فاطمي
01-04-2008, 01:14 AM
د. ساجد العبدلي
sajed@sajed.org
إن صفة شيخ الدين اليوم قد رخصت وصارت مبتذلة إلى الدرجة التي صار فيها الناس يطلقونها على كل من أعفى لحيته وقصّر ثوبه، وإن ذاك «الأراجوز» الذي يطل علينا من شاشات التلفاز ببرامجه الفضائحية المثيرة التي يدّعي أنها برامج دعوية موجهة، ليس بشيخ إنما دعيّ زائف، وغيره كثر.
في سنوات الحماس اللذيذة، يوم كنت أحرص على تتبع خطباء الجمعة «النجوم»، أولئك الحماسيين الذين يعتلون المنبر فيزأرون كالأسود في وجوه الفساد والمفسدين، والطغيان وأذياله، ومن باعوا الآخرة بعرض من الدنيا قليل، كان من ضمن النجوم الذين كنت أحرص على حضور خطبهم خطيب جهوري الصوت شديد القسمات طويل القامة عريض المنكبين مشرئب الأوداج «شلولخ». ومن أبرز ما بقي عالقاً في ذاكرتي من مقولات ذلك الخطيب ونقوداته هو أن ليس كل دكتور دكتوراً بالضرورة، وأن حرف الدال أمام بعض الأسماء قد لا يعني كلمة دكتور، بل قد يعني «داشر» أي ضائع تائه، أو «دمبك» أي طبل أجوف، أو «درويش» أي ساذج على نياته، أو «دلدول» أي تابع يقوده الآخرون!
تتابعت الأيام، ودارت الأفلاك، وتقاطرت المقادير، وإذا بخطيبنا «شلولخ» تسوّل له نفسه أن يرشح نفسه لعضوية مجلس الأمة، فيفعل ذلك ويصبح نائباً بالفعل، واليوم وبعد سنوات من تلك الحادثة أثبت لنا هو بنفسه بأن ليس كل نائب نائباً بالضرورة!
في نفس السياق، وكما أن ليس كل دكتور دكتوراً، وليس كل نائب نائباً، فليس كل شيخ شيخاً كذلك، ولا أعني هنا شيوخ الأسرة الحاكمة، لأنهم وإن كانوا حتماً يدخلون في سياق الفكرة العامة فليس كل شيخ شيخاً، إلا أن مقالي اليوم ليس عنهم إنما عن مشايخ الدين.
إن صفة شيخ الدين اليوم قد رخصت وصارت مبتذلة إلى الدرجة التي صار فيها الناس يطلقونها على كل من أعفى لحيته وقصّر ثوبه وسبق حديثه بالدعاء بحمد الله والصلاة على رسوله، وأنهاه بدعاء مماثل، حتى لو كان الحديث ما بين الدعاءين من أحاديث السمك، لبن، تمر هندي. وقد أدى هذا الاستسهال في إطلاق هذه الصفة من جانب الناس، والاستسهال في اعتناقها والتسمي بها من جانب كثير من الأشخاص، إلى امتلاء الساحة بالكثير من الأدعياء الزائفين الذين ساهموا في تشويه صورة الدين والمتدينين بأحاديثهم وسلوكياتهم الشائنة.
قبل أن يستحق الشخص أن يسمى شيخاً، حتى إن كان حاملاً لشهادة في العلوم الشرعية، يجب أن يكون شيخاً على مستواه النفسي والفكري وعلى مستوى جوارحه الظاهرة. بمعنى أن يكون نقيّاً سامي الجوهر باحثاً عن الحق طالباً للخير متعالياً عن الرذائل مجافياً لكل ما يشين، وأن تكون تصرفاته مطمئنة رزينة تعكس حضارة الدين وتبرق ببهائه، وأما الإنسان البعيد عن هذا، فلا قيمة للحيته الطويلة ولا لثوبه القصير ولا لشهادته العلمية، ولا لغيرها.
ذاك «الأراجوز» الذي يطل علينا من شاشات التلفاز ببرامجه الفضائحية المثيرة التي يدّعي أنها برامج دعوية موجهة، ليس بشيخ إنما دعيّ زائف، وذاك المهرج الذي يكتب في الصحف مقالات بعناوينها المثيرة والمليئة بالألفاظ المتهتكة، ليس شيخاً إنما سوقي تافه، وغيره وغيره، كلهم أبعد ما يكونون عن أن يحملوا هذه الصفة الجليلة التي يجب ألا تطلق إلا على من يستحقها.
