سمير
09-19-2007, 12:40 PM
كتب محمد أيوب
بالرغم من الخلاف المحتدم بين الجمهوريين والديمقراطيين حول الحرب على العراق، إلا أن الملف النووي الإيراني بات هو مساحة الإتفاق التي تجمع بين الاتجاهين. ففي أعقاب الأزمات المتكررة، التي هزت الاقتصاد الإيراني- وأخرها أحداث الشغب التي شهدتها طهران بسبب ارتفاع أسعار البنزين مؤخرا- أيقن صناع القرار في واشنطن أن ورقة الحرب الاقتصادية ضد إيران تفرض نفسها على حساب الخيار العسكري. وأدركت واشنطن أيضا أن الخيار العسكري لن يفضي بتحقيق الرغبة الأمريكية في إسقاط النظام الإيراني، بل بالعكس سيعطي التيار المحافظ الإيراني الفرصة الذهبية لاستعادة شعبيته، بعد أن انخفضت بشكل كبير في العاميين الماضيين.
توافق أمريكي ضد إيران
التوافق بين التيارين، الليبرالي والمحافظ، حول الملف النووي الإيراني تجلى في أبهى صوره في مجموعة حلقات نقاشية عقدها معهد أمريكان إنتربرايز بواشنطن American Enterprise Institute- المعروف باتجاهه المحافظ- لتقييم وضع الاقتصاد الإيراني وبحث كيفية تجريده من الاستثمارات الأجنبية، التي يعتمد عليها بشكل كبير، وجاءت الحلقات النقاشة، والتي كان عنوانها "محاربة الاستثمار في إيران " Divesting From Iran ، في وقت يستعد فيه الكونجرس لمناقشة مشروعات قوانين خاصة بفرض عقوبات اقتصادية على إيران، وتجريم التعاون مع أي كيان اقتصادي يحمل الجنسية الإيرانية.
الحلقات النقاشية، التي استمرت على مدى يوما كامل، تحدث فيها العديد من أعضاء الكونجرس الديمقراطيين والجمهوريين، وفي البداية قالت دانيال بلتيكا Danielle Pletka نائب رئيس معهد الأمريكان انتربرايز للشئون الخارجية والدفاع، إنه منذ بداية هذا العام وهناك شبه إجماع بين قيادات الحزبين الديمقراطي والجمهوري على إصدار تشريعات من شأنها تجريد الاقتصاد الإيراني من الاستثمارات الأجنبية، وأضافت أنه دائما ما كان يخلط بين فرض العقوبات الاقتصادية Imposing Sanctions، والتجريد أو عدم الاستثمار Divestment حيث أن الأخير مختلف تماما عن الأول، فالتجريد هو اختيار يتم عن طريق الأفراد، مثل الشركات والبنوك وباقي المؤسسات التنظيمية التي على شاكلتها، وأشارت إلي أن هذا المبدأ أصبح يمثل معضلة أخلاقية، بمعنى أنه على الكيانات الاقتصادية أن تسأل نفسها هل المالي Mullahs، الذين يتحكمون في الاقتصاد الإيراني شريك جيد يمكن أن تعقد معهم اتفاقيات من ناحية، ومن ناحية أخرى نحاربهم لأنهم يعيشون في دولة ترعى الإرهاب !
عضو مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي براد شيرمان Brad Sherman، وهو أعد أعضاء لجنة مكافحة الإرهاب الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الخارجية Terrorism Subcommittee ، وصف ما تقوم به الولايات المتحدة حاليا مع إيران بالعجز، مضيفا أنه على الرغم من الآليات المتعددة التي تملكها واشنطن لإجبار طهران على تعديل سلوكها النووي، إلا أنها لم تستخدم إلا الحد الأدنى من هذه الآليات، وأستعرض شيرمان المخاطر التي ستواجهها الولايات المتحدة في حالة امتلاك إيران سلاحا نووي، قائلا أن ذلك من شأنه سيشجع العديد من دول العالم على السعي لامتلاك سلاحا نوويا، خاصة دول الخليج والدول المجاورة لإيران، مما سيؤدي لمعاهدة حظر الانتشار النووي، كما أن إيران النووية ستكون أكثر جرأة من الوقت الحالي وسيحفزها على الدخول في صراعات مباشرة مع الولايات المتحدة، وذلك لبسط سيطرتها على الشرق الأوسط من خلال "عملائها" الموجودين في العراق وفلسطين ولبنان.
