فاتن
09-18-2007, 11:53 AM
وائل ابو دقة مراسلنا من فلسطين المحتلة
كان ليل بيروت اقرب الى السواد وكأنها تحس بأن شيئاً ما يخبأه لها ليلها المقحم في السواد، لم تكن تعرف ان ليلها سيكون بهذه الدموية وان مجزرة جديدة ستشكل وجه المنطقة باتت على مقربة منها وانها باتت بين ثنايا حلقات الليل المظلمة.
الكثير يعرفها وهي لا تزال راسخة في عقول حتى الاطفال الذين عايشوها في تلك الفترة، انها مجزرة صبرا وشاتيلاً، من ابشع المجازر التي ارتكبها من قال عنه رئيس الادارة الامريكية الحالي جورج بوش رجل السلام، وحاول الكثير من الزعماء العرب إلباسه ثوب الحمام، انه المجرم ارئيل شارون ذاك النائم في نومته الاخير، لا هو حي ولا هو ميت.
ذاكرة الاطفال حينذاك لا زالت حبلى بصور المجازر التي ارتكبت في المخيم، في ذاك اليوم كان مخيم شاتيلا قد أصبح شبه خال من الرجال بعد رحيل مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية بحرا من بيروت، إنفاذا لشروط "حكومة الاحتلال" التي اجتاح جيشها لبنان. وتقول نوال أبو ردينة: كنت في السادسة من عمري، وأذكر أن الصهاينة أطلقوا القنابل المضيئة فوق المخيم، وسلطوا أضواءهم الكاشفة فحولوا الليل إلى نهار.
وتضيف نوال التي تحرك يديها بعصبية ظاهرة: هرعت امرأة لبنانية إلى منزلنا، وحذرت والدي من أن الميليشيات دخلت لتقتلنا، فأجابها: اسكتي، الأطفال سيشعرون بالرعب، لكنها أصرت.
وتقول نوال: اختبأنا في منزلنا الواقع عند طرف المخيم نراقب تقدم الميليشيات المرعب، وتتابع وعيناها تنظران بعيدا: كنا نسمع الصرخات، ونسمع أصواتهم وهي تردد: أنتم إرهابيون سنقضي عليكم، لكن المسلحين اكتشفوا موقع العائلة فلم تنج.
وقضى في المجزرة 16 من أفراد عائلة نوال أبو ردينة، بمن فيهم والدها وشقيقتها الحامل التي بقر مسلح بطنها واستخرج منه الجنين، وفق شهادة أدلى بها أحد الناجين. وتؤكد نوال:
كانوا مخدرين، كنا نشاهد الإبر وبقايا المخدرات على الأرض، وأضافت في كل خطوة كنا ندوس على الجثث، ونشاهد بينها قريبا لنا أو أحد الجيران.
وتفيد التقديرات أن المجزرة التي استغرقت ثلاثة أيام بلياليها حصدت ما بين 800 وألفي مدني فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال قتلوا بالرصاص أو السلاح الأبيض وتم التمثيل بجثثهم، وتم دفن معظم الضحايا في قبور جماعية لا تشير إليها إلا باقات الورود.
وتم إحياء ذكرى المجزرة الأسبوع الماضي بحضور وفد من لجنة دولية تضم ناشطين من عدة بلدان، درجت على القدوم إلى لبنان للمشاركة في الذكرى.
ويقول محمود السقا (32 عاما) : كانوا يقتلون الأطفال بالسكاكين ولم يوفروا الرضع، ويضيف : كانوا يصفون الرجال أمام الحائط ويطلقون النيران عليهم. وفجرا قرع مسلحان من ميليشيا سعد حداد التي أنشأتها حكومة الاحتلال باب منزل عائلة محمود السقا، وهو حاليا عامل كهرباء، ويروي متذكرا: أخرجونا حفاة الأقدام، وكانت الطرقات مليئة بالجثث المتراكمة، ويضيف: عندما اقتربنا من الحفر الجماعية فصل المسلحون الرجال عن النساء والأطفال، وأجبروا النساء على إطلاق الزغاريد ثم تركونا في سبيلنا.
