المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عبدالله النيباري: هذه أسباب محاولة إغتيالي



فاتن
10-26-2007, 06:52 AM
بؤر للفساد إخترقت مجلس الأمة وتوطنت


"إيلاف"- خاص


قال الدكتور عبدالله النيباري عضو مجلس الأمة الكويتي السابق إن التحقيقات التي أعقبت المحاولة الفاشلة لإغتياله قبل سنوات توقفت، وإن هناك أطرافًا طالب محاميه التحقيق معهم ولم تستجب المحكمة. مشيرًا إلى أن التحقيق في هذه القضية أوكل لشباب تنقصهم الخبرة وتركز جهدهم على أخذ الأقوال.

ولم يستبعد أن تكون هناك شخصيات كبيرة خلف هذه المحاولة التي أعقبت كشفه لإختلاسات في وزارة الدفاع. واتهم النيباري الذي يرأس صحيفة الطليعه الإلكترونية مجلس الوزراء ومجلس الأمة وبعض أبناء الأسرة الحاكمة في الكويت بالوقوف خلف الفساد واصفًا بعض دعاة الإصلاح في الكويت بأنهم مجموعة من الكاذبين المنتفعين. وأشار الى أن العالم العربي بعيد عن الاصلاح لافتقاده أناسًا يسعون بعيدًا عن حب الذات، معتبرًا في الوقت عينه ان ارتفاع اسعار البترول لم يستثمر في تطوير البلدان ونشر ثقافة البناء والاصلاح، بل ما حدث هو تبديد لهذه الثروة.

وفي ما يلي نص الحوار:

لو نعود قليلاً الى الوراء ما هي الاسباب التي كانت وراء محاولة اغتيالك قبل سنوات؟

أعتقد ان السبب موقفي الشخصي وموقف لجنة حماية المال العام في مجلس الأمة التي اكتشفت مخالفات وتجاوزات في عمليات شراء وزارة الدفاع لمواد غذائية للجيش فقد تبين أن وزارة الدفاع قد منحت عقد لتوريد أغذية للجيش بمبلغ 11 مليون دينار سنويًا من دون طرحه مناقصة كما تقتضي الإجراءات بل أكثر من ذلك جدد العقد على مدى ثلاث سنوات أيضًا من دون طرحه في مناقصة، وعندما تغير الوزير وطرحت عملية شراء الأغذية –الكميات عينها –في مناقصة تبين ان قيمتها 4 مليون دينار.

وعند الاستفسار قيل لنا ان العقود الاولى كانت بسبب الاضطرار وان المقاول شركة سعودية وقال مندوب الدفاع أنه لايعرف لها وكيل في الكويت وعند فحص الاوراق التي قدمت الى اللجنة اكتشفنا ان العقد هو مع المتهم (سلمان الشملان) واتخذت لجنة حماية المال العام توصية باحالة الموضوع للتحقيق القضائي.

وماذا كشف التحقيق؟
مع الأسف لم يجر التحقيق وما جرى تحقيقات شكلية لم تصل الى نتيجة مثل العديد من القضايا.

يقال ان هناك شخصيات كبيرة كانت خلف محاولة اغتيالك، من هذه الشخصيات؟
هنالك احتمال كبير ان المتهم الرئيس كان على علاقة مع اطراف في قضايا التعدي على الأموال العامة، منها القضايا المتعلقة بسرقة الاستثمارات وصفقات مؤسسة البترول التي عرف ابرزها قضية الناقلات وقضية شراء شركة "ساننا في" وكنت من بين المتصدين لقضايا الفساد هذه وغيرها. والاحتمال ان المتهم سلمان الشملان باحتكاكه وعلاقته بهذه الشخصيات واختلاطه بهذه الأجواء تعرض لموجات تحريض وشحن ضد من يقف في طريقهم وانا واحد منهم.

هل بينك وبين الشملان معرفه مسبقة؟
لا أعرف المتهم شخصيًا ولم يحصل اي احتكاك بيني وبينه.

