مجاهدون
09-09-2007, 01:05 AM
ساعدت على بناء مهارات المصارعة في طهران
طهران ـ رويترز
بالنسبة للرجال الذين يمارسونها فهي ليست مجرد رياضة للياقة البدنية وإنما أيضا للتقرب من الله. إنها رياضة «الزرخانة»، وهي عبارة عن طقوس رياضية فارسية قديمة يعني اسمها «نادي القوة».
ولطالما شكلت «الزرخانة» أرضا خصبة لظهور المصارعين في إيران، إلا انها تشهد انتعاشاً مجدداً في الآونة الأخيرة. وتبدو هذه الرياضة كمزيج غريب الأطوار من بناء الأجسام والتمرينات الرياضية.
ولكن هذه الطقوس تعني أكثر من ذلك بالنسبة للذين يقومون بحركات دورانية مثل الدراويش على وقع نقر الطبول الشديد ويتلاعبون بهراوات خشبية ثقيلة ويمارسون تمرينات أرضية داخل حلبة «نادي القوة» شمال طهران. وقال نادر قاسمي، الذي كان يرتدي سروالا تقليديا مزركشا وقميص نادي كرة القدم «بايرن ميونيخ» الألماني: «انها شيء مقدس». وأضاف بينما كان يستعد لدخول الحلبة ذات الشكل الثماني في وسط القاعة لأداء سلسلة من الحركات المنسقة مع نحو 20 شخصاً آخرين: «انها تشعرني بالقرب من الله». ويقول البعض إن الزرخانة ساهمت في نشر المصارعة في إيران، وهي رياضة تتمتع فيها ايران بسمعة دولية كبيرة حيث يمكنها تنحية خلافاتها مع عدوتها اللدود الولايات المتحدة جانبا.
وكان نحو 20 رياضياً أميركياً قد أتوا الى ايران في يناير (كانون الثاني) الماضي بصحبة مدربيهم من أجل المشاركة في مسابقة في المصارعة. ومن جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الاميركية في ابريل (نيسان) ان الدعوة وجهت الى مصارعين ايرانيين للتدريب في الولايات المتحدة استعدادا لدورة الألعاب الأولمبية 2008، في اطار جهود لتعزيز العلاقات مع الشعب الايراني. وتزين حوائط «بيت القوة» صور للزعماء الدينيين المسلمين وأبطال من الأساطير، الى جانب صور فوتوغرافية لأبطال عراة الصدور.
وبينما يستعد الرجال لممارسة هذه الرياضة الخاصة، يلقي قارع الطبل أشعاراً كتبت منذ قرون. وشرح قاسمي، وعمره 33 عاماً مما يجعله احد أصغر المشاركين سناً في الطقوس المسائية، أن الشبان الإيرانيين المهووسين بكرة القدم لا ينجذبون بسهولة الى تلك الطقوس القديمة. غير أن أحد المشاهدين، ويدعى برويز تماني، قال انه على الرغم من تراجع شعبية تلك الطقوس بعدما بلغت ذروتها في القرن التاسع عشر الفارسي، إلا أنها بدأت تعود الى الوجود مجدداً.
وأضاف تماني، وعمره 68 عاماً، الذي كان يمارس تلك الرياضة عندما كان شاباً: «يرغب الناس في احياء التقاليد التاريخية القديمة وابقائها على قيد الحياة»، مضيفاً: «تتمتع هذه الرياضة بخصوصية.. انها تعود الى الاف السنين». وبينما كان تماني يتحدث، قام مشاركون يتراوحون بين صبيين صغيرين كانا بصحبة والدهما ورجال أقوياء البنية في السبعينات من أعمارهم، بتمرينات أرضية وحركات دورانية وبدت عليهم حالة من النشوة، كما تلاعبوا بهراوات تزن حوالي 15 كيلوغراماً وأخذوا يلقون بها فوق أكتافهم أو في الهواء.
ويقول محبو تلك الرياضة المنتشرة أيضا في بلدان مجاورة انها تهدف بشكل رئيسي الى أن يصبح المرء نقياً وصالحاً يساعد المحتاجين، الى جانب التمتع باللياقة البدنية. وقال علي رضا صفر زادة، وهو عضو باتحاد الرياضات التقليدية في ايران: «تجعل أغلب الرياضات من بناء الجسم هدفاً، ولكن هذه الرياضة تبني الجسم والروح». ورغم ذلك، فان جاذبية التحمل التي تنطوي عليها تلك الرياضة تؤكد ولع الإيرانيين بالرياضات التي تقوم على القوة البدنية. فرافع الأثقال الحاصل على الميدالية الذهبية الاولمبية، حسين رضا زادة الملقب بـ«هرقل الايراني»، يعد أحد أبرز المشاهير في ايران. كما انتخب مصارع معتزل عضواً بمجلس مدينة طهران في ديسمبر (كانون الأول) بعدما هزم سياسيين أكثر تمرساً في مجال السياسة. وتلعب الزرخانة أيضا دوراً اجتماعياً حيث يستغرق الرجال الذين يأتون الى النادي في تجاذب اطراف الحديث أثناء تناول الشاي قبل بدء الطقوس الرياضية. ولا تشترك النساء في تلك التمرينات التي يقال إن جذورها تعود الى التدريبات العسكرية قبل فترة طويلة من الغزو العربي للمنطقة التي باتت تعرف في الزمن المعاصر باسم ايران.
