المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محمد عبدالقادر الجاسم ينصح ولي العهد بعدم الحقد ويعلن يأسه



موالى
12-29-2007, 11:33 PM
قد بلغ اليأس مداه..

بقلم محمد عبدالقادر الجاسم

سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد حفظه الله ورعاه..

أكتب إليك وقد تملكني اليأس من إصلاح أحوال بلادي في الحاضر، ولا سبيل للتخلص من هذا اليأس سوى إيداع الأمل في خزائن المستقبل.. ويحق لنا ونحن ننتظر العبور إلى ذلك المستقبل أن نتخيل ونمني النفس ونرسم صورة جميلة للكويت في عهدك. فهل لك أن تعيننا على خيالنا؟ أظن أنك تقول نعم. في هذه الحالة دعني يا سمو ولي العهد أكتب "براحتي".

ولأن "تراث الحكم" في الكويت يجعل صلاح الأمور وفسادها، في مبتدئها ومنتهاها، يدور حول "شخصية الحاكم" حيث تنساب منها موجات الصلاح أو عكسه إلى كافة مؤسسات وقطاعات المجتمع، فإنني أبدأ حديثي إليك بالقول إن عليك أن تغلق أبوابك في وجه كل منافق، وأن تبعد النطيحة والمتردية عن مجلسك في بيتك وديوانك، في صباحك وفي ليلك، وأن تقرب إليك أهل الرأي السديد والحكمة والعلم والمعرفة، فبهم، لا "بشيختك"، يرتفع شأنك ويعلو مقامك وتتضح رؤيتك وتصفو نفسك. وأوصيك يا سمو ولي العهد بأن تقطع دابر كل نمام يريد سرقة سلطتك وقرارك من خلال نقل الكلام والقيل والقال. ولا تكن آذانك صاغية لمن احترف الفتنة. وعليك بسعة الصدر والأفق، استمع إلى النصائح واغفر وسامح، ولا تدع مزاجك يحكم بلادك. واستعن بالأكفاء من شعبك، ولا تجعل محبتك أو بغضك، رغم أنني أعلم أنك لا تبغض أحدا، معيار تولية المناصب.

ولا تمنح منصبا لمن يطلبه، ولا تجعل فهمك أنت للأمور سقف فهم الأخرين، وقرب إليك من تراه أكفأ منك ولا تخشى على نفسك، وأقبل الرأي ممن يملكه، ولا تدعي معرفة ما لاتعرف، وعليك بالاستشارة ففيها إنارة لدربك وقرارك، وأعلم أن زمن القائد الفذ الأوحد قد ولى. ولا تتوهم في يوم من الأيام أن حكمك للبلاد هو فضل منك عليها، ولا تدع الحقد أو الحسد يتسربان إلى نفسك، فعاطفة الحاكم نحو شعبه تكشفها عيونه وكلماته قبل قراراته، وأعلم أن الصدق هو طريقك للحصول على محبة شعبك.

وأحفظ قولك فعدوك بين ظهرانيك ينقل ما تقول بل ويتقول عليك بما لم تقل أحيانا. واحذر يا سمو ولي العهد تقريب الفاسد مهما كانت قرابته إليك، واقتص منه وأبدأ بأهلك وعائلتك. وأعلم يا سمو ولي العهد.. إن بطانة الحاكم هم واجهته، وهم من يعكس أفكاره وأخلاقه، فلتكن بطانتك صالحة لا تافهة، واستر على نزواتك وأهواءك. فلا هيبة ولا مكانة لحاكم يجاهر بالمعاصي ويخالط سقط القوم ويستخدم حاسة السمع أكثر من استخدام عقله.

سمو ولي العهد.. نعلم جميعا أنك لم تطلب ولاية العهد ولم تهرول نحوها ولم تتآمر في سبيل الحصول عليها، وهذه ميزة كبرى لصالحك، كما أن السمعة الطيبة التي يتحلى بها ابنك فيصل وأشقائه فيها دلالة إيجابية أيضا لصالحك وهذا ما يدفعنا إلى التفاؤل.. فسريرتك نقية، وأنت لا تحمل أفكارا عدوانية أو تآمرية، ولا تضمر نوايا خبيثة، فلا تدع فرصة لسماسرة السياسة من أسرتك ومن غيرها أن يلوثوا اسمك وعهدك بمصالحهم، ولا تتساهل معهم فهم يرون في عهدك فرصة ذهبية لتحقيق مآربهم.. وأظن أنك تلاحظ تقرب بعضهم منك من بعد منحك ولاية العهد.. إنهم يراهنون على طيبتك ويعتبرونها غفلة ستتيح لهم التسلل إلى سلطتك القادمة، فاردعهم يا سمو ولي العهد مبكرا وأبعدهم عن مجلسك منذ الآن.

