yasmeen
11-10-2007, 05:28 AM
هل هذا هو الإسلام؟
حسين القلاف - السياسة
كنت أعجب حين أسمع نبأ تفجير مسجد في العراق أو باكستان, وأن ذلك تسبب بقتل عدد من المصلين وجرحهم وتدمير وتناثر القرآن وتمزقه في أرجائه وكنت أتساءل: هل يعقل أن من فجر هذا المسجد وقتل هؤلاء المصلين في الوقت الذي قتل نفسه أيضاً مسلماً ناهيك بكونه إنساناً?
ويقودني تفكيري إلى أن هذا المجرم هو واحد من اثنين, إما مختل عقلياً يعاني من اضطراب عقلي قاده إلى ارتكاب هذه الجريمة, أو أنه طالب فتنة تم تجنيده وغسل دماغه, وقد حقن نفسه بمواد مخدرة حتى يقوم بمثل هذا العمل الشنيع, فمن غير المعقول أن هذا الشخص عاقل ويمكن أن يرتكب جريمة في حق أبرياء مصلين جاءوا لأداء الفريضة, مهما كانت عقيدتهم أو مذهبهم, فالمكان بيت الله سبحانه, والزمان وقت أداء الفريضة, والقبلة التي توجهوا إليها الكعبة الشريفة, والنداء: الله أكبر, أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله, والكتاب الذي ملئت به رفوف المساجد هو القرآن الكريم, الذي بيد جميع المسلمين, والمجتمعون في هذا المكان لم يحملوا سلاحاً أو يعلنوا حرباً, فما المجوز الشرعي الذي سمح بقتلهم وتقطيع أوصالهم وترميل نسائهم وتيتيم أبنائهم وحرق قلوب آبائهم وأمهاتهم, إضافة لرد الفعل السلبي الذي يخلفه هذا الجرم? فأين هؤلاء عن قوله تعالى: »من قتل نفساً بغير نفس ......« والآية مطلقة في النفوس والحكم عام, وأنا هنا لا أقصد تفجير مسجد لمذهب معين, وإنما جميع المساجد, بل دور العبادة بل كل النفوس والأرواح البريئة.
لقد تتبعت الدوافع والأسباب التي قادت هؤلاء المجرمين للإقدام على هذا العمل, فانكشف لي الكثير, ولعل أخطر ما توصلت إليه هو ما كان سببه أئمة التكفير, ممن عرفوا ووسموا بالعلماء, فإن لم تكن فتاواهم تنص بالصريح على جواز القتل, فهي توصل إلى إباحته وجعل القتل أمراً لا ضير فيه, إن لم يكن يثاب عليه القاتل, وينال رضوان الله, فالمقتول عدو للدين وخطر على المسلمين وكافر متجاوز بل أوصلها بعض مدعي العلم أن هؤلاء أشد خطراً من اليهود. وكذلك تلك الخطب الشاحنة للنفوس والمعبئة للضغينة والحقد والطائفية التي صدح بها هؤلاء.
الأمر الآخر استقبال البعض من المسلمين لهذه الآراء المارقة والتعصب لها والشعور بالرغبة للانتقام ولتطهير الأرض من هذه العناصر الفاسدة المفسدة, فلو أنصت أحدهم إلى ضميره وفطرته وإنسانيته لوجد أن الإقدام على مثل هذا السلوك جريمة يقبحها الوجدان والضمير السليم, فإنسانية الإنسان وفطرته تأبى القتل بأي شكل من الأشكال, هكذا سلوك إجرامي, والشرع المقدس وضع الضوابط والقيود لإقامة الحدود الشرعية, ومن بينها القصاص, أما الآراء الفقهية أو العقائدية فليس السبيل لإصلاحها هو السيف وإراقة الدماء وإنما المجادلة الحسنة ومقارعة الحجة بالحجة والدليل بالدليل, فإن اقتنع الطرف المقابل كان بها وإذا أصر على عقيدته ف¯ »لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت« ولندع الله سبحانه الذي يثيب ويجازي ويغفر ويحاسب وندعو للجميع بالهداية, أين هؤلاء عن قول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: »إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق«?
