jameela
03-11-2008, 05:02 PM
التوسيط والتسمير والتغريق والتجريس!!
http://www.alamalyawm.com/uploads/2432/01.jpg
سيطرت دولة المماليك على مصر وبلاد الشام والحجاز حوالي ثلاثة قرون من الزمان (648-923هـ/1250-1517م)، وخلال هذه الفترة شهد لها التاريخ أياد ناصعة البياض كتصديها لأهم خطرين دهما العالم الإسلامي، ونعني الغزو الصليبي والمغولي كما تركت آثاراً عمرانية وعلمية ما زالت تقف شاهدة على عظمة تلك الدولة.
ولكن نظراً للطبيعة العسكرية التي صبغت دولة المماليك، والطريقة القاسية التي تربى بها هؤلاء المماليك منذ سبيهم ثم تنشئتهم حتى وصلوا إلى سدة الحكم، فقد شهدت الدولة أيضاً صوراً سوداء من القسوة والشدة غير المبررة أحياناً، وخلال هذا الموضوع سوف نستعرض معكم أنواعاً مبتكرة من طرق التعذيب والإعدام شهدتها تلك الفترة مستفيدين مما سطره المؤرخ المصري ابن إياس في كتابه الرائع (بدائع الزهور في وقائع الدهور) والذي عاصر سقوط دولة المماليك على يد العثمانيين، وكان هذا المؤرخ من طبقة (أولاد الناس) أي من ذرية مماليك السلاطين!!، وكأن أبناء المماليك هم أولاد الناس أما بقية الشعب فهم أبناء الرعاع حسب قيم تلك الأزمنة المقلوبة!!
أولاَ: طرق التعذيب والعقاب
العصر
وهي من طرق التعذيب، وكان يتم خلالها عصر أعضاء الإنسان بالحبال وغيرها من أجل إجباره على الاعتراف، وغالباً يطلب من الضحية الإخبار عن الأموال المخبأة، ومن الأمثلة التي ذكرها ابن إياس للمعصورين:
ففي سنة 689هـ، وبأمر السلطان خليل بن قلاوون قبض قائد اسمه الشجاعي على حاشية الأمير طرنطاي، وقبض على نسائه وسراريه، وأحضر لهم المعاصير، فعصرهم، وقررهم على الأموال والذخائر.
وبعد أربع سنوات تم قتل الشجاعي، وطيف برأسه في شوارع مصر والقاهرة على رمح، وكان الناس يعطون لحاملي الرمح أموالاً مقابل أن يدخلوا بالرأس لبيوتهم، وما زالوا يصفعونها بالقباقيب والنعال، وربما كانوا يبولون عليها، واستمر الأمر كذلك لثلاثة أيام.
وفي سنة 800هـ اشتد غضب السلطان على ابن الطبلاوي، فأمر يلغبا الأحمدي بأن يعاقبه، فنزل به إلى بيته، وعاقبه وعصره بالمعاصير في أكعابه، وسقاه الجير بالملح، وضربه بالكسارات.
وفي سنة 905هـ قبض السلطان جان بلاط على الطواشي يسأله عن مكان السلطان السابق الظاهر قانصوه الذي كان مختفياً، فأقر أن زوجته تعرف طريقه، فبعث إليها السلطان الأمير طراباي، فسألها عنه، فلم تقر بشيء، فأحضر إليها المعاصير، وعصرها في رجليها، فلم تقر بشيء.
في سنة 910هـ عاقب السلطان قانصوه بدر الدين بن مزهر، وعصره في أكعابه ووركه، ودق القصب في أصابعه، وأحرقها بالنار حتى وقعت عقد أصابعه. ثم نوعوا له أنواع العذاب، فأخذوا له كماشة حديد، وأحموها بالنار، واختطفوا بها أبزازه، وأطعموها له. ثم أخذوا له حبل قنب، ولووه على أصداغه حتى نفرت عيناه من وجهه، وسالت على خديه حتى توفي تحت العقوبة.
وفي أيام السلطان قانصوه الغوري قبض على شموال اليهودي الصيرفي، وعاقبه، وعصره هو وزوجته، واستخرج منه فوق الخمسمائة ألف دينار، واستمر يعاقبهما حتى ماتا تحت العقوبة.
وفي سنة 921هـ عاقب الوالي قائداً يدعى جاني بيك، وطالبه بمال، فقال: (ما بقي معي شيء غير روحي، فخذوها)، فضربوه كسارات على ركبه، وقيل عصروه في أصداغه حتى أشرف على الموت.
التعرية
وهي طريقة كانت تستخدم لإذلال الضحية عبر تعريته، وخلع عمامته، وكان في ذلك أبلغ إذلال له.
ففي سنة 917هـ تغير خاطر السلطان قانصوه على القاضي أبي البقاء ناظر الإسطبل، فوضعه في الحديد، وعراه من أثوابه، وكشف رأسه، وكان ذلك في قوة البرد، ونزل من القلعة، وهو ماشي عريان مكشوف الرأس في الحديد، وحلف السلطان بحياة رأسه أنه لا يلبس أثوابه ولا عمامته حتى يغلق ما قرره عليه من أموال، ورسم للوالي بأن يقعده على البلاط من غير فرش.
