yasmeen
08-20-2007, 06:51 AM
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/20-8-2007//306161_420006_small.jpg
ليليان بتنكور
إذا كان الفضل في تأسيس الشركة الفرنسية 'لوريال' لمستحضرات التجميل يعود إلى أوجين شولير، فالفضل في 'عملقة' الشركة ينطبع على ابنته ليليان بتنكور. ومن أفضل من الأرقام للتحدث عن نجاحات بتنكور. ففي 50 عاما بالتمام والكمال (استلمت إدارة الشركة وورثت الثروة عام 1957)، استطاعت 'وريثة الأصباغ' مضاعفة القيمة الرأسمالية ل'لوريال' 25 مرة، من 2 مليار دولار إلى أكثر من 50 مليارا.
صحيح أن وراء بتنكور فريق عمل مبتكر ومقدام، إلا أن صبرها الطويل وقدرتها على وضع استراتيجيات طويلة المدى جعلت منها أثرى امرأة في العالم، مع أموال خاصة قدرتها مجلة 'فوربس' الأميركية ب20.7 مليار دولار بداية العالم الحالي. فبتنكور التي تنطبع حياتها بسرية تامة، عرفت كيف تدافع عن مصالحها ومصلحة شركتها 'بأسنانها'.
فليليان ابنة المؤسس رفضت أي عملية استحواذ على 'لوريال'، ابنة والدها. فعلت المستحيل لتبقي الشركة عائلية، ومساهمة عامة في الوقت نفسه. فكانت ميزان الذهب تحافظ على توازن دقيق، وفعال. ومن أفضل من الفرنسية العتيقة، التي كانت تصحو على تجارب والدها للأصباغ المبتكرة وتنام على رائحة العطور الفاخرة، للمحافظة على إرث اشتهر به الفرنسيون وحملت صيته باريس، عاصمة الأناقة والموضة. فأصبحت 'لوريال' معها أكبر شركة مستحضرات تجميل في العالم وأكثرها ربحية على الإطلاق، تبيع 7800 منتج كل دقيقة في القارات الخمس.
لم تلق وسائل الإعلام المختلفة الأضواء على حياة ليليان بتنكور بقدر ما أثارت الجدل واسعا حول والدها ومعرفته بالنازيين، وزوجها وعلاقاته السياسية المشبوهة. فليليان، التي رأت النور صباح السبت 21 أكتوبر عام 1922 في الدائرة الباريسية السابعة، واسمها عند الولادة ليليان هنرييت شارلوت شولير، هي الابنة الوحيدة لأوجين شولير. وهذا الأخير مواليد عام 1881 عاش فقيرا، مضطرا أن يجمع الأموال من بيع القماش على الطرقات، حتى استطاع دفع أقساط مدرسته. وعند تخرجه من معهد الكيمياء عام 1904، تعاقد مع حلاق نسائي يخلط له أصباغ الشعر، حتى استطاع بعد عامين اختراع صبغة خاصة تثبت على الشعر. ومن مطبخ منزله عام 1907، أطلق شولير أول منتجاته تحت اسم 'لوريال' L'Aureale وما لبث أن أسس 'الجمعية الفرنسية لأصباغ الشعر الثابتة'، ومنحها اسم علامته التجارية، بعد تعديل الاسم اللاتيني إلى L'Oreal وخاض شولير تحديات عدة، لكن اختراعاته المتتالية من زيوت مرطبة للجسم وشامبو لا يعتمد في تركيبته على الصابون، رسمت له مسيرة نجاح مميزة.
والدها مع النازيين
لا يعرف الكثير عن طفولة ليليان إلا أنها ترعرعت في أحياء باريس مع عائلة جمعت ثروة جيدة نسبيا من أموال شركة 'لوريال' الفتية. غير أن ليليان عاشت يتيمة الأم بعد أن توفيت والدتها لوي مادلين بيرت دونسيو عام 1927، وهي لا تزال في سن الخامسة. ويعرف عن عائلتها المحافظة على السرية التامة للمعلومات الشخصية، خصوصا بعدما كشف أخيرا أن والدها كان له علاقة ب'لاكاغول'، وهي حركة فاشستية فرنسية مقربة من النازيين، تمارس العنف ضد الاشتراكية.
ويحكى أن شولير استقبل في مبنى 'لوريال' الكائن في شارع رويال الباريسي في ثلاثينات القرن الماضي اجتماعات للمجموعة. ويسجل التاريخ لهذه الحركة ارتكاب عدد كبير من الجرائم خصوصا عام ،1937 كما شكلت صلة وصل بين النازيين والحكومة الفرنسية بعد احتلال الألمان لفرنسا. وعمل شولير مع 'الغستابو' الألماني (المخابرات الخارجية للنازيين). وفي ليلة شهيرة عام 1941، فجر أعضاء 'لا كاغول' أكثر من 7 معابد يهودية في باريس. وفي كتابه 'ثورة الاقتصاد' الذي نشر عام 1941، كتب شولير 'أعرف تماما أننا لم نكن نستطيع أي شيء ضد النازيين، بعد وصولهم للسلطة عام ،1933 كان لديهم الوقت. لقد أخذوا عامين أو ثلاثة حتى تنظموا. لم نكن نملك الكوادر التي ملكها الألمان في هذه الفترة. لم نملك إيمانا بالاشتراكية الوطنية ولا حتى ديناميكية هتلر الدافعة للعالم'.
