jameela
02-24-2008, 07:00 PM
بعد ثلاثة عقود: ماذا حققت الثورة الإسلامية لإيران؟
هل طبقت تعاليم آية الله الخميني في إيران؟
إيران:هل تشعر بالخطر إزاء العزلة الدولية؟
هل يؤمن الخميني بالعداء لأميركا؟
خوف عربي من التوسع الإيراني
هل ستسهل إيران مهمة انتخاب رئيس لبناني؟
اسم البرنامج: بصراحة
مقدم البرنامج: إيلي ناكوزي
تاريخ الحلقة: الجمعة 22-2- 2008
ضيف الحلقة: السيد حسن الخميني (حفيد الإمام الخميني)
إيلي ناكوزي: أهلاً بكم مشاهدينا في هذا اللقاء الجديد بصراحة يجمعنا هذه المرة من إيران، وبالتحديد من أمام هذه الغرفة، هذه الغرفة المتواضعة التي انطلقت منها آخر ثورات القرن العشرين طبعاً هي الثورة الإسلامية، وهذه الغرفة هي منزل آية الله الإمام الخميني، بأية حال نحن اليوم نلتقى حفيد آية الله حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن الخميني، الأسئلة كثيرة والمواضيع كثيرة تبدأ بمحور داخلي حول أوضاع إيران الداخلية السياسية بما يتعلق بالحريات، بتدخل العسكر والجيش في السلطة والسياسة، بالموضوع الاقتصادي، طبعاً لننطلق من ذلك إلى وضع إيران الإقليمي، الضغوط والعزلة المفروضة اليوم من قبل الغرب على إيران، موضوع الملف النووي، وهل يتوقع سماحة السيد أي ضربة عسكرية قريبة لإيران؟ ماذا عن العلاقة مع دول الخليج؟ هل ما زالت الثورة أو تريد الثورة الإسلامية اليوم تدمير إسرائيل ومحوها عن الخارطة؟ أم هناك اعتراف بأمر واقع ما؟ من سيؤيد سماحة السيد الإصلاحيين أم المحافظين؟ وما هي توقعاته للانتخابات المقبلة والتي تأتي بعد أسبوعين من اليوم كلها أسئلة طبعاً العراق لبنان فلسطين سوريا حزب الله حماس كل هذه المواضيع سنطرح أسئلةً حولها، ودائماً كما قلنا مع حفيد الإمام الخميني السيد حسن الخميني، إلى هذا اللقاء مباشرة. سماحة السيد أولاً اسمح لي أن أشكرك باسمي وباسم فريق العربية على إعطاءنا هذه الفرصة وهذا الوقت، في وقت تمر المنطقة العربية في هواجس خطيرة فشكراً لك أولاً، وأرحب بك في برنامج بصراحة.
بعد ثلاثة عقود: ماذا حققت الثورة الإسلامية لإيران؟
بالحقيقة يأتي هذا اللقاء بعد ثلاثة عقود على انتصار الثورة، والأسئلة كثيرة حول ماذا حققت هذه الثورة؟ هل نجحت بالمطلق؟ أو فشلت بالمطلق؟ كيف اقترن مفهوم الدولة بالثورة اليوم؟
حسن الخميني: بسم الله الرحمن الرحيم. إنني بدوري أشكرك على مجيئك إلى طهران، وأرجو أن يكون هذا البرنامج برنامجاً جيداً ومفيداًَ، وأن يكون مفيداً للمتلقين والمشاهدين، إن ما أشرت إليه حول علاقة الدولة بالثورة بعد مضي ثلاثة عقود من انتصار الثورة يبدو لي أن علينا أن نبدأ الحوار من مكانٍ آخر، أساساً إن الثورات تنقسم إلى ثلاثة أقسام، هناك ثلاثة أنواع من الثورات، بعض الثورات ثورات سياسية بحتة بمفهومٍ أنها تغيّر الحكم، وعلى سبيل المثال يمكن أن نذكر الثورة الدستورية في إيران التي أطاحت بنظام بالنظام الملكي المطلق قبل 120 سنة وحولته حولت النظام من الملكي الاستبداي إلى النظام الدستوري، وبعض الثورات هي من هذا النوع أي أنها تغيّر الأنظمة السياسية، البعض الآخر إضافةً إلى تغيير الأنظمة السياسية تقوم بتغيير أو تحدث تغييراً في الشؤون الاجتماعية والقضايا الاجتماعية، ولذلك تسمى بالثورات الاجتماعية، أي أن النسيج الاجتماعي للدول وللبلدان تتغيّر على إثر هذه الثورات، أي أنه في هذه الثورات الاجتماعية يتم تغيير المؤسسات الاجتماعية للمجتمع، ويمكن أن نضرب على سبيل المثال مثلاً الثورة الفرنسية أو