لمياء
01-31-2008, 07:33 PM
أوليفييه أرتزشيد الحياة - 30/01/08//
في الولايات المتحدة وأوروبا، يتزايد عدد المدارس والجامعات التي تحظّر استخدام موقع «ويكيبيديا» الموسوعي، (وموقع البحث «غوغل» في إحدى المدارس البريطانية). ويعزى الحظر الى عرض الموقع معلومات مغلوطة، والى تعويل الطلاب عليه مصدراً موثوقاً للمعلومات، وعزوفهم عن التحقق من صحتها، والى يسر الوصول إلى المعلومات ونسخها. غير أن الموقعين وسيلتا بحث يصعب تجاهلهما. وهما عَلَم على تقصينا اليومي عن المعلومات. فـ «ويكيبيديا» و «غوغل» من أركان «بيئة معرفة» بارزة. وهذه البيئة ترسي نمطاً جديداً لعلاقة الأفراد بالمعلومات والمعرفة، وتمهد لفهم هذه العلاقة وتألفها. فـ «ويكيبيديا» رفع معرفة الناس وخبراتهم الى مرتبة مصدر المعرفة الموسوعية.
وأفضى الموقع الى نشأة ظاهرتين: الأولى هي «بلبلة» الخبرات وتشتيتها. فعدد الأشخاص الذين «يعرفون» مزيداً من الأمور، تنامى وتزايد. ويتسنى لهؤلاء «العارفين» وسائل تدوين «معارفهم» و «معلوماتهم» في مراجع الكترونية، مثل «ويكيبيديا». وهذه المراجع في متناول مستعملي الانترنت. فمحركات البحث تحيل روادها الى مثل هذه المواقع. وتوسعت حلقة «التعاون» في بناء المعارف ومراكمتها، وتخطت دائرة الخبراء الأكاديميين. والظاهرة الثانية هي أن عملية تصنيف المعلومات وتبويبها وأرشفتها، وهي عماد كل مشروع موسوعي، لم تعد تجري على مراحل تفترض التأني والتدقيق والمراكمة واللجوء الى مرجع المعلومات الاساسي، بل تجري فوراً، في وقت الاستعمال الحقيقي، مع إدخال المعلومات الى الموقع وعرضها على صفحته. وتغذي إسهامات رواد الانترنت هذا الموقع، وترفده بمعلومات في أثناء طواف المتصفح في الشبكة، وتنقله بين موقع وآخر.
والحق ان الطلاب والتلامذة يقدمون «ويكيبيديا» و «غوغل» على الوسائل المعلوماتية «الأكاديمية» المحدودة، على غرار بوابات المكتبات الإلكترونية. ويشبه حظر لجوء الطلاب الى الموقعين، بذريعة كثرة الأخطاء المنشورة، منع السائقين من قيادة السيارات بسبب السائقين المتهورين. والعبرة أن كل محظور مرغوب. وعليه، لن تجدي محاولات منع الطلاب من استخدام «غوغل» أو «ويكيبيديا» نفعاً.
وشكوى الأساتذة من نسخ الطلاب معلومات يقعون عليها في «ويكيبيديا»، ضعيفة. فالطلاب، قبل ظهور الوسائل التكنولوجية، كانوا ينسخون المعلومات من الموسوعات الورقية. ودرجوا على التوقف عند أول موضوع يرونه مناسباً في هذه الموسوعات، من دون أن يتناولوا الموضوعات والاحتمالات الأخرى ذات الصلة. ومهمة المربين والأساتذة هي إرشاد طلابهم إلى وسائل بحث عن المعلومات مختلفة ومتنوعة. وأسطورة المعلومات الموسوعية في الوسائل الإلكترونية الجاهزة للنسخ والتحميل ضعيفة الصلة بالواقع. فعلى رغم غنى المواقع الإلكترونية الموسوعية، ثمة حدود للبحث في هذه المواقع. ويجب تشجيع الطلاب على البحث عن سبل اخرى لاستعمال الموسوعة الإلكترونية. ويجب إدراج وسائل البحث الالكتروني في سياق تطور تصنيف المعلومات وأدواتها وتبويبها، ووسائل بلوغ المعلومات والمعارف ومعالجتها.
والطريق الى ذلك هو الإقرار بأن «ويكيبيديا» مشروع موسوعي حيوي، وثروة من ثروات البشرية، وأنه مشروع موسوعة «سائلة» لم تبلغ ختامها.
ويهمش إغفال المعلمين متابعة الوسائل التي يستخدمها الطلاب دورهم، ويضعف قدرتهم على استيعاب الوقائع الجديدة. ويسهم هذا الإغفال في تنامي التباس مسألتي السلطة والشهرة على الطلاب. فوسائل الإعلام تخلط بين السلطة والشهرة. والحق ان تطور المعلومات والمعرفة الإلكترونيتين يؤذن بانعطاف كبير يمهد لإرساء أسس عملية التزامن الشفاف بين النشاطات المعلوماتية على الشبكة وخارجها. فالأفراد يواجهون «الزمان الرقمي»، وهو من سمات محركات البحث، أو مشاريع موسوعية مثل «ويكيبيديا».
