لمياء
11-21-2007, 08:05 AM
رئيس الوزراء في حوار شامل مع صحيفة الحياة:المالكي: هناك 26 قانوناً معطلاً في هيئة الرئاسة والذي يعطلها هو طارق الهاشمي
شدد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي على البُعد العربي للعراق والحرص على إقامة أفضل العلاقات مع دول الجوار، لافتاً إلى ان السعودية كانت أول بلد يزوره بعد تكليفه رئاسة الوزراء. واتهم نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بتعطيل 26 قانوناً أقرها البرلمان، وعبر عن خشيته من أن يؤدي تطبيق الفيديرالية من دون «مقدمات سليمة» الى تقسيم العراق، وعبر عن أمله بإخراج العراق من وصاية البند السابع وأن يكون تمديد تفويض القوات المتعددة الجنسية الشهر المقبل هو الأخير.
ونفى المالكي في مقابلة شاملة مع «الحياة» في بغداد الاتهامات التي توجه الى حكومته بإقصاء السنة، موضحاً ان مشاركة السنة تفوق نسبة حجمهم، وهم موجودون في رئاسة الجمهورية والبرلمان.
وأكد انه حسم أمره باستبدال وزراء «التوافق» بعد يأسه من عودتهم الى الوزارة، بمرشحين من الأنبار وتكريت والموصل. ولفت الى ان التحسن الأمني في العراق يعود بالدرجة الأولى الى تعاون المواطنين والعشائر مع القوات الأمنية في طرد الارهابيين، وان قرار مقتدى الصدر بوقف عمليات جيش المهدي كان له دوره أيضاً في تحسن الوضع الأمني. وأكد المالكي التزام الحكومة بالنظام الفيديرالي الذي أقره الدستور لكنه حذر من انه يمكن ان يؤدي «في حال عدم توفير مقدمات سليمة الى عدم استقرار ومشاحنات داخلية، بل الى تقسيم». وعن الأزمة مع تركيا أكد المالكي ان «الحكومة العراقية تسعى الى التوفيق بين حق تركيا بعدم تعرضها لهجمات انطلاقاً من أراضينا، وحق الحكومة العراقية بسيادتها على أراضيها» مجدداً وصفه حزب العمال الكردستاني بأنه «منظمة ارهابية ولن نسمح لها بالعمل على أراضينا، وسنعمل كل ما نستطيع لمواجهتها».
وهنا نص المقابلة:
لمسنا تحسناً ملحوظاً في الوضع الأمني، لكن البعض يعزوه الى عاملين رئيسيين لا علاقة للحكومة بهما وهما سياسة تسليح وتمويل العشائر التي تقوم بها القوات الأميركية وقرار مقتدى الصدر وقف نشاطات «جيش المهدي». فما هو ردكم؟
- للنصر أدعياء كثيرون لكن الهزيمة يتيمة.
من الحكمة عدم المغالاة بحقيقة الأدوار، بل يجب تسجيل الحقائق كما هي للاستفادة من التجارب. فالسبب الأساسي في تحسن الوضع الأمني هو الخطة الأمنية التي أشرفت على إعدادها وناقشت خطوطها العريضة مع الرئيس جورج بوش في عمان في كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي، ثم أعدناها الى القيادة العسكرية العراقية لدراستها والتنسيق من ثم مع القوات الأميركية حتى تبلورت في «خطة فرض القانون».
وتتضمن هذه الخطة الأمنية بنداً رئيسياً بعنوان المصالحة الوطنية التي كنا قد بدأنا العمل عليها منذ مدة. هناك كثيرون يتحسسون من نجاح المصالحة الوطنية لخلفيات سياسية بحتة، إذ ان الفكرة الأساسية لدى هؤلاء كانت محاصرة هذه الحكومة باتهامها بالطائفية لاسقاطها. يحاولون منع التعامل معها، طائفياً ووطنياً وإقليمياً. يحاصرونها في ترشيح الوزير وتعيين الوكيل أو السفير حتى نصل الى مرحلة يقال فيها ان نوري المالكي او «الائتلاف العراقي الموحد» لم يتمكن من ادارة الدولة.
كانت هذه الفكرة قطب الرحى في مجمل تحركات هذه القوى المعارضة لنجاح العملية السياسية. حتى المشاركة السياسية لبعض هذه القوى كان هدفها ايقاف العملية السياسية. وهنا لا بد من تسجيل ان أحد الأسباب الرئيسية لتعطيل العملية السياسية يأتي من المشاركين فيها. هناك 26 قانوناً معطلاً في هيئة الرئاسة. والذي يعطلها هو نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، علماً بأن هذه القوانين أقرها البرلمان العراقي، الذي يمثل الشعب. فالخطة كانت قائمة على أساس اتهام هذه الحكومة بأنها طائفية وايرانية لتعبئة الرأي العام العربي السني ضدها. لكننا قاومنا هذه الحملة، وحاولنا تفنيدها، أولاً بتأكيدي، من خلال زياراتي الأولى الى الدول العربية، على البعد العربي للعراق وأننا لسنا بعيدين عن هذا الامتداد. وكان الحرص، ولا يزال، على العلاقة مع الدول العربية كبيراً. وجسّدنا هذا الحرص بزيارة السعودية، اول دولة عربية أزورها بعد تكليفي رئاسة الوزراء، ثم الأردن والامارات والكويت ومصر. وأكدنا عدم ايماننا بالطائفية، وأثبتنا عملياً ان هذه الحكومة غير طائفية، لأنها تعاملت بمستوى واحد مع كل المواطنين، ووقفت ضد المسيئين من الشيعة والسنة على السواء.