الثورة الأميركية أو الثورة البلشفية في روسيا أي لأنها كانت ثورات سياسية وأيضاً كانت ثورات اجتماعية في نفس الوقت، حيث غيرت الطبقات الاجتماعية بشكلٍ كامل، النوع الثالث من الثورات وهي الثورات التاريخية الثورات التي لها رسالة عبر التاريخ هذه الثورات تأتي وتحصل لإيجاد تغييرات خارج نطاق الجغرافيا والتاريخ والزمن في العالم، هذه الثورات يمكن أن نضرب كمثل الثورة الفرنسية أي إذ أنها كانت إضافة إلى أنها كانت ثورة سياسية وغيرت النظام نظام الحكم إلى نظامٍ جمهوري وإضافةً إلى أنها كانت ثورة اجتماعية وأحدثت تغييرات جذرية في الطبقات الاجتماعية طبقة النبلاء طبقة الضعفاء أيضاً كانت تتضمن رسالةً للتاريخ وهي طرح مفاهيم حصلت في هذه الثورة، مفهوم الديمقراطية، مفهوم النظام الجمهوري، أو مثلاً الثورة الأميركية نلاحظ بأنها تطرح مفهوم الحريات والليبرالية، إضافةً إلى كونها ثورةً سياسيةً وقد تعممت هذه المفاهيم وخرجت الحدود الأميركية لتنتقل إلى العالم، أيضاً الثورة البلشفية أو ثورة الاتحاد السوفيتي أوجدت نظاماً سياسياً خاصاً أطاحت بالنظام الملكي وأيضاً حصلت تغييرات جذرية اجتماعية وحصل تغيير في الطبقات الاجتماعية لكن كانت تحمل رسالة إلى العالم وهي رسالة النظام الاشتراكي، إنني أتصور بأن الثورة الإسلامية في إيران بأن هذه الثورة كانت تحمل خصائص كل هذه الثورات الثلاث قبل ثلاثة عقود، حيث انتصرت الثورة أطاحت بالنظام الملكي وحولت النظام الحاكم في إيران إلى نظام جمهوري، بالإضافة إلى ذلك إنها أحدثت تغييرات في النظام الاجتماعي والطبقات الاجتماعية في بلدنا، وأيضاً كانت رسالة هذه الثورة للتاريخ وخارج نطاق الجغرافيا والتاريخ أيضاً وكانت هذه الرسالة رسالة الإسلام أو بتعبير أفضل رسالة التدين والتوجه نحو المعنويات والقيم الروحية، إذا حصرنا الثورة في الثورات السياسية من ضمن الثورات السياسية والاجتماعية يمكن أن نقول بأن هذه الثورة حصلت انتصرت في 1979 وربما انتهت بعد عدة سنوات لأنها أقامت نظاماً سياسياً في حدود إيران، لكنني أرى بأن الثورة الإسلامية في إيران تختلف عن الثورات السياسية برسالتها التاريخية، وإنها بدأت ربما نستطيع أن نقول أنه بدأت قبل عدة سنين برسالتها التاريخية هذه، أنت لو تلاحظ الأراضي والبلدان الإسلامية ترى بأنه قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران لم يكن الوضع.. لم تكن هذه التيارات في فلسطين، كانت هناك تيارات قومية أو شعبية أو مثلاً في الأراضي.. البلدان الإسلامية الأخرى لم تكن هناك التيارات الإسلامية أو كانت تيارات ضعيفة، لكنه بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران ترون أن الحركات تتحوّل إلى حركات إسلامية ومعنوية، حتى لا أكون متحدثاً لوحدي ويمكن لك أن تطرح الأسئلة أقول بأن تنامي القيم الروحية والمعنوية بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وتحوّل إلى عودة القيم الروحية والمعنوية إلى العالم، ولذلك أقول بأنه إذا تتطرقنا إلى مفهوم الدولة إن العلاقة بين الدولة والثورة السياسية والاجتماعية إذا أردنا ذلك إن الدولة قد تأسست بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، تلك الثورة التي كانت ثورة سياسية واجتماعية وقد انتهت تلك الفترة أو نضجت وليست في المرحلة الأولى، ولكن إذا ألقينا النظر إلى الثورة التاريخية للشعب الإيراني فإن هذه الثورة ثورة عالمية لها رسالة عالمية تحمل رسالة عالمية وهي العودة إلى القيم الدينية والمعنوية.
