المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كنت مُلْحداً على سُنة الله ورسوله



2005ليلى
01-15-2008, 06:12 PM
المفكر والفيلسوف ومنسق حركة كفاية د.عبدالوهاب المسيري لـ الوطن

http://www.alwatan.com.kw/Data/site1/News/Issues200801/lc50-011508.pc.jpg


حاوره في القاهرة حسن عبدالله:

الحوار مع المفكر والفيلسوف د.عبدالوهاب المسيري اصبح من الاولويات الآن. ففي الوقت الذي تتطاول فيه الصهيونية وتتجبر وتقوى قبضتها، ويطنطن البعض- بداية من الرئيس الامريكي وحتى أصغر صهيوني في العالم- بضرورة أن تكون إسرائيل «دولة يهودية نقية»، وأن تتم أي تسوية على أساس الأمر الواقع، يقدم د.المسيري رؤية واضحة لفهم الشخصية الصهيونية واليهودية والمسيحية الصهيونية، ويطرح حلا للقضية الفلسطينية قد يبدو مثاليا لكنه الحل الوحيد لإقامة سلام دائم وعادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

أيضا يتولى د.عبدالوهاب المسيري «69عاماً» منصب المنسق العام لحركة كفاية المعارضة للنظام والتي قامت بأنشطة مهمة على صعيد تفعيل مبدأ التداول السلمي للسلطة في مصر، ويتعرض المسيري بسبب نشاطه هذا إلى ضغوط أمنية وحصار من قبل أجهزة الأمن التي تتبع ندواته فتلغيها، وتفرض طوقا أمينا على محاضراته حتى أنها تمنع الحوارات التي يديرها مع طلابه بعد المحاضرة.

حصل د. المسيري على دكتوراه في الأدب الانجليزي والامريكي المقارن من جامعة رنجرز بنيوجيرسي بالولايات المتحدة الامريكية عام 1969، وقام بالتدريس في جامعات عربية عدة في مصر والسعودية والكويت وماليزيا وتولى العديد من المناصب الاكاديمية والفكرية كباحث ومستشار لعدد من الهيئات والمعاهد والحوليات والجامعات في انحاء العالم المختلفة.

بدأ د. عبدالوهاب المسيري رحلته الفكرية مفكرا ماركسيا يؤمن بالمادية الجدلية لأكثر من ثلاثين سنة وحينما اكتشف ان «الانسان ظاهرة مركبة متعددة العناصر والابعاد ولا يمكن حصره في التفسير المادي»، تحول بشكل هادئ وناعم إلى المناداة بالطرح الاسلامي كحل عاجل لأمراض الحداثة الغربية، بل وأصبح من كبار المفكرين الإسلاميين الآن، وهو عضو مؤسس لحزب الوسط الاسلامي تحت التأسيس المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين.

وللدكتور المسيري أكثر من 70 مؤلفاً تغطي مساحات واسعة من الأدب والفكر وقصص الاطفال والسيرة الذاتية، إلا أن أهم هذه الأعمال هو «موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية»، التي صدرت في ثمانية مجلدات عام 1999، وترصد كل ما له علاقة بالفكر والمصطلحات اليهودية والصهيونية.

وبعد حوالي ربع قرن من العمل الشاق والمضني في الموسوعة اليهودية اصيب د. عبدالوهاب المسيري بجلطة في المخ ثم بشلل نصفي ثم بسرطان الدم، وأجريت له عملية جراحية خطيرة ومكلفة جداً لزرع نخاع في الولايات المتحدة ليعاود المفكر والفيلسوف العربي د.عبدالوهاب المسيري نشاطاته الاكاديمية والسياسية والفكرية رافعا شعار «أن أموت شهيداً خيرا لي من أن أموت مريضا»،.

التقيت د.عبدالوهاب المسيري في بيته وحاورته حواراً مطولاً وهذا نصه:
¼ ماذا عن حالتك الصحية الآن؟
- د.عبدالوهاب المسيري: حالتي مستقرة الآن والحمد لله هل تتصور أنني لم أعرف المرض طيلة حياتي، وفي اليوم الذي سلمت فيه «دسكات» الموسوعة للناشر توفي زوج ابنتي، وأصابني ما يشبه الجلطة المعروفة باسم «فوكاي» في منطقة النطق لكنني توقفت عن تعاطي الدواء عندما قابلت مهاجرة مصرية في سويسرا اصيبت بنفس الجلطة، وأخبرتني بأنها شفيت عندما اخبرتها شقيقتها الطبيبة بألا تتناول أي أدوية، وبالفعل شفيت. وبعد شهرين شعرت بآلام في ظهري واستيقظت في أحد الأيام لأجد نصفي السفلي مشلولا تماما، فأجريت عملية جراحية واكتشف الاطباء انني مصاب ايضا بسرطان الدم وبدأت رحلة العلاج.
وكان من الضروري ان أقوم بعملية زرع نخاع تكلفت ما يقرب من مليوني جنيه مصري، وتولى تكاليف هذه المسألة كلها العاهل السعودي الراحل فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، لأن الحكومة المصرية مع الاسف لاتزال تنظر في حالتي حتى الآن. كنت أجرى العملية في امريكا بعد سنتين من تقديمي خطاباً للدكتور أسامة الباز، ثم قابل د. زكريا عزمي إحدى الصحفيات القريبات مني وقال لها: «ما زلنا نبحث في حالة د. المسيري حتى الآن!»، بعد ذلك دخلنا في رحلة علاج مستمرة والأمور مستقرة بفضل الله، واكتشفت أن الأطباء في مصر رائعون، وعلى درجة كبيرة من الذكاء والمعرفة العلمية.