التجريس والتشهير
وهي طريقة لفضح الضحية عبر إركابه على حمار، والتجوال به في الشوارع، والمناداة عليه بما فعل ليكون عبرة لغيره.
ففي سنة 910هـ نودي في القاهرة من قبل السلطان بأن لا يعمل عزاء بطارات، ولا نائحة تنوح على ميت ثم غمز على نائحة عملت عزاء بطارات، فجرسها بركات بن موسى على حمار، والطارات معلقة في عنقها، ووجهها ملطخ بالسواد.
التعليق
وهي طريقة للتعذيب حيث يعلق الضحية منكوساً.
ففي سنة 792هـ غضب السلطان الظاهر برقوق على الصاحب فخر الدين بن مكانس، وضربه علقة قوية ثم علقه من رجله بسرياق، فأقام وهو منكوس على رأسه نصف نهار ثم أن بعض الأمراء شفع فيه، فأنزلوه.
الضرب
وهي الطريقة المعهودة في التعذيب منذ أقدم العصور حتى يومنا هذا، ولكن كان للمماليك تفنن خاص به!!
ففي سنة 874هـ قبض السلطان قايتباي على زين الدين الأستادار، وأحضره بين يديه، ووبخه بالكلام ثم أمر بضربه بين يديه، فضرب ضرباً مبرحاً حتى كاد أن يهلك ثم سجنه بالبرج الذي بالقلعة، وصار يحضره بين يديه كل يوم، ويضربه بأشد الضرب، فمات وهو في البرج، فلما أعلموا السلطان بذلك لم يصدق بموته، وأمر بإحضاره بين يديه وهو ميت، فكشف عن وجهه، ورفسه برجله.
وفي سنة 882هـ تغير خاطر السلطان قايتباي على برهان الدين النابلسي وكيل بيت مال المسلمين، فقبض عليه، وسلمه للأمير يشبك يعاقبه، واستخلص منه جملة أموال لها صورة، وآخر الأمر مات تحت العقوبة شر موتة، وقد أذاقه أنواع العذاب، وتفنن في تعذيبه تفنناً زائداً، فقيل أنه ضربه عدة مرات نحواً من ألفين وستمائة عصا، وقلع أضراسه، ودقها في رأسه.
في شعبان 909هـ قبض قاضي القضاة على محمد بن يوسف الذي كان ناظر الأوقاف، فضربه ضرباً مبرحاً، وأشهره في القاهرة على حمار، وهو عريان مكشوف الرأس لأمر أوجب ذلك.
وفي سنة 916هـ عرض السلطان قانصوه معين الدين بن شمس الذي تغير خاطره عليه، فضربه بالمقارع بين يديه نحواً من مائة (شبيب) حتى أشرف على الموت.
وفي سنة 922هـ قبض على شخص أعجمي كان يصنع السنبوسك عند قناطر السباع، فوجدوه قد عمد إلى كلب أسود سمين، فذبحه، وسلخه، وعمل منه السنبوسك، فلما قبضوا عليه أحضروه بين يدي المحتسب، فضرب الأعجمي بالمقارع، وأشهره في القاهرة، والكلب معلق في رقبته، فطافوا به في المدينة ثم سجنوه في المقشرة.
التسمير
وهي طريقة تشبه التجريس، ولكن كان الضحية يسمر فيها على جمل بالمسامير، ويطاف به في الشوارع.
ففي سنة 885هـ تغير خاطر السلطان على القاضي تاج الدين بن المقسي ناظر الخاصكان، فرسم بتسميره، فسمر على جمل، وطيف به في القاهرة، وتوجهوا به إلى قنطرة الحاجب ليوسطوه هناك، فلما وصل إلى هناك وقعت فيه شفاعة، فعادوا به، وقد أركبوه على فرس، وفرح الناس بسلامته.
ثانياً: الإعدام والقتل
الخنق
وكان الخنق من الطرق المفضلة وقتئذ في الإعدام السري لأنه لا يترك دماً، ويمكن للفاعل الادعاء بأن الضحية قضت نحبها بصورة طبيعية.
وبالخنق تم قتل أول سلاطين الدولة المملوكية عز الدين أيبك سنة 654هـ حيث كانت زوجته شجرة الدر قد أضمرت له السوء، فندبت له خمسة من الخدام الروم، وقالت لهم: (إذا دخل إلى الحمام، فاقتلوه)، فلما طلع إلى القلعة اصطلح مع شجرة الدر، وتراضيا ثم دخل إلى الحمام، فلما صار هو وشجرة الدر دخل عليه أولئك الخدام، وبأيديهم السيوف، فقام أيبك، وقبل شجرة الدر، واستغاث بها، فقالت للخدام: (أتركوه)، فأغلظ عليها بعض الخدام في القول، وقال لها: (إن تركناه حيا فلا يبقى عليك ولا علينا)، فقتلوه في الحمام خنقاً، وقيل ربطوا محاشمه بوتر، وجذبوه حتى مات، فلما مات حملوه، وأخرجوه من الحمام، وأشاعوا أنه قد أغمي عليه من الحمام.
وفي سنة 778هـ قام مملوك بخنق السلطان المملوكي بوتر حتى مات، ثم وضعه في قفة، وكسر ظهره، وأرسله تحت الليل على حمار، ورماه في بئر.
