سلسبيل
02-15-2008, 07:22 AM
وليد الطبطبائي
أشعر ويشعر غيري ـ في الكويت ـ بالاستغراب من الكاتب الأستاذ علي المتروك الذي أخذ يثير قضايا نراها تؤجج الفتن وتثير المشاعر في وقت نحن أحوج ما نكون فيه للعقلانية والهدوء والاحترام المتبادل، وإلا فما فائدة ما نشره المتروك قبل أيام تحت عنوان (فلتكن الحقيقة رائدنا) من أقوال ان فلاناً من الصحابة قام بكذا وكذا أن كتب التاريخ ذكرت ذلك، فما الهدف من إثارة وإحياء الصراعات التاريخية سواء كانت هذه ثابتة أم مزورة.. إننا من خلال منهجنا القائم على محبة آل بيت النبي عليهم السلام ومحبة الصحابة والترضي عليهم جميعاً، وأن نترك ما شجر بينهم فهم أخوة متحابون حصل بين بعضهم خلاف الا اننا نحب الجميع ولو أخطأ بعضهم فمحبة الجميع واجبة إجلالاً لرسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فهم قرابته وهؤلاء صحابته واحترامهم واجب وتقديرهم مؤكد.
ولذلك فأنا استغرب هذا الهجوم المركز على الصحابي الجليل معاوية بن ابي سفيان ـ رضي الله عنه ـ وهو خال المؤمنين ومن كتاب الوحي وبالتالي فهو من العدول، ولو أخطأ في توليته لابنه يزيد فهذا لا يخرجه من اطار العدالة والاحترام والترضي عليه.
ولذلك فأقول ان ردنا هذا هو في إطار البحث عن الحق والحقيقة وليس له مساس بالوحدة الوطنية كما هي قناعة على المتروك في نهاية مقالته التي كانت بعنوان »فلتكن الحقيقة رائدنا«.
فنقول مستعينين بالله ان الأستاذ علي المتروك قد أعطانا الفرصة لبيان وتفنيد بعض الأباطيل التي يروج لها الطاعنون في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتي أصبحت من المسلمات عند طائفة منهم، والله تعالى يقول (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) الأحزاب/ 58 ولما نقل عن الامام أحمد بعض الأخبار والأباطيل التي فيها ملمز ومغمز قال »لو كان هذا في أفناء الناس لأنكرته فكيف في اصحاب رسول الله« كتاب السنة للخلال (501/3).
وستجد اخي القارئ أن الأستاذ علي المتروك لم يخرج في استدلاله عن أمرين وهما:
أولا: الاعتماد والاستدلال بكتاب مشبوه يشوه التاريخ الإسلامي وتاريخ الصحابة.
ثانيا: الاستدلال برواية احد الرواة الذين اتهمهم العلماء بالكذب.
إن الاستدلال بكتب التواريخ والأدب ومثلها لا يليق بمن يريد معرفة الحقيقة أن يعتمد على مثلها وتكون هي الحد الفاصل لديه بين الحق والباطل ونحن ولله الحمد لا نستبيح مثل هذا المنهج لتقرير عقائدنا ومنهجنا، وفرق بين من يبحث ليصل للحقيقة وبين من يبحث ليقرر قناعة هو مؤمن بها، حقا كانت أم باطلا ولذلك كان كثير من الكتبة يتلقفون الأكاذيب والترهات المختلفة في تاريخنا الإسلامي، ثم يجعلون هذه الأباطيل عمدة فيما يكتبون وكأنها من المسلمات مروجين لها على عامة القراء لا حجة لهم فيها سوى أنها مسطرة في ثنايا الوحشي من الكتب وكأن وجودها في هاتيك الكتب كاف في اسباغ صفة الصدق والثبوت والتسليم بما فيها وهذا والله لون من الوان التأثر بالمنهج الغربي الذي لا يهتم بنقل الاسانيد ولا تمحيصها واكبر مثال على فساد منهجهم هذا هو ان الاسناد بينهم وبين الانجيل منقطع بمئات السنين وهو الكتاب المقدس فما بالك بغيره.
