المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبوطالب مات مشرك ولّا مسلم؟



سلسبيل
10-10-2007, 01:18 AM
كتب:جابر سيد خلف البهبهاني - الوطن

مدرسة الطالبات تسأل سؤالاً ليس له علاقة بالمنهج: »يا بنات ابوطالب مات مشرك ولا مسلم؟« فتجيب احدى الطالبات: ابله مات مشرك، المدرسة: عفية عليك، صفقوا لها يا بنات. هكذا وبدون ادنى اي احترام لمشاعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تجاه عمه ابوطالب وحبه الشديد له، وبدون ادنى تقدير لجهود رجل لم يبخل لا بموقف ولا بتضحية بالمال والولد والزعامة والوجاهة في سبيل نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحمايته والذب عنه. فكلنا درسنا بالمدارس اي عام سماه رسول الله صلى الله عليه وآله بعام الحزن؟

هو العام الذي كان فيه الاسراء والمعراج وقد كانت بمثابة مواساة وتسلية من الله جلا جلاله لحبيبه المصطفى بعد ان رأى ان الحزن يعتصر قلبه اعتصارا لفقده اعز اثنين على قلبه بوفاتهما وهما الناصران له في وقت ندر فيه الناصر وجبن، زوجته خديجة الكبرى وعمه أبوطالب رضوان الله عليهما، فهل يعقل ان يحزن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أبي طالب كما يحزن على زوجته خديجة لو كان كافرا؟ ولكن وكما يقول شيخ الخطباء سماحة الشيخ د. أحمد الوائلي رحمه الله ان مشكلة ابي طالب انه والد الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام، والنيل منه واتهامه بالكفر هو للانتقاص من شأن الامام علي عليه السلام بعد عجز مبغضيه واحتاروا بان يجدوا ثلمة في شخصيته العظيمة ليطعنوه من خلالها فلم يجدوا.

والايمان ليس لقلقه لسان فحسب بل هو عقيدة راسخة تدفع إلى عدم المهابة في اتخاذ المواقف الصعبة وإلى تقديم التضحيات بدون حساب، فكم من اسلموا ليحقنوا دماءهم فادركوا ما املوا ولكنهم سقطوا عند الوثبة، وابوطالب لم يكن منهم؟ وسأورد فيما يلي ثلاثة دلائل من كثير على ايمان ابي طالب باللسان وبالموقف وبالتضحية:

باللسان ويكفي في هذا المجال ان ذكر شعر من اشعاره والتي قال فيها ابن ابي الحديد المعتزلي »ان كل هذه الاشعار جاءت مجيء التواتر« يقول ابوطالب:

ألم تعلموا: أنا وجدنا محمدا
نبيا كموسى خط في أول الكتب
نبي أتاه الوحي من عند ربه
ومن قال: لا، يقرع بها سن نادم
يا شاهد الله علي فاشهد
اني على دين النبي محمد

أما بالموقف فقد كانت أسرة بني هاشم معروفة بالشجاعة وقد كانت قريش تهابهم، وقد كانت هذه الاسرة الكريمة هي الحصن الحصين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكائد الكفر، واحد الادلة على هذا ان قريش لما عزمت على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اتفقت على ان يشترك في قتله اربعين قبيلة اي لم تكتف بعدد قليل من القبائل بل باربعين وهو حدث لم يسبق له مثيل ان يتفق هذا العدد من القبائل لمواجهة اسرة، وهذا فيه دلالة اخرى بالاضافة إلى الشجاعة التمسك برسول الله. ومن مواقف ابي طالب سيد هذه الاسرة وزعيم قريش في نصرة رسول الله، انه لما علم بان زعماء قريش القوا على ظهر رسول الله سلى (أمعاء) ناقة وهو يصلي في الكعبة، حمل ابو طالب سيفه وأمر أخاه حمزة بأن يحمل السلى وتوجه اليهم في مجلسهم فلما رأوه مقبلا عليهم معتبسا عرفوا ما يضمر لهم، ثم امر حمزة ان يلطخ وجوههم ولحاهم واحدا واحدا، ففعل حمزة دون ان يحرك احدهم ساكنا.