الصفع بالقباقيب
وهي طريقة إعدام غريبة لم تحدث إلا مرة واحدة مع شجرة الدر كما هو مشهور، فقد قبض علي ابن أبيك على شجرة الدر قاتلة أبيه سنة 654هـ، وسلمها إلى أمه، فأمرت جواريها أن يقتلنها بالقباقيب والنعال، فضربنها حتى ماتت، ثم سحبوها من رجلها، ورموها من فوق السور إلى خندق، وهي عريانة، فأقامت وهي مرمية في الخندق ثلاثة أيام.
التعليق بالكلاليب
وهي طريقة الصلب المشهورة، وكانت تستخدم مع المجرمين.
ففي سنة 912هـ قتلت جارية سوداء ستها وابن ستها وأخا ستها، فلما عرضت على السلطان قانصوه رسم بقطع يدها، وشهرت في القاهرة ثم كلبت، وعلقت عند خوخة المغازليين في مكان قتلت فيه ستها.
وفي سنة 922هـ دخل شخص من التركمان على السلطان طومان باي في خيمته، فشكوا به، فلما مسوا صدره وجدوا له ثديين طويلين، فإذا بذلك الشخص امرأة من نساء التراكمة كانت تحمل خنجراً كبيراً تحت ثيابها، فضربها المماليك بالسيوف، فلما قتلوها رسم السلطان بأن يعلقوها على باب النصر، فأتوا بها وهي عريانة، واستمرت معلقة هناك يومين عريانة، وعورتها مكشوفة بين الناس ثم دفنت.
التوسيط
وهي أشهر طرق الإعدام في العصر المملوكي، وأكثرها استخداماً على امتداد ذلك العصر، وكان يتم خلالها شطر الضحية بالسيف إلى جزأين بالعرض من منتصف الجسم.
ففي سنة 693هـ: تولى الأمير بيبرس الجاشنكير عقوبة بعض الأمراء، وصار يقررهم على من كان سبباً في قتل الأشرف خليل (السلطان السابق). ثم رسم الأمير كتبغا بقطع أيديهم وأرجلهم، وسمروا على الجمال، وطافوا بهم في القاهرة ثم وسطوهم في سوق الخيل.
وفي سنة 827هـ كان هناك رجل أعجمي بمصر ينصب على النساء والأطفال، ويقتلهم، وينزع لحمهم عن عظمهم، ويبيع ذلك على الفرنج كل قنطار بخمسة وعشرين ديناراً، فلما غمز عليه قبض عليه السلطان الأشرف برسباي، وأشهره في القاهرة، وقطع يديه، وعلقهما في رقبته. ثم وسطه.
وفي سنة 877هـ تم تسمير أخوة القائد سوار وأقاربه على جمال، وهم عرايا، ورؤوسهم مكشوفة، والمشاعلية تنادي عليهم: (هذا جزاء من يخامر على السلطان). ثم توجهوا بهم إلى باب النصر، فوسطوهم، فأقاموا معلقين يوماً وليلة، والناس ينظرون إليهم ثم أنزلوهم، وغسلوهم، وكفنوهم، وصلوا عليهم.
وفي سنة 902هـ ابتدأ السلطان الشاب الناصر محمد بن قايتباي في الطيش، ومخالطة الأوباش والأطراف، وحملت إليه مركب صغيرة، فجعلها في البحرة، ووضع بها حلواء وفاكهة وجبناً مقلياً، وصار ينزل في المركب بنفسه، ويبيع كما يصنع البياعون، وكان كل ذلك خفة لصغر سنه ثم أنه عرض المحابيس، فأطلق منهم جماعة، وأمر بإتلاف سبعة أنفار من المفسدين كانوا معهم في السجن. ثم أدخلوهم إلى الحوش، فوسطهم بيده، وعلمه المشاعلي كيف يوسط. ثم قطع أيديهم وآذانهم وألسنتهم بيده، والمشاعلي يعلمه كيف يصنع!!
وفي سنة 919هـ رسم السلطان قانصوه بتوسيط مملوك من مماليكه، وقد قتل قتيلاً، فلما عرضوه على السلطان أراد ضربه بين يديه، فتعترس قدام السلطان، فحنق منه، فرسم بتوسيطه، فوسطوه في الرملة.
الشغل (السم)
وكان يرد في عدة مرات من كتاب ابن إياس أن أحد الأعيان مات مشغولاً أو أن السلطان شغله، وهذا يعني أنه دس له السم في الطعام.
السلخ
وهي من الطرق البشعة في الإعدام، وكان يروى أن أحد القادة كان يسلخ خصومهم من الأعراب من الرأس حتى القدم.
وفي سنة 903هـ قبض على إنسان زعموا أنه ينبش القبور على الموتى، ويسرق أكفانهم، فأمر السلطان الناصر بسلخ وجهه، وهو حي، فسلخوه من رأسه إلى رقبته، وأرخوه على صدره، وصار عظم رأسه ظاهراً، وطافوا به في القاهرة. ثم علقوه على باب النصر، واستمر معلقاً إلى أن مات.
