احمد امين
02-21-2008, 01:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين الى قيام يوم الدين.
قبل البدء لا بد ان ننبه على ان ديدن مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ليس التصدي الى افرادٍ بعينهم وان كانوا يحملون فكراً يُعتقد بحسب النظرة التخصصية انه منحرف.
الا ان ما حصل في العامين الاخيرين وتداعيات الاحداث ومحاولة الترويج والدفع من قبل جهات مغرضة ومعادية لفكر اهل البيت (عليهم السلام) الاصيل استدعى ان نقف وقفة سريعة مع بعض الاشخاص الذين يؤصلون لبيئات منحرفة ويوجدون في نفوس البعض دافعاً قوياً حول تقمص هؤلاء البعض شخصيات عصر الظهور.
ونحن هنا اذ ننبه على ان تقمّص شخصيات عصر الظهور لا يكون الا لاشخاص بعيدين عن المزايدات الشخصية وعن شخصنة القضية المهدوية واحتكارها، هذا اذا قلنا ان هؤلاء الاشخاص يتمتعون بخصوصيات تُلزم القواعد الجماهيرية باتباعهم وهذا ما لا يثبت بدليل معتبر عن اهل البيت (عليهم السلام) فضلاً عن انه يشغل اتباع هذه المدرسة المباركة عن الاشتغال بما هو اهم وهو ان يكونوا على قدر المسؤولية المناطة بهم والتي تتثاقل وتتسع مع كثرة التحديات التي اتسعت اطاراتها وتوسعت نطاقاتها بعد مجريات الاحداث الاخيرة وبروز التشيّع كقوة فاعلة في ميزان القوى الدولية.
نحن في هذا المقام نوصي جميع الاخوة المؤمنين تبعاً لما توصيهم به مرجعيتهم الدينية بان من اهم الواجبات عليهم في عصر الغيبة هو ان يكونوا على حذر وتثبت شديد فيما يتعلق بعقيدة اهل البيت (عليهم السلام) في الامام المهدي وسبل الارتباط به.
فان اهل الهوى ومبتدعي الفتن ومتقمصي لباس اهل العلم وممن ينسبون انفسهم الى الدفاع عن مذهب اهل البيت (عليهم السلام) كثيرون جداً,
وهؤلاء في الحقيقة يقتلون الامام المهدي باسم الامام المهدي بل لا يقف دورهم التخريبي والانحرافي عند هذا الحد اذ يتوسع الى ان يكونوا عناصر تهيء لبيئات منحرفة واشخاص ومجتمعات منحرفون وهذا ما سنقف عنده في بحث مستقل ان شاء الله تعالى لاحقاً ان وفقنا الله تعالى لذلك.
الذي نريد ان نقف معه في حديثنا هذا ان هناك بعض الكتب والمقالات سواءً كانت بقصدٍ او بغير قصد اسست لمرحلة ما يحدث في العراق من احداث في الحاضر الراهن بل وما سيحدث, فان الفئات التي شرعت في تطبيق علامات الظهور واستعجلت في ذلك وكانت محل ذم للروايات الواردة عن اهل البيت (عليهم السلام) وفعلت ذلك من غير مراعاة للمنهج كانت هذا الفئات سبباً لعثرتها وعثرة المؤمنين الاخرين بل وكانت سبيلاً للتمهيد لأصحاب النفوس الضعيفة والاغراض الباطلة لاستغلال ذلك.
فان اهل الاهواء والذين يرفعون رايات الضلال لاجتذاب فريقاً من البسطاء والسذج يستفيدون من امثال هؤلاء الاشخاص الذين لا يراعون المنهج في تطبيق العلامات فان التطبيق والتوقيت بحسب تتبعنا لم نجد له دليلاً يمكن الاعتماد عليه فالتوقيت ليس بيد الامام نفسه (عجل الله تعالى فرجه) كما أُثر ذلك عنه بل وعن اهل البيت (عليهم السلام) اما التطبيق فيكفي لبطلانه واثبات انحراف من يأخذ به ان جملة كبيرة من العلامات قد طبقت في اكثر من مرة وعلى اكثر من شخص وقد تبيّن بطلان هذا التطبيق في ازمنة مختلفة وان الناظر المطلع على ما وقع وسيقع من ذلك يجد ان ما طبق سابقاُ وبان خطأه يعاد الى تطبيقه من جديد.
ينبغي على الاخوة المؤمنين هنا ان يكونوا بمستوى المسؤولية وبمستوى ان يكونوا زيناً لاهل البيت لا ان يكونوا شيناً وان لا يتبعوا اهوائهم مهما كانت مكانة الاشخاص الذين ينحدرون اليهم في نفوسهم وليستذكروا اقوال اهل البيت (عليهم السلام) وتحذيرهم من الشبهة.
ومن بين هذه الكتب التي ألفت في هذا الباب كتاب تحت عنوان اقترب الظهور لعبد محمد حسن اذ يتحدث صاحب هذا الكتاب عن ان كتابه عبارة عن دراسة تتناول احاديث اهل البيت (عليهم السلام) واحداث العالم وتستدل على قرب ظهور الامام المهدي وتؤقت له.
يقول صاحب هذا الكتاب في الصفحة 16 فان كان ولا بد فان التوقيت ممنوعاً عنه فيما مضى ومطلوباً وواجباً في عصرنا هذا عصر تواتر العلامات. وهكذا فانه يمكن استنباط انه اذا تظافرت الاحاديث التي تبشر بظهور الامام وتوالت علاماته كما انبأنا بها الائمة المعصومين فانه لا بد ان يوقت لخروجه الشريف ويستعد لنصرته المؤمنين.
ومن هذا المنطلق عملت على ان يكون هذا الكتاب ترجمة صادقة لاحاديث اهل البيت (عليهم السلام) بعد قراءة متأنية للاحاديث والاحداث السياسية والاجتماعية والثقافية في آن واحد للتأكيد على الاقتراب الشديد لظهوره وصولاً الى التوقيت لمقدمه الشريف في قراءة متظافرة للاحداث والاحاديث انطلاقاً من ان احاديث المعصومين يكمل ويفسر بعضها بعضاً كما يفسر القرآن بعضه بعضاً اللهم عجل هذا الظهور الشريف واشفِ غليلنا به.