اما التضحية فالتاريخ يروي ان ابي طالب عندما حوصر بني هاشم في مكة وفرضت عليهم المقاطعة كان يبدل ليلا مكان نوم الرسول ويبيت مكانه ابنيه مرة جعفرا واخرى عليا تجنبا من ان تبطش به قريش وهم نيام، وهو الذي تخلى عن زعامته لقومه إلى الاتجاه المعاكس، الا وهو العداء لقومه، وقد تحمل النفي والنبذ الاجتماعي له ولمن يلوذ به، ورضي بالجوع والفقر والمحاصرة، ولكنه لم يستسلم للضغوط ولم تلن قناته ولم تصدع صفاته، ذاك هو ابوطالب.
ومدرس آخر من نفس ثقافة المدرسة سالفة الذكر يجتهد في تطبيق الشرك على اتباع مذهب على اعتبار انهم من عباد القبور وطبعا هذا عن طريق الهمز واللمز فقط ناقص ان يقول مرجعهم يلبس عمامة سوداء، ليخرج الطلبة من فصله متنافرين متباغضين بعد ان كانوا متآلفين متحابين. ان المدارس التي يعملون بها هي مدارس الجميع، وصحيح ان من امن العقوبة اساء الادب.

جمال
10-13-2007, 07:47 AM
التشويه الاعلامي صناعة عربية منذ القدم تعلم منها غوبلز وزير دعاية هتلر براعة تزوير الحقائق وقلب الموازين ..

بني امية وبني العباس لم يتركوا فضيلة لعلي بن ابي طالب الا واعطوها للخلفاء الآخرين ولم يتركوا منقبة لعلي بن ابي طالب الا وطعنوا بها ، وابو طالب مؤمن قريش لم يكن استثناءا من تلك الدعايات الاموية الرخيصة .

سراج
10-13-2007, 08:37 AM
بني امية وبني العباس لم يتركوا فضيلة لعلي بن ابي طالب الا واعطوها للخلفاء الآخرين ولم يتركوا منقبة لعلي بن ابي طالب الا وطعنوا بها...






إذا كان علمائك هم بأنفسهم شهدوا بأن علي إبن أبي طالب "أخو إبليس"، وذلك عندما شهدوا بأنه رفض أمر رب العالمين بأن تكون عائشة أما للمؤمنين، كما رفض إبليس أمر رب العالمين بأن يسجد لآدم...

وإذا كان سيدكم وكبيركم السيستاني قد شهد بنفسه بأن علي إبن أبي طالب داعية زنا وتكثير أبناء السفاح بعد أن شهد عليه بأنه حلل لنساء المسلمين أن يحبلن دون زواج شرعي...

فأية فضيلة أبقاها علمائكم لعلي إبن أبي طالب وأية إمامة وعصمة أبقوهما له...؟

جمال
10-13-2007, 08:46 AM
إذا كان علمائك هم بأنفسهم شهدوا بأن علي إبن أبي طالب "أخو إبليس"، وذلك عندما شهدوا بأنه رفض أمر رب العالمين بأن تكون عائشة أما للمؤمنين، كما رفض إبليس أمر رب العالمين بأن يسجد لآدم...

وإذا كان سيدكم وكبيركم السيستاني قد شهد بنفسه بأن علي إبن أبي طالب داعية زنا وتكثير أبناء السفاح بعد أن شهد عليه بأنه حلل لنساء المسلمين أن يحبلن دون زواج شرعي...

فأية فضيلة أبقاها علمائكم لعلي إبن أبي طالب وأية إمامة وعصمة أبقوهما له...؟





اخو ابليس انت واشكالك يا قذر

علمائنا لم يقولوا بمثل كلامك القبيح
وامك ام المؤمنين فقدت منصبها بخروجها على امام زمانها ومخالفتها اوامر رسول الله الصريحة واحاديثه وتحذيره لها من الخروج .

وهذا ما رواه الطبري ( 169 ) أنه لما بلغ طلحة والزبير منزل علي بذي قار انصرفوا إلى البصرة فأخذوا على المنكدر ، فسمعت عائشة ( رض ) نباح الكلاب فقالت : أي ماء هذا ؟ فقالوا : الحوأب . فقالت : إنا لله وإنا إليه راجعون إني لهيه ، قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول وعنده نساؤه : ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب ، فأرادت الرجوع ، فأتاها عبد الله بن الزبير فزعم أنه قال : كذب من قال إن هذا الحوأب ، ولم يزل بها حتى مضت ، فقدموا البصرة .