ابتعدنا ونحن نسمع الصراخ ثم ساد الصمت، وأفاد أن عائلته لم تتمكن مطلقا من العثور على جثتي والده وعمه.
وتؤكد شهادات الناجين من المجزرة أن المسؤولية مشتركة بين الجيش الصهيوني الذي كان حينها يخضع لسيطرة وزير الدفاع إرييل شارون والميليشيات المسيحية وخصوصا رئيس جهاز استخبارات القوات اللبنانية حينها إيلي حبيقة الذي اغتيل في يناير/ كانون ثاني 2002.
وتقول بارعة خالة محمود السقا التي كانت حينها في الرابعة عشرة من عمرها: أبلغونا أن الصهاينة لا يستهدفون المدنيين، لكننا شاهدناهم بأم أعيننا، وتضيف: أراد المسلحون أن يضعونا في حفرة جماعية ليدفنونا أحياء، لكن ضابطا صهيونياً وصل في اللحظة الأخيرة، وأمرهم بإطلاق سراح النساء والأطفال. وتقول: الذين قادونا كانوا يرتدون زي القوات اللبنانية، لكن شارون هو الذي أعطى أوامره، نحن نتهم شارون والقوات اللبنانية.
وحملت لجنة تقصي الحقائق الصهيونية، لجنة كاهانا، التي أجرت تحقيقا في المجزرة شارون مسؤولية غير مباشرة عنها، ما اضطره إلى الاستقالة، وقد واجه شارون في 2001 وهو رئيس للوزراء شكوى قدمها بحقه 23 فلسطينيا من الناجين من مجازر صبرا وشاتيلا، في بلجيكا أمام القضاء البلجيكي.
وبعد مضي ربع قرن على مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت، تفضل حكومة الاحتلال تناسي تورطها في هذه الجرائم، وقال المستشرق أبراهام سيلا كل شيء يجري وكأننا نريد إقصاء هذه المجزرة من الذاكرة الجماعية والتفكير بأقل قدر ممكن بمسؤولية الجيش فيها، وأمر مدهش أن يكون إرييل شارون عين عام 2001 رئيسا للوزراء وحظي فيما بعد بشعبية كبيرة، بعد أن وجهت لجنة تحقيق رسمية أصابع الاتهام إليه بشكل جدي.
واعتبرت لجنة التحقيق برئاسة القاضي اسحق شارون مسؤولا شخصيا عن المجازر التي وقعت في وقت كان الجيش الصهيوني منتشرا في محيط المخيمين، واتهمته بعدم توقعها أو عدم منع حصولها. وأخذت عليه اللجنة بصورة خاصة عدم التحسب لمخاطر حصول أعمال انتقامية، تنفذها ميليشيات القوات اللبنانية التي اتهمتها اللجنة بتنفيذ المجازر، ردا على اغتيال قائدها بشير الجميل في 14 سبتمبر/ أيلول 1982 بعد انتخابه رئيسا.
وقال أبراهام سيلا: لا أعتقد أنه كان هناك قرار أو ضوء أخضر صريح سمح للميليشيات المسيحية بارتكاب مجزرة، وقال شارون من جهته إنه لا يمكن اتهامه بمجزرة ارتكبها مسيحيون عرب ضد مسلمين عرب. وعلى الرغم من أن لجنة كاهانا لم تأخذ بهذا التبرير، قال المؤرخ توم سيغيف: إنه كان لديه بالتأكيد تأثير في الرأي العام الصهيوني وعلى الذاكرة الجماعية فيما بعد.
وذكر: إن كانت مجازر صبرا وشاتيلا تبدو اليوم طي الماضي بنظر الصهاينة، فهذا لا يحجب كونها أثارت وقتذاك صدمة عميقة، وشهدت تل أبيب تظاهرة ضخمة أرغمت الحكومة على إنشاء لجنة التحقيق.