ويقول تحت عنوان تاريخ الظهور الشريف والتوقيت في صفحة 167 وفي صفحة 172 وبناءً على ذلك فان تاريخ الظهور هو 10/محرم/1429هـ الموافق بالتقويم الميلادي 19/يناير/2008 ميلادية ولو تحرينا عن يوم 19/يناير لسنة 2008 لوجدناه يصادف يوم السبت وهو ما نصت عليه الروايات الشريفة من ان خروجه سيوافق يوم السبت كالرواية السابقة لابي عبد الله (عليه السلام).
نقول وقبل الوقوف مع بعض ما جاء من مفردات في هذا الكتاب ,ان هذا الشخص الذي ادعى وجوب التوقيت في زماننا خالف بذلك روايات اهل البيت (عليهم السلام) التي تنهى عن التوقيت وتكذب من يوقت اذ ورد في كثير من روايات اهل البيت (عليهم السلام) انهم قالوا أبى الله الا ان يخالف وقت الموقتين وفي رواية اخرى انهم قالوا (عليهم السلام) كذب الوقّاتون وهلك المستعجلون ونجا المسلّمون وفي رواية ثالثة انهم قالوا (عليهم السلام) انما هلك الناس من استعجالهم لهذا الامر ان الله لا يعجل لعجلة العباد.
بحث حول كتاب اقترب الظهور
محاور البحث:
المحور الاول: قراءة في المقدمة والتمهيد.
المحور الثاني: قراءة في الابحاث الواقعة ما بين المقدمة (ص30) وما بين تاريخ الظهور الشريف والتوقيت (ص167).
المحور الثالث: قراءة في بحث تاريخ الظهور الشريف والتوقيت ص167.
البحث الاول: قراءة في المقدمة والتمهيد.
الملاحظة الاولى: إن المنهجية التي يعتمدها صاحب الكتاب منهجية مغلوطة, ومذبذبة بل لا يمكن لنا أن نعبر عنها بالمنهجية باعتبار قيامه بتحليل الروايات دون الرجوع الى الموازين الموضوعة والمحددة من قبل اهل الفن والاختصاص.
الملاحظة الثانية: اعتماد المصنف على المقولة الرائجة عند غير المتخصصين من أن العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء وإن الموقتين للظهور الشريف قد الهموا التسديد والتأييد الالهي.
وهذه مقالة باطلة لما ثبت في محله من أن كل من يدعي التخصص في فن من الفنون دون الاعتماد على أدوات ومناهج ذلك الفن فهوليس بمتخصص, ولا يمكن اعتماد ما يصدر عنه من اقوال, هذا فضلاً عن أن نفس هذه المقولة هي مقولة عامة وغير خاصة بفئة دون فئة ولا تتحقق للشخص الا بعد طي المقدمات.
وفيما يلي بيان في عمومية هذه المقولة وعدم اختصاصها بفئة دون فئة فنقول:
التأييد لغةً هو التقوية على ما حكاه صاحب تاج العروس في مادة أيد وحكاه كذلك صاحب الميزان في تفسير قوله تعالى: (وأيده بروح منه) حيث قال الاخير قوله تعالى: (وأيده بروح منه) على ظاهره يفيد أن للمؤمنين وراء الروح البشرية التي يشترك فيها المؤمن والكافر روحاً اخرى. وهذا ما تؤكده جملة من روايات اهل البيت عليهم السلام, نتلوا بعضاً منها لاحقاً إن شاء الله تعالى.
والذي يظهر لنا من قول العلامة هو شمولية الروح (المسدد) لكل موصوفٍ بالايمان على ما استفيد من ظاهر الاية كما صرح به.
ولمزيد من البيان تعرض مقولة التسديد والتأييد التي يدعيها الكثير ممن يتلبس بفن هذه الابحاث على:
1 _ اقوال اللغويين لفهم المعنى.
2 _ الايات والروايات لكون الموضوع يشتفى منهما, ويستدل بهما على اثباته.
3 _ اقوال العلماء والمفسرين ( المتخصصين).
اولاً: اقوال اللغويين لفهم المعنى.
1 _ قال الجوهري في الصحاح ج7 ص485 التسديد: التوفيق للسداد وهو الصواب والمسدد المقوم والسداد بالفتح الاستقامة والصواب.
3 _ قال سعيد الخوري في اقرب الموارد في الجزء الثاني سدد الرمح قومه، فلاناً وفقه وارشده إلى السداد, أي الصثواب من القول والعمل, وتسدد الشيء استقام.
3 _ قال الراغب الاصفهاني في المفردات ص97 قال اله عز وجل (أيدتك بروح القدس) فعملت من الايد أي القوة الشديدة, وقال تعالى والله يؤيد بنصره من يشاء أي بكثير تأييده. وقال في ص43 والسداد الاستقامة.
ثانياً وثالثاً:
1 _ قال العلامة الطبرسي في مجمع البيان عند تفسير الآية: (وأيدهم بروح منه) أي قواهم بنور الايمان, ويدل عليه قوله تعالى: (أوحينا إليك روحاً من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان) عن الزجاج. وقيل معناه: وقواهم بنور الحجج والبراهين, حتى اهتدوا للحق, وعملوا به, وقيل قواهم بالقرآن الذي هو حياة القلوب من الجهل, وقيل أيدهم بجبرائيل في كثير من المواطن.
2 _ قال محمد بن جرير الطبرسي في جامع البيان في تفسير القرآن: عند تفسير الآية: (وأيدهم بروح منه) يقول: وقواهم ببرهان منه ونور وهدى.
3 _ قال الفخر الرازي في التفسير الكبير عند تفسير الآية: (وأيدهم بروحٍ منه) وفيه قولان: (الأول) قال ابن عباس: نصرهم على عدوهم, وسمى تلك النصرة روحاً لأن بها يحيا أمرهم. (والثاني) قال السدي: الضمير في قوله (منه) عائد إلى الايمان والمعنى أيدهم بروح من الايمان يدل عليه قوله: (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا).
4 _ قال الآلوسي في روح المعاني في تفسير الآية (وأيدهم...) أي قواهم (بروح منه) أي من عنده عز وجل على أن من إبتدائه, والمراد بالروح نور القلب, وهو نور يقذفه الله تعالى في قلب من يشاء من عباده تحصل به الطمأنينة والعروج مع معارج التحقيق, وتسميته روحاً مجاز مرسل لأنه سبب الحياة الطيبة الأبدية, وجوز كونه استعارة, وقول بعض الأجلة: إن نور القلب مما سماه الأطباء روحاً وهو الشجاع اللطيف المتكون من القلب _وبه الإدراك_. أو المراد به القرآن, أو جبرئيل عليه السلام وذلك يوم بدر. وقيل ضمير (منه) للإيمان, والمراد بالروح الإيمان أيضاً.