ولما انتهت عائشة وطلحة إلى حفر أبي موسى ( 170 ) قريبا من البصرة أرسل عثمان بن حنيف ( 171 ) وهو يومئذ عامل علي على البصرة إلى القوم أبا الاسود الدؤلي يعلم له علمهم ، فجاء حتى دخل على عائشة ، فسألها عن مسيرها . فقالت : أطلب بدم عثمان . قال : إنه ليس بالبصرة من قتلة عثمان أحد ! قالت : صدقت ولكنهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة وجئت استنهض أهل البصرة لقتاله ، أنغضب لكم من سوط عثمان ولا نغضب لعثمان من سيوفكم ؟ فقال لها : ما أنت من السوط والسيف ؟ إنما أنت حبيسة رسول الله صلى الله عليه وآله أمرك أن تقري في بيتك ، وتتلي كتاب ربك ، وليس على النساء قتال ، ولا لهن الطلب بالدماء ، وإن عليا لأولى منك وأمس رحما ، فإنهما ابنا عبد مناف .
فقالت : لست بمنصرفة حتى أمضي لما قدمت إليه ، أفتظن أبا الاسود ! أن أحدا يقدم على قتالي ؟ قال : أما والله لتقاتلن قتالا أهونه الشديد .

ثم قام فأتى الزبير ، فقال : يا أبا عبد الله عهد الناس بك وأنت يوم بويع أبو بكر آخذ بقائم سيفك ، تقول : لا أحد أولى بهذا الأمر من ابن أبي طالب وأين هذا المقام من ذاك ؟ فذكر له دم عثمان ، قال : أنت وصاحبك وليتماه فيما بلغنا . قال : فانطلق إلى طلحة فاسمع ما يقول فذهب إلى طلحة ، فوجده سادرا في غية مصرا على الحرب والفتنة . . الحديث .



( 169 ) الطبري 5 / 178 ، وط . أوربا 1 / 3127 ، وراجع تفصيل الحوأب في : " عبد الله بن سبأ " ص 100 103 .
( 170 ) الامامة والسياسية 1 / 57 وابن أبي الحديد 2 / 80 81 .

( 171 ) عثمان بن حنيف بن واهب بن الحكيم الأنصاري الاويسي أبو عمرو أو أبو عبد الله . شهد أحدا وما بعدها . استعمله عمر على مساحة العراق واستعمله علي على البصرة فبقي عليها إلى أن قدمها طلحة والزبير وعائشة وسكن عثمان بعدها الكوفة وكان حيا إلى زمان معاوية . أسد الغابة 3 / 371 . ( * )
- ج 1 ص 187 -

سراج
10-13-2007, 02:36 PM
يقول جمال:
(اخو ابليس انت واشكالك يا قذر، علمائنا لم يقولوا بمثل كلامك القبيح...)

وماذا ستقول لو جعلنا علماء دينك يشهدون أمامك بأنفسهم بأن علي إبن أبي طالب هو "أخو إبليس"...؟ فهل تجروء أن تصفهم بأنهم قذرين كما وصفتنا أنت بذلك على الرغم من أننا لسنا أكثر من نقلة لشهادات علمائك...؟

ألست أنت بنفسك قد اعترفت بأن علمائك أرضعوك عقيدة رفض عائشة والتبرؤ منها وعدم الإعتراف بها كأم للمؤمنين...؟

ألست أنت بنفسك قد اعترفت بأن علمائك قد أرضعوك مقولة أنهم يأخذون عقائدهم الدينية وعباداتهم من آل بيت رسول الله...؟

فعلمائك إذن قد شهدوا بأن علي إبن أبي طالب كان أول من رفض أمومة عائشة للمؤمنين وتبرأ منها ولعنها وشتمها...

ولكن عائشة أصبحت أما للمؤمنين إلى قيام الساعة بموجب أمر إلهي سجله القرآن الكريم...

فعلمائك إذن قد شهدوا بأن علي إبن أبي طالب قد رفض أمر الله بأن تكون عائشة أمه وأما للمؤمنين...

فعلمائك إذن قد شهدوا بأن علي إبن أبي طالب بهذا الرفض قد أصبح "أخا لإبليس" إذ أن إبليس هو أيضا رفض أمر رب العالمين عندما أمره بأن يسجد لآدم...

أي أن علمائك قد شهدوا بأنفسهم بأن علي إبن أبي طالب كافر فاسق خارج عن دائرة الإسلام، وبالتالي فلا إمامة ولا عصمة له.