وفي سنة 919هـ جاء كاشف الشرقية (واليها) بأحد أولاد شيخ العرب ابن قرطام يسمى صالح، وهو من بني حرام، فسلخ جلده، وحشاه تبناً، وأركبوه على فرسه، وألبسه زمطه على رأسه، وألبسه كبرة حرير، وكان شاباً جميل الهيئة، فتأسف عليه الناس.
الذبح
وهي الطريقة المشهورة، وبلغ الأمر أن أحد السلاطين كان يمارس الذبح بنفسه، ففي سنة 812هـ أسرف الملك الناصر فرج بن برقوق في قتل مماليك أبيه، فكان يسكر إلى نصف الليل، ويخرج إلى الحوش، وهو سكران يعرض المماليك الذين في السجن بالأبراج، فيحضرونهم في زناجير، فيقدمون إليه واحداً بعد واحد، فيقول: (من هذا؟)، فيبطحونه على الأرض، فيذبحه بيده ثم يدوس على وجهه برجله، وربما كان يبول عليهم أو يصب عليهم النبيذ، وقد تجرأ على القتل حتى صار يقتل في كل ليلة نحو عشرين مملوكاً.
الرمي بالنشاب
وهي طريقة استحدثها أحد القادة لمعاقبة خصومه، ففي سنة 876هـ ظفر القائد سوار بخصمه قرقماس، فقتله شر قتلة.. قيل أنه أوقفه في مكان، وبنى عليه حائطاً، وقيل بل علقه في شجرة، واستمر يرمي علي بالنشاب حتى مات.
الشنق
وهي طريقة الإعدام الأكثر شيوعاً في أيامنا هذه، ويبدو أن لها أصولاً قديمة كما يظهر في أخبار ابن إياس.
ففي سنة 879هـ رسم السلطان قايتباي بشنق جارية بيضاء جركسية، فشنقت على جميزة، وكانت هذه الجارية حملت من بعض مماليك السلطان، فلما علم السلطان بذلك شنق الجارية، وأغرق المملوك، وقيل بل خصاه، ونفاه إلى الشام.
وفي سنة 909هـ رسم السلطان قانصوه بشنق علي بن أبي الجود، فشنق على باب زويلة، واستمر معلقاً ثلاثة أيام لم يدفن حتى نتن وجاف.
وفي سنة 915هـ تم القبض على جمال الدين الزغلي (أي مزور العملة) الذي تسحب من المقشرة (أي هرب من سجن المقشرة)، فرسم السلطان قانصوه بشنقه، فأشهروه، وهو عريان على حمار، والمشاعلية تنادي عليه حتى أتوا به إلى بيت شخص من الأمراء، فشنق هناك على بابه، وشنق معه خمسة أنفار كانوا يعملون الزغل معه.
وفي سنة 918هـ قبض على شخص من الأتراك يدعى دمرداش كان يتوجه إلى الصحراء، وينبش قبور الموتى الجدد، ويأخذ لحمهم وعظمهم، ويبيع ذلك على الفرنج، فلما تحقق السلطان قانصوه ذلك أمر بشنقه، فسمروه على جمل، وأشهروه في القاهرة حتى أتوا به إلى داره بالقرب من دار البطيخ، فشنق هناك.
وفي سنة 919هـ تم شنق رجل وامرأة زنيا مع الإحصان، ورسم السلطان قانصوه بأن يشنقا في حبل واحد، ويجعلوا وجه الرجل في وجه المرأة، فصلبت المرأة، وهي بإزارها، وعليها أثوابها مسبلة، فلما شنقا جاء الناس أفواجاً أفواجاً يتفرجون عليهما، وبقيا يومين قبل أن يدفنا.
وفي سنة 920هـ قتل خياط صبياً، ورماه في بئر، فلما شاع أمره قبضت أم الصبي على الخياط، وعرضته على السلطان، فاعترف بقتل الصبي، فرسم السلطان بشنق ذلك الخياط في المكان الذي قتل فيه الصبي، وقيل رسم السلطان بأن تقطع محاشمه، وتعلق في عنقه، وهو مشنوق، ففعلوا به ذلك.
الخازوق
وهي طريقة بشعة للإعدام ظهرت في ذلك العصر، وشاعت بعد ذلك في العصر العثماني، والعصور الوسطى في أوربا، وكان يغزر رمح طويل في جسم الإنسان من الأسفل إلى أعلى، ويبقى الضحية معلقاً برمحه حتى يلفظ آخر أنفاسه.
وفي آخر العصر المملوكي أمر السلطان قانصوه بخوزقة طحان قتل صبياً، فخوزقوه في المدابغ.
التغريق
وهي طريقة للإعدام كانت تستخدم على نطاق ضيق.
ففي سنة 915هـ قبض والي القاهرة على امرأة تسمى أنس، وكانت قبيحة السيرة تجمع عندها بنات الخطاء، وكانت ساكنة بالأزبكية، فأرسل السلطان قانصوه بالقبض عليها، فلما قبضوا عليها رسم السلطان بتغريقها، ويقال أنها فدت نفسها بخمسمائة دينار، ورسم بنفيها.
