سيد مرحوم
07-18-2004, 03:57 AM
صون كول جابوك: موظفون عراقيون بارزون يعملون مع «القاعدة» بعلم الأميركيين
عضو مجلس الحكم الانتقالي العراقي المنحل ل«الشرق الأوسط»: قوات الاحتلال أهانت العراقيين فشجعت الناس على الثأر منها
بيروت: سوسن الابطح
اتهمت صون كول جابوك، العضو التركماني في مجلس الحكم الانتقالي العراقي المنحل، موظفين كباراً في الدولة العراقية بالعمل مع تنظيم «القاعدة»، وأكدت ان عمليات تفجير انابيب النفط العراقي تتم في بعض الاحيان بايدي موظفين موكلين حماية هذه الانابيب ومعينين من قِبل الاميركيين.
وكشفت جابوك في مقابلة مع «الشر الاوسط» خفايا مما كان يدور بين الحاكم المدني الاميركي بول بريمر ومجلس الحكم، وتحدثت عن الطريقة التي بواسطتها تم تمرير قانون ادارة الدولة للفترة الانتقالية. ومن المتوقع ان تصبح جابوك عضوا في الجمعية الوطنية المؤقتة التي سيختارها مؤتمر وطني عراقي سيعقد في السادس والعشرين من الشهر الحالي. وحسب جابوك فان الجمعية، وهي بمثابة برلمان مؤقت، ستكون من دون صلاحيات.
* ما هي صلاحيات الجمعية الوطنية المؤقتة وهل ستمارس دورها التشريعي كاملاً؟
- سلطة الاحتلال وضعت نصاً يحدد صلاحيات هذه الجمعية. وبحسب النص لن يكون لنا اي حق في سن وتشريع القوانين. مهمتنا هي متابعة سير التنفيذ، وتعيين رئيس للوزراء او وزير في حال حدوث فراغ في اي من هذه المناصب. وتستطيع الجمعية رفض القرارات التي تصدر عن مجلس الوزراء بإجماع ثلثي الاعضاء.
* كيف تنظرين اليوم الى تجربتكم في مجلس الحكم الانتقالي.. اين اصبتم وبماذا أخطأتم؟
- ثمة ايجابيات منها مثلاً اننا استطعنا تعيين مجلس للوزراء من 25 وزيراً. ومن السلبيات اقرارنا لقانون إدارة الدولة. أعتقد انه لم يكن من حقنا ان نقر قانوناً ونفرضه على الشعب العراقي من دون ان يعرض عليه، فنحن لم نكن سلطة منتخبة. والنتيجة التي نراها الآن ان هذا القانون تسبب في مشاكل لأنه رفض من قبل الشعب العراقي. اميركا هي التي وضعت القانون ولم يكن امأمنا سوى التوقيع. كنت عضواً في الهيئة المكلفة اعداد القانون لمدة ثلاثة اشهر لكنني لم اشارك في كتابة اي حرف. دوري كان ان اسمع وأوقع. وأعتبر ان بنود القانون مجحفة في بعض منها وستتسبب في ازمات مستقبلية. فمثلاً حقوق التركمان لم تعط لهم كما كان يفترض. وفي القانون اقرار للفيدرالية التي ستكون فاتحة لتقسيم العراق. وفي القانون اعتبر العراقيون العرب وحدهم جزءاً من الأمة العربية والتركمان لا يرون ذلك، فهم أيضاً جزء من الأمة العربية لأنهم يسكنون العراق وغداً قد تستخدم هذه التوصيفات ذريعة لفصل الجزء غير العربي عن العراق وتفتيته.
