فاطمي
02-18-2008, 11:47 PM
العائلة تؤكد أنه «لم يغير ملامحه واستشهد مبتسما»
http://www.aawsat.com/2008/02/18/images/news1.459054.jpg
والدة القيادي في حزب الله عماد مغنية تتقبل التعازي (أ ب)
بيروت: سناء الجاك
قالت والدة القيادي في حزب الله عماد مغنية إنها بدأت «مسيرة جهادية» منذ صباها كرمى لأولادها وكانت تريد أن يصبحوا «مجاهدين». وكان لها ما أرادت. وقد وضعت نصب عينيها أن «الشهادة» قد تكون نصيب أولادها. وأضافت: «أتمنى لو أن أولادي بقوا على قيد الحياة. لم أكن أرغب أبدا في موتهم. لكن في مسيرة الجهاد هذه النهاية متوقعة».
الوالدة الثكلى التي فقدت أولادها الثلاثة، لم تحمل الحزن في ملامحها، وانما وارته خلف الغضب الرزين والإرادة الصلبة. فهي من النساء اللواتي كان لهن دور رائد في «المداومة على نشر الثقافة الكربلائية»، كما تصفها قريباتها.
أما ابنته فاطمة فسكونها لم يخف الحزن المكدس في عينيها. الصبية الجميلة التي لم تتجاوز الرابعة والعشرين من عمرها والغارقة في أسود الحداد، اعتذرت عن عدم الكلام لأنها على عجلة من أمرها. تريد الذهاب الى ولديها الصغيرين. إلا انها قالت: «والدي كان صديقي. كان مفعما بالحنان. يعامل أحفاده وكأنهم أولاده ويلاعبهم».
أثناء غيابه المتكرر كانت فاطمة تشتاق الى والدها وتخاف عليه. تقول: «عندما كان يغيب كنت أشعر بأن قلبي ولعان (مشتعل)». «الشرق الاوسط» زارت طيردبا بلدة عماد مغنية، حيث كان يقام مجلس عزاء على روحه. البلدة التي يبلغ عدد سكانها 5500 نسمة ضاقت بالوافدين، فاكتظت بهم طرقها. وتولى عناصر انضباط من كل الاعمار تنظيم مراسم العزاء وتسهيل وصول المعزين. اللافتات المرفوعة تدلنا على الطريق. «عماد مغنية... ويبقى دمك أقوى وينتصر» و«سيبقى اسم عماد مغنية يرعب الصهاينة والاستكبار العالمي». و«حاج رضوان لن نبكيك. فكرامتنا من الله الشهادة».
«رجاء من دون تقبيل لو سمحتن» قالت إحدى المسؤولات عن الانضباط للنسوة اللواتي توافدن الى مكان تجمع النساء حيث كانت عائلة مغنية تتلقى التعازي. الوالدة رفضت الكلام في بادئ الامر. قالت انها متعبة. بعد الإصرار صمتت قليلا لتضيف: «أنا عاتبة على صحيفة الشرق الاوسط. أحيانا تجانبون الحقيقة. وأنا أعرف أن رسالة الاعلام هي الصدق. وانتم صحيفة محترمة. لذا نتمنى عليكم الصدق دائما».
وعدنا الحاجة أم عماد بنقل عتبها. سألناها: متى التقيت عماد للمرة الاخيرة؟ أجابت: «ليس منذ فترة بعيدة. لم يمض وقت طويل على آخر لقاء. غمرته وعانقته، كما في كل مرة. لم أقل اليه هواجسي أو خوفي. كنت أقبل انه في خطر. وكنت أعرف ذلك. لكننا من مدرسة كربلاء نقبل أن أولادنا قد يستشهدون وهم يجاهدون. ومن لا يعيش هذه المدرسة لا يفهم قدرتنا على السير في خطى الامام الحسين للنضال والكفاح».
عن طفولة الراحل قالت: «لا أستطيع أن أصفه. لم يكن في شخصيته أي جانب غير مميز. أخلاق وتربية وعاطفة. والأهم الدين والإيمان. كان يحمل مسؤولية العائلة كذلك كان متفوقا في دراسته. كان بدأ اختصاصا في ادارة الاعمال في الجامعة الاميركية لكنه ترك بعد عام وتفرغ للنضال». وتضيف: «من صغره كان قليل الكلام كثير الأفعال. تميز بالذكاء الحاد والصمت. عام 1975 عندما هُجّرنا من النبعة وجئنا الى القرية جلسنا في بيتنا على التراب. لم نكن نملك شيئا. عمل عماد آنذاك في البساتين. كان صائما ويعمل طوال النهار مقابل خمس ليرات (حوالي دولارين آنذاك). وفر المال وقدمه ليتم طلاء المسجد في البلدة. ونحن بقينا على التراب». كيف كان حضور عماد مغنية في عائلته وبين اصدقائه وأبناء قريته؟
تدخل على خط الكلام الحاجة أم علي، صديقة العائلة التي لم تفارق والدة عماد، فتقول: «الحاجة أم عماد كانت سفيرة ابنها الشهيد في كل بيت من بيوت المقاومة. كنا نشعر دائما انه معنا. كانت تحمل هداياه الى عوائل الشهداء».