شيرمان تحدث حول "تجريد إيران من الشركات الأجنبية المستثمرة فيها" قائلا إن عملية التجريد هي خطوة هامة في الوقت الحالي لتغيير سلوك النظام الإيراني، فالعديد من التقارير التي تلقتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب تقول أن أعمال الشغب التي حدثت في الفترة الأخيرة بسبب تقنين البنزين، تؤكد أن الاقتصاد الإيراني هش وأن سحب الاستثمارات الأجنبية من شأنها تدميره، وأضاف أن هناك عاملين سيساعدا واشنطن على ذلك، الأول؛ أن النظام الإيراني الحالي متمثلا في هيمنة أيه الله على القرارات الاقتصادية أدى إلي انعكاسات سلبية على إدارة الاستثمارات الأجنبية، فمشكلة الاقتصاد الإيراني ليس أنه يستورد 43% من احتياجاته من الجازولين، فإيران لديها الموارد المالية لشراء احتياجاتها، لذلك تجريدها من تلك الموارد سيكون بمثابة عصا سحرية لتدمير الاقتصاد الإيراني ومن ورائه صورة النظام الثوري ،خاصة أن إيران لن تستطيع الاستمرار في تقديم الدعم للمواطنين على الجازولين لمدة طويلة ، وهذا ما حدث حين رفعت سعر جالون البنزين من 25 سنت إلي 41 سنت.
أما العامل المساعد الثاني - شيرمان مستطردا؛ هو أن الديناميكية السياسية في إيران أصبحت معقدة بشكل لافت، فهي ليست بلدا ديمقراطيا، إلا أنها في نفس الوقت بلدا يمكنك أن ترى فيه احتجاجات وتظاهرات بسبب مشاكل اقتصادية، وذلك عكس الوضع في كوريا الشمالية التي لا يستطيع أي مواطن فيها أن يعترض على أي شيء.
شيرمان شرح كيف تسعى لجنته الفرعية لتطبيق " تجريد إيران" تعديل بعض التشريعات الحالية، ومن ضمنها قانون فرض العقوبات على إيران IRAN SANCTIONS ENABLING ACT ،وأشار شيرمان أن الخطوة الأولي تغيير سلوك الكيانات الاقتصادية التي تستثمر في إيران، وذلك بإقناعهم بأن الاستثمار هناك تمثل مخاطرة كبيرة على مستقبلهم المالي، كما أنه سيفقدهم الفرصة في إيجاد فرص استثمار في مناطق أخرى في العالم، وخاصة دول الإقليم، وأضاف أن هذا الخطوة لابد أن تقوم على استهداف ثلاثة أنواع رئيسية من الكيانات الاقتصادية التي تستثمر في إيران وهي كالتالي:
• النوع الأول هي الشركات التي تستثمر في قطاع النفط الإيراني وحجم إستثماراتها أكثر من 20 مليار دولار.
• أما النوع الثاني هو الشركات متعددة الجنسيات أو ما يطلق عليها الشركات عابرة القارات، وهذا النوع ليس من السهل إقناعه بمبدأ التخلي عن استثماراته في إيران، إلا أنه في الوقت نفسه من الممكن الضغط عليه من خلال فروعه الموجودة على الأراضي الأمريكية عن طريق فرض عقوبات عليها إذا تجاوزت القوانين أو التشريعات، التي تحظر التعاون مع أي كيانات اقتصادية إيرانية.
• أما النوع الثالث الذي يجب استهدافه؛ فهو تلك الشركات، التي تصدر الذخائر لإيران ومعظمها شركات يابانية وصينية وروسية وأوروبية.
شيرمان شدد أيضا على أهمية العامل الدبلوماسي قائلا أنه على الإدارة الأمريكية أن تحاول كسب بعض الإطراف الدولية في صفها، مثل روسيا بمعنى أن تقدم واشنطن تنازلات في بعض الملفات العالقة بين الطرفين، والتي تمثل أهمية أقل من الملف الإيراني عند الولايات المتحدة، وذلك في مقابل تمرير بعض القرارات الدولية داخل مجلس الأمن.