* إذن انتم في مجلس الحكم رضيتم بأن تكونوا شهود زور؟
- ليست شهادة زور. كان واجبنا كمجلس الاطلاع على قانون سيُعمل به في المرحلة المقبلة، قبل ان نصادق، ولكن لم نعط اي فرصة لمناقشته وتعديله على نحو يرضي الشعب العراقي. ما حصل ان النص وضع امامنا وطلب منا التوقيع. انا كممثلة للتركمان لم يكن بمقدوري ان اقبل او ارفض خلال الزمن القصير الذي منح لنا. والشيعة بدورهم اعترضوا على القانون لكننا في النهاية وافقنا جميعاً في سبيل تسهيل ولادة حكومة ذات سيادة.
* هل تعتقدين ان انعكاسات تطبيق «قانون السلامة الوطنية» ستكون ايجابية على المستوى الأمني؟
- كان عندنا تفجير او اثنان فأصبحت نتيجة لهذا الاجراء تسعة او عشرة في اليوم. حالة الطوارئ كان يجب ان تعلن يوم سقوط تمثال صدام حسين وكذلك الاستثمار في بناء العراق. لقد تأخر الوقت كثيراً. من المهم ان نربط اقرار الأمن بحل مشكلة البطالة فالناس بحاجة الى اعمال. ما الذي يعصم العاطلين من الانزلاق والخضوع لاغراءات التمويلات المشبوهة. اتخذنا الكثير من القرارات لكنها جوبهت بالرفض من قبل بريمر الذي كان يتذرع بعدم وجود ميزانية. الجندي الاميركي راتبه كبير جداً، المترجم العراقي الذي يعمل مع سلطة التحالف يتقاضى راتباً خيالياً، المهندس العراقي الذي يشتغل معهم يصل مرتبه الى 1500 دولار، لكنهم لا يعطونه اكثر من 300 دولار حين يكون موظفاً في الحكومة. التفاوت في الرواتب على هذا النحو جعل الناس يفضلون العمل معهم، ومن ثم يصبحون هدفاً للقتل.
* لماذا انت باقية في اطار العمل السياسي ما دامت المناصب غير ذات فاعلية لأصحابها في ظل الاحتلال؟
- لن استقيل ولن اخرج من هذه الدائرة، فالشعب العراقي بحاجة لمن ينصفه. انا موجودة لأساند شعبي.
* لكنك تقولين ان النتائج كانت هزيلة جداً؟
- مجلس الحكم كان مكبلاً. نقرّ القرار ويذهب عند الحاكم بريمر وهو الشخص الوحيد الذي كان يملك صلاحيات في العراق. مجلس الحكم كانت فيه شخصيات وطنية وظلمت بسبب الوضع البائس الذي وضعت فيه من قبل سلطة الاحتلال. وقفنا مرارا في وجه بريمر. انا شخصياً رفضت اموراً كثيرة واسمعت صوتي وتحدثت عبر الفضائيات وأدنت تعذيب السجناء وطالبت بمحاكمة المسؤولين من الجنود الاميركيين.
* ما رأيك في محاكمة صدام حسين الآن وعلى النحو الذي شاهدناه؟
- انا ضد محاكمة صدام حسين الآن، لأن ذلك سيثير الشارع العراقي ويقسمه بدل ان يوحده. لا توجد لدينا حكومة منتخبة والقانون الموجود لم يكتب من قبل هيئة منتخبة. والامكانية المعقولة في ظل هكذا وضع ان يحاكم صدام من قبل قضاة دوليين وعراقيين. صدام كان أسير حرب وبالتالي، قانونياً، يجب ان يحاكم وفق معاهدة جنيف امام محكمة دولية.