5 _ قال العلامة المحدث البحراني في تفسير البرهان:
أ) علي بن إبراهيم... (وأيدهم بروح منه) قال: الروح, ملك عظيم من جبرئيل وميكائيل, كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مع الأئمة.
ب) محمد بن يعقوب... عن أبي جعفر عليه السلام... قال: وسألته عن قوله عز وجل: (وأيدهم بروحٍ منه) قال عليه السلام: (هو الايمان).
ج) وعنه... عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: (وأيدهم بروح منه) قال عليه السلام: (هو الايمان).
د) وعنه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلبت (وأيدهم بروح منه) قال عليه السلام: (هو الايمان, ما من مؤمن الا ولقلبه أذنان في جوفه: إذن ينفث فيها الوسواس الخناس, وإذن ينفث فيها الملك, فيؤيد الله المؤمن بالملك, فذلك قوله تعالى: (وأيدهم بروح منه).
هـ) وعنه... قال: دخلت على أبي الحسن عليه السلام فقال لي: ((إن الله تبارك وتعالى أيد المؤمن بروح منه تحضره في كل وقت يحسن فيه ويتقي, وتغيب عنه في كل وقت يذنب فيه ويعتدي, فهي معه تهتز سروراً عند إحسانه, وتسيغ في الثرى عند إساءته, فتعاهدوا عباد الله نعمه باصلاحكم أنفسكم تزدادوا يقيناً وتربحوا نفيساً ثميناً, رحم الله امرءاً هم بخير فعمله, أو هم بشر فارتدع عنه)) ثم قال: ((نحن نزيد الروح بالطاعة لله والعمل له)).
و) ابن بابوية... عن أبي جعفر عليه السلام قال: (وأيدهم بروح منه) أي قواهم.
ز) عبد الله بن جعفر الحميدي... عن أبي عبد الله عليه السلام: ((اذا زنى الرجل أخرج الله عنه روح الايمان)), قلنا: الروح التي قال الله تعالى: (وأيدهم بروح منه) قال عليه السلام: (نعم).
انتهى كلام المحدث البحراني. وبهذا التفسير يظهر معنى التسديد والتأييد في الروايات المارة الذكر.
6 _ قال الشيخ مكارم الشيرازي في تفسير قوله تعالى: (أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه) هل هذه الروح الإلهية التي يؤيد الله سبحانه المؤمنين بها هي تقوية الأسس الإيمانية, أو انها الدلائل العقلية, أو القرآن, أو انها ملك إلهي عظيم يسمى بالروح؟ ذكرت لذلك احتمالات وتفاسير مختلفة, الا انه يمكن الجمع بينهما.
7 _ قال العلامة الطباطبائي في تفسير الآية: (وأيدهم بروحٍ منه) التأييد التقوية, وضمير الفاعل في (أيدهم) الله تعالى وكذا ضمير (منه) ومن ابتدائية, والمعنى: وقواهم الله بروح من عنده سبحانه وتعالى, وقيل: الضمير للايمان, والمعنى: وقواهم الله بروح من جنس الايمان يحيي بها قلوبهم, ولا بأس به.
وقيل المراد بالروح جبرائيل, وقيل: القرآن, وقيل: المراد بها الحجة والبرهان, وهذه وجوه ضعيفة لا شاهد لها من جهة اللفظ.
ثم الروح _على المتبادر من معناها_ هي مبدأ الحياة التي تترشح منها القدرة والشعور فإبقاء قوله: (وأيدهم بروح منه) على ظاهره يفيد أن للمؤمنين وراء الروح البشرية التي يشترك فيها المؤمن والكافر روحاً أخرى تفيض عليهم حياة خاصة كريمة ملازمة لسعادة الانسان الأبدية.
من خلال هذا العرض ا لموجز لبعض آراء اللغويين والمفسرين وبعض من روايات أهل البيت عليهم السلام يظهر لنا جلياً:
1 _ أن التسديد والتأييد هو التقوية لأجل الإستقامة.
2 _ أن مقولة التأييد والتسديد مقولة عامة لجميع المؤمنين وإنها غير خاصة بزمان أو مكان خاص.
3 _ أن روح الايمان التي تسدد المؤمن وروح القدس التي تسدد المعصوم لها مراتب وهي تقوى وتشتد حسب الطاعة والقرب الالهي.
الملاحظة الثالثة: ان عنوان الكتاب يؤكد على ان الظهور ممكن او واجب وهذا ما اتضح بطلانه من خلال الحديث السابق.
الملاحظة الرابعة: ادعاؤه ان التوقيت اذا كان صادراً من اهل البيت عليهم السلام فهو كذب بخلاف ما لو كان صادراً من غيرهم وهذا ما لايمكن التسليم به لان أي فرد كان ليس له ما لاهل البيت من المكانة الدينية ,وبالتالي مالم يصدر عنهم في المجال الديني كيف يصدر عن غيرهم على نحو التاسيس,بل وصدر عنهم عليهم السلام الذم لمن يدعي امتلاك هذه الخصوصية ,اما ادعاء التفصيل بين عصرهم وعصر غيرهم فهذا مما لم يقم عليه الدليل والاطلاق ينفي التفصيل.
الملاحظة الخامسة: قوله اننا اذا سلمنا النهي الاجمالي عن التوقيت فاننا سنواجه اشكالاً حاصله ان بعد خروج السفياني او اليماني او الخراساني هل يمكننا ان نوقت ام لا.
وهذا يجاب عنه اجمالاً:
أ) ان ما ذكر من امر السفياني واليماني والخراساني وغيرهم في لسان الروايات الواردة عن اهل البيت عليهم السلام ليس توقيتاً! وشاهد ذلك عدم معلومية سنة خروجهم.
ب) انه ورد عنهم عليهم السلام على ما يظهر منه على ان شخوص الظهور, والظهور متقاربان ان لم نقل متقارنان ومعه لا وجه للاشكال.
ج) ان قوله ينسجم مع القول بحتمية شرائط الحتميات وهو محل نظر, بل بعيد.
الملاحظة السادسة: قوله فاذا كان ولابد فان التوقيت ممنوع عنه فيما مضى ومطلوب وواجب في عصرنا.