وطرحت شعار ان صديقي من يلتزم القانون وخصمي من يعتدي على القانون بغض النظر عن الهوية الطائفية. لذلك، عندما أيقن المواطنون ان هذه الحكومة ليست طائفية استطاعت القوى الأمنية ضرب المسيئين في كربلاء والنجف والديوانية والناصرية والبصرة ومدينة الصدر كما فعلنا في الرمادي وديالى. شعور الناس بأن هذه الحكومة غير طائفية دفعهم الى الخروج على ارادة السياسيين والحزبيين الذين أرادوا استغلال اتهام الحكومة بالطائفية وسيلة لاسقاطها. فأقبلت علينا أولاً عشائر الأنبار. ووقفنا الى جانب العشائر وقدمنا اليهم الدعم وتحملنا تبعات ذلك، الى ان انتصروا وهزموا الارهاب في مناطقهم.
وأثبتت هذا الخطوة - البداية بأن الحكومة غير طائفية، لأنها منحت الأنبار ما لم تعطه للمناطق الأخرى، فقدمنا التمويل والدعم لعناصر الشرطة والجيش في الأنبار، وزدنا أعدادهم الى 25 ألفاً علماً بأن حصة الأنبار من الشرطة لا تتجاوز 13 ألفاً وفقاً لنسبة سكانها. أذكر هذه المعلومة ليس للتفاخر، بل للقول إن بداية التحول بدأت بعدما سقط رهان بعض السياسيين على اتهامنا بالطائفية لافشال العملية السياسية، وبعد التأكد من التزام الحكومة بالقانون وتطبيقه بعدل بين المواطنين ومواجهة المسيئين من أي طائفة او قومية أو فئة. وهنا أريد أن أكشف أن الأميركيين لم يؤيدوا في البداية خطة الحكومة بتسليح العشائر، بل كانوا ضدها.
وليس صحيحاً أن الأميركيين هم الذين بدأوا تسليح العشائر. وأريد أن أوضح أن الحكومة أيضاً لم تسلح العشائر كعشائر، بل كعناصر في الأجهزة الأمنية.
> لكن الانطباع هو ان الأميركيين هم الذين كانوا وراء خطة تسليح العشائر وتمويلهم؟
- ليس صحيحاً. كانت هذه خطة الحكومة، وعندما نجحت دخل الأميركيون على الخط، علماً بأنهم كانوا يرفعون شعارات رفض التسليح والميليشيات. وبدأ الأميركيون يتحركون بهذا الاتجاه بعدما شاهدوا النتائج الايجابية التي حققتها تجربة الأنبار.
> وماذا عن الفساد في الأجهزة الأمنية؟
- أجرينا عملية اصلاح واسعة داخل الأجهزة الأمنية، والعملية مستمرة. إذ كانت بعض هذه القوات تجامل السياسيين تبعاً لانتماءاتها. فأخذت قسماً عليها اعتبرناه يوم القسم في الشرطة والجيش بأن الولاء للوطن. ومنعنا العمل الحزبي والانتماء السياسي وبدأنا بمعاقبة العناصر التي يثبت ارتباطها بالميليشيات وطردها من الأجهزة الأمنية. كان الجيش والشرطة مخترقين بالانتماءات الحزبية، من البعثيين والميليشيات السنية والشيعية والقاعدة وغيرها. وهذه واحدة من الأخطاء الاستراتيجية الكبرى التي دمرت العراق التي ارتكبها الحاكم الأميركي السابق بول بريمر حينما شكل الجيش والشرطة من دون التدقيق في خلفيات هذه العناصر. فخاطبت الجيش والشرطة مباشرة ورفعت من معنوياتهم، وطالبتهم برفض لقاء أي سياسي، وعدم تلقي أي أمر من أي كان ما عدا القيادة العسكرية. وطالبتهم بأن يعودوا رجال أمن كما كانوا. عندها بدأ العسكر برفض ضغوط السياسيين ومنع المدنيين من التدخل في شؤونه. ومع ارتفاع معنويات الجيش والشرطة بدأوا ينفذون مهمات كبيرة جداً. فكان دور هذه القوات مشهوداً في الرمادي وديالى ومدينة الصدر وغيرها، وذلك بدعم من القوات المتعددة الجنسية التي لعب زيادة عددها دوراً أيضاً في تحسن الوضع الأمني. وفي بغداد، التي كانت مركز العمليات الارهابية، تم احتواء القاعدة ولم تعد تتمكن من ان تكون لها أماكن آمنة في العاصمة نتيجة جهودنا وجهود قوات التحالف، والأهم تعاون المواطنين. الآن نقطة القوة التي نستند اليها هي تعاون المواطن، الذي هو أقوى من القوات المتعددة وقواتنا.
