المهدى
09-28-2007, 12:38 PM
شكلت مادة لأفلام سينمائية عديدة أشهرها «سائق التاكسي» لمارتن سكورسيزي
http://www.aawsat.com/2007/09/28/images/daily1.438937.jpg
أكثر من نصف سكان المدينة لا يملكون سيارات خاصة فشكلت سيارات الأجرة وسيلة تنقل مهمة («الشرق الأوسط»)
نيويورك: صلاح عواد
ناطحات السحاب اول ما يتبادر الى ذهنك عند التفكير في مدينة نيويورك، لكن هناك صورة اخرى وربما لها نفس القوة والتأثير الذهني، وهي سيارات أجرتها ذات اللون الأصفر، وهي تقطع شوارعها وجاداتها على مدار 24 ساعة كل يوم. وكأن المدينة بطابعها الكزمبوليتي التي لا تعرف النوم، لا يستقيم أمرها بدون هذه التاكسيات التي اصبحت جزءا من نسيج المدينة ومعالمها وتاريخها الاجتماعي والسياسي. ولهذه التاكسيات الصفراء تاريخ يمتد إلى أكثر من قرن، وتشترك مع تاريخ المدينة الاجتماعي والإثني وكأنها تعكس بطريقة ما التحولات الاجتماعية للمدينة بدءاً من التمييز العنصري وحركة الحقوق المدنية الذي صاحبته ومرورا بالفترات التي انتشرت فيها الجريمة في مدينة نيويورك.
وبما أن مدينة نيويورك تختلف عن المدن الأميركية الأخرى من حيث استخدام المواصلات العامة وأن أكثر من نصف سكان المدينة لا يملكون سيارات خاصة فشكلت سيارات الأجرة وقطارات الأنفاق (الميترو) معلما ميز نيويورك عن مدن الولايات المتحدة الأخرى. يوجد أكثر من 10 آلاف سيارة أجرة تشغل شوارع مانهاتن وإلى حد ما ضواحي المدينة ويعود تاريخ وجودها في المدينة إلى عام 1907 عندما قرر رجل الأعمال النيويوركي، هاري آلان، إنشاء أول شركة لسيارات الأجرة مع عداد لضبط أجرة المسافة حسب الميل الواحد. وآلان أنشأ الشركة الأولى بعد حادثة تعرض لها هو وصديقته حين أخذ سيارة أجرة بدون عداد لمسافة قصيرة جدا وفوجئ عندما طلب منه السائق 5 دولارات أجرة الرحلة القصيرة جدا، وآنذاك كان يعد هذا المبلغ كبيرا. وسعى إلى رفع دعوة ضد ذلك السائق ونتيجة تدخلات والده قرر التخلي عن الدعوة وتوجه إلى فرنسا. وفي اكتوبر (تشرين الأول) من ذلك العام، أقام استعراضا في الجادة الخامسة حيث انطلقت 65 سيارة أجرة مع عداد وتعمل بالبنزين، وهي من الطراز الفرنسي ذات لون أحمر معلنا بذلك دخول أول سيارة أجرة مع عداد في مدينة نييويورك لخدمة تنقلات أفراد الطبقة الوسطى. وفي نهاية ذلك العام، كما يذكر غراهام رسل عايو هيدغر صاحب كتاب «تاكسي: تاريخ اجتماعي لسائقي سيارات أجرة مدينة نيويورك» قدم لكل واحد من العاملين في شركته ساعة ذهب مع وعد بضمانات أخرى، منها راتب تقاعدي لكل واحد منهم. ومع بداية عام 1908 توسعت شركة آلان ليزداد عدد سياراته إلى 700 سيارة أجرة. وطالب العاملون من سائقي التاكسيات ضمانات أخرى؛ منها أن يكون الراتب اليومي لكل واحد منهم 2.50 ولكن آلان رفض الطلب، مما أدى إلى إضراب السائقين، وبذلك شهدت مدينة نيويورك أول إضراب لسائقي سيارات الأجرة. واستمر الإضراب أياما عديدة وانتهى بشكل مأساوي حيث لجأ العاملون في شركة آلان إلى حرق تقريبا كل سيارات الشركة التي كانت تقبع في كراجها. وقد وصفت جريدة «نيويورك تايمز» الإضراب بالمريض جدا.