يقال له هذه دعوى في التفصيل ولابد معها من دليل وليس في البين من دليل.
المحور الثاني: يتحدث مصنف كتاب اقترب الظهور عبد محمد حسن فيما قبل ص167 عن مجموعة امور يستدل بها على قرب ظهور الإمام المهدي عليه السلام واغلب ما يتحدث عنه من عناوين بحثناها مفصلاً في ردنا على كتاب انت الان في عصر الظهور.
المحور الثالث:
بحثه يقع تحت عنوان تاريخ الظهور الشريف والتوقيت ويقدم له مجموعة من القرائن يوصلها الى ثمانية يعتمد فيها على مجموعة من الروايات.
ونحن بغض النظر عن اسانيد هذه الروايات نحاول البحث في دلالتها مكتفين بهذا البحث تنزلاً مع فرض صحة صدورها أو احتماله.
القرينة الاولى يذكر فيها رواية عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام ينقلها من كتاب ارشاد المفيد وكتاب الغيبة للطوسي ص453 الى ص460 ومتن الرواية هكذا: (لا يخرج القائم عليه السلام الا في وتر من السنين, سنة احدى او ثلاث او خمس او سبع او تسع).
ومن هذا الحديث يستشف ان خروجه عليه السلام في سنة وترية او فردية.
والقرينة الثانية التي يقدمها عبارة عن رواية مروية عن ابي جعفر عليه السلام وينقلها عن الغيبة للنعماني ص 262, ومتن الرواية هكذا: (يقوم القائم عليه السلام في وتر من السنين تسع, واحدة, ثلاث, خمس).
وينقل كذلك حديثاً مروياً عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام ومن نفس المصدر المذكور في القرينة الاولى ومتن الحديث هكذا: (لا يخرج القائم الا في وتر من السنين تسع وثلاث وخمس واحدى).
ويستشف من هذه القرينة أن ابتداء الائمة عليهم السلام بالعدد تسع يرسم بحده علامة تعجب حول سر الابتداء به مع ان الرقم من اكبر الاعداد الفردية.
وفي تأمل طويل (حسب ما يقول هو نفسه) لهذا الحديث اكتشفت سراً اخر او تفسيراً اخر يوضح المعنى المراد لهذا الحديث ساكشف عنه بعد هذه القرينة التالية.
القرينة الثالثة: ويتحدث فيها عن أن الفتن اربعة, وتنتهي بالفتنة الرابعة التي هي ثمانية عشر عاماً ويعتمد في هذه القرينة على ما ورد في كتاب الفتن لنعيم ابن حماد بالرواية الواقعة تحت الرقم 921 ويفسر الفتنة الثالثة بغزو العراق للكويت دون أن يقدم دليلاً واضحاً على ما يذهب اليه.
القرينة الرابعة: ويقول فيها وهي بالتدقيق في هذا الحديث من تأنيث وتذكير الاعداد بحصب المعدود, نلاحظ في الحديث انه قال عليه السلام: تسع, واحدة, ثلاث, خمس مما يوحي بأن الحديث حول معدود مؤنث وهو السنة وليس مجمل السنين وصفتها فكما نعلم من أصول النحو بأن العددين واحد واثنين يوافقان المعدود وباقي الارقام من ثلاث الى تسع يخالفن المعدود وبما أن الحديث حول السنين فلا بد أن يكون الكلام حول معدود مؤنث وهي سنة الظهور بعينها وتعيينها وبطريقة حساب العرب أو في طريقة قراءتهم للسنوات فإنهم يبدأون بالآحاد ثم العشرات فالمئات فالآلاف والخ. ولأن الامام ابتدأ بالرقم تسعة على خلاف العادة ولأن الأئمة منزهون عن العبث بالالفاظ والتلاعب فيها فيوحي هذا الحديث علاوة على ما تقدم من أن الحديث كان يدور حول سنة بعينها وأن هذه السنة تبدأ بالرقم تسعة.
ملاحظة: (منه صاحب كتاب اقترب الظهور)
لو تأملنا حديث باقر العلوم عليه السلام مرة اخرى كما وعدتكم لوجدنا الارقام التالية مذكورة فيه وهي تسع وإحدى وثلاث وخمس. فنجد انطباق الرقمين الأولين (تسع واحدى) على سنة الظهور المزعومة 1429هـ وأن الرقمين المختلفين في هذه السنة هما اثنين وأربعة الذين لم يردا في الحديث وكذلك هو الحال في حديث الامام الصادق عليه السلام.
وأعتقد والله أعلم ان النساخ قد استشكلوا وجود الرقمين (اثنين واربعة) مع أن الحديث يتكلم عن سنة وترية (فردية) ونسوا أو قد اشتبه عليهم ان يكون مجموع هذه الارقام يشكل سنة بحد ذاتها. ومما يقوي هذه النظرية عدم ذكر الرقم سبعة مع أنه من الارقام الوترية (الفردية) فيرجح أن الحديث عن سنة بعينها علاوة على ما سبق أن الارقام المذكورة في الحديث هي اربعة ارقام فقط مع إهمال للرقم سبعة مما يوحي بأن سنة الظهور لا تتجاوز الأربعة أرقام في تعيينها.
فإن أخذنا بنظرية أن النساخ قد غيروا الحديث فقاموا بزيادة العدد واحد على كلا الرقمين ليصححوا عبارة الحديث عن أصله وهو يقول القائم عليه السلام في وتر من السنين: (تسع, واحدة, اثنين, أربع) وتوجد في الحديث عبارة اثنين وأربع. وهي الارقام المكونة لسنة الظهور 1429هـ, أو كما يبدو هذا الشيء أوضح في حديث الامام الصادق عليه السلام وبنفس الترتيب فيكون حديثه عليه السلام هكذا (لا يخرج القائم الا في وتر من السنين تسع واثنين ليست وتر وليست واردة في الحديث ليست وتر أربع وإحدى) ويلاحظ هنا من حديث الامام الصادق أنه حتى ترتيب الاعداد (9,2,4,1) هو الترتيب لسنة الظهور 1429هـ وحتى لو كان هذا الاحتمال بعيداً فإن باقي الادلة تقوي الاعتماد على اختيار سنة 1429 وتدعمها كما سنرى لو تأملنا الروايات التالية.
