الدكتور عادل رضا
12-23-2007, 09:32 PM
إمكـــــان شــــريعتي
باسمة القصاب
في اللقاء الذي جمعني مع أربعة عشر حوزوية ينتمين لحوزات نسائية مختلفة، وقبل أن أكمل سؤالي عن علاقتهن بكتب المفكرين الدينيين الإيرانيين من أمثال علي شريعتي وعبدالكريم سروش و(...). قاطعتني زيبا خيامي قائلة ''لا مكان لهم هنا، لا داعي لأن تُكملي''. لم أُخف دهشتي من هذا النفي القاطع. فالنفي هنا لا يعني عدم حضور هذه العلاقة داخل المكان فقط، بل هو نفي يطردها خارج حدود الإمكان أيضاً. قلت أني لم أُخفِ دهشتي، وسريعاً ما استدركت يسرى الموسوي قائلة ''كتبهم متوافرة لدينا خارج الحوزة، نقرأها، لكن نحن لدينا أصالتنا الفكرية، ولا نتبنى أفكارهم، نحن مضطرون أن نقرأ لهم كي نكون محصنين فكرياً''. أخفيت دهشتي الأخرى.
ما الذي يجعل لملف شريعتي مكانا هنا في بروفايل، في حين لا مكان له في الحوزة الدينية ولا إمكان؟
أحد طلاب شريعتي تعتريه الدهشة من تدريس شريعتي لدين بوذا ضمن دروس ''تاريخ الأديان''، (دهشة الطالب هنا تقف على طرف نقيض من دهشتي السابقة)، هذا الدرس كما يقول الطالب يظهر إعجاب شريعتي ببوذا، يجيبه أستاذه بإمكان سهل مفتوح ''نعم أنا سني المذهب، صوفي المشرب، بوذي ذو نزعة وجودية، شيوعي ذو نزعة دينية، مغترب ذو نزعة رجعية، واقعي ذو نزعة خيالية، شيعي ذو نزعة وهابية، وغير ذلك. اللهم زد وبارك''.
ما يميز فكر شريعتي هو توسيعه مساحة الإمكان في الدين. الدين الذي يراه رديفاً لفهم الذات ومعرفتها. لا نعرف ذواتنا دون فتح إمكاناتها على إمكانات الآخرين، دون ثرائها بالآخر بدلاً من تحصّنها منه. يفتح شريعتي إمكانات ذاته (دينه) من غير اضطرار ولا خوف، ومن غير نية تحصيل إحكام حصانة فكرية مانعة أو جامعة. لا يخشى من فكر أجنبي يداخله أو يمازجه أو يفتحه أو يتمكن منه. ولا يخشى من علم (غربي النشأة، إنساني الطرح) أن يفتح مذهبه على تصوفه على وجوده على نزعته على رجعيته على خياله على حقيقته على معتقده، وعلى إي إمكان آخر.
لهذا كان (دين التوحيد) عند شريعتي هو ما يوحِّد الإنسان ''من لوازم توحيد الإله توحيد العالم، ومن لوازم توحيد العالم توحيد الإنسان''. التوحيد بهذا المعنى يناقض أن يكون الانسان وحيداً، الدين الذي يجعل الإنسان يحيا بإمكان وحيد، ويحيل مكانه إلى حصن يمنعه من الفكر الآخر والإنسان الآخر والدين الآخر، هو ''دين ضد الدين''. بمعنى أنه ضد ما يوحّد الإنسان، وضد ما يوحد العالم، وضد ما يوحد إله العالم.
بهذا الإمكان الذي يميز فكر شريعتي، نقول له بعد الذكرى الثلاثين لاستشهاده: مازال لديك مكان هنا، وسنكمل.
باسمة القصاب
في اللقاء الذي جمعني مع أربعة عشر حوزوية ينتمين لحوزات نسائية مختلفة، وقبل أن أكمل سؤالي عن علاقتهن بكتب المفكرين الدينيين الإيرانيين من أمثال علي شريعتي وعبدالكريم سروش و(...). قاطعتني زيبا خيامي قائلة ''لا مكان لهم هنا، لا داعي لأن تُكملي''. لم أُخف دهشتي من هذا النفي القاطع. فالنفي هنا لا يعني عدم حضور هذه العلاقة داخل المكان فقط، بل هو نفي يطردها خارج حدود الإمكان أيضاً. قلت أني لم أُخفِ دهشتي، وسريعاً ما استدركت يسرى الموسوي قائلة ''كتبهم متوافرة لدينا خارج الحوزة، نقرأها، لكن نحن لدينا أصالتنا الفكرية، ولا نتبنى أفكارهم، نحن مضطرون أن نقرأ لهم كي نكون محصنين فكرياً''. أخفيت دهشتي الأخرى.
ما الذي يجعل لملف شريعتي مكانا هنا في بروفايل، في حين لا مكان له في الحوزة الدينية ولا إمكان؟
أحد طلاب شريعتي تعتريه الدهشة من تدريس شريعتي لدين بوذا ضمن دروس ''تاريخ الأديان''، (دهشة الطالب هنا تقف على طرف نقيض من دهشتي السابقة)، هذا الدرس كما يقول الطالب يظهر إعجاب شريعتي ببوذا، يجيبه أستاذه بإمكان سهل مفتوح ''نعم أنا سني المذهب، صوفي المشرب، بوذي ذو نزعة وجودية، شيوعي ذو نزعة دينية، مغترب ذو نزعة رجعية، واقعي ذو نزعة خيالية، شيعي ذو نزعة وهابية، وغير ذلك. اللهم زد وبارك''.
ما يميز فكر شريعتي هو توسيعه مساحة الإمكان في الدين. الدين الذي يراه رديفاً لفهم الذات ومعرفتها. لا نعرف ذواتنا دون فتح إمكاناتها على إمكانات الآخرين، دون ثرائها بالآخر بدلاً من تحصّنها منه. يفتح شريعتي إمكانات ذاته (دينه) من غير اضطرار ولا خوف، ومن غير نية تحصيل إحكام حصانة فكرية مانعة أو جامعة. لا يخشى من فكر أجنبي يداخله أو يمازجه أو يفتحه أو يتمكن منه. ولا يخشى من علم (غربي النشأة، إنساني الطرح) أن يفتح مذهبه على تصوفه على وجوده على نزعته على رجعيته على خياله على حقيقته على معتقده، وعلى إي إمكان آخر.
لهذا كان (دين التوحيد) عند شريعتي هو ما يوحِّد الإنسان ''من لوازم توحيد الإله توحيد العالم، ومن لوازم توحيد العالم توحيد الإنسان''. التوحيد بهذا المعنى يناقض أن يكون الانسان وحيداً، الدين الذي يجعل الإنسان يحيا بإمكان وحيد، ويحيل مكانه إلى حصن يمنعه من الفكر الآخر والإنسان الآخر والدين الآخر، هو ''دين ضد الدين''. بمعنى أنه ضد ما يوحّد الإنسان، وضد ما يوحد العالم، وضد ما يوحد إله العالم.
بهذا الإمكان الذي يميز فكر شريعتي، نقول له بعد الذكرى الثلاثين لاستشهاده: مازال لديك مكان هنا، وسنكمل.