هل طبقت تعاليم آية الله الخميني في إيران؟
إيلي ناكوزي: سماحة السيد من هنا يأتي السؤال يعني وأطرح هذا السؤال على سماحتكم كونك حفيد آية الله، وعندما نتكلم عن الثورة وعن الدولة هل طبقت تعاليم آية الله الخميني فيما يتعلق بالحريات بكفالة الحريات السياسية التعددية الحزبية عدم تدخل الجيش والعسكر في السياسة كما صرحت منذ أسبوع، وهذا ما أثار الكثير من الأقاويل وهنا ما كنت أقصد بتعاليم الثورة وتعاليم الإمام الخميني؟ هل طبقت أم هل هناك تفلت من بعض هذه المبادئ في إيران اليوم؟
حسن الخميني: على أي حال إن هذا السؤال هو من الأسئلة الجادة الجدية، أي إننا بعد انتصار الثورة الإسلامية قمنا بصياغة الدستور، وإن الشعب الإيراني ضمن عقد اجتماعي وافق على أن يكون الدستور محوراً لحياتهم، وأيضاً المجتمع الإيراني بسبب محبته للإمام الراحل طبعاً كان يرغب وما زال يرغب بأن تعمم تعاليم الإمام وفكر الإمام في المجتمع، هذه هي حقيقة أي أن علينا أن دائماً أن نتحرك إلى المطلوب في هذا المجال، وإلى تعميم جميع الصفات الحميدة في مجتمعنا الإسلامي، ليس من المهم أنه ما هي الخطوات التي بقيت على الطريق، الأهم من ذلك هي أن علينا أن نتحرك في هذا الاتجاه، وحينما نصل إلى القمة فإن ذلك يعني بأنه ستبدأ فترة السقوط، علينا أن لا نكون راضين عن وضع مجتمعنا بشكلٍ مطلقٍ وليس هناك أحد له الشجاعة وله الصلاحية لأن يقول بأن الوضع الحالي في الحكومة في أي حكومة ما هو وضع مطلوب أم لا، المهم هو أننا هل نحن في هذا الطريق؟ وهل بالسرعة المطلوبة نتحرك نحو تحقيق هذه الأهداف؟ أم لا؟ هناك شعر إيراني يقول: بأننا كالموج إذا استقر هذا الموج وتوقف عن التحرك فإنه سيكون بمعنى الموت، لذلك إن علينا دائماً أن نتحرك بهذا الاتجاه وأن لا نكون نرضى عن وضعنا الحالي 100%، إنني أشعر بأننا في الكثير من الشعارات التي طرحت في أول في أوائل انتصار الثورة الإسلامية والأهداف السامية التي تبلورت وتجسدت في الدستور حققنا الكثير من النجاح، أنتم يمكن أن تلاحظوا بأننا حققنا الاستقلال السياسي للبلاد قبل انتصار الثورة، القرارات التي كانت تتخذ في هذه البلاد كانت بتأثيرٍ من الدول الخارجية، حتى ترك إيران من قِبل الشاه قبيل انتصار الثورة كان بعد استشارة أو بأمرٍ من سفراء أميركا وبريطانيا في طهران، وأيضاً الحكومات المتتالية كانت تأتي وتذهب بتأثيرٍ من الحكومات الخارجية في فترة النفوذ الروسي أو البريطاني أو بعد ذلك في فترة النفوذ الأميركي، أيضاً في مجال الاستقراء الاستقلال الاقتصادي رغم الحرب العدوانية التي فُرضت علينا حققنا الكثير من النجاحات في المجال الزراعي والصناعي، وأيضاً في مجال العلوم الجديدة والراقية جداً كالتقنية الفنية والننوتكنولوجيا وأيضاً العلوم المتعلقة والتقنيات المتعلقة بالجوانب الطبية حققنا الكثير من التطورات، وأنا أعتقد بأن علينا أن نخطو خطوات أكبر في المجال الاقتصادي، وعلينا أن نسرع في هذا المجال لأن تحركنا لا يتطابق سرعته مع شخصية الشعب الإيراني ومع هوية هذا الشعب في مجال الحريات إنني أتصوّر بأنه بالمقارنة مع فترة قبل انتصار الثورة إذا لاحظنا حياة هذا الشعب لا يمكن أن نقوم بمقارنة، إن مجتمعنا مجتمع حر وأيضاً بالنسبة لأقراننا في منطقة الشرق الأوسط أو في قارة آسيا نحن نتمتع بحرياتٍ جيدة جداً في هذه البلاد، طبعاً هناك بعض المشاكل في بعض النقاط وإنني أتصور بأننا نتحرك باتجاهٍ جيد، إن مجتمعنا مجتمع في حال النمو ومجتمع حيوي، وإن حركتنا بهذا الاتجاه حركة مقبولة ويمكن أن ندافع عنها.
إيلي ناكوزي: نعم. نتابع ولكن أريد أن أتوقف مع فاصل قصير استراحة قصيرة، ونتابع هذا اللقاء الشيّق معك سماحة السيد.