--- التوقيع ---
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
http://WWW.M-MAHDI.COM
منقول
الحمد الله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين الى قيام يوم الدين.
قبل البدء لا بد ان ننبه على ان ديدن مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ليس التصدي الى افرادٍ بعينهم وان كانوا يحملون فكراً يُعتقد بحسب النظرة التخصصية انه منحرف.
الا ان ما حصل في العامين الاخيرين وتداعيات الاحداث ومحاولة الترويج والدفع من قبل جهات مغرضة ومعادية لفكر اهل البيت (عليهم السلام) الاصيل استدعى ان نقف وقفة سريعة مع بعض الاشخاص الذين يؤصلون لبيئات منحرفة ويوجدون في نفوس البعض دافعاً قوياً حول تقمص هؤلاء البعض شخصيات عصر الظهور.
ونحن هنا اذ ننبه على ان تقمّص شخصيات عصر الظهور لا يكون الا لاشخاص بعيدين عن المزايدات الشخصية وعن شخصنة القضية المهدوية واحتكارها، هذا اذا قلنا ان هؤلاء الاشخاص يتمتعون بخصوصيات تُلزم القواعد الجماهيرية باتباعهم وهذا ما لا يثبت بدليل معتبر عن اهل البيت (عليهم السلام) فضلاً عن انه يشغل اتباع هذه المدرسة المباركة عن الاشتغال بما هو اهم وهو ان يكونوا على قدر المسؤولية المناطة بهم والتي تتثاقل وتتسع مع كثرة التحديات التي اتسعت اطاراتها وتوسعت نطاقاتها بعد مجريات الاحداث الاخيرة وبروز التشيّع كقوة فاعلة في ميزان القوى الدولية.
نحن في هذا المقام نوصي جميع الاخوة المؤمنين تبعاً لما توصيهم به مرجعيتهم الدينية بان من اهم الواجبات عليهم في عصر الغيبة هو ان يكونوا على حذر وتثبت شديد فيما يتعلق بعقيدة اهل البيت (عليهم السلام) في الامام المهدي وسبل الارتباط به.
فان اهل الهوى ومبتدعي الفتن ومتقمصي لباس اهل العلم وممن ينسبون انفسهم الى الدفاع عن مذهب اهل البيت (عليهم السلام) كثيرون جداً,
وهؤلاء في الحقيقة يقتلون الامام المهدي باسم الامام المهدي بل لا يقف دورهم التخريبي والانحرافي عند هذا الحد اذ يتوسع الى ان يكونوا عناصر تهيء لبيئات منحرفة واشخاص ومجتمعات منحرفون وهذا ما سنقف عنده في بحث مستقل ان شاء الله تعالى لاحقاً ان وفقنا الله تعالى لذلك.
الذي نريد ان نقف معه في حديثنا هذا ان هناك بعض الكتب والمقالات سواءً كانت بقصدٍ او بغير قصد اسست لمرحلة ما يحدث في العراق من احداث في الحاضر الراهن بل وما سيحدث, فان الفئات التي شرعت في تطبيق علامات الظهور واستعجلت في ذلك وكانت محل ذم للروايات الواردة عن اهل البيت (عليهم السلام) وفعلت ذلك من غير مراعاة للمنهج كانت هذا الفئات سبباً لعثرتها وعثرة المؤمنين الاخرين بل وكانت سبيلاً للتمهيد لأصحاب النفوس الضعيفة والاغراض الباطلة لاستغلال ذلك.
فان اهل الاهواء والذين يرفعون رايات الضلال لاجتذاب فريقاً من البسطاء والسذج يستفيدون من امثال هؤلاء الاشخاص الذين لا يراعون المنهج في تطبيق العلامات فان التطبيق والتوقيت بحسب تتبعنا لم نجد له دليلاً يمكن الاعتماد عليه فالتوقيت ليس بيد الامام نفسه (عجل الله تعالى فرجه) كما أُثر ذلك عنه بل وعن اهل البيت (عليهم السلام) اما التطبيق فيكفي لبطلانه واثبات انحراف من يأخذ به ان جملة كبيرة من العلامات قد طبقت في اكثر من مرة وعلى اكثر من شخص وقد تبيّن بطلان هذا التطبيق في ازمنة مختلفة وان الناظر المطلع على ما وقع وسيقع من ذلك يجد ان ما طبق سابقاُ وبان خطأه يعاد الى تطبيقه من جديد.
ينبغي على الاخوة المؤمنين هنا ان يكونوا بمستوى المسؤولية وبمستوى ان يكونوا زيناً لاهل البيت لا ان يكونوا شيناً وان لا يتبعوا اهوائهم مهما كانت مكانة الاشخاص الذين ينحدرون اليهم في نفوسهم وليستذكروا اقوال اهل البيت (عليهم السلام) وتحذيرهم من الشبهة.
ومن بين هذه الكتب التي ألفت في هذا الباب كتاب تحت عنوان اقترب الظهور لعبد محمد حسن اذ يتحدث صاحب هذا الكتاب عن ان كتابه عبارة عن دراسة تتناول احاديث اهل البيت (عليهم السلام) واحداث العالم وتستدل على قرب ظهور الامام المهدي وتؤقت له.
يقول صاحب هذا الكتاب في الصفحة 16 فان كان ولا بد فان التوقيت ممنوعاً عنه فيما مضى ومطلوباً وواجباً في عصرنا هذا عصر تواتر العلامات. وهكذا فانه يمكن استنباط انه اذا تظافرت الاحاديث التي تبشر بظهور الامام وتوالت علاماته كما انبأنا بها الائمة المعصومين فانه لا بد ان يوقت لخروجه الشريف ويستعد لنصرته المؤمنين.
ومن هذا المنطلق عملت على ان يكون هذا الكتاب ترجمة صادقة لاحاديث اهل البيت (عليهم السلام) بعد قراءة متأنية للاحاديث والاحداث السياسية والاجتماعية والثقافية في آن واحد للتأكيد على الاقتراب الشديد لظهوره وصولاً الى التوقيت لمقدمه الشريف في قراءة متظافرة للاحداث والاحاديث انطلاقاً من ان احاديث المعصومين يكمل ويفسر بعضها بعضاً كما يفسر القرآن بعضه بعضاً اللهم عجل هذا الظهور الشريف واشفِ غليلنا به.