وهل المطلوب استعمال العصي والدرة والرصاص والمتفجرات لإقناع الآخرين بما نعتقده, فإذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان رفيقاً عطوفاً متسامحاً ليناً وكما وصفه الله تعالى: »وإنك لعلى خلق عظيم«, »ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك«, فما كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خشناً في دعوته مع الكفار والمشركين, وهو القدوة والأسوة وليس الآخرين.
إن ما يثير الشفقة على البعض أنه يسلك سلوكاً يعتقد أنه جاء به لإحراز مرضاة الله سبحانه, وهو لا يعلم لجهله أن هذا السلوك مخالف لصريح تعاليم الإسلام ومبادئه وما يثير الدهشة والاستغراب السلوكيات التي نراها من البعض في موسم الحج أو العمرة, فقبل أيام اصطحبت الأهل إلى المملكة لأداء العمرة ذهبنا لزيارة حرم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ودخلنا مسجد قباء, وهو أول مسجد بني في الإسلام لصلاة ركعتين, فصليت وخرجت أنتظر الأهل, فرجع صهري يضحك, سألته: ماذا حدث?
قال دخلت فصليت ركعتين فلما أنهيت الصلاة نظر إلي أحد المصلين وهو ذو لحية طويلة, قد تجاوز العقد الخامس, وتفل ونحن في المسجد في وجهي فابتسمت وشكرته, ثم عاد فتفل علي ثانية وأيضاً شكرته, ولم أقل له شيئاً, وخرجت من المسجد فكم كان سلوك هذ المصلي الملتحي قبيحاً ووقحاً, هل نسي أنه في بيت الله, وأن الذي تفل عليه وقف في اتجاه القبلة وصلى وأنه زائر لحرم النبي صلى الله عليه وآله وسلم, بمعنى معتقد بنبوته وقد جاء للعمرة يريد بيت الله المعظم ليعتمر فهل المخالفة في المذهب مسوغ لذلك السلوك الشائن, إذا لم يكن لهذا المعتمر المصلي حرمة لأنه مخالف في المذهب?
وهل هذا السلوك سليم وأنت في أول مسجد بني في الإسلام? وهذا ما أمر به النبي صلى الله عليه آله وسلم وحضنا عليه? فتذكرت فوراً خطبة إمام المسجد في إحدى السنوات في موسم الحج حيث انهال بالهجوم على الفرق الإسلامية متهماً إياها بعبادة القبور والشرك بالله وفساد العقيدة وإباحتها شرب الدخان ذلك المنكر, وسيل من الافتراءات والأكاذيب, فتوقف عجبي وشكرت الله سبحانه على أن هذا المصلي الملتحي اكتفى بتفلتين مشبعتين بالماء المخلوط بطعم عود شجرة الآراك التي كان يلوكها في فمه, ولم يقم ليسحب عليه سكيناً ليتقرب به إلى الله سبحانه!
أيها الناس ديننا دين رحمة وعطف وإنسانية ومحبة وتسامح, ديننا يضم أجمل التعاليم التي تحض على الخلق الحسن وحسن المعاشرة وحسن السلوك, ديننا لم ينتشر بالسيف كما يقول المستشرقون, إنما انتشر بأخلاقه وتعاليمه ومبادئه, وما هذا السلوك الشائن إلا جاهلية جهلاء وفتنة عمياء وطريق ضلالة.
اللهم يا سريع الرضا اغفر لمن لا يملك إلا الدعاء وسلامة البكاء, يا سابغ النعم يا دافع النقم يا نور المستوحشين في الظلم, صل على محمد وآله وسلم, افعل بي ما أنت أهله, واحفظ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها, واحفظ الكويت وأهلها, والحمد لله رب العالمين.