وإلى هنا تنتهي جولتنا مع طرق التعذيب والإعدام في العصر المملوكي، وهي صور بشعة تجعلنا نحمد الله أننا لم نعش في ذلك العصر!!
http://www.alamalyawm.com/uploads/2432/01.jpg
سيطرت دولة المماليك على مصر وبلاد الشام والحجاز حوالي ثلاثة قرون من الزمان (648-923هـ/1250-1517م)، وخلال هذه الفترة شهد لها التاريخ أياد ناصعة البياض كتصديها لأهم خطرين دهما العالم الإسلامي، ونعني الغزو الصليبي والمغولي كما تركت آثاراً عمرانية وعلمية ما زالت تقف شاهدة على عظمة تلك الدولة.
ولكن نظراً للطبيعة العسكرية التي صبغت دولة المماليك، والطريقة القاسية التي تربى بها هؤلاء المماليك منذ سبيهم ثم تنشئتهم حتى وصلوا إلى سدة الحكم، فقد شهدت الدولة أيضاً صوراً سوداء من القسوة والشدة غير المبررة أحياناً، وخلال هذا الموضوع سوف نستعرض معكم أنواعاً مبتكرة من طرق التعذيب والإعدام شهدتها تلك الفترة مستفيدين مما سطره المؤرخ المصري ابن إياس في كتابه الرائع (بدائع الزهور في وقائع الدهور) والذي عاصر سقوط دولة المماليك على يد العثمانيين، وكان هذا المؤرخ من طبقة (أولاد الناس) أي من ذرية مماليك السلاطين!!، وكأن أبناء المماليك هم أولاد الناس أما بقية الشعب فهم أبناء الرعاع حسب قيم تلك الأزمنة المقلوبة!!
أولاَ: طرق التعذيب والعقاب
العصر
وهي من طرق التعذيب، وكان يتم خلالها عصر أعضاء الإنسان بالحبال وغيرها من أجل إجباره على الاعتراف، وغالباً يطلب من الضحية الإخبار عن الأموال المخبأة، ومن الأمثلة التي ذكرها ابن إياس للمعصورين:
ففي سنة 689هـ، وبأمر السلطان خليل بن قلاوون قبض قائد اسمه الشجاعي على حاشية الأمير طرنطاي، وقبض على نسائه وسراريه، وأحضر لهم المعاصير، فعصرهم، وقررهم على الأموال والذخائر.
وبعد أربع سنوات تم قتل الشجاعي، وطيف برأسه في شوارع مصر والقاهرة على رمح، وكان الناس يعطون لحاملي الرمح أموالاً مقابل أن يدخلوا بالرأس لبيوتهم، وما زالوا يصفعونها بالقباقيب والنعال، وربما كانوا يبولون عليها، واستمر الأمر كذلك لثلاثة أيام.
وفي سنة 800هـ اشتد غضب السلطان على ابن الطبلاوي، فأمر يلغبا الأحمدي بأن يعاقبه، فنزل به إلى بيته، وعاقبه وعصره بالمعاصير في أكعابه، وسقاه الجير بالملح، وضربه بالكسارات.
وفي سنة 905هـ قبض السلطان جان بلاط على الطواشي يسأله عن مكان السلطان السابق الظاهر قانصوه الذي كان مختفياً، فأقر أن زوجته تعرف طريقه، فبعث إليها السلطان الأمير طراباي، فسألها عنه، فلم تقر بشيء، فأحضر إليها المعاصير، وعصرها في رجليها، فلم تقر بشيء.
في سنة 910هـ عاقب السلطان قانصوه بدر الدين بن مزهر، وعصره في أكعابه ووركه، ودق القصب في أصابعه، وأحرقها بالنار حتى وقعت عقد أصابعه. ثم نوعوا له أنواع العذاب، فأخذوا له كماشة حديد، وأحموها بالنار، واختطفوا بها أبزازه، وأطعموها له. ثم أخذوا له حبل قنب، ولووه على أصداغه حتى نفرت عيناه من وجهه، وسالت على خديه حتى توفي تحت العقوبة.
وفي أيام السلطان قانصوه الغوري قبض على شموال اليهودي الصيرفي، وعاقبه، وعصره هو وزوجته، واستخرج منه فوق الخمسمائة ألف دينار، واستمر يعاقبهما حتى ماتا تحت العقوبة.
وفي سنة 921هـ عاقب الوالي قائداً يدعى جاني بيك، وطالبه بمال، فقال: (ما بقي معي شيء غير روحي، فخذوها)، فضربوه كسارات على ركبه، وقيل عصروه في أصداغه حتى أشرف على الموت.
التعرية
وهي طريقة كانت تستخدم لإذلال الضحية عبر تعريته، وخلع عمامته، وكان في ذلك أبلغ إذلال له.
ففي سنة 917هـ تغير خاطر السلطان قانصوه على القاضي أبي البقاء ناظر الإسطبل، فوضعه في الحديد، وعراه من أثوابه، وكشف رأسه، وكان ذلك في قوة البرد، ونزل من القلعة، وهو ماشي عريان مكشوف الرأس في الحديد، وحلف السلطان بحياة رأسه أنه لا يلبس أثوابه ولا عمامته حتى يغلق ما قرره عليه من أموال، ورسم للوالي بأن يقعده على البلاط من غير فرش.
