرف كمعارض يعكس رؤية جزئية وغير شاملة. وفي الحقيقة فان ما عمد اليه (بول) بريمر (الحاكم المدني الأميركي) في بداية تشكيل مجلس الحكم كان أساسا خاطئا، وغير سليم وغير صالح لأن ينمو كتشكيل حكومي. لقد شكل بريمر مجلس الحكم برؤية المربعات الطائفية والقومية والأثنية والسياسية، وفي تصوري أن هذا أثر حتى على صياغة الدستور العراقي، فصرنا نذكر بايجابية مكونات العراق، من باب الاستعراض الذي لا يريد أن ينكر أحدا ويريد ابراز التنوع والتلوين العراقي الذي طمس بالنظم السابقة، لكن هذا انعكس في المحصلة سلبيا على القرار السياسي العراقي الذي أصبح مرهونا متداخل الألوان.
صحيح أنه عمل في نطاق المحافظة على المكون، لكن ذلك أدى الى (تذهيب) وتسطيح الموقف، وبدل أن يكون الموقف وطنيا عراقيا بحتا، حتى وان كان على حساب أحد المكونات بدأنا نميل لأن ترضي المواقف كافة المكونات ودون استثناء، فصارت المواقف باهتة، وهو ما استقرت وضعيته في الانتخابات، والتعيينات وكل التشكيلات، للمجلس الوطني السابق، والحالي، والحكومة الموقتة والانتقالية، والدائمة، وحتى البرلمان الحالي من الواضح أنه ينتمي لكتل سياسية وان كانت تنتمي كلها الى خطاب وطني، لكنها في الحقيقة تؤشر على مكونات سياسية أو قومية أو دينية أو أثنية أو طائفية.
• بعد هذا التوغل في نظام المحاصصة... هل هناك مجال للتدارك لمصلحة ما هو وطني وعريض وأعلى من الانتماء الضيق؟
- نعم... الجميع يشعر الآن بخطورة استمرار المحاصصة السياسية، والطائفية، مشروع المحاصصة عموما صار مزعجا، ولذلك فان البرلمان يسعى عبر الانتخابات المقبلة الى تشريع قانون انتخابي يعتمد القوائم المفتوحة من أجل الابتعاد عن التركيز الطائفي والقومي والأثني... والحكومة من خلال رئيسها السيد نوري المالكي بدأ يصرح على أن المحاصصة التي تشكلت على أساسها الحكومة لم يختر فيها الوزراء بنفسه، وأن هذه الحكومة تحتاج لتغيير على أسس تكنوقراطية ومهنية، وأخرى غير التي تشكلت على أساسها وهذا يعني أن السيد المالكي يشعر بثقل افرازات المحاصصة على حركته الادارية في العراق.
• العراق يتمتع باندماج مجتمعي أفضل من مجتمعات محافظة عربية... كالخليج أو منفتحة كلبنان لجهة الاندماج المعيشي بين مكونيه الفئوي أو الطائفي... ربما العراق البلد الوحيد في العالم الذي يضم قبيلة (تميم) تضم نصارى ومسلمين سنة وشيعة وصابئة، وكذا الأمر بالنسبة لمعظم القبائل الأصيلة في العراق... مع ذلك رأينا للأسف قتلا طائفيا وتهجيرا متبادلا ولم نر تظهيرا سياسيا لهذه الصورة؟ كيف تتم معالجة التهجير الآن؟
- التهجير نجم عن الأزمة الأهلية الطائفية التي حدثت بعد تفجير مرقدي الامامين العسكريين، وبالتالي فان القلق الأمني ساعد الكثير من المتطرفين والمأزومين على أن يستخدموا ورقة التهجير للتغيير الديموغرافي سواء في بغداد أو في غيرها، وذلك من أجل أن تكون بعض المناطق صافية لحركة ذلك المكون، وخطة أمن بغداد التي بدأت منذ عام تقريبا أخذت بنظر الاعتبار أن جزءا من مهامها اعادة المهجرين الى منازلهم ونبذ وازالة آثار عمليات التهجير القسري، سواء أكانت هذه العوائل سنية أم شيعية.
