الدكتور عادل رضا
08-25-2007, 01:19 AM
التشيع العلوي والتشيع الصفوي
قد تكون هذه هي المرة الأولى التي أتكلم فيها عن كتاب ما من خلال مدونتي... الكتاب هو "التشيع العلوي والتشيع الصفوي" للشهيد بإذن الله د.علي شريعتي
في البداية أتحدث قليلا عن شريعتي، فهو مفكر إسلامي إصلاحي بكل ما تعني الكلمة، قرأت عنه قبل ذلك كثيرا في مؤلفات متفرقة عن الثورة الإسلامية في إيران، فهو بلا شك أحد أبرز صناعها وإن لم يمنحه القدر الفرصة حتى يراها واقعا ملموسا.
شريعتي أستاذ في علم الاجتماع، وهو أكاديمي بالمعنى الإيجابي للكلمة، فقد حول محاضراته منبرا لبث الفكر الإسلامي الثوري غير الاستكاني في نفوس طلابه، انشغل طيلة حياته بقضايا الفكر الإسلامي على الأوجه الحياتية والدينية التقليدية، كان شديد الانتماء لمذهبه الشيعي إلا أنه في الوقت نفسه حرص على التمسك بالإطار الإسلامي العام، وربما كانت ثورية فكره أو تأثيره القوي بين الشباب أو دعوته الوحدوية النهضوية أحد أو جميع الأسباب التي أدت إلى اغتياله حسبما تشير أغلب الروايات.
الكتاب عنوانه "التشيع العلوي والتشيع الصفوي" وقبل أن يشرع القارئ في المرور عبر صفحاته عليه أولا أن يكون قد أعد خلفية ذهنية من سعة الصدر وتقبل كلام مخالف لما يعتقد، والأهم أن تكون لديه صورة غير مشوهة عن المذهب الشيعي الإمامي كأحد المذاهب الإسلامية.
فكرة الكتاب قائمة على إبراز الوجه الحقيقي للمذهب الشيعي كمذهب إسلامي ذي طابع ثوري، يرفض مبادئ التوريث والفصل بين الإسلام والسياسة والتسليم لما هو واقع وغيرها من القيم السلبية التي خيمت على الواقع الإسلامي وقت كتابة الكتاب الذي لا أدري تحديدا متى كان نشره وإن كان من المؤكد في أواخر عقد الستينات أو أوئل عقد السبعينات.
قد يخيل للبعض للوهلة الأولى أن الأمر كله منحصر في دائرة مذهب إسلامي آخر، إلا أن الكتاب فكري عام بالدرجة الأولى، ومع كل صفحة تجد الومضات تلمع في أرجائها، وهي ما سأحاول نقل بعضها هنا:
الحركة والنظام: بصفته عالم في الاجتماع، نقل لنا شريعتي مبدءا حياتيا أو سنة كونية يمكنن لمسها بالفعل، هي الحركة والنظام، وهي التي تقول أن كل النهضات الاجتماعية تبدأ بعنصر نشاط وحركة بحيث تسخر كل الإمكانات المحيطة لتحقيق هدفها، ولكن ما إن تصل إلى المنشود والمرجو حتى تبدأ تتجمد حالها حال الوضع الذي ثارت عليه وكانت تدعو لإزاحته من قبل. وبالفعل الأمثلة في التاريخ سياسيا واجتماعيا ودينيا وثقافيا أكثر من أن تعد أو تحصى، وغرض شريعتي هنا واضح ويمكن تبيانه دون أن أذكره صراحة.
نقطة أخرى راقت لي كثيرا في الكتاب وهي موقف شريعتي من الدولتين الصفوية والعثمانية، فأما الأولى فهو دون شك يرى أنها السبب وراء المصائب التي حلت بالمذهب الشيعي وأحالته للوضع السيء الذي جعله مذهبا حكوميا عميلا تخترقه الانحرافات ويسيطر عليه الجهلة، فأصبح مذهب "نعم" بدلا من مذهب "لا" فضلا عن ذلك فقد عملت الصفوية على عزل المسلمين الشيعة عن إخوانهم السنة في العالم الإسلامي بأسره عن طريق قوقعة إيران في دائرة مغلقة وإثارة نعراتها القومية وتبديل المفاهيم الإسلامية لدى عموم شعبها.
