فاتن
12-13-2007, 06:51 PM
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/AkhbarKhasa/2007/12/thumbnails/T_d2d1fead-9f1a-46cd-91a6-cc6f9151d76a.jpg
حاوره نزار جاف - ايلاف
کان من أحد تلاميذ الإمام الخميني ثم إختلف معه، وسار في خط فکري ـ سياسي مغاير له تمامًا. شرع بتلقي العلوم الدينية ولمّا يزل 14 عامًا، ودرس في الحوزة العلمية بالنجف وقم، أيد بقوة منظمة مجاهدي خلق منذ بداية نشوء المنظمة عام 1971 ولهذا السبب إعتقل من قبل البوليس السري الايراني" السافاك "عامي 1972 و 1974. له شهرة بين أوساط الشباب الايراني. وتلقى کتاباته وطروحاته شعبية واسعة مشابهة لتلك التي کان يحظى بها الراحل الدکتور علي شريعتي.
مع أنه قد رشح نفسه في أول إنتخابات برلمانية بعد الثورة عام 1980، لکنه وکما تشير العديد من الاوساط انه قد حدثت عمليات تزوير واسعة النقاط حالت دون ترشحه، وقد توضح انه من ضمن الاهداف المهمة لنظام حکم ما بعد الشاه خصوصًا عندما داهمت عناصر الحرس الثوري الجامعات الايرانية عام 1980، ومنذ ذلك الوقت صار مطاردًا من قبل طهران لکنه لم يقف مکتوف الايدي إذ شکل جمعية " داد " أي ( جمعية دفاع عن الديمقراطية واستقلال ايران ) وإنضمت هذه الجمعية الى المجلس الوطني للمقاومة الايرانية وهو الان رئيس لجنة المذاهب وحريات الاديان. له العديد من الطروحات والبحوث في ما يتعلق بآرائه ومواقفه الفکرية.
إلتقته إيلاف ووجهت إليه مجموعة من الاسئلة وکان هذا الحوار.
س ـ كنتم تلميذًا للإمام الخمينى، وصرتم تعادونه، لماذا؟
ج ـ بداية معارضتي لخميني تعود إلى ماقبل السلطة بعقد واحد، عندما كان يقيم فى النجف. هناك وبهدف الترويج لنفسه كمرجعِ ديني. لجأ إلى أساليب الرياء نفسها التي كان يستهجن بشدة الذين يمارسمونها. مثلاً، عمد إلى توزيع النقود بين الذين كانوا يحضرون محاضراته. والأسوء من ذلك زور أوراق على أنها وثائق من سفارة الشاه ببغداد وذلك بهدف تخريب سمعة منتقديه ومعارضيه.
وقد كتب في هذه الأوراق المزوّرة نقلاً عن سفير الشاه، مخاطباً بعض المدرسين في حوزة النجف بأن السفارة وبأمر من «الشاهنشاه آريامهر» سوف تقوم شهريًا بتحويل الأموال لهؤلاء الأشخاص. وكان الملا دعايي الذي أصبح بعد ثورة العام 1979 سفيرًا لنظام خميني في بغداد كي ينفذ مخططات خميني للتطاول على العراق، وراء عملية التزوير هذه. فقد تحول إبتعادي التدريجي إلى القطيعة التامة من محاضرات خميني وجماعته في العام 1970 وذلك عندما قلل من شأن محاضرات «الخارج» الفقهية وتدنى بها إلى مستوى خطاب سياسي لتدريس نظرية « ولاية الفقيه».
س ـ لماذا أنتم ترفضون نظرية ولاية الفقيه، أليست تستند إلى أدلة فقهية متينة؟
ج ـ نظرية « ولاية الفقيه» ماهي إلا بدعة معزولة في الفقه الشيعي، حيث عرضت مرة واحدة فقط قبل خميني في القرن التاسع عشر بوساطة أحد الملالي المقربين من بلاط سلالة القاجار المنحطة والمستبدة، وإسمه الملا احمد نراقى ولم يرحب بها أحد على الإطلاق. والجدير بالذكر إنه وخلال الأعوام التي سبقت «ثورة الدستور في ايران» (انقلاب مشروطيت) في العام 1906، وعلى الرغم من الجدل والصراع القائم بين فقهاء الشيعة فى ايران والعراق، أى بين التيار الدستوري والتيار الإستبدادي، لم يشر أي من هؤلاء إلى نظرية « ولاية الفقيه»،أي كان نوعًا من « الإجماع المرکب» قائمًا بين الفقهاء يبحث عن السلطة خارج الفقاهة، مع إختلاف فى الرأى حول موقع « شاه ايران»، فهل عليه الإستمرار بالحكم مشروطاً بقوانين وضعية تسن بوساطة نواب الشعب أو يجب أن يكون «مطلق العنان»؟
وأما الأدلة التي كان خميني يستدل بها في محاضراته دفاعًا عن نظرية «ولاية الفقيه» فكانت نوعين:
الف ـ عدد من الأحاديث نقلاً عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) والتى كانت غير كافية كوثيقة وـ بوجه خاص ـ من جهة مغزاها ودلالاتها ولم يهتم بها أى فقيه آخر بإستثناء جماعته هو. زد علي ذلك،تناقض هذه النصوص الضعيفة مع مسلمات الشيعة وخاصة مع تصريحات وسنة الإمام على (ع) الفعلية حول حقوق الناس فى إختيار الحاكم والإشراف علي أعماله وإشتراط حق الحكم بأصوات الناس، مما لا لبس فيه ولا أي غموض. هذه وثائق يكفى الرجوع إلي نهج البلاغة ولا حاجة لمعرفة ومتابعة خاصة كى يتم الإلمام بها.