سوء أداء اقتصاد إيران
في كلمته قال باتريك كلوسون Patrick Calwason الباحث بمعهد واشنطن لشئون الشرق الأدنى Washington Institute for Near East Policy ، إن الاقتصاد الإيراني بات أداءه باهت في الخمس سنوات الأخيرة، مضيفا أنه يعاني من أربعة مشاكل رئيسية، الأولى هي سيطرة المؤسسات الثورية على الاقتصاد وعلى رأسها الحرس الثوري الإيراني Revolutionary Guard، والتي تجنى مكاسب سياسية خرافية من جراء نفوذها مما يعزز الفساد الإداري والمالي داخل المؤسسات الاقتصادية الرئيسية، أما المشكلة الثانية؛ هي الاستخدام الغير السيئ لموارد الحكومة، والتي تنفق معظمها على دعم السلع الاستهلاكية والبنزين.
المشكلة الثالثة؛ تتعلق بالبطالة والتي تتزايد بشكل مستمر، خاصة في أوساط الشباب الذين يمثلون الأغلبية من التعداد السكاني الإيراني، أما الرابعة؛ فهي خاصة بالانحدار المستمر في أداء قطاع البترول، والتي تشهد حالة من الانهيار بعد أن أصبحت المصافي النفطية الإيرانية فقيرة للغاية، غير قادرة على توفير الحد الأدنى من احتياجات الشعب الإيراني من الجازولين. وأقترح كلوسون الذي عمل بالبنك الدولي لفترة طويلة، أن تستخدم الولايات المتحدة سياسة العصا والجزرة مع إيران عن طريق استغلال هذه المشاكل الرئيسية ، لضغط على النظام الإيراني لتغيير سلوكه أو لإسقاطه بعد أن يكون الاقتصاد الإيراني قد انهار تماما.
صراع القوى داخل إيران
مراكز القوى التي تحكم المجتمع الاقتصادي الإيراني كانت محور حديث كين كاتزمن Ken Katz man المتخصص بشئون الشرق الأوسط بوحدة الأبحاث بالكونجرس الأمريكي Congressional Research Service، وحدد كين مراكز القوى بأنهم أثنين، الأول يتمثل في التيار الذي يتزعمه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد. والذي يؤمن بسيطرة الحكومة على الاقتصاد، وتقديم الدعم لطبقة الفقيرة والعاملة عن طريق منح قروض صغيرة ميسرة، وتلك الطبقتين- العمال والفقراء- يمثلون في وجهة نظرة كين القاعدة الشعبية التي يعتمد عليها الرئيس الإيراني الحالي، وهم يعيشون بعيدا عن عيون الإعلام في الريف الإيراني.
ويضيف كين أن من ينتمون لهذه الطبقة لا يكترثوا للعقوبات الاقتصادية التي فرضت أو سوف تفرض على إيران لأنها لن تضرهم فهم ليس مستهلكين لسلع الرفاهية وليس لدي معظمهم سيارات تجعلهم يغضبون من غلاء البنزين، وهذا يفسر استمرار ارتفاع نسبة شعبية أحمدي نجاد. فالمتضرر الحقيقي من هي طبقة رجال الأعمال التي تستورد وتصدر إلي دول العالم، فهي التي تسعى وراء اتفاقات التبادل التجاري مع الدول الأوربية والصين ودول جنوب شرق أسيا.
ومن هنا يكمن نقطة الضعف في الاقتصاد الإيراني فالضغط على هذه الطبقة، عن طريق فرض عقوبات أو تجميد أرصدة ، سيصيب المجتمع الإيراني ككل بحالة من الشلل المؤقت، حيث أن الأعمال التجارية التي تقوم بها طبقة رجال الأعمال الإيرانيين توفر ملايين فرص العمل للمواطنين الإيرانيين، وهذا مع الوضع في الاعتبار أن الحكومة فشلت في توفير فرص عمل مما أدى لارتفاع معدلات البطالة.