[فاصل إعلاني]
إيران:هل تشعر بالخطر إزاء العزلة الدولية؟
إيلي ناكوزي: سماحة السيد يعني تتكلم سماحتك عن استقلال سياسي وعن إنجازات حققتها الثورة، ولكن هناك من يقول اليوم أن إيران في خطر، إيران في عزلة، إيران في تحدي مع المجتمع الدولي بسبب الملف النووي وملفات أخرى، هل ألا تشعر بالخطر على إيران من هذه العزلة من العداء الغربي باتجاه إيران وحتى عِداء بعض العربي غير المُعلن اتجاه إيران اليوم؟
حسن الخميني: على أي حال إن الاستقلال له تكاليفه طبعاً، لا يمكن لأحد في هذا العالم أن يحصل على شيء من دون ثمن، إذا أراد شعبٌ أن يقف على أرجله فمن الطبيعي إن ذلك لن يستحسنه الكثير، وربما يضطر هذا الشعب أن يدفع الثمن ثمن مقاومته واستقامته وصموده، إنني أعتقد بأن التقنية النووية أو الصمود العلمي للشعب الإيراني من القضايا التي يمكن أن نتعامل معها وفقاً للقانون وليس وفقاً لما يتصوره الآخر أو يطرح عبر الإعلام العالمي والأكاذيب التي تطرح حول هذا العالم، إذا كان هناك أي مخالفة للقوانين والتشريعات الدولية في هذا الملف تلك المخالفات التي يتخذ العالم منها مواقف سلبية يمكن أن نناقش ذلك، لكن حينما يقول السيد البرادعي في تقاريره وفي بياناته بأنه ليس هناك مخالفة جادة في هذا المجال لا يمكن أن نصدر الحكم ضد أي شعبٍ على أساس الظن، ولا يمكن أن نحكم على هذا الشعب في تقرير مصيره بهذا الشكل، إنني أقول لكم بأن الصمود والاستقلال السياسي والعلمي لهذه البلاد من الأمور التي يؤمن بها جميع أبناء الشعب الإيراني، وإنني أتصور وإنني أؤمن بأن الشعب يدفع الثمن الذي عليه في هذا المجال، طبعاً من الطبيعي أنه هناك أخطار خارجية تحدق بشعبنا أو حالة من العزلة التي تقول هذا كله شيء مُر لا يرحب أي شعب بالخطر، لا يفتح أي شعب الصدر للعزلة ولقبول هذه الأخطار، لكن علينا أن نقول بأن الثمن الذي كلفنا هذا الأمر بالمقابل: ماذا حصلنا عليه؟ إن الذي حصلنا عليه الاستقلال والهوية والشخصية لهذا الشعب والمستقبل، ولذلك إنني أعتقد بأن هذا الثمن جيد لقبول هذه الأخطار.
إيلي ناكوزي: هناك إجماع إيراني وأنا التقيت الرئيس أحمدي نجاد والتقيت السيد هاشمي رفسنجاني وها أنا اليوم للمرة الثالثة في إيران ألتقي وهذا شرف لي وللبرنامج، هناك إجماع على الإصرار على أن لإيران حق في هذا الملف النووي، ولكن في سياسات الدول الكبرى والعظمى قد يعني يُدفع الثمن غالياً، هل إيران مستعدة أو يجب أن تكون مستعدة لأن تدفع ثمن هذا الملف ضربةً عسكريةً مثلاً ضخمة كما يقال قد تقلب الأشياء رأساً على عقب في المنطقة وفي إيران تحديداً، وستكلف إيران يعني ثمناً غالياً جداًَ.
حسن الخميني: أولاً إذا كان الأمر، إذا كان هناك هجوم عسكري فإن ليس إيران هي التي ستدفع الثمن إنما المهاجمين أيضاً سيدفعون الثمن، وإنني أتصور بأن كل من يساعد المهاجمين فإنه سيدفع الثمن، وإن كل من يشجعهم أيضاً سيدفع الثمن، لكن إننا نشعر في إيران بأن المعارضين وأعداء الثورة وأعداء إيران لن يرتكبوا هذه الحماقة ولم يقوموا بهجومٍ عسكري ضد إيران لأن الثمن سيكون مكلفاً وباهظاً جداً بالنسبة لهم، لكن أرجع وأعود إلى ما قلته أولاً أي أنه على أي حال إذا أردت أن تخطو خطوةً في طريقٍ مشرّف وطويل فعليك أن تدفع الثمن، إذا دار الأمر أن نخاف من تحذيرات المعارضين أو مخالفتهم فعلينا أن نعتزل في مكانٍ أو في زاويةٍ ونعيش حياة العزلة من أجل إيجاد تجديد المجد، ومن أجل الوقوف على الأرجل من المسلّم أن علينا أن تكون إرادتنا إرادة جبارة وكبيرة وإنني أرى ذلك في المسؤولين والشعب الإيراني.