وبعد.. يا سمو ولي العهد، لابد لي أن أقول بوضوح وصراحة شديدة أن هناك قلق كبير من اضطراب الأمور في عهدك. ومبعث القلق هو أن يحكم الفساد ورجاله قبضتهم على الحكم في عهدك.. نعم هناك خوف كبير من قدرتهم على استغلال طيبتك ومن ثم تؤول سلطتك إليهم، ومن حقنا أن ننبهك إلى هذه المسألة مبكرا. ولا خير فينا إن لم نقلها ولا خير فيك إن لم تسمعها.

أما عن الإدارة السياسية للدولة في عهدك، فهذا حديث مؤجل سيحين أوانه.


29/12/2007

أبو ربيع
12-30-2007, 05:38 PM
رجعوه لجريدة الوطن راح يصير خوش آدمي

بركان
02-07-2008, 11:54 PM
"قلاطة شيوخ"!


بقلم محمد عبدالقادر الجاسم

"لما أغمضت المنية عين الشيخ سالم، تنفس الكويتيون الصعداء وعزموا على وضع حد لتصرف الحاكم الذي سيخلفه في شؤون الحكم. وبعد ظهر اليوم الذي دفن فيه، اجتمع وجهاء البلد من حي القبلة وحي الشرق في ديوان ناصر البدر وتعاهدوا على الاتحاد وجمع الكلمة وتحديد الحكم المطلق في الكويت". وقد انبثق عن هذا الاجتماع وثيقة تاريخية هي وثيقة العام 1921 التي طالب فيها الأهالي أسرة الصباح بوجوب "إصلاح بيت الصباح كي لا يجري بينهم خلاف". كما طالبوا أيضا بإنشاء مجلس للشورى فاستجاب الحاكم الجديد الشيخ أحمد الجابر على الفور!

يشير التاريخ السياسي للكويت إلى أن حكام الكويت، باستثناء الشيخ عبدالله السالم، لا يميلون نحو المبادرة، بل هم لا يملكون أصلا القدرة على المبادرة التلقائية الإيجابية في إصلاح أمور الدولة. فالإصلاح والتطوير بالنسبة لهم يعني ببساطة تقلص سلطتهم الفردية أيا كان نطاقها، سواء مطلقة، كما كانت في الماضي، أو نسبية كما هي في الحاضر. ويشير التاريخ السياسي للكويت أيضا إلى أن مبادرات الإصلاح لم تتم إلا بعد تحرك شعبي جاد يجبر الحاكم على الاستجابة للمطالب الشعبية.

إن تحميل أسرة مبارك الصباح المسؤولية عن تردي الأوضاع في الدولة لا يجافي الصواب، ولا ينطوي على تجني أو مبالغة. بيد أن تحميلهم مسؤولية النهوض بالدولة وإصلاح أوضاعها فيه "ظلم" كبير لهم. فطبيعة حكامنا وتراث الحكم في كل زمن تفرض عليهم السعي "لإبقاء الوضع كما هو" مع وجود استعداد لانتهاز أي فرصة مواتية لتعزيز سيطرتهم.

ويشير تاريخنا السياسي أيضا إلى أن حكام الكويت تحديدا من أكثر الحكام في الخليج تجاوبا مع المطالب الشعبية. وهم، أي أسرة مبارك الصباح، من ذلك الصنف الذي يطلق عليه "براجماتي"، أي عملي. فهم يديرون خلافاتهم مع الشعب بمرونة كبيرة تتيح لهم التراجع عن قراراتهم أحيانا، كما تتيح لهم الانصياع لرغبة الشعب من دون أن يصاحب هذا التراجع أو ذاك الانصياع أي شعور كريه بجرح كرامة النظام. بل تراهم يندمجون وبسرعة لافتة للنظر في التغيير الذي أجبروا عليه حتى وإن كان الاندماج ظاهري كما هو الحال مع الحكم الدستوري الذي يخضعون له اليوم ويسعون لتغييره في الوقت نفسه.

وفي التاريخ السياسي الكويتي هناك قصص مشهورة تكشف بجلاء عن الطبيعة المستمرة والممتدة التي أشرت إليها للأسرة الحاكمة وطريقة تفكير حكام الكويت. هناك "قصة عنبر" التي حدثت في عهد الحاكم الرابع الشيخ صباح الثاني (1859- 1866)، وهناك قصة هجرة تجار اللؤلؤ في عهد الشيخ مبارك، وهناك قصة وثيقة 1921، وهناك قصة المجلس التشريعي في العام 1938 والعام التالي. وفي التاريخ الحديث هناك قصة مقاطعة المجلس الوطني، وهناك أيضا قصة إعادة العمل بالدستور، وهناك أيضا قصة نظام الدوائر الانتخابية الخمس.