* لماذا فشلت القوات الاميركية في تأمين الحدود العراقية بالحد الادنى، وحملت مسؤولية تسرب المقاتلين للجيران وبشكل خاص سورية؟
- ما اريد ان اوضحه أن المقاتلين لم يكونوا بحاجة لسلوك طرق ملتوية للدخول من اي بلد مجاور انهم يدخلون من نقاط العبور الرئيسية الرسمية من دون ان يحاسبهم احد. كانت لدينا قبل الاحتلال مكاتب حدودية منظمة تسجل اسماء الداخلين والخارجين وتدقق في هويات الاشخاص قبل ختم جوازاتهم وتفتيش البضائع التي تدخل العراق. بعد الاحتلال توقف العمل بهذه الاجراءات بطلب من الاميركيين، ورأيت بأم عيني ما يحدث على نقطتنا الحدودية مع الاردن. وروى لي الموظفون انهم طلبوا من الضباط الاميركيين الموجودين هناك ان يعودوا الى تسجيل الاسماء عند ختم جواز السفر لكن هؤلاء رفضوا. وأحد الموظفين روى لي انه يعرف بعض المشبوهين الذين يعبرون وحاول ان يقنع ضابطاً اميركياً بمنعهم فرفض قائلاً له: «لا تستطيع ان تمنع احداً من دخول العراق». وأنا تكلمت مع الاميركيين وأثرت هذا الموضوع الحساس وابلغتهم ان اناساً غير مرغوب فيهم يدخلون العراق، وان موظفي الحدود لا يستطيعون شيئاً حيالهم، فقالوا «نعرف ذلك» لكن لم يتخذ اي اجراء. الحدود كانت سائبة ومفتوحة لكل من هبّ ودبّ، هذا عدا الشاحنات التي دخلت من دون اي تفتيش.
* هذا معناه ان الكلام عن وجود اسرائيليين داخل العراق هو امر منطقي؟
- ولماذا لا يدخل الاسرائيليون. الباب ترك مفتوحاً لمن يريد ويرغب. وكل من يحب ان يأتي الى العراق لتصفية حسابات حضر من دون عناء. وما دام الاميركيون يريدون مكافحة الارهاب كان عليهم ان يسمعونا حين طلبنا منهم اغلاق الحدود على الأقل، لأن الضرر عاد عليهم ايضاً. حين كنت عضواً في لجنة الأمن الوطني، التي ترأسها اياد علاوي، لم تكن «القاعدة» موجودة في العراق، لكنها جاءت بعد الاحتلال. لقد أهان الاميركيون العراقيين كثيراً. رأينا شيوخ قبائل تداس رؤوسهم بالاحذية الاميركية امام افراد عشيرتهم، هذا عدا ما حدث في السجون. اهانة العراقيين على هذا النحو شجعت الناس على الثأر. ثم تطور الامر واصبح لهؤلاء اتصال مع «القاعدة». واصبحت العمليات اكثر تنظيماً ضد الاحتلال.
* هل كنتم تنبّهون الاميركيين الى عواقب افعالهم، وبماذا كانوا يجيبون؟
- كنا ننبههم، ونزودهم معلومات ولا يستجيبون. كانت تأتيني معلومات استخباراتية موثوقة بوجود اصحاب وظائف مرموقة في الدولة يعملون مع «القاعدة» وابلغت سلطات الاحتلال بذلك لكن لم يتم القضاء عليهم، وما زالوا في وظائفهم ويتسلمون مبالغ كبيرة من جهات مخرّبة. ابلغتهم عن رئيس مجلس بلدي في احد الاقضية، وأخبرتهم لمرتين ببلاغات جاءتني في ما يخص تفجير انابيب نفط في اماكن بعينها وتم التفجير فعلاً ولم يتحركوا لمنع المخربين. اكثر من ذلك اعلمت مسؤولاً اميركياً مرتين ان المفجّرين هم من الذين عينتهم سلطات الاحتلال ذاتها لحماية انابيب النفط لكنهم لم يغيروهم. من اخطاء سلطة الاحتلال انها قرّبت اليها مجرمين كانوا انفسهم مقربين من سلطات صدام حسين.