المجزرة لا تزال حاضرة بكل تفاصيلها في ذكريات الطفولة التي عاشت الخوف ولحظات الموت انذاك رغم مرور ربع قرن على ارتكاب المجزرة، فهل سيصفح الناجون عن دماء لا تزال تجري انهار في لبنان وفلسطين .
http://arabic.irib.ir/pages/Report/detail.asp?idr=2419
كان ليل بيروت اقرب الى السواد وكأنها تحس بأن شيئاً ما يخبأه لها ليلها المقحم في السواد، لم تكن تعرف ان ليلها سيكون بهذه الدموية وان مجزرة جديدة ستشكل وجه المنطقة باتت على مقربة منها وانها باتت بين ثنايا حلقات الليل المظلمة.
الكثير يعرفها وهي لا تزال راسخة في عقول حتى الاطفال الذين عايشوها في تلك الفترة، انها مجزرة صبرا وشاتيلاً، من ابشع المجازر التي ارتكبها من قال عنه رئيس الادارة الامريكية الحالي جورج بوش رجل السلام، وحاول الكثير من الزعماء العرب إلباسه ثوب الحمام، انه المجرم ارئيل شارون ذاك النائم في نومته الاخير، لا هو حي ولا هو ميت.
ذاكرة الاطفال حينذاك لا زالت حبلى بصور المجازر التي ارتكبت في المخيم، في ذاك اليوم كان مخيم شاتيلا قد أصبح شبه خال من الرجال بعد رحيل مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية بحرا من بيروت، إنفاذا لشروط "حكومة الاحتلال" التي اجتاح جيشها لبنان. وتقول نوال أبو ردينة: كنت في السادسة من عمري، وأذكر أن الصهاينة أطلقوا القنابل المضيئة فوق المخيم، وسلطوا أضواءهم الكاشفة فحولوا الليل إلى نهار.
وتضيف نوال التي تحرك يديها بعصبية ظاهرة: هرعت امرأة لبنانية إلى منزلنا، وحذرت والدي من أن الميليشيات دخلت لتقتلنا، فأجابها: اسكتي، الأطفال سيشعرون بالرعب، لكنها أصرت.
وتقول نوال: اختبأنا في منزلنا الواقع عند طرف المخيم نراقب تقدم الميليشيات المرعب، وتتابع وعيناها تنظران بعيدا: كنا نسمع الصرخات، ونسمع أصواتهم وهي تردد: أنتم إرهابيون سنقضي عليكم، لكن المسلحين اكتشفوا موقع العائلة فلم تنج.
وقضى في المجزرة 16 من أفراد عائلة نوال أبو ردينة، بمن فيهم والدها وشقيقتها الحامل التي بقر مسلح بطنها واستخرج منه الجنين، وفق شهادة أدلى بها أحد الناجين. وتؤكد نوال:
كانوا مخدرين، كنا نشاهد الإبر وبقايا المخدرات على الأرض، وأضافت في كل خطوة كنا ندوس على الجثث، ونشاهد بينها قريبا لنا أو أحد الجيران.
وتفيد التقديرات أن المجزرة التي استغرقت ثلاثة أيام بلياليها حصدت ما بين 800 وألفي مدني فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال قتلوا بالرصاص أو السلاح الأبيض وتم التمثيل بجثثهم، وتم دفن معظم الضحايا في قبور جماعية لا تشير إليها إلا باقات الورود.
وتم إحياء ذكرى المجزرة الأسبوع الماضي بحضور وفد من لجنة دولية تضم ناشطين من عدة بلدان، درجت على القدوم إلى لبنان للمشاركة في الذكرى.
ويقول محمود السقا (32 عاما) : كانوا يقتلون الأطفال بالسكاكين ولم يوفروا الرضع، ويضيف : كانوا يصفون الرجال أمام الحائط ويطلقون النيران عليهم. وفجرا قرع مسلحان من ميليشيا سعد حداد التي أنشأتها حكومة الاحتلال باب منزل عائلة محمود السقا، وهو حاليا عامل كهرباء، ويروي متذكرا: أخرجونا حفاة الأقدام، وكانت الطرقات مليئة بالجثث المتراكمة، ويضيف: عندما اقتربنا من الحفر الجماعية فصل المسلحون الرجال عن النساء والأطفال، وأجبروا النساء على إطلاق الزغاريد ثم تركونا في سبيلنا.
ابتعدنا ونحن نسمع الصراخ ثم ساد الصمت، وأفاد أن عائلته لم تتمكن مطلقا من العثور على جثتي والده وعمه.