وبالطبع فان تنظيم (القاعدة) ساعد كثيرا على التهجير وتفشي الظاهرة وتعميقها، لكن خطة أمن بغداد أنجزت بعد سنة من الاستقرار النوعي في بغداد عودة نحو 70 في المئة من العوائل المهجرة الى منازلها وبيسر ترى الآن أن هناك محلات يتشارك فيها السنة والشيعة سواء في الأعظمية أو الحرية أو الزعفرانية أو في العامرية، والمناطق التي كانت مختلطة وتمثل مفاصل واضحة للتهجير، هناك الآن أسواق كانت مغلقة باعتبار أنها تتشكل من السنة والشيعة، ولكنها عادت للعمل، ومنها الشورجة والمنصور حيث هناك أسواق مركزية ضخمة، وتمثل دورا مهما في الحياة الاقتصادية والتجارية للبلد وبدأ المهجرون يعودون الى مناطقهم، وحسب احصائنا فانه أنجز كما قلت عودة غالب المهجرين حيث نسعى لاستكمال عودة القسم الآخربعد أن تتهيأ ظروف أمكانية أفضل... والآن لا نشكو من هاجس التهجير وشوكته انكسرت ولله الحمد وبدأ العراقيون يتعاملون بعلاقة اجتماعية ألفوها سابقا، وأؤشر على أن التهجير لن يعود مرة أخرى.
• بما في ذلك البصرة؟
- بما في ذلك البصرة وكافة المناطق.
• دخلنا في المعمعة الانتخابية الأميركية وبرنامج الحزب الديموقراطي هو الانسحاب والحزب الجمهوري غير بعيد عن خيار التقليص الكبير للوجود العسكري الأميركي... هل العراق جاهز لانكفاء أميركي شامل أو كبير عن أراضيه؟
- بصراحة فان الحاجة لوجود قوات أجنبية في العراق، بدأت تقل كلما تقدم بناء الجيش وقوات الأمن العراقية، وقامت بانجاز مهامها الأمنية والدفاعية، الحاجة للقوات الأجنبية تتضاءل في كثير من المناطق، ولكن لأن العراق جزء من الأوراق الانتخابية الأميركية فان الاقتراع بين الجمهوريين والديموقراطيين ينعكس بخطابين متباينين حول الواقع العراقي، وتحديدا الواقع الأمني، والديموقراطيون في تصوري يغازلون الرأي العام الأميركي بعودة أبنائهم، فيما يخطط الجمهوريون الى معاهدة أمنية مع الحكومة العراقية تقلل عديد القوات الأميركية في العراق ويبدو أن انعكاس هذا الخطاب على الرأي العام الأميركي واضح لأن وضع العراق والقوات أمر يشغل بال المواطن الأميركي.
وفي تصوري فان خروج العراق من البند السابع في العام المقبل ان شاء الله، وعدم التجديد لوجود القوات الدولية في العراق عبر مجلس الأمن لسنة أخرى ستنتهي في مطلع يناير 2009 والشروع بمعاهدة الصداقة طويلة الأمد والتي ستكون في اطار الدولتين المتكافئتين، مع حفظ المصلحة الوطنية والسيادة العراقية، هذه المعاهدة ستقلل الحاجة الى وجود القوات الأميركية كقوة فاعلة في الأمن العراقي، وستبقى قوة ساندة للأمن العراقي ونتوقع تبعا لهذا انخفاض عديد القوات الأميركية التي ستبدأ بالانسحاب بعد منتصف هذا العام بالضبط. وهذه ليست توقعات حلمية وانما من واقع قراءة لتطور قدرات القوة العسكرية والأمنية العراقية، وستبدأ القوات الأميركية بالانسحاب تدريجيا في منتصف هذا العام وسيتم انجاز المعاهدة الأمنية بين العراق والولايات المتحدة هذا العام أيضا، وبالتالي فان أجواء رحيل القوات الأجنبية ستبدو واضحة بعد منتصف العام، لا أريد أن أكون جزءا من الخطاب الانتخابي الأميركي حول القضية العراقية، وأريد توقعا موضوعيا بعيدا عن ذلك.
• للعراق موازنة ضخمة تصل الى 48 مليار دولار... لماذ عجلة التنمية والبناء بطيئة في العراق؟
- الموازنة الفيديرالية العراقية بحدود الرقم الذي ذكرتم، واذا أضفنا الفوائض المتحققة من ارتفاع أسعار النفط فسيكون هناك تضخم لهذا الرقم لأن التقديرات بنيت على أساس سعر افتراضي هو 57 دولارا للبرميل وهذه ستضيف مدخولا ماليا للموازنة ولذلك فان مجلس النواب سيكون لديه مشروع ميزانية تكميلية منتصف هذا العام لاستيعاب زيادات أسعار النفط، والموازنة العراقية بنيت على أساس أن 30 في المئة منها استثمارية، و60 في المئة للتشغيل وهذا نمو عن العام الماضي حيث كان أكثر من 80 في المئة للتشغيل (الرواتب وغيرها دون انشاءات ومشاريع) فيما أقل من 20 في المئة منها للاستثمار والمشاريع وهذا يعتمد على قدرة الدوائر العراقية والجهد العراقي الاستثماري في استغلال رؤوس الأموال.