> لكن الوضع الأمني في بعض المحافظات الجنوبية، كالبصرة والديوانية، غير مستتب، لماذا؟
- في الحقيقة كانت هذه من أفضل المناطق أمنياً، حيث بدأت عمليات اعادة الاعمار والاستثمار تتجه جنوباً بسبب الاستقرار هناك لكن حصلت تحركات من بعض التشكيلات ينتمي بعضها الى التيار الصدري وجند السماء والصرخي، ومعظمها له امتدادات خارجية، وبدأت بافتعال مشاكل. ولكن الحكومة ردت بقوة على هذه المجموعات، كما حصل في كربلاء مثلاً.
> وقرار مقتدى بوقف نشاطات جيش المهدي ألم يساهم باستقرار الوضع الأمني؟
- هذا القرار كان له بعض الأثر. لكنه صدر بعد تنفيذ عمليات أمنية كبيرة استهدفت الخارجين على القانون، وبعضهم كان يعلن انتماءه للتيار الصدري. وبعد صدور هذا القرار تحولت مجموعات عدة كانت مخترقة للتيار - وهي لم تكن أصلاً من التيار وانفصلت عنه - وبدأت نشاطاتها الاجرامية لحسابها الخاص، من القتل والنهب والخطف، وتقوم الحكومة بملاحقتها بصفتها عصابات لا بصفتها تمثل تياراً سياسياً (كتيار صدري). والوضع الآن تحت السيطرة في الجنوب.
> لكن مسؤولاً أمنياً يقول ان نصف الديوانية خارج عن سلطة الحكومة، وفي البصرة الوضع الأمني غير مستقر نتيجة تناحر القوى السياسية؟
- أصبح الوضع في الديوانية تحت السيطرة الآن بعد انطلاق عملية امنية كبيرة في المنطقة لملاحقة المجرمين، حيث اعتقل العشرات ومن بينهم أعضاء في مجلس المحافظة. أما البصرة فتحتاج الى جهد كبير، فالوضع السياسي فيها معقد. مشكلتها ليست مع الحكومة، بل المشكلة بين القوى السياسية والعشائر هناك. مشكلة البصرة داخلية، وهي قديمة منذ زمن النظام السابق حيث المشاكل بين العشائر، وتهريب النفط وغيرها.
> لكن أليس جزءاً أساسياً من المشكلة خلافات بين القوى السياسية للسيطرة على مقدرات المدينة؟
- نعم. بعضها خلافات بين أطراف سياسية وبعضها سرقات وفساد اداري وبعضها خلافات عشائرية أو حزبية. أقول ان هذه النشاطات ليست موجهة ضد الدولة أو لاسقاط مشروع الدولة، بعكس نشاطات تنظيم «القاعدة» وتشكيلاتها التي تسعى لاسقاط الدولة، واقامة دولة بديلة سموها «الدولة الاسلامية». في البصرة الأمر مختلف، إنه خلافات وصراعات جانبية...
> لكن النتيجة واحدة وهي عدم استتباب الأمن في المنطقة؟
- هذه الصراعات تؤدي الى عدم استتباب الأمن لكن الأهداف مختلفة. فعشيرة تقاتل عشيرة، وهذا أمر قديم في المنطقة. نحن لا نقر هذا التقاتل، وهو مؤذ لأنه يؤدي الى عدم استتباب الأمن، لكن الأمر المهم هو انه ليس سياسة ضد الدولة، إذ ليس هناك طرف بين المتخاصمين ضد الدولة. بعضها يتحرك ضد القوات الأجنبية. لكن معظم نشاطات هذه المجموعات هو سرقة وعصابات نهب أو خلافات عشائرية، لكنها لا تعبر عن مشروع سياسي ضد الدولة. والحكومة تسعى جاهدة لاحتوائها.
> تحدثتم عن مشروع المصالحة الوطنية، لكن السنة الآن خارج العملية السياسية أو المشاركة الفاعلة في هذه العملية، إذ لديهم تحفظات عن مشاريع الفيديرالية وقانون النفط واجتثاث البعث، فهل من مبادرات لاستقطابهم مجدداً الى العملية السياسية؟
- ربما أوجدت طبيعة المرحلة السياسية السابقة انطباعاً بأن السنة ممثلين بتشكيلة واحدة (جبهة التوافق). وهذا خطأ. فالسنة أوسع بكثير من هذه التشكيلة.
> لكن البرلمان أفرز جبهة «التوافق» ممثلة للسنة؟
- صحيح. لكن هناك فئات سنية كثيرة لم تشارك في الانتخابات.
> يمكن ان يقال الأمر نفسه عن «الاتئلاف» العراقي الموحد الشيعي أو الأكراد؟
- تمثيل الائتلاف للشريحة التي يمثلها (الشيعة) واسع. لذلك لم خرج عن «الائتلاف» في الساحة الشيعية إلا القليل. وكذلك الأمر بالنسبة الى الأكراد، حيث يمثل التحالف الكردستاني الغالبية العظمى بين الكرد. لكن الأمر مختلف عند «التوافق» ونسبة تمثيلها للسنة. فهناك خلافات كبيرة بينها وبين سياسيين آخرين (زعماء العشائر) يمثلون هذه الشريحة المهمة، ويتعاملون معنا بخلاف رغبة «التوافق» التي هي مكون من مكونات السنة. لذلك لا يصح القول ان السنة غير مشاركين في العملية السياسية. بل هم مشاركون في مختلف المواقع: هم مشاركون بنسبة أكبر من حجمهم في الجيش، فالنسبة الكبرى من قيادات الجيش من السنة، وتصل في العديد من المواقع الى 40 أو 50 في المئة علماً بأن نسبة السنة تراوح بين 20 و22 في المئة من السكان. وكذلك الأمر في الشرطة ودوائر الدولة. وأريد أن ألفت الى انه يراد، كما أريد سابقاً، اتهام السلطة بالطائفية عبر القول ان السنة هم هؤلاء (التوافق) غير مشاركين في السلطة. لكن الأمر غير صحيح. السنة أولاً أوسع من هذه التشكيلة (التوافق)، إذ هناك سياسيون مرموقون وزعماء عشائر سنية فاعلون أكثر من عشائر أخرى في العراق.