ثمن غال

¼ يبدو أنك دفعت ثمنا غاليا لإنجاز أغلى وهو الموسوعة؟
- (ضاحكا) الموسوعة أحدثت أثراً غير عادي في فكر الناس، ولعل أكبر دليل على أهميتها أن الإسرائيليين تجاهلوها تماما، فلم يكتبوا عنها حرفاً واحداً، رغم انني كتبت عن المفاهيم الأساسية باللغة الانجليزية في الأهرام ويكلي.
¼ ولماذا تجاهلوها في رأيك؟
- لأنهم لا يريدون الدخول في حوار نقدي عقلاني، فهم اعتادوا دائما على أن عداء العرب للصهيونية يأخذ شكلاً عنصرياً يتجلى في الحديث عن إبادة إسرائيل وتدميرها، لكنني أقول بإنني مؤمن بأن إسرائيل ستنتهي، وأن هذه النهاية لن تكون بإلقائها في البحر، وإنما بتفكيك الإطار العنصري، القائمة عليه كما حدث في جنوب افريقيا، ويتحول المستوطنون إلى مواطنين في الدولة الجديدة التي ستكون أيضا على شاكلة جنوب افريقيا التي استوعبت المستوطنين البيض ولم تطردهم، وإنما قامت على الديموقراطية والعدل والمساواة والحرية.
¼ أليس هذا صعباً بل وربما خياليا؟
- لا أبداً، الأمر ببساطة أن تكون هناك فترة انتقالية، فتأتي قوات دولية لحفظ السلام إلى أن يكونوا مصالح مشتركة، وهذه ليست مسألة صعبة خاصة وأن المنطقة العربية مليئة بالأقليات العرقية والدينية، وهو ما يجب أن يكون مبعث فخر لنا، ورغم أن الاستعمار يوظف هذا ضدنا لكن لابد أن نطور أشكالاً لدولة يمكنها استيعاب كل هذه الأمور.

كفاية

¼ سنعود إلى الموسوعة مرة أخرى ولكن إلى أين وصلت حركة كفاية في ظل تراجع أنشطتها وانقساماتها؟
- الحركة لم تتراجع ولا تعاني من انقسامات، لكن الضغوط الأمنية تمادت كثيراً في الآونة الأخيرة، أشعر أن أجهزة الأمن تتعامل معي منذ أن توليت مهمة المنسق العام لكفاية، على أني «عبدالوهاب بن لادن» ولست المفكر عبد الوهاب المسيري، فالتضييق يتزايد على وجودي في المحاضرات العامة بين طلاب الجامعات، وألغت بعض الكليات الحوارات المفتوحة التي تعودت على إدارتها مع الشباب عقب المحاضرات، كما ألغيت بعض اللقاءات التي كنت متفقا عليها مع بعض القنوات التلفزيونية الحكومية، بناء على «أوامر عليا» ويبدو أن لعنة «كفاية» تطاردني في كل مكان، لكني لن أتراجع عن القيام بدوري في إحياء الروح الوطنية والعمل ضد كل ما يتم التخطيط له لتحويل مصر إلى ملكية أو عزبة خاصة.
وسنواصل النضال ضد من يعودون بمصر إلى الوراء، من خلال الأفكار والتوجهات الخاصة باللجنة التنسيقية للحركة التي تسعى إلى تطوير ودعم التحرك من خلال المحافظات.
ففي ظل حركة القمع الرهيبة ضد المعارضة، فإن حركة «كفاية» هي الأمل الوحيد للتغيير بطرق سلمية، وان تم القضاء عليها أو محاصرتها، فسيتم التغيير بالعنف، وهذا ما لانريده.

تحولات فكرية

¼ بدأت حياتك ماركسيا ثم ليبراليا والآن إسلامياً، فما هذه التحولات الفكرية؟
- أنا أومن بالإنسان، ومع ذلك فأرى أنه ليس مركز الكون، وإنما مستخلف من الله كنت ماركسيا وماديا وحاولت تطبيق النموذج المادي على الإنسان أخفقت، لأن هناك أشياء مثل التراحم، والخير والأم التي تفني حياتها من أجل طفلها المعوق، لايمكن تفسيرها ماديا أو بعناصر اقتصادية وما شابه ذلك.
وقد توصلت إلى أن الإنسان منفصل عن عالم الطبيعة والمادة، أي أنه مؤشر على وجود شيء وراء الطبيعة وهو الله، وهو ما قادني في نهاية الأمر إلى الإسلام عبر قصة طويلة ذكرتها في كتاب «رحلتي الفكرية»، فأنا مفكر عربي إنساني إسلامي، وأعتقد أن المنظومة الإسلامية لها توجه إنساني عام، حيث تضع الإنسان في المركز لا باعتباره سيداً للكون، ولكنه مستخلف من الله سبحانه وتعالى، فالإسلام عقيدة بالنسبة للمسلمين لكنه إطار حضاري لكل من يعيش في هذه المنطقة، كما أرى أن هناك قاعدة أخلاقية مشتركة بين الإسلام والمسيحية بل واليهودية، وأن علينا اكتشاف هذه القاعدة لتأسيس عقد اجتماعي جيد.
¼ كنت ملحداً؟
- (ضاحكا) كنت أقول لرفاقي الماركسيين : «أنا ماركسي ولكن على سنة الله ورسوله» لأنني كنت أبحث عن صيغة انسانية شاملة، وهو ما لم اجده في الاطار الماركسي الذي لم يكن وافيا لتوفير دوافعي ودوافع الاخرين. الى جانب انني ملتزم اخلاقيا فكنت اتساءل: ما الذي يجعلني افعل الخير واتجنب الشر؟ وهو ما كان يجعلني ابحث عن اساس فلسفي يفسر هذا الجانب في شخصيتي وشخصية الاخرين. واخذت هذه المرحلة ما يقترب من ربع قرن الى ان توصلت الى عجز النموذج المادي.