وأستطيع القول اننا نحتاج الى خبرات في عملية البناء والاعمار ولذلك تلجأ حكومتنا بين فترة وأخرى للاستفادة من خبرات الآخرين في مجال الاعمار والاستثمار، لأننا ورثنا دولة تكاد أن تكون بمستوى القرن السابع عشر، وهناك مناطق في العراق ما زالت تحتاج الى عشرات المليارات من الدولارات حتى تلحق بمستوى المجتمعات الحضرية والمدنية المحيطة بالعراق، مدينة الناصرية مثلا في حاجة لعشرين مليار دولار لتلتحق بركب المدن، وموازنتنا لهذا العام تعطي الناصرية نصف مليار دولار أي أن المدينة في حاجة بهذه النسبة والتناسب الى أربعين سنة لتحقق طموحاتها بينما العالم متوقف من حولها ولا ينمو أو يتطور!
نحن في حاجة الى برمجة الاعمار ولذلك فاننا ندعو دائما خبراء عالميين ومؤسسات اعمار عريقة وعقدنا أكثر من ثلاثين مؤتمرا حول هذا الشأن لرفع مستوى التفكير الاداري لدى مراكزنا الاعمارية.
ان هذه الموازنة اذا أنجزت هذا العام فستكون نقلة مهمة للعهد الجديد في العراق، وفي السنوات الأربع الماضية لامسنا حركة الاعمار ولم نقاربها، وهذا العام هناك مشاريع ضخمة مثل بناء محطات الكهرباء وعقود لمطارات دولية ومصافي النفط، مشاريع كبرى، وسعي لتطوير الاستثمار النفطي ودعوة الشركات الأجنبية النفطية الكبرى للاستثمار في حقولنا.
• عبر الحكومة المركزية؟
- نعم عبر الحكومة المركزية حيث يعتمد ذلك على أسس تشريعية وقانونية ملزمون بتنفيذها هذا العام مثل قانون النفط وقانون الاستثمارات النفطية، والقوانين الأخرى التي تشجع الاستثمار وفي تصوري، فان نهوض الحكومة العراقية سيشكل يدا واحدة، ومشاريع الاستثمار الأجنبية ورؤوس الأموال المقبلة للعراق ستشكل اليد الأخرى التي باستطاعتها أن تنهض بواقع العراق الحضري من الدمار الذي لحق به، والتخلف، والحالة المزرية التي ورثها العراقيون من نظام صدام حسين.
• هل تتوقعون أن ينخرط الطرف الكردي في (المعقولية) المركزية بالنسبة للنفط دون طمع باستحواذ أو انفراد بحقول كركوك؟
- هذا الخلاف بين اقليم كردستان والحكومة الاتحادية حول حقول النفط خلاف كان لا ينبغي له أن يكون خلافا اعلاميا وأن يكون ورقة بيد الصحافة، وفي الدستور العراقي هناك مادة تتوقع هكذا خلاف بين الحكومات الفيديرالية والحكومة الاتحادية، وفي الدستور هناك مواد كثيرة تصرح باللجوء عند الخلاف على قراءة وتفسير المواد الدستورية الى المحكمة الاتحادية العليا للبت فيه وحسمه قانونيا، وكنا نأمل ونتوقع من الحكومة المركزية وحكومة الاقليم (كردستان) ألا تدرج هذا الأمر في الخطاب الاعلامي بل أن يكون جزءا من المراجعات القانونية والدستورية، لتحل بيسر وسهولة أثر الخلاف الواضح الذي احتدم بين وزارتي النفط الاتحادية وفي الاقليم، وقد استطعنا أن نلملم أطراف الخلاف، وأن نسعى لطرح الأمر على المحكمة الاتحادية لفصله وحل الصراع بعيدا عن التهديد والرفض والتأزيم بينما الحل بين أيدينا ونحمد الله أننا سيطرنا على هذا.