تفضل الآن وحاول أن تنفي شهادة واحدة من هذه الشهادات الموثقة التي شهد بها علمائك إن استطعت إلى ذلك سبيلا.

جمال
10-20-2007, 07:24 AM
ونحن نحب أبا طالب


بقلم جابر بهبهاني


لمن يسأل عن ماذا سنجني عن مناقشة هذا الموضوع «اسلام أبوطالب»؟ عليك توجيه بهذا السؤال أو الانتقاد إلى داعية تستدعيه مدرسة لبنات ليلقي فيها محاضرة موعظة وإرشاد فيبدأ المحاضرة بالسؤال: «أبوطالب مات كافر ولا مسلم»؟ وعندما تجيب إحدى الطالبات بأنه مات كافراً ترتسم ابتسامة عريضة على شفتي هذا الداعية عرضها عرض السماوات والأرض وكأنه شاهد مشهداً من مسرحية مدرسة المشاغبين، وعليك توجيه نفس السؤال إلى تلفزيون الكويت الذي عرض برنامجا لداعية في رمضان يتحدث عن نفس الموضوع، سؤال هنا وبرنامج هناك هذا يكشف عن منهجية تمكنت بعد أن تغلغلت، وسلم لي علي الوسطية.

ورد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وترويه مختلف المذاهب بصيغ متعددة ولكن المعنى واحد يخاطب به عقيل ابن أبي طالب «يا عقيل إني أحبك حبين حبا لك، حبا لحب أبي طالب إياك»، ونحن نحب أبا طالب رضوان الله عليه حبين حبا لإيمانه، وحبا لحب رسول الله له.


تاريخ النشر: السبت 20/10/2007

بومتعب
10-20-2007, 02:41 PM
الدلائل والشواهد على إيمان أبي طالب عليه السلام
(العلامة السيد سلطان الواعظين الشيرازي)

أما الدلائل المثبتة لإيمان أبي طالب (ع) فكثيرة ، ولا ينكرها إلا من كان في قلبه مرض ، منها :

1ـ قول النبي (ص) : أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ، وأشار بسبابته والوسطى منضمتين مرفوعين ، نقله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج14/69 ، ط دار إحياء الكتب العربية ومن الواضح انه (ص) لم يقصد بحديثه الشريف كل من يكفل يتيما ، فإنا نجد بعض الكافلين للأيتام لا يستحقون ذلك المقام وهو جوار سيد الأنام في الجنة ، لأنهم على جنب كفالتهم لليتيم يعملون المعاصي الكبيرة ، والذنوب العظيمة ، التي يستحقون بها جهنم لا محالة .

ولكنه صلوات الله عليه قصد بحديثه الشريف جده عبد المطلب ، وعمه أبا طالب ، الذين قاما بأمره ، وتكفلاه ، وربياه صغيرا ، حتى أنه صلوات الله عليه كان يعرف في مكة بيتيم ابي طالب ، بعد وفاة جده عبد المطلب ، فقد تكفل أبو طالب رسول الله (ص) وكان في الثامنة من العمر ، وكان يفضله على أولاده ويقيه بهم .

2ـ حديث مشهور بين الشيعة والسنة ورواه القاضي الشوكاني أيضا في الحديث القدسي ، أنه قال (ص) : نزل علي جبرئيل فقال : إن الله يقرئك السلام ويقول : إني حرمت النار على صلب أنزلك و بطن حملك و حجر كفلك(1).

لأبي طالب عليه السلام حق على كل مسلم
قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج14 / 83 و84 ، ط دار إحياء التراث العربي : و لم أستجز أن أقعد عن تعظيم أبي طالب ، فإني أعلم أنه لولاه لما قامت للإسلام دعامة ، و أعلم أن حقه واجب على كل مسلم في الدنيا إلى أن تقوم الساعة ، فكتبت :

و لو لا أبو طالب و ابـنـه لما مثل الدين شخصا فقامــا

فذاك بمكة آوى و حـامـى و هذا بيثرب جس الحمامــــا

تكفل عبد منــــاف بأمــــر و أودى فكان علي تمامـــــــا

فقل في ثبير مضى بعد ما قضى ما قضاه و أبقى شماما

فلله ذا فاتحا للهــــــــــدى و لله ذا للمعالي ختامـــــــــــا

و ما ضر مجد أبي طالــب جهول لغا أو بصير تعامـــــى‏

كما لا يضر إياة الصبــاح من ظن ضوء النهار الظلامـا

أشعار أبي طالب عليه السلام في الإسلام

وأدل دليل على إيمان أبي طالب (ع) أشعاره الصريحة بتصديق النبي ودين الإسلام ، المطبوعة في ديوانه وفي كثير من كتب التاريخ والأدب ، وقد نقل بعضها ابن أبي الحديد في شرح ‏نهج ‏البلاغة ج14/71ـ81 ط دار إحياء الكتاب العربي ، منها ميميته المشهورة :