قصيدة دينية

¼ ومتى حدثت لحظة التحول؟
- لم تحدث هذه اللحظة فجأة، بل لا يمكن الحديث عن لحظة تحول فدائما ما كنت اتصور انني ارتدي ثوبا ماديا وارقع فيه.. رقعة رقعة. فعندما ولدت ابنتي عام 1964 كتبت قصيدة اكتشفت انها دينية في مواجهة لحظة الولادة. انا وزوجتي عشنا قصة حب اثناء الدراسة وكانت قصة حبنا معروفة في الاسكندرية ثم تزوجنا بعدها، وفوجئت بعد الولادة بأنها تبتعد عني لانها دخلت في علاقة مع الطفلة لست طرفا فيها، وهذا ليس له علاقة بالجانب المادي.
¼ هل يمكن ان نطلق على توجهك الجديد «اسلامي ليبرالي»؟
- بل اسلامي انساني. كل ما افعله الآن هو تعميق مفاهيم مثل التوحيد والاستخلاف، لتصبح رؤية انسانية عالمية، نقدمها كحل لمشاكل الحداثة.
الكثير من الملحدين حينما يتحدثون عن الانسان يستخدمون لغة تعبر عن الايمان بشيء وراء الطبيعة واسميه «الاله الخفي».
ولذلك فان الملحدين غير مدركين لاشياء كثيرة، فالنموذج المادي عاجز عن تفسير كثير من جوانب الوجود الانساني، والطبيعة الانسانية الامينة تدفع الانسان الملحد الى التوقف والتساؤل عن هذا الكون والقيم التي تحكم الانسان، واعتقد ان كثيرا منهم سيراجعون مواقفهم وبالنسبة لي فان الرؤية الاسلامية جعلتني اكثر تسامحا وقبولا للضعف الانساني، واضافت لي طمأنينة وتوازنا.
فمشكلة الحداثة الغربية انها جعلت معيار التقدم هو تصاعد معدلات الاستهلاك، بينما اطرح مفهوما اسلاميا للتقدم يهدف الى التوازن مع الذات، والطبيعة والعدل الاجتماعي اي قيم اسلامية محددة، في حين ان التقدم الغربي سيؤدي بنا الى نتائج سيئة وخطيرة فالحديث الغربي الآن عن نتائج الانبعاث الحراري اصبح يوميا، لان الامر اصبح واقعا متجسدا في الثلوج التي تذوب وتهدد بغرق كثير من المناطق.

الاسلام السياسي

¼ جماعات الاسلام السياسي لها اهدافها الخاصة بعيدا عن رؤيتك الاسلامية الفلسفية فلماذا ارتبطت بها؟
- مصطلح الاسلام السياسي اختراع غربي تبنته المؤسسة العلمانية في بلادنا، فمثلا في حزب الوسط نقول اننا نريد تأسيس دولة مدنية ذات مرجعية نهائية اسلامية اساسها ا لمواطنة فلا مشكلة ابدا ان يكون رئيس الجمهورية مسيحيا. كل دولة لها مرجعيتها النهائية. فالدولة الصهيونية مثلا مرجعيتها النهائية هي الرؤية الصهيونية التى ترى ان فلسطين هي اسرائيل التي هي الوطن القومي لليهود، وهذا يعطيهم حقوقا مطلقة، وباسم هذه الرؤية يضربون الفلسطينيين وينشئون المستوطنات والجدار العازل.
اما نحن المسلمين فان لم يكن الاسلام هو مرجعيتنا النهائية فإلى ماذا نتحاكم؟ هل نستورد مرجعية من موزمبيق مثلا!

الحريات والمواطنة

¼ هناك رؤية تتحدث عن المواطنة والحريات كمرجعية نهائية؟
- اوافق على هذا لكن من اين سنولد معايير اخلاقية. كيف سنصنف الاشياء ان هذا اباحي وذاك خلاف ذلك وعلى اي اساس سنقول ان اسرائيل هي العدو، ولماذا نتاجر مع سورية وليبيا ولا نتاجر مع مالطة واسرائيل، لماذا نحتج على ان مصر تعطي الغاز الطبيعي لاسرائيل؟ لان هناك مرجعية عربية اسلامية، ترتب لنا الاولويات، انا ارى ان المواطنة مسألة اساسية في ادارة المجتمع في بعض جوانبه السياسية لكن تظل هناك قضية: ما مصدر القيم الاخلاقية؟ بعض الدول ترى ان المسيحية مرجعيتها الاخلاقية وهذا حقها، وبالتالي فمن حقنا ان تكون لنا مرجعية اسلامية نهائية تتعامل مع المنظومة المسيحية كمرجعية للبعض.