قال الألوسي رحمه الله: »المؤرخون ينقلون ما خبث وطاب ولا يميزون بين الصحيح والضعيف والموضوع واكثرهم حاطب ليل لا يدري مايجمع فالاعتماد على مثل ذلك في مثل هذا المقام الخطر والطريق الوعر مما لا يليق بشان عاقل فضلا عن فاضل »انتهى كلامه، (صب العذاب على من سب الأصحاب ص 421)
ولذلك فمن البديهي لكل منصف هو عدم الاعتماد على كتب التاريخ والادب وحدها دون اعمال القواعد العلمية واسس البحث التي يتفق حولها للاستدلال او للاعتبار، وعليه نقول: إنه يجب على كل ناقل للتاريخ الا يطلق العنان لخياله فيسرد الاحداث سرداً او يصدر الاحكام جزافا او ينحاز الى جانب او مبدأ او قضية مما قد يوقعه في اخطاء جسيمة، فقد يأتي السرد مبتوراً او مشوهاً او لا يرتكز على اسس واصول صحيحة مما يؤدي الى ضياع الحقيقة، فحرى بكل مهتم ان يحرص على التمحيص والتثبت من الاخبار فوالله انه ليكفينا القليل من الاخبار مما صحت اسانيده وهو خير من ان يبقى تاريخيا محشوا بالكثير من الاكاذيب والافتراءات نهبا لكل من اراد ان يشيع الفتنة في صفوف الذين آمنوا وان ينال من مكانة ذلك الجيل الذي شهد نور النبوة واتصال الارض بالسماء، فأهلا بالحقائق الناصعة ولو كانت قليلة وبعدا وسحقا للخرافات وقواميس المناقب والمثالب مهما تعددت مصادرها، لذا نقول: إن الكاتب علي المتروك وقع في هذا المسلك الوعر الذي حذرنا منه اعلاه وحذر منه غيرنا من العلماء واهل التحقيق والدراية حيث انه اعتمد على هذه الكتب في مقالته التي شوش فيها على القراء الكرام باعتبارها من المصادر المسلم بها وان كل ما فيها صحيح وهي كتاب شرح نهج البلاغة لابي الحديد المعتزلي، وكتب الاصفهاني، وتاريخ الطبري، وتاريخ ابن الاثير وسيكون الكلام حول هذه الكتب من خلال هذه النقاط.
اولاً: شرح نهج البلاغ لابن ابي الحديد المعتزلي، فمؤلف الكتاب ضعيف عند علماء الاسلام سنة كانوا ام شيعة أما كلام علماء اهل السنة فيه فمعروف ومعلوم، ولا حاجة لذكره وتوضيح الواضحات من المملات، وأما كلام علماء الشيعة فيه فقد قال الخوئي وهو يصف ابن ابي الحديد هذا (ليس من اهل الدراية والاثر.. وان رأيه فاسد ونظره كاسد وانه اكثر من اللجاج وانه اضل كثيراً وضل عن سواء السبيل) وقال الخوئي عن كتابه شرح نهج البلاغة (جسد بلا روح يدور على القشر دون اللباب... ليس له كثير فائدة تشمئز عنها الطباع وتنفر عنها الاسماع) منهاج البراعة شرح نهج البلاغة للخوئي 14/1 طبعة دار احياء التراث العربي.
فهذا كلام كبار علماء الشيعة في ابن ابي الحديد وكتابه، فكيف استحل الكاتب الأستاذ علي المتروك النقل عن مثل هذا الكتاب فوقع القراء الكرام في وهم بأن هذا الكتاب معتمد في التاريخ فضلاً عن تاريخ اصحاب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهم النجوم الزاهرة والبدور النيرة وكيف يكون مثل هذا الكتاب حجة بين المتروك وربه عند سؤاله عن سبب اتهامه لصاحب رسول الله وكاتب وحيه معاوية رضي الله عنه قال تعالى: (ستكتب شهادتهم ويسألون).
