لمياء
02-20-2008, 09:08 AM
د. ياسر الصالح - الراي
الآلة الإعلامية التي أيدت صدام حسين في ساحتنا المحلية ومدحته ولمعته وتغنت به و«ببطولاته» و«شهامته» و«إنسانيته» و«شجاعته» و«بخصاله العربية» وأنه «السيف العربي» و«الفارس العربي» وأوصلته لدرجة عليا من الصفات، وتبنت بالإضافة الى الرفع من شأنه مهاجمة معارضيه في الداخل ومهاجمة كل من لم يؤيدها في تبجيلها له، فأخذت بتجريحهم، بل وتخوينهم، بل حتى إخراجهم من الدين والملة الإسلامية ونعتهم بأنواع نعوت الخيانة والتكفير...
هذا كله الإعلام المضلل لم يغير من طبيعة صدام الحقيقة، وهي أنه مجرم قاتل مفسد في الأرض وهي الحقيقة التي كان معارضوه في الداخل، ونحن منهم، نحاول أن نوضحها للرأي العام آنذاك في ثمانينات القرن الماضي، ولكن مفعول هذه الآلة الإعلامية، مضافاً إليها تبني غالبية التيارات السياسية لصدام ونظامه تسبب قي خداع الكثيرين من المواطنين، وقد كان للعب على الحس المذهبي، تصريحاً وتلميحاً، في ذلك الوقت أثر بالغ في تبني الغالبية لهذه الرسالة الإعلامية والسياسية المغلوطة عن طبيعة صدام ونظامه وطبيعة معارضيه، ومحاضر مجلس الأمة لتلك الفترة تشهد بذلك...
دوافع الآلة الاعلامية لتبني صدام لا يمكننا وصفها بالسذاجة، كما هو الحال بالنسبة إلى المواطن العادي الذي تحمل وزر سذاجته في ما بعد أسراً وتشريداً وتقتيلاً من قبل صدام ونظامه، فالآلة الإعلامية، صحفاً وكتاباً ومحررين، كان الكثيرون منهم على علم بالكثير مما يفعله صدام من جرائم بحق شعبه، ولكن مصالحهم طغت فقاموا بخيانة شعبهم بأن أعموه عن رؤية الواقع، كما هو، بل عملوا على قلب الحق له إلى باطل وبالعكس، وبذلك مهدوا لصدام استباحة البلاد والعباد...
ولو قدر لنا الاطلاع على التقرير السري للجنة تقصي الحقائق البرلمانية بأسباب الغزو، وهو تقرير مخفف جرى تسريب أجزاء منه، لرأينا صورة قاتمة عن واقعنا الإعلامي إبان تلك الحقبة...
لم يكن نتاج ذلك الواقع الإعلامي آنذاك تعمية الصورة الحقيقية فقط، بل كان له نتائج كارثية أخرى جرت على بعض الداخل، فالتحريض الإعلامي ضد شريحة معينة من أفراد المجتمع مهد الأرضية إلى استهداف هذه الشريحة بالذات بممارسات قمعية لم تكن بعيدة نوعياً عما مارسه صدام ضد الكويتيين إبان فترة الغزو، ففي فترة ما قبل الغزو ونتيجة للتمهيد الإعلامي التحريضي كان جهاز الأمن يداهم منازل الآمنين ليلاً ونهاراً ويلاحق ويعتقل ويعذب ويمنع من السفر بسحب الجوازات، ويقطع الأرزاق بالطرد من الوظائف، ذلك كله تم فعله في هذه الشريحة ليس لأنها كانت تمثل خطراً على أمن دولة الكويت، بل لأن بعض، بل الكثير، من أفرادها كانوا يمثلون معارضة لنظام صدام وللسياسات الداعمة له في الداخل، أي أنهم كانوا يمثلون خطراً على أمن نظام صدام الإجرامي وليس على أمن بلدهم...
ومع حدوث الغزو تبين للكويتيين عموماً، من كان محقاً في تشخيصه ومن كان على خطأ، بل تبين بشكل واضح أي التشخيصين كان سيحمي الوطن وأيهما تسبب بحدوث الكارثة أو حفزها... وأتى التحرير وتم التسامح مع الآلة الإعلامية الصدامية وأدواتها وتم التسامح كذلك مع جهاز القمع وأدواته، وتعاملنا مع الواقع بكل أريحية وكأن التحرير «جب ما قبله»...
