المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أصوات الفتنة مازالت مرتفعة ......د. عبدالمحسن حمادة



JABER
03-19-2008, 12:17 AM
19/03/2008 د. عبدالمحسن حمادة

أليس من المخجل ان تظهر اصوات في الساحة الكويتية تطالب بسحب جنسيات مواطنين، واسقاط عضوية اعضاء مجلس الامة لمجرد انهم ينتمون الى حزب الله ويتعاطفون مع قضاياه؟ وكيف تتجاوب الاجهزة الحكومية مع تلك الحملة المضللة فتعتقل مواطني،ن منهم اساتذة جامعة ونواب سابقون ورجال اعمال، وتبعد مقيمين عن البلاد؟ كيف يحدث هذا في دولة ندعي انها ديموقراطية تؤمن بتعدد الآراء واختلاف وجهات النظر؟ ان من يطالب بتطبيق تلك العقوبات ومن يتجاوب معها يزعم ان حزب الله حزب ارهابي، فهو يريد ان يفرض تصوراته الشاذة على جميع ابناء المجتمع ويتناسى اننا نعيش في ظل دولة، وشعب هذه الدولة مثله كمثل اي شعب في العالم قد توحده مشاعر واحاسيس وطنية كثيرة، ولكنه في الوقت نفسه قد يختلف في داخله الى قبائل وعشائر وطوائف ومجموعات وتنظيمات سياسية مختلفة، وهذا التنوع امر طبيعي يجب احترامه، لأن احتقاره او التقليل من شأنه سيمزق النسيج الاجتماعي ويهدد الوحدة الوطنية.


اما بالنسبة لحزب الله المتهم بالارهاب فنعلم انه عند تأسيسه حتمت عليه بعض الظروف ان يستخدم بعض اساليب العنف في حربه ضد الخصوم، ولكنه منذ ان غيّر قياداته في 1991 اعلن انه يحرم استخدام العنف ضد المدنيين وسيوجه سلاحه فقط ضد العدو الاسرائيلي، ومنذ ذلك التاريخ لم يسجل ضده اي عمل من اعمال العنف، ولكنه قام بأعمال بطولية مذهلة تمكن من خلالها اخراج قوات الناتو التي جاءت لدعم الاحتلال الاسرائيلي والحكومة المتعاونة معه، واجبر اسرائيل على الهروب من لبنان عام 2000 وهزمها هزيمة منكرة عام 2006.

لقد اكبرت هذه الانتصارات المجيدة حزب الله في اعين الجماهير العربية الاسلامية التي رأت في تلك الانتصارات بصيصا من امل يبدد ظلمات النفق المظلم الذي تعيش فيه الامة، ذلك النفق الذي ارادت الدعاية الصهيونية وبعض الادوات العربية ان تحبسه في داخله حتى يتسرب اليه اليأس ويخضع للهيمنة الاميركية. لهذه الاسباب تحقد اميركا واسرائيل على حزب الله ويصفانه بالارهاب، ولكنهما لم يستطيعا خداع الملايين من ابناء الامة، الذين اعتادوا سماع مثل هذه المصطلحات في القاموس الاميركي ــ الاسرائيلي، انهما يجتهدان لتشويه سمعة كل مقاوم شريف يتصدى لمشاريعهما الاجرامية، ويمتدحان كل عميل يسخر جهده لانجاح تلك المشاريع.

لذا نعتقد ان من يتعاطف مع حزب الله في الكويت مثله كمثل الملايين من ابناء هذه الامة الذين رأوا في انتصارات الحزب منقذا ينقذ الامة من حالة الذل التي تعيشها لمدة عقود، ومن المستحيل عزل الكويت عن محيطها العربي الاسلامي وحصرها في كيانها الصغير من دون ان تتأثر بالمتغيرات والمستجدات التي بدأت تظهر في المنطقة وتساهم في اعادة تشكيلها من جديد. ان من يطالب بذلك، فإنه يطالب بامور لا تتحقق لانها تتعارض مع حقائق التاريخ والجغرافيا، اذاً الانتماء الى حزب الله والتعاطف معه يعتبران جريمة من وجهة نظر اميركا واسرائيل، لانهما يريدان تشكيل شرق اوسط جديد شعوبه ضعيفة لا تقاوم المشاريع الصهيونية، اما من وجهة نظر الاحرار من ابناء هذه الامة فهو حزب مقاوم يتصدى بشجاعة للمشاريع الصهيونية، فهل من العدالة ان يفرض علينا تقبل الاجندة الصهيونية؟

