سيد مرحوم
07-18-2004, 10:19 AM
السيد محمد حسين فضل الله في كتابه الأخير "إضاءات إسلامية"
في كل واحد منّا طاغية !
فيكتوريا سالم
ملتقى البحرين -العضو ابوقاسم المنامي
http://www.mehrnews.com/media/image/13125_100_120.jpg
ميزة السيد محمد حسين فضل الله أن ما يقوله حجّة، وما يخطّه بيان، وما يراه اليوم استشراف بعيد للمستقبل. وقبل ذلك كله إن كلماته تحمل من التبسيط والعقلانية والصفاء، بقدر ما تحمل ـ في الوقت عينه ـ من الفلسفة والجدل والقابلية للتأويل. ويبدو ذلك جلياً في كتابه الصادر أخيراً عن دار "النهار" في خانة "وثائق" بعنوان: "إضاءات إسلامية".
يرى السيد فضل الله أن التيارات الثقافية والسياسية المتنوعة استطاعت أن تنفد إلى الأمة من خلال الكثير من العناوين الفضفاضة التي تستهوي العاطفة، ولكنها لا ترتكز على الدراسة العقلانية لما وراء الشعار. "ورأينا كيف استطاعت حركة الجاسوسية الغربية بكل تنوعاتها، أن تنفَد إلى مفاصل كل التمزقات العشائرية والقبليّة في المنطقة، والتي كانت تمثل الواقع الاجتماعي. لذا، كانت الزعامات القبلية تخضع لهذا الجاسوس أو ذاك في خضم صراعات الجاسوسية الغربية، لتحصل على مالٍ و لتستقوي بموقع على موقع".
أمّـة الأشخـاص
ثم يعترف بصفاء ذهني صارم، أن الأمة العربية لم تستطع أن تكون أمة المؤسسات، إنما أمة الأشخاص. وهذا يستدعي النفاذ إلى جذور القاعدة النفسية والفكرية، لا سيما أن "في كل واحد منا طاغية، في البيت وفي المدرسة وفي المجتمع"، معتبراً أن "شخصية البطل هي الشخصية التي تركض الأمة وراءها، وتمنحه العصمة التي لا يمنحها الناس حتى للأنبياء، وتهرول خلفه، في وقت نعرف فيه أن الشخص مهما كان كبيراً، فإنه يخطىء، إلا أن الأمة تعطيه دوراً يشبه دور الآلهة، من حيث عدم السماح بالاعتراض عليه".
المصارحة العميقة للمسائل والإشكاليات، سواء على المستوى المحلي (العربي ـ الإسلامي) أم على المستوى العالمي، هي سمة فكر السيد فضل الله. فهو يؤمن أن علاج الجرح لا يكون بتجاهله، بل بحكّه أولاً لإدراك حجم الوجع وعمق الألم الناتج عنه، ومن ثم مداواته بالصالح من البلسم الناجع.
"إن الأنظمة العربية عموماً (...) لا تستمع إلى صوت شعوبها، بل هي تحاول أن تدجّنها وتهوّل عليها بالقوة الأمريكية وغيرها تحت عناوين محاربة الأصولية والإرهاب"، يقول السيد فضل الله من دون أن يفقد الثقة بهذه الشعوب، داعياً إياها "ألاّ تنفعل وألاّ ترتجل، بل تخطط وتدرس، لأن العالم يدرس ويخطّط. إن ما يصيب منا مقتلاً في معظم المراحل التي مرّت فيها الانقلابات والثورات، هو في أن الآخرين يصنعون لنا انفعالاتنا ثم يقتلوننا من داخل هذه الانفعالات".
ورغم ذلك كله، يحضّنا السيد فضل الله على اكتشاف مكامن القوة في نقاط الضعف المختلفة، واجتراح الحلول من قلب الأزمات. ولعلّ القيمة الأساسية للأزمات تكمن في "أنها تستطيع أن تستنفر الواقع وتستفزّ الذين يفكرون بالتغيير في المنطقة، وفي هذا المجال علينا ألاّ نفكر لسنة أو سنتين، وإنما علينا أن نفكّر على مستوى أجيال".
إصلاح الذات... للانتصار
ثمة أمل داخلي، عند السيد فضل الله، في أن مستقبل الأمة أفضل مما هو عليه اليوم، وكأنه يدعونا إلى التشبث بفسحة الأمل... حتى لا تضيق الحياة علنا، فتخنقنا. إنه يرفض اليأس والقنوط، لأنه "لا يقنط من رحمة الله إلا القوم الكافرون". من هنا يرى، بكثير من التفاؤل، أن "الأمة تختزن في داخلها، رغم كل السلبيات، الكثير من إمكانات التطوير والتغيير والمواجهة"، معتقداً أن الأزمات، وخصوصاً الأزمة الحالية، سوف تخلق حالاً من الوعي عند الأمة في شكل لم تعرفه في تاريخها من قبل، حتى أنها ستخلق حالاً من الوعي في العالم كله".
أما الانتصار على العدو الخارجي فيرتبط، بحسب تعبيره، "بقدر كبير بعملية إصلاح الذات، ومواجهة عناصر التخلّف والجهل".