يرجون منا خطـــــة دون نيلـــهـــا ضراب و طعن بالوشيج المقــــــوم

‏يرجون أن نسخى بقتل مـــحـــمــد و لم تختضب سمر العوالي من الدم

‏كذبتم و بيت الله حتى تفـــلـــقــــوا جماجم تلقى بالحطــــيـم و زمــــزم

‏و تقطع أرحام و تنــــــسى حليلـــة حليلا و يغشى محــــــرم بعد محرم

‏على ما مضى من مقتكم و عقوقكم ‏و غشيانكم في أمركم كـــل مـــأثــم

‏و ظلم نبي جاء يدعـو إلى الهدى ‏وأمر أتى من عند ذي العرش قيـم(2)وإليكم أيضا قصيدته اللامية الشهيرة والتي ذكرها ابن أبي الحديد في شرح النهج وذكرها كثيرة من الأعلام وهي مطبوعة في ديوانه أنقل إلى مسامعكم بعضها :

أعوذ برب البيت من كل طاعـــن‏ علينا بســــوء أو يلـــــوح بباطـــل

‏و مـــن فاجـــر يغتابــنا بمغيبـــة و من ملحق في الدين ما لم نحاول

‏كذبتم و بيـت الله نبــزى محمـــد و لما نطاعــن دونــــه و نناضــــل‏

و ننصره حــتى نصـــرع دونـــه‏ و نذهـل عـــن أبنائنـــــا و الحلائل‏

و ابيض يستسقى الغمام بوجهـه ‏ثمال اليتــامــى عصمـة للأرامــــل

‏يلوذ بــه الهلاك مـــن آل هاشــم‏ فهم عنـــده في نعمــة و فواضــــل

‏ ‏لعمري لقــد كلفــت وجدا بأحمد و أحببته حــب الحبــيب المواصــل

‏و جدت بنفسي دونـــه فحميتـــه ‏و دافعـــت عنــه بالذرى و الكواهل

‏فلا زال للدنيا جمـــالا لأهلــهـــا و شينا لمن عـــادى و زين المحافل

‏و أيــده رب العبـــاد بنـصـــــره ‏و أظهــر ديــــنا حقـــه غيـــر باطــــل

ومن شعره المطبوع في ديوانه ونقله ابن أبي الحديد أيضا :

يا شاهد الله علي فاشهد أني على دين النبي أحمد

من ضل في الدين فإني مهتد
بالله عليكم أنصفوا !! هل يجوز أن ينسب قائل هذه الأبيات والكلمات ، إلى الكفر !!

والله إنه من الظلم والجفاء أن تنسبوا أبا طالب إلى الكفر ، بعد أن يشهد الله سبحانه بأنه ، على دين النبي أحمد (ص) .

الشيخ عبد السلام : أولا : هذه الأشعار ونسبتها إلى أبي طالب أخبار آحاد ، غير متواترة ، ولا اعتبار بخبر واحد .

ثانيا : لم ينقل أحد بأن أبا طالب أقر بالإسلام وتفوه بكلمة التوحيد : لا إله إلا الله . بل قالوا : ما أقر إلى أن مات .

قلت : واعجبا ! إنكم جعلتم حجية التواتر وخبر الواحد حسب ميلكم ، فتارة تتمسكون بخبر الواحد وتصرون على حجيته مثل الخبر الذي رواه أبو بكر عن النبي (ص) : " نحن معاشر الأنبياء لا نورث " قبلتم به مع تعارضه للآيات القرآنية !!

ثم إذا كان التواتر عندكم شرط صحة الخبر ، فكيف تستدلون بحديث رواه المغيرة بن شعبة الفاسق ، بأن أبا طالب في ضحضاح من النار ، وليس لهذا الحديث راو آخر(3).

