مجاهدون
12-05-2007, 07:59 AM
الظروف الامنية تجبر اهالي محافظة الانبار العراقية على تغيير موعدهم السنوي مع جني الكمأ.
ميدل ايست اونلاين
الفلوجة (العراق) – من عمر علي المنصوري
يعد العراق من أكثر بلدان العالم التي يتواجد فيها نبات الكمأ، بل لعله أكثرها على الإطلاق، إذ تزخر به حقول الصحراء الغربية مع مطلع الربيع من كل عام. وكان أهل محافظة الأنبار يعتبرون جني الكمأ في مثل هذا الوقت من كل عام بمثابة نزهة تنتهي عادة بعدة كيلوجرامات من الكمأ.
ويرتبط وجود هذا النبات بالظروف الجوية فإذا غيمت الدنيا وأمطرت مطرا مصحوبا بالرعد والبرق كان الموسم القادم وفيرا، علما ان جني الثمر يكون في آذار/مارس وان المطر غير المصحوب بالبرق لا يجدي نفعا أي ان العامل المهم في وجود الكمأ هو حدوث البرق.
والكمأ نبات يخرج من الارض بشكل طبيعي ولا تتم زراعته، ويستدل على وجودها عندما تصبح الأرض ذات بثور واضحة، او انتفاخات بسيطة وتحت هذه الانتفاخات توجد الكمأة الناضجة.
اما شكل الكمأة فهي تشبه البطاطا، ذات سطح كروي متعرج ولون بني، وهي مختلفة الأحجام من حجم كرة التنس إلى حجم البطيخة الصغيرة... والأحجام الصغيرة هي الأكثر شيوعا، ومن النادر أن يتم العثور على كمأة كبيرة يصل وزنها إلى الكيلو جرام .
وتبدأ أسواق بغداد في إستقبال ثمار الكمأ في أيام الربيع، لكنها باهظة الثمن... وتكاد في تلك الأيام أن تكون أغلى نوع من الثمار الموسمية الموجودة في الأسواق .
ويذكر أهالي الأنبار أنه منذ أن حطت القوات الأميركية وحلفاؤها على أرض العراق عام 2003 تغيرت الكثير من الهوايات ومجريات الحياة التي اعتاد العراقيون على ممارستها.
ومن أهم تلك الهوايات التي حرص أهالي الفلوجة عليها هي جني الكمأ، حيث تعتبر احدى الهوايات المفضلة لاهالي مدن المحافظة، وكان موسم جني الكمأ يشهد اقبالا واسعا قبل الوجود الاميركي حيث يتهيأ كبار السن والشباب للخروج الى الصحراء الغربية من محافظة الانبار للاستمتاع بجني هذا النبات.
الحاج حاتم مهدي صالح المحمدي استذكر هواية جني الكمأ قائلا ان "سكان الفلوجة وكذلك معظم محافظة الانبار يحرصون كل موسم للخروج الى الصحراء وخاصة صحراء مدن القائم وهيت وحديثة والبغدادي ومنطقة الثرثار حيث يكثر ظهور الكمأ في تلك الصحارى."
ويضيف المحمدي "كنا نتهيأ قبل مدة مع بعض الاصدقاء والاقارب مجهزين كل مستلزمات السفر ونبقى في الصحراء مدة تمتد من ثلاثة ايام لغاية اسبوع بحثا عن الكم."
ويقول ان "هواية جني الكمأ اشبه بالرحلات الجماعية ونحن نتسابق في البحث عن الكمأ في ربوع الصحراء حيث نستغرق احيانا بين ساعتين الى ثلاث ساعات من اجل جني ثمرة واحدة فهي هواية تحتاج للصبر وان الحصول على ثمرة واحدة تمثل تحديا لباقي الاصدقاء."
ويواصل "وبعد عودتنا الى الفلوجة نقوم باقتسام جميع ما جنيناه بيننا بالاضافة الى توزيع قسم الى الجيران واذكر اننا كنا نرسل منه كهدايا الى الاصدقاء والاقارب في بغداد."
ويوضح "الكمأة ثمرة لا تزرع بل هي هبة من الله سبحانه وتعالى وتوجد دلالات على وجودها تحت تربة ما كذلك فانها تحتاج لظروف مناخية معينة تشير لاحتمال ظهورها في الصحراء الغربية من العراق."
عماد محمد قال ان "الامطار الغزيرة في الاشهر المبكرة من الشتاء خاصة في شهر تشرين الاول/اكتوبر وتشرين الثاني نوفمبر يعطي دلالة على احتمالية ظهور الكمأ في اواخر شهر شباط فبراير وبداية آذار مارس حيث يبدأ الناس مع اوائل شهر اذار مارس باعداد عدتهم للسفر الى مناطق معينة من الصحراء الغربية خاصة في الاراضي المنبسطة حيث يكثر ظهور الكمأ."