هل طبقت تعاليم آية الله الخميني في إيران؟
إيران:هل تشعر بالخطر إزاء العزلة الدولية؟
هل يؤمن الخميني بالعداء لأميركا؟
خوف عربي من التوسع الإيراني
هل ستسهل إيران مهمة انتخاب رئيس لبناني؟
اسم البرنامج: بصراحة
مقدم البرنامج: إيلي ناكوزي
تاريخ الحلقة: الجمعة 22-2- 2008
ضيف الحلقة: السيد حسن الخميني (حفيد الإمام الخميني)
إيلي ناكوزي: أهلاً بكم مشاهدينا في هذا اللقاء الجديد بصراحة يجمعنا هذه المرة من إيران، وبالتحديد من أمام هذه الغرفة، هذه الغرفة المتواضعة التي انطلقت منها آخر ثورات القرن العشرين طبعاً هي الثورة الإسلامية، وهذه الغرفة هي منزل آية الله الإمام الخميني، بأية حال نحن اليوم نلتقى حفيد آية الله حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن الخميني، الأسئلة كثيرة والمواضيع كثيرة تبدأ بمحور داخلي حول أوضاع إيران الداخلية السياسية بما يتعلق بالحريات، بتدخل العسكر والجيش في السلطة والسياسة، بالموضوع الاقتصادي، طبعاً لننطلق من ذلك إلى وضع إيران الإقليمي، الضغوط والعزلة المفروضة اليوم من قبل الغرب على إيران، موضوع الملف النووي، وهل يتوقع سماحة السيد أي ضربة عسكرية قريبة لإيران؟ ماذا عن العلاقة مع دول الخليج؟ هل ما زالت الثورة أو تريد الثورة الإسلامية اليوم تدمير إسرائيل ومحوها عن الخارطة؟ أم هناك اعتراف بأمر واقع ما؟ من سيؤيد سماحة السيد الإصلاحيين أم المحافظين؟ وما هي توقعاته للانتخابات المقبلة والتي تأتي بعد أسبوعين من اليوم كلها أسئلة طبعاً العراق لبنان فلسطين سوريا حزب الله حماس كل هذه المواضيع سنطرح أسئلةً حولها، ودائماً كما قلنا مع حفيد الإمام الخميني السيد حسن الخميني، إلى هذا اللقاء مباشرة. سماحة السيد أولاً اسمح لي أن أشكرك باسمي وباسم فريق العربية على إعطاءنا هذه الفرصة وهذا الوقت، في وقت تمر المنطقة العربية في هواجس خطيرة فشكراً لك أولاً، وأرحب بك في برنامج بصراحة.
بعد ثلاثة عقود: ماذا حققت الثورة الإسلامية لإيران؟
بالحقيقة يأتي هذا اللقاء بعد ثلاثة عقود على انتصار الثورة، والأسئلة كثيرة حول ماذا حققت هذه الثورة؟ هل نجحت بالمطلق؟ أو فشلت بالمطلق؟ كيف اقترن مفهوم الدولة بالثورة اليوم؟
حسن الخميني: بسم الله الرحمن الرحيم. إنني بدوري أشكرك على مجيئك إلى طهران، وأرجو أن يكون هذا البرنامج برنامجاً جيداً ومفيداًَ، وأن يكون مفيداً للمتلقين والمشاهدين، إن ما أشرت إليه حول علاقة الدولة بالثورة بعد مضي ثلاثة عقود من انتصار الثورة يبدو لي أن علينا أن نبدأ الحوار من مكانٍ آخر، أساساً إن الثورات تنقسم إلى ثلاثة أقسام، هناك ثلاثة أنواع من الثورات، بعض الثورات ثورات سياسية بحتة بمفهومٍ أنها تغيّر الحكم، وعلى سبيل المثال يمكن أن نذكر الثورة الدستورية في إيران التي أطاحت بنظام بالنظام الملكي المطلق قبل 120 سنة وحولته حولت النظام من الملكي الاستبداي إلى النظام الدستوري، وبعض الثورات هي من هذا النوع أي أنها تغيّر الأنظمة السياسية، البعض الآخر إضافةً إلى تغيير الأنظمة السياسية تقوم بتغيير أو تحدث تغييراً في الشؤون الاجتماعية والقضايا الاجتماعية، ولذلك تسمى بالثورات الاجتماعية، أي أن النسيج الاجتماعي للدول وللبلدان تتغيّر على إثر هذه الثورات، أي أنه في هذه الثورات الاجتماعية يتم تغيير المؤسسات الاجتماعية للمجتمع، ويمكن أن نضرب على سبيل المثال مثلاً الثورة الفرنسية أو الثورة الأميركية أو الثورة البلشفية في