هذا التسامح أعاد شخوص الآلة الاعلامية للعمل في المجال الاعلامي، وكأنهم لم يفعلوا شيئاً، وكان المتوقع أنهم قد تعلموا الدرس، وأنهم حفظوا المعروف الذي تفضلت به عليهم الشريحة التي تعدوا عليها واتهموها زوراً وعدواناً وتسببوا بآلامها وعذاباتها في تلك الفترة.
ولكن حسن الظن بأمثال هؤلاء تبين لاحقاً بأنه كان سوء تقدير... ما يجري الآن أن شخوص الآلة الاعلامية الصدامية استبدلوا سيدهم صدام ليكون الأميركيين، واستبدلوا بالأجندة الصدامية الاجندة الصهيو ـ أميركية، وبدأوا يستهدفون من جديد الشريحة نفسها التي هي في معظمها مناوئة للمشروع الصهيو ـ أميركي في المنطقة، وهو مشروع أسيادهم الجدد، وبدأت هذه الآلة بالتكون والتهيكل وتجميع صفوفها من جديد وبالعمل على إعادة التاريخ، وذلك بالعودة إلى الممارسات العدوانية والمتجنية، فأخذوا بإثارة تهم التشكيك بالوطنية والولاء، وإثارة العامل الطائفي تصريحاً وتلميحاً، والطعن بالشخصيات والرموز الدينية والوطنية والمقدسات، وأخيراً نصبوا شرك التحريض الأمني على هذه الشريحة الذي وقع في حبائله وزير الداخلية أخيراً...
نحن كمراقبين لا نتجنى ولا نبالغ حين نقول إن عصر الثمانينات من القرن الماضي قد ولى وبغير رجعة بالنسبة إلى هذه الشريحة التي ظُلمت حينئذ ٍويتم استهدافها الآن، وهي التي أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك إبان فترة الغزو بدماء ومقاومة وصمود ومواقف أبنائها، كما الشرائح الأخرى، أنها ملتزمة بالدستور كعقد بين الأسرة الحاكمة والشعب، وبذلك ثبت أنها لا تمثل خطراً على الحكم ولا على أمن الدولة، وهي في الوقت نفسه لا ولن ترضى بأن تكون مكسر عصا لمن يريد أن يرهن أمن الدولة والسلم الأهلي للأجندة الصهيو ـ أميركية كما رهنه في السابق للأجندة الصدامية، وهذا قرارها النهائي...
إن المعني الرئيسي بفهم هذا القرار الأدوات الصهيو ـ أميركية في البلد، وعليه فإننا نتوسم أن تقوم القيادة العليا بالمسارعة الى تكسير هذه الأدوات وتفكيكها حماية للوطن وأمنه، فهذه الأدوات ثابت من سيرتها وتاريخها بأنها خطر على الحكم كما هي خطر على أفراد المجتمع...
اللهم قد بلغت... اللهم فاشهد
ومضة:
نعزي الأمة وسيد المقاومة السيد حسن نصرالله بشهادة القائد البطل الحاج عماد مغنية الذي كان له الفضل الكبير بتمريغ أنف الصهاينة بتراب أرض الرباط أرض لبنان وفلسطين...
أما ما يثار من قبل البعض من شبهات عن الشهيد، فبعضه بحسن نية وبعضه بسوء نية. ولكن في كلتا الحالتين فإن مصدر المعلومات التحريضية هو الإدارة الأميركية فهي المتضرر الأكبر من نشاطات الشهيد مع حليفها الكيان الصهيوني...
ولأولئك جميعاً نقول: إما اتهام بدليل وإما الإنصاف، أما إطلاق التهم على عواهنها والتهديد بممارسات خارج نطاق القانون فلن تفيد أحداً...