* وما الذي تتوقعين انجازه من قبل الحكومة الحالية ضمن السلطات المعطاة لها؟
- رئيس الجمهورية، الشيخ غازي الياور، قال لي انهم يملكون السيادة حين سألته، ورئيس الوزراء يجيب على النحو ذاته. لا نستطيع الحكم على هذه الحكومة قبل ثلاثة اشهر. ونجاحها او فشلها سيتوقف على مدى قدرتها في تحقيق الاستثمارات والإعمار. خلال العام الفائت خصص مبلغ خمسة مليارات دولار من الكونغرس الاميركي لاعمار العراق وزع على الوزارات لتنفيذ المشاريع لكن لم نلمس اي شيء على الارض.
* هل تشعرين بخيبة امل كبيرة ؟
- اميركا نجحت في شيء واحد، هو انها اسقطت النظام السابق، لكنها لم تفهم طبيعة العراقيين. الشعب العراقي كان يقدّس الجيش الاميركي، فتحنا لهم ابوابنا، واستقبلناهم بالــزهور على انهم «قوة تحرير» لكنهم ارونا وجههم البشع وصدمنا بقوة حين طالبوا في الامم المتحدة اعتبارهم «قوة احتلال». حين دخلت مجلس الحكم كنت اظن أنني سأكون صاحبة سلطة فأنا الممثلة الوحيدة في المجلس ل 3 ملايين تركماني لكن ما حدث عملياً هو ان بريمر كان يتخذ القرارات وحده، ويأتينا بقراراته ويقول لنا ناقشوها ووقعوها. انا تورطت في مجلس الحكم. كنت وحدي التي ارفض وأعاند احياناً مقابل 24 من زملائي يوافقون. هم وطنيون لكنهم كانوا يحاولون تمشية الحال. هذا خطأ مجلس الحكم. وفي الفترة الاخيرة اصبحنا نعترض جماعياً ونمنعه (بريمر) في بعض الاحيان من تنفيذ ما يريد. لذلك صار هناك تصادم بين المجلس وبريمر حتى انه توقف عن حضور الاجتماعات بعد ان كان حريصاً على ذلك. وفي المرحلة الاخيرة بدا غير مهتم بأي شيء ولا يريد ان يسمع احداً. ما فهمناه ان بريمر كان مهتماً فقط باختيار اعضاء الحكومة الجديدة.
عضو مجلس الحكم الانتقالي العراقي المنحل ل«الشرق الأوسط»: قوات الاحتلال أهانت العراقيين فشجعت الناس على الثأر منها
بيروت: سوسن الابطح
اتهمت صون كول جابوك، العضو التركماني في مجلس الحكم الانتقالي العراقي المنحل، موظفين كباراً في الدولة العراقية بالعمل مع تنظيم «القاعدة»، وأكدت ان عمليات تفجير انابيب النفط العراقي تتم في بعض الاحيان بايدي موظفين موكلين حماية هذه الانابيب ومعينين من قِبل الاميركيين.
وكشفت جابوك في مقابلة مع «الشر الاوسط» خفايا مما كان يدور بين الحاكم المدني الاميركي بول بريمر ومجلس الحكم، وتحدثت عن الطريقة التي بواسطتها تم تمرير قانون ادارة الدولة للفترة الانتقالية. ومن المتوقع ان تصبح جابوك عضوا في الجمعية الوطنية المؤقتة التي سيختارها مؤتمر وطني عراقي سيعقد في السادس والعشرين من الشهر الحالي. وحسب جابوك فان الجمعية، وهي بمثابة برلمان مؤقت، ستكون من دون صلاحيات.
* ما هي صلاحيات الجمعية الوطنية المؤقتة وهل ستمارس دورها التشريعي كاملاً؟
- سلطة الاحتلال وضعت نصاً يحدد صلاحيات هذه الجمعية. وبحسب النص لن يكون لنا اي حق في سن وتشريع القوانين. مهمتنا هي متابعة سير التنفيذ، وتعيين رئيس للوزراء او وزير في حال حدوث فراغ في اي من هذه المناصب. وتستطيع الجمعية رفض القرارات التي تصدر عن مجلس الوزراء بإجماع ثلثي الاعضاء.