إن ما يجمع بين القصص السابقة كلها هو تراجع أسرة مبارك الصباح عن قراراتها أو قبولها بالإصلاح بفعل الضغط الشعبي لا من تلقاء نفسها.

اليوم تزداد الشكوى ويتعاظم التذمر وينتشر الفساد وتسود المحسوبية.. اليوم بدأ المجتمع الكويتي ينشطر إلى حضر وبدو وسنة وشيعة.. اليوم تعجز الحكومة عن توفير خدمات تتناسب مع الإيرادات الهائلة التي تجنيها الدولة من النفط.. اليوم تسيطر الرشوة على مرافق الدولة.. اليوم يبدو حكم أسرة مبارك الصباح في أسوء حال حيث الكل يتآمر على الكل.. اليوم أصبحت الجنسية الكويتية مباحة لأفراد في الجيش الشعبي العراقي.. اليوم ينتابنا القلق من مصير حكم ذرية مبارك الصباح.. اليوم تغيب الكفاءة عن إدارة شؤون الدولة.. اليوم البطانة الفاسدة تحظى بمقام رفيع وكلمتها مسموعة.. باختصار.. التحرك الشعبي لإصلاح أوضاه الحكم وأوضاع إدارة الدولة مستحق اليوم كما كان مستحقا في بداية عهد الشيخ أحمد الجابر. وما أقوله ليس رأيي الشخصي فقط بل هو، كما أظن، قناعة عامة.

لكن.. إذا كان السخط عاما، فلماذا لا يبادر الحكم إلى الإصلاح؟ ببساطة أعود فأقول أن المبادرة بالإصلاح ليست من تراث الحكام ولا من طبائعهم، بل هي أصعب من قدراتهم. والحكم لن يتحرك قيد أنملة إلا إذا شعر بالضغط الشعبي. فالشيخ محمد بن الشيخ صباح الثاني لم يتخلص من "عنبر" إلا بعد أن هدد تجار الكويت بالهجرة منها. والشيخ أحمد الجابر لم يوافق على إنشاء مجلس الشورى ثم المجلس التشريعي إلا بعد ضغط شعبي. والشيخ جابر الأحمد لم يتراجع عن مساعي تعديل الدستور إلا بفعل الرفض الشعبي. والأسرة الحاكمة لم تتعهد بالعمل بالدستور في مؤتمر جدة إلا بفعل الضغط الشعبي والدولي. وفي العهد الحالي لم يتم تبني نظام الدوائر الخمس إلا بعد خروج الناس إلى الشارع.

إن معادلة الإصلاح في الكويت بسيطة جدا. تحرك شعبي جاد يعقبه استجابة فورية من الحكم. واليوم، مادام التحرك الشعبي الجاد مفقودا، فإن الحكم لن يحرك ساكنا. أما مجلس الأمة والصحافة، فلدى النظام القدرة المميزة على "تحييدهم" أو تجاهلهم، وقد أصبح جلد النظام "يبر" لا يأبه للانتقادات طالما أنها فردية غير مصحوبة بتحرك.

يقول التاريخ أنه بعد أن فرغ الشيخ مبارك من قتل أخويه، جمع وجهاء الكويت في ديوانه، وسرد لهم ما حدث وسألهم إن كان لدى أحد منهم اعتراض.. فقدموا له فروض الطاعة والولاء.. ثم بعد فترة وقع وجهاء الكويت، باستثناء عدد محدود جدا، وثيقة تتضمن تأكيد براءة مبارك من تهمة قتل اخوانه.. وبعد ذلك فرض مبارك عليهم "قلاطة شيوخ" وهي ضريبة مرتفعة جدا تدفع للشيخ مبارك من حصيلة الغوص!

إن على الشعب الكويتي، وتحديدا على من يستمتعون بوصفهم "رجالات الكويت"، مسؤولية كبيرة في انقاذ البلد. ولهؤلاء أن يختاروا بين نموذج من وقع شهادة براءة مبارك أو نموذج من وقع وثائق 1921 و1938!

على كل حال، وعلى الرغم من تلاشي الأمل، فإنني أتوقع أن تكون بداية العهد القادم، شعبيا، شبيهة ببداية عهد الشيخ أحمد الجابر. حيث آثر وجهاء الكويت الصمت في عهد الشيخ سالم بن مبارك وتحركوا قبل أن يستلم الشيخ أحمد الجابر مقاليد الحكم!


26/1/2008


http://www.aljasem.org/default.asp?opt=2&art_id=218