يذكر أن أول مدينة في العالم لجأت إلى استخدام سيارات الأجرة مع العداد هي باريس حيث انطلقت أول سيارة مع العداد في شوارع باريس عام 1869 بعد اختراع السيارات مع استخدام الغازولين. وقد استورد آلان الفكرة من باريس وطبقها على نيويورك ليسجل انتهاء عصر العربات التي تجرها الخيول. ومع السنوات العشر من القرن العشرين، تحولت سيارات الأجرة في نيويورك أمراضاً شائعاً وأصبحت كثيرة الاستعمال من قبل أفراد الطبقة الوسطى للتنقل من البيت إلى مراكز العمل أو إلى محلات الترفيه. وبمرور الزمن اتسعت خدماتها وتشكلت شركات عديدة لتقديم هذا النوع من الخدمات على الرغم من نظام قطارات الأنفاق الأرضية (الميترو) الذي تأسس عام 1904 غير أن سيارات الأجرة اصبحت مظهرا من مظاهر البرجوازية لمدينة نيويورك. وتشير أدبيات تاريخ مدينة نيويورك إلى أن سائقي تاكسيات نيويورك حتى الثمانيات من القرن الماضي كانت ترفض نقل مسافرين سودا والذهاب إلى مناطق تنشر فيها معدلات الجريمة، خصوصا المناطق المأهولة بالسكان السود (الأفرو أميركان) أو المناطق المأهولة بالسكان من أميركا اللاتينية (الهيسبانك). وفي الثمانينات من القرن الماضي، تعرضت شخصيات مشهورة من السود في نيويورك إلى التمييز العنصري من قبل سائقي تاكسيات نيويورك الصفراء منهم على سبيل المثال الفنان التشكيلي جان باسكويت من جيل اندي وارهول (فناني البوب آرت) والممثل مورغان فريمان وداني غلوفر، مما دفع الأخير إلى إقامة دعوة ضد مدينة نيويورك. ومع تطور هذه الخدمة، خضعت إلى مجموعة من الضوابط من قبل إدارة مدينة نيويورك لتمييز خدمات تاكسيات نيويورك الصفراء عن بقية سيارات الأجرة خصوصا (الليموزين). وقد يبدو من السهولة لأي مهاجر جديد الحصول على عمل كسائق سيارة أجرة في نيويورك غير أن الحصول على عمل من هذا النوع يحتاج إلى رخصة سياقة خاصة تسمى «مداليون»، وهذه الرخصة باهضة الثمن، إذ بلغت قيمتها الآن حوالي 600 دولار شهريا. ولا تحصل عليها إلا الشركات التي تقوم بتوظيف سائقي الرخصة لقاء مبلغ معين يقوم بدفعه السائق أسبوعياً إلى الشركة.
ويقول منير التونسي، وهو سائق تاكسي ومالك لسيارته، إنه دفع حوالي 800 دولار للحصول على إجازة سياقة سيارة الأجرة، وأنه يدفع للشركة التي تملك (المداليون) للتاكسيات الصفراء مبلغ 828 دولارا اسبوعيا.
وأثناء ولاية عمدة نيويورك السابق ردولف جولياني الذي سعى إلى القضاء على الجريمة وتنظيف أجزاء مهمة من مدينة نيويورك انتعشت السياحة في المدينة، مما أدى إلى انتعاش السياحة وتحسن خدمات سيارات الأجرة وخضوعها لمعايير جديدة، وتقلصت إلى حد ما النزعة العنصرية، وصار سائق التاكسي مجبرا على توصيل الزبائن مهما كان لونهم أو جنسيتهم إلى جميع ضواحي نيويورك الخمس، ولم تعد التكسيات الصفراء حكرا على أبناء الطبقة المتوسطة. ومع ازدهار السياحة وزيادة عدد سكان المدينة اخذت سيارات الأجرة تقدم خدماتها على مدار 24 ساعة في اليوم وأصبحت من وسائل النقل السهلة والمتوفرة والرخيصة قياسا إلى مدن أخرى في نيويورك. وأصبحت تاكسيات نيويورك الصفراء جزءاً من نسيج الثقافة الشعبية للمدينة. وكانت مادة لأكثر من مسلسل تلفزيوني ناجح ومادة لأفلام سينمائية عديدة؛ ربما أشهرها فيلم مارتن سكورسيزي «سائق التاكسي» الذي لعب فيه روبرت دينيرو الدور الرئيسي. وحسب إحصاء عام 2000، فهناك أكثر من 241 مليون راكب استخدموا عام 1999 التاكسيات الصفراء كواسطة للنقل، وأن أي إضراب لها من شأنه أن يعطل جزءاً من حياة المدينة المزدحمة بالسكان. ويعمل حاليا حسب إحصاء مدينة نيويورك أكثر من 42 ألف سائق في سيارات الأجرة للمدينة، وأن نسبة 82 في المائة منهم هم من المهاجرين، خصوصا من منطقة الكاريبي وجنوب آسيا (الهند وباكستان وبنغلاديش).