التجريس والتشهير
وهي طريقة لفضح الضحية عبر إركابه على حمار، والتجوال به في الشوارع، والمناداة عليه بما فعل ليكون عبرة لغيره.
ففي سنة 910هـ نودي في القاهرة من قبل السلطان بأن لا يعمل عزاء بطارات، ولا نائحة تنوح على ميت ثم غمز على نائحة عملت عزاء بطارات، فجرسها بركات بن موسى على حمار، والطارات معلقة في عنقها، ووجهها ملطخ بالسواد.
التعليق
وهي طريقة للتعذيب حيث يعلق الضحية منكوساً.
ففي سنة 792هـ غضب السلطان الظاهر برقوق على الصاحب فخر الدين بن مكانس، وضربه علقة قوية ثم علقه من رجله بسرياق، فأقام وهو منكوس على رأسه نصف نهار ثم أن بعض الأمراء شفع فيه، فأنزلوه.
الضرب
وهي الطريقة المعهودة في التعذيب منذ أقدم العصور حتى يومنا هذا، ولكن كان للمماليك تفنن خاص به!!
ففي سنة 874هـ قبض السلطان قايتباي على زين الدين الأستادار، وأحضره بين يديه، ووبخه بالكلام ثم أمر بضربه بين يديه، فضرب ضرباً مبرحاً حتى كاد أن يهلك ثم سجنه بالبرج الذي بالقلعة، وصار يحضره بين يديه كل يوم، ويضربه بأشد الضرب، فمات وهو في البرج، فلما أعلموا السلطان بذلك لم يصدق بموته، وأمر بإحضاره بين يديه وهو ميت، فكشف عن وجهه، ورفسه برجله.
وفي سنة 882هـ تغير خاطر السلطان قايتباي على برهان الدين النابلسي وكيل بيت مال المسلمين، فقبض عليه، وسلمه للأمير يشبك يعاقبه، واستخلص منه جملة أموال لها صورة، وآخر الأمر مات تحت العقوبة شر موتة، وقد أذاقه أنواع العذاب، وتفنن في تعذيبه تفنناً زائداً، فقيل أنه ضربه عدة مرات نحواً من ألفين وستمائة عصا، وقلع أضراسه، ودقها في رأسه.
في شعبان 909هـ قبض قاضي القضاة على محمد بن يوسف الذي كان ناظر الأوقاف، فضربه ضرباً مبرحاً، وأشهره في القاهرة على حمار، وهو عريان مكشوف الرأس لأمر أوجب ذلك.
وفي سنة 916هـ عرض السلطان قانصوه معين الدين بن شمس الذي تغير خاطره عليه، فضربه بالمقارع بين يديه نحواً من مائة (شبيب) حتى أشرف على الموت.
وفي سنة 922هـ قبض على شخص أعجمي كان يصنع السنبوسك عند قناطر السباع، فوجدوه قد عمد إلى كلب أسود سمين، فذبحه، وسلخه، وعمل منه السنبوسك، فلما قبضوا عليه أحضروه بين يدي المحتسب، فضرب الأعجمي بالمقارع، وأشهره في القاهرة، والكلب معلق في رقبته، فطافوا به في المدينة ثم سجنوه في المقشرة.
التسمير
وهي طريقة تشبه التجريس، ولكن كان الضحية يسمر فيها على جمل بالمسامير، ويطاف به في الشوارع.
ففي سنة 885هـ تغير خاطر السلطان على القاضي تاج الدين بن المقسي ناظر الخاصكان، فرسم بتسميره، فسمر على جمل، وطيف به في القاهرة، وتوجهوا به إلى قنطرة الحاجب ليوسطوه هناك، فلما وصل إلى هناك وقعت فيه شفاعة، فعادوا به، وقد أركبوه على فرس، وفرح الناس بسلامته.
ثانياً: الإعدام والقتل
الخنق
وكان الخنق من الطرق المفضلة وقتئذ في الإعدام السري لأنه لا يترك دماً، ويمكن للفاعل الادعاء بأن الضحية قضت نحبها بصورة طبيعية.
وبالخنق تم قتل أول سلاطين الدولة المملوكية عز الدين أيبك سنة 654هـ حيث كانت زوجته شجرة الدر قد أضمرت له السوء، فندبت له خمسة من الخدام الروم، وقالت لهم: (إذا دخل إلى الحمام، فاقتلوه)، فلما طلع إلى القلعة اصطلح مع شجرة الدر، وتراضيا ثم دخل إلى الحمام، فلما صار هو وشجرة الدر دخل عليه أولئك الخدام، وبأيديهم السيوف، فقام أيبك، وقبل شجرة الدر، واستغاث بها، فقالت للخدام: (أتركوه)، فأغلظ عليها بعض الخدام في القول، وقال لها: (إن تركناه حيا فلا يبقى عليك ولا علينا)، فقتلوه في الحمام خنقاً، وقيل ربطوا محاشمه بوتر، وجذبوه حتى مات، فلما مات حملوه، وأخرجوه من الحمام، وأشاعوا أنه قد أغمي عليه من الحمام.
وفي سنة 778هـ قام مملوك بخنق السلطان المملوكي بوتر حتى مات، ثم وضعه في قفة، وكسر ظهره، وأرسله تحت الليل على حمار، ورماه في بئر.