روسيا أي لأنها كانت ثورات سياسية وأيضاً كانت ثورات اجتماعية في نفس الوقت، حيث غيرت الطبقات الاجتماعية بشكلٍ كامل، النوع الثالث من الثورات وهي الثورات التاريخية الثورات التي لها رسالة عبر التاريخ هذه الثورات تأتي وتحصل لإيجاد تغييرات خارج نطاق الجغرافيا والتاريخ والزمن في العالم، هذه الثورات يمكن أن نضرب كمثل الثورة الفرنسية أي إذ أنها كانت إضافة إلى أنها كانت ثورة سياسية وغيرت النظام نظام الحكم إلى نظامٍ جمهوري وإضافةً إلى أنها كانت ثورة اجتماعية وأحدثت تغييرات جذرية في الطبقات الاجتماعية طبقة النبلاء طبقة الضعفاء أيضاً كانت تتضمن رسالةً للتاريخ وهي طرح مفاهيم حصلت في هذه الثورة، مفهوم الديمقراطية، مفهوم النظام الجمهوري، أو مثلاً الثورة الأميركية نلاحظ بأنها تطرح مفهوم الحريات والليبرالية، إضافةً إلى كونها ثورةً سياسيةً وقد تعممت هذه المفاهيم وخرجت الحدود الأميركية لتنتقل إلى العالم، أيضاً الثورة البلشفية أو ثورة الاتحاد السوفيتي أوجدت نظاماً سياسياً خاصاً أطاحت بالنظام الملكي وأيضاً حصلت تغييرات جذرية اجتماعية وحصل تغيير في الطبقات الاجتماعية لكن كانت تحمل رسالة إلى العالم وهي رسالة النظام الاشتراكي، إنني أتصور بأن الثورة الإسلامية في إيران بأن هذه الثورة كانت تحمل خصائص كل هذه الثورات الثلاث قبل ثلاثة عقود، حيث انتصرت الثورة أطاحت بالنظام الملكي وحولت النظام الحاكم في إيران إلى نظام جمهوري، بالإضافة إلى ذلك إنها أحدثت تغييرات في النظام الاجتماعي والطبقات الاجتماعية في بلدنا، وأيضاً كانت رسالة هذه الثورة للتاريخ وخارج نطاق الجغرافيا والتاريخ أيضاً وكانت هذه الرسالة رسالة الإسلام أو بتعبير أفضل رسالة التدين والتوجه نحو المعنويات والقيم الروحية، إذا حصرنا الثورة في الثورات السياسية من ضمن الثورات السياسية والاجتماعية يمكن أن نقول بأن هذه الثورة حصلت انتصرت في 1979 وربما انتهت بعد عدة سنوات لأنها أقامت نظاماً سياسياً في حدود إيران، لكنني أرى بأن الثورة الإسلامية في إيران تختلف عن الثورات السياسية برسالتها التاريخية، وإنها بدأت ربما نستطيع أن نقول أنه بدأت قبل عدة سنين برسالتها التاريخية هذه، أنت لو تلاحظ الأراضي والبلدان الإسلامية ترى بأنه قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران لم يكن الوضع.. لم تكن هذه التيارات في فلسطين، كانت هناك تيارات قومية أو شعبية أو مثلاً في الأراضي.. البلدان الإسلامية الأخرى لم تكن هناك التيارات الإسلامية أو كانت تيارات ضعيفة، لكنه بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران ترون أن الحركات تتحوّل إلى حركات إسلامية ومعنوية، حتى لا أكون متحدثاً لوحدي ويمكن لك أن تطرح الأسئلة أقول بأن تنامي القيم الروحية والمعنوية بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وتحوّل إلى عودة القيم الروحية والمعنوية إلى العالم، ولذلك أقول بأنه إذا تتطرقنا إلى مفهوم الدولة إن العلاقة بين الدولة والثورة السياسية والاجتماعية إذا أردنا ذلك إن الدولة قد تأسست بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، تلك الثورة التي كانت ثورة سياسية واجتماعية وقد انتهت تلك الفترة أو نضجت وليست في المرحلة الأولى، ولكن إذا ألقينا النظر إلى الثورة التاريخية للشعب الإيراني فإن هذه الثورة ثورة عالمية لها رسالة عالمية تحمل رسالة عالمية وهي العودة إلى القيم الدينية والمعنوية.