د. ياسر الصالح
كاتب كويتي
yasseralsaleh@hotmail.com
http://www.alraimedia.com/Templates/frNewsPaperArticleDetail.aspx?npaId=27319
الآلة الإعلامية التي أيدت صدام حسين في ساحتنا المحلية ومدحته ولمعته وتغنت به و«ببطولاته» و«شهامته» و«إنسانيته» و«شجاعته» و«بخصاله العربية» وأنه «السيف العربي» و«الفارس العربي» وأوصلته لدرجة عليا من الصفات، وتبنت بالإضافة الى الرفع من شأنه مهاجمة معارضيه في الداخل ومهاجمة كل من لم يؤيدها في تبجيلها له، فأخذت بتجريحهم، بل وتخوينهم، بل حتى إخراجهم من الدين والملة الإسلامية ونعتهم بأنواع نعوت الخيانة والتكفير...
هذا كله الإعلام المضلل لم يغير من طبيعة صدام الحقيقة، وهي أنه مجرم قاتل مفسد في الأرض وهي الحقيقة التي كان معارضوه في الداخل، ونحن منهم، نحاول أن نوضحها للرأي العام آنذاك في ثمانينات القرن الماضي، ولكن مفعول هذه الآلة الإعلامية، مضافاً إليها تبني غالبية التيارات السياسية لصدام ونظامه تسبب قي خداع الكثيرين من المواطنين، وقد كان للعب على الحس المذهبي، تصريحاً وتلميحاً، في ذلك الوقت أثر بالغ في تبني الغالبية لهذه الرسالة الإعلامية والسياسية المغلوطة عن طبيعة صدام ونظامه وطبيعة معارضيه، ومحاضر مجلس الأمة لتلك الفترة تشهد بذلك...
دوافع الآلة الاعلامية لتبني صدام لا يمكننا وصفها بالسذاجة، كما هو الحال بالنسبة إلى المواطن العادي الذي تحمل وزر سذاجته في ما بعد أسراً وتشريداً وتقتيلاً من قبل صدام ونظامه، فالآلة الإعلامية، صحفاً وكتاباً ومحررين، كان الكثيرون منهم على علم بالكثير مما يفعله صدام من جرائم بحق شعبه، ولكن مصالحهم طغت فقاموا بخيانة شعبهم بأن أعموه عن رؤية الواقع، كما هو، بل عملوا على قلب الحق له إلى باطل وبالعكس، وبذلك مهدوا لصدام استباحة البلاد والعباد...
ولو قدر لنا الاطلاع على التقرير السري للجنة تقصي الحقائق البرلمانية بأسباب الغزو، وهو تقرير مخفف جرى تسريب أجزاء منه، لرأينا صورة قاتمة عن واقعنا الإعلامي إبان تلك الحقبة...
لم يكن نتاج ذلك الواقع الإعلامي آنذاك تعمية الصورة الحقيقية فقط، بل كان له نتائج كارثية أخرى جرت على بعض الداخل، فالتحريض الإعلامي ضد شريحة معينة من أفراد المجتمع مهد الأرضية إلى استهداف هذه الشريحة بالذات بممارسات قمعية لم تكن بعيدة نوعياً عما مارسه صدام ضد الكويتيين إبان فترة الغزو، ففي فترة ما قبل الغزو ونتيجة للتمهيد الإعلامي التحريضي كان جهاز الأمن يداهم منازل الآمنين ليلاً ونهاراً ويلاحق ويعتقل ويعذب ويمنع من السفر بسحب الجوازات، ويقطع الأرزاق بالطرد من الوظائف، ذلك كله تم فعله في هذه الشريحة ليس لأنها كانت تمثل خطراً على أمن دولة الكويت، بل لأن بعض، بل الكثير، من أفرادها كانوا يمثلون معارضة لنظام صدام وللسياسات الداعمة له في الداخل، أي أنهم كانوا يمثلون خطراً على أمن نظام صدام الإجرامي وليس على أمن بلدهم...
ومع حدوث الغزو تبين للكويتيين عموماً، من كان محقاً في تشخيصه ومن كان على خطأ، بل تبين بشكل واضح أي التشخيصين كان سيحمي الوطن وأيهما تسبب بحدوث الكارثة أو حفزها... وأتى التحرير وتم التسامح مع الآلة الإعلامية الصدامية وأدواتها وتم التسامح كذلك مع جهاز القمع وأدواته، وتعاملنا مع الواقع بكل أريحية وكأن التحرير «جب ما قبله»...