ويرى كين أن أية قوانين تصدر من الكونجرس أو قرارات Bills or laws)) خاصة بفرض عقوبات على الاقتصاد الإيراني، عليها أن تركز على ضرب مصالح هذه الطبقة- رجال الأعمال، التي من المتوقع أن تشكل عامل ضغط كبير على النظام المحافظ الإيراني الحالي.
وعقبت دانيال بلتيكا Danielle Pletka نائب رئيس معهد الأمريكان انتربرايز للشئون الخارجية والدفاع، على حديث كين قائلة إن الكونجرس أصدر قرارين بشأن دارفور والسودان، يقضيا بفرض عقوبات اقتصادية على الخرطوم إلا أنه ليس من المؤكد أن يتحول قرار فرض العقوبات على إيران إلي قانون Iran Sanctions Act . وأشارت إلي أن المشكلة ليست في الشركات الأمريكية، التي أعلن معظمها أنه سيسحب إستثمارته من إيران، إلا أن المشكلة الحقيقية في الشركات الأجنبية، التي لديها فروع في الولايات المتحدة، وأضافت أنه لم يكن من السهل على الإدارة الأمريكية الحالية أن تقنع بريطانيا وفرنسا وروسيا بالموافقة على القرارين الأخيرين الذي أصدرهم مجلس الأمن، وهذا ينعكس على الوضع الحالي حيث ترددت العديد من المؤسسات البنكية الدولية وغيرها من الشركات في تنفيذ العقوبات التي وردت في قرار مجلس الأمن الأخير.
السيناتور الجمهوري جون كيل Senator Jon Kyle شبه الخطر الذي يشكله البرنامج النووي الإيراني بالخطر النازي الذي كان يهدد العالم خلال الحرب العالمية الثانية، قائلا أن على واشنطن أن تتخذ العديد من الخطوات لاحتواء الخطر الإيراني، مضيفا أن حملة فعالة لتجريد الاقتصاد الإيراني من استثماراته الأجنبية ستكون مجدية، وهذا بالتوازي مع هجوم دبلوماسي يجب على الإدارة الحالية أن تشنه على كل الصين وروسيا لممارسة ضغوط اقتصادية عليهم.
أما سارة ستيل مان Sarah Steel man أمينة خزانة ولاية ميسوري The office of treasurer, Missouri State عرضت خبرتها المحلية في التعامل مع الشركات الأمريكية بولاية ميسوري، والتي لها استثمارات في إيران، وقالت إنها عندما تولت المنصب وجدت العديد من الكيانات الاقتصادية الكبيرة لديها استثمارات مباشرة في إيران. مضيفة أن ذلك من شأنه يشكل عملية تمويل مباشر لأحد "أخطر أعداء الولايات المتحدة في العالم، وأشارت أن الولاية استطاعت من خلال بعض التشريعات المحلية الحد من هذه الاستثمارات وذلك عن طريق إقناع المستثمرين بخطورة الاستثمار في الاقتصاد الإيراني. وأردفت قائلة إن هذه الإجراءات وجدت رد فعل إيجابي من قبل العديد من الشركات، ومن أمثلتها شركة يو بي إس UBS والتي رفضت سحب إستثماراتها من إيران في البداية، وكان رد فعلنا عليها هو طردها من قائمة بيع الأسهم الخاصة بالولاية. وهذه الخطوة جعلت تلك الشركة ترضخ لشروطنا بعد أن أدت العقوبات، التي فرضت عليها من قبل الولاية إلي توقف معظم أعمال الشركة وخسارتها ملايين الدولارات في فترة قصيرة.
تيد دويتش Ted Deutch أحد أعضاء كونجرس ولاية فلوريدا Florida Senate ، عرض أيضا كيف تعاملت ولاية فلوريدا على المستوى المحلي مع الشركات التي لديها استثمارات في إيران. وقال "ن قانون معاقبة إيران في فلوريدا يمس أكثر من ثلاثين شركة، يبلغ حجم إستثماراتها نحو 830 مليون دولار. وأضاف أن معظم الشركات رضخت لقرارات الولاية الخاصة بفرض عقوبات يقوم بتمويل دولة ترعى الارهاب مثل إيران.