صحيح أن شولير مول الكثير من نشاطات 'لا كاغول'، لكنه ترك سجله نظيفا من الأعمال الإجرامية المباشرة. ويقول الصحافي الفرنسي برونو أبيسكا في كتابه 'لا ساغا دي بتنكور' La saga des Bettencourt أن 'شولير عاش تناقضات كثيرة في حياته. ففي حين عرف عنه علاقته بالنازيين، كان يؤوي في فترة من الفترات موظفين يهودا هربا من اضطهاد النازيين لهم!'.
وفاة المؤسس
كما تأثرت سمعة 'لوريال' كثيرا بهذه المعلومات الخطيرة والعنصرية، تأثرت ليليان بقدرة والدها على الابتكار والصبر الطويل في اختبار منتجاته. هي التي تعلمت الكثير على يده في مختبرات 'لوريال'. فمنذ عام 1937، أي منذ سن الخامسة عشرة، وليليان تتدرب في الشركة الفرنسية. تعمل ليل نهار إلى جانب الخبراء لمعرفة عناصر إنتاج هذه الصبغة أو ذلك الشامبو. وتدافع ليليان عن والدها 'كان أبي رجلا مليئا بالأمل ومتفائلا بشدة.
لم يكن يفهم شيئا في السياسة. لم يكن أبدا في السفينة المناسبة'.
وفي 8 يونيو عام 1950، تزوجت ليليان من السياسي الفرنسي أندريه بتنكور، الذي حملت اسم عائلته بعد زفاف سري وعائلي بعيد عن الأضواء، حسب رواية الصحافي الفرنسي أبيسكا. ورزق الزوجان بابنة وحيدة في 10 يوليو عام 1953 أسمياها فرنسواز. وتابعت السيدة بتنكور حياتها المهنية في 'لوريال' وتنقلت في مناصب عدة قبل وفاة والدها المؤسس عام ،1957 هنا، كان على ليليان الوريثة الوحيدة تحمل المسؤولية كاملة.
الخمسينات المضطربة
في سن الخامسة والثلاثين، كان على بتنكور تقرير مصير شركة عملاقة في تصنيع مستحضرات التجميل. فأول قرار اتخذته هو الإبقاء على إدارة الشركة لأشخاص من خارج العائلة. وكانت حينها الرئاسة التنفيذية في 'أيد أمينة مع فرنسوا دال'، حسب تعبير بتنكور نفسها. في هذه الفترة، كانت 'المالكة الشابة' تعيش مع زوجها حياة عائلية عادية في منطقة نويي سور سين. وعين زوجها مرات عدة وزيرا في حكومات في عهد الرؤساء رونيه كوتي وشارل ديغول وجورج بومبيدو.
إلا أن أحد العاملين في 'لوريال'، الذي كشف علاقة والدها السابقة بالنازيين، كشف للإعلام أن زوجها أيضا كان يتمتع بعلاقات مشبوهة مع النازيين. وقال جان فريدمان ان أندريه بتنكور كتب الكثير من المقالات في مجلة 'لا تير فرانسيز' تدعم البروباغندا النازية خلال الحرب العالمية الثانية بإدارة غوبلز. وهذه الفضيحة الإعلامية الثانية في حياة ليليان زادتها مناعة ضد الإشاعات، وعلمتها المحافظة على السرية التامة عن حياتها الخاصة.
انتهت خمسينات القرن الماضي، وانتهت معها سنوات الاضطراب لشركة 'لوريال'. وبدأ العد العكسي الفعلي لتصبح أكبر شركة في العالم لمستحضرات التجميل. وفي عام 1963، أدرجت بتنكور المجموعة في البورصة الفرنسية، لتطلق سياسة استحواذات عدة. فأولى العلامات التجارية كانت لانكوم ومختبرات غارنييه وجيمي.
خطط طويلة المدى
عرفت بتنكور منذ استلام زمام رئاسة مجلس إدارة 'لوريال' كيفية الحفاظ على الشركة الفرنسية، التي أثارت بنجاحها شهية الكثير من المستثمرين العالميين. ففي عام 1974، حاولت الشركة السويسرية 'نستله' الاستحواذ على 'لوريال'، إلا أن بتنكور وقفت ممانعة لذلك بطريقة ذكية. فأسست مجموعة قابضة تحت اسم 'غسبرال' تملك شركة 'لوريال'. ومنحت بتنكور 26.4 في المائة من رأسمال المجموعة الجديدة ل'نستله' مقابل 4 في المائة حصة في الشركة السويسرية. هذا الاتفاق ساهم بترك الطابع العائلي على الشركة، إذ بقيت بتنكور تملك 27.5 في المائة من 'لوريال'.