ب ـ لكنه إستند أصلاً علي « إجتهاد» شخصى تماماً وعلي النحو التالى: إن الأحكام الفقهية هى أحكاماً ملزمة.
تنفيذ هذه الأحكام غير ممكنة بدون سلطة الحكومة ويستنتج بأن سلطة الحكومة يجب أن تكون بيد الفقيه لأن الفقيه هو أدري من غيره بهذه الأحكام. إن الضعف المضحك فى هذا « الإجتهاد» كما يقول، واضح تماماً، لأن الأحكام الواردة فى الفقه قائمة علي أدلة هى أصلاً وعلى الدوام قابلة للنقاش والرفض والتشكيل. لذلك فإن تطبيقها كرهاً ومن خلال السلطة الحكومية، كلام لا معنى له، خاصة وحسب فقهاء الشيعة، فإن باب الإجتهاد يبقى مفتوحًا دائمًا. والمضحك أيضًا ما يدعيه بالقول: إن الفقيه ولإختصاصه فى هذه الأمور، يجب أن يمسك بزمام السلطة وكأن لا فرق بين تصريف شؤون الدولة وبين إدارة مسجدِ أو مدرسة دينية أو محكمة تصدر الأحكام كحالة قصوي.
ولكن ما حيرني بشكل أكبر وأثار قلقي والذي ناقشته فيه بنفسي كان أعمق من التشكيل في الرأي والإستدلالات التنظيرية بشأن ولاية الفقيه.
فقد ذکرته كيف كان يعبر عن القلق إزاء التمييز والممارسات الجائرة داخل أجهزة الفقاهة، خاصة القلق من أن الجهاز الحكومي وخاصة بلاط « الملك الشيعى» فى ايران قادر على التغلغل في أوساط الفقهاء. وكان خمينى يرد علي بالقول: إن شاء الله سوف يتم العثور على حالةِ صالحة. والمقصود التلويح إلي نفسه. كان يظن إننا كشباب تلك الفترة، لا علم لنا بأن جهازه هو علي نفس شاكلة الآخرين.
وهكذا أدركت مبكراً بأننا أمام مشهدِ خيانى مفتعل، مختبئ وراء نظرية فقهية، يستهدف الإستيلاء على السلطة وإحلال فساد ديني محل فساد غير ديني لسلالة بهلوى.
س ـ كيف تقيمون الوضع الحالي في ايران، وهل إن الجبهة الداخلية قوية كما يقول الرئيس احمدي نجاد؟
ج ـ المجتمع الإيراني أصبح متحررًا الآن أكثر مما مضى من كل الأوهام التي كانت لديه تجاه نظام الملالي والجميع بات مقتنعًا بأن كل المأسي التي يعاني منها الشعب الإيراني، ناجم عن إغتصاب خميني وزمرته لسلطة الحكومة التي أتت بها ثورة العام 1979 وإن إنهاء ما تراكم من مشاكل لهذا المجتمع، مرهون بإزاحة هذا النطام عن السلطة.
فبعد إزاحة القناع عن وجه خاتمى وفضح صورته المبتسمة وشعاراته الداعية للوسطية المزيفة وكونها لا تستهدف إلا كسب المزيد من إطالة العمر لنظام الملالى المعادى للشعب، باتت الساحة الإيرانية تشهد بوضوح أكبر، حالات من الإحتجاجات الشعبية من جانب الشباب وطلاب الجامعات والنساء ومختلف شرائح الكادحين وبوجه خاص العمال والمعلمين وهى مستمرة بوتيرة تصاعدية متزايدة. فاحمدى نجاد الذي جيء به إلى السلطة بهدف ممارسة المزيد من القمع وجعل جهاز الدولة موحداً، قوبل يوماً بعد يوم بمزيد من المقاومة الإجتماعية الأشد وضوحًا ولم يحدث أي خلل فى إرادة الشعب ونضالاته المستمرة.
إن احمدى نجاد لم يحقق أى نجاح لإقامة جبهة شعبية تساند النظام داخل ايران فحسب، بل ما نراه اليوم هو حدوث شرخ فى الجبهة الداخلية للنظام نفسه، نتيجة لسياسات أحمدى نجاد ولهجته الداعية لإشعال فتيل الحرب، مما تسبب فى التعبير عن القلق بشكل مكشوف، سواء من جانب المرجعيات الدينية المحسوبة علي النظام وذات الصلة به، أو من جانب أشخاص مثل رفسنجانى.
س ـ ماهي العلاقة التي ترونها ممكنة وإيجابية بين الدين والسياسة؟
ج ـ الشعب الإيراني، في غالبيته العظمي كان ومايزال حريص علي الدين الإسلامى الحنيف وكما نري اليوم، فإن السواد الأعظم من أفراد الشعب قادر علي التمييز بين روح وأصالة الديانة الإسلامية وبين ممارسات ملالى الحكم المتاجرين بالدين.إن تجارب ربع قرن من سلطة الملالي بإسم الدين الإسلامي قد وفرت فرصة كبرى لإيران ولشعبنا الإيراني كي يدرك أهمية الحرية في الإلتزامات الدينية وأن يتبرّأ من أي ممارسة تفرض كرهًا وبأساليب قمعية بإسم الدين.
فالحرية كان الشعار المطالب بتحقيقه لكل الإيرانيين من أى جنس أو قومية أو ديانة ومذهب وفلسفة، منذ إنتصار الثورة ضد الحكم الملكى فى العام 1979.إذاً، هذا هو الرأسمال الفكرى والروحى الذى يعتمده الشعب الإيراني للتصدي لحالة التفرد بالسلطة المتخلفة والرجعية.