هناك من يرى ان غموضًا يحيط بمحاكمة من حاول اغتيالك فهناك تفاصيل لم تظهر كدافع للمحاولة ومن ورائها ولماذا انتهت دون ان تصل الى المخططين الكبار؟ هل تؤيد هذه الرؤية ومن تتهم بمحاولة قتلك ؟

بالنسبة إلينا المحاكمة والتحقيق الذي بنيت عليه لم يكن مرض. أولاً: التحقيق حصر في يوم الحادث ولم يتناول بحث الدوافع وبمن كان المتهم يجتمع ويختلط ولم يستدع من قام الاتصال به في الأيام التي سبقت الحادث، وكانت هناك مكالمات تلفونية كثيرة جدًا في ذلك اليوم واليوم، ولم يستدع أطرافها لأخذ أقوالهم، ومن أخذت أقواله اكتفى بمجرد السؤال والرد، ولم يكن هنالك تحقيق بمعنى التحقيق، ولم يتم اخذ أقوال من اتصل بهم بعد الحادث مباشرة وقد طالب محامونا بذلك ولم يستجب لهم احد. كذلك من قام بالتحقيق محققون شباب ليسوا من ذوي الخبرة اقتصر جهدهم على اخذ الأقوال فقط، ولم يكن هنالك بحث وتقصي. والقضية باعتبارها جنائية تولتها النيابة العامة التي حصرت التحقيق على نحو ما أسلفنا. هنالك شكوك بوجود شخصيات كبيرة وراء الحادث لكننا لا نستطيع أن نجزم أو نؤكد على وجه التحديد من كان وراءها ومن هم المحرضون.

دعاة الاصلاح

لماذا دعاة الاصلاح دائمًا في موضع شك واتهام بعلاقتهم بجهات اجنبية؟
هذه الأقوال أو الاتهامات كانت رائجة في فترة المد القومي العربي وزخم التيار الناصري، وكانت الكويت تعتبر ساحة ناصرية عروبية، وكانت المشاعر الوطنية والقومية عارمة تشمل كل طبقات المجتمع. في الوقت الراهن لم تعد هذه الاتهامات مطروحة للتداول بعد ثبوت عدم صحتها ولتغير الظروف السياسية في المنطقة كما أثبتت الأحداث بان الإصلاحيين والقوميين هم وطنيون مخلصون لا يشوب ولاءهم للكويت شائبة. بل إن الكويتيين ينظرون للفترة البرلمانية التي قادها التيار القومي نظرة رومانتيكية عندما يقارن بما جرى حاليًا باعتبارها فترة الانجاز والعمل الوطني المخلص والنزيه، ويرون أن الممارسة البرلمانية حاليًا قد تراجعت عن ما كانت عليه.

ما هو سبب عدم ثقة الكويتي بدعاة الاصلاح المحسوبين على التيار الليبرالي بدليل الانتخابات الاخيرة وما قبلها فقد شهدت خروج الليبراليين الداعين للاصلاح مقابل دخول الاسلاميين المنادين ايضا للاصلاح؟
التيار الوطني الديمقراطي وشخصياته ورموزه ما زالت تحظى باحترام وتقدير واسع في أوساط الشعب الكويتي. أما تراجع نصيب هذا التيار في نتائج الانتخابات يعود لأسباب كثيرة وهي بحاجة إلى بحث وتقصي موضوعي.

ولكن يمكن الإشارة إلى عدد من الأسباب والمتغيرات:

-تراجع التيار الوطني في عموم الوطن العربي بعد هزيمة 1967 ووفاة الرئيس جمال عبدالناصر المبكر، وصعود الأنظمة الاستبدادية مستغلة الشعارات القومية.
-سقوط الأيديلوجية على مستوى عالمي وتراجع الفكر الاجتماعي وصعود الاتجاه نحو اعتماد آليات السوق.
- نتائج وآثار الاعتماد على الثروة النفطية ودخولنا في إطار الاقتصاد الريعي والتحول إلى المجتمع الاستهلاكي وضعف إنتاجية البشر .
-انقسام المجتمع الكويتي رغم صغر حجمه إلى حضر وقبائل وطوائف وأخيرا إلى اثنيات . ومن آثارهذا الاقتصاد الريعي اختلال القيم السلوكية ومعايير القيم الأخلاقية فعلى سبيل المثال انتشار قبول الرشوة الانتخابية وبيع الأصوات في المرحلة الراهنة ، وكان ذلك يعتبر امرأ معيباً وغير مقبول.
-تأثير انتشار الخدمات والواسطات في تخليص المعاملات واستخدامها كوسائل لكسب الأصوات.
-ضعف التنظيم في أوساط التيار الوطني الإصلاحي مقابل انتشار تيار الإسلام السياسي ونجاحه في التنظيم، وهي الظاهرة السائدة في الوطن العربي والبلاد الإسلامية مع ارتفاع موجة التدين.

