المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جزائرية من أصل بربري تكتب الشعر النبطي الخليجي



لمياء
09-26-2007, 12:32 PM
«جيل الرقمية» يكسر حواجز اللهجات


الجزائر: الخير شوار - الشرق الاوسط


جزائرية تعيش في مدينة صحراوية معزولة، لم تلتق في حياتها خليجياً واحداً، ومع ذلك فهي تعشق كتابة الشعر النبطي، وتقيم الأمسيات الشعرية له، وتجمع حولها المئات من المستمعين والمعجبين. ليس في ما تفعله نبيلة حمايدية، البربرية الأصول، أي غرابة حين تشرح أن الراديو والانترنت والفضائيات، هي كلها وسائل سمحت لها ان تتقن لهجات عربية عدة، وان تجمعها أحياناً في قصيدة واحدة، في محاولة منها لأن تقيم الوحدة العربية على طريقتها الشعرية. نموذج فريد وجديد من الأدباء الشباب، هو نتاج هذه الثورة الرقمية التي تجبر الجيل الجديد على تحطيم كل الحواجز بما فيها حواجز اللغات واللهجات بمعاول الفضول وحده.

كثر الحديث أخيرا في الجزائر، عن «نهاية الشعر»، مع غياب واضح للظواهر الأدبية الجديدة، غير أن البعض يقول بعكس ذلك. فـ«الجيل الرقمي»، يكتب الأدب لكن بطريقة لم تكن معروفة من قبل، وبعضهم ينتشر على الانترنت دون أن يعرفه أحد في الساحة الأدبية المحلية. واللافت هو ان شاعرة من هذا الجيل اسمها نبيلة حمايدية تكتب الشعر النبطي الخليجي، وتفتخر بجمهورها من الطلبة الذين يفوق عددهم الألف شخص في بعض الأمسيات.

يمكن أن نصنف الشاعرة نبيلة حمايدية ضمن «جيل العولمة» أو «جيل الرقمية» الأدبي الذي بدأ يظهر في الجزائر، مع بروز ظواهر من هذا القبيل مثل الكاتبة سارة حيدر التي نشرت ثلاث روايات أولاها تدور أحداثها في مدينة نيويورك التي لم تزرها إلا عبر الانترنت والفضائيات، وخديجة نمري التي كتبت رواية تدور أحداثها في الريف الانكليزي قبل أكثر من قرنين، وغيرهن كثير، وكلهم من مواليد نهاية الثمانينات من القرن العشرين.

الشاعرة نبيلة حمايدية التي ولدت عام 1988، أي العام الذي شهد نهاية مرحلة في الجزائر وبداية أخرى بعد أحداث الخامس من أكتوبر، لا تعرف من تلك الأحداث وما تبعها من دموية إلا ما سمعته أو قرأت عنه. وقد وجدت نفسها تميل إلى كتابة الشعر باللغة العربية الفصحى، وهي في المرحلة الابتدائية، قبل أن تكتشف حقولا شعرية أخرى، لتصبح بعدها من كاتبات الشعر النبطي، والشعر العامي باللهجات الخليجية المختلفة بعد أن كتبت أشعارا بالعامية الجزائرية والمصرية والشامية والعراقية، وحاولت في بعض قصائدها الجمع بين تلك اللهجات المختلفة وكأنها تريد أن ترى الوحدة العربية بطريقتها الخاصة. لكن شيئا فشيئا أصبحت نبيلة حمايدية، «متخصصة» في الشعر النبطي الذي تقول إن جمهوره أكبر من جمهور شعرها باللغة العربية الفصحى. وتبرر حمايدية ذلك الإقبال بأن الجمهور يريد سماع شيء جديد ويهرب من النمطية والتكرار اللذين أصابا القصائد باللغة الفصحى.