يتشعب الحوار. كأن لعماد مغنية صدى في حديث كل امرأة من النساء المتجمعات حول والدته. يجمعن على أن «الشهيد كان رمزا يقرأ فيه كل إنسان جانباً ويستفيد منه». صوره المعلقة في كل مكان تعيد حضوره وكأنه يتجول بين النسوة ويحييهن ويسألهن عن أحوالهن. يستعدن صوته الرخيم. يقلن انه «كان يحب الشعر ويتلو الآيات القرآنية بصوت يدخل الى الشرايين والقلب».
تقول أم علي صديقة الوالدة: «أنظري الى صورته. هكذا كان. لم يتغير. كبر قليلا واكتسب بعض الوزن فقط. ليس صحيحا انه أجرى عمليات جراحية لتغيير ملامحه. فهي لا تزال على حالها». وتشير بيدها الى وجهه في الصورة التي التقطت له قبل حرب يوليو (تموز) مباشرة والتي عممت على وسائل الاعلام ورفعت في كل مكان، لتقول: «هل تشاهدين هذه الحبة (حبة الحسن)؟ كبر حجمها مع العمر. لو كان أجرى أي جراحة لماذا لم يستأصلها». تضيف: «الحاج رضوان استشهد مبتسما».
كيف تعرفن. هل شاهدتن جثته؟
الوالدة لا تجيب. فهي حريصة على كل كلمة تنطق بها شفتاها. لكن الصديقة تمتم بما يشي بذلك. وتضيف: «كان ضميره مرتاحا وكان مبتسما لحظة استشهاده. قبل استشهاده كنا نراه دائما. لكن اذا سألنا عنه أحد كنا ننكر ذلك. كنا نحافظ عليه. العدو الاسرائيلي كان يلاحقه والمقاومة حمته».
تعود والدة مغنية لتقول: «لا ينجح الشخص اذا لم يكن صادقا. ابني لم ينجح إلا لأنه صادق. لم يكذب أبدا. عوائل الشهداء جميعها تعرف ذلك. خسارتي به كبيرة. هذا صحيح. لا أحد يقبل موت أولاده من دون سبب، لكن لدينا سبباً وهو الظلم. ظلم اسرائيل. والآن اضافة الى اسرائيل ظلم الولايات المتحدة. يجب أن تزول إسرائيل من الوجود».
تتولى الصديقة ناصية الكلام لتؤكد ان «شهادة عماد أدت الى ولادة الملايين من عماد مغنية. وأن كل امرأة منا جسد متفجر لإزالة إسرائيل من الوجود».
http://www.aawsat.com/2008/02/18/images/news1.459054.jpg
والدة القيادي في حزب الله عماد مغنية تتقبل التعازي (أ ب)
بيروت: سناء الجاك
قالت والدة القيادي في حزب الله عماد مغنية إنها بدأت «مسيرة جهادية» منذ صباها كرمى لأولادها وكانت تريد أن يصبحوا «مجاهدين». وكان لها ما أرادت. وقد وضعت نصب عينيها أن «الشهادة» قد تكون نصيب أولادها. وأضافت: «أتمنى لو أن أولادي بقوا على قيد الحياة. لم أكن أرغب أبدا في موتهم. لكن في مسيرة الجهاد هذه النهاية متوقعة».
الوالدة الثكلى التي فقدت أولادها الثلاثة، لم تحمل الحزن في ملامحها، وانما وارته خلف الغضب الرزين والإرادة الصلبة. فهي من النساء اللواتي كان لهن دور رائد في «المداومة على نشر الثقافة الكربلائية»، كما تصفها قريباتها.
أما ابنته فاطمة فسكونها لم يخف الحزن المكدس في عينيها. الصبية الجميلة التي لم تتجاوز الرابعة والعشرين من عمرها والغارقة في أسود الحداد، اعتذرت عن عدم الكلام لأنها على عجلة من أمرها. تريد الذهاب الى ولديها الصغيرين. إلا انها قالت: «والدي كان صديقي. كان مفعما بالحنان. يعامل أحفاده وكأنهم أولاده ويلاعبهم».
أثناء غيابه المتكرر كانت فاطمة تشتاق الى والدها وتخاف عليه. تقول: «عندما كان يغيب كنت أشعر بأن قلبي ولعان (مشتعل)». «الشرق الاوسط» زارت طيردبا بلدة عماد مغنية، حيث كان يقام مجلس عزاء على روحه. البلدة التي يبلغ عدد سكانها 5500 نسمة ضاقت بالوافدين، فاكتظت بهم طرقها. وتولى عناصر انضباط من كل الاعمار تنظيم مراسم العزاء وتسهيل وصول المعزين. اللافتات المرفوعة تدلنا على الطريق. «عماد مغنية... ويبقى دمك أقوى وينتصر» و«سيبقى اسم عماد مغنية يرعب الصهاينة والاستكبار العالمي». و«حاج رضوان لن نبكيك. فكرامتنا من الله الشهادة».