هذا التسامح أعاد شخوص الآلة الاعلامية للعمل في المجال الاعلامي، وكأنهم لم يفعلوا شيئاً، وكان المتوقع أنهم قد تعلموا الدرس، وأنهم حفظوا المعروف الذي تفضلت به عليهم الشريحة التي تعدوا عليها واتهموها زوراً وعدواناً وتسببوا بآلامها وعذاباتها في تلك الفترة.
ولكن حسن الظن بأمثال هؤلاء تبين لاحقاً بأنه كان سوء تقدير... ما يجري الآن أن شخوص الآلة الاعلامية الصدامية استبدلوا سيدهم صدام ليكون الأميركيين، واستبدلوا بالأجندة الصدامية الاجندة الصهيو ـ أميركية، وبدأوا يستهدفون من جديد الشريحة نفسها التي هي في معظمها مناوئة للمشروع الصهيو ـ أميركي في المنطقة، وهو مشروع أسيادهم الجدد، وبدأت هذه الآلة بالتكون والتهيكل وتجميع صفوفها من جديد وبالعمل على إعادة التاريخ، وذلك بالعودة إلى الممارسات العدوانية والمتجنية، فأخذوا بإثارة تهم التشكيك بالوطنية والولاء، وإثارة العامل الطائفي تصريحاً وتلميحاً، والطعن بالشخصيات والرموز الدينية والوطنية والمقدسات، وأخيراً نصبوا شرك التحريض الأمني على هذه الشريحة الذي وقع في حبائله وزير الداخلية أخيراً...
نحن كمراقبين لا نتجنى ولا نبالغ حين نقول إن عصر الثمانينات من القرن الماضي قد ولى وبغير رجعة بالنسبة إلى هذه الشريحة التي ظُلمت حينئذ ٍويتم استهدافها الآن، وهي التي أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك إبان فترة الغزو بدماء ومقاومة وصمود ومواقف أبنائها، كما الشرائح الأخرى، أنها ملتزمة بالدستور كعقد بين الأسرة الحاكمة والشعب، وبذلك ثبت أنها لا تمثل خطراً على الحكم ولا على أمن الدولة، وهي في الوقت نفسه لا ولن ترضى بأن تكون مكسر عصا لمن يريد أن يرهن أمن الدولة والسلم الأهلي للأجندة الصهيو ـ أميركية كما رهنه في السابق للأجندة الصدامية، وهذا قرارها النهائي...
إن المعني الرئيسي بفهم هذا القرار الأدوات الصهيو ـ أميركية في البلد، وعليه فإننا نتوسم أن تقوم القيادة العليا بالمسارعة الى تكسير هذه الأدوات وتفكيكها حماية للوطن وأمنه، فهذه الأدوات ثابت من سيرتها وتاريخها بأنها خطر على الحكم كما هي خطر على أفراد المجتمع...
اللهم قد بلغت... اللهم فاشهد
ومضة:
نعزي الأمة وسيد المقاومة السيد حسن نصرالله بشهادة القائد البطل الحاج عماد مغنية الذي كان له الفضل الكبير بتمريغ أنف الصهاينة بتراب أرض الرباط أرض لبنان وفلسطين...
أما ما يثار من قبل البعض من شبهات عن الشهيد، فبعضه بحسن نية وبعضه بسوء نية. ولكن في كلتا الحالتين فإن مصدر المعلومات التحريضية هو الإدارة الأميركية فهي المتضرر الأكبر من نشاطات الشهيد مع حليفها الكيان الصهيوني...
ولأولئك جميعاً نقول: إما اتهام بدليل وإما الإنصاف، أما إطلاق التهم على عواهنها والتهديد بممارسات خارج نطاق القانون فلن تفيد أحداً...
د. ياسر الصالح
كاتب كويتي
yasseralsaleh@hotmail.com
http://www.alraimedia.com/Templates/frNewsPaperArticleDetail.aspx?npaId=27319