jameela
10-02-2007, 04:44 PM
عالم اليوم
كتب محمد عبدالقادر الجاسم
يوميا ترسخ دولة الكويت «مكانتها» في قائمة الفساد، وهي «مكانة» سيئة حصلت عليها بالرغم من وجود برلمان يراقب ويحاسب وبالرغم من وجود صحافة حرة نسبيا. وإذا كان صحيحا القول بأن الحملات البرلمانية والصحفية في مكافحة الفساد هي حملات انتقائية، إلا أن الصحيح أيضا أن لتلك الحملات أثرا كبيرا، بيد أن هذا الأثر تركز مع الأسف في إشاعة الاحباط واليأس بين العامة من دون أي نتيجة ملحوظة على تراجع حجم ونطاق ومجالات الفساد في البلاد. أي أن الحملات البرلمانية والصحفية لم تتمكن من خلق ثقافة عامة مجافية للفساد ومناهضة له، ولذلك فمن المهم محاولة معرفة أسباب تفشي الفساد في البلاد.
إن العلة ليست في القوانين ولا في الرقابة، فقوانيننا تعتبر جيدة وفيها عقوبات رادعة، كما أن تقارير ديوان المحاسبة تكشف بوضوح الاختلاسات التي تتم في الجهات الحكومية، وتقوم الصحف بنشر «انتقائي» لتلك التقارير، والقيادة السياسية تملك «كل» المعلومات عن الفساد و»رموزه»، وهذه «الشفافية» كفيلة بمحاربة الفساد والانتصار عليه أو تحجيمه على الأقل. وبناء على تلك المعطيات يمكننا القول أن للفساد نفوذا ورعاة، بل هو شريعة سياسية ملازمة لنمط قديم من أنماط الحكم حيث تعتمد الإدارة السياسية على الفساد والفاسدين في محاولة تحقيق «أهدافها» السياسية. ويمكن الإشارة هنا وبوضوح إلى أن اعتماد الإدارة السياسية على معيار الولاء السياسي بصرف النظر عن الكفاءة والأمانة شجع على نحو كبير فرقة الفساد، حيث يتم «غض النظر» عن الاختلاسات مقابل النتائج التي تحققها فرق الفساد لصالح الإدارة السياسية كما لو كان الغرف من المال العام هو «المكافأة» التي يتلقاها رموز الفساد مقابل «خدماتهم»!
فضلا عن ذلك فإن الشعب الكويتي يشير بأصابع الاتهام إلى أشخاص بعينهم بوصفهم فرقة متنقلة للفساد، وفي المقابل تحظى هذه الفرقة برعاية سياسية وأبوية أيضا، ومن شأن هذه الرعاية العلنية أن ترسل إشارات خطيرة مفادها «بوق ولا تخاف»!! من جهة أخرى فإن انتشار الفساد في جميع فئات المجتمع وشموله حتما بعض أفراد الأسرة الحاكمة من أصحاب النفوذ يضع الأسرة الحاكمة في وضع دقيق وحساس يجبرها على وجوب «ترك مسافة» واضحة بينها وبين الفساد، ومن دون هذه المسافة يحق لعامة الناس أن تقول أن الأسرة الحاكمة أو النظام لا يتخذ موقفا مضادا للفساد، ولا يلام أحد حين يرى في امتداد «مظلة النظام» إلى فرقة الفساد رعاية لهذا الفساد بل وحماية علنية له.
والكويت حتى وإن كانت دولة قانونية، إلا أن غياب القدوة الحسنة فيها، وعدم بروز دور جاد للنظام ذاته في مكافحة الفساد من شأنه أن يقود نحو تفشي الفساد، وما دام النظام يصر على اعتماد معيار الولاء قبل الكفاءة والأمانة، فإن مسؤولية النظام عن الفساد تبقى هي الأبرز، ومن غير «انتفاض» النظام ضد الفساد لاجدوى في أي جهد لمكافحته. إن الفرصة ما تزال سانحة أمام النظام كي يترك بينه وبين الفساد مسافة، ولكن إن استمر حرص النظام على «تقريب» رموز الفساد فإنه سوف يأتي يوم تجد فيه الأسرة الحاكمة نفسها في موقع الاتهام المباشر باحتضان الفساد والمفسدين، وحينها لن يكفي «ترك المسافة»!!