http://www.aawsat.com/2007/09/28/images/daily1.438937.jpg
أكثر من نصف سكان المدينة لا يملكون سيارات خاصة فشكلت سيارات الأجرة وسيلة تنقل مهمة («الشرق الأوسط»)
نيويورك: صلاح عواد
ناطحات السحاب اول ما يتبادر الى ذهنك عند التفكير في مدينة نيويورك، لكن هناك صورة اخرى وربما لها نفس القوة والتأثير الذهني، وهي سيارات أجرتها ذات اللون الأصفر، وهي تقطع شوارعها وجاداتها على مدار 24 ساعة كل يوم. وكأن المدينة بطابعها الكزمبوليتي التي لا تعرف النوم، لا يستقيم أمرها بدون هذه التاكسيات التي اصبحت جزءا من نسيج المدينة ومعالمها وتاريخها الاجتماعي والسياسي. ولهذه التاكسيات الصفراء تاريخ يمتد إلى أكثر من قرن، وتشترك مع تاريخ المدينة الاجتماعي والإثني وكأنها تعكس بطريقة ما التحولات الاجتماعية للمدينة بدءاً من التمييز العنصري وحركة الحقوق المدنية الذي صاحبته ومرورا بالفترات التي انتشرت فيها الجريمة في مدينة نيويورك.
وبما أن مدينة نيويورك تختلف عن المدن الأميركية الأخرى من حيث استخدام المواصلات العامة وأن أكثر من نصف سكان المدينة لا يملكون سيارات خاصة فشكلت سيارات الأجرة وقطارات الأنفاق (الميترو) معلما ميز نيويورك عن مدن الولايات المتحدة الأخرى. يوجد أكثر من 10 آلاف سيارة أجرة تشغل شوارع مانهاتن وإلى حد ما ضواحي المدينة ويعود تاريخ وجودها في المدينة إلى عام 1907 عندما قرر رجل الأعمال النيويوركي، هاري آلان، إنشاء أول شركة لسيارات الأجرة مع عداد لضبط أجرة المسافة حسب الميل الواحد. وآلان أنشأ الشركة الأولى بعد حادثة تعرض لها هو وصديقته حين أخذ سيارة أجرة بدون عداد لمسافة قصيرة جدا وفوجئ عندما طلب منه السائق 5 دولارات أجرة الرحلة القصيرة جدا، وآنذاك كان يعد هذا المبلغ كبيرا. وسعى إلى رفع دعوة ضد ذلك السائق ونتيجة تدخلات والده قرر التخلي عن الدعوة وتوجه إلى فرنسا. وفي اكتوبر (تشرين الأول) من ذلك العام، أقام استعراضا في الجادة الخامسة حيث انطلقت 65 سيارة أجرة مع عداد وتعمل بالبنزين، وهي من الطراز الفرنسي ذات لون أحمر معلنا بذلك دخول أول سيارة أجرة مع عداد في مدينة نييويورك لخدمة تنقلات أفراد الطبقة الوسطى. وفي نهاية ذلك العام، كما يذكر غراهام رسل عايو هيدغر صاحب كتاب «تاكسي: تاريخ اجتماعي لسائقي سيارات أجرة مدينة نيويورك» قدم لكل واحد من العاملين في شركته ساعة ذهب مع وعد بضمانات أخرى، منها راتب تقاعدي لكل واحد منهم. ومع بداية عام 1908 توسعت شركة آلان ليزداد عدد سياراته إلى 700 سيارة أجرة. وطالب العاملون من سائقي التاكسيات ضمانات أخرى؛ منها أن يكون الراتب اليومي لكل واحد منهم 2.50 ولكن آلان رفض الطلب، مما أدى إلى إضراب السائقين، وبذلك شهدت مدينة نيويورك أول إضراب لسائقي سيارات الأجرة. واستمر الإضراب أياما عديدة وانتهى بشكل مأساوي حيث لجأ العاملون في شركة آلان إلى حرق تقريبا كل سيارات الشركة التي كانت تقبع في كراجها. وقد وصفت جريدة «نيويورك تايمز» الإضراب بالمريض جدا.