نحمد الله انه لا يوجد لدينا قوانين تعاقب المواطنين بسحب جنسياتهم، او تسقط عضوية اعضاء مجلس الامة لمجرد انتمائهم لفكر معين. وعلينا ان نعلم ان المواطنين الذين حصلوا على جنسية هذه الدولة، ذلك لانهم واجدادهم قد ولدوا فيها، فهي حق من حقوقهم الطبيعية، وليست منحة من احد ولا يحق لاحد ان ينتزعها منهم، وكذلك النائب اصبح نائبا لان الشعب اختاره ليمثله، فلا يجوز اصدار تشريع يتعارض مع الارادة الشعبية، ويجب الا نشجع على تشريع مثل هذه القوانين الكارثية الجائرة.


التي قد تتحول الى ادوات ارهاب في يد الحكومة للانتقام من الخصوم السياسيين وفرض سلطانها على الجماعة. اننا نعيش في عصر تطور فيه الفكر البشري في جميع نواحي الحياة، وكان التشريع الجنائي من اهم المجالات التي اصابها التغير. لقد اثرى الفكر البشري القانون الجنائي اثراء حرره من الافكار الوحشية ومن تسلط الانظمة ورجال الدين وحد من رغباتهم الجامحة في التحكم والاستبداد. وهكذا اصبحت المجتمعات البشرية في ظل هذا التطور لا تتقبل سنّ تشريعات جنائية تنضح منها فكرة الوحشية والانتقام من ابداء الرأي المعارض، ومن ثم اصبحت التشريعات المقبولة تلك التي تظهر تسامحا كبيرا في ابداء الآراء حفاظا على الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي. وعلى هذا الاساس اصبح من اهم الصفات التي يجب ان يتحلى بها من يشرعون القوانين للمجتمع ان يكونوا اصحاب عقل رزين وفكر متأن، يستطيعون ان يزنوا الامور، ويعرفون اغراض وفوائد هذه القوانين، ويدركون ابعاد النتائج التي تترتب على فرض مثل هذه القوانين سلبا او ايجابا، وهل تخدم المصلحة العامة ام تخدم مصلحة طائفة وتضر طوائف اخرى؟ اسئلة كثيرة يجب دراستها والاجابة عنها قبل سن تشريعات جنائية تتصل بابداء الرأي حتى نتمكن من تحقيق العدالة والمساواة ونحارب الظلم والاستبداد والطغيان ونحافظ على وحدتنا الوطنية، وتشجيعا للجماعات التي تطالب بالاصلاح وتحارب الفساد، وحماية لها.


واليوم، نتطلع الى مجلس الامة، بصفته يمثل صوت الامة وصوت الشعب، كيف يتعاطى مع هذه الازمة الخطيرة، التي اراد من اشعلها ان يجر الكويت الى فتن داخلية في ظل هذه الاجواء المتوترة والقلقة في المنطقة اننا نأمل ان يدرك المجلس انه امام مسؤولية تاريخية صعبة، ونأمل ان يكون عند تحمل مستوى هذه المسؤولية اثناء تعاطيه مع هذه الازمة. عليه ان يدرس هذه القضية دراسة عقلانية موضوعية متأنية. لا ينخدع بالاعلام المشبوه او الدعاية المضللة، عليه ان يعرف من اشعلها وشجع على تأجيجها وما هي دوافعه وفوائده، وما هي ادواته وحجم نفوذه. وعلى المجلس ان يدرك جيدا ان من استطاع ان يؤثر في الرأي العام ويخدعه ويضلله في هذه القضية،

سيسهل عليه في المستقبل خداع الرأي العام والتأثير عليه وتضليله في قضايا اخرى مشابهة، وقد يكون ضحاياه طرفا آخر من اطراف المعارضة او جماعة من الذين يحاربون الفساد ليقضي عليهم الواحد تلو الآخر، ويصبح حرا طليقا لا يقوى احد على محاربة اضاليله وفساده لذا يجب ان يحترس المجلس من الوقوع في الشرك المنصوب.

D_hamadah@hotmail.com

موالى
03-19-2008, 05:48 PM
صوت عاقل وتحليل معقول للأحداث التي مرت على حزب الله وعلى الكويت وعلى مجلس الامة

شكرا دكتور عبدالمحسن