المصدر: تقرير واشنطن
بالرغم من الخلاف المحتدم بين الجمهوريين والديمقراطيين حول الحرب على العراق، إلا أن الملف النووي الإيراني بات هو مساحة الإتفاق التي تجمع بين الاتجاهين. ففي أعقاب الأزمات المتكررة، التي هزت الاقتصاد الإيراني- وأخرها أحداث الشغب التي شهدتها طهران بسبب ارتفاع أسعار البنزين مؤخرا- أيقن صناع القرار في واشنطن أن ورقة الحرب الاقتصادية ضد إيران تفرض نفسها على حساب الخيار العسكري. وأدركت واشنطن أيضا أن الخيار العسكري لن يفضي بتحقيق الرغبة الأمريكية في إسقاط النظام الإيراني، بل بالعكس سيعطي التيار المحافظ الإيراني الفرصة الذهبية لاستعادة شعبيته، بعد أن انخفضت بشكل كبير في العاميين الماضيين.
توافق أمريكي ضد إيران
التوافق بين التيارين، الليبرالي والمحافظ، حول الملف النووي الإيراني تجلى في أبهى صوره في مجموعة حلقات نقاشية عقدها معهد أمريكان إنتربرايز بواشنطن American Enterprise Institute- المعروف باتجاهه المحافظ- لتقييم وضع الاقتصاد الإيراني وبحث كيفية تجريده من الاستثمارات الأجنبية، التي يعتمد عليها بشكل كبير، وجاءت الحلقات النقاشة، والتي كان عنوانها "محاربة الاستثمار في إيران " Divesting From Iran ، في وقت يستعد فيه الكونجرس لمناقشة مشروعات قوانين خاصة بفرض عقوبات اقتصادية على إيران، وتجريم التعاون مع أي كيان اقتصادي يحمل الجنسية الإيرانية.
الحلقات النقاشية، التي استمرت على مدى يوما كامل، تحدث فيها العديد من أعضاء الكونجرس الديمقراطيين والجمهوريين، وفي البداية قالت دانيال بلتيكا Danielle Pletka نائب رئيس معهد الأمريكان انتربرايز للشئون الخارجية والدفاع، إنه منذ بداية هذا العام وهناك شبه إجماع بين قيادات الحزبين الديمقراطي والجمهوري على إصدار تشريعات من شأنها تجريد الاقتصاد الإيراني من الاستثمارات الأجنبية، وأضافت أنه دائما ما كان يخلط بين فرض العقوبات الاقتصادية Imposing Sanctions، والتجريد أو عدم الاستثمار Divestment حيث أن الأخير مختلف تماما عن الأول، فالتجريد هو اختيار يتم عن طريق الأفراد، مثل الشركات والبنوك وباقي المؤسسات التنظيمية التي على شاكلتها، وأشارت إلي أن هذا المبدأ أصبح يمثل معضلة أخلاقية، بمعنى أنه على الكيانات الاقتصادية أن تسأل نفسها هل المالي Mullahs، الذين يتحكمون في الاقتصاد الإيراني شريك جيد يمكن أن تعقد معهم اتفاقيات من ناحية، ومن ناحية أخرى نحاربهم لأنهم يعيشون في دولة ترعى الإرهاب !
عضو مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي براد شيرمان Brad Sherman، وهو أعد أعضاء لجنة مكافحة الإرهاب الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الخارجية Terrorism Subcommittee ، وصف ما تقوم به الولايات المتحدة حاليا مع إيران بالعجز، مضيفا أنه على الرغم من الآليات المتعددة التي تملكها واشنطن لإجبار طهران على تعديل سلوكها النووي، إلا أنها لم تستخدم إلا الحد الأدنى من هذه الآليات، وأستعرض شيرمان المخاطر التي ستواجهها الولايات المتحدة في حالة امتلاك إيران سلاحا نووي، قائلا أن ذلك من شأنه سيشجع العديد من دول العالم على السعي لامتلاك سلاحا نوويا، خاصة دول الخليج والدول المجاورة لإيران، مما سيؤدي لمعاهدة حظر الانتشار النووي، كما أن إيران النووية ستكون أكثر جرأة من الوقت الحالي وسيحفزها على الدخول في صراعات مباشرة مع الولايات المتحدة، وذلك لبسط سيطرتها على الشرق الأوسط من خلال "عملائها" الموجودين في العراق وفلسطين ولبنان.
