المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تظاهر بالانشغال .. لتحافظ على وقتك



Osama
09-06-2007, 08:06 AM
كتب محمد النغيمش *


عندما يبدي المدير للآخرين أنه مشغول، بإيماءته أو كلماته، فإنه يساهم عمليا في المحافظة على وقته. فمسألة إظهار المرء مدى انشغاله يعد أمرا في غاية الأهمية في مجتمعاتنا العربية، حتى يصون وقته الثمين عن مهدري الأوقات، الذين يأخذون من أوقاتنا من دون'إحم ولا دستور'، كما يقال.
فإظهار المدير انشغاله يعد تصرفا مناسبا يستقبل به 'ضيوفه الثقلاء' الذين يصرون على مقابلته حتى من دون موعد مسبق، وهؤلاء الذين يفاجأ المدير بدخولهم عليه في مكتبه أو يصادفهم في أحد أروقة العمل يصعب عليه أن يردهم أو أن يتملص منهم، بحكم أعرافنا الاجتماعية السائدة. ولكن نجد بعض المسؤولين يحاولون جاهدين محاولة الحد من تحكم هذه الفئة فيهم.
ردة الفعل
على سبيل المثال، يمكن أن يظهر المسؤول انشغاله بالهاتف أو 'انهماكه في الكتابة أو القراءة'، فإذا سمع أحد المديرين صوت زائر يقترب من مكتبه، فيفضل أن يحسن استقباله والترحيب به بطلاقة وجهة وابتسامة عفوية، وفي الوقت نفسه يحاول أن 'يمسك بسماعة الهاتف'، أو أن ينهض لاستقباله وهو 'ممسك بمجموعة من الأوراق لكي يرى الزائر أنه مشغول، وحسن الاستقبال هنا ضروري حتى لا تكون ردة فعل الضيف سلبية كأن يحرج أو يتضايق.
أما إذا فوجئ المسؤول بدخول الضيف بغتة، من دون موعد مسبق، ثم شعر أنه أطال الجلوس من دون مبرر، فإنه يمكن أن يستأذن الضيف ليجري اتصالا هاتفيا سريعا، ويتحدث فيه بنبرة جادة مع أي شخص في العمل ليشعر ضيفه بطريقة غير مباشرة بأنه مشغول.
ومن الطرق الأكثر مباشرة وصراحة، وربما قبولا لدى البعض، أن يخبر المدير ضيفه قبل مجيئه أو قبل شروعهما في التحدث، بصراحة وبطريقة لبقة أن جدوله اليوم مزدحم، كأن يقول إن لديه اجتماعا آخر بعد نصف ساعة، مثلا، لكي لا يطيل الضيف، ويطرح ما لديه قبل أن يحين موعد الانصراف.
سارقو الأوقات
أخبرني مدير عام إحدى الشركات الكبرى أنه يتبع طريقة مهمة للتعامل مع من يسميهم 'سارقي الأوقات' ليبين لهم أن جدوله مزدحم، حيث يتفق مع سكرتيرته على إشارة معينة لينفض الاجتماع بأسرع وقت ممكن، كأن تدخل عليه المكتب بعد فترة زمنية محددة لتذكره بموعد انعقاد الاجتماع التالي، بعد كذا دقيقة، وذلك للتخلص من هذا 'الضيف الثقيل' حسب وصفه.
ويؤكد المدير العام أنه وبحكم خبرته الطويلة في العمل الإداري أن أحدا 'لا يمكن أن يتحكم في وقت المسؤولين، خاصة إذا كانوا صريحين جدا مع ضيوفهم ولا يتحرجون من الإجابة بكلمة النفي (لا) لضيوفهم' التي يتردد البعض في قولها فيدفعون ثمن ذلك.
وسمعت مديرا آخر يقول إنه يستفيد من شبكة البريد الالكتروني الداخلية فيرسل إلى سكرتيرته، أو أي زميل آخر ليدخل عليه المكتب مذكرا إياه بموعد اجتماع ما أو مشروع ما يشارك المدير فيه، وذلك إذا ما أحس أن ضيفه صار يتشعب في المواضيع من دون فائدة.
الضيوف الثقلاء
ومن الطرق المساعدة على التخلص من الضيوف الثقلاء أن يترك الموظف هاتفه مفتوحا على وضعية 'الصوتي' بحيث تسمع نغمة الرنين، ويفضل رفع مستوى النغمة حتى تكون كافية للفت الانتباه والرد على المكالمة، ويمكن أن يتهرب المسؤول من ضيفه من خلال تحدثه بجدية أثناء المكالمة الواردة إليه حتى ينتبه الضيف إلى أن المسؤول مشغول بالفعل.
أما إذا لم تفلح كل السبل في إثارة انتباه الضيف إلى أنه قد أطال الجلوس، فإن المسؤول يستطيع أن يلفت انتباهه، حينما يستأذن منه للخروج إلى مكتب مجاور ليسأل زميله عن أمر ما، وإذا لم تفلح هذه المحاولة، أيضا، يمكن أن يعيد المسؤول الكرة أكثر من مرة حتى يشعر الضيف.
وللعلم فبعض الضيوف الذين يبدو لنا أنهم ثقلاء أو لا يعيرون لأوقاتنا اهتماما يذكر، قد لا يقصدون أن يهدروا أوقاتنا، بل ربما اختارونا، لأنهم يشعرون بشيء من المودة تجاهنا، فالذي يجالس من يحب أو يجالس من يتوقع أن يفرج عنه كربه لا يشعر بمضي الوقت معه.
وعلاوة على ما سبق، فإن للمدير دورا في السيطرة على وقت اللقاء من خلال عدم تشعبه بالرد على أسئلة الضيف بل يكتفي بالإجابات القصيرة. ولا يتطوع بالتعليق أو فتح نقاش جديد كي لا يطيل مدة المقابلة، من دون داع مهم.

جدول مزدحم

المدير الذي لا يظهر للآخرين أن جدوله مزدحم فسوف يكون عرضة لتضييع أوقاته في لقاءات ليس لها داع، على حساب أولوياته المهمة في العمل وربما أولوياته الأسرية. فبعض المسؤولين يجدون أنفسهم مضطرين إلى الجلوس متأخرا في العمل لأداء مهام عاجلة لم يتمكنوا من إتمامها أثناء ساعات الدوام الرسمي.. بسبب مجاملاتهم المتكررة لضيوفهم.

* كاتب متخصص في الإدارة


mohammed@nughaimish.com