هل طبقت تعاليم آية الله الخميني في إيران؟
إيلي ناكوزي: سماحة السيد من هنا يأتي السؤال يعني وأطرح هذا السؤال على سماحتكم كونك حفيد آية الله، وعندما نتكلم عن الثورة وعن الدولة هل طبقت تعاليم آية الله الخميني فيما يتعلق بالحريات بكفالة الحريات السياسية التعددية الحزبية عدم تدخل الجيش والعسكر في السياسة كما صرحت منذ أسبوع، وهذا ما أثار الكثير من الأقاويل وهنا ما كنت أقصد بتعاليم الثورة وتعاليم الإمام الخميني؟ هل طبقت أم هل هناك تفلت من بعض هذه المبادئ في إيران اليوم؟
حسن الخميني: على أي حال إن هذا السؤال هو من الأسئلة الجادة الجدية، أي إننا بعد انتصار الثورة الإسلامية قمنا بصياغة الدستور، وإن الشعب الإيراني ضمن عقد اجتماعي وافق على أن يكون الدستور محوراً لحياتهم، وأيضاً المجتمع الإيراني بسبب محبته للإمام الراحل طبعاً كان يرغب وما زال يرغب بأن تعمم تعاليم الإمام وفكر الإمام في المجتمع، هذه هي حقيقة أي أن علينا أن دائماً أن نتحرك إلى المطلوب في هذا المجال، وإلى تعميم جميع الصفات الحميدة في مجتمعنا الإسلامي، ليس من المهم أنه ما هي الخطوات التي بقيت على الطريق، الأهم من ذلك هي أن علينا أن نتحرك في هذا الاتجاه، وحينما نصل إلى القمة فإن ذلك يعني بأنه ستبدأ فترة السقوط، علينا أن لا نكون راضين عن وضع مجتمعنا بشكلٍ مطلقٍ وليس هناك أحد له الشجاعة وله الصلاحية لأن يقول بأن الوضع الحالي في الحكومة في أي حكومة ما هو وضع مطلوب أم لا، المهم هو أننا هل نحن في هذا الطريق؟ وهل بالسرعة المطلوبة نتحرك نحو تحقيق هذه الأهداف؟ أم لا؟ هناك شعر إيراني يقول: بأننا كالموج إذا استقر هذا الموج وتوقف عن التحرك فإنه سيكون بمعنى الموت، لذلك إن علينا دائماً أن نتحرك بهذا الاتجاه وأن لا نكون نرضى عن وضعنا الحالي 100%، إنني أشعر بأننا في الكثير من الشعارات التي طرحت في أول في أوائل انتصار الثورة الإسلامية والأهداف السامية التي تبلورت وتجسدت في الدستور حققنا الكثير من النجاح، أنتم يمكن أن تلاحظوا بأننا حققنا الاستقلال السياسي للبلاد قبل انتصار الثورة، القرارات التي كانت تتخذ في هذه البلاد كانت بتأثيرٍ من الدول الخارجية، حتى ترك إيران من قِبل الشاه قبيل انتصار الثورة كان بعد استشارة أو بأمرٍ من سفراء أميركا وبريطانيا في طهران، وأيضاً الحكومات المتتالية كانت تأتي وتذهب بتأثيرٍ من الحكومات الخارجية في فترة النفوذ الروسي أو البريطاني أو بعد ذلك في فترة النفوذ الأميركي، أيضاً في مجال الاستقراء الاستقلال الاقتصادي رغم الحرب العدوانية التي فُرضت علينا حققنا الكثير من النجاحات في المجال الزراعي والصناعي، وأيضاً في مجال العلوم الجديدة والراقية جداً كالتقنية الفنية والننوتكنولوجيا وأيضاً العلوم المتعلقة والتقنيات المتعلقة بالجوانب الطبية حققنا الكثير من التطورات، وأنا أعتقد بأن علينا أن نخطو خطوات أكبر في المجال الاقتصادي، وعلينا أن نسرع في هذا المجال لأن تحركنا لا يتطابق سرعته مع شخصية الشعب الإيراني ومع هوية هذا الشعب في مجال الحريات إنني أتصوّر بأنه بالمقارنة مع فترة قبل انتصار الثورة إذا لاحظنا حياة هذا الشعب لا يمكن أن نقوم بمقارنة، إن مجتمعنا مجتمع حر وأيضاً بالنسبة لأقراننا في منطقة الشرق الأوسط أو في قارة آسيا نحن نتمتع بحرياتٍ جيدة جداً في هذه البلاد، طبعاً هناك بعض المشاكل في بعض النقاط وإنني أتصور بأننا نتحرك باتجاهٍ جيد، إن مجتمعنا مجتمع في حال النمو ومجتمع حيوي، وإن حركتنا بهذا الاتجاه حركة مقبولة ويمكن أن ندافع عنها.
إيلي ناكوزي: نعم. نتابع ولكن أريد أن أتوقف مع فاصل قصير استراحة قصيرة، ونتابع هذا اللقاء الشيّق معك سماحة السيد.