وهذه الأخيرة منذ حينها، تعتبر أسرع شركة مستحضرات تجميل نموا في العالم. واشتهرت بتنكور في وضع خطط طويلة المدى داعية جميع الموظفين إلى الصبر ومعاينة النتائج بعد أعوام. ففي عام 1980 على سبيل المثال، كانت منافستها شركة 'كليرول' الأميركية تملك 61 في المائة من سوق أصباغ الشعر في الولايات المتحدة. فقررت بتنكور التحدي في عقر دار الأخيرة. لم تعد المساهمين بالنتائج الفورية. لكن بعد 20 عاما، أصبحت 'لوريال' فعلا تملك 49 في المائة من سوق أصباغ الشعر الأميركي والمقدر ب1.3 مليار دولار. وانخفضت حصة 'كليرول' إلى 40 في المائة.
و'كليرول' ليست الشركة الوحيدة التي هزمتها 'لوريال'. 'ريفلون' عانت أيضا من المجموعة الفرنسية. كما أن مبيعات 'سيشيدو' اليابانية هبطت كثيرا في الأعوام الماضية. ولا يزال حجم 'استي لودر' يقدر بثلث حجم 'لوريال'.
في عام 1984، وفي الوقت الذي كانت ابنة بتنكور الوحيدة فرنسواز تحتفل بزواجها من جان بيار مايرز حفيد حاخام توفي في أحد مخيمات اللاجئين اليهود أيام النازيين، كان شارل زفياك يحل مكان فرانسوا دال رئيسا تنفيذيا ل'لوريال'. وما هي إلا أربع سنوات حتى عينت بتنكور ليندساي أووين جونز في المنصب المهم.
نجاح بعد نجاح
تعود الكثير من نجاحات الشركة إلى أووين جونز. والأخير شاب انكليزي طموح، فتحت له أبواب إدارة 'لوريال' عام ،1988 لكن بتنكور انتقدت بشدة حينها لأنها اختارت انكليزيا لإدارة مجموعة فرنسية عملاقة. وردت على هذه الانتقادات في مقابلة صحفية نادرة مع مجلة فوربس: 'اختيار رئيس ليس موضوع تعليق. المهم هو الرؤية، المهارة والشجاعة. والسيد أووين جونز يملك هذه المؤهلات'. وبالفعل، كان لأووين جونز أفكاره المبدعة في هذا المجال. فهو الذي ساهم في محو فكرة مقاطعة مستحضرات 'لوريال' بسبب اتهامها بالعنصرية ضد اليهود.
إذ استثمر بكثافة في إسرائيل. وفي عام 1994، قدمت بتنكور لزوج ابنتها اليهودي مقعدا في مجلس إدارة 'لوريال'. وعلى الرغم من الابتكار والتجديد، فإن 'لوريال' حافظت على هيكلية أساسية متينة صامدة في وجه رياح المنافسة. وتفتخر بتنكور أن 'هيكلية المجموعة لم تتغير منذ 26 عاما'.
وتضيف: 'هذا الاستقرار هو طبعا أحد العوامل الأساسية التي سمحت للشركة في التطور والنمو. وتعتبر القيمة السوقية للأسهم مؤشرا جيدا على ثقة المستثمرين بمستقبل المجموعة وبهيكليتها الحالية. لا شيء يبرر تغييرا ما على المدى القصير'. واستمرت الشركة في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي في تحقيق نجاح بعد نجاح. ويقول أووين جونز، المعروف ب'أو. جي.': 'نحن نحب البيزنس أكثر بقليل من منافسينا، وأعتقد أنهم لا يعرفون ما هي المسألة'. وبفضل حنكة أووين جونز وتشجيع بتنكور، استطاعت 'لوريال' الاستحواذ على 'مايبيلين'، الشركة الأميركية الرائدة في تصنيع مساحيق التجميل. وبهذا دخل العملاق الفرنسي بقوة إلى قطاع آخر.
عشق المغامرات
ومنذ استلامها لزمام الإدارة، جعلت بتنكور 'لوريال' مكانا لمجموعات صغيرة. فاجتماعات المحاسبين ومحددي الميزانيات لا تتوقف. وهم يحددون كل يوم ما يجب فعله بالأرقام للاستحواذ على هذه الشركة أو تلك أو مدى الإنفاق على إنتاج هذا المستحضر أو ذاك. وتجسد بتنكور شخصية المغامر الذي لا يخاف من شيء. فعلى سبيل المثال، أعلنت شركة ألمانية في التسعينات عن طرحها بعد شهرين مستحضرا لتصفيف الشعر في الأسواق الأوروبية.
فقررت بتنكور طرح مستحضر منافس تحت علامة 'فروكتيس' خلال شهر فقط. لكن مختبرات 'لوريال' اعترضت لأن تجربة المستحضر تقتضي شهرا كاملا. غير أن بتنكور أمرت بإطلاق الحملة الإعلانية خلال الشهر تزامنا مع تجارب المستحضر. وقالت: 'في حال فشل المستحضر في تجارب المختبرات لخسرنا ملايين الدولارات، ولو نجح نكون سبقنا المنافسين'. وبالفعل، كان مستحضر 'سبراي فروكتيس' مطروحا في الأسواق الفرنسية قبل المستحضر الألماني بشهر تقريبا. وأثبتت بتنكور أنها تمارس في الكثير من الأحيان البيزنس على طريقة اللعب في الكازينو.