الصفع بالقباقيب
وهي طريقة إعدام غريبة لم تحدث إلا مرة واحدة مع شجرة الدر كما هو مشهور، فقد قبض علي ابن أبيك على شجرة الدر قاتلة أبيه سنة 654هـ، وسلمها إلى أمه، فأمرت جواريها أن يقتلنها بالقباقيب والنعال، فضربنها حتى ماتت، ثم سحبوها من رجلها، ورموها من فوق السور إلى خندق، وهي عريانة، فأقامت وهي مرمية في الخندق ثلاثة أيام.
التعليق بالكلاليب
وهي طريقة الصلب المشهورة، وكانت تستخدم مع المجرمين.
ففي سنة 912هـ قتلت جارية سوداء ستها وابن ستها وأخا ستها، فلما عرضت على السلطان قانصوه رسم بقطع يدها، وشهرت في القاهرة ثم كلبت، وعلقت عند خوخة المغازليين في مكان قتلت فيه ستها.
وفي سنة 922هـ دخل شخص من التركمان على السلطان طومان باي في خيمته، فشكوا به، فلما مسوا صدره وجدوا له ثديين طويلين، فإذا بذلك الشخص امرأة من نساء التراكمة كانت تحمل خنجراً كبيراً تحت ثيابها، فضربها المماليك بالسيوف، فلما قتلوها رسم السلطان بأن يعلقوها على باب النصر، فأتوا بها وهي عريانة، واستمرت معلقة هناك يومين عريانة، وعورتها مكشوفة بين الناس ثم دفنت.
التوسيط
وهي أشهر طرق الإعدام في العصر المملوكي، وأكثرها استخداماً على امتداد ذلك العصر، وكان يتم خلالها شطر الضحية بالسيف إلى جزأين بالعرض من منتصف الجسم.
ففي سنة 693هـ: تولى الأمير بيبرس الجاشنكير عقوبة بعض الأمراء، وصار يقررهم على من كان سبباً في قتل الأشرف خليل (السلطان السابق). ثم رسم الأمير كتبغا بقطع أيديهم وأرجلهم، وسمروا على الجمال، وطافوا بهم في القاهرة ثم وسطوهم في سوق الخيل.
وفي سنة 827هـ كان هناك رجل أعجمي بمصر ينصب على النساء والأطفال، ويقتلهم، وينزع لحمهم عن عظمهم، ويبيع ذلك على الفرنج كل قنطار بخمسة وعشرين ديناراً، فلما غمز عليه قبض عليه السلطان الأشرف برسباي، وأشهره في القاهرة، وقطع يديه، وعلقهما في رقبته. ثم وسطه.
وفي سنة 877هـ تم تسمير أخوة القائد سوار وأقاربه على جمال، وهم عرايا، ورؤوسهم مكشوفة، والمشاعلية تنادي عليهم: (هذا جزاء من يخامر على السلطان). ثم توجهوا بهم إلى باب النصر، فوسطوهم، فأقاموا معلقين يوماً وليلة، والناس ينظرون إليهم ثم أنزلوهم، وغسلوهم، وكفنوهم، وصلوا عليهم.
وفي سنة 902هـ ابتدأ السلطان الشاب الناصر محمد بن قايتباي في الطيش، ومخالطة الأوباش والأطراف، وحملت إليه مركب صغيرة، فجعلها في البحرة، ووضع بها حلواء وفاكهة وجبناً مقلياً، وصار ينزل في المركب بنفسه، ويبيع كما يصنع البياعون، وكان كل ذلك خفة لصغر سنه ثم أنه عرض المحابيس، فأطلق منهم جماعة، وأمر بإتلاف سبعة أنفار من المفسدين كانوا معهم في السجن. ثم أدخلوهم إلى الحوش، فوسطهم بيده، وعلمه المشاعلي كيف يوسط. ثم قطع أيديهم وآذانهم وألسنتهم بيده، والمشاعلي يعلمه كيف يصنع!!
وفي سنة 919هـ رسم السلطان قانصوه بتوسيط مملوك من مماليكه، وقد قتل قتيلاً، فلما عرضوه على السلطان أراد ضربه بين يديه، فتعترس قدام السلطان، فحنق منه، فرسم بتوسيطه، فوسطوه في الرملة.
الشغل (السم)
وكان يرد في عدة مرات من كتاب ابن إياس أن أحد الأعيان مات مشغولاً أو أن السلطان شغله، وهذا يعني أنه دس له السم في الطعام.
السلخ
وهي من الطرق البشعة في الإعدام، وكان يروى أن أحد القادة كان يسلخ خصومهم من الأعراب من الرأس حتى القدم.
وفي سنة 903هـ قبض على إنسان زعموا أنه ينبش القبور على الموتى، ويسرق أكفانهم، فأمر السلطان الناصر بسلخ وجهه، وهو حي، فسلخوه من رأسه إلى رقبته، وأرخوه على صدره، وصار عظم رأسه ظاهراً، وطافوا به في القاهرة. ثم علقوه على باب النصر، واستمر معلقاً إلى أن مات.
