المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأثرياء الجدد ليسوا معتادين أن يكون لديهم خدم



جمال
10-23-2007, 07:20 AM
ريتشستان: رحلة في حياة الأغنياء (3)
عدد القراء: 18

ترجمة وإعداد: محمد أمين


هناك اكثر من تسعة ملايين اسرة من اسر اصحاب الملايين في اميركا، ففي الولايات المتحدة عدد من المليونيرات يفوق عددهم في اوروبا. وتجنى نسبة الواحد في المائة من طبقة الاثرياء الاميركيين حوالي 1.3 تريليون دولار في العام. وهو مبلغ يتخطى اجمالي الدخل القومي لكل من فرنسا او ايطاليا او كندا. وهذا وضع جديد، اذ يقول مؤلف الكتاب روبرت فرانك ان 'نصف اجمالي ثروة اميركا جمعت خلال السنوات العشر الماضية'.

ولتبرير قيامه بهذه الدراسة، ينقل المؤلف قول الاقتصادي الشهير جون كينيث غالبريث 'ان الاثرياء، من بين جميع الطبقات، يعدون الاكثر شهرة، ولكنهم الاقل تعرضا للفحص والدراسة'.
ويذهب الكاتب في رحلة الى ما يطلق عليه 'الدولة الافتراضية' التي يقطنها الاثرياء السوبر. وهي الدولة التي تضم اندية الغولف في فلوريدا، ومنتجعات التزلج على الجليد في آسبن بولاية كولورادو، والشقق المتعددة الطوابق في مانهاتن.

مواطنو هذه الدولة التي يطلق عليها اسم Richistan او اثريائستان، تصل فاتورة خدمات المنتجع الصحي الذي يرتادونه الى 107 آلاف دولار في العام في المتوسط. وهم يشترون ساعات تبلغ قيمتها 600 الف دولار.

كما ان بيوتهم التي يقضون فيها اشهر الصيف فيها ملعب تنس، واحد 'له' والثاني 'لها'، اي للزوج والزوجة. ولا ننسى اليخوت، فلدى رجل الاعمال بارت روبرتس يخت كان في الاصل سفينة لإزالة الثلوج حولها الى يخت في شكل سفينة للقراصنة بمدافعها وقاعة كبرى للرقص والحفلات.
ويضم الكتاب بعض الحوارات الغريبة مع بعض الشخصيات مثل قول احدهم 'ان هدفنا هو قضاء 55 ساعة في الاسبوع مع اطفالنا وهو ما حققناه حاليا'.

غير ان هناك مفارقة في امر هؤلاء القوم، فعلى الرغم من ثرائهم، الا انك تجدهم يعانون من 'خوف السقوط' ويقول الكاتب: 'بينما يتمكن الاثرياء الجدد من خلق ثروات واسعة خلال وقت قياسي، لكنهم قد يفقدونها ايضا بالسرعة ذاتها التي تحققت بها.

ويقول المؤلف انه كان هناك 13 مليارديرا اميركيا في عام ،1985 لكنهم اصبحوا اليوم اكثر من الف. وفي عام 2005 ظهر في اميركا 227 الف مليونير جديد، اي من بلغت ثروتهم من الرجال والنساء اكثر من مليون دولار. وهناك عدد من اصحاب الملايين في ولاية نورث كارولينا يفوق عدد المليونيرات في الهند. ويعتبر المؤلف ان هذه الطبقة تعد غريبة او اجنبية اي تنتمي الى بلد اجنبي خاص بها. فهي لديها نظامها الصحي الخاص بها من الاطباء الاختصاصيين ممن يكونون في الخدمة 24 ساعة، وشبكة سفرهم الخاصة بواسطة الطائرات التي تشترى بالمشاركة او الطائرات النفاثة الخاصة، ووجهاتهم السياحية الخاصة.

ويشير المؤلف الى ان الواحد منا يحتاج الى حوالي 10 ملايين دولار، لكي يلتحق بالحلقة الادنى في هذه الطبقة. ومن يملك اقل من ذلك فهو بتعبيرهم من 'الموسرين' اي انه ليس ثريا. فالموسر يقود سيارة مرسيدس بينما يقود الثري سيارة مايباخ Maybach.

واخيرا، فإن الكتاب دراسة وتحليل اجتماعي جاد لثقافة المال الاميركية الجديدة. لكن المؤلف ينصح القارئ بعدم الاهتمام بهذا التحليل، والتوجه مباشرة الى الروايات الغريبة حول هذه الطبقة.