> لكن أين هي مشاركتهم في السلطة السياسية العليا؟
- نحن حريصون على تمثيل السنة في السلطة، وهذا حقهم. وأعود وأكرر ان حجم السنة في السلطة أكبر من نسبتهم. لم يفقدوا شيئاً من مشاركتهم إلا الوزراء الأربعة في الحكومة، وهم وزيرا دولة ووزيرا التعليم العالي والثقافة. لكنهم ممثلين في رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان والحكومة، عدا عن استقالة بعض الوزراء الذين سنعين مكانهم وزراء من الشريحة السنية. وهم ممثلون بوزيري الدفاع والتخطيط ووزراء آخرين غير منضوين في أحزاب سياسية سنية.
> وهل حسمتم أمر تعيين وزراء بدلاء عن التوافق من العشائر السنية؟
- نعم، عندما يئسنا، بعد محاولات كثيرة لدى هيئة الرئاسة وآخرين، من عودة وزراء التوافق، وبعدما جمدنا استقالات الوزراء حتى تجاوزوا المدة القانونية، إذ ان الجبهة لا تريد إعادة الوزراء الى الحكومة مع وجود رغبة خاصة لدى الوزراء المعنيين الذين يتواصلون معنا ويعبرون عن رغبتهم بالعودة الى الحكومة، لكننا لا نريد إحداث مشكلة بينهم. لكن بعدما يئسنا من إمكانية عودتهم، نتجه الى ترشيح بدلاء عن «التوفق» ولدينا أسماء كثيرة ذات مستويات وكفاءات عالية. مجلس صحوة الانبار قدم أسماء مرشحين وكذلك من الموصل وتكريت. الأمر حسم لدينا، ونحن في مرحلة نهائية من غربلة الأسماء، وسنتقدم بها الى البرلمان للموافقة عليها.
> والوزراء البدلاء عن التيار الصدري؟
- عيّنا وزيرين ونحن بصدد تعيين وزيرين آخرين.
> من التيار الصدري؟
- لا. لا من التيار الصدري ولا من أي حزب آخر. سيكونون من المستقلين. ونريد تكريس هذه الخطوة، وهي ان لا تكون الوزارات حزبية. وهي فرصة أخرى كي نطبق هذا الشعار اذا استبدلنا وزراء التوافق والتيار الصدري.
> هناك لغط كبير حول قانون النفط، الذي أحيط بنوع من السرية والالتباس، مع وجود ملاحق تفسره. سمعت من مختصين ان القانون جيد لكن يجب إرفاقه مع الملاحق لحفظ مصالح العراق. لكن يبدو ان هناك رغبة خارجية لاقراره من دون الملاحق. لماذا تأخر إقرار القانون حتى الآن؟
- لم ألمس وجود رغبة بإقرار القانون من دون ملاحق. الملاحق متفق عليها وتحدد الحقول ضمن حدود الدولة الفيديرالية أو حدود الأقاليم. وهذا ضروري لأن القانون يرتكز عليها. هناك خلافات حول القانون. الائتلاف الشيعي كان ولا يزال حريصاً على وحدة الدولة وقوتها وعلى العدالة والمساواة في توزيع الواردات النفطية. ولذلك كان اصرارنا في الدستور على ان الثروة النفطية والغاز ملك كل الشعب العراقي، علماً بأن معظم احتياطيات النفط والغاز موجودة في المناطق الجنوبية (الشيعية). ولكن هناك نفط موجود في الشمال والمنطقة الغربية. ونحن نرفض الحديث عن نفط الشيعة ونفط السنة ونفط الأكراد. نصر على ان النفط ملك الشعب العراقي وتوزيع وارداته بصورة عادلة. الخلافات حصلت عند التطرق الى تفاصيل توزيع العائدات. وهي ليست مع الأكراد فقط الذين لديهم اعتراضات، بل أيضاً لدى السنة اعتراضات، فيما الشيعة هم الطرف الأول الذي وافق على القانون من دون أي تحفظ ويعتبرون أنهم ضحوا في سبيل ذلك من أجل الدولة الاتحادية المركزية، إذ كان بامكانهم القول ان معظم النفط في مناطقهم ويريدون الاستئثار به. هذه هي المشاكل الأساسية التي تحول حتى الآن دون اقرار القانون. هي ليست خلافات جوهرية، إنما إشكالات جانبية. ويوجد خلاف بين الائتلاف والأكراد حول بعض بنود القانون، لذلك لا يمكن تحميل السنة فقط أو الأكراد كل المسؤولية عن عدم اقرار القانون. كما أثارت العقود التي ابرمتها حكومة اقليم كردستان إشكالات، دفعت وزير النفط الى وصف هذه العقود بأنها مخالفة للدستور. وهذه المسألة ما زالت عالقة وبحاجة الى معالجة.