العمل بالقفازات
لتوسيع مروحة الانتشار، اعتمدت 'لوريال' كالكثير من الشركات العملاقة على سياسة إعلانية مميزة. فأنفقت الكثير من الأموال على الإعلانات، مستخدمة عارضات أزياء شهيرات مثل كلوديا شيفر وليتيسا كاستا كصورة لعلامتها التجارية. وتعتبر بتنكور هذه الوجوه سفراء ل'لوريال'.
فمن لا يعرف شعار الشركة لذي ملأ الدنيا وشغل الناس لفترة طويلة: 'لأنني أستحقه'. وهذا التواصل مع العميل جعل الطريق صعبة أمام منافسي العملاق الفرنسي. وبدل التوسع عبر فتح متاجر حول العالم، تعتمد 'لوريال' على موزعين محليين يعرفون السوق جيدا. وهي اليوم تضم 400 فرع حول العالم وحوالي 50 مصنعا.
ويقول أحد المحللين الاقتصاديين عن نجاح الشركة: 'ما جعل لوريال أنجح شركة في قطاعها في العالم هو عملها في البزنس بالقفازات، تماما كعمل خبرائها في مختبراتهم'. ولم تأل الشركة جهدا حتى تستهدف جميع الشرائح في المجتمعات حول العالم. ففي عام 1996 على سبيل المثال، طرحت شامبو 'فروكتيس' لتستهدف الشباب الأوروبي بعد انتشار موضة الحفاظ على البيئة عبر استخدام منتجات طبيعية.
حياتها اليوم
منذ 3 فبراير عام 2004، أصبحت بتنكور تملك 27.5 في المائة من لوريال بطريقة مباشرة بعد حل المجموعة القابضة 'غسبرال'، وكذا أصبحت ملكية 'نستله' بالشركة، التي أعلن عن إعادة هيكلتها. فعين جان بول أغون مديرا عاما للمجموعة ليساعد الرئيس التنفيذي أووين جونز، ونفذت الشركة الكثير من الاستحواذات على شركات مستحضرات تجميل وأصباغ وعطور في أوروبا والولايات المتحدة، أبرزها محلات 'بودي شوب' العالمية من مالكتها أنيتا روديك. ويقول مدير قسم 'سوفت شين - كارسون' في'لوريال'، بعد استحواذ الأخيرة على الشركتين الأميركيتين ب370 مليون دولار:
'تملك لوريال عقل نينجا، بمعنى أنها مركزة جدا، استراتيجية جدا، ولا تضيع أي مجهود'.
وتعيش بتنكور اليوم أرملة في باريس بعد وفاة زوجها، مؤمنة بقدرة شركتها على الابتكار الدائم، هي التي تقول: 'امنحوا أجنحة للإبداع، رافقوا المبدعين حتى تولد أفكارهم، تتجسد وتخدم...'. صحيح أنها ثاني أغنى شخص في فرنسا بعد برنار أرنو، إلا أنه يعرف عنها عدم تعلقها بالمال: 'لا أعتقد أن العلاقة بين الناس تشترى بالمال. الصداقة، ذوق الحياة، المعرفة والصحة: اقول ان هذه الأشياء ليس لها ثمن.
أغلى أشياء في الحياة هي التي ليس لها ثمن'. ويقول عنها أحد المحللين الماليين في تحقيق لصحيفة لوفيغارو الفرنسية: 'إنها مستشارة مهمة جدا في قلب لوريال، لكن لا أقول انها تأخذ القرارات الاستراتيجية وحدها في المجموعة'. فوجودها في الاجتماعات المصيرية للشركة مع الرؤساء التنفيذيين يبرهن أن لا شيء يقرر من دونها. سرية في عملها وحياتها الخاصة، لا تزال بتنكور، ابنة ال85 عاما، تعمل على رأس 'لوريال' وتراقب من بعيد، تتدخل مباشرة أحيانا، وتترك تفاصيل الأمور للمديرين أحيانا أخرى.
بطاقة هوية
الاسم:
ليليان بتنكور
تاريخ ومحل الولادة: 1922 ـ باريس
الشهادة الجامعية: غير معروفة
المهنة: مالكة 'لوريال'
الحالة الاجتماعية: أرملة، أم لابنة واحدة.
علامات العملاق الفرنسي
تملك مجموعة 'لوريال' الفرنسية عددا كبيرا من الماركات العالمية مقسمة على:
صالونات حلاقة محترفة: لوريال بروفيشيونال، ردكين، ماتريكس، وكيراستاز.
كماليات فخمة: لانكوم، كاشاريل، هيلينا روبنستين، ديزل، بيوترم، كيلز، شو أوويمورا، عطورات رالف لورين، رالف لورين وجورجيو أرماني.
كماليات عامة: لوريال باريس، غارنييه، مايبيلين، جيمي مايبيلين، سوفت- شين- كارسون.
مستحضرات صيدلية: فيتشي، سانوفلور، لا روش بوساي.