الأمر ذاته لا يختلف كثيرا عن الدولة العثمانية التي يراها شريعتي امتدادا لـ"التسنن الأموي والعباسي"، فهي دولة قائمة على أسس طبقية ونعرة قومية وعملت على عزل ولاياتها عن العالم وإثارة النعرة المذهبية، إلا أنها تتفوق على الصفوية بتصديها لأوروبا، بل كانت المارد العملاق الذي حبس شرق القارة العجوز في زنزانة الخوف وهو ما استدعى تقديرا خاصا لها بدلا من التحالف مع أعدائها كما فعلت الصفوية.
التفاصيل التي تناولها شريعتي بشأن التعديلات الدخيلة على المذهب الشيعي ودور الصفوية فيها وأثر ذلك على أسس المذهب وعقائده كالتقية والعصمة والولاية والشفاعة والإمامة وغيرها بل وعلى الواقع الإسلامي لإيران وغيرها من الدول، كانت بلا شك غاية في الأهمية، بل إن الكشف الذي خلص إليه المؤلف في نهاية كتابه بالمنطق البديهي يثير العجب والسخرية في آن واحد... أترك لكم التشوق لقراءته... فالأمر لم يعد مقتصرا على التشيع قدرما هو على الإسلام بشكل عام...
أفكار كتحول الإسلام إلى حليف للسلطة أو تغييب البعد الثوري لطبيعة الإسلام أو موقف المسلمين على الخريطة العالمية عربا وغير عرب... كلها تطرح عبر الكتاب الأكثر من رائع... لأم أقصد عرضا للكتاب وإلا لطال الحديث وصار أكثر تنظيما... ولكن فقط أبدي إعجابي بما قرأت وأدعو لقراءته.
روابط مساعدة:
موقع د.علي شريعتي.
علي شريعتي -ويكيبيديا العربية.
علي شريعتي - ويكيبيديا الإنجليزية.
قد تكون هذه هي المرة الأولى التي أتكلم فيها عن كتاب ما من خلال مدونتي... الكتاب هو "التشيع العلوي والتشيع الصفوي" للشهيد بإذن الله د.علي شريعتي
في البداية أتحدث قليلا عن شريعتي، فهو مفكر إسلامي إصلاحي بكل ما تعني الكلمة، قرأت عنه قبل ذلك كثيرا في مؤلفات متفرقة عن الثورة الإسلامية في إيران، فهو بلا شك أحد أبرز صناعها وإن لم يمنحه القدر الفرصة حتى يراها واقعا ملموسا.
شريعتي أستاذ في علم الاجتماع، وهو أكاديمي بالمعنى الإيجابي للكلمة، فقد حول محاضراته منبرا لبث الفكر الإسلامي الثوري غير الاستكاني في نفوس طلابه، انشغل طيلة حياته بقضايا الفكر الإسلامي على الأوجه الحياتية والدينية التقليدية، كان شديد الانتماء لمذهبه الشيعي إلا أنه في الوقت نفسه حرص على التمسك بالإطار الإسلامي العام، وربما كانت ثورية فكره أو تأثيره القوي بين الشباب أو دعوته الوحدوية النهضوية أحد أو جميع الأسباب التي أدت إلى اغتياله حسبما تشير أغلب الروايات.
الكتاب عنوانه "التشيع العلوي والتشيع الصفوي" وقبل أن يشرع القارئ في المرور عبر صفحاته عليه أولا أن يكون قد أعد خلفية ذهنية من سعة الصدر وتقبل كلام مخالف لما يعتقد، والأهم أن تكون لديه صورة غير مشوهة عن المذهب الشيعي الإمامي كأحد المذاهب الإسلامية.