الوسط والإخوان

¼ المسافة التي بين فكر الإخوان المسلمين الآن وتوجهات حزب الوسط ضاقت وتقاربت فهل سنشهد اندماجا بين الرؤيتين؟
ـ عندما انفصل أبو العلا ماضي عن جماعة الاخوان واسس حزب الوسط، كان الخطاب الاخواني لايزال مغلقا الى حد ما، لكن يجب ان ندرك انه خلال العشرة اعوام الماضية، تطور الخطاب الاخواني يكاد يكون بشكل جوهري، وهذه مسألة يجب رصدها حتى يمكن استيعاب الاخوان في الجسد السياسي من خلال القنوات الشرعية وبطرق سلمية ستحدث انفجارات لن تفيد لا الحكومة ولا الشعب ولا المعارضة. فالفكر الانقلابي الذي سيطر على العالم خلال الخمسينيات وحتى السبعينيات أتى بنتائج عسكية، فقد ثبت عقمه، علما ان هذا التفكير لم يكن خاصا بالاسلاميين وحدهم، وانما سيطر على الرؤية الماركسية والليبراليين ايضا.
الدولة الحديثة لا تدار بهذه الطريقة، فلابد من المشاركة مع كل قوى الشعب، عن طريق تفعيل المجتمع المدني بمعناه العريض: النقابات والاحزاب وجماعات حقوق الانسان، وفي هذا الاطار يمكن للجماعات الدينية والعرقية ان تشارك هي الاخرى، فالدولة المركزية خلقت مشكلة اقليات، انظر ماذا حدث في فرنسا، فبعد الثورة الفرنسية تمت تصفية جيوب إثنية وعرقية كثيرة، بما في ذلك اليهود، لدرجة ان فرنسا كان يطلق عليها «الدولة التي تأكل اليهود» لانهم كانوا يختفون نتيجة للدمج والدم. نسعى الى تفعيل مؤسسات المجتمع المدني كي تستفيد الدولة من عقول الامة وترتبط بنبض الشارع.
الاخوان المسلمون ادركوا هذا تماما ونحن نعمل معا من اجل تفعيل مفهوم المواطنة.
¼ هل ما زلتم مصرين على اشهار حزب الوسط رغم رفض لجنة الاحزاب له 4 مرات؟
ـ يجب الا نترك الساحة، فالنظام يريد ان ينقي الاجواء من كل جيوب المعارضة، وحتى لو وقف رجل واحد وقال لا فهذا مهم للغاية بالنسبة للشعب والاجيال القادمة.

هم والأردوغانية

¼ هل تعتبرون انفسكم «إخوانا مهدلين» أم تمثلون «الأردوغانية» المصرية (نسبة الى رجب طيب أردوغان الزعيم التركي الإصلاحي الإسلامي)؟
ـ كل هذه الحركات تنبع من إدراك ان الدولة المركزية القومية هذه اصبحت اداة غير سليمة لإدارة المجتمع، وانه لابد من مرجعية نهائية. الغرب يدعى ان الحداثة منفصلة عن القيمة، وان الامور كلها نسبية وهو مايؤدي بالضرورة الى «الداروينية» بمعنى أنه لا يوجد منظومة قيمية خارجي وخارجك نحتكم إليها. ومن هنا جاء تمسك هذه الحركات بالاسلام كمرجعية نهائية رغم اختلاف البرامج والوسائل باختلاف الجمهور والموقع والجغرافيا والتاريخ، فمثلا تحت شعار حماية العلمانية يقوم الجيش في تركيا بعمليات بطش ليس لها مثيل، والاخوان المسلمون عندهم تراثهم القديم.
اما حزب الوسط فليست عنده هذه المشكلة فجماهيرنا هي مجموعة من الباحثين عن خطاب سياسي إسلامي يتوجه إلى كل افراد الامة، واعتقد ان الإخوان المسلمين يتحركون نحو هذا الأمر بخطى حثيثة وينبغي تشجيعهم.
¼ ما تفسيرك للضربات التي توجهها السلطة في مصر للإخوان المسلمين بشكل منتظم؟
ـ الإخوان المسلمون قادرون على تحريك الجماهير أنا حضرت جزءاً من الحملة الانتخابية للدكتور حشمت في البحيرة (نائب المرشد العام للإخوان المسلمين والسجين حاليا) ورأيت ألوفا مؤلفة من المؤيدين في السرادقات، وكان خطاب د. حشمت مستنيراً تقدميا، تحدث فيه عن الفساد والديموقراطية وتداول السلطة، وهو ما لا يثلج صدور العلمانيين، ويصيب الكثيرين منهم بالاكتئاب ويجعلهم يتهموننا بسرقة هذه الشعارات.
وكنت اتصور ان هذا سيفرحهم لاننا نتبنى شعاراتهم ونستنير مثلهم، والحقيقة ان الإسلاميين هم الذين يرفعون راية المقاومة للهيمنة الغربية، للتوحش الرأسمالي، ، وليس اليساريون أو الليبراليون.

دولة مدنية

¼ المشكلة ان الإسلاميين متهمون بتهديد الطابع المدني للدولة العربية الحديثة بطرحهم للدولة الدينية فمارأيك؟
- الرد على ذلك بأن توضع قوانين تمنع مثل هذا، ولا أفهم ما تقوله عن الدولة الدينية فهل المقصود تصدي الإسلاميين للفيديو كليب مثلا، فالحجاب على سبيل المثال ليس من ضمن أولوياتهم، وأكثر من مرة أكد قادة الإسلاميين أنه لن يُفرض على أحد، لكن يجب أن نتذكر أنه في كل المجتمعات الإنسانية هناك ما يسمى «شفرة الملابس» بمعنى أنني يجب أن أرتدي الملابس الرسمية واللون الأسود مثلا إذا ذهبت إلى العزاء، والعكس إذا ذهبت إلى «عرس»، فهناك ضغوط اجتماعية، فالفتاة الأمريكية، تستطيع الآن أن تذهب إلى الجامعة بالشورت، لكنها كانت إذا ارتدت شورتاً في الستينيات أثناء الدراسة كان المجتمع يشمئز منها وهذا نتيجة لتغير «شفرة الملابس» والضغوط الاجتماعية.
ونفس الشيء بالنسبة للحجاب فالضغوط هنا اجتماعية وليست دينية، فإذا قرر مجتمع ما أن تغطية الشعر واجبة فيجب أن يُغطى، وبشكل عام تم تطهير الخطاب الإسلامي مما أسميته بالمزج بين الإسلام والإسلاميين ويجب أن يدرك العلمانيون أن الخطاب الإسلامي تغير، الليبرالي يؤمن بالتغير الدائم وبالسوق الحرة وحركة رأس المال أما المنظومة الإسلامية فتؤمن أساساً بالعدل وبحد الكفاية للجميع.