كتب محمد عبدالقادر الجاسم
يوميا ترسخ دولة الكويت «مكانتها» في قائمة الفساد، وهي «مكانة» سيئة حصلت عليها بالرغم من وجود برلمان يراقب ويحاسب وبالرغم من وجود صحافة حرة نسبيا. وإذا كان صحيحا القول بأن الحملات البرلمانية والصحفية في مكافحة الفساد هي حملات انتقائية، إلا أن الصحيح أيضا أن لتلك الحملات أثرا كبيرا، بيد أن هذا الأثر تركز مع الأسف في إشاعة الاحباط واليأس بين العامة من دون أي نتيجة ملحوظة على تراجع حجم ونطاق ومجالات الفساد في البلاد. أي أن الحملات البرلمانية والصحفية لم تتمكن من خلق ثقافة عامة مجافية للفساد ومناهضة له، ولذلك فمن المهم محاولة معرفة أسباب تفشي الفساد في البلاد.
إن العلة ليست في القوانين ولا في الرقابة، فقوانيننا تعتبر جيدة وفيها عقوبات رادعة، كما أن تقارير ديوان المحاسبة تكشف بوضوح الاختلاسات التي تتم في الجهات الحكومية، وتقوم الصحف بنشر «انتقائي» لتلك التقارير، والقيادة السياسية تملك «كل» المعلومات عن الفساد و»رموزه»، وهذه «الشفافية» كفيلة بمحاربة الفساد والانتصار عليه أو تحجيمه على الأقل. وبناء على تلك المعطيات يمكننا القول أن للفساد نفوذا ورعاة، بل هو شريعة سياسية ملازمة لنمط قديم من أنماط الحكم حيث تعتمد الإدارة السياسية على الفساد والفاسدين في محاولة تحقيق «أهدافها» السياسية. ويمكن الإشارة هنا وبوضوح إلى أن اعتماد الإدارة السياسية على معيار الولاء السياسي بصرف النظر عن الكفاءة والأمانة شجع على نحو كبير فرقة الفساد، حيث يتم «غض النظر» عن الاختلاسات مقابل النتائج التي تحققها فرق الفساد لصالح الإدارة السياسية كما لو كان الغرف من المال العام هو «المكافأة» التي يتلقاها رموز الفساد مقابل «خدماتهم»!
فضلا عن ذلك فإن الشعب الكويتي يشير بأصابع الاتهام إلى أشخاص بعينهم بوصفهم فرقة متنقلة للفساد، وفي المقابل تحظى هذه الفرقة برعاية سياسية وأبوية أيضا، ومن شأن هذه الرعاية العلنية أن ترسل إشارات خطيرة مفادها «بوق ولا تخاف»!! من جهة أخرى فإن انتشار الفساد في جميع فئات المجتمع وشموله حتما بعض أفراد الأسرة الحاكمة من أصحاب النفوذ يضع الأسرة الحاكمة في وضع دقيق وحساس يجبرها على وجوب «ترك مسافة» واضحة بينها وبين الفساد، ومن دون هذه المسافة يحق لعامة الناس أن تقول أن الأسرة الحاكمة أو النظام لا يتخذ موقفا مضادا للفساد، ولا يلام أحد حين يرى في امتداد «مظلة النظام» إلى فرقة الفساد رعاية لهذا الفساد بل وحماية علنية له.
والكويت حتى وإن كانت دولة قانونية، إلا أن غياب القدوة الحسنة فيها، وعدم بروز دور جاد للنظام ذاته في مكافحة الفساد من شأنه أن يقود نحو تفشي الفساد، وما دام النظام يصر على اعتماد معيار الولاء قبل الكفاءة والأمانة، فإن مسؤولية النظام عن الفساد تبقى هي الأبرز، ومن غير «انتفاض» النظام ضد الفساد لاجدوى في أي جهد لمكافحته. إن الفرصة ما تزال سانحة أمام النظام كي يترك بينه وبين الفساد مسافة، ولكن إن استمر حرص النظام على «تقريب» رموز الفساد فإنه سوف يأتي يوم تجد فيه الأسرة الحاكمة نفسها في موقع الاتهام المباشر باحتضان الفساد والمفسدين، وحينها لن يكفي «ترك المسافة»!!