* كيف تنظرين اليوم الى تجربتكم في مجلس الحكم الانتقالي.. اين اصبتم وبماذا أخطأتم؟
- ثمة ايجابيات منها مثلاً اننا استطعنا تعيين مجلس للوزراء من 25 وزيراً. ومن السلبيات اقرارنا لقانون إدارة الدولة. أعتقد انه لم يكن من حقنا ان نقر قانوناً ونفرضه على الشعب العراقي من دون ان يعرض عليه، فنحن لم نكن سلطة منتخبة. والنتيجة التي نراها الآن ان هذا القانون تسبب في مشاكل لأنه رفض من قبل الشعب العراقي. اميركا هي التي وضعت القانون ولم يكن امأمنا سوى التوقيع. كنت عضواً في الهيئة المكلفة اعداد القانون لمدة ثلاثة اشهر لكنني لم اشارك في كتابة اي حرف. دوري كان ان اسمع وأوقع. وأعتبر ان بنود القانون مجحفة في بعض منها وستتسبب في ازمات مستقبلية. فمثلاً حقوق التركمان لم تعط لهم كما كان يفترض. وفي القانون اقرار للفيدرالية التي ستكون فاتحة لتقسيم العراق. وفي القانون اعتبر العراقيون العرب وحدهم جزءاً من الأمة العربية والتركمان لا يرون ذلك، فهم أيضاً جزء من الأمة العربية لأنهم يسكنون العراق وغداً قد تستخدم هذه التوصيفات ذريعة لفصل الجزء غير العربي عن العراق وتفتيته.
* إذن انتم في مجلس الحكم رضيتم بأن تكونوا شهود زور؟
- ليست شهادة زور. كان واجبنا كمجلس الاطلاع على قانون سيُعمل به في المرحلة المقبلة، قبل ان نصادق، ولكن لم نعط اي فرصة لمناقشته وتعديله على نحو يرضي الشعب العراقي. ما حصل ان النص وضع امامنا وطلب منا التوقيع. انا كممثلة للتركمان لم يكن بمقدوري ان اقبل او ارفض خلال الزمن القصير الذي منح لنا. والشيعة بدورهم اعترضوا على القانون لكننا في النهاية وافقنا جميعاً في سبيل تسهيل ولادة حكومة ذات سيادة.
* هل تعتقدين ان انعكاسات تطبيق «قانون السلامة الوطنية» ستكون ايجابية على المستوى الأمني؟
- كان عندنا تفجير او اثنان فأصبحت نتيجة لهذا الاجراء تسعة او عشرة في اليوم. حالة الطوارئ كان يجب ان تعلن يوم سقوط تمثال صدام حسين وكذلك الاستثمار في بناء العراق. لقد تأخر الوقت كثيراً. من المهم ان نربط اقرار الأمن بحل مشكلة البطالة فالناس بحاجة الى اعمال. ما الذي يعصم العاطلين من الانزلاق والخضوع لاغراءات التمويلات المشبوهة. اتخذنا الكثير من القرارات لكنها جوبهت بالرفض من قبل بريمر الذي كان يتذرع بعدم وجود ميزانية. الجندي الاميركي راتبه كبير جداً، المترجم العراقي الذي يعمل مع سلطة التحالف يتقاضى راتباً خيالياً، المهندس العراقي الذي يشتغل معهم يصل مرتبه الى 1500 دولار، لكنهم لا يعطونه اكثر من 300 دولار حين يكون موظفاً في الحكومة. التفاوت في الرواتب على هذا النحو جعل الناس يفضلون العمل معهم، ومن ثم يصبحون هدفاً للقتل.
* لماذا انت باقية في اطار العمل السياسي ما دامت المناصب غير ذات فاعلية لأصحابها في ظل الاحتلال؟
- لن استقيل ولن اخرج من هذه الدائرة، فالشعب العراقي بحاجة لمن ينصفه. انا موجودة لأساند شعبي.