يذكر أن أول مدينة في العالم لجأت إلى استخدام سيارات الأجرة مع العداد هي باريس حيث انطلقت أول سيارة مع العداد في شوارع باريس عام 1869 بعد اختراع السيارات مع استخدام الغازولين. وقد استورد آلان الفكرة من باريس وطبقها على نيويورك ليسجل انتهاء عصر العربات التي تجرها الخيول. ومع السنوات العشر من القرن العشرين، تحولت سيارات الأجرة في نيويورك أمراضاً شائعاً وأصبحت كثيرة الاستعمال من قبل أفراد الطبقة الوسطى للتنقل من البيت إلى مراكز العمل أو إلى محلات الترفيه. وبمرور الزمن اتسعت خدماتها وتشكلت شركات عديدة لتقديم هذا النوع من الخدمات على الرغم من نظام قطارات الأنفاق الأرضية (الميترو) الذي تأسس عام 1904 غير أن سيارات الأجرة اصبحت مظهرا من مظاهر البرجوازية لمدينة نيويورك. وتشير أدبيات تاريخ مدينة نيويورك إلى أن سائقي تاكسيات نيويورك حتى الثمانيات من القرن الماضي كانت ترفض نقل مسافرين سودا والذهاب إلى مناطق تنشر فيها معدلات الجريمة، خصوصا المناطق المأهولة بالسكان السود (الأفرو أميركان) أو المناطق المأهولة بالسكان من أميركا اللاتينية (الهيسبانك). وفي الثمانينات من القرن الماضي، تعرضت شخصيات مشهورة من السود في نيويورك إلى التمييز العنصري من قبل سائقي تاكسيات نيويورك الصفراء منهم على سبيل المثال الفنان التشكيلي جان باسكويت من جيل اندي وارهول (فناني البوب آرت) والممثل مورغان فريمان وداني غلوفر، مما دفع الأخير إلى إقامة دعوة ضد مدينة نيويورك. ومع تطور هذه الخدمة، خضعت إلى مجموعة من الضوابط من قبل إدارة مدينة نيويورك لتمييز خدمات تاكسيات نيويورك الصفراء عن بقية سيارات الأجرة خصوصا (الليموزين). وقد يبدو من السهولة لأي مهاجر جديد الحصول على عمل كسائق سيارة أجرة في نيويورك غير أن الحصول على عمل من هذا النوع يحتاج إلى رخصة سياقة خاصة تسمى «مداليون»، وهذه الرخصة باهضة الثمن، إذ بلغت قيمتها الآن حوالي 600 دولار شهريا. ولا تحصل عليها إلا الشركات التي تقوم بتوظيف سائقي الرخصة لقاء مبلغ معين يقوم بدفعه السائق أسبوعياً إلى الشركة.
ويقول منير التونسي، وهو سائق تاكسي ومالك لسيارته، إنه دفع حوالي 800 دولار للحصول على إجازة سياقة سيارة الأجرة، وأنه يدفع للشركة التي تملك (المداليون) للتاكسيات الصفراء مبلغ 828 دولارا اسبوعيا.
وأثناء ولاية عمدة نيويورك السابق ردولف جولياني الذي سعى إلى القضاء على الجريمة وتنظيف أجزاء مهمة من مدينة نيويورك انتعشت السياحة في المدينة، مما أدى إلى انتعاش السياحة وتحسن خدمات سيارات الأجرة وخضوعها لمعايير جديدة، وتقلصت إلى حد ما النزعة العنصرية، وصار سائق التاكسي مجبرا على توصيل الزبائن مهما كان لونهم أو جنسيتهم إلى جميع ضواحي نيويورك الخمس، ولم تعد التكسيات الصفراء حكرا على أبناء الطبقة المتوسطة. ومع ازدهار السياحة وزيادة عدد سكان المدينة اخذت سيارات الأجرة تقدم خدماتها على مدار 24 ساعة في اليوم وأصبحت من وسائل النقل السهلة والمتوفرة والرخيصة قياسا إلى مدن أخرى في نيويورك. وأصبحت تاكسيات نيويورك الصفراء جزءاً من نسيج الثقافة الشعبية للمدينة. وكانت مادة لأكثر من مسلسل تلفزيوني ناجح ومادة لأفلام سينمائية عديدة؛ ربما أشهرها فيلم مارتن سكورسيزي «سائق التاكسي» الذي لعب فيه روبرت دينيرو الدور الرئيسي. وحسب إحصاء عام 2000، فهناك أكثر من 241 مليون راكب استخدموا عام 1999 التاكسيات الصفراء كواسطة للنقل، وأن أي إضراب لها من شأنه أن يعطل جزءاً من حياة المدينة المزدحمة بالسكان. ويعمل حاليا حسب إحصاء مدينة نيويورك أكثر من 42 ألف سائق في سيارات الأجرة للمدينة، وأن نسبة 82 في المائة منهم هم من المهاجرين، خصوصا من منطقة الكاريبي وجنوب آسيا (الهند وباكستان وبنغلاديش).