ويقول تحت عنوان تاريخ الظهور الشريف والتوقيت في صفحة 167 وفي صفحة 172 وبناءً على ذلك فان تاريخ الظهور هو 10/محرم/1429هـ الموافق بالتقويم الميلادي 19/يناير/2008 ميلادية ولو تحرينا عن يوم 19/يناير لسنة 2008 لوجدناه يصادف يوم السبت وهو ما نصت عليه الروايات الشريفة من ان خروجه سيوافق يوم السبت كالرواية السابقة لابي عبد الله (عليه السلام).
نقول وقبل الوقوف مع بعض ما جاء من مفردات في هذا الكتاب ,ان هذا الشخص الذي ادعى وجوب التوقيت في زماننا خالف بذلك روايات اهل البيت (عليهم السلام) التي تنهى عن التوقيت وتكذب من يوقت اذ ورد في كثير من روايات اهل البيت (عليهم السلام) انهم قالوا أبى الله الا ان يخالف وقت الموقتين وفي رواية اخرى انهم قالوا (عليهم السلام) كذب الوقّاتون وهلك المستعجلون ونجا المسلّمون وفي رواية ثالثة انهم قالوا (عليهم السلام) انما هلك الناس من استعجالهم لهذا الامر ان الله لا يعجل لعجلة العباد.
بحث حول كتاب اقترب الظهور
محاور البحث:
المحور الاول: قراءة في المقدمة والتمهيد.
المحور الثاني: قراءة في الابحاث الواقعة ما بين المقدمة (ص30) وما بين تاريخ الظهور الشريف والتوقيت (ص167).
المحور الثالث: قراءة في بحث تاريخ الظهور الشريف والتوقيت ص167.
البحث الاول: قراءة في المقدمة والتمهيد.
الملاحظة الاولى: إن المنهجية التي يعتمدها صاحب الكتاب منهجية مغلوطة, ومذبذبة بل لا يمكن لنا أن نعبر عنها بالمنهجية باعتبار قيامه بتحليل الروايات دون الرجوع الى الموازين الموضوعة والمحددة من قبل اهل الفن والاختصاص.
الملاحظة الثانية: اعتماد المصنف على المقولة الرائجة عند غير المتخصصين من أن العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء وإن الموقتين للظهور الشريف قد الهموا التسديد والتأييد الالهي.
وهذه مقالة باطلة لما ثبت في محله من أن كل من يدعي التخصص في فن من الفنون دون الاعتماد على أدوات ومناهج ذلك الفن فهوليس بمتخصص, ولا يمكن اعتماد ما يصدر عنه من اقوال, هذا فضلاً عن أن نفس هذه المقولة هي مقولة عامة وغير خاصة بفئة دون فئة ولا تتحقق للشخص الا بعد طي المقدمات.
وفيما يلي بيان في عمومية هذه المقولة وعدم اختصاصها بفئة دون فئة فنقول:
التأييد لغةً هو التقوية على ما حكاه صاحب تاج العروس في مادة أيد وحكاه كذلك صاحب الميزان في تفسير قوله تعالى: (وأيده بروح منه) حيث قال الاخير قوله تعالى: (وأيده بروح منه) على ظاهره يفيد أن للمؤمنين وراء الروح البشرية التي يشترك فيها المؤمن والكافر روحاً اخرى. وهذا ما تؤكده جملة من روايات اهل البيت عليهم السلام, نتلوا بعضاً منها لاحقاً إن شاء الله تعالى.
والذي يظهر لنا من قول العلامة هو شمولية الروح (المسدد) لكل موصوفٍ بالايمان على ما استفيد من ظاهر الاية كما صرح به.
ولمزيد من البيان تعرض مقولة التسديد والتأييد التي يدعيها الكثير ممن يتلبس بفن هذه الابحاث على:
1 _ اقوال اللغويين لفهم المعنى.
2 _ الايات والروايات لكون الموضوع يشتفى منهما, ويستدل بهما على اثباته.
3 _ اقوال العلماء والمفسرين ( المتخصصين).
اولاً: اقوال اللغويين لفهم المعنى.
1 _ قال الجوهري في الصحاح ج7 ص485 التسديد: التوفيق للسداد وهو الصواب والمسدد المقوم والسداد بالفتح الاستقامة والصواب.
3 _ قال سعيد الخوري في اقرب الموارد في الجزء الثاني سدد الرمح قومه، فلاناً وفقه وارشده إلى السداد, أي الصثواب من القول والعمل, وتسدد الشيء استقام.
3 _ قال الراغب الاصفهاني في المفردات ص97 قال اله عز وجل (أيدتك بروح القدس) فعملت من الايد أي القوة الشديدة, وقال تعالى والله يؤيد بنصره من يشاء أي بكثير تأييده. وقال في ص43 والسداد الاستقامة.
ثانياً وثالثاً:
1 _ قال العلامة الطبرسي في مجمع البيان عند تفسير الآية: (وأيدهم بروح منه) أي قواهم بنور الايمان, ويدل عليه قوله تعالى: (أوحينا إليك روحاً من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان) عن الزجاج. وقيل معناه: وقواهم بنور الحجج والبراهين, حتى اهتدوا للحق, وعملوا به, وقيل قواهم بالقرآن الذي هو حياة القلوب من الجهل, وقيل أيدهم بجبرائيل في كثير من المواطن.
2 _ قال محمد بن جرير الطبرسي في جامع البيان في تفسير القرآن: عند تفسير الآية: (وأيدهم بروح منه) يقول: وقواهم ببرهان منه ونور وهدى.
3 _ قال الفخر الرازي في التفسير الكبير عند تفسير الآية: (وأيدهم بروحٍ منه) وفيه قولان: (الأول) قال ابن عباس: نصرهم على عدوهم, وسمى تلك النصرة روحاً لأن بها يحيا أمرهم. (والثاني) قال السدي: الضمير في قوله (منه) عائد إلى الايمان والمعنى أيدهم بروح من الايمان يدل عليه قوله: (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا).
4 _ قال الآلوسي في روح المعاني في تفسير الآية (وأيدهم...) أي قواهم (بروح منه) أي من عنده عز وجل على أن من إبتدائه, والمراد بالروح نور القلب, وهو نور يقذفه الله تعالى في قلب من يشاء من عباده تحصل به الطمأنينة والعروج مع معارج التحقيق, وتسميته روحاً مجاز مرسل لأنه سبب الحياة الطيبة الأبدية, وجوز كونه استعارة, وقول بعض الأجلة: إن نور القلب مما سماه الأطباء روحاً وهو الشجاع اللطيف المتكون من القلب _وبه الإدراك_. أو المراد به القرآن, أو جبرئيل عليه السلام وذلك يوم بدر. وقيل ضمير (منه) للإيمان, والمراد بالروح الإيمان أيضاً.
