فاتن
03-01-2008, 01:24 AM
الجزائر نصرالدين قاسم:
«الجزائر على رأس الدول العربية المصدرة أو الطاردة للكفاءات».. هذا ما تؤكده إدارة السياسات السكانية والهجرة في القطاع الاجتماعي التابعة لجامعة الدول العربية، في تقاريرها الحديثة التي أشارت الى أن أكثر من 215 ألف كفاءة علمية قد هجرت الجزائر في الآونة الأخيرة، متقدمة بفارق كبير على أول ملاحقيها يقدر بـ 8 آلاف كفاءة. إلا أن الجزائر تأتي، من ناحية المردود المالي من العملة الصعبة، والاستفادة من تحويلات مهاجريها، في المرتبة الثالثة بعد المغرب ومصر بما يربو على مليارين ونصف مليار دولار.
هجرة الكفاءات الجزائرية ليست ظاهرة جديدة، لكنها تفاقمت في عشرية الأزمة الدموية التي عرفت فيها الجزائر نزفا كبيرا لأصحاب الكفاءات الذين فضلوا الهروب من جحيم الوطن. فأمام تزايد وتيرة العنف عظمت مأساة الجزائريين الذين ظلوا يقاومون التهميش والإقصاء وسوء التقدير، ويعانون البطالة بكل أنواعها: التقنية والعادية والمقنعة، ولم يعد أمامهم من مخرج سوى الهجرة نحو الضفة الشمالية للمتوسط.
كان الرئيس الجزائري قد أشار في أكثر من مرة إلى خطورة هذه الظاهرة التي تنسف جهود الوطن في تكوين أبنائه والاستفادة من كفاءاتهم، إذ يهاجرون لتستفيد منهم الدول المتقدمة مجانا ومن دون أي عناء. واتخذ بعض الإجراءات للحد من هذا النزف، كان على رأسها وقف منح التكوين في الخارج، وإصدار أوامر للحكومة بإعداد برنامج عاجل ومتكامل للقضاء على الظاهرة، وإقناع الراغبين في الهجرة بجدوى البقاء في الوطن.
لكن الواقع لا يزال يشير إلى تدافع الجزائريين على السفارات الأجنبية. فالجزائر تصرف حوالي 100 ألف دولار لتكوين كفاءة وطنية واحدة، مما كبدها خسائر هائلة جراء الهجرة الجماعية نحو الخارج. وقدر المجلس الاجتماعي والاقتصادي، وهو هيئة استشارية رسمية، أن هذه الظاهرة كلفت الدولة ما يزيد على 40 مليار دولار خلال الخمس سنوات الأولى للأزمة الدامية (96/92). وتذهب بعض التقديرات والاستنتاجات الى التأكيد ان خسارة الجزائر تصل إلى 100 مليار دولار مع بداية عام 2000، خصوصا إذا أضفنا إلى ذلك ما يترتب على الاعتماد على الكفاءات الأجنبية التي عادة ما تتقاضى أجرا يفوق ثلاثة أو أربعة أضعاف ما تتقاضاه الكفاءة الوطنية.
عرفت ظاهرة هجرة الأدمغة عدة مراحل ترتبط ارتباطا وثيقا بالتطورات التي عرفتها البلاد. ففي الفترة التي تلت الاستقلال كانت وجهة الكفاءات الأساسية فرنسا وبلجيكا نظرا لارتباطات ثقافية ولغوية وحتى تجارية. وكان الدافع إليها إيجاد ظروف عمل مواتية أكثر، وشروط راحة أكثر من تلك المتوافرة في بلد خرج لتوه من حرب مدمرة مروعة لأكثر من سبع سنوات، واستعمار بغيض دام قرابة قرن ونصف قرن. ولم تكن البطالة أو الراتب وراء الهجرة على اعتبار أن الدينار كان أقوى من الفرنك أو يساويه في أسوا الظروف.