فكرة الكتاب قائمة على إبراز الوجه الحقيقي للمذهب الشيعي كمذهب إسلامي ذي طابع ثوري، يرفض مبادئ التوريث والفصل بين الإسلام والسياسة والتسليم لما هو واقع وغيرها من القيم السلبية التي خيمت على الواقع الإسلامي وقت كتابة الكتاب الذي لا أدري تحديدا متى كان نشره وإن كان من المؤكد في أواخر عقد الستينات أو أوئل عقد السبعينات.
قد يخيل للبعض للوهلة الأولى أن الأمر كله منحصر في دائرة مذهب إسلامي آخر، إلا أن الكتاب فكري عام بالدرجة الأولى، ومع كل صفحة تجد الومضات تلمع في أرجائها، وهي ما سأحاول نقل بعضها هنا:
الحركة والنظام: بصفته عالم في الاجتماع، نقل لنا شريعتي مبدءا حياتيا أو سنة كونية يمكنن لمسها بالفعل، هي الحركة والنظام، وهي التي تقول أن كل النهضات الاجتماعية تبدأ بعنصر نشاط وحركة بحيث تسخر كل الإمكانات المحيطة لتحقيق هدفها، ولكن ما إن تصل إلى المنشود والمرجو حتى تبدأ تتجمد حالها حال الوضع الذي ثارت عليه وكانت تدعو لإزاحته من قبل. وبالفعل الأمثلة في التاريخ سياسيا واجتماعيا ودينيا وثقافيا أكثر من أن تعد أو تحصى، وغرض شريعتي هنا واضح ويمكن تبيانه دون أن أذكره صراحة.
نقطة أخرى راقت لي كثيرا في الكتاب وهي موقف شريعتي من الدولتين الصفوية والعثمانية، فأما الأولى فهو دون شك يرى أنها السبب وراء المصائب التي حلت بالمذهب الشيعي وأحالته للوضع السيء الذي جعله مذهبا حكوميا عميلا تخترقه الانحرافات ويسيطر عليه الجهلة، فأصبح مذهب "نعم" بدلا من مذهب "لا" فضلا عن ذلك فقد عملت الصفوية على عزل المسلمين الشيعة عن إخوانهم السنة في العالم الإسلامي بأسره عن طريق قوقعة إيران في دائرة مغلقة وإثارة نعراتها القومية وتبديل المفاهيم الإسلامية لدى عموم شعبها.
الأمر ذاته لا يختلف كثيرا عن الدولة العثمانية التي يراها شريعتي امتدادا لـ"التسنن الأموي والعباسي"، فهي دولة قائمة على أسس طبقية ونعرة قومية وعملت على عزل ولاياتها عن العالم وإثارة النعرة المذهبية، إلا أنها تتفوق على الصفوية بتصديها لأوروبا، بل كانت المارد العملاق الذي حبس شرق القارة العجوز في زنزانة الخوف وهو ما استدعى تقديرا خاصا لها بدلا من التحالف مع أعدائها كما فعلت الصفوية.
التفاصيل التي تناولها شريعتي بشأن التعديلات الدخيلة على المذهب الشيعي ودور الصفوية فيها وأثر ذلك على أسس المذهب وعقائده كالتقية والعصمة والولاية والشفاعة والإمامة وغيرها بل وعلى الواقع الإسلامي لإيران وغيرها من الدول، كانت بلا شك غاية في الأهمية، بل إن الكشف الذي خلص إليه المؤلف في نهاية كتابه بالمنطق البديهي يثير العجب والسخرية في آن واحد... أترك لكم التشوق لقراءته... فالأمر لم يعد مقتصرا على التشيع قدرما هو على الإسلام بشكل عام...
أفكار كتحول الإسلام إلى حليف للسلطة أو تغييب البعد الثوري لطبيعة الإسلام أو موقف المسلمين على الخريطة العالمية عربا وغير عرب... كلها تطرح عبر الكتاب الأكثر من رائع... لأم أقصد عرضا للكتاب وإلا لطال الحديث وصار أكثر تنظيما... ولكن فقط أبدي إعجابي بما قرأت وأدعو لقراءته.
روابط مساعدة:
موقع د.علي شريعتي.
علي شريعتي -ويكيبيديا العربية.
علي شريعتي - ويكيبيديا الإنجليزية.