وبات المذهب الشيعي المهيمن في ايران عنصراً رئيسياً في تلك الطقوس، كما تبدو القاعة نفسها كمزار. ويتم عرض مقولات لآية الله خميني المؤسس الراحل للثورة الإسلامية الإيرانية التي قامت في عام 1979، الى جانب صور مرسومة للإمام علي بن أبي طالب. وحضر رجل دين يرتدي عمامة سوداء كضيف خاص خلال هذه الجلسة التدريبية في واحدة من بين عشرات القاعات التي تمارس بها الزرخانة في طهران. واستمرت الجلسة نحو ساعتين واختتمت بالأدعية. وفي تلك الجلسة، لم يكن هناك اشتباك بدني غير أنه بين الحين والآخر تشهد الحلبة مسابقات أشبه بالمصارعة. وقال مصطفي طاجيكي، الذي شارك في دورة روما الاولمبية عام 1960: «أغلب أبطال المصارعة الإيرانيين يأتون من الزرخانة».
وأضاف طاجيكي، وعمره 77 عاما ولا يزال يتدرب مرتين في الأسبوع، أن الزرخانة في ذلك الوقت كانت النادي الرياضي الوحيد المتاح، موضحاً: «كانت مركز الرياضات الإيرانية». وعلقت على الحائط خلفه صورة فوتوغرافية باللونين الأبيض والأسود تعود الى الخمسينات من القرن الماضي تصوره وهو شاب مفتول العضلات وذو شارب عندما كان بطلاً وطنياً في المصارعة.
ويتطلع محبو هذه الرياضة والمصارعة الى دورة الألعاب الاولمبية في الصين العام المقبل ليظهر لاعبو إيران الشباب مهاراتهم. وقال طاجيكي: «لدينا الآن مصارعون شبان وموهوبون ونأمل في تحقيق نتائج طيبة في دورة الألعاب الاولمبية القادمة في بكين».
طهران ـ رويترز
بالنسبة للرجال الذين يمارسونها فهي ليست مجرد رياضة للياقة البدنية وإنما أيضا للتقرب من الله. إنها رياضة «الزرخانة»، وهي عبارة عن طقوس رياضية فارسية قديمة يعني اسمها «نادي القوة».
ولطالما شكلت «الزرخانة» أرضا خصبة لظهور المصارعين في إيران، إلا انها تشهد انتعاشاً مجدداً في الآونة الأخيرة. وتبدو هذه الرياضة كمزيج غريب الأطوار من بناء الأجسام والتمرينات الرياضية.
ولكن هذه الطقوس تعني أكثر من ذلك بالنسبة للذين يقومون بحركات دورانية مثل الدراويش على وقع نقر الطبول الشديد ويتلاعبون بهراوات خشبية ثقيلة ويمارسون تمرينات أرضية داخل حلبة «نادي القوة» شمال طهران. وقال نادر قاسمي، الذي كان يرتدي سروالا تقليديا مزركشا وقميص نادي كرة القدم «بايرن ميونيخ» الألماني: «انها شيء مقدس». وأضاف بينما كان يستعد لدخول الحلبة ذات الشكل الثماني في وسط القاعة لأداء سلسلة من الحركات المنسقة مع نحو 20 شخصاً آخرين: «انها تشعرني بالقرب من الله». ويقول البعض إن الزرخانة ساهمت في نشر المصارعة في إيران، وهي رياضة تتمتع فيها ايران بسمعة دولية كبيرة حيث يمكنها تنحية خلافاتها مع عدوتها اللدود الولايات المتحدة جانبا.
وكان نحو 20 رياضياً أميركياً قد أتوا الى ايران في يناير (كانون الثاني) الماضي بصحبة مدربيهم من أجل المشاركة في مسابقة في المصارعة. ومن جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الاميركية في ابريل (نيسان) ان الدعوة وجهت الى مصارعين ايرانيين للتدريب في الولايات المتحدة استعدادا لدورة الألعاب الأولمبية 2008، في اطار جهود لتعزيز العلاقات مع الشعب الايراني. وتزين حوائط «بيت القوة» صور للزعماء الدينيين المسلمين وأبطال من الأساطير، الى جانب صور فوتوغرافية لأبطال عراة الصدور.