نحن نعتقد أن المسلمين والمؤمنين في مجتمع مثل المجتمع الإيراني ـ وبخصائصه ـ يشكلون أهم قوة تطالب بحكم ديمقراطي. مجتمع لا يساوم على الحريات الفكرية والعقائدية للشعب مقابل أى نوع من أنواع التمييز المفروض لصالح هذا الدين أو ذاك وخاصة ما يفرض باسم الدين.
س ـ هناك عدة تيارات تمثل المعارضة ضد نظام الحكم
الحالي، من بينها، معارضة دينية، كيف تراها؟
ج ـ حول تعدد تيارات المعارضة الإيرانية، يجب الإلمام بنقطتين:
الأولى: إن المعارضة الحقيقية للنظام الإيرانى.هى التى لاتتمثل مطلبها بشيء أقل من الإطاحة بمجمل نظام الملالى المغتصب للسلطة. وأما الذين يهدفون إلي شئ عدا ذلك، فهم حلفاء لأجنحة من داخل النظام ومدعومون من قبله ومن قبل المساندين الدوليين للملالى ويجب عدم خلط هؤلاء بالمعارضة الحقيقية.
الثانية:
هذه المعارضة الحقيقية، التيار الديني، لها ملامح بارزة تتميز بها، إذ في غياب هذه الخصوصية كان النظام الإيراني قادرًا على تشويه سمعة معارضيه وعزلهم والتشهير بأنهم معارضون للدين وللإسلام خاصة وإن أهم تنظيم ديني، أي منظمة مجاهدين خلق ايران، كان السباق في رفض التمييز الدينى الوارد في نظرية « ولاية الفقيه»، فلولا هذه المنظمة لكانت المرجعية الدينية والفاشية الدينية لخمينى تبقي غير مفضوحة. والجدير بالذكر إن المعارضة الدينية ومن بين الإيرانيين، هي التي إتخذت مبادرات غير مسبوقة في مجال المعتقدات وتحقيق المساواة.
ولهذا، أصبح تحالف المجلس الوطنى للمقاومة الذى يضم تنظيم مجاهدى خلق ايران( القوة الرئيسية فى المعارضة الإسلامية) كابوساً للملالى حكام ايران. هذه القوة الإسلامية وبدخولها فى تحالف متساوي الحقوق مع أتباع مختلف الأديان والمذاهب والإيرانيين ذوى الميول والفلسفات الغير دينية، وقفت ومنذ ربع قرن لتتحدي الإدعاءآت الدينية المتخلفة للملالي خاصة وإنها فضحت وبأفضل مايمكن، الطبيعة القمعية للملالي في مجال «معاداة المرأة» تحت طائلة الإسلام وذلك من خلال تواجد نساء المنظمة في أهم المواقع القيادية، سياسيًا وعسكريًا.
س ـ هناك إتهامات موجهة للحكم الإيراني بالتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من دول المنطقة وطهران تنفي ذلك. من وجهة نظركم، لماذا تتدخل الحكومة الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وما الهدف من وراء ذلك؟
ج ـ لا جدوى مما ينفيه ملالى ايران بشأن تدخلاتهم اللامشروعة في دول المنطقة، لأنهم قد دوّنوا هذه النوعية من التدخلات في أهم الوثائق الخاصة بهم بعنوان «رسالتنا». بما في ذلك في دستور نظام
«ولاية الفقيه» وفي نص الوصية الخاصة لخمينى والتي سماها « الوصية السياسية الإلهية».فقد دعا خمينى فى وصيته المسلمين فى العالم بصراحة إلي القتال ضد الحكومات المحلية ولو بوساطة الأظافر والأسنان فى سبيل إقامة « الدولة الإسلاميه». من البديهى أن هذه الدعوة إلى الإطاحة بالأنظمة الأخرى فى 57 دولة عضو منظمة المؤتمر الإسلامى،لا يمكن تحقيقها إلا من خلال سلسلة من الحروب على أوسع نطاق وتتسبب في الحقيقة في إشتعال نوعًا من الحرب العالمية، حيث الحرب والخصائص الراهنة فى العالم لابد وأن تسفك دمادً أكثر بكثير مما خلفتها الحرب العالمية الثانية التى راح ضحيتها60 مليونًا من البشر.
بهذه النوايا وبهذه الستراتيجية، عمد هذا النظام ومنذ صبيحة إقامة كيانه،إلي بناء العديد من المؤسسات والأجهزة العسكرية وغير العسكرية لهذا الغرض وقام بتجنيد عملائه من الرعايا غير الإيرانيين في هذه المؤسسات. ويمثل فيلق القدس الذى يكثر الحديث عنه هذه الأيام، أحد أهم الأجهزة الحكومية الناشطة في هذه التدخلات.
إن مختلف الأجنحة داخل نظام الملالى متفق فى الرأى مع خمينى بأن بقاءهم في السلطة في ايران مرهون باستراتيجية « المد».فهم نظرياً، وفى إطار«إسلامهم الرجعى» لايستطيعون الإعتراف بحدود ايران الوطنية والإتفاقيات الدولية ذات الصلة.
فكما أسلفت، إن الفلسفة الرجعية لـ «ولاية الفقيه» تقوم علي مرجعية الأنظمة « الفقهية» بصفتها« أحكامًا إلهية» وإن الحدود الوطنية الحالية غير معترف بها فى الفقه المشار إليه. فمن البديهى إن القبول بحالة خارج « الفقه» لا يتماشي مع شرعية وضرورة «ولاية الفقيه» وكذلك الحال بالنسبة إلى القرارات الإنسانية الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيرها والتي لا يستطيع ملالي ايران التسليم بها والموافقة عليها.