اتهمت قبل سنوات في احد مقالاتك مجلس الوزراء بانه يشجع الفساد ويقف خلفه، هل برأيك اصبح من يفترض ان يحمي بلاده هو من يسرقها؟
من المؤسف أن ظاهره انتشار الفساد أصبحت مستشرية في المجتمع الكويتي وابرز معالمها الاستحواذ على أملاك الدولة ـ الأراضي ـ وعقود المناقصات إلى جانب تفشي الرشوة في تمرير المعاملات في الأجهزة الحكومية بكافة أصنافها. وأركان الفساد وعناصره موجودة في أوساط العائلة الحاكمة ومجلس الوزراء وهما من يملك القرار بل اخترق الفساد مجلس الأمة وطبعًا الجهاز الإداري وبتنا نخشى على القضاء. وانتشار ظاهرة الفساد يقر بها ويعترف بها رأس الدولة ورئيس السلطة التشريعية والتنفيذية ورئيس غرفة التجارة.

ايضا قلت في احد ندواتك ان مجلس الامة جزء من الفساد حيث اصبح مخترق من قبل بعض الافراد، من هم هولاء الافراد وكيف اصبح المجلس جزءًا من الفساد الذي يعيشه البلد؟
بؤر الفساد اخترقت مجلس الأمة وتوطنت وكبرت، عدد لا بأس به من الأعضاء وصلوا إلى مقاعد المجلس بالرشوة المباشرة بشراء الأصوات أو بأشكال غير مباشرة من وسائل الرشوة، وعناصر الفساد في المجلس لم تعد تكتفي بالهبات الصغيرة بل أصبحت تطمع في عقود المناقصات الكبيرة بمئات الملايين والاستحواذ على أراضي الدولة بالاشتراك مع عناصر في الأسرة الحاكمة وأصحاب المصالح والنفوذ، قوى الفساد في الكويت أصبحت عصابات كبيرة منظمة ومترابطة وهي تشكل أكبر خطر على مستقبل البلد بما فيه تقويض النظام الدستوري ووأد الديمقراطية الجنينية.

هل ترى ان مجلس الامة قادر على محاربة الفساد في الكويت؟
هنالك عناصر في مجلس الأمة تقف متصدية للفساد بكشف حالات الفساد وتسليط الأضواء عليها لكنها عناصر قليلة ومجلس الأمة بتركيبته الحالية لا يستطيع اجتثاث الفساد، فمكافحة الفساد لا يكفي فيها فضح وكشف بعض حالات الفساد ولكنها تحتاج إلى إجراءات تنفيذية وهي بيد السلطة التنفيذية والعائلة الحاكمة والقيادة السياسية، وحتى القوى السياسية بعضها متحالفة ومتواطئة مع قوى الفساد ومنخرطة في ممارسته فيما ترفع في نفس الوقت شعار مكافحة الفساد . حالة الفساد في الكويت يمكن وصفها " باتساع الخرق على الراتق" وهو أمر مؤسف لكن كل ذلك لا يجب أن يوهن القوى المتصدية لمكافحة الفساد.

هل تعتقد ان ديمقراطية الكويت ليست سوى كذبة بدليل مايحدث من اختلاسات وتعدٍ على المال العام؟
لا، ديمقراطية الكويت ليست كذبة هي حالة اجتماعية تاريخية، قابلة للنمو وقابلة للتعثر والتراجع ومعرضه للاختراق. وبالمقارنة على المراحل الأولى في الممارسة البرلمانية هنالك تراجع.

الكويت تحظى بإطار دستوري جيد يسمح بالتطور نحو نظام ملكي دستوري وديمقراطية فاعلة، ولا يوجد في الدستور ما يعيق ذلك. وعلى الرغم من مرور 45 عامًا على الممارسة الديمقراطية فإن التحدي الذي يواجه الكويتيين هو تفعيل الدستور والتطبيق الجيد له. وهذه مسألة صراع سياسي، فالأسرة الحاكمة، لم تتوصل إلى القناعة بقبول الخضوع للدستور والعيش تحت سقفه والتصرف في إطاره ووفقاً لأحكامه، وهذا هو العنصر الأساسي في الأزمة التي تعيشها الكويت.

هل تؤيد من يقول إن التخلف الذي يعيشه العرب يعود إلى جهات خارجية تقف بين العرب والاصلاح؟
القوى الخارجية لها دور كبير فهي تعمل لتعزيز نفوذها والتحكم في مصائر الآخرين خدمة لمصالحها، ولكن السؤال لماذا فشلنا حيث نجح الآخرين؟ ولماذا نجحنا في طرد الاستعمار في النصف الأول من القرن العشرين وفشلنا في مقاومة نفوذه بل الآن انصعنا لاملاءاته ومخططاته في الثلاثين سنة الماضية. مقاومة النفوذ الأجنبي والاستبداد والفساد تحد يواجه الشعوب العربية والتصدي له لن يكون إلا بنمو حركة شعبية وطنية وديمقراطية.