ثانيا: كتب أبي الفرج الاصفهاني وهي من الكتب التي اعتمد عليها الكاتب علي المتروك في مقالته ومعلوم ان كتب الاصفهاني من الكتب المشبوهة وهذا معروف لدى عامة الناس وخاصتهم، فكتبه مليئة بالشعوبية والاكاذيب والمجون وحتى الطعن في آل البيت وفي اصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم على حد سواء، فانتهاكات الاصفهاني في كتبه كثيرة جدا منها طعنه في سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكذا نفيه لقصيدة الفرزدق التي قالها في زين العابدين ويقول في مطلعها: »هذا التي تعرف البطحاء وطئته«. (انظر كتاب الاغاني للاصفهاني ج 42/17).
وقد حذر العلماء من كتب الاصفهاني ومروياته قال ابن الجوزي رحمه الله: »لا يوثق بروايته« وقال الغلوي النوبختي: »كان الاصفهاني من اكذب الناس«. لسان الميزان 222/4، وانظر الكلام حول الاصفهاني في كتاب الدكتور وليد الاعظمي »السيف اليماني في نحر الاصفهاني صاحب الاغاني« من اصدارات دار الوفاء ـ مصر.
ثالثا: تاريخ الطبري وهو من الكتب المهمة في التاريخ لكن الطبري رحمه الله لم يشترط ان كل ما في كتابه صحيح فغياب المعرفة والوعي بمناهج علماء التاريخ وقراءة مقدمات كتبهم كان سببا لفقدان بحوث بعض الكتبة الكثير من الموضوعية والمصداقية.
منهج الطبري في كتابه قال رحمه الله في مقدمة الكتاب: »ما يكن في كتابي هذا من خبر يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه، فليعلم أنه لم يُوت من قبلنا، وإنما أتى من قبل بعض ناقليه، وأنا أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا« تاريخ الطبري 52/1.
إذا الطبري رحمه الله يبين أنه لم يشترط الصحة في كتابه، وان العهدة على الرواة نقلة الأخبار، لذا يقول العلماء ان من أسند فقد احال والطبري وضع لكل مروياته أسانيد فما على المنصف سوى النظر في هذه الأسانيد من حيث وثاقة الراوي وكذبه والذي يهمنا هو ما نقله الكاتب علي المتروك عن ابن جرير الطبري رحمه الله انه ذكر في أحادث سنة »51 هـ« ان معاوية أمر بقتل عبدالرحمن بن حسان حينما امتنع عن لعن علي عليه السلام وهذه القصة باطلة ولا تصح ويكفي أن الطبري نقلها عن لوط بن بحيى »ابومخنف« وهو كذاب يروي الاكاذيب والموضوعات قال عنه الحافظ ابن حبان »يروي الموضوعات« وقال الذهبي »إخباري تالف« انظر كتاب مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري للدكتور يحيى اليحيى طبعة دار العاصمة.
رابعا: كتاب الكامل لابن الأثير رحمه الله وهذا الكتاب من الكتب التي تنقل من تاريخ الطبري وهذا بشهادة ابن الأثير نفسه قال في مقدمة تاريخه الكامل ما نصه »إني قد جمعت في كتابي هذا ما لم يجتمع في كتاب واحد، ومن تأمله علم صحة ذلك فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنفه الإمام أبو جعفر الطبري إذ هو الكتاب المعول عند الكافة عليه، والرجوع عن الاختلاف إليه، فأخذت ما فيه من جميع تراجمه لم أخل بترجمة واحدة منها« إذا الكلام حولها مبني على الكلام السابق حول تاريخ الطبري فهوينقل منه كما قال.
وبإذن الله سنبين في المقال القادم النقاط الاتية:
ـ حقيقة ان معاوية أصدر مرسوما ينهى عن ذكر فضائل الإمام علي عليه السلام.