5 _ قال العلامة المحدث البحراني في تفسير البرهان:
أ) علي بن إبراهيم... (وأيدهم بروح منه) قال: الروح, ملك عظيم من جبرئيل وميكائيل, كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مع الأئمة.
ب) محمد بن يعقوب... عن أبي جعفر عليه السلام... قال: وسألته عن قوله عز وجل: (وأيدهم بروحٍ منه) قال عليه السلام: (هو الايمان).
ج) وعنه... عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: (وأيدهم بروح منه) قال عليه السلام: (هو الايمان).
د) وعنه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلبت (وأيدهم بروح منه) قال عليه السلام: (هو الايمان, ما من مؤمن الا ولقلبه أذنان في جوفه: إذن ينفث فيها الوسواس الخناس, وإذن ينفث فيها الملك, فيؤيد الله المؤمن بالملك, فذلك قوله تعالى: (وأيدهم بروح منه).
هـ) وعنه... قال: دخلت على أبي الحسن عليه السلام فقال لي: ((إن الله تبارك وتعالى أيد المؤمن بروح منه تحضره في كل وقت يحسن فيه ويتقي, وتغيب عنه في كل وقت يذنب فيه ويعتدي, فهي معه تهتز سروراً عند إحسانه, وتسيغ في الثرى عند إساءته, فتعاهدوا عباد الله نعمه باصلاحكم أنفسكم تزدادوا يقيناً وتربحوا نفيساً ثميناً, رحم الله امرءاً هم بخير فعمله, أو هم بشر فارتدع عنه)) ثم قال: ((نحن نزيد الروح بالطاعة لله والعمل له)).
و) ابن بابوية... عن أبي جعفر عليه السلام قال: (وأيدهم بروح منه) أي قواهم.
ز) عبد الله بن جعفر الحميدي... عن أبي عبد الله عليه السلام: ((اذا زنى الرجل أخرج الله عنه روح الايمان)), قلنا: الروح التي قال الله تعالى: (وأيدهم بروح منه) قال عليه السلام: (نعم).
انتهى كلام المحدث البحراني. وبهذا التفسير يظهر معنى التسديد والتأييد في الروايات المارة الذكر.
6 _ قال الشيخ مكارم الشيرازي في تفسير قوله تعالى: (أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه) هل هذه الروح الإلهية التي يؤيد الله سبحانه المؤمنين بها هي تقوية الأسس الإيمانية, أو انها الدلائل العقلية, أو القرآن, أو انها ملك إلهي عظيم يسمى بالروح؟ ذكرت لذلك احتمالات وتفاسير مختلفة, الا انه يمكن الجمع بينهما.
7 _ قال العلامة الطباطبائي في تفسير الآية: (وأيدهم بروحٍ منه) التأييد التقوية, وضمير الفاعل في (أيدهم) الله تعالى وكذا ضمير (منه) ومن ابتدائية, والمعنى: وقواهم الله بروح من عنده سبحانه وتعالى, وقيل: الضمير للايمان, والمعنى: وقواهم الله بروح من جنس الايمان يحيي بها قلوبهم, ولا بأس به.
وقيل المراد بالروح جبرائيل, وقيل: القرآن, وقيل: المراد بها الحجة والبرهان, وهذه وجوه ضعيفة لا شاهد لها من جهة اللفظ.
ثم الروح _على المتبادر من معناها_ هي مبدأ الحياة التي تترشح منها القدرة والشعور فإبقاء قوله: (وأيدهم بروح منه) على ظاهره يفيد أن للمؤمنين وراء الروح البشرية التي يشترك فيها المؤمن والكافر روحاً أخرى تفيض عليهم حياة خاصة كريمة ملازمة لسعادة الانسان الأبدية.
من خلال هذا العرض ا لموجز لبعض آراء اللغويين والمفسرين وبعض من روايات أهل البيت عليهم السلام يظهر لنا جلياً:
1 _ أن التسديد والتأييد هو التقوية لأجل الإستقامة.
2 _ أن مقولة التأييد والتسديد مقولة عامة لجميع المؤمنين وإنها غير خاصة بزمان أو مكان خاص.
3 _ أن روح الايمان التي تسدد المؤمن وروح القدس التي تسدد المعصوم لها مراتب وهي تقوى وتشتد حسب الطاعة والقرب الالهي.
الملاحظة الثالثة: ان عنوان الكتاب يؤكد على ان الظهور ممكن او واجب وهذا ما اتضح بطلانه من خلال الحديث السابق.
الملاحظة الرابعة: ادعاؤه ان التوقيت اذا كان صادراً من اهل البيت عليهم السلام فهو كذب بخلاف ما لو كان صادراً من غيرهم وهذا ما لايمكن التسليم به لان أي فرد كان ليس له ما لاهل البيت من المكانة الدينية ,وبالتالي مالم يصدر عنهم في المجال الديني كيف يصدر عن غيرهم على نحو التاسيس,بل وصدر عنهم عليهم السلام الذم لمن يدعي امتلاك هذه الخصوصية ,اما ادعاء التفصيل بين عصرهم وعصر غيرهم فهذا مما لم يقم عليه الدليل والاطلاق ينفي التفصيل.
الملاحظة الخامسة: قوله اننا اذا سلمنا النهي الاجمالي عن التوقيت فاننا سنواجه اشكالاً حاصله ان بعد خروج السفياني او اليماني او الخراساني هل يمكننا ان نوقت ام لا.
وهذا يجاب عنه اجمالاً:
أ) ان ما ذكر من امر السفياني واليماني والخراساني وغيرهم في لسان الروايات الواردة عن اهل البيت عليهم السلام ليس توقيتاً! وشاهد ذلك عدم معلومية سنة خروجهم.
ب) انه ورد عنهم عليهم السلام على ما يظهر منه على ان شخوص الظهور, والظهور متقاربان ان لم نقل متقارنان ومعه لا وجه للاشكال.
ج) ان قوله ينسجم مع القول بحتمية شرائط الحتميات وهو محل نظر, بل بعيد.
الملاحظة السادسة: قوله فاذا كان ولابد فان التوقيت ممنوع عنه فيما مضى ومطلوب وواجب في عصرنا.