س ـ كيف تنظرون للمستقبل السياسي للجمهورية الإسلامية وهل بإمكانها البقاء والمطاولة؟
ج ـ رغم إن النظام الذى يطلق عليه تسمية « الجمهورية الإسلامية» قد مضي عليه ربع قرن من الزمان ككيان قائم، إلاأنه لا يمكن التجاهل كونه قد ولد ميتاً منذ البداية،فقد عجز هذا النظام عن البقاء وفياً للمبادئ التى أعلنها بنفسه. فمنذ البداية أعلن خمينى إنه سوف يعتبر لاغياً كل الأحكام الفقهية إن إقتضت الضرورة وذلك تحت طائلة « مصلحة النظام».
وقد عمد إلي ذلك فعلا فى غالب الأحيان. ففى وقت مبكر وخلافاً لنظرية « ولاية الفقيه» والدستور الذى هم وضعوه، أدركوا أنه ـ وخاصة في حالة موت خمينى ـ فإن نظامهم سوف يفقد طبيعته حين وصول أي من كبار رجال الدين إلى السلطة. لذلك، عمدوا إلى عزل خليفة خمينى الرسمى ـ الشيخ حسين على منتظرى ـ من منصبه وحذفوا شرط «المرجعية» من الدستور كى تصبح السلطة فى قبضة متحدث عادى، أى سيد على خامنئى الذى كان موثوقًا به من جانب العصابة الحاكمة. إن هذا النظام المسمى بإسلامي بقي في السلطة مع وبعد خمينى وهو يعتمد أصلاً على القمع الداخلى وتقديم الثروات الوطنية لشراء التأييد والمسايرة الدولية معه.
لكننا اليوم نرى إن القمع الداخلي قد وصل إلى المأزق وخلافًا لما كانت الحال في عهد خميني بات عاجزًا عن كمِ الأفواه، كما وإن ما يمهد له النظام لغزو العالم، جعل من المسايرة الدولية معه أمرًا غير ممكن. كل هذا يحدث في ظروف تكتسب معها المقاومة الإيرانية ونضالات الإيرانيين الإجتماعية قوة وشرعية متزايدة باضطراد. إن الخروج من هذه الحالة تفرض على نظام الملالي الرضوخ أمام القواعد الدولية السياسية وتلك المتعلقة بسيادة الدول. فالسير نحو هذا الإتجاه، إن أنقذ النظام من مشاكله مع العالم، فإن الثمن سيكون على حساب العدول عن نظرية « ولاية الفقيه» وهو ما معناه نهاية كل الألاعيب الإجرامية التى مورست بإسم هذه النظرية بحق مصير ايران والشعب الإيرانى.
س ـ كيف تنظرون إلى التحرك الغربي عمومًا والأميركي خصوصًا ضد طهران، هل أنتم معهم أم ضدهم؟
ج ـ نحن نحمل الدول الغربية مسؤولية تجاهلها لحقوق الشعب الإيراني وإنتهاجها سياسة المسايرة مع النظام الإيراني طوال ربع قرن من الزمان. حيث باتت المقاومة الإيرانية والشعب الأيراني ضحية للسياسة الغربية هذه طوال الفترة المذكورة.. والآن، إن لم تستطع الدول الغربية الإستمرار فى علاقاتها وسياساتها السابقة مع وتجاه نظام ولاية الفقيه بسبب تدخلاته في الدول الأخرى ونهجه التوسعي، فإن هذا الأمر ينال الترحيب من جانبنا، ولكن من حقنا وفي سبيل المصالح العليا للشعب الإيراني ومصير السلام والإستقرار الدوليين، أن نطالب الجميع بوضع حدِ لهذه الفترة المخزية من سياسة المسايرة مع الفاشية الدينية القائمة فى ايران بأسرع وقت وبحزم أكبر.
س. ما هي العلاقة التي تربط رجال الدين بالمقاومة الايرانية؟
ج. منذ وصول نظام خميني الى السلطة في ايران وبدء احتكاره الذي لم يكن يستثني رجال الدين المسلمين والشعية، اتجه حسن ظن وعواطف الشخصيات المذهبية ورجال الدين نحو اناس وقفوا امام هذا النظام وفرزوا بين فكرة خميني المتطرفة وبين الاسلام الحقيقي، وكان هؤلاء بشكل كبير مجاهدي خلق او المتحالفين معهم اومؤتلفين معهم في صفوف الشخصيات السياسية والعملية والقانونية والجامعيين، إضافة الى مجموعة من رجال الدين.
اوضحت مجاهدي خلق والمقاومة الايرانية للشعب الايراني وقواها كما اثبتت فعلا ان معارضته مع الرجعية الدينية لم ولن تكن اطلاقًا بمعنى مناهضة الرجال الدين الحقيقين والاصلاء. نحن نذكر باستمرار انه في جميع الادوار التاريخية الصعبة كيف وقف رجال الدين الشرفاء بكل شجاعة على وجه نظرائم في لباس المنحرفين والرجعيين حيث لم يخافوا من قلة عدهم وكثرة مشاكل النضال مع هؤلاء. وكان ولايزال اسماء هؤلاء الرجال الدين الكبار مضيئا في تاريخ ايران المعاصر بدء من جمال الدين اسد آبادي مرورا بملا محمد كاظم خراساني(صاحب الكفاية) والعلامة نائيني والعلامة مازندراني في الثورة الدستورية ومنتهيا بآية الله طالقاني في الثورة ضد الشاه الذي وقف على وجه زمرة خميني، وان الشعب الايراني يذكره جيدا.