ويقول ان "وجود نبتة الجريدة في مكان ما وهي نبتة صغيرة خضراء اللون تدل بشكل كبير على وجود الكمأ في تلك المنطقة حيث يظهر غالبا جزء من الكمأ ظاهرا فوق الارض وحوله شقوق ويبدأ الشخص بواسطة اليد او ملعقة الطعام الحفر بحذر حول الثمرة ويتم اخراجها."
ويتابع " ان استخراج نبات الكمأ يعد نصرا بالنسبة للهواة، فضلا عن ان اكلة الكمأ تمثل طعما مميزا جدا، وهو يعد للاكل بطرق مختلفة بعد تنظيفه بشكل جيد ومن تحضيره كوجبة مميزة للطعام عن طريق تقطيعه لقطع صغيرة وقليه مع الزيت."
ويضيف ان "السفرة لجني الكمأ تمثل رحلة للنزهة واحيانا كثيرة تنتهي تلك النزهة بعدة كيلوغرامات."
ويضيف "لكن مع الاسف منذ ان احتل العراق من قبل الاميركان وما رافقه من ظروف امنية شهدتها محافظة الانبار جعل من الصعب او المستحيل ان نعاود تلك الايام السعيدة وحقيقة انا واصدقائي نستذكرها بألم فمنذ شتاء 2004 لم نستطع الخروج في سفرات لجني الكمأ واذا رجعنا قليلا لتلك الايام فان الصحراء كانت عبارة عن مجموعة من الخيم منتشرة على مسافات بعيدة بينما يتوزع الناس على مسافات متباعدة هنا وهناك في رحلة للمتعة والاستجمام وقضاء وقت جميل."
جني الكمأ ربما يمثل هواية مفضلة للعديد من الناس لكن البعض يعتبرها علاجا لبعض الامراض.
المواطن ابو انس العاني الخبير بالطب الشعبي يقول "يوجد نوعين من الكمأ الاول القريب من الاراضي الكلسية يكون لونه ابيض ويسمى بالزبيدي ويمتاز بكير حجمه ويفضل اكله مع البيض والسمن الحيواني، اما الموجود في التربة الحمراء فيسمى الاحرق او الجبا ولونه بني غامق ويستخدم مع اكلة المرق ويستخدم مائه كعلاج من امراض العين ويمتاز بصغر حجمه."
ويقول ان "الكثير من المرضى ممن يعانون من مشاكل في العيون استخدموا ماء الكمأ وذلك بعد تنظيفه بصورة جيدة وغليه لفترة طويلة كي يستخدم بالتالي لتعقيم العين بعناية فائقة واثبت نتائج ايجابية."
لم يتأخر التجار في الفلوجة وغيرها من المدن خاصة في بداية القرن الجديد الى الانتباه الى حرص العوائل بالاعتماد على ان يكون الكمأ ضمن وجباتهم الاساسية لذلك اختار الكثيرين من بيع الكمأ تجارة مربحة، لكنهم ايضا حرموا من تجارتهم هذه بسبب الظرف الامني الصعب الذي يمنع المواطنين او التجار من الخروج لجني الكمأ.
المواطن زياد طارق يقول ان "تجارة الكمأ شكلت انتعاشا كبيرا للتجار والباعة وبرزت الفترات التي سبقت الاحتلال الاميركي للعراق مظهرا لافتا لانتشار بائعي الكمأ في سوق الفلوجة الشعبي."
واضاف "تشتهر تلك المظاهر للباعة خلال شهري اذار/مارس ونيسان/ابريل وقد تستمر لعدة اشهر."
كما تقوم بعض العائلات بتخزين كميات من الكمأ الى فصل الصيف، ويتراوح سعر الكيلو بين 300 الى الف 1000 دينار عراقي (اقل من دولار اميركي) حسب النوعية والجودة غير ان سعر الكيلو في بقية محافظات العراق قد يصل الى 2000 دينار (دولار ونصف) او 3000 الاف دينار عراقي (حوالي دولارين) ويتم جلبه من الانبار الى باقي محافظات العراق حيث تتمتع محافظة الانبار دون سواها من باقي المحافظات بوجود الكمأ في الصحراء الغربية.
غير ان نبات الكمأ وتجارته قد غابت عن اسواق الفلوجة.. وغاب الكمأ عن ولائم اهل الفلوجة.
ويجمع أهالي الفلوجة على أن السبب الرئيسي الذي حال دون تمتعهم بجني هذا النبات والتمتع بأكله هو الوجود الأمريكي في محافظتهم، الذي يمنعهم من الإنتشار في الصحراء الغربية لجني الكمأ.