تهديد إسلامي

¼ إذن فأنت تتفق مع الغرب في أن الإسلام يهدد القيم الغربية؟
- نعم الإسلام يهدد قيم الحداثة المنفصلة عن القيمة ويهدد الداروينية الغربية، والانفلات والتسيب الخلقي، ويهدد المصالح الغربية التي تحاول أن تهيمن علينا.
الغرب كان متصالحا مع الإسلام حينما كان يطوعه لخدمته في الهجوم على القومية العربية والشيوعية الملحدة، لكن حينما رفع الإسلام علم المقاومة للهيمنة وللرأسمال الغربي تحول فجأة إلى الخطر الأخضر، علماً أن هذا العداء ليس للإسلام فحسب وإنما لكل القوى المقاومة في العالم، فهناك عداء لأحزاب الخضر، ولهوجو شافيز في فنزويلا وللصين، فالغرب ضد كل من يتصدى لرؤيته العولمية التي تحاول أن تحول العالم إلى سوق لسلعة، بمعنى أن يتحول الإنسان من كائن مركب كريم إلى إنسان اقتصادي ينتج ليستهلك ويستهلك لينتج.

2005ليلى
01-15-2008, 06:13 PM
شرق أوسط جديد

¼ هناك حديث دائم عن شرق أوسط جديد فما الهدف في رأيك؟
- الهدف أن يتم تطبيع إسرائيل تماما حتى تصبح جزءاً من المنظومة الحالية، أو كما قال شيمون بيريس: حينما تشتري سلعا يابانية فأنت تصوت لصالح اليابان، فالمسألة كلها سلع ومشاكل اقتصادية، ودائما ما أقول لأصدقائي في الغرب: ان أردتم القضاء على ما يسمى بالإرهاب الإسلامي فلتحلوا المشكلة الفلسطينية، وهذا يمثل %80 من الحل لأننا في نهاية الأمرمعجبون بجوانب كثيرة في الغرب أنا ذهبت إلى أمريكا في أوائل الستينيات من القرن الماضي فوجدتهم يؤيدون إسرائيل كدولة يهودية، فقلت لهم: نحن تعلمنا منكم مبدأ فصل الدين عن الدولة، فلجأوا إلى اعتذارات مثل أن اليهودية ليست ديناً وإنما دين وقومية، وبينما يؤيدون الرؤية الصهيونية وعودة اليهود لأرض الأجداد، يدعو الأمريكيون والغربيون عموما الفلسطينيين إلى أن يكونوا عمليين ويقبلوا الوضع القائم، وهذا التناقض الذي جعلني أشك كثيراً في منظومة الحداثة والعلمانية الغربية

الهولوكست

¼ الرئيس الإيراني نفى موضوع الهولوكست وعقد مؤتمراً بهذا الشأن: فكيف ترى ما سمي بالمحرقة النازية لليهود؟
- الخطاب كان مستفزاً إلى حد ما لكنه مع الأسف فيه جزء من الحقيقة التي ضاعت بسبب النبرة الحادة، الهولوكست لا علاقة له - تاريخيا- بالصراع العربي الإسرائيلي، والحديث عن أنهم - أي الغربيون- أعطوا فلسطين لليهود تعويضا عما حدث في ألمانيا سخيف، ولا علاقة لنا به، المشكلة أن هذا الطرح يوظف ضدنا، وبالمناسبة فإن أول من طالب الغرب بأن يعطي اليهود دولة في ألمانيا هو العاهل السعودي عبد العزيز آل سعود وليس أحمدي نجاد، فحينما التقى الملك السعودي بالرئيس الأمريكي السابق روزفلت قال له العاهل السعودي: «إذا كانت ألمانيا النازية فعلت ذلك فعليكم أن تعطوا اليهود أجود الأراضي في المانيا كي يقيموا دولتهم». وهذا اقتراح انساني بسيط أما أن يقولوا بأنهم يتطلعون دائما إلى فلسطين فهذا مردود عليه بأن الامر كان متاحا من خلال السياحة الدينية، كما يفعل ملايين المسلمين الذين يعيشون في مناطق شتى في العالم ويذهبون الى السعودية لزيارة الكعبة، ولم يفكر أحد في ارسال الجيوش للاستيلاء على الكعبة.

يهودي مسلم

¼ هل هناك تعامل «انتقائي» فيما يخص الهولوكست؟
- سأخبرك بحقيقة رهيبة لا يذكرها أحد: هل تعلم أن اليهودي الذي كان يتقرر حرقه كان يسمى «مسلما». هذه حقيقة اختفت تماما من أدبيات الهولوكست.
¼ من الذي اطلق هذا الاسم؟
- اليهود والنازيون. وهناك تفسيرات عدة للتسمية من بينها ان اليهودي الذي يتقرر حرقه كان يجلس على طريقة يقال لها شرقية.. ومستسلما. وهناك مدخل قصير جدا في الموسوعة اليهودية يتحدث عن هذا لكن هناك ادبيات اخرى كثيرة تسقط هذا الامر تماما من ذاكرتها.