في البدء كان الأطباء
ابتداء من أواخر السبعينات إلى منتصف الثمانينات من القرن الماضي بدأت وجهة الجزائريين تتغير وتتنوع باتجاه بقية الدول الأوروبية ثم أميركا فبريطانيا وكندا. وبدأت الدوافع تتغير، إذ برزت ظاهرة عدم تقدير الكفاءات ووضعها في أماكن لا تتماشى وتخصصاتها أو تعيينها في مكاتب من دون أي مهام، أو وضعها تحت إمرة مسؤولين أميين لا خبرة لهم ولا كفاءة ولا تأهيل وصلوا إلى مناصب المسؤولية بالمحاباة أو المحسوبية أو الأقدمية.
في الأثناء بلغت مظاهر تهميش الكفاءات وإقصائهم وتيئيسهم من الوضع ذروتها. فلم يعد غريبا أن تجد مديرا للصحة لا يفقه في الصحة شيئا، ويدير شؤون الصحة في الولاية (المحافظة)، أو مديرا لمستشفى محدود المستوى العلمي يتحكم في أطباء وأساتذة وجراحين، ومديرا للشؤون الدينية لا علاقة له بالدين لا من قريب ولا من بعيد، يتقعر على الأئمة والدعاة وخريجي الجامعات، ومديرا لشركة كبيرة لم تطأ قدمه المدرسة يسيّر المهندسين والمعماريين والميكانيكيين، وما إلى ذلك من الأمثلة.
هذا المنعطف كان له الأثر الكبير في توسيع مساحة الراغبين في الهجرة من الكفاءات، فارتفعت نسبة هجرة الأدمغة نحو أوروبا وأميركا اللاتينية بشكل ملحوظ. وبالموازاة تفشت الهجرة في بداية الأمر بين الأطباء والتعليم والبحث العلمي، ثم انتقلت إلى مجال الإعلام الآلي والهندسة بمختلف تخصصاتها، وتفاقمت أكثر بسبب الإجراءات البيروقراطية وغياب سياسة وطنية لاستيعاب الجامعيين والمتخرجين، واستسلام المنظومة الاقتصادية للطرق البالية، أو ما سماه الاتحاد البرلماني العربي، في مؤتمره العاشر في الخرطوم (11 فبراير 2002)، «انعدام التوازن في النظام التعليمي، أو فقدان الارتباط بين أنظمة التعليم ومشاريع التنمية».
الهجرة بأي ثمن
انطلاقا من النصف الثاني من الثمانينات، عرفت هجرة الأدمغة في الجزائر قفزة نوعية رهيبة طالت كل التخصصات من دون استثناء، سواء العاملين منهم أو العاطلين عن العمل. في هذه الفترة عانت الجزائر كثيرا من الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية (عام86)، فشهدت ارتفاع نسب البطالة بين الخريجين، وحدوث شرخ اجتماعي كبير انفجرت فيه الطبقة الوسطى وتهاوت إلى درجات الفقر والفاقة. وبدأت البلاد تدخل في دوامة الندرة والنقص الفادح في السلع، وتجني فشل السياسات والبرامج، وتدخل مرحلة الإفلاس الواسع للمؤسسات والشركات، وتبدأ حملة التسريح الشامل للعمال، ومعها انتشرت ظاهرة النزوح الكبير نحو الخارج هروبا من تدني الظروف الاجتماعية وتدهور مستوى المعيشة.
في هذه الحقبة قفزت البطالة والفقر والبؤس والحرمان إلى مقدمة العوامل الدافعة للهجرة، بحيث أصبح أقصى ما يطمح إليه خريج الجامعة أو المعاهد المتخصصة هو منصب عمل وسقف وزوجة. ثم ما فتئت أن تفاقمت هذه الآفات وازدادت حدة مع انفجار الوضع الأمني عقب وقف المسار الديموقراطي وإلغاء الانتخابات التشريعية في يناير 1992 يوم عرفت البلاد تحولا مفصليا في انتقال هجرة الأدمغة إلى العمل على الهجرة مهما كان الثمن وبأي وسيلة، لتطال حتى الكفاءات التي صنعت مستقبلها في الجزائر وحققت مكتسبات مادية محترمة، فانتقل الكثير منهم بتجارته ونشاطه وأمواله إلى الخارج، هربا من حوادث الاغتيالات التي أصبحت تتربص بالجزائريين.