خلاصة الأمر أننا بحاجة اليوم إلى أن نراجع أنفسنا، فنعاود تقييم نظرتنا ووصفنا للناس من حولنا، ومنهم هؤلاء التافهون!
sajed@sajed.org
إن صفة شيخ الدين اليوم قد رخصت وصارت مبتذلة إلى الدرجة التي صار فيها الناس يطلقونها على كل من أعفى لحيته وقصّر ثوبه، وإن ذاك «الأراجوز» الذي يطل علينا من شاشات التلفاز ببرامجه الفضائحية المثيرة التي يدّعي أنها برامج دعوية موجهة، ليس بشيخ إنما دعيّ زائف، وغيره كثر.
في سنوات الحماس اللذيذة، يوم كنت أحرص على تتبع خطباء الجمعة «النجوم»، أولئك الحماسيين الذين يعتلون المنبر فيزأرون كالأسود في وجوه الفساد والمفسدين، والطغيان وأذياله، ومن باعوا الآخرة بعرض من الدنيا قليل، كان من ضمن النجوم الذين كنت أحرص على حضور خطبهم خطيب جهوري الصوت شديد القسمات طويل القامة عريض المنكبين مشرئب الأوداج «شلولخ». ومن أبرز ما بقي عالقاً في ذاكرتي من مقولات ذلك الخطيب ونقوداته هو أن ليس كل دكتور دكتوراً بالضرورة، وأن حرف الدال أمام بعض الأسماء قد لا يعني كلمة دكتور، بل قد يعني «داشر» أي ضائع تائه، أو «دمبك» أي طبل أجوف، أو «درويش» أي ساذج على نياته، أو «دلدول» أي تابع يقوده الآخرون!
تتابعت الأيام، ودارت الأفلاك، وتقاطرت المقادير، وإذا بخطيبنا «شلولخ» تسوّل له نفسه أن يرشح نفسه لعضوية مجلس الأمة، فيفعل ذلك ويصبح نائباً بالفعل، واليوم وبعد سنوات من تلك الحادثة أثبت لنا هو بنفسه بأن ليس كل نائب نائباً بالضرورة!
في نفس السياق، وكما أن ليس كل دكتور دكتوراً، وليس كل نائب نائباً، فليس كل شيخ شيخاً كذلك، ولا أعني هنا شيوخ الأسرة الحاكمة، لأنهم وإن كانوا حتماً يدخلون في سياق الفكرة العامة فليس كل شيخ شيخاً، إلا أن مقالي اليوم ليس عنهم إنما عن مشايخ الدين.
إن صفة شيخ الدين اليوم قد رخصت وصارت مبتذلة إلى الدرجة التي صار فيها الناس يطلقونها على كل من أعفى لحيته وقصّر ثوبه وسبق حديثه بالدعاء بحمد الله والصلاة على رسوله، وأنهاه بدعاء مماثل، حتى لو كان الحديث ما بين الدعاءين من أحاديث السمك، لبن، تمر هندي. وقد أدى هذا الاستسهال في إطلاق هذه الصفة من جانب الناس، والاستسهال في اعتناقها والتسمي بها من جانب كثير من الأشخاص، إلى امتلاء الساحة بالكثير من الأدعياء الزائفين الذين ساهموا في تشويه صورة الدين والمتدينين بأحاديثهم وسلوكياتهم الشائنة.
قبل أن يستحق الشخص أن يسمى شيخاً، حتى إن كان حاملاً لشهادة في العلوم الشرعية، يجب أن يكون شيخاً على مستواه النفسي والفكري وعلى مستوى جوارحه الظاهرة. بمعنى أن يكون نقيّاً سامي الجوهر باحثاً عن الحق طالباً للخير متعالياً عن الرذائل مجافياً لكل ما يشين، وأن تكون تصرفاته مطمئنة رزينة تعكس حضارة الدين وتبرق ببهائه، وأما الإنسان البعيد عن هذا، فلا قيمة للحيته الطويلة ولا لثوبه القصير ولا لشهادته العلمية، ولا لغيرها.
ذاك «الأراجوز» الذي يطل علينا من شاشات التلفاز ببرامجه الفضائحية المثيرة التي يدّعي أنها برامج دعوية موجهة، ليس بشيخ إنما دعيّ زائف، وذاك المهرج الذي يكتب في الصحف مقالات بعناوينها المثيرة والمليئة بالألفاظ المتهتكة، ليس شيخاً إنما سوقي تافه، وغيره وغيره، كلهم أبعد ما يكونون عن أن يحملوا هذه الصفة الجليلة التي يجب ألا تطلق إلا على من يستحقها.
خلاصة الأمر أننا بحاجة اليوم إلى أن نراجع أنفسنا، فنعاود تقييم نظرتنا ووصفنا للناس من حولنا، ومنهم هؤلاء التافهون!