مثلما يحتاج مديرو المنازل الجدد تدريبا، كذلك يحتاج الاثرياء الجدد. ولأن معظم اثرياء اليوم يتحدرون من الطبقة الوسطى، فإنهم ليسوا معتادين على ان يكون لديهم خدم. فهم معتادون على القيام بأعمالهم بأنفسهم، ولا يشعرون بالارتياح للطقوس الرسمية التي ترافق الاستعانة بالعمالة المنزلية.

فخذ مثلا، حالة بوب، مالك الكثير من العقارات والذي لديه مزرعة كبيرة في اقصى غرب البلاد، فهو يعيش مع زوجته وطفيله في منزل مبني على مساحة 800 فدان وتبلغ مساحة البناء 10 آلاف قدم مربعة وهو مكون من بيت للسكن وستوديو فني وكابينة صيد، اضافة الى ابنية اخرى موزعة في الارض. ومن اجل ادارة كل هذه الممتلكات، استعاني بوب بستة مدبري منازل من بينهم واحد من خريجي ستاركي.

ان تعود العيش مع كل هؤلاء الغرباء استغرق وقتا طويلا، لا سيما وان بوب نشأ في بيئة وصفها ب'سنوات الدهشة'، ويقول 'انه لامر غريب وليس مريحا كما يبدو من بعيد، ان يكون لديك خدم في منزلك. فهؤلاء الناس يضعون ايديهم على كل ما في المنزل من ملابسك الداخلية الى ادويتك. وهذا امر لا نفضله بالطبع'.

مماحكات الغرباء
والسبب الذي جعله يستعين بكل هذا العدد من العمالة المنزلية هو اتاحة المزيد من الوقت له ولزوجته لقضائه مع الاطفال. فهما يديران عملهما الخاص ولذلك لا تتاح لهما الفرصة للتواجد في البيت كثيرا، ويريدان ان يقضيا معظم الوقت مع الاطفال بدلا من الطبخ والتنظيف والاعمال الاخرى.
ومع ذلك، سرعان ما اكتشف بوب ان للعمالة المنزلية متاعبها، حيث يقول 'انك فجأة تجد منزلك يعج بالغرباء، كما تجد المنافسة والمماحكات بينهم. فمديرة المنزل - مثلا - تكون لطيفة معنا ولكنها تهدد العمال الآخرين مما اضطرنا الى التخلص منها'.

ويقول بوب ان مديرة المنزل التي سبقتها كانت اسوأ، فقد كانت تعمل قبلنا، في منزل اعتاد اصحابه اقامة الموائد والحفلات الباذخة للضيوف فأخذت تطبق ما تعلمته هناك في منزل العائلة الجديدة التي تحب حياة اكثر بساطة. ففي معظم الليالي، يقضي الوالدان ساعات في قراءة القصص للاطفال او مشاهدة افلام كوميدية قديمة، ونادرا ما اقيمت الحفلات في المنزل.

ونتيجة لهذه البيئة الجديدة، شعرت مديرة المنزل بخيبة امل عميقة 'فنحن لم نكن اولئك الناس الاثرياء والمشاهير الذين كانت تأمل العمل لديهم'.

.. والتعقيدات
لقد حاولت تغيير نمط حياة الاسرة بكل السبل، فكانت تنظم مساء كل يوم جمعة حفل عشاء رسمي للاسرة. ويقول بوب انه 'اثناء احدى هذه الحفلات التفتنا (زوجتي وانا) الى بعضنا وقلنا ما الذي يحدث هنا؟ هل تعتقد هذه المرأة ان هذه هي طريقة الحياة التي يجب علينا ان نحياها؟'.
واصرت زوجة بوب ذات مرة، ان تناديها مديرة المنزل باسمها الاول، فكان ردها 'نعم سيدتي'! وفي النهاية، ضاق بوب ذرعا بها وعين مدبر منزل جديدا من خريجي ستاركي، وحتى الآن، تسير الامور معه على ما يرام، حيث يدير امور المنزل كما يريد بوب، ويتقاضى مرتبا سنويا يصل الى 80 الف دولار.