شيرمان تحدث حول "تجريد إيران من الشركات الأجنبية المستثمرة فيها" قائلا إن عملية التجريد هي خطوة هامة في الوقت الحالي لتغيير سلوك النظام الإيراني، فالعديد من التقارير التي تلقتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب تقول أن أعمال الشغب التي حدثت في الفترة الأخيرة بسبب تقنين البنزين، تؤكد أن الاقتصاد الإيراني هش وأن سحب الاستثمارات الأجنبية من شأنها تدميره، وأضاف أن هناك عاملين سيساعدا واشنطن على ذلك، الأول؛ أن النظام الإيراني الحالي متمثلا في هيمنة أيه الله على القرارات الاقتصادية أدى إلي انعكاسات سلبية على إدارة الاستثمارات الأجنبية، فمشكلة الاقتصاد الإيراني ليس أنه يستورد 43% من احتياجاته من الجازولين، فإيران لديها الموارد المالية لشراء احتياجاتها، لذلك تجريدها من تلك الموارد سيكون بمثابة عصا سحرية لتدمير الاقتصاد الإيراني ومن ورائه صورة النظام الثوري ،خاصة أن إيران لن تستطيع الاستمرار في تقديم الدعم للمواطنين على الجازولين لمدة طويلة ، وهذا ما حدث حين رفعت سعر جالون البنزين من 25 سنت إلي 41 سنت.
أما العامل المساعد الثاني - شيرمان مستطردا؛ هو أن الديناميكية السياسية في إيران أصبحت معقدة بشكل لافت، فهي ليست بلدا ديمقراطيا، إلا أنها في نفس الوقت بلدا يمكنك أن ترى فيه احتجاجات وتظاهرات بسبب مشاكل اقتصادية، وذلك عكس الوضع في كوريا الشمالية التي لا يستطيع أي مواطن فيها أن يعترض على أي شيء.
شيرمان شرح كيف تسعى لجنته الفرعية لتطبيق " تجريد إيران" تعديل بعض التشريعات الحالية، ومن ضمنها قانون فرض العقوبات على إيران IRAN SANCTIONS ENABLING ACT ،وأشار شيرمان أن الخطوة الأولي تغيير سلوك الكيانات الاقتصادية التي تستثمر في إيران، وذلك بإقناعهم بأن الاستثمار هناك تمثل مخاطرة كبيرة على مستقبلهم المالي، كما أنه سيفقدهم الفرصة في إيجاد فرص استثمار في مناطق أخرى في العالم، وخاصة دول الإقليم، وأضاف أن هذا الخطوة لابد أن تقوم على استهداف ثلاثة أنواع رئيسية من الكيانات الاقتصادية التي تستثمر في إيران وهي كالتالي:
• النوع الأول هي الشركات التي تستثمر في قطاع النفط الإيراني وحجم إستثماراتها أكثر من 20 مليار دولار.
• أما النوع الثاني هو الشركات متعددة الجنسيات أو ما يطلق عليها الشركات عابرة القارات، وهذا النوع ليس من السهل إقناعه بمبدأ التخلي عن استثماراته في إيران، إلا أنه في الوقت نفسه من الممكن الضغط عليه من خلال فروعه الموجودة على الأراضي الأمريكية عن طريق فرض عقوبات عليها إذا تجاوزت القوانين أو التشريعات، التي تحظر التعاون مع أي كيانات اقتصادية إيرانية.
• أما النوع الثالث الذي يجب استهدافه؛ فهو تلك الشركات، التي تصدر الذخائر لإيران ومعظمها شركات يابانية وصينية وروسية وأوروبية.
شيرمان شدد أيضا على أهمية العامل الدبلوماسي قائلا أنه على الإدارة الأمريكية أن تحاول كسب بعض الإطراف الدولية في صفها، مثل روسيا بمعنى أن تقدم واشنطن تنازلات في بعض الملفات العالقة بين الطرفين، والتي تمثل أهمية أقل من الملف الإيراني عند الولايات المتحدة، وذلك في مقابل تمرير بعض القرارات الدولية داخل مجلس الأمن.