جريمة النفي

¼ الغرب يسمح بالتطاول على الله ويعتبره حرية فيما سنت بعض الدول الغربية قوانين تعتبر نفي الهولوكست جريمة فلماذا؟
- أعتقد أن الانسان الغربي يبحث عن ميتافيزيقا بلا أعباء اخلاقية. فكما يؤمن بالاطباق الطائرة والتنجيم، يقدس الهولوكست الذي يعطيه اشباعا بالمقدس، فكل المطلوب منه الان بعد أن دمر اليهود ان يعتذر، وامريكا توظف ذلك كي تصب المعونات في اسرائيل. فالمعونات الالمانية لاسرائيل بالبلايين وأعتقد أن الولايات المتحدة لم تكن مستعدة لدفع هذه الفاتورة بمفردها.
وبالمناسبة يذكر فرنكشتاين في كتابه «صناعة الهولوكست» انه توجد أموال يهودية وأعمال فنية مسروقة في البنوك الامريكية التي استولت عليها، لكنهم ركزوا على أموال اليهود التي كانت في سويسرا وسكتوا عن الثروات الموجودة في الولايات المتحدة. سكتوا ايضا عن التعاون الكامل الذي كان بين الصهاينة والنازيين، فحينما وصل هتلر الى الحكم أصدرت المنظمة الصهيونية في المانيا بيانا قالت فيه ان ثمة تلاقيا كاملا بين النازية والصهيونية ونحن نرحب بالنازيين لانهم سيساهمون في المشروع الصهيوني لنقل اليهود الى فلسطين، ووقعت معاهدة بين النازيين والصهاينة.
الصهاينة في الواقع لم يساهموا ابدا في المقاومة ضد النازيين، بل كانت العناصر المناهضة للصهيونية هي التي تقاوم النازية. ولذلك انا ضد انكار الهولوكست فهو قد حدث بالفعل لكن يجب أن تقدم الحقيقة.

ستة أم أربعة

¼ اذن: هل توافق على رقم الستة ملايين يهودي الذين يقولون بأنهم احرقوا في الهولوكست؟
- سألني صحفي فرنسي نفس السؤال فقلت له: أعتقد انهم 8 ملايين وليس 6 فهل هذا تحطيم للمقدس؟ نحن لو حسبنا الذين قتلوا في الغارات والاوبئة وسوء التغذية والاحجام عن الزواج وعدم الانجاب، وهؤلاء الذين حصلوا على شهادات تعميد من الكنيسة الكاثوليكية حتى يمكنهم الفرار وآثروا ألا يعلنوا عن هويتهم الدينية إلا بعد الحرب مثل وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت وماكسويل، ربما لو احصينا هؤلاء فقد يصل الرقم الى 8 ملايين أو اربعة، خاصة ان أهم عالم اسرائيلي في الهولوكست وهو يهود اياور ذكر في مقالة بالنيويورك تايمز بأنهم لم يصلوا ابدا الى ستة ملايين ويرى انهم على الاكثر اربعة ملايين. انا وضعت المقالة على موقعي الالكتروني لان من يخالف رقم ستة ملايين أصبح متهما.
ولذلك أعتقد انه لابد من الدعوة الى مؤتمر يحضره كل من يؤيد وينكر الهولوكست ونتناقش وتتحول القضية الى علمية وليست سياسية وحتى لا يُساء توظيفها. المؤتمر الذي عقدته ايران اخيرا حضره المعارضون فقط وهذا ليس موضوعيا.
¼ ما تفسيرك لتصدي ايران لهذه القضية؟
- هي محاولة للهجوم على الهيمنة الغربية من خلال مهاجمة أحد مقدساتها التي توظف ضدنا، فهي محاولة لاختراق المقدسات الغربية.

إطار عنصري

¼ في موسوعتك تتحدث عن فك الاطار العنصري لاسرائيل كحل للقضية الفلسطينية.. ألا ترى ان هذا حل خيالي؟
- ليس خياليا خاصة ان نصف المستوطنين الصهاينة من العالم العربي وهؤلاء بدلا من ان يستخدموا كأداة لضرب العرب، يمكن ان يكونوا جسرا بين العرب والمستوطنين، وبالتالي يمكن تشكيل دولة ديموقراطية لكل شخص فيها صوت، ولها مجلس يقوم على أساس الجماعات والقوميات الموجودة في فلسطين وتبحث فيه القضايا التي تخص الهويات.
فالفرصة الحقيقية للسلام لا تكون إلا بتخلي اسرائيل عن عنصريتها ويتمثل هذا في إلغاء قانون العودة الذي يعطي الحق لأي يهودي في العالم ان يعود الى اسرائيل، وتعترف بحق العودة للفلسطينيين. انا أطرح حلا قد يكون صعب التحقيق لان ما هو قائم دموي. ولعلمك فإنه لا يوجد عداء تاريخي بيننا وبين اليهود، فحتى الغزوة الصهيونية كانوا جزءا من التشكيل الحضاري الاسلامي. والان ليس أمامنا سوى المقاومة حتى يمكن قبول اسرائيل للحل الذي طرحته الان.

المقاومة هي الحل

¼ أي مقاومة في ظل هذا التراجع والانقسامات العربية؟
- المقاومة هي الحل. عرفات وقع اوسلو ولم يعطوه شيئا، وابومازن يسعى بكل قوته في المباحثات ولم يحصل على أي شيء. الاسرائيليون يتمتعون بغباء تاريخي ينبع من غباء اكبر وهو قبول الحركة الصهيونية لانشاء الوطن القومي لليهود في فلسطين وهي منطقة كثيفة السكان، وليسوا هنودا حمراً، بل لديهم ثقافة وتنظيمات وشعوب ومقدسات كان عليهم ان يقبلوا بوطن في امريكا اللاتينية أو أي جزيرة معزولة، لكن قبولهم بالقاء الغرب لهم في هذا المكان يدل على غبائهم وعدم قدرتهم على رؤية القضية في أبعادها التاريخية والعالمية. فاليهود تحركوا في اطار العنصرية الامبريالية فكما ان امريكا كانت ارضا بلا شعب ففلسطين أيضا أرض بلا شعب، وقال هرتزل انه يمكن ابادة الفلسطينيين كما حدث مع الهنود الحمر لكن المشكلة ان الفلسطينيين ليسوا هنودا حمرا والغرب زرع اليهود في هذا المكان لخدمة مصالحه، والصهاينة قبلوا بهذا التحالف. والنتيجة ان الصهيوني مشتبك منذ مائة عام مع السكان الاصليين والواضح انهم أي الفلسطينيون لا يريدون الاستسلام كما ان الاسرائيليين لن يزيلوا المستوطنات من الضفة الغربية ولا الجدار الحاجز، فلا حل اذن سوى ما طرحته أو المقاومة.
¼ العرب طرحوا مبادرة الأرض مقابل السلام؟
- المشكلة ان الحد الادنى الصهيوني لا يتماثل مع الحد الادنى العربي، فاسرائيل لا تقبل بالعودة الى حدود 1967 ولا بحق العودة للاجئين العرب لا يمكنهم قبول اقل من هذا. ولذلك لا ارى اي فائدة من المفاوضات ولا الاتفاقيات ولا المؤتمرات، واذا كانت المقاومة تضعف يوما ما فإنها تعود قوية بعد ذلك. الصراع العربي الاسرائيلي يشارف على النهاية، فقد بدأ الارهاق ينال من الاسرائيليين، والفساد ضارب اطنابه في الدولة الصهيونية، وجاءت حرب لبنان لتكشف هشاشة الكيان الصهيوني.