وبينما يستعد الرجال لممارسة هذه الرياضة الخاصة، يلقي قارع الطبل أشعاراً كتبت منذ قرون. وشرح قاسمي، وعمره 33 عاماً مما يجعله احد أصغر المشاركين سناً في الطقوس المسائية، أن الشبان الإيرانيين المهووسين بكرة القدم لا ينجذبون بسهولة الى تلك الطقوس القديمة. غير أن أحد المشاهدين، ويدعى برويز تماني، قال انه على الرغم من تراجع شعبية تلك الطقوس بعدما بلغت ذروتها في القرن التاسع عشر الفارسي، إلا أنها بدأت تعود الى الوجود مجدداً.
وأضاف تماني، وعمره 68 عاماً، الذي كان يمارس تلك الرياضة عندما كان شاباً: «يرغب الناس في احياء التقاليد التاريخية القديمة وابقائها على قيد الحياة»، مضيفاً: «تتمتع هذه الرياضة بخصوصية.. انها تعود الى الاف السنين». وبينما كان تماني يتحدث، قام مشاركون يتراوحون بين صبيين صغيرين كانا بصحبة والدهما ورجال أقوياء البنية في السبعينات من أعمارهم، بتمرينات أرضية وحركات دورانية وبدت عليهم حالة من النشوة، كما تلاعبوا بهراوات تزن حوالي 15 كيلوغراماً وأخذوا يلقون بها فوق أكتافهم أو في الهواء.
ويقول محبو تلك الرياضة المنتشرة أيضا في بلدان مجاورة انها تهدف بشكل رئيسي الى أن يصبح المرء نقياً وصالحاً يساعد المحتاجين، الى جانب التمتع باللياقة البدنية. وقال علي رضا صفر زادة، وهو عضو باتحاد الرياضات التقليدية في ايران: «تجعل أغلب الرياضات من بناء الجسم هدفاً، ولكن هذه الرياضة تبني الجسم والروح». ورغم ذلك، فان جاذبية التحمل التي تنطوي عليها تلك الرياضة تؤكد ولع الإيرانيين بالرياضات التي تقوم على القوة البدنية. فرافع الأثقال الحاصل على الميدالية الذهبية الاولمبية، حسين رضا زادة الملقب بـ«هرقل الايراني»، يعد أحد أبرز المشاهير في ايران. كما انتخب مصارع معتزل عضواً بمجلس مدينة طهران في ديسمبر (كانون الأول) بعدما هزم سياسيين أكثر تمرساً في مجال السياسة. وتلعب الزرخانة أيضا دوراً اجتماعياً حيث يستغرق الرجال الذين يأتون الى النادي في تجاذب اطراف الحديث أثناء تناول الشاي قبل بدء الطقوس الرياضية. ولا تشترك النساء في تلك التمرينات التي يقال إن جذورها تعود الى التدريبات العسكرية قبل فترة طويلة من الغزو العربي للمنطقة التي باتت تعرف في الزمن المعاصر باسم ايران.
وبات المذهب الشيعي المهيمن في ايران عنصراً رئيسياً في تلك الطقوس، كما تبدو القاعة نفسها كمزار. ويتم عرض مقولات لآية الله خميني المؤسس الراحل للثورة الإسلامية الإيرانية التي قامت في عام 1979، الى جانب صور مرسومة للإمام علي بن أبي طالب. وحضر رجل دين يرتدي عمامة سوداء كضيف خاص خلال هذه الجلسة التدريبية في واحدة من بين عشرات القاعات التي تمارس بها الزرخانة في طهران. واستمرت الجلسة نحو ساعتين واختتمت بالأدعية. وفي تلك الجلسة، لم يكن هناك اشتباك بدني غير أنه بين الحين والآخر تشهد الحلبة مسابقات أشبه بالمصارعة. وقال مصطفي طاجيكي، الذي شارك في دورة روما الاولمبية عام 1960: «أغلب أبطال المصارعة الإيرانيين يأتون من الزرخانة».
وأضاف طاجيكي، وعمره 77 عاما ولا يزال يتدرب مرتين في الأسبوع، أن الزرخانة في ذلك الوقت كانت النادي الرياضي الوحيد المتاح، موضحاً: «كانت مركز الرياضات الإيرانية». وعلقت على الحائط خلفه صورة فوتوغرافية باللونين الأبيض والأسود تعود الى الخمسينات من القرن الماضي تصوره وهو شاب مفتول العضلات وذو شارب عندما كان بطلاً وطنياً في المصارعة.
ويتطلع محبو هذه الرياضة والمصارعة الى دورة الألعاب الاولمبية في الصين العام المقبل ليظهر لاعبو إيران الشباب مهاراتهم. وقال طاجيكي: «لدينا الآن مصارعون شبان وموهوبون ونأمل في تحقيق نتائج طيبة في دورة الألعاب الاولمبية القادمة في بكين».