شدد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي على البُعد العربي للعراق والحرص على إقامة أفضل العلاقات مع دول الجوار، لافتاً إلى ان السعودية كانت أول بلد يزوره بعد تكليفه رئاسة الوزراء. واتهم نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بتعطيل 26 قانوناً أقرها البرلمان، وعبر عن خشيته من أن يؤدي تطبيق الفيديرالية من دون «مقدمات سليمة» الى تقسيم العراق، وعبر عن أمله بإخراج العراق من وصاية البند السابع وأن يكون تمديد تفويض القوات المتعددة الجنسية الشهر المقبل هو الأخير.
ونفى المالكي في مقابلة شاملة مع «الحياة» في بغداد الاتهامات التي توجه الى حكومته بإقصاء السنة، موضحاً ان مشاركة السنة تفوق نسبة حجمهم، وهم موجودون في رئاسة الجمهورية والبرلمان.
وأكد انه حسم أمره باستبدال وزراء «التوافق» بعد يأسه من عودتهم الى الوزارة، بمرشحين من الأنبار وتكريت والموصل. ولفت الى ان التحسن الأمني في العراق يعود بالدرجة الأولى الى تعاون المواطنين والعشائر مع القوات الأمنية في طرد الارهابيين، وان قرار مقتدى الصدر بوقف عمليات جيش المهدي كان له دوره أيضاً في تحسن الوضع الأمني. وأكد المالكي التزام الحكومة بالنظام الفيديرالي الذي أقره الدستور لكنه حذر من انه يمكن ان يؤدي «في حال عدم توفير مقدمات سليمة الى عدم استقرار ومشاحنات داخلية، بل الى تقسيم». وعن الأزمة مع تركيا أكد المالكي ان «الحكومة العراقية تسعى الى التوفيق بين حق تركيا بعدم تعرضها لهجمات انطلاقاً من أراضينا، وحق الحكومة العراقية بسيادتها على أراضيها» مجدداً وصفه حزب العمال الكردستاني بأنه «منظمة ارهابية ولن نسمح لها بالعمل على أراضينا، وسنعمل كل ما نستطيع لمواجهتها».
وهنا نص المقابلة:
لمسنا تحسناً ملحوظاً في الوضع الأمني، لكن البعض يعزوه الى عاملين رئيسيين لا علاقة للحكومة بهما وهما سياسة تسليح وتمويل العشائر التي تقوم بها القوات الأميركية وقرار مقتدى الصدر وقف نشاطات «جيش المهدي». فما هو ردكم؟
- للنصر أدعياء كثيرون لكن الهزيمة يتيمة.
من الحكمة عدم المغالاة بحقيقة الأدوار، بل يجب تسجيل الحقائق كما هي للاستفادة من التجارب. فالسبب الأساسي في تحسن الوضع الأمني هو الخطة الأمنية التي أشرفت على إعدادها وناقشت خطوطها العريضة مع الرئيس جورج بوش في عمان في كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي، ثم أعدناها الى القيادة العسكرية العراقية لدراستها والتنسيق من ثم مع القوات الأميركية حتى تبلورت في «خطة فرض القانون».
وتتضمن هذه الخطة الأمنية بنداً رئيسياً بعنوان المصالحة الوطنية التي كنا قد بدأنا العمل عليها منذ مدة. هناك كثيرون يتحسسون من نجاح المصالحة الوطنية لخلفيات سياسية بحتة، إذ ان الفكرة الأساسية لدى هؤلاء كانت محاصرة هذه الحكومة باتهامها بالطائفية لاسقاطها. يحاولون منع التعامل معها، طائفياً ووطنياً وإقليمياً. يحاصرونها في ترشيح الوزير وتعيين الوكيل أو السفير حتى نصل الى مرحلة يقال فيها ان نوري المالكي او «الائتلاف العراقي الموحد» لم يتمكن من ادارة الدولة.
كانت هذه الفكرة قطب الرحى في مجمل تحركات هذه القوى المعارضة لنجاح العملية السياسية. حتى المشاركة السياسية لبعض هذه القوى كان هدفها ايقاف العملية السياسية. وهنا لا بد من تسجيل ان أحد الأسباب الرئيسية لتعطيل العملية السياسية يأتي من المشاركين فيها. هناك 26 قانوناً معطلاً في هيئة الرئاسة. والذي يعطلها هو نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، علماً بأن هذه القوانين أقرها البرلمان العراقي، الذي يمثل الشعب. فالخطة كانت قائمة على أساس اتهام هذه الحكومة بأنها طائفية وايرانية لتعبئة الرأي العام العربي السني ضدها. لكننا قاومنا هذه الحملة، وحاولنا تفنيدها، أولاً بتأكيدي، من خلال زياراتي الأولى الى الدول العربية، على البعد العربي للعراق وأننا لسنا بعيدين عن هذا الامتداد. وكان الحرص، ولا يزال، على العلاقة مع الدول العربية كبيراً. وجسّدنا هذا الحرص بزيارة السعودية، اول دولة عربية أزورها بعد تكليفي رئاسة الوزراء، ثم الأردن والامارات والكويت ومصر. وأكدنا عدم ايماننا بالطائفية، وأثبتنا عملياً ان هذه الحكومة غير طائفية، لأنها تعاملت بمستوى واحد مع كل المواطنين، ووقفت ضد المسيئين من الشيعة والسنة على السواء.