[فاصل إعلاني]
إيران:هل تشعر بالخطر إزاء العزلة الدولية؟
إيلي ناكوزي: سماحة السيد يعني تتكلم سماحتك عن استقلال سياسي وعن إنجازات حققتها الثورة، ولكن هناك من يقول اليوم أن إيران في خطر، إيران في عزلة، إيران في تحدي مع المجتمع الدولي بسبب الملف النووي وملفات أخرى، هل ألا تشعر بالخطر على إيران من هذه العزلة من العداء الغربي باتجاه إيران وحتى عِداء بعض العربي غير المُعلن اتجاه إيران اليوم؟
حسن الخميني: على أي حال إن الاستقلال له تكاليفه طبعاً، لا يمكن لأحد في هذا العالم أن يحصل على شيء من دون ثمن، إذا أراد شعبٌ أن يقف على أرجله فمن الطبيعي إن ذلك لن يستحسنه الكثير، وربما يضطر هذا الشعب أن يدفع الثمن ثمن مقاومته واستقامته وصموده، إنني أعتقد بأن التقنية النووية أو الصمود العلمي للشعب الإيراني من القضايا التي يمكن أن نتعامل معها وفقاً للقانون وليس وفقاً لما يتصوره الآخر أو يطرح عبر الإعلام العالمي والأكاذيب التي تطرح حول هذا العالم، إذا كان هناك أي مخالفة للقوانين والتشريعات الدولية في هذا الملف تلك المخالفات التي يتخذ العالم منها مواقف سلبية يمكن أن نناقش ذلك، لكن حينما يقول السيد البرادعي في تقاريره وفي بياناته بأنه ليس هناك مخالفة جادة في هذا المجال لا يمكن أن نصدر الحكم ضد أي شعبٍ على أساس الظن، ولا يمكن أن نحكم على هذا الشعب في تقرير مصيره بهذا الشكل، إنني أقول لكم بأن الصمود والاستقلال السياسي والعلمي لهذه البلاد من الأمور التي يؤمن بها جميع أبناء الشعب الإيراني، وإنني أتصور وإنني أؤمن بأن الشعب يدفع الثمن الذي عليه في هذا المجال، طبعاً من الطبيعي أنه هناك أخطار خارجية تحدق بشعبنا أو حالة من العزلة التي تقول هذا كله شيء مُر لا يرحب أي شعب بالخطر، لا يفتح أي شعب الصدر للعزلة ولقبول هذه الأخطار، لكن علينا أن نقول بأن الثمن الذي كلفنا هذا الأمر بالمقابل: ماذا حصلنا عليه؟ إن الذي حصلنا عليه الاستقلال والهوية والشخصية لهذا الشعب والمستقبل، ولذلك إنني أعتقد بأن هذا الثمن جيد لقبول هذه الأخطار.
إيلي ناكوزي: هناك إجماع إيراني وأنا التقيت الرئيس أحمدي نجاد والتقيت السيد هاشمي رفسنجاني وها أنا اليوم للمرة الثالثة في إيران ألتقي وهذا شرف لي وللبرنامج، هناك إجماع على الإصرار على أن لإيران حق في هذا الملف النووي، ولكن في سياسات الدول الكبرى والعظمى قد يعني يُدفع الثمن غالياً، هل إيران مستعدة أو يجب أن تكون مستعدة لأن تدفع ثمن هذا الملف ضربةً عسكريةً مثلاً ضخمة كما يقال قد تقلب الأشياء رأساً على عقب في المنطقة وفي إيران تحديداً، وستكلف إيران يعني ثمناً غالياً جداًَ.
حسن الخميني: أولاً إذا كان الأمر، إذا كان هناك هجوم عسكري فإن ليس إيران هي التي ستدفع الثمن إنما المهاجمين أيضاً سيدفعون الثمن، وإنني أتصور بأن كل من يساعد المهاجمين فإنه سيدفع الثمن، وإن كل من يشجعهم أيضاً سيدفع الثمن، لكن إننا نشعر في إيران بأن المعارضين وأعداء الثورة وأعداء إيران لن يرتكبوا هذه الحماقة ولم يقوموا بهجومٍ عسكري ضد إيران لأن الثمن سيكون مكلفاً وباهظاً جداً بالنسبة لهم، لكن أرجع وأعود إلى ما قلته أولاً أي أنه على أي حال إذا أردت أن تخطو خطوةً في طريقٍ مشرّف وطويل فعليك أن تدفع الثمن، إذا دار الأمر أن نخاف من تحذيرات المعارضين أو مخالفتهم فعلينا أن نعتزل في مكانٍ أو في زاويةٍ ونعيش حياة العزلة من أجل إيجاد تجديد المجد، ومن أجل الوقوف على الأرجل من المسلّم أن علينا أن تكون إرادتنا إرادة جبارة وكبيرة وإنني أرى ذلك في المسؤولين والشعب الإيراني.