ويعرب بوب عن ارتياحه للتعامل مع مدبر المنزل الجديد قائلا انه يتلقى تقارير مختصرة عن سير العمل في نهاية كل اسبوع اضافة الى رسائل الكترونية خلال ايام الاسبوع.
وعلى الرغم من الراحة النسبية التي وفرها الخدم الخصوصيون، فإن هناك لحظات يتأمل فيها يوب كيف أصبحت حياته معقدة، اذ ان هناك أكثر من مائتي شخص يدخلون الى البيت ويخرجون منه بانتظام. ويقول انه علم ان خبيرا في مجال البوتاسيوم قد دخل الى المنزل للاشراف على زراعة العنب ورجلا لاصلاح الصنبور الفرنسي الصنع وسيدة لوضع لمسات فنية على اجزاء من البيت.

قصة الفأرة
ويلخص حياته الجديدة بقصة بسيطة حول فأر. يقول انه 'ذات يوم اكتشفت وجود فأر في المنزل، في الماضي، كان كل ما أفعله هو التخلص من الفأر، ولكن الوضع الآن مختلف. لقد بعثت برسالة الكترونية الى مدبر المنزل الذي اتصل باحدى شركات رقابة الحيوانات الاليفة التي حضرت واصطادت الفأر وارسلت موظفين اضافيين من أجل التخلص من الفأر، أي ان خمسة أشخاص انخرطوا في عملية القبض على الفأر! وبدا كل شيء طبيعيا، ولكني فكرت في الأمر وتساءلت في نفسي: كيف وصلت حياتنا الى ما وصلت اليه؟

كيف وصل الاثرياء الى ما هم عليه من حياة؟ وكيف أصبح الكثيرون اثرياء؟ فعلى الرغم من كل العناوين والأقاويل حول رواتب الرؤساء التنفيذيين في الشركات الكبرى، فإن معظم مليونيرات ومليارديرات هذه الأيام يدينون بالفضل لسلسلة متنوعة وواسعة من التغيرات الاقتصادية.

الموجة الثالثة
تعتبر موجة الثراء الاخيرة في الولايات المتحدة غير مسبوقة وتقليدية في آن. ففي حين لا يضاهيها في التاريخ شيء من حيث الحجم والمدى. أما الاسباب الجذرية لها فهي شبيهة بالعصر الذهبي في العشرينات من القرن الماضي.
ففي كتابه 'الثروة والديموقراطية' للمؤلف كيفن فيليبس يقول أن قفزات الثروة الكبرى في الولايات المتحدة كان دافعها واحدا وهو تكالب بعض القوى معا وهي التكنولوجيا الجديدة وصعود المضاربات المالية ودعم الحكومة للاسواق الحرة والاثرياء. ويجادل فيليبس بأن التكنولوجيا الجديدة واسواق المضاربات المالية عملت - تاريخيا - على تغذية بعضها بعضا من اجل خلق عدد قياسي من المليونيرات والمليارديرات.

العصر الذهبي
لقد كان العصر الذهبي اول موجات الثروة الرئيسية في البلاد، وهو العصر الذي بدأ بعد الحرب الاهلية. وكانت سكك الحديد والنفط والفولاذ هي بمنزلة التكنولوجيا الجديدة في عالم اليوم، بينما كان ظهور انظمة البنوك الوطنية وصعود الاسهم بمنزلة الوقود المالي. وقد شجعت الحكومة كبريات شركات النفط والسكر والويسكي، وامتلأ الكونغرس باعضاء من المليونيرات. وقد وصل عدد المليونيرات في الولايات المتحدة الى 4500 مليونير مع حلول عام 1900. وكانت ثروة اكبر الاثرياء تصل الى ما بين 10 - 20 مليون دولار في منتصف عام 1800 الى 200 - 300 مليون دولار في نهاية القرن التاسع عشر. وقد حطم جون روكيغلر كل الارقام القياسية من عمله في استكشاف النفط، حين اصبح مليارديرا في اوائل القرن العشرين. وقد اصبحت الثروة شديدة التركيز جغرافيا، حيث كان معظمها في مناطق الشمال الشرقي للولايات المتحدة، كما اصبحت شديدة التركيز اقتصاديا، فمع حلول عام 1890، كان معظم ثروات البلاد يتركز في يد واحد في المائة من العائلات الاميركية.

الموجة الثانية
وقد تبع العصر الذهبي، الموجة الثانية في العشرينات من القرن الماضي، وقد احدثت مكاسب الحرب وظهور الراديو والصور المتحركة والسيارات والهواتف ارتفاعا في الطلب الاستهلاكي، وادى انخفاض الضرائب على الارباح وارتفاع اسعار الاسهم وزيادة عمليات الاندماج بين الشركات، الى ظهور جيل جديد من الاثرياء، فقد قفز عدد المليونيرات في الولايات المحدة من 5 - 7 آلاف مليونير عام 1921 الى 25 - 30 الف مليونير في عام 1929، ففي عام 29 وقبل الكساد العظيم، كان لايزال واحد في المائة من اكثر الاميركيين عام 1929، يهيمنون على نصف الثروة في اميركا.