ويجب ان نضيف اليهم الشهداء من رجال الدين الكرام الذين ناضلوا في صفوف المقاومة الايرانية ونالوا الشهادة، حيث نشرت اسماء ومواصفات عديد من هؤلاء في قائمة شهداء المقاومة الايرانية.
http://www.elaph.com/ElaphWeb/AkhbarKhasa/2007/12/287863.htm
حاوره نزار جاف - ايلاف
کان من أحد تلاميذ الإمام الخميني ثم إختلف معه، وسار في خط فکري ـ سياسي مغاير له تمامًا. شرع بتلقي العلوم الدينية ولمّا يزل 14 عامًا، ودرس في الحوزة العلمية بالنجف وقم، أيد بقوة منظمة مجاهدي خلق منذ بداية نشوء المنظمة عام 1971 ولهذا السبب إعتقل من قبل البوليس السري الايراني" السافاك "عامي 1972 و 1974. له شهرة بين أوساط الشباب الايراني. وتلقى کتاباته وطروحاته شعبية واسعة مشابهة لتلك التي کان يحظى بها الراحل الدکتور علي شريعتي.
مع أنه قد رشح نفسه في أول إنتخابات برلمانية بعد الثورة عام 1980، لکنه وکما تشير العديد من الاوساط انه قد حدثت عمليات تزوير واسعة النقاط حالت دون ترشحه، وقد توضح انه من ضمن الاهداف المهمة لنظام حکم ما بعد الشاه خصوصًا عندما داهمت عناصر الحرس الثوري الجامعات الايرانية عام 1980، ومنذ ذلك الوقت صار مطاردًا من قبل طهران لکنه لم يقف مکتوف الايدي إذ شکل جمعية " داد " أي ( جمعية دفاع عن الديمقراطية واستقلال ايران ) وإنضمت هذه الجمعية الى المجلس الوطني للمقاومة الايرانية وهو الان رئيس لجنة المذاهب وحريات الاديان. له العديد من الطروحات والبحوث في ما يتعلق بآرائه ومواقفه الفکرية.
إلتقته إيلاف ووجهت إليه مجموعة من الاسئلة وکان هذا الحوار.
س ـ كنتم تلميذًا للإمام الخمينى، وصرتم تعادونه، لماذا؟
ج ـ بداية معارضتي لخميني تعود إلى ماقبل السلطة بعقد واحد، عندما كان يقيم فى النجف. هناك وبهدف الترويج لنفسه كمرجعِ ديني. لجأ إلى أساليب الرياء نفسها التي كان يستهجن بشدة الذين يمارسمونها. مثلاً، عمد إلى توزيع النقود بين الذين كانوا يحضرون محاضراته. والأسوء من ذلك زور أوراق على أنها وثائق من سفارة الشاه ببغداد وذلك بهدف تخريب سمعة منتقديه ومعارضيه.
وقد كتب في هذه الأوراق المزوّرة نقلاً عن سفير الشاه، مخاطباً بعض المدرسين في حوزة النجف بأن السفارة وبأمر من «الشاهنشاه آريامهر» سوف تقوم شهريًا بتحويل الأموال لهؤلاء الأشخاص. وكان الملا دعايي الذي أصبح بعد ثورة العام 1979 سفيرًا لنظام خميني في بغداد كي ينفذ مخططات خميني للتطاول على العراق، وراء عملية التزوير هذه. فقد تحول إبتعادي التدريجي إلى القطيعة التامة من محاضرات خميني وجماعته في العام 1970 وذلك عندما قلل من شأن محاضرات «الخارج» الفقهية وتدنى بها إلى مستوى خطاب سياسي لتدريس نظرية « ولاية الفقيه».
س ـ لماذا أنتم ترفضون نظرية ولاية الفقيه، أليست تستند إلى أدلة فقهية متينة؟
ج ـ نظرية « ولاية الفقيه» ماهي إلا بدعة معزولة في الفقه الشيعي، حيث عرضت مرة واحدة فقط قبل خميني في القرن التاسع عشر بوساطة أحد الملالي المقربين من بلاط سلالة القاجار المنحطة والمستبدة، وإسمه الملا احمد نراقى ولم يرحب بها أحد على الإطلاق. والجدير بالذكر إنه وخلال الأعوام التي سبقت «ثورة الدستور في ايران» (انقلاب مشروطيت) في العام 1906، وعلى الرغم من الجدل والصراع القائم بين فقهاء الشيعة فى ايران والعراق، أى بين التيار الدستوري والتيار الإستبدادي، لم يشر أي من هؤلاء إلى نظرية « ولاية الفقيه»،أي كان نوعًا من « الإجماع المرکب» قائمًا بين الفقهاء يبحث عن السلطة خارج الفقاهة، مع إختلاف فى الرأى حول موقع « شاه ايران»، فهل عليه الإستمرار بالحكم مشروطاً بقوانين وضعية تسن بوساطة نواب الشعب أو يجب أن يكون «مطلق العنان»؟
وأما الأدلة التي كان خميني يستدل بها في محاضراته دفاعًا عن نظرية «ولاية الفقيه» فكانت نوعين:
الف ـ عدد من الأحاديث نقلاً عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) والتى كانت غير كافية كوثيقة وـ بوجه خاص ـ من جهة مغزاها ودلالاتها ولم يهتم بها أى فقيه آخر بإستثناء جماعته هو. زد علي ذلك،تناقض هذه النصوص الضعيفة مع مسلمات الشيعة وخاصة مع تصريحات وسنة الإمام على (ع) الفعلية حول حقوق الناس فى إختيار الحاكم والإشراف علي أعماله وإشتراط حق الحكم بأصوات الناس، مما لا لبس فيه ولا أي غموض. هذه وثائق يكفى الرجوع إلي نهج البلاغة ولا حاجة لمعرفة ومتابعة خاصة كى يتم الإلمام بها.
ب ـ لكنه إستند أصلاً علي « إجتهاد» شخصى تماماً وعلي النحو التالى: إن الأحكام الفقهية هى أحكاماً ملزمة.