سوء أداء اقتصاد إيران
في كلمته قال باتريك كلوسون Patrick Calwason الباحث بمعهد واشنطن لشئون الشرق الأدنى Washington Institute for Near East Policy ، إن الاقتصاد الإيراني بات أداءه باهت في الخمس سنوات الأخيرة، مضيفا أنه يعاني من أربعة مشاكل رئيسية، الأولى هي سيطرة المؤسسات الثورية على الاقتصاد وعلى رأسها الحرس الثوري الإيراني Revolutionary Guard، والتي تجنى مكاسب سياسية خرافية من جراء نفوذها مما يعزز الفساد الإداري والمالي داخل المؤسسات الاقتصادية الرئيسية، أما المشكلة الثانية؛ هي الاستخدام الغير السيئ لموارد الحكومة، والتي تنفق معظمها على دعم السلع الاستهلاكية والبنزين.
المشكلة الثالثة؛ تتعلق بالبطالة والتي تتزايد بشكل مستمر، خاصة في أوساط الشباب الذين يمثلون الأغلبية من التعداد السكاني الإيراني، أما الرابعة؛ فهي خاصة بالانحدار المستمر في أداء قطاع البترول، والتي تشهد حالة من الانهيار بعد أن أصبحت المصافي النفطية الإيرانية فقيرة للغاية، غير قادرة على توفير الحد الأدنى من احتياجات الشعب الإيراني من الجازولين. وأقترح كلوسون الذي عمل بالبنك الدولي لفترة طويلة، أن تستخدم الولايات المتحدة سياسة العصا والجزرة مع إيران عن طريق استغلال هذه المشاكل الرئيسية ، لضغط على النظام الإيراني لتغيير سلوكه أو لإسقاطه بعد أن يكون الاقتصاد الإيراني قد انهار تماما.
صراع القوى داخل إيران
مراكز القوى التي تحكم المجتمع الاقتصادي الإيراني كانت محور حديث كين كاتزمن Ken Katz man المتخصص بشئون الشرق الأوسط بوحدة الأبحاث بالكونجرس الأمريكي Congressional Research Service، وحدد كين مراكز القوى بأنهم أثنين، الأول يتمثل في التيار الذي يتزعمه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد. والذي يؤمن بسيطرة الحكومة على الاقتصاد، وتقديم الدعم لطبقة الفقيرة والعاملة عن طريق منح قروض صغيرة ميسرة، وتلك الطبقتين- العمال والفقراء- يمثلون في وجهة نظرة كين القاعدة الشعبية التي يعتمد عليها الرئيس الإيراني الحالي، وهم يعيشون بعيدا عن عيون الإعلام في الريف الإيراني.
ويضيف كين أن من ينتمون لهذه الطبقة لا يكترثوا للعقوبات الاقتصادية التي فرضت أو سوف تفرض على إيران لأنها لن تضرهم فهم ليس مستهلكين لسلع الرفاهية وليس لدي معظمهم سيارات تجعلهم يغضبون من غلاء البنزين، وهذا يفسر استمرار ارتفاع نسبة شعبية أحمدي نجاد. فالمتضرر الحقيقي من هي طبقة رجال الأعمال التي تستورد وتصدر إلي دول العالم، فهي التي تسعى وراء اتفاقات التبادل التجاري مع الدول الأوربية والصين ودول جنوب شرق أسيا.
ومن هنا يكمن نقطة الضعف في الاقتصاد الإيراني فالضغط على هذه الطبقة، عن طريق فرض عقوبات أو تجميد أرصدة ، سيصيب المجتمع الإيراني ككل بحالة من الشلل المؤقت، حيث أن الأعمال التجارية التي تقوم بها طبقة رجال الأعمال الإيرانيين توفر ملايين فرص العمل للمواطنين الإيرانيين، وهذا مع الوضع في الاعتبار أن الحكومة فشلت في توفير فرص عمل مما أدى لارتفاع معدلات البطالة.