ويقول عدد من أهالي الانبار إن الإحتلال أسهم في تغيير الكثير من عاداتهم وتقاليدهم، ومن بينها جني الكمأ.
ميدل ايست اونلاين
الفلوجة (العراق) – من عمر علي المنصوري
يعد العراق من أكثر بلدان العالم التي يتواجد فيها نبات الكمأ، بل لعله أكثرها على الإطلاق، إذ تزخر به حقول الصحراء الغربية مع مطلع الربيع من كل عام. وكان أهل محافظة الأنبار يعتبرون جني الكمأ في مثل هذا الوقت من كل عام بمثابة نزهة تنتهي عادة بعدة كيلوجرامات من الكمأ.
ويرتبط وجود هذا النبات بالظروف الجوية فإذا غيمت الدنيا وأمطرت مطرا مصحوبا بالرعد والبرق كان الموسم القادم وفيرا، علما ان جني الثمر يكون في آذار/مارس وان المطر غير المصحوب بالبرق لا يجدي نفعا أي ان العامل المهم في وجود الكمأ هو حدوث البرق.
والكمأ نبات يخرج من الارض بشكل طبيعي ولا تتم زراعته، ويستدل على وجودها عندما تصبح الأرض ذات بثور واضحة، او انتفاخات بسيطة وتحت هذه الانتفاخات توجد الكمأة الناضجة.
اما شكل الكمأة فهي تشبه البطاطا، ذات سطح كروي متعرج ولون بني، وهي مختلفة الأحجام من حجم كرة التنس إلى حجم البطيخة الصغيرة... والأحجام الصغيرة هي الأكثر شيوعا، ومن النادر أن يتم العثور على كمأة كبيرة يصل وزنها إلى الكيلو جرام .
وتبدأ أسواق بغداد في إستقبال ثمار الكمأ في أيام الربيع، لكنها باهظة الثمن... وتكاد في تلك الأيام أن تكون أغلى نوع من الثمار الموسمية الموجودة في الأسواق .
ويذكر أهالي الأنبار أنه منذ أن حطت القوات الأميركية وحلفاؤها على أرض العراق عام 2003 تغيرت الكثير من الهوايات ومجريات الحياة التي اعتاد العراقيون على ممارستها.
ومن أهم تلك الهوايات التي حرص أهالي الفلوجة عليها هي جني الكمأ، حيث تعتبر احدى الهوايات المفضلة لاهالي مدن المحافظة، وكان موسم جني الكمأ يشهد اقبالا واسعا قبل الوجود الاميركي حيث يتهيأ كبار السن والشباب للخروج الى الصحراء الغربية من محافظة الانبار للاستمتاع بجني هذا النبات.
الحاج حاتم مهدي صالح المحمدي استذكر هواية جني الكمأ قائلا ان "سكان الفلوجة وكذلك معظم محافظة الانبار يحرصون كل موسم للخروج الى الصحراء وخاصة صحراء مدن القائم وهيت وحديثة والبغدادي ومنطقة الثرثار حيث يكثر ظهور الكمأ في تلك الصحارى."
ويضيف المحمدي "كنا نتهيأ قبل مدة مع بعض الاصدقاء والاقارب مجهزين كل مستلزمات السفر ونبقى في الصحراء مدة تمتد من ثلاثة ايام لغاية اسبوع بحثا عن الكم."
ويقول ان "هواية جني الكمأ اشبه بالرحلات الجماعية ونحن نتسابق في البحث عن الكمأ في ربوع الصحراء حيث نستغرق احيانا بين ساعتين الى ثلاث ساعات من اجل جني ثمرة واحدة فهي هواية تحتاج للصبر وان الحصول على ثمرة واحدة تمثل تحديا لباقي الاصدقاء."
ويواصل "وبعد عودتنا الى الفلوجة نقوم باقتسام جميع ما جنيناه بيننا بالاضافة الى توزيع قسم الى الجيران واذكر اننا كنا نرسل منه كهدايا الى الاصدقاء والاقارب في بغداد."
ويوضح "الكمأة ثمرة لا تزرع بل هي هبة من الله سبحانه وتعالى وتوجد دلالات على وجودها تحت تربة ما كذلك فانها تحتاج لظروف مناخية معينة تشير لاحتمال ظهورها في الصحراء الغربية من العراق."
عماد محمد قال ان "الامطار الغزيرة في الاشهر المبكرة من الشتاء خاصة في شهر تشرين الاول/اكتوبر وتشرين الثاني نوفمبر يعطي دلالة على احتمالية ظهور الكمأ في اواخر شهر شباط فبراير وبداية آذار مارس حيث يبدأ الناس مع اوائل شهر اذار مارس باعداد عدتهم للسفر الى مناطق معينة من الصحراء الغربية خاصة في الاراضي المنبسطة حيث يكثر ظهور الكمأ."