* نائب سابق في مجلس الأمة
سيد حسين القلاف *
حسين القلاف - السياسة
كنت أعجب حين أسمع نبأ تفجير مسجد في العراق أو باكستان, وأن ذلك تسبب بقتل عدد من المصلين وجرحهم وتدمير وتناثر القرآن وتمزقه في أرجائه وكنت أتساءل: هل يعقل أن من فجر هذا المسجد وقتل هؤلاء المصلين في الوقت الذي قتل نفسه أيضاً مسلماً ناهيك بكونه إنساناً?
ويقودني تفكيري إلى أن هذا المجرم هو واحد من اثنين, إما مختل عقلياً يعاني من اضطراب عقلي قاده إلى ارتكاب هذه الجريمة, أو أنه طالب فتنة تم تجنيده وغسل دماغه, وقد حقن نفسه بمواد مخدرة حتى يقوم بمثل هذا العمل الشنيع, فمن غير المعقول أن هذا الشخص عاقل ويمكن أن يرتكب جريمة في حق أبرياء مصلين جاءوا لأداء الفريضة, مهما كانت عقيدتهم أو مذهبهم, فالمكان بيت الله سبحانه, والزمان وقت أداء الفريضة, والقبلة التي توجهوا إليها الكعبة الشريفة, والنداء: الله أكبر, أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله, والكتاب الذي ملئت به رفوف المساجد هو القرآن الكريم, الذي بيد جميع المسلمين, والمجتمعون في هذا المكان لم يحملوا سلاحاً أو يعلنوا حرباً, فما المجوز الشرعي الذي سمح بقتلهم وتقطيع أوصالهم وترميل نسائهم وتيتيم أبنائهم وحرق قلوب آبائهم وأمهاتهم, إضافة لرد الفعل السلبي الذي يخلفه هذا الجرم? فأين هؤلاء عن قوله تعالى: »من قتل نفساً بغير نفس ......« والآية مطلقة في النفوس والحكم عام, وأنا هنا لا أقصد تفجير مسجد لمذهب معين, وإنما جميع المساجد, بل دور العبادة بل كل النفوس والأرواح البريئة.
لقد تتبعت الدوافع والأسباب التي قادت هؤلاء المجرمين للإقدام على هذا العمل, فانكشف لي الكثير, ولعل أخطر ما توصلت إليه هو ما كان سببه أئمة التكفير, ممن عرفوا ووسموا بالعلماء, فإن لم تكن فتاواهم تنص بالصريح على جواز القتل, فهي توصل إلى إباحته وجعل القتل أمراً لا ضير فيه, إن لم يكن يثاب عليه القاتل, وينال رضوان الله, فالمقتول عدو للدين وخطر على المسلمين وكافر متجاوز بل أوصلها بعض مدعي العلم أن هؤلاء أشد خطراً من اليهود. وكذلك تلك الخطب الشاحنة للنفوس والمعبئة للضغينة والحقد والطائفية التي صدح بها هؤلاء.
الأمر الآخر استقبال البعض من المسلمين لهذه الآراء المارقة والتعصب لها والشعور بالرغبة للانتقام ولتطهير الأرض من هذه العناصر الفاسدة المفسدة, فلو أنصت أحدهم إلى ضميره وفطرته وإنسانيته لوجد أن الإقدام على مثل هذا السلوك جريمة يقبحها الوجدان والضمير السليم, فإنسانية الإنسان وفطرته تأبى القتل بأي شكل من الأشكال, هكذا سلوك إجرامي, والشرع المقدس وضع الضوابط والقيود لإقامة الحدود الشرعية, ومن بينها القصاص, أما الآراء الفقهية أو العقائدية فليس السبيل لإصلاحها هو السيف وإراقة الدماء وإنما المجادلة الحسنة ومقارعة الحجة بالحجة والدليل بالدليل, فإن اقتنع الطرف المقابل كان بها وإذا أصر على عقيدته ف¯ »لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت« ولندع الله سبحانه الذي يثيب ويجازي ويغفر ويحاسب وندعو للجميع بالهداية, أين هؤلاء عن قول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: »إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق«?