الفوضى عمت ولم تختف
بعض التقديرات تشير إلى أن عدد المهاجرين الى أوروبا وأميركا في الآونة الأخيرة تجاوز 100 ألف شخص، منهم 10 آلاف باحث قصدوا كبريات الجامعات والمعاهد الأميركية، ليرتفع عدد الكفاءات الجزائرية في أميركا إلى أكثر من 20 ألفا، فيما كشفت وزارة الهجرة الكندية أن الجزائريين احتلوا عام 2006 صدارة قائمة المهاجرين بنسبة 8،10% من أصل 20519 مهاجرا. كما يشير تقرير «الهجرة المتوسطية» الذي مولته المفوضية الأوروبية إلى أن من بين 10 آلاف طبيب أجنبي موجودين في فرنسا هناك 7 آلاف جزائري، بينما بلغ رقم أعمال التجار الجزائريين ما يفوق 20 مليار يورو، (في مجال الفندقة والمطاعم). ووظفت ألمانيا في الفترة الأخيرة أكثر من 300 جزائري في مجال الإعلام الآلي وحده.
والأخطر من كل ذلك أن الهجرة في الجزائر لم تعد ظاهرة مقتصرة على فئة اجتماعية بعينها، بل أصبحت تطلعا اجتماعيا لمختلف الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية، لتصبح البلاد في مقدمة الدول الطاردة لمواطنيها بعد أن كانت في صدارة الدول الطاردة لكفاءاتها، وذلك بسبب الاضطراب الاجتماعي والسياسي والأمني والفشل الذي منيت به التجربة الديموقراطية وانسداد الآفاق في وجه المواطنين وشعورهم بالغربة في وطنهم جراء الإقصاء والتهميش وسيطرة الأقلية على مقدرات البلاد وخيراتها وثرواتها، بالإضافة الى انتشار الفقر والمعاناة وتدني مستوى المعيشة إلى درجات لم تسجل في تاريخ الجزائر المستقلة.
«الجزائر على رأس الدول العربية المصدرة أو الطاردة للكفاءات».. هذا ما تؤكده إدارة السياسات السكانية والهجرة في القطاع الاجتماعي التابعة لجامعة الدول العربية، في تقاريرها الحديثة التي أشارت الى أن أكثر من 215 ألف كفاءة علمية قد هجرت الجزائر في الآونة الأخيرة، متقدمة بفارق كبير على أول ملاحقيها يقدر بـ 8 آلاف كفاءة. إلا أن الجزائر تأتي، من ناحية المردود المالي من العملة الصعبة، والاستفادة من تحويلات مهاجريها، في المرتبة الثالثة بعد المغرب ومصر بما يربو على مليارين ونصف مليار دولار.
هجرة الكفاءات الجزائرية ليست ظاهرة جديدة، لكنها تفاقمت في عشرية الأزمة الدموية التي عرفت فيها الجزائر نزفا كبيرا لأصحاب الكفاءات الذين فضلوا الهروب من جحيم الوطن. فأمام تزايد وتيرة العنف عظمت مأساة الجزائريين الذين ظلوا يقاومون التهميش والإقصاء وسوء التقدير، ويعانون البطالة بكل أنواعها: التقنية والعادية والمقنعة، ولم يعد أمامهم من مخرج سوى الهجرة نحو الضفة الشمالية للمتوسط.
كان الرئيس الجزائري قد أشار في أكثر من مرة إلى خطورة هذه الظاهرة التي تنسف جهود الوطن في تكوين أبنائه والاستفادة من كفاءاتهم، إذ يهاجرون لتستفيد منهم الدول المتقدمة مجانا ومن دون أي عناء. واتخذ بعض الإجراءات للحد من هذا النزف، كان على رأسها وقف منح التكوين في الخارج، وإصدار أوامر للحكومة بإعداد برنامج عاجل ومتكامل للقضاء على الظاهرة، وإقناع الراغبين في الهجرة بجدوى البقاء في الوطن.