وطرحت شعار ان صديقي من يلتزم القانون وخصمي من يعتدي على القانون بغض النظر عن الهوية الطائفية. لذلك، عندما أيقن المواطنون ان هذه الحكومة ليست طائفية استطاعت القوى الأمنية ضرب المسيئين في كربلاء والنجف والديوانية والناصرية والبصرة ومدينة الصدر كما فعلنا في الرمادي وديالى. شعور الناس بأن هذه الحكومة غير طائفية دفعهم الى الخروج على ارادة السياسيين والحزبيين الذين أرادوا استغلال اتهام الحكومة بالطائفية وسيلة لاسقاطها. فأقبلت علينا أولاً عشائر الأنبار. ووقفنا الى جانب العشائر وقدمنا اليهم الدعم وتحملنا تبعات ذلك، الى ان انتصروا وهزموا الارهاب في مناطقهم.
وأثبتت هذا الخطوة - البداية بأن الحكومة غير طائفية، لأنها منحت الأنبار ما لم تعطه للمناطق الأخرى، فقدمنا التمويل والدعم لعناصر الشرطة والجيش في الأنبار، وزدنا أعدادهم الى 25 ألفاً علماً بأن حصة الأنبار من الشرطة لا تتجاوز 13 ألفاً وفقاً لنسبة سكانها. أذكر هذه المعلومة ليس للتفاخر، بل للقول إن بداية التحول بدأت بعدما سقط رهان بعض السياسيين على اتهامنا بالطائفية لافشال العملية السياسية، وبعد التأكد من التزام الحكومة بالقانون وتطبيقه بعدل بين المواطنين ومواجهة المسيئين من أي طائفة او قومية أو فئة. وهنا أريد أن أكشف أن الأميركيين لم يؤيدوا في البداية خطة الحكومة بتسليح العشائر، بل كانوا ضدها.
وليس صحيحاً أن الأميركيين هم الذين بدأوا تسليح العشائر. وأريد أن أوضح أن الحكومة أيضاً لم تسلح العشائر كعشائر، بل كعناصر في الأجهزة الأمنية.
> لكن الانطباع هو ان الأميركيين هم الذين كانوا وراء خطة تسليح العشائر وتمويلهم؟
- ليس صحيحاً. كانت هذه خطة الحكومة، وعندما نجحت دخل الأميركيون على الخط، علماً بأنهم كانوا يرفعون شعارات رفض التسليح والميليشيات. وبدأ الأميركيون يتحركون بهذا الاتجاه بعدما شاهدوا النتائج الايجابية التي حققتها تجربة الأنبار.
> وماذا عن الفساد في الأجهزة الأمنية؟
- أجرينا عملية اصلاح واسعة داخل الأجهزة الأمنية، والعملية مستمرة. إذ كانت بعض هذه القوات تجامل السياسيين تبعاً لانتماءاتها. فأخذت قسماً عليها اعتبرناه يوم القسم في الشرطة والجيش بأن الولاء للوطن. ومنعنا العمل الحزبي والانتماء السياسي وبدأنا بمعاقبة العناصر التي يثبت ارتباطها بالميليشيات وطردها من الأجهزة الأمنية. كان الجيش والشرطة مخترقين بالانتماءات الحزبية، من البعثيين والميليشيات السنية والشيعية والقاعدة وغيرها. وهذه واحدة من الأخطاء الاستراتيجية الكبرى التي دمرت العراق التي ارتكبها الحاكم الأميركي السابق بول بريمر حينما شكل الجيش والشرطة من دون التدقيق في خلفيات هذه العناصر. فخاطبت الجيش والشرطة مباشرة ورفعت من معنوياتهم، وطالبتهم برفض لقاء أي سياسي، وعدم تلقي أي أمر من أي كان ما عدا القيادة العسكرية. وطالبتهم بأن يعودوا رجال أمن كما كانوا. عندها بدأ العسكر برفض ضغوط السياسيين ومنع المدنيين من التدخل في شؤونه. ومع ارتفاع معنويات الجيش والشرطة بدأوا ينفذون مهمات كبيرة جداً. فكان دور هذه القوات مشهوداً في الرمادي وديالى ومدينة الصدر وغيرها، وذلك بدعم من القوات المتعددة الجنسية التي لعب زيادة عددها دوراً أيضاً في تحسن الوضع الأمني. وفي بغداد، التي كانت مركز العمليات الارهابية، تم احتواء القاعدة ولم تعد تتمكن من ان تكون لها أماكن آمنة في العاصمة نتيجة جهودنا وجهود قوات التحالف، والأهم تعاون المواطنين. الآن نقطة القوة التي نستند اليها هي تعاون المواطن، الذي هو أقوى من القوات المتعددة وقواتنا.
> لكن الوضع الأمني في بعض المحافظات الجنوبية، كالبصرة والديوانية، غير مستتب، لماذا؟
- في الحقيقة كانت هذه من أفضل المناطق أمنياً، حيث بدأت عمليات اعادة الاعمار والاستثمار تتجه جنوباً بسبب الاستقرار هناك لكن حصلت تحركات من بعض التشكيلات ينتمي بعضها الى التيار الصدري وجند السماء والصرخي، ومعظمها له امتدادات خارجية، وبدأت بافتعال مشاكل. ولكن الحكومة ردت بقوة على هذه المجموعات، كما حصل في كربلاء مثلاً.