ـ حقيقة دس السم للإمام الحسن بن علي عليه السلام ومن يقف وراءها.
altabtabae@hotmail.com
تاريخ النشر: الخميس 14/2/2008
أشعر ويشعر غيري ـ في الكويت ـ بالاستغراب من الكاتب الأستاذ علي المتروك الذي أخذ يثير قضايا نراها تؤجج الفتن وتثير المشاعر في وقت نحن أحوج ما نكون فيه للعقلانية والهدوء والاحترام المتبادل، وإلا فما فائدة ما نشره المتروك قبل أيام تحت عنوان (فلتكن الحقيقة رائدنا) من أقوال ان فلاناً من الصحابة قام بكذا وكذا أن كتب التاريخ ذكرت ذلك، فما الهدف من إثارة وإحياء الصراعات التاريخية سواء كانت هذه ثابتة أم مزورة.. إننا من خلال منهجنا القائم على محبة آل بيت النبي عليهم السلام ومحبة الصحابة والترضي عليهم جميعاً، وأن نترك ما شجر بينهم فهم أخوة متحابون حصل بين بعضهم خلاف الا اننا نحب الجميع ولو أخطأ بعضهم فمحبة الجميع واجبة إجلالاً لرسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فهم قرابته وهؤلاء صحابته واحترامهم واجب وتقديرهم مؤكد.
ولذلك فأنا استغرب هذا الهجوم المركز على الصحابي الجليل معاوية بن ابي سفيان ـ رضي الله عنه ـ وهو خال المؤمنين ومن كتاب الوحي وبالتالي فهو من العدول، ولو أخطأ في توليته لابنه يزيد فهذا لا يخرجه من اطار العدالة والاحترام والترضي عليه.
ولذلك فأقول ان ردنا هذا هو في إطار البحث عن الحق والحقيقة وليس له مساس بالوحدة الوطنية كما هي قناعة على المتروك في نهاية مقالته التي كانت بعنوان »فلتكن الحقيقة رائدنا«.
فنقول مستعينين بالله ان الأستاذ علي المتروك قد أعطانا الفرصة لبيان وتفنيد بعض الأباطيل التي يروج لها الطاعنون في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتي أصبحت من المسلمات عند طائفة منهم، والله تعالى يقول (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) الأحزاب/ 58 ولما نقل عن الامام أحمد بعض الأخبار والأباطيل التي فيها ملمز ومغمز قال »لو كان هذا في أفناء الناس لأنكرته فكيف في اصحاب رسول الله« كتاب السنة للخلال (501/3).
وستجد اخي القارئ أن الأستاذ علي المتروك لم يخرج في استدلاله عن أمرين وهما:
أولا: الاعتماد والاستدلال بكتاب مشبوه يشوه التاريخ الإسلامي وتاريخ الصحابة.
ثانيا: الاستدلال برواية احد الرواة الذين اتهمهم العلماء بالكذب.
إن الاستدلال بكتب التواريخ والأدب ومثلها لا يليق بمن يريد معرفة الحقيقة أن يعتمد على مثلها وتكون هي الحد الفاصل لديه بين الحق والباطل ونحن ولله الحمد لا نستبيح مثل هذا المنهج لتقرير عقائدنا ومنهجنا، وفرق بين من يبحث ليصل للحقيقة وبين من يبحث ليقرر قناعة هو مؤمن بها، حقا كانت أم باطلا ولذلك كان كثير من الكتبة يتلقفون الأكاذيب والترهات المختلفة في تاريخنا الإسلامي، ثم يجعلون هذه الأباطيل عمدة فيما يكتبون وكأنها من المسلمات مروجين لها على عامة القراء لا حجة لهم فيها سوى أنها مسطرة في ثنايا الوحشي من الكتب وكأن وجودها في هاتيك الكتب كاف في اسباغ صفة الصدق والثبوت والتسليم بما فيها وهذا والله لون من الوان التأثر بالمنهج الغربي الذي لا يهتم بنقل الاسانيد ولا تمحيصها واكبر مثال على فساد منهجهم هذا هو ان الاسناد بينهم وبين الانجيل منقطع بمئات السنين وهو الكتاب المقدس فما بالك بغيره.