ولا يخفى على المحقق البصير والمدقق الخبير أن أخبار الآحاد حول إيمان أبي طالب و الأشعار المنسوبة إليه لو جمعت لحصل منها التواتر المعنوي ـ أي حصل منها معنى واحد وهو إيمان ابي طالب ـ فأن كثيرا من الأمور حصل فيها التواتر عن هذا الطريق ، مثل شجاعة الإمام علي (ع) ، فإن أخبار الآحاد عن بطولته في الميادين وجهاده في ساحات القتال ، كشفت عن شجاعته وبسالته بالتواتر .

إقرار ابي طالب (ع) بالتوحيد
وأما قولك : لم ينقل أحد أن أبا طالب أقر بالإسلام والتوحيد ! فهو تحكم وباطل ، فهو إعادة واه بغير أساس ودليل ، لأن الإقرار لا يكون موقوفا على صيغة معينة ، ولا منحصرا بتركيب واحد . بل يحصل بالنثر والشعر بأي شكل كان تركيبه إذا فهم منه الإقرار ، وكان صريحا وبليغا .

والآن أنشدكم الله أيها الحاضرون !! أي إقرار أصرح وأبلغ من هذا الكلام الذي قاله أبو طالب :

يا شاهد الله علي فاشهد أني على دين النبي أحمد
وإضافة على هذا البيت وغيره من أشعاره الصريحة في إيمانه وإسلامه ، فقد روى الحافظ أبو نعيم ، والحافظ البيهقي أن صناديد قريش مثل أبي جهل ، وعبد الله بن أبي أمية ، عادوا أبا طالب في مرضه الذي توفي فيه ، وكان النبي (ص) حاضرا فقال لعمه أبي طالب : يا عم قل لا إله إلا الله ، حتى أشهد لك عند ربي تبارك وتعالى ، فقال أبو جهل وابن أبي أمية : يا أبا طالب أترجع عن ملة عبد المطلب ! وما زالوا به . حتى قال :

اعلموا ... أن أبا طالب على ملة عبدالمطلب ولا يرجع عنها .

فسروا وفرحوا وخرجوا من عنده ، ثم اشتدت عليه سكرة الموت وكان العباس أخوه جالسا عند رأسه ، فرأى شفتيه تتحركان ، فأنصت له واستمع وإذا هو يقول : لا إله إلا الله . فتوجه العباس إلى النبي (ص) وقال يا ابن أخي والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته بها ـ ولم يذكر العباس كلمة التوحيد لأنه كان بعد كافرا ـ .

ولا يخفى أننا أثبتنا من قبل أن آباء النبي (ص) كلهم كانوا موحدين ومؤمنين بالله يعبدونه ولا يشركون به شيئا .

فلما قال أبو طالب في آخر ساعات حياته : اعلموا ... أن أبا طالب على ملة عبد المطلب ، ولا شك أن عبد المطلب كان على ملة أبيه إبراهيم مؤمنا بالله موحدا ، فكذلك أبو طالب (ع) .

مضافا إلى ذلك فقد تفوه ونطق بكلمة التوحيد وسمعه أخوه العباس يقول : لا إله إلا الله .

فإيمان أبي طالب ثابت عند كل منصف بعيد عن اللجاج والعناد .

موقف أبي طالب (ع) من النبي (ص)

إذا كان أبو طالب (ع) مشركا كما يزعم بعض الناس ، كان من المتوقع أن يعارض النبي (ص) من حين إعلانه النبوة والرسالة ، إذ جاء إليه و قال : إن الله قد أمرني بإظهار أمري وقد أنبأني واستنبأني فما عندك يا عم ؟

فلو كان أبو طالب غير مؤمن بكلامه وغي معتقد برسالته ، لكان من المفروض أن ينتصر لدين قريش ومعتقدات قومه ، فينهاه عن ذلك الكلام ويوبخه ويؤنبه ، بل يحبسه حتى يرجع عن كلامه أو يطرده ولا يأويه ولا يحميه كآزر عم إبراهيم الخليل (ع) فحينما سمع من الخليل كلاما يخالف دينه ودين قومه ، هدده وهجره ، وقد حكى الله سبحانه ذلك في كتابه الكريم سورة مريم / 43 قال حكاية عن قول إبراهيم (ع) : ( إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا ((قالَ أَ راغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إبراهيم لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأََرْجُمَنَّكَ وَ اهْجُرْنِي مَلِيًّا)(4).

