المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبحاث واعدة لفهم أسباب الإصابة بالسكري



جمال
10-21-2007, 09:45 PM
رعاية صحيحة تصمم لكل مريض بدلا من تناول الجميع دواء واحدا

نيويورك: أماندا شافير*


يقود الانفجار الحاصل في الابحاث الحديثة، الى تغيرات شاملة في فهم العلماء لمرض السكري، ويقدم معالم طرق جديدة للقضاء عليه.

والسكري، المرض القاتل الخامس الذي يودي بحياة 73 الف اميركي سنويا، ينجم عن اخفاق الجسم في تنظيم الغلوكوز، أي سكر الدم، ويقود الى مضاعفات خطيرة، بل وقاتلة. وحتى وقت قريب كانت مسألة تنظيم سكر الدم- كم من السكر يوجد في دم الشخص، كم منه يستهلك كوقود من قبل الخلايا، وكم يتحرر منه من مخازن الطاقة- تعتبر حكرا على مناقشات بين عدد محدود من «اللاعبين»: البنكرياس ،الكبد، والعضلات والشحوم.

اما الآن، فان الحفلة تصبح «اكثر صخبا وأكثر تعقيدا» مما كانت من قبل.

ويفترض بحث جديد ان احد الهرمونات المفرزة من الهيكل العظمي، أي من دون كل الاجزاء الاخرى من الجسم، يمكنه ان يؤثر على تنظيم الجسم للسكر. وتوجد دلائل متنامية كذلك على ان الاشارات الصادرة من جهاز المناعة، والدماغ، والامعاء، تلعب أدوارا حاسمة في ضبط الغلوكوز والتمثيل الغذائي للدهون. (وهذه النتائج تتعلق اساسا بداء السكري من النوع الثاني الاكثر شيوعا والذي يظهر لدى البالغين). ويقول الدكتور رونالد كاهن الباحث في السكري والبروفسور في كلية الطب بجامعة هارفارد انه ومع التركيز على التفاعلات بين اعضاء مختلفة في الجسم، اكثر في اكثر، فان الخلايا والجزيئات تمثل «تغيرا مهما جدا في اعتقاداتنا» المتعلقة بفهم الكيفية التي يتعامل فيها الجسم مع الغلوكوز.

ويعتبر ازدياد مستوى السكر في الدم علامة تحدد الاصابة بالسكري. الا ان اسباب اختلاف مستوى السكر، «تختلف اختلافا هائلا من شخص لآخر»، وفقا لما يقوله الدكتور روبرت رضا البروفسور في كلية مايوكلينيك للطب. ويضيف ان فهم أي الاشارات تلعب دورها بالضبط، سيعزز الآمال «بتوفير الرعاية الصحيحة لكل واحد من الاشخاص كل يوم، بدلا من اعطاء الجميع دواء واحدا.

وقد نشر باحثون من كلية الطب بجامعة كولومبيا الصيف الماضي نتائج بحث مذهلة اظهرت ان هرمونا يفرز من العظام يمكنه ان يساعد في تنظيم غلوكوز الدم.

وعندما شرح الدكتور جيرارد كارسنتي النتائج لاول مرة امام مؤتمر علمي، «دهش العلماء الحاضرون بالإمكانات الواعدة»، وفقا للدكتور شاول ملازوفسكي المستشار الأقدم لفسلجة الغدد الصماء في معاهد السكري وامراض الهضم والكلى الوطنية، الذي لم يشارك في ذلك البحث. «انه شيء جديد حقا»! واضاف ملازوفسكي انه «وللمرة الاولى فاننا نرى ان الهيكل العظمي يمثل عضوا للغدد الصماء».

وكان كارسنتي قد اظهر في دراسة سابقة ان اللبتين، وهو هرمون تفرزه الدهون، هو منظم مهم في التمثيل الغذائي للعظام. اما في بحثه الجديد فقد اختبر فكرة ان «الجانبين يتحادثان معا» أي ان العملية هي مسألة أخذ وردّ. وقال: «لقد افترضنا انه اذا كان الدهن ينظم العظم، فان العظم يجب ان ينظم الدهن».

ولدى اختباره الفئران، عثر على مادة كانت معروفة من قبل تسمى «أوستيوكالسين» Osteocalcin التي تفرزها العظام، كانت تعمل بإرسال اشارات الى الخلايا الدهنية وكذلك الى البنكرياس. وكان المطلوب في حصيلة البحث تحسين افراز الفئران للانسولين، وهو الهرمون الذي يساعد الجسم على ازاحة الغلوكوز من الدم نحو خلايا العضلات والكبد، حيث يمكن استهلاكه للطاقة، او خزنه للاستخدام. كما ان الانسولين مهم في تنظيم الدهون.

ولدى الاصابة بالسكري من النوع الثاني، فان اجسام المصابين لا تمتثل لأوامر هرمون الانسولين، وتكون الخلايا مقاومة للانسولين، وبهذا يزداد مستوى الغلوكوز في الدم. وفي النهاية فان افراز البنكرياس للانسولين يأخذ في التدني.

وعثر الدكتور كارسنتي لدى دراسته الفئران المعرضة لداء السكري، ان زيادة في الـ «أوستيوكالسين» ادت الى التعامل مع مشكلة مزدوجة هي: مقاومة الانسولين وقلة افرازه. وبهذا ادت الزيادة الى زيادة حساسية الفئران للانسولين كما زادت من افراز هذا الهرمون، الامر الذي ادى الى تقليل مستوى السكر في الدم. وكمنحة اضافية تحولت الفئران السمينة الى فئران اقل شحما! وان حدث وأدى الـ «أوستيوكالسين» مهمته بنفس الشكل لدى الانسان، فاننا سنتوصل الى «علاج فريد جديد» للسكري من النوع الثاني كما يقول ملازوفسكي. (واغلب ادوية السكري الحالية اما تزيد من افراز الانسولين او تحسن الحساسية تجاهه، ولا تؤدي المهمتين في نفس الوقت. والادوية التي تزيد افراز الانسولين تزيد من مقاومة الجسم له عادة).

وقال كارسنتي ان النقص في الـ «أوستيوكالسين» ربما يكون سببا في الاصابة بالسكري. كما عثر العلماء على عامل آخر في عملية تنظيم الغلوكوز، هو جهاز المناعة، ففي عام 2003 عثر علماء داخل الشحوم لدى الفئران المصابة بالسمنة، على كميات كبيرة من خلايا مناعية تساهم في حدوث الالتهابات. وكان العلماء يشكون منذ زمن طويل في ان تكون الالتهابات مسؤولة عن ظهور مقاومة للانسولين التي تسبق ظهور السكري. وقد شهدت السنوات الاخيرة ابحاثا جديدة في العلاقة بين الالتهابات ومقاومة الانسولين.

* خدمة نيويورك تايمز