> وقرار مقتدى بوقف نشاطات جيش المهدي ألم يساهم باستقرار الوضع الأمني؟
- هذا القرار كان له بعض الأثر. لكنه صدر بعد تنفيذ عمليات أمنية كبيرة استهدفت الخارجين على القانون، وبعضهم كان يعلن انتماءه للتيار الصدري. وبعد صدور هذا القرار تحولت مجموعات عدة كانت مخترقة للتيار - وهي لم تكن أصلاً من التيار وانفصلت عنه - وبدأت نشاطاتها الاجرامية لحسابها الخاص، من القتل والنهب والخطف، وتقوم الحكومة بملاحقتها بصفتها عصابات لا بصفتها تمثل تياراً سياسياً (كتيار صدري). والوضع الآن تحت السيطرة في الجنوب.
> لكن مسؤولاً أمنياً يقول ان نصف الديوانية خارج عن سلطة الحكومة، وفي البصرة الوضع الأمني غير مستقر نتيجة تناحر القوى السياسية؟
- أصبح الوضع في الديوانية تحت السيطرة الآن بعد انطلاق عملية امنية كبيرة في المنطقة لملاحقة المجرمين، حيث اعتقل العشرات ومن بينهم أعضاء في مجلس المحافظة. أما البصرة فتحتاج الى جهد كبير، فالوضع السياسي فيها معقد. مشكلتها ليست مع الحكومة، بل المشكلة بين القوى السياسية والعشائر هناك. مشكلة البصرة داخلية، وهي قديمة منذ زمن النظام السابق حيث المشاكل بين العشائر، وتهريب النفط وغيرها.
> لكن أليس جزءاً أساسياً من المشكلة خلافات بين القوى السياسية للسيطرة على مقدرات المدينة؟
- نعم. بعضها خلافات بين أطراف سياسية وبعضها سرقات وفساد اداري وبعضها خلافات عشائرية أو حزبية. أقول ان هذه النشاطات ليست موجهة ضد الدولة أو لاسقاط مشروع الدولة، بعكس نشاطات تنظيم «القاعدة» وتشكيلاتها التي تسعى لاسقاط الدولة، واقامة دولة بديلة سموها «الدولة الاسلامية». في البصرة الأمر مختلف، إنه خلافات وصراعات جانبية...
> لكن النتيجة واحدة وهي عدم استتباب الأمن في المنطقة؟
- هذه الصراعات تؤدي الى عدم استتباب الأمن لكن الأهداف مختلفة. فعشيرة تقاتل عشيرة، وهذا أمر قديم في المنطقة. نحن لا نقر هذا التقاتل، وهو مؤذ لأنه يؤدي الى عدم استتباب الأمن، لكن الأمر المهم هو انه ليس سياسة ضد الدولة، إذ ليس هناك طرف بين المتخاصمين ضد الدولة. بعضها يتحرك ضد القوات الأجنبية. لكن معظم نشاطات هذه المجموعات هو سرقة وعصابات نهب أو خلافات عشائرية، لكنها لا تعبر عن مشروع سياسي ضد الدولة. والحكومة تسعى جاهدة لاحتوائها.
> تحدثتم عن مشروع المصالحة الوطنية، لكن السنة الآن خارج العملية السياسية أو المشاركة الفاعلة في هذه العملية، إذ لديهم تحفظات عن مشاريع الفيديرالية وقانون النفط واجتثاث البعث، فهل من مبادرات لاستقطابهم مجدداً الى العملية السياسية؟
- ربما أوجدت طبيعة المرحلة السياسية السابقة انطباعاً بأن السنة ممثلين بتشكيلة واحدة (جبهة التوافق). وهذا خطأ. فالسنة أوسع بكثير من هذه التشكيلة.
> لكن البرلمان أفرز جبهة «التوافق» ممثلة للسنة؟
- صحيح. لكن هناك فئات سنية كثيرة لم تشارك في الانتخابات.
> يمكن ان يقال الأمر نفسه عن «الاتئلاف» العراقي الموحد الشيعي أو الأكراد؟
- تمثيل الائتلاف للشريحة التي يمثلها (الشيعة) واسع. لذلك لم خرج عن «الائتلاف» في الساحة الشيعية إلا القليل. وكذلك الأمر بالنسبة الى الأكراد، حيث يمثل التحالف الكردستاني الغالبية العظمى بين الكرد. لكن الأمر مختلف عند «التوافق» ونسبة تمثيلها للسنة. فهناك خلافات كبيرة بينها وبين سياسيين آخرين (زعماء العشائر) يمثلون هذه الشريحة المهمة، ويتعاملون معنا بخلاف رغبة «التوافق» التي هي مكون من مكونات السنة. لذلك لا يصح القول ان السنة غير مشاركين في العملية السياسية. بل هم مشاركون في مختلف المواقع: هم مشاركون بنسبة أكبر من حجمهم في الجيش، فالنسبة الكبرى من قيادات الجيش من السنة، وتصل في العديد من المواقع الى 40 أو 50 في المئة علماً بأن نسبة السنة تراوح بين 20 و22 في المئة من السكان. وكذلك الأمر في الشرطة ودوائر الدولة. وأريد أن ألفت الى انه يراد، كما أريد سابقاً، اتهام السلطة بالطائفية عبر القول ان السنة هم هؤلاء (التوافق) غير مشاركين في السلطة. لكن الأمر غير صحيح. السنة أولاً أوسع من هذه التشكيلة (التوافق)، إذ هناك سياسيون مرموقون وزعماء عشائر سنية فاعلون أكثر من عشائر أخرى في العراق.