«رجاء من دون تقبيل لو سمحتن» قالت إحدى المسؤولات عن الانضباط للنسوة اللواتي توافدن الى مكان تجمع النساء حيث كانت عائلة مغنية تتلقى التعازي. الوالدة رفضت الكلام في بادئ الامر. قالت انها متعبة. بعد الإصرار صمتت قليلا لتضيف: «أنا عاتبة على صحيفة الشرق الاوسط. أحيانا تجانبون الحقيقة. وأنا أعرف أن رسالة الاعلام هي الصدق. وانتم صحيفة محترمة. لذا نتمنى عليكم الصدق دائما».
وعدنا الحاجة أم عماد بنقل عتبها. سألناها: متى التقيت عماد للمرة الاخيرة؟ أجابت: «ليس منذ فترة بعيدة. لم يمض وقت طويل على آخر لقاء. غمرته وعانقته، كما في كل مرة. لم أقل اليه هواجسي أو خوفي. كنت أقبل انه في خطر. وكنت أعرف ذلك. لكننا من مدرسة كربلاء نقبل أن أولادنا قد يستشهدون وهم يجاهدون. ومن لا يعيش هذه المدرسة لا يفهم قدرتنا على السير في خطى الامام الحسين للنضال والكفاح».
عن طفولة الراحل قالت: «لا أستطيع أن أصفه. لم يكن في شخصيته أي جانب غير مميز. أخلاق وتربية وعاطفة. والأهم الدين والإيمان. كان يحمل مسؤولية العائلة كذلك كان متفوقا في دراسته. كان بدأ اختصاصا في ادارة الاعمال في الجامعة الاميركية لكنه ترك بعد عام وتفرغ للنضال». وتضيف: «من صغره كان قليل الكلام كثير الأفعال. تميز بالذكاء الحاد والصمت. عام 1975 عندما هُجّرنا من النبعة وجئنا الى القرية جلسنا في بيتنا على التراب. لم نكن نملك شيئا. عمل عماد آنذاك في البساتين. كان صائما ويعمل طوال النهار مقابل خمس ليرات (حوالي دولارين آنذاك). وفر المال وقدمه ليتم طلاء المسجد في البلدة. ونحن بقينا على التراب». كيف كان حضور عماد مغنية في عائلته وبين اصدقائه وأبناء قريته؟
تدخل على خط الكلام الحاجة أم علي، صديقة العائلة التي لم تفارق والدة عماد، فتقول: «الحاجة أم عماد كانت سفيرة ابنها الشهيد في كل بيت من بيوت المقاومة. كنا نشعر دائما انه معنا. كانت تحمل هداياه الى عوائل الشهداء».
يتشعب الحوار. كأن لعماد مغنية صدى في حديث كل امرأة من النساء المتجمعات حول والدته. يجمعن على أن «الشهيد كان رمزا يقرأ فيه كل إنسان جانباً ويستفيد منه». صوره المعلقة في كل مكان تعيد حضوره وكأنه يتجول بين النسوة ويحييهن ويسألهن عن أحوالهن. يستعدن صوته الرخيم. يقلن انه «كان يحب الشعر ويتلو الآيات القرآنية بصوت يدخل الى الشرايين والقلب».
تقول أم علي صديقة الوالدة: «أنظري الى صورته. هكذا كان. لم يتغير. كبر قليلا واكتسب بعض الوزن فقط. ليس صحيحا انه أجرى عمليات جراحية لتغيير ملامحه. فهي لا تزال على حالها». وتشير بيدها الى وجهه في الصورة التي التقطت له قبل حرب يوليو (تموز) مباشرة والتي عممت على وسائل الاعلام ورفعت في كل مكان، لتقول: «هل تشاهدين هذه الحبة (حبة الحسن)؟ كبر حجمها مع العمر. لو كان أجرى أي جراحة لماذا لم يستأصلها». تضيف: «الحاج رضوان استشهد مبتسما».
كيف تعرفن. هل شاهدتن جثته؟
الوالدة لا تجيب. فهي حريصة على كل كلمة تنطق بها شفتاها. لكن الصديقة تمتم بما يشي بذلك. وتضيف: «كان ضميره مرتاحا وكان مبتسما لحظة استشهاده. قبل استشهاده كنا نراه دائما. لكن اذا سألنا عنه أحد كنا ننكر ذلك. كنا نحافظ عليه. العدو الاسرائيلي كان يلاحقه والمقاومة حمته».
تعود والدة مغنية لتقول: «لا ينجح الشخص اذا لم يكن صادقا. ابني لم ينجح إلا لأنه صادق. لم يكذب أبدا. عوائل الشهداء جميعها تعرف ذلك. خسارتي به كبيرة. هذا صحيح. لا أحد يقبل موت أولاده من دون سبب، لكن لدينا سبباً وهو الظلم. ظلم اسرائيل. والآن اضافة الى اسرائيل ظلم الولايات المتحدة. يجب أن تزول إسرائيل من الوجود».
تتولى الصديقة ناصية الكلام لتؤكد ان «شهادة عماد أدت الى ولادة الملايين من عماد مغنية. وأن كل امرأة منا جسد متفجر لإزالة إسرائيل من الوجود».