لكن الواقع لا يزال يشير إلى تدافع الجزائريين على السفارات الأجنبية. فالجزائر تصرف حوالي 100 ألف دولار لتكوين كفاءة وطنية واحدة، مما كبدها خسائر هائلة جراء الهجرة الجماعية نحو الخارج. وقدر المجلس الاجتماعي والاقتصادي، وهو هيئة استشارية رسمية، أن هذه الظاهرة كلفت الدولة ما يزيد على 40 مليار دولار خلال الخمس سنوات الأولى للأزمة الدامية (96/92). وتذهب بعض التقديرات والاستنتاجات الى التأكيد ان خسارة الجزائر تصل إلى 100 مليار دولار مع بداية عام 2000، خصوصا إذا أضفنا إلى ذلك ما يترتب على الاعتماد على الكفاءات الأجنبية التي عادة ما تتقاضى أجرا يفوق ثلاثة أو أربعة أضعاف ما تتقاضاه الكفاءة الوطنية.
عرفت ظاهرة هجرة الأدمغة عدة مراحل ترتبط ارتباطا وثيقا بالتطورات التي عرفتها البلاد. ففي الفترة التي تلت الاستقلال كانت وجهة الكفاءات الأساسية فرنسا وبلجيكا نظرا لارتباطات ثقافية ولغوية وحتى تجارية. وكان الدافع إليها إيجاد ظروف عمل مواتية أكثر، وشروط راحة أكثر من تلك المتوافرة في بلد خرج لتوه من حرب مدمرة مروعة لأكثر من سبع سنوات، واستعمار بغيض دام قرابة قرن ونصف قرن. ولم تكن البطالة أو الراتب وراء الهجرة على اعتبار أن الدينار كان أقوى من الفرنك أو يساويه في أسوا الظروف.
في البدء كان الأطباء
ابتداء من أواخر السبعينات إلى منتصف الثمانينات من القرن الماضي بدأت وجهة الجزائريين تتغير وتتنوع باتجاه بقية الدول الأوروبية ثم أميركا فبريطانيا وكندا. وبدأت الدوافع تتغير، إذ برزت ظاهرة عدم تقدير الكفاءات ووضعها في أماكن لا تتماشى وتخصصاتها أو تعيينها في مكاتب من دون أي مهام، أو وضعها تحت إمرة مسؤولين أميين لا خبرة لهم ولا كفاءة ولا تأهيل وصلوا إلى مناصب المسؤولية بالمحاباة أو المحسوبية أو الأقدمية.
في الأثناء بلغت مظاهر تهميش الكفاءات وإقصائهم وتيئيسهم من الوضع ذروتها. فلم يعد غريبا أن تجد مديرا للصحة لا يفقه في الصحة شيئا، ويدير شؤون الصحة في الولاية (المحافظة)، أو مديرا لمستشفى محدود المستوى العلمي يتحكم في أطباء وأساتذة وجراحين، ومديرا للشؤون الدينية لا علاقة له بالدين لا من قريب ولا من بعيد، يتقعر على الأئمة والدعاة وخريجي الجامعات، ومديرا لشركة كبيرة لم تطأ قدمه المدرسة يسيّر المهندسين والمعماريين والميكانيكيين، وما إلى ذلك من الأمثلة.
هذا المنعطف كان له الأثر الكبير في توسيع مساحة الراغبين في الهجرة من الكفاءات، فارتفعت نسبة هجرة الأدمغة نحو أوروبا وأميركا اللاتينية بشكل ملحوظ. وبالموازاة تفشت الهجرة في بداية الأمر بين الأطباء والتعليم والبحث العلمي، ثم انتقلت إلى مجال الإعلام الآلي والهندسة بمختلف تخصصاتها، وتفاقمت أكثر بسبب الإجراءات البيروقراطية وغياب سياسة وطنية لاستيعاب الجامعيين والمتخرجين، واستسلام المنظومة الاقتصادية للطرق البالية، أو ما سماه الاتحاد البرلماني العربي، في مؤتمره العاشر في الخرطوم (11 فبراير 2002)، «انعدام التوازن في النظام التعليمي، أو فقدان الارتباط بين أنظمة التعليم ومشاريع التنمية».