تنفيذ هذه الأحكام غير ممكنة بدون سلطة الحكومة ويستنتج بأن سلطة الحكومة يجب أن تكون بيد الفقيه لأن الفقيه هو أدري من غيره بهذه الأحكام. إن الضعف المضحك فى هذا « الإجتهاد» كما يقول، واضح تماماً، لأن الأحكام الواردة فى الفقه قائمة علي أدلة هى أصلاً وعلى الدوام قابلة للنقاش والرفض والتشكيل. لذلك فإن تطبيقها كرهاً ومن خلال السلطة الحكومية، كلام لا معنى له، خاصة وحسب فقهاء الشيعة، فإن باب الإجتهاد يبقى مفتوحًا دائمًا. والمضحك أيضًا ما يدعيه بالقول: إن الفقيه ولإختصاصه فى هذه الأمور، يجب أن يمسك بزمام السلطة وكأن لا فرق بين تصريف شؤون الدولة وبين إدارة مسجدِ أو مدرسة دينية أو محكمة تصدر الأحكام كحالة قصوي.
ولكن ما حيرني بشكل أكبر وأثار قلقي والذي ناقشته فيه بنفسي كان أعمق من التشكيل في الرأي والإستدلالات التنظيرية بشأن ولاية الفقيه.
فقد ذکرته كيف كان يعبر عن القلق إزاء التمييز والممارسات الجائرة داخل أجهزة الفقاهة، خاصة القلق من أن الجهاز الحكومي وخاصة بلاط « الملك الشيعى» فى ايران قادر على التغلغل في أوساط الفقهاء. وكان خمينى يرد علي بالقول: إن شاء الله سوف يتم العثور على حالةِ صالحة. والمقصود التلويح إلي نفسه. كان يظن إننا كشباب تلك الفترة، لا علم لنا بأن جهازه هو علي نفس شاكلة الآخرين.
وهكذا أدركت مبكراً بأننا أمام مشهدِ خيانى مفتعل، مختبئ وراء نظرية فقهية، يستهدف الإستيلاء على السلطة وإحلال فساد ديني محل فساد غير ديني لسلالة بهلوى.
س ـ كيف تقيمون الوضع الحالي في ايران، وهل إن الجبهة الداخلية قوية كما يقول الرئيس احمدي نجاد؟
ج ـ المجتمع الإيراني أصبح متحررًا الآن أكثر مما مضى من كل الأوهام التي كانت لديه تجاه نظام الملالي والجميع بات مقتنعًا بأن كل المأسي التي يعاني منها الشعب الإيراني، ناجم عن إغتصاب خميني وزمرته لسلطة الحكومة التي أتت بها ثورة العام 1979 وإن إنهاء ما تراكم من مشاكل لهذا المجتمع، مرهون بإزاحة هذا النطام عن السلطة.
فبعد إزاحة القناع عن وجه خاتمى وفضح صورته المبتسمة وشعاراته الداعية للوسطية المزيفة وكونها لا تستهدف إلا كسب المزيد من إطالة العمر لنظام الملالى المعادى للشعب، باتت الساحة الإيرانية تشهد بوضوح أكبر، حالات من الإحتجاجات الشعبية من جانب الشباب وطلاب الجامعات والنساء ومختلف شرائح الكادحين وبوجه خاص العمال والمعلمين وهى مستمرة بوتيرة تصاعدية متزايدة. فاحمدى نجاد الذي جيء به إلى السلطة بهدف ممارسة المزيد من القمع وجعل جهاز الدولة موحداً، قوبل يوماً بعد يوم بمزيد من المقاومة الإجتماعية الأشد وضوحًا ولم يحدث أي خلل فى إرادة الشعب ونضالاته المستمرة.
إن احمدى نجاد لم يحقق أى نجاح لإقامة جبهة شعبية تساند النظام داخل ايران فحسب، بل ما نراه اليوم هو حدوث شرخ فى الجبهة الداخلية للنظام نفسه، نتيجة لسياسات أحمدى نجاد ولهجته الداعية لإشعال فتيل الحرب، مما تسبب فى التعبير عن القلق بشكل مكشوف، سواء من جانب المرجعيات الدينية المحسوبة علي النظام وذات الصلة به، أو من جانب أشخاص مثل رفسنجانى.
س ـ ماهي العلاقة التي ترونها ممكنة وإيجابية بين الدين والسياسة؟
ج ـ الشعب الإيراني، في غالبيته العظمي كان ومايزال حريص علي الدين الإسلامى الحنيف وكما نري اليوم، فإن السواد الأعظم من أفراد الشعب قادر علي التمييز بين روح وأصالة الديانة الإسلامية وبين ممارسات ملالى الحكم المتاجرين بالدين.إن تجارب ربع قرن من سلطة الملالي بإسم الدين الإسلامي قد وفرت فرصة كبرى لإيران ولشعبنا الإيراني كي يدرك أهمية الحرية في الإلتزامات الدينية وأن يتبرّأ من أي ممارسة تفرض كرهًا وبأساليب قمعية بإسم الدين.
فالحرية كان الشعار المطالب بتحقيقه لكل الإيرانيين من أى جنس أو قومية أو ديانة ومذهب وفلسفة، منذ إنتصار الثورة ضد الحكم الملكى فى العام 1979.إذاً، هذا هو الرأسمال الفكرى والروحى الذى يعتمده الشعب الإيراني للتصدي لحالة التفرد بالسلطة المتخلفة والرجعية.