وهل المطلوب استعمال العصي والدرة والرصاص والمتفجرات لإقناع الآخرين بما نعتقده, فإذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان رفيقاً عطوفاً متسامحاً ليناً وكما وصفه الله تعالى: »وإنك لعلى خلق عظيم«, »ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك«, فما كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خشناً في دعوته مع الكفار والمشركين, وهو القدوة والأسوة وليس الآخرين.
إن ما يثير الشفقة على البعض أنه يسلك سلوكاً يعتقد أنه جاء به لإحراز مرضاة الله سبحانه, وهو لا يعلم لجهله أن هذا السلوك مخالف لصريح تعاليم الإسلام ومبادئه وما يثير الدهشة والاستغراب السلوكيات التي نراها من البعض في موسم الحج أو العمرة, فقبل أيام اصطحبت الأهل إلى المملكة لأداء العمرة ذهبنا لزيارة حرم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ودخلنا مسجد قباء, وهو أول مسجد بني في الإسلام لصلاة ركعتين, فصليت وخرجت أنتظر الأهل, فرجع صهري يضحك, سألته: ماذا حدث?
قال دخلت فصليت ركعتين فلما أنهيت الصلاة نظر إلي أحد المصلين وهو ذو لحية طويلة, قد تجاوز العقد الخامس, وتفل ونحن في المسجد في وجهي فابتسمت وشكرته, ثم عاد فتفل علي ثانية وأيضاً شكرته, ولم أقل له شيئاً, وخرجت من المسجد فكم كان سلوك هذ المصلي الملتحي قبيحاً ووقحاً, هل نسي أنه في بيت الله, وأن الذي تفل عليه وقف في اتجاه القبلة وصلى وأنه زائر لحرم النبي صلى الله عليه وآله وسلم, بمعنى معتقد بنبوته وقد جاء للعمرة يريد بيت الله المعظم ليعتمر فهل المخالفة في المذهب مسوغ لذلك السلوك الشائن, إذا لم يكن لهذا المعتمر المصلي حرمة لأنه مخالف في المذهب?
وهل هذا السلوك سليم وأنت في أول مسجد بني في الإسلام? وهذا ما أمر به النبي صلى الله عليه آله وسلم وحضنا عليه? فتذكرت فوراً خطبة إمام المسجد في إحدى السنوات في موسم الحج حيث انهال بالهجوم على الفرق الإسلامية متهماً إياها بعبادة القبور والشرك بالله وفساد العقيدة وإباحتها شرب الدخان ذلك المنكر, وسيل من الافتراءات والأكاذيب, فتوقف عجبي وشكرت الله سبحانه على أن هذا المصلي الملتحي اكتفى بتفلتين مشبعتين بالماء المخلوط بطعم عود شجرة الآراك التي كان يلوكها في فمه, ولم يقم ليسحب عليه سكيناً ليتقرب به إلى الله سبحانه!
أيها الناس ديننا دين رحمة وعطف وإنسانية ومحبة وتسامح, ديننا يضم أجمل التعاليم التي تحض على الخلق الحسن وحسن المعاشرة وحسن السلوك, ديننا لم ينتشر بالسيف كما يقول المستشرقون, إنما انتشر بأخلاقه وتعاليمه ومبادئه, وما هذا السلوك الشائن إلا جاهلية جهلاء وفتنة عمياء وطريق ضلالة.
اللهم يا سريع الرضا اغفر لمن لا يملك إلا الدعاء وسلامة البكاء, يا سابغ النعم يا دافع النقم يا نور المستوحشين في الظلم, صل على محمد وآله وسلم, افعل بي ما أنت أهله, واحفظ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها, واحفظ الكويت وأهلها, والحمد لله رب العالمين.
* نائب سابق في مجلس الأمة
سيد حسين القلاف *