مجلة "المحايد": العدد الثالث- نيسان(أبريل)
في كل واحد منّا طاغية !
فيكتوريا سالم
ملتقى البحرين -العضو ابوقاسم المنامي
http://www.mehrnews.com/media/image/13125_100_120.jpg
ميزة السيد محمد حسين فضل الله أن ما يقوله حجّة، وما يخطّه بيان، وما يراه اليوم استشراف بعيد للمستقبل. وقبل ذلك كله إن كلماته تحمل من التبسيط والعقلانية والصفاء، بقدر ما تحمل ـ في الوقت عينه ـ من الفلسفة والجدل والقابلية للتأويل. ويبدو ذلك جلياً في كتابه الصادر أخيراً عن دار "النهار" في خانة "وثائق" بعنوان: "إضاءات إسلامية".
يرى السيد فضل الله أن التيارات الثقافية والسياسية المتنوعة استطاعت أن تنفد إلى الأمة من خلال الكثير من العناوين الفضفاضة التي تستهوي العاطفة، ولكنها لا ترتكز على الدراسة العقلانية لما وراء الشعار. "ورأينا كيف استطاعت حركة الجاسوسية الغربية بكل تنوعاتها، أن تنفَد إلى مفاصل كل التمزقات العشائرية والقبليّة في المنطقة، والتي كانت تمثل الواقع الاجتماعي. لذا، كانت الزعامات القبلية تخضع لهذا الجاسوس أو ذاك في خضم صراعات الجاسوسية الغربية، لتحصل على مالٍ و لتستقوي بموقع على موقع".
أمّـة الأشخـاص
ثم يعترف بصفاء ذهني صارم، أن الأمة العربية لم تستطع أن تكون أمة المؤسسات، إنما أمة الأشخاص. وهذا يستدعي النفاذ إلى جذور القاعدة النفسية والفكرية، لا سيما أن "في كل واحد منا طاغية، في البيت وفي المدرسة وفي المجتمع"، معتبراً أن "شخصية البطل هي الشخصية التي تركض الأمة وراءها، وتمنحه العصمة التي لا يمنحها الناس حتى للأنبياء، وتهرول خلفه، في وقت نعرف فيه أن الشخص مهما كان كبيراً، فإنه يخطىء، إلا أن الأمة تعطيه دوراً يشبه دور الآلهة، من حيث عدم السماح بالاعتراض عليه".
المصارحة العميقة للمسائل والإشكاليات، سواء على المستوى المحلي (العربي ـ الإسلامي) أم على المستوى العالمي، هي سمة فكر السيد فضل الله. فهو يؤمن أن علاج الجرح لا يكون بتجاهله، بل بحكّه أولاً لإدراك حجم الوجع وعمق الألم الناتج عنه، ومن ثم مداواته بالصالح من البلسم الناجع.
"إن الأنظمة العربية عموماً (...) لا تستمع إلى صوت شعوبها، بل هي تحاول أن تدجّنها وتهوّل عليها بالقوة الأمريكية وغيرها تحت عناوين محاربة الأصولية والإرهاب"، يقول السيد فضل الله من دون أن يفقد الثقة بهذه الشعوب، داعياً إياها "ألاّ تنفعل وألاّ ترتجل، بل تخطط وتدرس، لأن العالم يدرس ويخطّط. إن ما يصيب منا مقتلاً في معظم المراحل التي مرّت فيها الانقلابات والثورات، هو في أن الآخرين يصنعون لنا انفعالاتنا ثم يقتلوننا من داخل هذه الانفعالات".
ورغم ذلك كله، يحضّنا السيد فضل الله على اكتشاف مكامن القوة في نقاط الضعف المختلفة، واجتراح الحلول من قلب الأزمات. ولعلّ القيمة الأساسية للأزمات تكمن في "أنها تستطيع أن تستنفر الواقع وتستفزّ الذين يفكرون بالتغيير في المنطقة، وفي هذا المجال علينا ألاّ نفكر لسنة أو سنتين، وإنما علينا أن نفكّر على مستوى أجيال".
إصلاح الذات... للانتصار
ثمة أمل داخلي، عند السيد فضل الله، في أن مستقبل الأمة أفضل مما هو عليه اليوم، وكأنه يدعونا إلى التشبث بفسحة الأمل... حتى لا تضيق الحياة علنا، فتخنقنا. إنه يرفض اليأس والقنوط، لأنه "لا يقنط من رحمة الله إلا القوم الكافرون". من هنا يرى، بكثير من التفاؤل، أن "الأمة تختزن في داخلها، رغم كل السلبيات، الكثير من إمكانات التطوير والتغيير والمواجهة"، معتقداً أن الأزمات، وخصوصاً الأزمة الحالية، سوف تخلق حالاً من الوعي عند الأمة في شكل لم تعرفه في تاريخها من قبل، حتى أنها ستخلق حالاً من الوعي في العالم كله".
أما الانتصار على العدو الخارجي فيرتبط، بحسب تعبيره، "بقدر كبير بعملية إصلاح الذات، ومواجهة عناصر التخلّف والجهل".
مجلة "المحايد": العدد الثالث- نيسان(أبريل)