نحن نعتقد أن المسلمين والمؤمنين في مجتمع مثل المجتمع الإيراني ـ وبخصائصه ـ يشكلون أهم قوة تطالب بحكم ديمقراطي. مجتمع لا يساوم على الحريات الفكرية والعقائدية للشعب مقابل أى نوع من أنواع التمييز المفروض لصالح هذا الدين أو ذاك وخاصة ما يفرض باسم الدين.
س ـ هناك عدة تيارات تمثل المعارضة ضد نظام الحكم
الحالي، من بينها، معارضة دينية، كيف تراها؟
ج ـ حول تعدد تيارات المعارضة الإيرانية، يجب الإلمام بنقطتين:
الأولى: إن المعارضة الحقيقية للنظام الإيرانى.هى التى لاتتمثل مطلبها بشيء أقل من الإطاحة بمجمل نظام الملالى المغتصب للسلطة. وأما الذين يهدفون إلي شئ عدا ذلك، فهم حلفاء لأجنحة من داخل النظام ومدعومون من قبله ومن قبل المساندين الدوليين للملالى ويجب عدم خلط هؤلاء بالمعارضة الحقيقية.
الثانية:
هذه المعارضة الحقيقية، التيار الديني، لها ملامح بارزة تتميز بها، إذ في غياب هذه الخصوصية كان النظام الإيراني قادرًا على تشويه سمعة معارضيه وعزلهم والتشهير بأنهم معارضون للدين وللإسلام خاصة وإن أهم تنظيم ديني، أي منظمة مجاهدين خلق ايران، كان السباق في رفض التمييز الدينى الوارد في نظرية « ولاية الفقيه»، فلولا هذه المنظمة لكانت المرجعية الدينية والفاشية الدينية لخمينى تبقي غير مفضوحة. والجدير بالذكر إن المعارضة الدينية ومن بين الإيرانيين، هي التي إتخذت مبادرات غير مسبوقة في مجال المعتقدات وتحقيق المساواة.
ولهذا، أصبح تحالف المجلس الوطنى للمقاومة الذى يضم تنظيم مجاهدى خلق ايران( القوة الرئيسية فى المعارضة الإسلامية) كابوساً للملالى حكام ايران. هذه القوة الإسلامية وبدخولها فى تحالف متساوي الحقوق مع أتباع مختلف الأديان والمذاهب والإيرانيين ذوى الميول والفلسفات الغير دينية، وقفت ومنذ ربع قرن لتتحدي الإدعاءآت الدينية المتخلفة للملالي خاصة وإنها فضحت وبأفضل مايمكن، الطبيعة القمعية للملالي في مجال «معاداة المرأة» تحت طائلة الإسلام وذلك من خلال تواجد نساء المنظمة في أهم المواقع القيادية، سياسيًا وعسكريًا.
س ـ هناك إتهامات موجهة للحكم الإيراني بالتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من دول المنطقة وطهران تنفي ذلك. من وجهة نظركم، لماذا تتدخل الحكومة الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وما الهدف من وراء ذلك؟
ج ـ لا جدوى مما ينفيه ملالى ايران بشأن تدخلاتهم اللامشروعة في دول المنطقة، لأنهم قد دوّنوا هذه النوعية من التدخلات في أهم الوثائق الخاصة بهم بعنوان «رسالتنا». بما في ذلك في دستور نظام
«ولاية الفقيه» وفي نص الوصية الخاصة لخمينى والتي سماها « الوصية السياسية الإلهية».فقد دعا خمينى فى وصيته المسلمين فى العالم بصراحة إلي القتال ضد الحكومات المحلية ولو بوساطة الأظافر والأسنان فى سبيل إقامة « الدولة الإسلاميه». من البديهى أن هذه الدعوة إلى الإطاحة بالأنظمة الأخرى فى 57 دولة عضو منظمة المؤتمر الإسلامى،لا يمكن تحقيقها إلا من خلال سلسلة من الحروب على أوسع نطاق وتتسبب في الحقيقة في إشتعال نوعًا من الحرب العالمية، حيث الحرب والخصائص الراهنة فى العالم لابد وأن تسفك دمادً أكثر بكثير مما خلفتها الحرب العالمية الثانية التى راح ضحيتها60 مليونًا من البشر.
بهذه النوايا وبهذه الستراتيجية، عمد هذا النظام ومنذ صبيحة إقامة كيانه،إلي بناء العديد من المؤسسات والأجهزة العسكرية وغير العسكرية لهذا الغرض وقام بتجنيد عملائه من الرعايا غير الإيرانيين في هذه المؤسسات. ويمثل فيلق القدس الذى يكثر الحديث عنه هذه الأيام، أحد أهم الأجهزة الحكومية الناشطة في هذه التدخلات.
إن مختلف الأجنحة داخل نظام الملالى متفق فى الرأى مع خمينى بأن بقاءهم في السلطة في ايران مرهون باستراتيجية « المد».فهم نظرياً، وفى إطار«إسلامهم الرجعى» لايستطيعون الإعتراف بحدود ايران الوطنية والإتفاقيات الدولية ذات الصلة.
فكما أسلفت، إن الفلسفة الرجعية لـ «ولاية الفقيه» تقوم علي مرجعية الأنظمة « الفقهية» بصفتها« أحكامًا إلهية» وإن الحدود الوطنية الحالية غير معترف بها فى الفقه المشار إليه. فمن البديهى إن القبول بحالة خارج « الفقه» لا يتماشي مع شرعية وضرورة «ولاية الفقيه» وكذلك الحال بالنسبة إلى القرارات الإنسانية الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيرها والتي لا يستطيع ملالي ايران التسليم بها والموافقة عليها.
