زوربا
01-13-2008, 08:19 AM
تركي الدخيل
بالأمس القريب أًصابت قنبلة وزيراً سيرلانكياً، فانفجرت به، وأدت إلى قتله وأكثر من سبعة من مرافقيه، فيما يبدو أنه امتداد للمناوشات بين الحكومة ونمور التاميل.
وزير الأشغال المغدور، تفجيراً في الثامن من الشهر الجاري، لم يكن بالنسبة لنا نحن السعوديين، قتيلا في معركة لا تعنينا، فقط!
أعلم أنكم ستقولون، إن نزاع نمور التاميل والحكومة السيرلانكية، قديم، فما علاقتنا نحن في السعودية به؟!
وأجيبكم بأن الوزير المقتول، على طريق المطار، كان يعمل سائقاً خاصاً لدى عائلة سعودية في حي المرسلات في الرياض، مدة عشر سنوات كاملة.
في ذات الفترة التي كان الوزير القتيل يعمل سائقاً لدى أسرة سعودية، كانت زوجته تعمل خادمة في ذات البيت ولنفس الفترة. فيما أصبحت خادمة الأمس برلمانية اليوم.
بعد أن عاد السائق الطموح، وزوجته الخادمة الطموح أيضاً، من عمل في الخارج، استمر أكثر من عشر سنوات، قرر الوزير أن يرشح نفسه للبرلمان السيرلانكي عن منطقة (بوتلام). ولأن أداءه البرلماني كان لافتاً، عين وزير دولة لشؤون الأشغال. وكان الوزير كثير الحركة، نشيطاً، ولذلك استطاع التاميل أن يصطادوه بسهولة، مع أن الوزير المغدور لا يصنف بالنسبة للتاميل، ضمن الصقور، إذ إنه كان منشغلاً بأعمال وزارته ولم تعط نشاطاته أي انطباع لتصنيفه ضمن الصقور أو الحمائم.
الوزير المقتول كان يتحدث العربية بلهجة السائقين الأجانب: "أنا في يجي، إنتا في روح"، لكنه كان يفهم العربية، على الأقل، وذكرياته عن السعودية جميلة جداً، وإلا لما قضى عشر سنوات من عمره هو وزوجته في العمل سائقاً وخادمة في منزل سعودي.
لا أدري هل يعلم أصحاب المنزل الذي عمل فيه الوزير المقتول بأن سائقهم السابق بات وزيراً، أم إنه قتل، لكني أود القول، إن من يعملون لدينا في بيوتنا، ليسوا بالضرورة شخصيات ليس لها قيمة في مجتمعاتهم. بل قد تكون الفاقة وضعف الأحوال المادية أجبرت البعض على الغربة، والعمل في الخارج، في مهن، أكبر مشكلاتها أن معظمنا يحتقرها.
أذكر أنني عندما زرتُ أفغانستان في العام 1998 قابلت وزير المعادن والصناعة الأفغاني مولوي أحمد جان، وقال لي إنه عمل بائعاً في سوق للسجاد في شرق الرياض، لا يمكن لزائره أن يتصور أن أحد الباعة سيصبح في الغد القريب وزيراً!
كلما تعاملنا مع الإنسان، كإنسان، فاحترمناه لإنسانيته، وقدرناه من أجلها، وتعبيراً عن إنسانيتنا، فإننا لن نندم في الغد، عندما نفاجأ بأن رئيس الدولة الفلاني، كان يعمل لدينا، لأننا كنا نحسن التعامل معه، قبل أن يخطر في بالنا أنه سيصبح مهماً.
*نقلا عن جريدة "الوطن" السعودية
بالأمس القريب أًصابت قنبلة وزيراً سيرلانكياً، فانفجرت به، وأدت إلى قتله وأكثر من سبعة من مرافقيه، فيما يبدو أنه امتداد للمناوشات بين الحكومة ونمور التاميل.
وزير الأشغال المغدور، تفجيراً في الثامن من الشهر الجاري، لم يكن بالنسبة لنا نحن السعوديين، قتيلا في معركة لا تعنينا، فقط!
أعلم أنكم ستقولون، إن نزاع نمور التاميل والحكومة السيرلانكية، قديم، فما علاقتنا نحن في السعودية به؟!
وأجيبكم بأن الوزير المقتول، على طريق المطار، كان يعمل سائقاً خاصاً لدى عائلة سعودية في حي المرسلات في الرياض، مدة عشر سنوات كاملة.
في ذات الفترة التي كان الوزير القتيل يعمل سائقاً لدى أسرة سعودية، كانت زوجته تعمل خادمة في ذات البيت ولنفس الفترة. فيما أصبحت خادمة الأمس برلمانية اليوم.
بعد أن عاد السائق الطموح، وزوجته الخادمة الطموح أيضاً، من عمل في الخارج، استمر أكثر من عشر سنوات، قرر الوزير أن يرشح نفسه للبرلمان السيرلانكي عن منطقة (بوتلام). ولأن أداءه البرلماني كان لافتاً، عين وزير دولة لشؤون الأشغال. وكان الوزير كثير الحركة، نشيطاً، ولذلك استطاع التاميل أن يصطادوه بسهولة، مع أن الوزير المغدور لا يصنف بالنسبة للتاميل، ضمن الصقور، إذ إنه كان منشغلاً بأعمال وزارته ولم تعط نشاطاته أي انطباع لتصنيفه ضمن الصقور أو الحمائم.
الوزير المقتول كان يتحدث العربية بلهجة السائقين الأجانب: "أنا في يجي، إنتا في روح"، لكنه كان يفهم العربية، على الأقل، وذكرياته عن السعودية جميلة جداً، وإلا لما قضى عشر سنوات من عمره هو وزوجته في العمل سائقاً وخادمة في منزل سعودي.
لا أدري هل يعلم أصحاب المنزل الذي عمل فيه الوزير المقتول بأن سائقهم السابق بات وزيراً، أم إنه قتل، لكني أود القول، إن من يعملون لدينا في بيوتنا، ليسوا بالضرورة شخصيات ليس لها قيمة في مجتمعاتهم. بل قد تكون الفاقة وضعف الأحوال المادية أجبرت البعض على الغربة، والعمل في الخارج، في مهن، أكبر مشكلاتها أن معظمنا يحتقرها.
أذكر أنني عندما زرتُ أفغانستان في العام 1998 قابلت وزير المعادن والصناعة الأفغاني مولوي أحمد جان، وقال لي إنه عمل بائعاً في سوق للسجاد في شرق الرياض، لا يمكن لزائره أن يتصور أن أحد الباعة سيصبح في الغد القريب وزيراً!
كلما تعاملنا مع الإنسان، كإنسان، فاحترمناه لإنسانيته، وقدرناه من أجلها، وتعبيراً عن إنسانيتنا، فإننا لن نندم في الغد، عندما نفاجأ بأن رئيس الدولة الفلاني، كان يعمل لدينا، لأننا كنا نحسن التعامل معه، قبل أن يخطر في بالنا أنه سيصبح مهماً.
*نقلا عن جريدة "الوطن" السعودية