وفي سنة 919هـ جاء كاشف الشرقية (واليها) بأحد أولاد شيخ العرب ابن قرطام يسمى صالح، وهو من بني حرام، فسلخ جلده، وحشاه تبناً، وأركبوه على فرسه، وألبسه زمطه على رأسه، وألبسه كبرة حرير، وكان شاباً جميل الهيئة، فتأسف عليه الناس.
الذبح
وهي الطريقة المشهورة، وبلغ الأمر أن أحد السلاطين كان يمارس الذبح بنفسه، ففي سنة 812هـ أسرف الملك الناصر فرج بن برقوق في قتل مماليك أبيه، فكان يسكر إلى نصف الليل، ويخرج إلى الحوش، وهو سكران يعرض المماليك الذين في السجن بالأبراج، فيحضرونهم في زناجير، فيقدمون إليه واحداً بعد واحد، فيقول: (من هذا؟)، فيبطحونه على الأرض، فيذبحه بيده ثم يدوس على وجهه برجله، وربما كان يبول عليهم أو يصب عليهم النبيذ، وقد تجرأ على القتل حتى صار يقتل في كل ليلة نحو عشرين مملوكاً.
الرمي بالنشاب
وهي طريقة استحدثها أحد القادة لمعاقبة خصومه، ففي سنة 876هـ ظفر القائد سوار بخصمه قرقماس، فقتله شر قتلة.. قيل أنه أوقفه في مكان، وبنى عليه حائطاً، وقيل بل علقه في شجرة، واستمر يرمي علي بالنشاب حتى مات.
الشنق
وهي طريقة الإعدام الأكثر شيوعاً في أيامنا هذه، ويبدو أن لها أصولاً قديمة كما يظهر في أخبار ابن إياس.
ففي سنة 879هـ رسم السلطان قايتباي بشنق جارية بيضاء جركسية، فشنقت على جميزة، وكانت هذه الجارية حملت من بعض مماليك السلطان، فلما علم السلطان بذلك شنق الجارية، وأغرق المملوك، وقيل بل خصاه، ونفاه إلى الشام.
وفي سنة 909هـ رسم السلطان قانصوه بشنق علي بن أبي الجود، فشنق على باب زويلة، واستمر معلقاً ثلاثة أيام لم يدفن حتى نتن وجاف.
وفي سنة 915هـ تم القبض على جمال الدين الزغلي (أي مزور العملة) الذي تسحب من المقشرة (أي هرب من سجن المقشرة)، فرسم السلطان قانصوه بشنقه، فأشهروه، وهو عريان على حمار، والمشاعلية تنادي عليه حتى أتوا به إلى بيت شخص من الأمراء، فشنق هناك على بابه، وشنق معه خمسة أنفار كانوا يعملون الزغل معه.
وفي سنة 918هـ قبض على شخص من الأتراك يدعى دمرداش كان يتوجه إلى الصحراء، وينبش قبور الموتى الجدد، ويأخذ لحمهم وعظمهم، ويبيع ذلك على الفرنج، فلما تحقق السلطان قانصوه ذلك أمر بشنقه، فسمروه على جمل، وأشهروه في القاهرة حتى أتوا به إلى داره بالقرب من دار البطيخ، فشنق هناك.
وفي سنة 919هـ تم شنق رجل وامرأة زنيا مع الإحصان، ورسم السلطان قانصوه بأن يشنقا في حبل واحد، ويجعلوا وجه الرجل في وجه المرأة، فصلبت المرأة، وهي بإزارها، وعليها أثوابها مسبلة، فلما شنقا جاء الناس أفواجاً أفواجاً يتفرجون عليهما، وبقيا يومين قبل أن يدفنا.
وفي سنة 920هـ قتل خياط صبياً، ورماه في بئر، فلما شاع أمره قبضت أم الصبي على الخياط، وعرضته على السلطان، فاعترف بقتل الصبي، فرسم السلطان بشنق ذلك الخياط في المكان الذي قتل فيه الصبي، وقيل رسم السلطان بأن تقطع محاشمه، وتعلق في عنقه، وهو مشنوق، ففعلوا به ذلك.
الخازوق
وهي طريقة بشعة للإعدام ظهرت في ذلك العصر، وشاعت بعد ذلك في العصر العثماني، والعصور الوسطى في أوربا، وكان يغزر رمح طويل في جسم الإنسان من الأسفل إلى أعلى، ويبقى الضحية معلقاً برمحه حتى يلفظ آخر أنفاسه.
وفي آخر العصر المملوكي أمر السلطان قانصوه بخوزقة طحان قتل صبياً، فخوزقوه في المدابغ.
التغريق
وهي طريقة للإعدام كانت تستخدم على نطاق ضيق.
ففي سنة 915هـ قبض والي القاهرة على امرأة تسمى أنس، وكانت قبيحة السيرة تجمع عندها بنات الخطاء، وكانت ساكنة بالأزبكية، فأرسل السلطان قانصوه بالقبض عليها، فلما قبضوا عليها رسم السلطان بتغريقها، ويقال أنها فدت نفسها بخمسمائة دينار، ورسم بنفيها.
وإلى هنا تنتهي جولتنا مع طرق التعذيب والإعدام في العصر المملوكي، وهي صور بشعة تجعلنا نحمد الله أننا لم نعش في ذلك العصر!!