• هوشيار زيباري وزير الخارجية تعمد أن يجمع الأمين العام المساعد للجامعة العربية مع البعثات العربية في بغداد ليظهر له قلتها وتدني مستوى التمثيل، وأنتم ترددون الشكوى دائما من النكوص العربي عن الانفتاح على العراق الحالي، وهناك أزمة مختزنة مع العديد من الدول العربية، ومنها المملكة العربية السعودية منذ ما أثير عن زيارة المالكي للرياض وأيضا نلمس تقصيرا منكم عن متابعة تصريحات ودية اتجاه المملكة فما مشكلتكم؟
- النظام السياسي العربي ما زال يتخوف من التشكيل السياسي الجديد للعراق، لا يزال يشعر أن هذا المشروع يحمل في طياته شيئا من النشوز عن المألوف في النظام السياسي العربي.
• يا سيدي هذا كلام مثقفين وليس كلام حكام أو مسؤولين؟
- اسمح لي أن أسلسل لك الموضوع. هذا الشعور جعل الدول العربية تتعامل بغربة مع النظام السياسي الجديد في العراق، نحن فتحنا آفاق التعاون والديبلوماسية غير المحدودة مع كل الدول العربية، وتناسينا كل المواقف التي ربما كانت جزءا من عقليتنا السياسية أو الاجتماعية، وبدأنا نتعامل مع كل الدول العربية بانفتاح كامل، ورئيس جمهوريتنا ورئيس وزرائنا وكل حكوماتنا الموقتة والمنتخبة وغيرها ما تركوا موقفا عربيا لم يشاركوا به، ولم يدعوا اجتماعا دون أن يتواجدوا فيه، لكن الجامعة العربية منذ أن سقط نظام صدام حسين عندما أرسلنا لهم وزير خارجيتنا ليشارك في اجتماعات الجامعة كان هناك تجاف من الجامعة، ورفضوا مشاركته، الجامعة لا تزال تتوجس، وتلفها مشاعر الريبة من النظام الجديد، والخطاب السياسي العراقي عن الديموقراطية والتغيير والانتخابات والدستور الجديد وحقوق المرأة، والمجتمع المدني، وغير ذلك من فيديرالية وانفتاح. كل هذا يشعر بعض الأنظمة العربية بأن هذا النظام يشكل هاجسا مرعبا كمثال جديد لشعوب المنطقة، ولذلك لا أستطيع أن أفهم كيف أننا أرسلنا سفراء الى جميع الدول العربية، لكن أقرب هذه الدول العربية تحتج بأن الواقع الأمني لا يسمح لهم بعودة السفراء فيما كنا نعطي لهم تطمينات، وتعهدات بأننا نستطيع توفير الأجواء الأمنية كما نوفرها الآن لسفراء أوروبا.
ليس هينا عليّ أنا العربي أن أرى الأوروبيين يعملون ويتحركون ويصرحون ويستثمرون ويفعلون فعلا سياسيا مؤثرا في بغداد فيما لا أجد السفراء العرب يتواجدون. هذا يؤثر على مشروعي السياسي وعلى تطور العلاقة مع العالم العربي، وشعوري بأني جزء من هذا العالم العربي، في الوقت الذي نرى أن الجامعة العربية حتى في مؤتمر البرلمانيين العرب منذ أيام قليلة تعتبر العراق بلدا محتلا بينما العالم كله يتعامل مع العراق كبلد مؤهل وبسيادة وبه شرعية وانتخابات ودستور.
وجود الأميركيين مثله مثل وجودهم في السيلية وقاعدة أنجرليك، لماذا يتعامل العالم العربي هكذا؟ هل لأن مجلس الأمن الدولي أخضعنا للفصل السابع؟ لم يكن ذلك برغبة منا انما رغما عن ارادتنا وأخضعونا للبند السابع ولوصاية مجلس الأمن، وتاليا فان الدول العربية يجب أن تكون عونا لنا على أن نخرج من هذا المستنقع، وأن تشعرنا أن الأميركيين لا بد أن يرحلوا عن بلدنا، وأننا جزء من العرب وهم جزء منا.
مع الأسف فان النظام العربي بدل أن يدعم هذا المشروع السياسي في العراق، يفعل العكس وهذا المشروع واضحة معالمه ويريد أن يجعل العراق متحررا وديموقراطيا، وبعيدا عن أي قوى مؤثرة فيه سواء كانت أميركية أو تركية أو ايرانية.
مع الأسف فان النظام العربي ما زال يصر على أن العراق بلد محتل، بينما سفارات اسرائيل والوجود العسكري الأميركي السياسي كله متجحفل في العالم العربي وهذا الوجود في العراق سبة وهو فضيلة في الدول العربية الأخرى! هذا النظام العربي ما زال يقرأ بعين واحدة، وحتى الآن لم يشعرنا أنه يهتم بأمر العراق ومستقبل العراق.