ولكن أبا طالب عليه السلام حينما سمع ابن أخيه يقول : إن الله أنبأني واستنبأني ، وأمرني بإظهار أمري ، فما عندك يا عم ؟

أيده وأعلن نصرته له بقوله : أخرج يا بن أخي ! فإنك الرفيع كعبا ، والمنيع حزبا ، والأعلى أبا ، والله لا يسلقك لسان إلا سلقته ألسن حداد ، واجتذبه سيوف حداد ، والله لنذللن لك العرب ذل البهم لحاضنها .
ثم أنشأ قائلا :

و الله لن يصلوا إليـــك بجمعـهــم حتى أوسد فــي التــراب دفينـــا

فانفذ لأمرك ما عليـــك مخـــافـــة و أبشر بذاك و قر منــك عيونا

و دعوتني و زعمت أنك ناصحي فلقد صـدقت و كنــــت قدما أمينا

و عرضت دينا قد علمـــت بأنـــه من خيـر أديـــان البـــريــة دينــا

لو لا الملامــة أو حــذاري سبــه لوجدتنــي سمحــا بذاك مبـــــينـا
ذكر هذا الشعر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج 14 / 55 ط. إحياء الكتب العربية ، ونقله سبط ابن الجوزي في التذكرة : 18 ، ط. بيروت ، وتجده في ديوان أبي طالب أيضا.

ولو راجعتم ديوانه ، وما نقله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ، لوجدتم أشعارا أخرى صريحة في تصديق النبي (ص) ، وفي إعلان نصرته والذب عنه .

فأنصفوا أيها الحاضرون ، وخاصة أنتم أيها العلماء ! هل يجوز لكم أن تنسبوا قائل هذه الكلمات إلى الكفر والشرك ؟!

أم إنها تنبئ عن إيمان وإسلام قائلها وأنه مؤمن حقيقي ومسلم ملتزم ومتمسك بما جاء به محمد المصطفى (ص) ؟!

كما اعترف بذلك بعض أعلامكم ، فقد نقل الشيخ الحافظ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودة / الباب الثاني والخمسون نقل من رسالة أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ : وحامي النبي ، ومعينه ، ومحبه ، أشد حبا ، وكفيله ، ومربيه ، والمقر بنبوته ، والمعترف برسالته ، والمنشد في مناقبه أبياتا كثيرة ، وشيخ قريش : أبو طالب .

لقائل أن يقول : إذا كانت هذه التصريحات من أبي طالب في تصديق النبي (ص) وتأييده ونصرته والدفاع عنه ، فكيف نجد أكثر المؤرخين وأصحاب السير ذهبوا إلى كفره أو التوقف في إيمانه ؟!

والجواب : إن الدعايات الأموية ـ خاصة في زمان معاوية ـ لعبت دورا هاما في مثل هذه الأمور ، فمن سنحت له الفرصة أن يأمر بسب أمير المؤمنين وإمام المتقين علي بن أبي طالب (ع) ويأمر بلعنه ولعن ولديه الحسن والحسين سبطي رسول الله (ص) وريحانتيه وحبيبه ويشتمهم على رؤوس الأشهاد وعلى منابر الإسلام والمسلمين ، حتى صارت هذه المنكرات عادة جارية حتى في قنوت الصلوات وخطب الجمعات ، فمن أتيحت له هكذا فرصة وقام بقلب الحقائق وتغيير الوقائع وتبديل الحق بالباطل وبالعكس ، فهل يأبى من إنكار إيمان أبي طالب (ع) وبث الدعايات في أنه مات كافرا ، أم يعجز من ذلك ويصعب عليه ؟!