(باحث في الإعلام)
عن «ليبيراسيون» الفرنسية، 23/1/2008
في الولايات المتحدة وأوروبا، يتزايد عدد المدارس والجامعات التي تحظّر استخدام موقع «ويكيبيديا» الموسوعي، (وموقع البحث «غوغل» في إحدى المدارس البريطانية). ويعزى الحظر الى عرض الموقع معلومات مغلوطة، والى تعويل الطلاب عليه مصدراً موثوقاً للمعلومات، وعزوفهم عن التحقق من صحتها، والى يسر الوصول إلى المعلومات ونسخها. غير أن الموقعين وسيلتا بحث يصعب تجاهلهما. وهما عَلَم على تقصينا اليومي عن المعلومات. فـ «ويكيبيديا» و «غوغل» من أركان «بيئة معرفة» بارزة. وهذه البيئة ترسي نمطاً جديداً لعلاقة الأفراد بالمعلومات والمعرفة، وتمهد لفهم هذه العلاقة وتألفها. فـ «ويكيبيديا» رفع معرفة الناس وخبراتهم الى مرتبة مصدر المعرفة الموسوعية.
وأفضى الموقع الى نشأة ظاهرتين: الأولى هي «بلبلة» الخبرات وتشتيتها. فعدد الأشخاص الذين «يعرفون» مزيداً من الأمور، تنامى وتزايد. ويتسنى لهؤلاء «العارفين» وسائل تدوين «معارفهم» و «معلوماتهم» في مراجع الكترونية، مثل «ويكيبيديا». وهذه المراجع في متناول مستعملي الانترنت. فمحركات البحث تحيل روادها الى مثل هذه المواقع. وتوسعت حلقة «التعاون» في بناء المعارف ومراكمتها، وتخطت دائرة الخبراء الأكاديميين. والظاهرة الثانية هي أن عملية تصنيف المعلومات وتبويبها وأرشفتها، وهي عماد كل مشروع موسوعي، لم تعد تجري على مراحل تفترض التأني والتدقيق والمراكمة واللجوء الى مرجع المعلومات الاساسي، بل تجري فوراً، في وقت الاستعمال الحقيقي، مع إدخال المعلومات الى الموقع وعرضها على صفحته. وتغذي إسهامات رواد الانترنت هذا الموقع، وترفده بمعلومات في أثناء طواف المتصفح في الشبكة، وتنقله بين موقع وآخر.
والحق ان الطلاب والتلامذة يقدمون «ويكيبيديا» و «غوغل» على الوسائل المعلوماتية «الأكاديمية» المحدودة، على غرار بوابات المكتبات الإلكترونية. ويشبه حظر لجوء الطلاب الى الموقعين، بذريعة كثرة الأخطاء المنشورة، منع السائقين من قيادة السيارات بسبب السائقين المتهورين. والعبرة أن كل محظور مرغوب. وعليه، لن تجدي محاولات منع الطلاب من استخدام «غوغل» أو «ويكيبيديا» نفعاً.
وشكوى الأساتذة من نسخ الطلاب معلومات يقعون عليها في «ويكيبيديا»، ضعيفة. فالطلاب، قبل ظهور الوسائل التكنولوجية، كانوا ينسخون المعلومات من الموسوعات الورقية. ودرجوا على التوقف عند أول موضوع يرونه مناسباً في هذه الموسوعات، من دون أن يتناولوا الموضوعات والاحتمالات الأخرى ذات الصلة. ومهمة المربين والأساتذة هي إرشاد طلابهم إلى وسائل بحث عن المعلومات مختلفة ومتنوعة. وأسطورة المعلومات الموسوعية في الوسائل الإلكترونية الجاهزة للنسخ والتحميل ضعيفة الصلة بالواقع. فعلى رغم غنى المواقع الإلكترونية الموسوعية، ثمة حدود للبحث في هذه المواقع. ويجب تشجيع الطلاب على البحث عن سبل اخرى لاستعمال الموسوعة الإلكترونية. ويجب إدراج وسائل البحث الالكتروني في سياق تطور تصنيف المعلومات وأدواتها وتبويبها، ووسائل بلوغ المعلومات والمعارف ومعالجتها.
والطريق الى ذلك هو الإقرار بأن «ويكيبيديا» مشروع موسوعي حيوي، وثروة من ثروات البشرية، وأنه مشروع موسوعة «سائلة» لم تبلغ ختامها.
ويهمش إغفال المعلمين متابعة الوسائل التي يستخدمها الطلاب دورهم، ويضعف قدرتهم على استيعاب الوقائع الجديدة. ويسهم هذا الإغفال في تنامي التباس مسألتي السلطة والشهرة على الطلاب. فوسائل الإعلام تخلط بين السلطة والشهرة. والحق ان تطور المعلومات والمعرفة الإلكترونيتين يؤذن بانعطاف كبير يمهد لإرساء أسس عملية التزامن الشفاف بين النشاطات المعلوماتية على الشبكة وخارجها. فالأفراد يواجهون «الزمان الرقمي»، وهو من سمات محركات البحث، أو مشاريع موسوعية مثل «ويكيبيديا».
(باحث في الإعلام)
عن «ليبيراسيون» الفرنسية، 23/1/2008