قال الألوسي رحمه الله: »المؤرخون ينقلون ما خبث وطاب ولا يميزون بين الصحيح والضعيف والموضوع واكثرهم حاطب ليل لا يدري مايجمع فالاعتماد على مثل ذلك في مثل هذا المقام الخطر والطريق الوعر مما لا يليق بشان عاقل فضلا عن فاضل »انتهى كلامه، (صب العذاب على من سب الأصحاب ص 421)
ولذلك فمن البديهي لكل منصف هو عدم الاعتماد على كتب التاريخ والادب وحدها دون اعمال القواعد العلمية واسس البحث التي يتفق حولها للاستدلال او للاعتبار، وعليه نقول: إنه يجب على كل ناقل للتاريخ الا يطلق العنان لخياله فيسرد الاحداث سرداً او يصدر الاحكام جزافا او ينحاز الى جانب او مبدأ او قضية مما قد يوقعه في اخطاء جسيمة، فقد يأتي السرد مبتوراً او مشوهاً او لا يرتكز على اسس واصول صحيحة مما يؤدي الى ضياع الحقيقة، فحرى بكل مهتم ان يحرص على التمحيص والتثبت من الاخبار فوالله انه ليكفينا القليل من الاخبار مما صحت اسانيده وهو خير من ان يبقى تاريخيا محشوا بالكثير من الاكاذيب والافتراءات نهبا لكل من اراد ان يشيع الفتنة في صفوف الذين آمنوا وان ينال من مكانة ذلك الجيل الذي شهد نور النبوة واتصال الارض بالسماء، فأهلا بالحقائق الناصعة ولو كانت قليلة وبعدا وسحقا للخرافات وقواميس المناقب والمثالب مهما تعددت مصادرها، لذا نقول: إن الكاتب علي المتروك وقع في هذا المسلك الوعر الذي حذرنا منه اعلاه وحذر منه غيرنا من العلماء واهل التحقيق والدراية حيث انه اعتمد على هذه الكتب في مقالته التي شوش فيها على القراء الكرام باعتبارها من المصادر المسلم بها وان كل ما فيها صحيح وهي كتاب شرح نهج البلاغة لابي الحديد المعتزلي، وكتب الاصفهاني، وتاريخ الطبري، وتاريخ ابن الاثير وسيكون الكلام حول هذه الكتب من خلال هذه النقاط.
اولاً: شرح نهج البلاغ لابن ابي الحديد المعتزلي، فمؤلف الكتاب ضعيف عند علماء الاسلام سنة كانوا ام شيعة أما كلام علماء اهل السنة فيه فمعروف ومعلوم، ولا حاجة لذكره وتوضيح الواضحات من المملات، وأما كلام علماء الشيعة فيه فقد قال الخوئي وهو يصف ابن ابي الحديد هذا (ليس من اهل الدراية والاثر.. وان رأيه فاسد ونظره كاسد وانه اكثر من اللجاج وانه اضل كثيراً وضل عن سواء السبيل) وقال الخوئي عن كتابه شرح نهج البلاغة (جسد بلا روح يدور على القشر دون اللباب... ليس له كثير فائدة تشمئز عنها الطباع وتنفر عنها الاسماع) منهاج البراعة شرح نهج البلاغة للخوئي 14/1 طبعة دار احياء التراث العربي.
فهذا كلام كبار علماء الشيعة في ابن ابي الحديد وكتابه، فكيف استحل الكاتب الأستاذ علي المتروك النقل عن مثل هذا الكتاب فوقع القراء الكرام في وهم بأن هذا الكتاب معتمد في التاريخ فضلاً عن تاريخ اصحاب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهم النجوم الزاهرة والبدور النيرة وكيف يكون مثل هذا الكتاب حجة بين المتروك وربه عند سؤاله عن سبب اتهامه لصاحب رسول الله وكاتب وحيه معاوية رضي الله عنه قال تعالى: (ستكتب شهادتهم ويسألون).