وقد انتجت فترة ما بعد الحرب من منتصف الاربعينات وحتى الستينات، ثروة هائلة، وبدأ مؤشر داو جونز في الارتفاع، وفتح الانتصار على اليابان والمانيا، اسواقا عالمية جديدة للشركات التي انتعشت خلال الحرب وارتفعت النزعة الاستهلاكية لدى الاميركيين على السيارات والمنازل والمعدات والاجهزة، ولكن على العكس من الطفرات الاقتصادية السابقة، كانت المكاسب الاقتصادية في الخمسينات والستينات اكثر انتشارا بين السكان، بل ان الاثرياء فقدوا السيطرة الاقتصادية خلال العقود التي اعقبت الحرب، وانخفضت حصة الواحد في المائة من هؤلاء الاثرياء بشكل دراماتيكي من 48 في المائة من اجمالي ثروات البلاد الى 20 في المائة تقريبا في منتصف السبعينات، الامر الذي دفع بالخبيرين الاقتصاديين كلوديا مولدين وروبرت مارغو الى اطلاق تسمية 'الكساد العظيم' على هذه الحقبة التي خسر فيها الاثرياء كثيرا على المستويين الثقافي والسياسي.

عقد الجشع
وفي الثمانينات من القرن الماضي، بدأ هذا الاتجاه بالتراجع، فمع صعود تكنولوجيا المعلومات واسواق المال وتخفيف قبضة الحكومة على الاسواق، بدأ الاثرياء باستعادة الارضية الاقتصادية، واصبح واحد في المائة من الاثرياء يسيطرون على 30 في المائة من الثروة عام 1989 وارتفعت النسبة ثانية منذ ذلك الحين، لتصل الى 33 في المائة.
وبينما اصبحت الثمانينات تعرف ب 'عقد الجشع' وتحول هذا العقد الى مقدمة معتدلة للتسعينات واوائل 2000، وهناك الكثير من القواسم المشتركة بين موجة الثراء الراهنة - وعدنا نطلق عليها اسم 'الموجة الثالثة'، - والعصر الذهبي في العشرينات من حيث انتشار التكنولوجيا والتمويل وسياسات السوق الحرة.

ومع ذلك، فقد تفوقت الموجة الراهنة على سابقتيها، فقد تم تكوين نصف اجمالي ثروات البلاد خلال السنوات العشر الماضية، فالمليار الذي كان في يد روكيفلر يساوي اليوم 14 مليارا، اي اقل من صافي ثروة اي من ابناء مؤسس شركة وول مارت، سام والتون الخمسة.

كما ان الموجة الثالثة وضعت الثروة الاميركية على نطاق عالمي، فللمرة الاولى في تاريخها، انجبت الولايات المتحدة عام 2004، عددا من المليونيرات يفوق ما لدى اوروبا، وفي عام 2005، اضافت ا ميركا 227 الف مليونير جديد، بينما لم تضف الصين - بالرغم من كل الاحاديث عن ثروتها الجديدة - سوى 20 الف مليونير خلال العام نفسه، ويصل اجمالي عدد المليونيرات في الصين الى واحد في المائة فقط من عدد مليونيرات الولايات المتحدة، اما الهند، فليس فيها سوى 83 مليونيرا اي عدد المليونيرات في ولاية نورث كارولينا وحدها.

وتعتبر الطفرة الاقتصادية الراهنة نتاجا لهذا التقارب الكلاسيكي بين القوى الاقتصادية، اي صعود اسواق المال والتكنولوجيا الجديدة وتدفق المعلومات والبضائع بحرية اكبر حول العالم.

ومع ذلك، فان نمو المال اكثر من اي عامل آخر، هو الذي قاد الموجة الثالثة وسمح للناس بأن يصبحوا اكثر واسرع ثراء من اي وقت مضى.

علي علي
10-25-2007, 11:20 AM
افضل شىء لمن لا يتعود على وجود الخدم بكثرة هو بناء منزل متوسط الحجم مع الاستعانة بخادم واحد حتى يعيش حياته طبيعية
المال والفخامة ليستا كل شىء ولن تقدما السعادة دائما