وعن ميلها للقصيدة النبطية تقول الشاعرة إن فيها حلاوة وطرافة وخفة روح، تغيب عن القصيدة الفصيحة التي ما زالت تكتبها، لكنها مقلّة فيها. وأصبح لنبيلة حمايدية حوالي 60 قصيدة نبطية وتعرّف ذلك النوع من الشعر ببساطة، بأنه كلام عربي خال من النحو والإعراب وبالتالي فهو اقرب إلى الفصحى من هذا الباب، لكن فيه طرافة جعلتها تميل إليه. و«النبطي» كما تعرفه نبيلة، شعر يجمع كل اللهجات الخليجية وهو عكس الشعر العامي الخاص بكل لهجة دون غيرها. ورغم معرفتها بالفروق بين اللهجات الكويتية والقطرية والسعودية مثلا، وتجريبها الكتابة بمختلف هذه اللهجات، إلا أنها تعشق الشعر النبطي الذي يوحّد الجميع. ونبيلة حمايدية التي تبلغ من العمر 19 سنة، من سكان مدينة ورقلة بالصحراء الجزائرية، وهي من أصول بربرية وتحديداً «شاوية» وتنحدر من منطقة تبسة بأقصى الشرق الجزائري. وهي طالبة في السنة الثانية الجامعية، تدرس العلوم القانونية والإدارية، كما الترجمة، تعرفت على القصيدة النبطية من خلال الأغاني التي كانت تسمعها منذ طفولتها الأولى لفنانين مثل حمد العامري وعيضا المنهالي وغيرهما.

وهي قصائد أعجبتها وتماهت معها، وبعضها لشيوخ من آل مكتوم وآل نهيان وغيرهم. فكانت الشاعرة تتذوق تلك القصائد التي وجدتها مفعمة بالحياة وتحاول فهمها وتقليدها إلى أن تمكنت منها، ثم اكتشفت مع القنوات الفضائية الخليجية، محطات تهتم بهذا النوع من الشعر وأصبحت من المتتبعات لها وأكثر ارتباطا بهذا النوع من الشعر الذي بدأت تكثر من كتابته، وتلقيه في الأمسيات التي تقيمها في الجامعة، وتفتخر بأنها استطاعت أن تجلب جمهورا قدّر بـ 1100 طالب في وقت تشكو فيه الساحة الأدبية من غياب كامل في بعض الأحيان للجمهور. ومع مرور الزمن وتعلقها بالشعر النبطي الخليجي ظهرت مشكلة حيرت نبيلة، وهي مدى صدقية ما تكتب.

فلم تجد من «يصحح» لها قصائدها ويوجهها الوجهة الصحيحة وهي التي تسكن مدينة معزولة في الصحراء تبعد عن المدن الشمالية بمئات الكيلومترات. لكنها سرعان ما وجدت الحل في الانترنت، فتعرفت على مواقع متخصصة في الشعر النبطي، منها موقع «القوافي» الذي بعثت إليه ببعض قصائدها، ونالت إعجاب المشرفين الذين أعطوها ملاحظات جيدة أفادتها كثيرا، كما أعطوها علامات «ممتازة» و«جيدة جدا»، ووجدت في النشر الالكتروني ضالتها. وهي التي تقول في إحدى قصائدها:

سلام الله عدد حبات التراب

على الذي م تبعه ماخابه

جيت بقصيد يا الغلى حباب

غير انه المبني منشتات الخرابه

همال زارني وهو ناسي سحاب

استغفر الله مزن نسته سحابه

خلق عندي الاه الكون محراب

يهدم البيت الذي اصله سرابه

القصيد الذي يلهش القصيد بالناب

وما يفصح ابد بلي طرى ونابه

هذه ثلاث سنين مرت بذي تعقاب

وانا اشكي المرض ولا احد ابه

يالله لا تزيح عني هذا الزهاب

الذي اصاب ابن فطيس واصحابه

الشاعرة نبيلة حمايدية لم تلتق في حياتها بخليجي واحد، ورغم أصولها البربرية فهي كاتبة للشعر النبطي الخليجي، وتدافع عنه وتتكلم مختلف اللهجات الخليجية والعربية الأخرى. إنها شاعرة من «الجيل الرقمي»، الذي لا يتواصل مع الأجيال التي سبقته في الساحة الأدبية المحلية، لكنه موجود في الانترنت ومرتبط بالفضائيات، وتلك هي خصائصه، وما نبيلة إلا نموذج من ظاهرة ستكرر في اسنوات المقبلة.