س ـ كيف تنظرون للمستقبل السياسي للجمهورية الإسلامية وهل بإمكانها البقاء والمطاولة؟
ج ـ رغم إن النظام الذى يطلق عليه تسمية « الجمهورية الإسلامية» قد مضي عليه ربع قرن من الزمان ككيان قائم، إلاأنه لا يمكن التجاهل كونه قد ولد ميتاً منذ البداية،فقد عجز هذا النظام عن البقاء وفياً للمبادئ التى أعلنها بنفسه. فمنذ البداية أعلن خمينى إنه سوف يعتبر لاغياً كل الأحكام الفقهية إن إقتضت الضرورة وذلك تحت طائلة « مصلحة النظام».
وقد عمد إلي ذلك فعلا فى غالب الأحيان. ففى وقت مبكر وخلافاً لنظرية « ولاية الفقيه» والدستور الذى هم وضعوه، أدركوا أنه ـ وخاصة في حالة موت خمينى ـ فإن نظامهم سوف يفقد طبيعته حين وصول أي من كبار رجال الدين إلى السلطة. لذلك، عمدوا إلى عزل خليفة خمينى الرسمى ـ الشيخ حسين على منتظرى ـ من منصبه وحذفوا شرط «المرجعية» من الدستور كى تصبح السلطة فى قبضة متحدث عادى، أى سيد على خامنئى الذى كان موثوقًا به من جانب العصابة الحاكمة. إن هذا النظام المسمى بإسلامي بقي في السلطة مع وبعد خمينى وهو يعتمد أصلاً على القمع الداخلى وتقديم الثروات الوطنية لشراء التأييد والمسايرة الدولية معه.
لكننا اليوم نرى إن القمع الداخلي قد وصل إلى المأزق وخلافًا لما كانت الحال في عهد خميني بات عاجزًا عن كمِ الأفواه، كما وإن ما يمهد له النظام لغزو العالم، جعل من المسايرة الدولية معه أمرًا غير ممكن. كل هذا يحدث في ظروف تكتسب معها المقاومة الإيرانية ونضالات الإيرانيين الإجتماعية قوة وشرعية متزايدة باضطراد. إن الخروج من هذه الحالة تفرض على نظام الملالي الرضوخ أمام القواعد الدولية السياسية وتلك المتعلقة بسيادة الدول. فالسير نحو هذا الإتجاه، إن أنقذ النظام من مشاكله مع العالم، فإن الثمن سيكون على حساب العدول عن نظرية « ولاية الفقيه» وهو ما معناه نهاية كل الألاعيب الإجرامية التى مورست بإسم هذه النظرية بحق مصير ايران والشعب الإيرانى.
س ـ كيف تنظرون إلى التحرك الغربي عمومًا والأميركي خصوصًا ضد طهران، هل أنتم معهم أم ضدهم؟
ج ـ نحن نحمل الدول الغربية مسؤولية تجاهلها لحقوق الشعب الإيراني وإنتهاجها سياسة المسايرة مع النظام الإيراني طوال ربع قرن من الزمان. حيث باتت المقاومة الإيرانية والشعب الأيراني ضحية للسياسة الغربية هذه طوال الفترة المذكورة.. والآن، إن لم تستطع الدول الغربية الإستمرار فى علاقاتها وسياساتها السابقة مع وتجاه نظام ولاية الفقيه بسبب تدخلاته في الدول الأخرى ونهجه التوسعي، فإن هذا الأمر ينال الترحيب من جانبنا، ولكن من حقنا وفي سبيل المصالح العليا للشعب الإيراني ومصير السلام والإستقرار الدوليين، أن نطالب الجميع بوضع حدِ لهذه الفترة المخزية من سياسة المسايرة مع الفاشية الدينية القائمة فى ايران بأسرع وقت وبحزم أكبر.
س. ما هي العلاقة التي تربط رجال الدين بالمقاومة الايرانية؟
ج. منذ وصول نظام خميني الى السلطة في ايران وبدء احتكاره الذي لم يكن يستثني رجال الدين المسلمين والشعية، اتجه حسن ظن وعواطف الشخصيات المذهبية ورجال الدين نحو اناس وقفوا امام هذا النظام وفرزوا بين فكرة خميني المتطرفة وبين الاسلام الحقيقي، وكان هؤلاء بشكل كبير مجاهدي خلق او المتحالفين معهم اومؤتلفين معهم في صفوف الشخصيات السياسية والعملية والقانونية والجامعيين، إضافة الى مجموعة من رجال الدين.
اوضحت مجاهدي خلق والمقاومة الايرانية للشعب الايراني وقواها كما اثبتت فعلا ان معارضته مع الرجعية الدينية لم ولن تكن اطلاقًا بمعنى مناهضة الرجال الدين الحقيقين والاصلاء. نحن نذكر باستمرار انه في جميع الادوار التاريخية الصعبة كيف وقف رجال الدين الشرفاء بكل شجاعة على وجه نظرائم في لباس المنحرفين والرجعيين حيث لم يخافوا من قلة عدهم وكثرة مشاكل النضال مع هؤلاء. وكان ولايزال اسماء هؤلاء الرجال الدين الكبار مضيئا في تاريخ ايران المعاصر بدء من جمال الدين اسد آبادي مرورا بملا محمد كاظم خراساني(صاحب الكفاية) والعلامة نائيني والعلامة مازندراني في الثورة الدستورية ومنتهيا بآية الله طالقاني في الثورة ضد الشاه الذي وقف على وجه زمرة خميني، وان الشعب الايراني يذكره جيدا.
ويجب ان نضيف اليهم الشهداء من رجال الدين الكرام الذين ناضلوا في صفوف المقاومة الايرانية ونالوا الشهادة، حيث نشرت اسماء ومواصفات عديد من هؤلاء في قائمة شهداء المقاومة الايرانية.
http://www.elaph.com/ElaphWeb/AkhbarKhasa/2007/12/287863.htm