مقر الشركة.. وأكبر صالون في العالم
يقع مقر شركة 'لوريال' الرئيسي في كليشي. وهي ضاحية تقع في شمال غرب باريس، وتنتشر فيها منازل محدودي الدخل وبيوت قديمة. وفي هذه المنطقة غير المعروفة كثيرا على الخريطة السياحية الفرنسية تقع أكبر شركة لمستحضرات التجميل في العالم. عندما تدخل المبنى الضخم تلاحظ حجم الحماية، وعيون كاميرات المراقبة تلاحقك أينما كنت. وفي الطابق السفلي، يقع أكبر صالون للشعر في العالم. هناك، يقدم حوالي 90 حلاقا قصات شعر مجانية لأكثر من 300 امرأة يوميا. وتضم المجموعة اليوم حوالي 17 علامة تجارية ومئات المنتجات. وتملك أكثر من 15 في المائة من السوق العالمي وتبيع 130 منتجا في الثانية الواحدة.
جائزة علمية باسمها
أسست ليليان بتنكور مع زوجها في 22 ديسمبر عام 1987 'مؤسسة بتنكور شولير' التي توزع جوائز 'ليليان بتنكور لعلوم الحياة' على علماء أوروبيين تحت سن الرابعة والخمسين. ويعرف عن هذه الجمعية أنها الأكثر ثراء في فرنسا، لكنها أيضا الأكثر سرية. ويذكر أن بتنكور حصدت الكثير من التكريمات والجوائز أبرزها في 31 ديسمبر عام 2001 عندما قلدها وزير العمل آنذاك برنار كوشنير وسام الشرف برتبة فارس.
اعداد: مارون بدران
maroun_bedran@yahoo.com
ليليان بتنكور
إذا كان الفضل في تأسيس الشركة الفرنسية 'لوريال' لمستحضرات التجميل يعود إلى أوجين شولير، فالفضل في 'عملقة' الشركة ينطبع على ابنته ليليان بتنكور. ومن أفضل من الأرقام للتحدث عن نجاحات بتنكور. ففي 50 عاما بالتمام والكمال (استلمت إدارة الشركة وورثت الثروة عام 1957)، استطاعت 'وريثة الأصباغ' مضاعفة القيمة الرأسمالية ل'لوريال' 25 مرة، من 2 مليار دولار إلى أكثر من 50 مليارا.
صحيح أن وراء بتنكور فريق عمل مبتكر ومقدام، إلا أن صبرها الطويل وقدرتها على وضع استراتيجيات طويلة المدى جعلت منها أثرى امرأة في العالم، مع أموال خاصة قدرتها مجلة 'فوربس' الأميركية ب20.7 مليار دولار بداية العالم الحالي. فبتنكور التي تنطبع حياتها بسرية تامة، عرفت كيف تدافع عن مصالحها ومصلحة شركتها 'بأسنانها'.
فليليان ابنة المؤسس رفضت أي عملية استحواذ على 'لوريال'، ابنة والدها. فعلت المستحيل لتبقي الشركة عائلية، ومساهمة عامة في الوقت نفسه. فكانت ميزان الذهب تحافظ على توازن دقيق، وفعال. ومن أفضل من الفرنسية العتيقة، التي كانت تصحو على تجارب والدها للأصباغ المبتكرة وتنام على رائحة العطور الفاخرة، للمحافظة على إرث اشتهر به الفرنسيون وحملت صيته باريس، عاصمة الأناقة والموضة. فأصبحت 'لوريال' معها أكبر شركة مستحضرات تجميل في العالم وأكثرها ربحية على الإطلاق، تبيع 7800 منتج كل دقيقة في القارات الخمس.
لم تلق وسائل الإعلام المختلفة الأضواء على حياة ليليان بتنكور بقدر ما أثارت الجدل واسعا حول والدها ومعرفته بالنازيين، وزوجها وعلاقاته السياسية المشبوهة. فليليان، التي رأت النور صباح السبت 21 أكتوبر عام 1922 في الدائرة الباريسية السابعة، واسمها عند الولادة ليليان هنرييت شارلوت شولير، هي الابنة الوحيدة لأوجين شولير. وهذا الأخير مواليد عام 1881 عاش فقيرا، مضطرا أن يجمع الأموال من بيع القماش على الطرقات، حتى استطاع دفع أقساط مدرسته. وعند تخرجه من معهد الكيمياء عام 1904، تعاقد مع حلاق نسائي يخلط له أصباغ الشعر، حتى استطاع بعد عامين اختراع صبغة خاصة تثبت على الشعر. ومن مطبخ منزله عام 1907، أطلق شولير أول منتجاته تحت اسم 'لوريال' L'Aureale وما لبث أن أسس 'الجمعية الفرنسية لأصباغ الشعر الثابتة'، ومنحها اسم علامته التجارية، بعد تعديل الاسم اللاتيني إلى L'Oreal وخاض شولير تحديات عدة، لكن اختراعاته المتتالية من زيوت مرطبة للجسم وشامبو لا يعتمد في تركيبته على الصابون، رسمت له مسيرة نجاح مميزة.
والدها مع النازيين
لا يعرف الكثير عن طفولة ليليان إلا أنها ترعرعت في أحياء باريس مع عائلة جمعت ثروة جيدة نسبيا من أموال شركة 'لوريال' الفتية. غير أن ليليان عاشت يتيمة الأم بعد أن توفيت والدتها لوي مادلين بيرت دونسيو عام 1927، وهي لا تزال في سن الخامسة. ويعرف عن عائلتها المحافظة على السرية التامة للمعلومات الشخصية، خصوصا بعدما كشف أخيرا أن والدها كان له علاقة ب'لاكاغول'، وهي حركة فاشستية فرنسية مقربة من النازيين، تمارس العنف ضد الاشتراكية.