ويقول ان "وجود نبتة الجريدة في مكان ما وهي نبتة صغيرة خضراء اللون تدل بشكل كبير على وجود الكمأ في تلك المنطقة حيث يظهر غالبا جزء من الكمأ ظاهرا فوق الارض وحوله شقوق ويبدأ الشخص بواسطة اليد او ملعقة الطعام الحفر بحذر حول الثمرة ويتم اخراجها."
ويتابع " ان استخراج نبات الكمأ يعد نصرا بالنسبة للهواة، فضلا عن ان اكلة الكمأ تمثل طعما مميزا جدا، وهو يعد للاكل بطرق مختلفة بعد تنظيفه بشكل جيد ومن تحضيره كوجبة مميزة للطعام عن طريق تقطيعه لقطع صغيرة وقليه مع الزيت."
ويضيف ان "السفرة لجني الكمأ تمثل رحلة للنزهة واحيانا كثيرة تنتهي تلك النزهة بعدة كيلوغرامات."
ويضيف "لكن مع الاسف منذ ان احتل العراق من قبل الاميركان وما رافقه من ظروف امنية شهدتها محافظة الانبار جعل من الصعب او المستحيل ان نعاود تلك الايام السعيدة وحقيقة انا واصدقائي نستذكرها بألم فمنذ شتاء 2004 لم نستطع الخروج في سفرات لجني الكمأ واذا رجعنا قليلا لتلك الايام فان الصحراء كانت عبارة عن مجموعة من الخيم منتشرة على مسافات بعيدة بينما يتوزع الناس على مسافات متباعدة هنا وهناك في رحلة للمتعة والاستجمام وقضاء وقت جميل."
جني الكمأ ربما يمثل هواية مفضلة للعديد من الناس لكن البعض يعتبرها علاجا لبعض الامراض.
المواطن ابو انس العاني الخبير بالطب الشعبي يقول "يوجد نوعين من الكمأ الاول القريب من الاراضي الكلسية يكون لونه ابيض ويسمى بالزبيدي ويمتاز بكير حجمه ويفضل اكله مع البيض والسمن الحيواني، اما الموجود في التربة الحمراء فيسمى الاحرق او الجبا ولونه بني غامق ويستخدم مع اكلة المرق ويستخدم مائه كعلاج من امراض العين ويمتاز بصغر حجمه."
ويقول ان "الكثير من المرضى ممن يعانون من مشاكل في العيون استخدموا ماء الكمأ وذلك بعد تنظيفه بصورة جيدة وغليه لفترة طويلة كي يستخدم بالتالي لتعقيم العين بعناية فائقة واثبت نتائج ايجابية."
لم يتأخر التجار في الفلوجة وغيرها من المدن خاصة في بداية القرن الجديد الى الانتباه الى حرص العوائل بالاعتماد على ان يكون الكمأ ضمن وجباتهم الاساسية لذلك اختار الكثيرين من بيع الكمأ تجارة مربحة، لكنهم ايضا حرموا من تجارتهم هذه بسبب الظرف الامني الصعب الذي يمنع المواطنين او التجار من الخروج لجني الكمأ.
المواطن زياد طارق يقول ان "تجارة الكمأ شكلت انتعاشا كبيرا للتجار والباعة وبرزت الفترات التي سبقت الاحتلال الاميركي للعراق مظهرا لافتا لانتشار بائعي الكمأ في سوق الفلوجة الشعبي."
واضاف "تشتهر تلك المظاهر للباعة خلال شهري اذار/مارس ونيسان/ابريل وقد تستمر لعدة اشهر."
كما تقوم بعض العائلات بتخزين كميات من الكمأ الى فصل الصيف، ويتراوح سعر الكيلو بين 300 الى الف 1000 دينار عراقي (اقل من دولار اميركي) حسب النوعية والجودة غير ان سعر الكيلو في بقية محافظات العراق قد يصل الى 2000 دينار (دولار ونصف) او 3000 الاف دينار عراقي (حوالي دولارين) ويتم جلبه من الانبار الى باقي محافظات العراق حيث تتمتع محافظة الانبار دون سواها من باقي المحافظات بوجود الكمأ في الصحراء الغربية.
غير ان نبات الكمأ وتجارته قد غابت عن اسواق الفلوجة.. وغاب الكمأ عن ولائم اهل الفلوجة.
ويجمع أهالي الفلوجة على أن السبب الرئيسي الذي حال دون تمتعهم بجني هذا النبات والتمتع بأكله هو الوجود الأمريكي في محافظتهم، الذي يمنعهم من الإنتشار في الصحراء الغربية لجني الكمأ.
ويقول عدد من أهالي الانبار إن الإحتلال أسهم في تغيير الكثير من عاداتهم وتقاليدهم، ومن بينها جني الكمأ.