يقال له هذه دعوى في التفصيل ولابد معها من دليل وليس في البين من دليل.
المحور الثاني: يتحدث مصنف كتاب اقترب الظهور عبد محمد حسن فيما قبل ص167 عن مجموعة امور يستدل بها على قرب ظهور الإمام المهدي عليه السلام واغلب ما يتحدث عنه من عناوين بحثناها مفصلاً في ردنا على كتاب انت الان في عصر الظهور.
المحور الثالث:
بحثه يقع تحت عنوان تاريخ الظهور الشريف والتوقيت ويقدم له مجموعة من القرائن يوصلها الى ثمانية يعتمد فيها على مجموعة من الروايات.
ونحن بغض النظر عن اسانيد هذه الروايات نحاول البحث في دلالتها مكتفين بهذا البحث تنزلاً مع فرض صحة صدورها أو احتماله.
القرينة الاولى يذكر فيها رواية عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام ينقلها من كتاب ارشاد المفيد وكتاب الغيبة للطوسي ص453 الى ص460 ومتن الرواية هكذا: (لا يخرج القائم عليه السلام الا في وتر من السنين, سنة احدى او ثلاث او خمس او سبع او تسع).
ومن هذا الحديث يستشف ان خروجه عليه السلام في سنة وترية او فردية.
والقرينة الثانية التي يقدمها عبارة عن رواية مروية عن ابي جعفر عليه السلام وينقلها عن الغيبة للنعماني ص 262, ومتن الرواية هكذا: (يقوم القائم عليه السلام في وتر من السنين تسع, واحدة, ثلاث, خمس).
وينقل كذلك حديثاً مروياً عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام ومن نفس المصدر المذكور في القرينة الاولى ومتن الحديث هكذا: (لا يخرج القائم الا في وتر من السنين تسع وثلاث وخمس واحدى).
ويستشف من هذه القرينة أن ابتداء الائمة عليهم السلام بالعدد تسع يرسم بحده علامة تعجب حول سر الابتداء به مع ان الرقم من اكبر الاعداد الفردية.
وفي تأمل طويل (حسب ما يقول هو نفسه) لهذا الحديث اكتشفت سراً اخر او تفسيراً اخر يوضح المعنى المراد لهذا الحديث ساكشف عنه بعد هذه القرينة التالية.
القرينة الثالثة: ويتحدث فيها عن أن الفتن اربعة, وتنتهي بالفتنة الرابعة التي هي ثمانية عشر عاماً ويعتمد في هذه القرينة على ما ورد في كتاب الفتن لنعيم ابن حماد بالرواية الواقعة تحت الرقم 921 ويفسر الفتنة الثالثة بغزو العراق للكويت دون أن يقدم دليلاً واضحاً على ما يذهب اليه.
القرينة الرابعة: ويقول فيها وهي بالتدقيق في هذا الحديث من تأنيث وتذكير الاعداد بحصب المعدود, نلاحظ في الحديث انه قال عليه السلام: تسع, واحدة, ثلاث, خمس مما يوحي بأن الحديث حول معدود مؤنث وهو السنة وليس مجمل السنين وصفتها فكما نعلم من أصول النحو بأن العددين واحد واثنين يوافقان المعدود وباقي الارقام من ثلاث الى تسع يخالفن المعدود وبما أن الحديث حول السنين فلا بد أن يكون الكلام حول معدود مؤنث وهي سنة الظهور بعينها وتعيينها وبطريقة حساب العرب أو في طريقة قراءتهم للسنوات فإنهم يبدأون بالآحاد ثم العشرات فالمئات فالآلاف والخ. ولأن الامام ابتدأ بالرقم تسعة على خلاف العادة ولأن الأئمة منزهون عن العبث بالالفاظ والتلاعب فيها فيوحي هذا الحديث علاوة على ما تقدم من أن الحديث كان يدور حول سنة بعينها وأن هذه السنة تبدأ بالرقم تسعة.
ملاحظة: (منه صاحب كتاب اقترب الظهور)
لو تأملنا حديث باقر العلوم عليه السلام مرة اخرى كما وعدتكم لوجدنا الارقام التالية مذكورة فيه وهي تسع وإحدى وثلاث وخمس. فنجد انطباق الرقمين الأولين (تسع واحدى) على سنة الظهور المزعومة 1429هـ وأن الرقمين المختلفين في هذه السنة هما اثنين وأربعة الذين لم يردا في الحديث وكذلك هو الحال في حديث الامام الصادق عليه السلام.
وأعتقد والله أعلم ان النساخ قد استشكلوا وجود الرقمين (اثنين واربعة) مع أن الحديث يتكلم عن سنة وترية (فردية) ونسوا أو قد اشتبه عليهم ان يكون مجموع هذه الارقام يشكل سنة بحد ذاتها. ومما يقوي هذه النظرية عدم ذكر الرقم سبعة مع أنه من الارقام الوترية (الفردية) فيرجح أن الحديث عن سنة بعينها علاوة على ما سبق أن الارقام المذكورة في الحديث هي اربعة ارقام فقط مع إهمال للرقم سبعة مما يوحي بأن سنة الظهور لا تتجاوز الأربعة أرقام في تعيينها.
فإن أخذنا بنظرية أن النساخ قد غيروا الحديث فقاموا بزيادة العدد واحد على كلا الرقمين ليصححوا عبارة الحديث عن أصله وهو يقول القائم عليه السلام في وتر من السنين: (تسع, واحدة, اثنين, أربع) وتوجد في الحديث عبارة اثنين وأربع. وهي الارقام المكونة لسنة الظهور 1429هـ, أو كما يبدو هذا الشيء أوضح في حديث الامام الصادق عليه السلام وبنفس الترتيب فيكون حديثه عليه السلام هكذا (لا يخرج القائم الا في وتر من السنين تسع واثنين ليست وتر وليست واردة في الحديث ليست وتر أربع وإحدى) ويلاحظ هنا من حديث الامام الصادق أنه حتى ترتيب الاعداد (9,2,4,1) هو الترتيب لسنة الظهور 1429هـ وحتى لو كان هذا الاحتمال بعيداً فإن باقي الادلة تقوي الاعتماد على اختيار سنة 1429 وتدعمها كما سنرى لو تأملنا الروايات التالية.
--- التوقيع ---
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
http://WWW.M-MAHDI.COM
منقول