والأعجب .. أن معاوية وأباه وكذلك ابنه يزيد ورؤوس الكفر والنفاق ، مع كثرة الدلائل المذكورة في تاريخهم الدالة على كفرهم وإلحادهم وعد إيمانهم ، يظهرون للمسلمين بظاهر الإيمان بل يعد معاوية وابنه من أمراء المؤمنين إلى يومنا هذا ، فهؤلاء مع سوابقهم في محاربة النبي (ص) ، ومعاندتهم للدين ، ودخولهم في الإسلام كرها بعد عام الفتح ، ثم نفاقهم وشقاقهم بين المسلمين وقتالهم لأمير المؤمنين (ع) ، وتحركاتهم العدوانية وأعمالهم الشيطانية على الإسلام ، والقيام بالأعمال الوحشية ، والتهجمات البشعة على بلاد المسلمين والناس الآمنين ، ونهب أموالهم ، وقتل رجالهم ، وهتك أعراضهم مثل هجوم بسر بن أرطاة على الطائف واليمن والأنبار وغيرها ، وهجوم الأعور بني مرة مسلم بن عقبة بجيش الشام على مدينة الرسول (ص) في واقعة الحَرّة ، ونقض معاوية عهده مع الإمام الحسن (ع) وقتله بالسم ، وكذلك قتله حجر بن عدي وأصحابه ، وغيره من صحابة رسول الله (ص) ، وقتل يزيد حسينا (ع) وسبي أهله وحريمه ، وغير ذلك من الأعمال العدوانية والكفر والإلحاد المشهود منهم والمشهور عنهم في التاريخ ، كل هذا وتحسبونه من أمراء المؤمنين ! لعنهم الله !!

ولكن أبا طالب مع تلك المواقف المشرفة ، والسوابق المشرقة التي هي أظهر من الشمس ، تقولون ما آمن ومات مشركا !! أما يكون هذا وذاك من تأثير الدعايات الأموية !!

(1) روى ابن ابي الحديد في شرح ‏نهج ‏البلاغة : ج14/67 ط دار احياء الكتب العربية روى حديثا سنده إلى أمير المؤمنين (ع) أنه قال: قال رسول الله (ص): قال لي جبرائيل: إن الله مشفعك في ستة : بطن حملتك آمنة بنت وهب ، و صلب أنزلك : عبد الله بن عبد المطلب ، و حجر كفلك : ابي طالب ، و بيت آواك : عبد المطلب و أخ كان لك في الجاهلية قيل : يا رسول الله و ما كان فعله ؟ قال : كان سخيا يطعم الطعام و يجود بالنوال . و ثدي أرضعتك : حليمة السعدية بنت ابي ذؤيب .

وروى في صفحة 68 عن الإمام محمد بن علي الباقر (ع) قال : لو وضع إيمان ابي طالب في كفة ميزان و إيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى لرجح إيمانه ثم قال: أ لم تعلموا أن أمير المؤمنين عليا ع كان يأمر أن يحج عن عبد الله و ابيه ابي طالب في حياته ثم أوصى في وصيته بالحج عنهم .
وقال في صفحة 69 : وروي أن علي بن الحسين ع سئل عن هذاـ أي عن إيمان ابي طالب ـ فقال : وا عجبا ! إن الله تعالى نهى رسوله أن يقر مسلمة على نكاح كافر و قد كانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإسلام و لم تزل تحت ابي طالب حتى مات ، أي إذا كان أبو طالب غير مؤمن لفرق رسول الله بينه وبين زوجته فاطمة بنت اسد حينما أسلمت .
وقال في صفحة 70 : وقد روي عن ابي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أن رسول الله (ص) قال : إن أصحاب الكهف أسروا الإيمان و أظهروا الكفر، فآتاهم الله أجرهم مرتين و إن أبا طالب أسر الإيمان و أظهر الشرك فآتاه الله أجره مرتين . قال : و في الحديث المشهور: أن جبرائيل (ع) قال للنبي(ص) ليلة مات أبو طالب : اخرج منها ـ أي مكة ـ فقد مات ناصرك .
أقول : والله لو كان واحد من هذه الاخبار يرد في اسلام أي رجل غير ابي طالب (ع) لتسلمه علماء العامة ومحدثوهم بالقبول ، وتلقوا إسلامه وايمانه أمرا مسلما بلا شك ولا ريب ، ولكنا ويا للأسف نجد هذه الشبهات تلقى حول ايمان ابي طالب واسلامه ، من بعض علماء العامة ولعل السبب في ذلك لأنه والد الإمام علي (ع) ولأن عليا ابنه سلام الله عليه !! " المترجم "

(2) القصيدة مطلعها كما في الديوان : ألا من لهم آخر الليل معتم ‏طواني و أخرى النجم لم يتقحم " المترجم "

(3) قال ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج14 / 70 ، ط. إحياء الكتب العربية :

و أما حديث الضحضاح من النار فإنما يرويه الناس كلهم عن رجل واحد و هو المغيرة بن شعبة و بغضه لبني هاشم و على الخصوص لعلي ع مشهور معلوم و قصته و فسقه أمر غير خاف . " المترجم "
(4) سورة مريم ، الآية 46 .