جيوب استيطانية

¼ لماذا تبدو متفائلا ومبشرا بانتصار عربي على اسرائيل؟
- اطرح دائما نظرية ان جميع الجيوب الاستيطانية تنقسم الى قسمين: قسم أباد السكان الاصليين وكتب له الاستمرار، مثل امريكا الشمالية واستراليا، وقسم لم يبد السكان الاصليين فكان مصيره الزوال مثل الممالك الصليبية والجزائر وانجولا وموزمبيق وجنوب افريقيا، ولم يتبق إلا الجيب الاستيطاني الاسرائيلي، وبالتالي لماذا يشكل هذا الجيب استثناء من القاعدة التاريخية! فالفلسطينيون يتكاثرون ويتعلمون وينظمون انفسهم وقد يختلفون لبعض الوقت لكن الغضب الشعبي والرغبة في المقاومة موجودة، واسرائيل تغذيها بالقمع الدائم والغباء التاريخي.

حتمية دينية

¼ اليمين المسيحي والمحافظون الجدد في امريكا وكذلك الكثير من الاسلاميين يبررون وجود اسرائيل بحتمية دينية فما رأيك؟
- هذا صحيح بالنسبة لليمين المسيحي، اما المحافظون الجدد فلا يؤمنون بالدين، وإنما بتوظيفه. اما الاسلاميون فالكثير من القيادات بدأت تتخلص من هذه الرؤية، فأنا كنت اتحدث مع خالد مشعل واخبرته باننا يجب الا نحارب ضد المستوطنين الصهاينة لانهم يهود وإنما لانهم اغتصبوا ارضنا، ولو كانوا مسلمين واغتصبوا ارضا لحاربنا ضدهم، فرد بأنه هذا هو الخط الذي يسيرون عليه ويتبنونه.
بالطبع لا يزال هناك بقايا من الخطاب العنصري مثل البروتوكولات وغيرها، ومهمتنا تطهير الخطاب الديني الجهادي من عنصريته ليصبح خطابا انسانيا ضد الظلم. فمهمة المسلم ليست الحرب ضد اليهود وانما اقامة العدل في الارض. «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله» والسلم هنا في اطار العدل وليس توازن القوى.
¼ هناك حديث دائم الان عن اسرائيل كدولة لليهود فهل هذا ممكن؟
- كدولة عنصرية اسرائيل لا مستقبل لها، فالكيان الصهيوني يدعي انه دولة اليهود في العالم وهذا غير صحيح اما اذا اصبحت اسرائيل دولة لمواطنيها وقبلت بحق العودة للاجئين الفلسطينيين ليصبحوا مواطنين في هذه الدولة فامامها فرصة جيدة للسلام.
¼ ما تفسيرك لما يحدث في العراق الان؟
- البترول على رأس الاسباب، فالانسان الامريكي مستهلك شره، الفرد الامريكي يستهلك ما معدله الف هندي، ومن هنا فإن الولايات المتحدة أكثر دولة كثافة سكانية من منظور معدل الاستهلاك. فالثلاثمائة مليون امريكي يعادلون استهلاك ثلاثة مليار انسان.
الى جانب ان الولايات المتحدة مع ظهور أقطاب اقتصادية اخرى كالصين التي تولد الرعب الان، تريد ان تحسن من موقفها التفاوضي بالاستيلاء على منابع البترول، ومن هنا جاء استيلاؤها على افغانستان للسيطرة على بترول بحر قزوين.
لكن كما نرى فإن مخططهم هذا يخفق في العراق وافغانستان ولبنان وفلسطين، وأعتقد ان المؤسسة العسكرية الامريكية لن تسمح لأي رئيس أو قوى بقيادتها الى مغامرة عسكرية اخرى مع ايران على سبيل المثال. بالطبع الجنون ليس له قواعد، ولكن هناك كونغرس ومؤسسات امريكية لن تسمح بهذا.

تاريخ النشر: الثلاثاء 15/1/2008

جمال
01-20-2008, 09:48 PM
تركونا في مكان موحش.. لا نعرف أين نحن ولا كيف نعود

زعيم "كفاية"المسيري يحكي واقعة اختطافه وزوجته للصحراء بمصر


http://www.alarabiya.net/files/image/large_30715_44469.jpg
د.عبدالوهاب المسيري

دبي - فراج اسماعيل

تحدث الكاتب المصري الشهير د.عبدالوهاب المسيري زعيم حركة كفاية عن كيفية اختطافه مع زوجته وناشطين آخرين من الحركة أثناء وجودهم على رأس مظاهرة في ميدان السيدة زينب بالقاهرة تندد بموجة الغلاء التي تجتاح مصر حاليا.