ويرى كين أن أية قوانين تصدر من الكونجرس أو قرارات Bills or laws)) خاصة بفرض عقوبات على الاقتصاد الإيراني، عليها أن تركز على ضرب مصالح هذه الطبقة- رجال الأعمال، التي من المتوقع أن تشكل عامل ضغط كبير على النظام المحافظ الإيراني الحالي.
وعقبت دانيال بلتيكا Danielle Pletka نائب رئيس معهد الأمريكان انتربرايز للشئون الخارجية والدفاع، على حديث كين قائلة إن الكونجرس أصدر قرارين بشأن دارفور والسودان، يقضيا بفرض عقوبات اقتصادية على الخرطوم إلا أنه ليس من المؤكد أن يتحول قرار فرض العقوبات على إيران إلي قانون Iran Sanctions Act . وأشارت إلي أن المشكلة ليست في الشركات الأمريكية، التي أعلن معظمها أنه سيسحب إستثمارته من إيران، إلا أن المشكلة الحقيقية في الشركات الأجنبية، التي لديها فروع في الولايات المتحدة، وأضافت أنه لم يكن من السهل على الإدارة الأمريكية الحالية أن تقنع بريطانيا وفرنسا وروسيا بالموافقة على القرارين الأخيرين الذي أصدرهم مجلس الأمن، وهذا ينعكس على الوضع الحالي حيث ترددت العديد من المؤسسات البنكية الدولية وغيرها من الشركات في تنفيذ العقوبات التي وردت في قرار مجلس الأمن الأخير.
السيناتور الجمهوري جون كيل Senator Jon Kyle شبه الخطر الذي يشكله البرنامج النووي الإيراني بالخطر النازي الذي كان يهدد العالم خلال الحرب العالمية الثانية، قائلا أن على واشنطن أن تتخذ العديد من الخطوات لاحتواء الخطر الإيراني، مضيفا أن حملة فعالة لتجريد الاقتصاد الإيراني من استثماراته الأجنبية ستكون مجدية، وهذا بالتوازي مع هجوم دبلوماسي يجب على الإدارة الحالية أن تشنه على كل الصين وروسيا لممارسة ضغوط اقتصادية عليهم.
أما سارة ستيل مان Sarah Steel man أمينة خزانة ولاية ميسوري The office of treasurer, Missouri State عرضت خبرتها المحلية في التعامل مع الشركات الأمريكية بولاية ميسوري، والتي لها استثمارات في إيران، وقالت إنها عندما تولت المنصب وجدت العديد من الكيانات الاقتصادية الكبيرة لديها استثمارات مباشرة في إيران. مضيفة أن ذلك من شأنه يشكل عملية تمويل مباشر لأحد "أخطر أعداء الولايات المتحدة في العالم، وأشارت أن الولاية استطاعت من خلال بعض التشريعات المحلية الحد من هذه الاستثمارات وذلك عن طريق إقناع المستثمرين بخطورة الاستثمار في الاقتصاد الإيراني. وأردفت قائلة إن هذه الإجراءات وجدت رد فعل إيجابي من قبل العديد من الشركات، ومن أمثلتها شركة يو بي إس UBS والتي رفضت سحب إستثماراتها من إيران في البداية، وكان رد فعلنا عليها هو طردها من قائمة بيع الأسهم الخاصة بالولاية. وهذه الخطوة جعلت تلك الشركة ترضخ لشروطنا بعد أن أدت العقوبات، التي فرضت عليها من قبل الولاية إلي توقف معظم أعمال الشركة وخسارتها ملايين الدولارات في فترة قصيرة.
تيد دويتش Ted Deutch أحد أعضاء كونجرس ولاية فلوريدا Florida Senate ، عرض أيضا كيف تعاملت ولاية فلوريدا على المستوى المحلي مع الشركات التي لديها استثمارات في إيران. وقال "ن قانون معاقبة إيران في فلوريدا يمس أكثر من ثلاثين شركة، يبلغ حجم إستثماراتها نحو 830 مليون دولار. وأضاف أن معظم الشركات رضخت لقرارات الولاية الخاصة بفرض عقوبات يقوم بتمويل دولة ترعى الارهاب مثل إيران.
المصدر: تقرير واشنطن