ويحكى أن شولير استقبل في مبنى 'لوريال' الكائن في شارع رويال الباريسي في ثلاثينات القرن الماضي اجتماعات للمجموعة. ويسجل التاريخ لهذه الحركة ارتكاب عدد كبير من الجرائم خصوصا عام ،1937 كما شكلت صلة وصل بين النازيين والحكومة الفرنسية بعد احتلال الألمان لفرنسا. وعمل شولير مع 'الغستابو' الألماني (المخابرات الخارجية للنازيين). وفي ليلة شهيرة عام 1941، فجر أعضاء 'لا كاغول' أكثر من 7 معابد يهودية في باريس. وفي كتابه 'ثورة الاقتصاد' الذي نشر عام 1941، كتب شولير 'أعرف تماما أننا لم نكن نستطيع أي شيء ضد النازيين، بعد وصولهم للسلطة عام ،1933 كان لديهم الوقت. لقد أخذوا عامين أو ثلاثة حتى تنظموا. لم نكن نملك الكوادر التي ملكها الألمان في هذه الفترة. لم نملك إيمانا بالاشتراكية الوطنية ولا حتى ديناميكية هتلر الدافعة للعالم'.
صحيح أن شولير مول الكثير من نشاطات 'لا كاغول'، لكنه ترك سجله نظيفا من الأعمال الإجرامية المباشرة. ويقول الصحافي الفرنسي برونو أبيسكا في كتابه 'لا ساغا دي بتنكور' La saga des Bettencourt أن 'شولير عاش تناقضات كثيرة في حياته. ففي حين عرف عنه علاقته بالنازيين، كان يؤوي في فترة من الفترات موظفين يهودا هربا من اضطهاد النازيين لهم!'.
وفاة المؤسس
كما تأثرت سمعة 'لوريال' كثيرا بهذه المعلومات الخطيرة والعنصرية، تأثرت ليليان بقدرة والدها على الابتكار والصبر الطويل في اختبار منتجاته. هي التي تعلمت الكثير على يده في مختبرات 'لوريال'. فمنذ عام 1937، أي منذ سن الخامسة عشرة، وليليان تتدرب في الشركة الفرنسية. تعمل ليل نهار إلى جانب الخبراء لمعرفة عناصر إنتاج هذه الصبغة أو ذلك الشامبو. وتدافع ليليان عن والدها 'كان أبي رجلا مليئا بالأمل ومتفائلا بشدة.
لم يكن يفهم شيئا في السياسة. لم يكن أبدا في السفينة المناسبة'.
وفي 8 يونيو عام 1950، تزوجت ليليان من السياسي الفرنسي أندريه بتنكور، الذي حملت اسم عائلته بعد زفاف سري وعائلي بعيد عن الأضواء، حسب رواية الصحافي الفرنسي أبيسكا. ورزق الزوجان بابنة وحيدة في 10 يوليو عام 1953 أسمياها فرنسواز. وتابعت السيدة بتنكور حياتها المهنية في 'لوريال' وتنقلت في مناصب عدة قبل وفاة والدها المؤسس عام ،1957 هنا، كان على ليليان الوريثة الوحيدة تحمل المسؤولية كاملة.
الخمسينات المضطربة
في سن الخامسة والثلاثين، كان على بتنكور تقرير مصير شركة عملاقة في تصنيع مستحضرات التجميل. فأول قرار اتخذته هو الإبقاء على إدارة الشركة لأشخاص من خارج العائلة. وكانت حينها الرئاسة التنفيذية في 'أيد أمينة مع فرنسوا دال'، حسب تعبير بتنكور نفسها. في هذه الفترة، كانت 'المالكة الشابة' تعيش مع زوجها حياة عائلية عادية في منطقة نويي سور سين. وعين زوجها مرات عدة وزيرا في حكومات في عهد الرؤساء رونيه كوتي وشارل ديغول وجورج بومبيدو.
إلا أن أحد العاملين في 'لوريال'، الذي كشف علاقة والدها السابقة بالنازيين، كشف للإعلام أن زوجها أيضا كان يتمتع بعلاقات مشبوهة مع النازيين. وقال جان فريدمان ان أندريه بتنكور كتب الكثير من المقالات في مجلة 'لا تير فرانسيز' تدعم البروباغندا النازية خلال الحرب العالمية الثانية بإدارة غوبلز. وهذه الفضيحة الإعلامية الثانية في حياة ليليان زادتها مناعة ضد الإشاعات، وعلمتها المحافظة على السرية التامة عن حياتها الخاصة.
انتهت خمسينات القرن الماضي، وانتهت معها سنوات الاضطراب لشركة 'لوريال'. وبدأ العد العكسي الفعلي لتصبح أكبر شركة في العالم لمستحضرات التجميل. وفي عام 1963، أدرجت بتنكور المجموعة في البورصة الفرنسية، لتطلق سياسة استحواذات عدة. فأولى العلامات التجارية كانت لانكوم ومختبرات غارنييه وجيمي.