* لكنك تقولين ان النتائج كانت هزيلة جداً؟
- مجلس الحكم كان مكبلاً. نقرّ القرار ويذهب عند الحاكم بريمر وهو الشخص الوحيد الذي كان يملك صلاحيات في العراق. مجلس الحكم كانت فيه شخصيات وطنية وظلمت بسبب الوضع البائس الذي وضعت فيه من قبل سلطة الاحتلال. وقفنا مرارا في وجه بريمر. انا شخصياً رفضت اموراً كثيرة واسمعت صوتي وتحدثت عبر الفضائيات وأدنت تعذيب السجناء وطالبت بمحاكمة المسؤولين من الجنود الاميركيين.
* ما رأيك في محاكمة صدام حسين الآن وعلى النحو الذي شاهدناه؟
- انا ضد محاكمة صدام حسين الآن، لأن ذلك سيثير الشارع العراقي ويقسمه بدل ان يوحده. لا توجد لدينا حكومة منتخبة والقانون الموجود لم يكتب من قبل هيئة منتخبة. والامكانية المعقولة في ظل هكذا وضع ان يحاكم صدام من قبل قضاة دوليين وعراقيين. صدام كان أسير حرب وبالتالي، قانونياً، يجب ان يحاكم وفق معاهدة جنيف امام محكمة دولية.
* لماذا فشلت القوات الاميركية في تأمين الحدود العراقية بالحد الادنى، وحملت مسؤولية تسرب المقاتلين للجيران وبشكل خاص سورية؟
- ما اريد ان اوضحه أن المقاتلين لم يكونوا بحاجة لسلوك طرق ملتوية للدخول من اي بلد مجاور انهم يدخلون من نقاط العبور الرئيسية الرسمية من دون ان يحاسبهم احد. كانت لدينا قبل الاحتلال مكاتب حدودية منظمة تسجل اسماء الداخلين والخارجين وتدقق في هويات الاشخاص قبل ختم جوازاتهم وتفتيش البضائع التي تدخل العراق. بعد الاحتلال توقف العمل بهذه الاجراءات بطلب من الاميركيين، ورأيت بأم عيني ما يحدث على نقطتنا الحدودية مع الاردن. وروى لي الموظفون انهم طلبوا من الضباط الاميركيين الموجودين هناك ان يعودوا الى تسجيل الاسماء عند ختم جواز السفر لكن هؤلاء رفضوا. وأحد الموظفين روى لي انه يعرف بعض المشبوهين الذين يعبرون وحاول ان يقنع ضابطاً اميركياً بمنعهم فرفض قائلاً له: «لا تستطيع ان تمنع احداً من دخول العراق». وأنا تكلمت مع الاميركيين وأثرت هذا الموضوع الحساس وابلغتهم ان اناساً غير مرغوب فيهم يدخلون العراق، وان موظفي الحدود لا يستطيعون شيئاً حيالهم، فقالوا «نعرف ذلك» لكن لم يتخذ اي اجراء. الحدود كانت سائبة ومفتوحة لكل من هبّ ودبّ، هذا عدا الشاحنات التي دخلت من دون اي تفتيش.
* هذا معناه ان الكلام عن وجود اسرائيليين داخل العراق هو امر منطقي؟
- ولماذا لا يدخل الاسرائيليون. الباب ترك مفتوحاً لمن يريد ويرغب. وكل من يحب ان يأتي الى العراق لتصفية حسابات حضر من دون عناء. وما دام الاميركيون يريدون مكافحة الارهاب كان عليهم ان يسمعونا حين طلبنا منهم اغلاق الحدود على الأقل، لأن الضرر عاد عليهم ايضاً. حين كنت عضواً في لجنة الأمن الوطني، التي ترأسها اياد علاوي، لم تكن «القاعدة» موجودة في العراق، لكنها جاءت بعد الاحتلال. لقد أهان الاميركيون العراقيين كثيراً. رأينا شيوخ قبائل تداس رؤوسهم بالاحذية الاميركية امام افراد عشيرتهم، هذا عدا ما حدث في السجون. اهانة العراقيين على هذا النحو شجعت الناس على الثأر. ثم تطور الامر واصبح لهؤلاء اتصال مع «القاعدة». واصبحت العمليات اكثر تنظيماً ضد الاحتلال.