ثانيا: كتب أبي الفرج الاصفهاني وهي من الكتب التي اعتمد عليها الكاتب علي المتروك في مقالته ومعلوم ان كتب الاصفهاني من الكتب المشبوهة وهذا معروف لدى عامة الناس وخاصتهم، فكتبه مليئة بالشعوبية والاكاذيب والمجون وحتى الطعن في آل البيت وفي اصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم على حد سواء، فانتهاكات الاصفهاني في كتبه كثيرة جدا منها طعنه في سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكذا نفيه لقصيدة الفرزدق التي قالها في زين العابدين ويقول في مطلعها: »هذا التي تعرف البطحاء وطئته«. (انظر كتاب الاغاني للاصفهاني ج 42/17).
وقد حذر العلماء من كتب الاصفهاني ومروياته قال ابن الجوزي رحمه الله: »لا يوثق بروايته« وقال الغلوي النوبختي: »كان الاصفهاني من اكذب الناس«. لسان الميزان 222/4، وانظر الكلام حول الاصفهاني في كتاب الدكتور وليد الاعظمي »السيف اليماني في نحر الاصفهاني صاحب الاغاني« من اصدارات دار الوفاء ـ مصر.
ثالثا: تاريخ الطبري وهو من الكتب المهمة في التاريخ لكن الطبري رحمه الله لم يشترط ان كل ما في كتابه صحيح فغياب المعرفة والوعي بمناهج علماء التاريخ وقراءة مقدمات كتبهم كان سببا لفقدان بحوث بعض الكتبة الكثير من الموضوعية والمصداقية.
منهج الطبري في كتابه قال رحمه الله في مقدمة الكتاب: »ما يكن في كتابي هذا من خبر يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه، فليعلم أنه لم يُوت من قبلنا، وإنما أتى من قبل بعض ناقليه، وأنا أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا« تاريخ الطبري 52/1.
إذا الطبري رحمه الله يبين أنه لم يشترط الصحة في كتابه، وان العهدة على الرواة نقلة الأخبار، لذا يقول العلماء ان من أسند فقد احال والطبري وضع لكل مروياته أسانيد فما على المنصف سوى النظر في هذه الأسانيد من حيث وثاقة الراوي وكذبه والذي يهمنا هو ما نقله الكاتب علي المتروك عن ابن جرير الطبري رحمه الله انه ذكر في أحادث سنة »51 هـ« ان معاوية أمر بقتل عبدالرحمن بن حسان حينما امتنع عن لعن علي عليه السلام وهذه القصة باطلة ولا تصح ويكفي أن الطبري نقلها عن لوط بن بحيى »ابومخنف« وهو كذاب يروي الاكاذيب والموضوعات قال عنه الحافظ ابن حبان »يروي الموضوعات« وقال الذهبي »إخباري تالف« انظر كتاب مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري للدكتور يحيى اليحيى طبعة دار العاصمة.
رابعا: كتاب الكامل لابن الأثير رحمه الله وهذا الكتاب من الكتب التي تنقل من تاريخ الطبري وهذا بشهادة ابن الأثير نفسه قال في مقدمة تاريخه الكامل ما نصه »إني قد جمعت في كتابي هذا ما لم يجتمع في كتاب واحد، ومن تأمله علم صحة ذلك فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنفه الإمام أبو جعفر الطبري إذ هو الكتاب المعول عند الكافة عليه، والرجوع عن الاختلاف إليه، فأخذت ما فيه من جميع تراجمه لم أخل بترجمة واحدة منها« إذا الكلام حولها مبني على الكلام السابق حول تاريخ الطبري فهوينقل منه كما قال.
وبإذن الله سنبين في المقال القادم النقاط الاتية:
ـ حقيقة ان معاوية أصدر مرسوما ينهى عن ذكر فضائل الإمام علي عليه السلام.
ـ حقيقة دس السم للإمام الحسن بن علي عليه السلام ومن يقف وراءها.
altabtabae@hotmail.com
تاريخ النشر: الخميس 14/2/2008