خطط طويلة المدى
عرفت بتنكور منذ استلام زمام رئاسة مجلس إدارة 'لوريال' كيفية الحفاظ على الشركة الفرنسية، التي أثارت بنجاحها شهية الكثير من المستثمرين العالميين. ففي عام 1974، حاولت الشركة السويسرية 'نستله' الاستحواذ على 'لوريال'، إلا أن بتنكور وقفت ممانعة لذلك بطريقة ذكية. فأسست مجموعة قابضة تحت اسم 'غسبرال' تملك شركة 'لوريال'. ومنحت بتنكور 26.4 في المائة من رأسمال المجموعة الجديدة ل'نستله' مقابل 4 في المائة حصة في الشركة السويسرية. هذا الاتفاق ساهم بترك الطابع العائلي على الشركة، إذ بقيت بتنكور تملك 27.5 في المائة من 'لوريال'.
وهذه الأخيرة منذ حينها، تعتبر أسرع شركة مستحضرات تجميل نموا في العالم. واشتهرت بتنكور في وضع خطط طويلة المدى داعية جميع الموظفين إلى الصبر ومعاينة النتائج بعد أعوام. ففي عام 1980 على سبيل المثال، كانت منافستها شركة 'كليرول' الأميركية تملك 61 في المائة من سوق أصباغ الشعر في الولايات المتحدة. فقررت بتنكور التحدي في عقر دار الأخيرة. لم تعد المساهمين بالنتائج الفورية. لكن بعد 20 عاما، أصبحت 'لوريال' فعلا تملك 49 في المائة من سوق أصباغ الشعر الأميركي والمقدر ب1.3 مليار دولار. وانخفضت حصة 'كليرول' إلى 40 في المائة.
و'كليرول' ليست الشركة الوحيدة التي هزمتها 'لوريال'. 'ريفلون' عانت أيضا من المجموعة الفرنسية. كما أن مبيعات 'سيشيدو' اليابانية هبطت كثيرا في الأعوام الماضية. ولا يزال حجم 'استي لودر' يقدر بثلث حجم 'لوريال'.
في عام 1984، وفي الوقت الذي كانت ابنة بتنكور الوحيدة فرنسواز تحتفل بزواجها من جان بيار مايرز حفيد حاخام توفي في أحد مخيمات اللاجئين اليهود أيام النازيين، كان شارل زفياك يحل مكان فرانسوا دال رئيسا تنفيذيا ل'لوريال'. وما هي إلا أربع سنوات حتى عينت بتنكور ليندساي أووين جونز في المنصب المهم.
نجاح بعد نجاح
تعود الكثير من نجاحات الشركة إلى أووين جونز. والأخير شاب انكليزي طموح، فتحت له أبواب إدارة 'لوريال' عام ،1988 لكن بتنكور انتقدت بشدة حينها لأنها اختارت انكليزيا لإدارة مجموعة فرنسية عملاقة. وردت على هذه الانتقادات في مقابلة صحفية نادرة مع مجلة فوربس: 'اختيار رئيس ليس موضوع تعليق. المهم هو الرؤية، المهارة والشجاعة. والسيد أووين جونز يملك هذه المؤهلات'. وبالفعل، كان لأووين جونز أفكاره المبدعة في هذا المجال. فهو الذي ساهم في محو فكرة مقاطعة مستحضرات 'لوريال' بسبب اتهامها بالعنصرية ضد اليهود.
إذ استثمر بكثافة في إسرائيل. وفي عام 1994، قدمت بتنكور لزوج ابنتها اليهودي مقعدا في مجلس إدارة 'لوريال'. وعلى الرغم من الابتكار والتجديد، فإن 'لوريال' حافظت على هيكلية أساسية متينة صامدة في وجه رياح المنافسة. وتفتخر بتنكور أن 'هيكلية المجموعة لم تتغير منذ 26 عاما'.
وتضيف: 'هذا الاستقرار هو طبعا أحد العوامل الأساسية التي سمحت للشركة في التطور والنمو. وتعتبر القيمة السوقية للأسهم مؤشرا جيدا على ثقة المستثمرين بمستقبل المجموعة وبهيكليتها الحالية. لا شيء يبرر تغييرا ما على المدى القصير'. واستمرت الشركة في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي في تحقيق نجاح بعد نجاح. ويقول أووين جونز، المعروف ب'أو. جي.': 'نحن نحب البيزنس أكثر بقليل من منافسينا، وأعتقد أنهم لا يعرفون ما هي المسألة'. وبفضل حنكة أووين جونز وتشجيع بتنكور، استطاعت 'لوريال' الاستحواذ على 'مايبيلين'، الشركة الأميركية الرائدة في تصنيع مساحيق التجميل. وبهذا دخل العملاق الفرنسي بقوة إلى قطاع آخر.