* هل كنتم تنبّهون الاميركيين الى عواقب افعالهم، وبماذا كانوا يجيبون؟
- كنا ننبههم، ونزودهم معلومات ولا يستجيبون. كانت تأتيني معلومات استخباراتية موثوقة بوجود اصحاب وظائف مرموقة في الدولة يعملون مع «القاعدة» وابلغت سلطات الاحتلال بذلك لكن لم يتم القضاء عليهم، وما زالوا في وظائفهم ويتسلمون مبالغ كبيرة من جهات مخرّبة. ابلغتهم عن رئيس مجلس بلدي في احد الاقضية، وأخبرتهم لمرتين ببلاغات جاءتني في ما يخص تفجير انابيب نفط في اماكن بعينها وتم التفجير فعلاً ولم يتحركوا لمنع المخربين. اكثر من ذلك اعلمت مسؤولاً اميركياً مرتين ان المفجّرين هم من الذين عينتهم سلطات الاحتلال ذاتها لحماية انابيب النفط لكنهم لم يغيروهم. من اخطاء سلطة الاحتلال انها قرّبت اليها مجرمين كانوا انفسهم مقربين من سلطات صدام حسين.
* وما الذي تتوقعين انجازه من قبل الحكومة الحالية ضمن السلطات المعطاة لها؟
- رئيس الجمهورية، الشيخ غازي الياور، قال لي انهم يملكون السيادة حين سألته، ورئيس الوزراء يجيب على النحو ذاته. لا نستطيع الحكم على هذه الحكومة قبل ثلاثة اشهر. ونجاحها او فشلها سيتوقف على مدى قدرتها في تحقيق الاستثمارات والإعمار. خلال العام الفائت خصص مبلغ خمسة مليارات دولار من الكونغرس الاميركي لاعمار العراق وزع على الوزارات لتنفيذ المشاريع لكن لم نلمس اي شيء على الارض.
* هل تشعرين بخيبة امل كبيرة ؟
- اميركا نجحت في شيء واحد، هو انها اسقطت النظام السابق، لكنها لم تفهم طبيعة العراقيين. الشعب العراقي كان يقدّس الجيش الاميركي، فتحنا لهم ابوابنا، واستقبلناهم بالــزهور على انهم «قوة تحرير» لكنهم ارونا وجههم البشع وصدمنا بقوة حين طالبوا في الامم المتحدة اعتبارهم «قوة احتلال». حين دخلت مجلس الحكم كنت اظن أنني سأكون صاحبة سلطة فأنا الممثلة الوحيدة في المجلس ل 3 ملايين تركماني لكن ما حدث عملياً هو ان بريمر كان يتخذ القرارات وحده، ويأتينا بقراراته ويقول لنا ناقشوها ووقعوها. انا تورطت في مجلس الحكم. كنت وحدي التي ارفض وأعاند احياناً مقابل 24 من زملائي يوافقون. هم وطنيون لكنهم كانوا يحاولون تمشية الحال. هذا خطأ مجلس الحكم. وفي الفترة الاخيرة اصبحنا نعترض جماعياً ونمنعه (بريمر) في بعض الاحيان من تنفيذ ما يريد. لذلك صار هناك تصادم بين المجلس وبريمر حتى انه توقف عن حضور الاجتماعات بعد ان كان حريصاً على ذلك. وفي المرحلة الاخيرة بدا غير مهتم بأي شيء ولا يريد ان يسمع احداً. ما فهمناه ان بريمر كان مهتماً فقط باختيار اعضاء الحكومة الجديدة.