وتؤكد شهادات الناجين من المجزرة أن المسؤولية مشتركة بين الجيش الصهيوني الذي كان حينها يخضع لسيطرة وزير الدفاع إرييل شارون والميليشيات المسيحية وخصوصا رئيس جهاز استخبارات القوات اللبنانية حينها إيلي حبيقة الذي اغتيل في يناير/ كانون ثاني 2002.
وتقول بارعة خالة محمود السقا التي كانت حينها في الرابعة عشرة من عمرها: أبلغونا أن الصهاينة لا يستهدفون المدنيين، لكننا شاهدناهم بأم أعيننا، وتضيف: أراد المسلحون أن يضعونا في حفرة جماعية ليدفنونا أحياء، لكن ضابطا صهيونياً وصل في اللحظة الأخيرة، وأمرهم بإطلاق سراح النساء والأطفال. وتقول: الذين قادونا كانوا يرتدون زي القوات اللبنانية، لكن شارون هو الذي أعطى أوامره، نحن نتهم شارون والقوات اللبنانية.
وحملت لجنة تقصي الحقائق الصهيونية، لجنة كاهانا، التي أجرت تحقيقا في المجزرة شارون مسؤولية غير مباشرة عنها، ما اضطره إلى الاستقالة، وقد واجه شارون في 2001 وهو رئيس للوزراء شكوى قدمها بحقه 23 فلسطينيا من الناجين من مجازر صبرا وشاتيلا، في بلجيكا أمام القضاء البلجيكي.
وبعد مضي ربع قرن على مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت، تفضل حكومة الاحتلال تناسي تورطها في هذه الجرائم، وقال المستشرق أبراهام سيلا كل شيء يجري وكأننا نريد إقصاء هذه المجزرة من الذاكرة الجماعية والتفكير بأقل قدر ممكن بمسؤولية الجيش فيها، وأمر مدهش أن يكون إرييل شارون عين عام 2001 رئيسا للوزراء وحظي فيما بعد بشعبية كبيرة، بعد أن وجهت لجنة تحقيق رسمية أصابع الاتهام إليه بشكل جدي.
واعتبرت لجنة التحقيق برئاسة القاضي اسحق شارون مسؤولا شخصيا عن المجازر التي وقعت في وقت كان الجيش الصهيوني منتشرا في محيط المخيمين، واتهمته بعدم توقعها أو عدم منع حصولها. وأخذت عليه اللجنة بصورة خاصة عدم التحسب لمخاطر حصول أعمال انتقامية، تنفذها ميليشيات القوات اللبنانية التي اتهمتها اللجنة بتنفيذ المجازر، ردا على اغتيال قائدها بشير الجميل في 14 سبتمبر/ أيلول 1982 بعد انتخابه رئيسا.
وقال أبراهام سيلا: لا أعتقد أنه كان هناك قرار أو ضوء أخضر صريح سمح للميليشيات المسيحية بارتكاب مجزرة، وقال شارون من جهته إنه لا يمكن اتهامه بمجزرة ارتكبها مسيحيون عرب ضد مسلمين عرب. وعلى الرغم من أن لجنة كاهانا لم تأخذ بهذا التبرير، قال المؤرخ توم سيغيف: إنه كان لديه بالتأكيد تأثير في الرأي العام الصهيوني وعلى الذاكرة الجماعية فيما بعد.
وذكر: إن كانت مجازر صبرا وشاتيلا تبدو اليوم طي الماضي بنظر الصهاينة، فهذا لا يحجب كونها أثارت وقتذاك صدمة عميقة، وشهدت تل أبيب تظاهرة ضخمة أرغمت الحكومة على إنشاء لجنة التحقيق.
المجزرة لا تزال حاضرة بكل تفاصيلها في ذكريات الطفولة التي عاشت الخوف ولحظات الموت انذاك رغم مرور ربع قرن على ارتكاب المجزرة، فهل سيصفح الناجون عن دماء لا تزال تجري انهار في لبنان وفلسطين .
http://arabic.irib.ir/pages/Report/detail.asp?idr=2419