قال د. المسيري صاحب الموسوعة الشهيرة (اليهود واليهودية والصهيونية) في تصريحات لـ"العربية.نت" إن عدد من تم اختطافهم من المثقفين في ذلك اليوم حوالي ثلاثين، حيث اقتيدوا بواسطة رجال أمن يرتدون الزي المدني ويستقلون سيارات مدنية إلى مناطق صحراوية مختلفة وتركهم في ظروف صعبة ما بين البرودة الشديدة وعدم وجود وسيلة مواصلات يعودون بها إلى القاهرة.

كان د. المسيري قد اختطف مع زوجته د.هدى حجازي، و د. كريمة الحفناوي (صيدلانية وممثلة مسرحية وعضو مؤسس بحركة كفاية) أثناء وجودهم في مظاهرة بميدان السيدة زينب الخميس 17-1-2008 في ذكرى مرور 21 عاما على مظاهرات الجوعى التي اجتاجت مصر في 17 و18 يناير 1977 في عهد الرئيس الراحل أنور السادات احتجاجا على رفع الأسعار واتجاه الدولة في ذلك الوقت لالغاء دعم السلع الاستهلاكية الرئيسية مثل رغيف الخبز.


تحذير من الأمن

وأضاف: أثناء المظاهرة قاموا بإلقاء القبض علينا، ووضعوا كل مجموعة في سيارة تحمل لوحة مدنية، وتوجهوا بنا إلى الصحراء برفقة رجال أمن يرتدون ملابس مدنية "كنت مع زوجتي والحفناوي وتم وضعنا في سيارة انطلقت بنا إلى الصحراء. وعندما حاولنا أن نستفسر منهم عن الجهة الذاهبين إليها رفضوا الادلاء بأي أقوال. سارت بنا السيارة زهاء الساعتين في طريق الاوتوستراد خارج القاهرة، لست متأكدا ما إذا كان مؤديا إلى السويس أو الاسماعيلية. وفي العراء بمنطقة صحراوية خالية تماما على الطريق السريع تركونا. سألنا الضابط وعرفنا أنه برتبة "مقدم": أين نحن وكيف سنعود، ضحك ولم يجب ثم انطلقوا بسيارتهم عائدين".

وأشار د.عبدالوهاب المسيري في حديثه لـ"العربية.نت" أن المختطفين كانوا مهذبين معهم طوال الطريق، ولذلك لم ينتابه أي خوف، وكان ذلك ردا على سؤال من "العربية.نت" عما إذا كان قد شعر بأن ما حدث لزميله وسلفه في قيادة حركة كفاية د.عبدالحليم قنديل، قد يحدث معهم أيضا.

وأضاف "علمنا فيما بعد أن الآخرين اختطفوهم إلى العين السخنة. والجميع يسر الله لهم أن يعودوا في نفس الليلة إلى بيوتهم".

وكان 4 أشخاص يرتدون بزات داكنة اللون ويحملون أسلحة بيضاء اختطفوا الصحافي د.عبدالحليم قنديل الزعيم الأسبق لحركة كفاية في 2-11-2004 من أمام منزله في الثالثة فجرا وحملوه في سيارة معصب العينين إلى منطقة صحراوية، وقال للنيابة فيما بعد إنه تعرض طوال الطريق للضرب الذي أدى لاصابات مختلفة، وهناك تركوه عاريا حتى من ملابسه الداخلية، وجردوه من هاتفه المحمول ونظارته الطبية ومحفظة نقوده، واضطر إلى السير حتى نجح بعد حوالي 300 متر في الوصول إلى نقطة شرطة حيث حصل من جنديين على ملابس يستر بها نفسه، وأوقفوا له سيارة مارة بالطريق أوصلته إلى وسط القاهرة.


نجحنا في الاتصال بصديق

وقال عبدالوهاب المسيري: ظللنا وقتا طويلا نحاول أن نوقف السيارات التي كانت تمر علينا في ذلك المكان دون جدوى، إلى أن مر اتوبيس خاص استجاب لمحاولاتنا وتوقف وحملنا دون أن يتقاضى سائقه أجرا بعد أن تعرف على شخصياتنا.

وأوضح أن "الجهات الأمنية أوهمت المتظاهرين بأنني وزملائي عدنا إلى منازلنا وذلك حتى تتفرق المظاهرة، ولكننا نجحنا في الاتصال بأحد الأصدقاء وأخبرناه بأنهم اختطفونا ونحن الآن بالصحراء، ولا نعرف أين نحن، ولا أين ذهبوا بالآخرين، فقام بابلاغ وسائل الاعلام بما حدث لنا".

وتابع في حديثه لـ"العربية.نت": من السخرية الشديدة أن تتعامل السلطة مع مظاهرة سلمية ومع مثقفين بهذه الطريقة، وبعد يوم واحد من اعلان بوش بأن مصر ستقود قاطرة الديمقراطية في المنطقة، بل إن المصادفة المريرة أن الاختطاف الذي حدث لنا جاء في يوم صدور قرار من البرلمان الأوربي يدين سجل حقوق الانسان في مصر.

وفسر ذلك بأن السلطات خشيت أن ينضم إلى المظاهرة آلاف من الجماهير لكونها تخرج في حي شعبي هو "السيدة زينب" وتتعلق بحياة الناس اليومية ومعاناتهم من ارتفاع أسعار السلع الضرورية.

وقال إن ما حدث لن يردع قيادات "كفاية" عن مقاومتهم السلمية، وسيمضون فيها دون خوف، وسيصدورن قريبا "الكتاب الأسود" متضمنا مساوئ النظام في مختلف المجالات.