الهجرة بأي ثمن
انطلاقا من النصف الثاني من الثمانينات، عرفت هجرة الأدمغة في الجزائر قفزة نوعية رهيبة طالت كل التخصصات من دون استثناء، سواء العاملين منهم أو العاطلين عن العمل. في هذه الفترة عانت الجزائر كثيرا من الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية (عام86)، فشهدت ارتفاع نسب البطالة بين الخريجين، وحدوث شرخ اجتماعي كبير انفجرت فيه الطبقة الوسطى وتهاوت إلى درجات الفقر والفاقة. وبدأت البلاد تدخل في دوامة الندرة والنقص الفادح في السلع، وتجني فشل السياسات والبرامج، وتدخل مرحلة الإفلاس الواسع للمؤسسات والشركات، وتبدأ حملة التسريح الشامل للعمال، ومعها انتشرت ظاهرة النزوح الكبير نحو الخارج هروبا من تدني الظروف الاجتماعية وتدهور مستوى المعيشة.
في هذه الحقبة قفزت البطالة والفقر والبؤس والحرمان إلى مقدمة العوامل الدافعة للهجرة، بحيث أصبح أقصى ما يطمح إليه خريج الجامعة أو المعاهد المتخصصة هو منصب عمل وسقف وزوجة. ثم ما فتئت أن تفاقمت هذه الآفات وازدادت حدة مع انفجار الوضع الأمني عقب وقف المسار الديموقراطي وإلغاء الانتخابات التشريعية في يناير 1992 يوم عرفت البلاد تحولا مفصليا في انتقال هجرة الأدمغة إلى العمل على الهجرة مهما كان الثمن وبأي وسيلة، لتطال حتى الكفاءات التي صنعت مستقبلها في الجزائر وحققت مكتسبات مادية محترمة، فانتقل الكثير منهم بتجارته ونشاطه وأمواله إلى الخارج، هربا من حوادث الاغتيالات التي أصبحت تتربص بالجزائريين.
الفوضى عمت ولم تختف
بعض التقديرات تشير إلى أن عدد المهاجرين الى أوروبا وأميركا في الآونة الأخيرة تجاوز 100 ألف شخص، منهم 10 آلاف باحث قصدوا كبريات الجامعات والمعاهد الأميركية، ليرتفع عدد الكفاءات الجزائرية في أميركا إلى أكثر من 20 ألفا، فيما كشفت وزارة الهجرة الكندية أن الجزائريين احتلوا عام 2006 صدارة قائمة المهاجرين بنسبة 8،10% من أصل 20519 مهاجرا. كما يشير تقرير «الهجرة المتوسطية» الذي مولته المفوضية الأوروبية إلى أن من بين 10 آلاف طبيب أجنبي موجودين في فرنسا هناك 7 آلاف جزائري، بينما بلغ رقم أعمال التجار الجزائريين ما يفوق 20 مليار يورو، (في مجال الفندقة والمطاعم). ووظفت ألمانيا في الفترة الأخيرة أكثر من 300 جزائري في مجال الإعلام الآلي وحده.
والأخطر من كل ذلك أن الهجرة في الجزائر لم تعد ظاهرة مقتصرة على فئة اجتماعية بعينها، بل أصبحت تطلعا اجتماعيا لمختلف الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية، لتصبح البلاد في مقدمة الدول الطاردة لمواطنيها بعد أن كانت في صدارة الدول الطاردة لكفاءاتها، وذلك بسبب الاضطراب الاجتماعي والسياسي والأمني والفشل الذي منيت به التجربة الديموقراطية وانسداد الآفاق في وجه المواطنين وشعورهم بالغربة في وطنهم جراء الإقصاء والتهميش وسيطرة الأقلية على مقدرات البلاد وخيراتها وثرواتها، بالإضافة الى انتشار الفقر والمعاناة وتدني مستوى المعيشة إلى درجات لم تسجل في تاريخ الجزائر المستقلة.