> لكن أين هي مشاركتهم في السلطة السياسية العليا؟
- نحن حريصون على تمثيل السنة في السلطة، وهذا حقهم. وأعود وأكرر ان حجم السنة في السلطة أكبر من نسبتهم. لم يفقدوا شيئاً من مشاركتهم إلا الوزراء الأربعة في الحكومة، وهم وزيرا دولة ووزيرا التعليم العالي والثقافة. لكنهم ممثلين في رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان والحكومة، عدا عن استقالة بعض الوزراء الذين سنعين مكانهم وزراء من الشريحة السنية. وهم ممثلون بوزيري الدفاع والتخطيط ووزراء آخرين غير منضوين في أحزاب سياسية سنية.
> وهل حسمتم أمر تعيين وزراء بدلاء عن التوافق من العشائر السنية؟
- نعم، عندما يئسنا، بعد محاولات كثيرة لدى هيئة الرئاسة وآخرين، من عودة وزراء التوافق، وبعدما جمدنا استقالات الوزراء حتى تجاوزوا المدة القانونية، إذ ان الجبهة لا تريد إعادة الوزراء الى الحكومة مع وجود رغبة خاصة لدى الوزراء المعنيين الذين يتواصلون معنا ويعبرون عن رغبتهم بالعودة الى الحكومة، لكننا لا نريد إحداث مشكلة بينهم. لكن بعدما يئسنا من إمكانية عودتهم، نتجه الى ترشيح بدلاء عن «التوفق» ولدينا أسماء كثيرة ذات مستويات وكفاءات عالية. مجلس صحوة الانبار قدم أسماء مرشحين وكذلك من الموصل وتكريت. الأمر حسم لدينا، ونحن في مرحلة نهائية من غربلة الأسماء، وسنتقدم بها الى البرلمان للموافقة عليها.
> والوزراء البدلاء عن التيار الصدري؟
- عيّنا وزيرين ونحن بصدد تعيين وزيرين آخرين.
> من التيار الصدري؟
- لا. لا من التيار الصدري ولا من أي حزب آخر. سيكونون من المستقلين. ونريد تكريس هذه الخطوة، وهي ان لا تكون الوزارات حزبية. وهي فرصة أخرى كي نطبق هذا الشعار اذا استبدلنا وزراء التوافق والتيار الصدري.
> هناك لغط كبير حول قانون النفط، الذي أحيط بنوع من السرية والالتباس، مع وجود ملاحق تفسره. سمعت من مختصين ان القانون جيد لكن يجب إرفاقه مع الملاحق لحفظ مصالح العراق. لكن يبدو ان هناك رغبة خارجية لاقراره من دون الملاحق. لماذا تأخر إقرار القانون حتى الآن؟
- لم ألمس وجود رغبة بإقرار القانون من دون ملاحق. الملاحق متفق عليها وتحدد الحقول ضمن حدود الدولة الفيديرالية أو حدود الأقاليم. وهذا ضروري لأن القانون يرتكز عليها. هناك خلافات حول القانون. الائتلاف الشيعي كان ولا يزال حريصاً على وحدة الدولة وقوتها وعلى العدالة والمساواة في توزيع الواردات النفطية. ولذلك كان اصرارنا في الدستور على ان الثروة النفطية والغاز ملك كل الشعب العراقي، علماً بأن معظم احتياطيات النفط والغاز موجودة في المناطق الجنوبية (الشيعية). ولكن هناك نفط موجود في الشمال والمنطقة الغربية. ونحن نرفض الحديث عن نفط الشيعة ونفط السنة ونفط الأكراد. نصر على ان النفط ملك الشعب العراقي وتوزيع وارداته بصورة عادلة. الخلافات حصلت عند التطرق الى تفاصيل توزيع العائدات. وهي ليست مع الأكراد فقط الذين لديهم اعتراضات، بل أيضاً لدى السنة اعتراضات، فيما الشيعة هم الطرف الأول الذي وافق على القانون من دون أي تحفظ ويعتبرون أنهم ضحوا في سبيل ذلك من أجل الدولة الاتحادية المركزية، إذ كان بامكانهم القول ان معظم النفط في مناطقهم ويريدون الاستئثار به. هذه هي المشاكل الأساسية التي تحول حتى الآن دون اقرار القانون. هي ليست خلافات جوهرية، إنما إشكالات جانبية. ويوجد خلاف بين الائتلاف والأكراد حول بعض بنود القانون، لذلك لا يمكن تحميل السنة فقط أو الأكراد كل المسؤولية عن عدم اقرار القانون. كما أثارت العقود التي ابرمتها حكومة اقليم كردستان إشكالات، دفعت وزير النفط الى وصف هذه العقود بأنها مخالفة للدستور. وهذه المسألة ما زالت عالقة وبحاجة الى معالجة.