عشق المغامرات
ومنذ استلامها لزمام الإدارة، جعلت بتنكور 'لوريال' مكانا لمجموعات صغيرة. فاجتماعات المحاسبين ومحددي الميزانيات لا تتوقف. وهم يحددون كل يوم ما يجب فعله بالأرقام للاستحواذ على هذه الشركة أو تلك أو مدى الإنفاق على إنتاج هذا المستحضر أو ذاك. وتجسد بتنكور شخصية المغامر الذي لا يخاف من شيء. فعلى سبيل المثال، أعلنت شركة ألمانية في التسعينات عن طرحها بعد شهرين مستحضرا لتصفيف الشعر في الأسواق الأوروبية.
فقررت بتنكور طرح مستحضر منافس تحت علامة 'فروكتيس' خلال شهر فقط. لكن مختبرات 'لوريال' اعترضت لأن تجربة المستحضر تقتضي شهرا كاملا. غير أن بتنكور أمرت بإطلاق الحملة الإعلانية خلال الشهر تزامنا مع تجارب المستحضر. وقالت: 'في حال فشل المستحضر في تجارب المختبرات لخسرنا ملايين الدولارات، ولو نجح نكون سبقنا المنافسين'. وبالفعل، كان مستحضر 'سبراي فروكتيس' مطروحا في الأسواق الفرنسية قبل المستحضر الألماني بشهر تقريبا. وأثبتت بتنكور أنها تمارس في الكثير من الأحيان البيزنس على طريقة اللعب في الكازينو.
العمل بالقفازات
لتوسيع مروحة الانتشار، اعتمدت 'لوريال' كالكثير من الشركات العملاقة على سياسة إعلانية مميزة. فأنفقت الكثير من الأموال على الإعلانات، مستخدمة عارضات أزياء شهيرات مثل كلوديا شيفر وليتيسا كاستا كصورة لعلامتها التجارية. وتعتبر بتنكور هذه الوجوه سفراء ل'لوريال'.
فمن لا يعرف شعار الشركة لذي ملأ الدنيا وشغل الناس لفترة طويلة: 'لأنني أستحقه'. وهذا التواصل مع العميل جعل الطريق صعبة أمام منافسي العملاق الفرنسي. وبدل التوسع عبر فتح متاجر حول العالم، تعتمد 'لوريال' على موزعين محليين يعرفون السوق جيدا. وهي اليوم تضم 400 فرع حول العالم وحوالي 50 مصنعا.
ويقول أحد المحللين الاقتصاديين عن نجاح الشركة: 'ما جعل لوريال أنجح شركة في قطاعها في العالم هو عملها في البزنس بالقفازات، تماما كعمل خبرائها في مختبراتهم'. ولم تأل الشركة جهدا حتى تستهدف جميع الشرائح في المجتمعات حول العالم. ففي عام 1996 على سبيل المثال، طرحت شامبو 'فروكتيس' لتستهدف الشباب الأوروبي بعد انتشار موضة الحفاظ على البيئة عبر استخدام منتجات طبيعية.
حياتها اليوم
منذ 3 فبراير عام 2004، أصبحت بتنكور تملك 27.5 في المائة من لوريال بطريقة مباشرة بعد حل المجموعة القابضة 'غسبرال'، وكذا أصبحت ملكية 'نستله' بالشركة، التي أعلن عن إعادة هيكلتها. فعين جان بول أغون مديرا عاما للمجموعة ليساعد الرئيس التنفيذي أووين جونز، ونفذت الشركة الكثير من الاستحواذات على شركات مستحضرات تجميل وأصباغ وعطور في أوروبا والولايات المتحدة، أبرزها محلات 'بودي شوب' العالمية من مالكتها أنيتا روديك. ويقول مدير قسم 'سوفت شين - كارسون' في'لوريال'، بعد استحواذ الأخيرة على الشركتين الأميركيتين ب370 مليون دولار:
'تملك لوريال عقل نينجا، بمعنى أنها مركزة جدا، استراتيجية جدا، ولا تضيع أي مجهود'.
وتعيش بتنكور اليوم أرملة في باريس بعد وفاة زوجها، مؤمنة بقدرة شركتها على الابتكار الدائم، هي التي تقول: 'امنحوا أجنحة للإبداع، رافقوا المبدعين حتى تولد أفكارهم، تتجسد وتخدم...'. صحيح أنها ثاني أغنى شخص في فرنسا بعد برنار أرنو، إلا أنه يعرف عنها عدم تعلقها بالمال: 'لا أعتقد أن العلاقة بين الناس تشترى بالمال. الصداقة، ذوق الحياة، المعرفة والصحة: اقول ان هذه الأشياء ليس لها ثمن.
أغلى أشياء في الحياة هي التي ليس لها ثمن'. ويقول عنها أحد المحللين الماليين في تحقيق لصحيفة لوفيغارو الفرنسية: 'إنها مستشارة مهمة جدا في قلب لوريال، لكن لا أقول انها تأخذ القرارات الاستراتيجية وحدها في المجموعة'. فوجودها في الاجتماعات المصيرية للشركة مع الرؤساء التنفيذيين يبرهن أن لا شيء يقرر من دونها. سرية في عملها وحياتها الخاصة، لا تزال بتنكور، ابنة ال85 عاما، تعمل على رأس 'لوريال' وتراقب من بعيد، تتدخل مباشرة أحيانا، وتترك تفاصيل الأمور للمديرين أحيانا أخرى.
بطاقة هوية
الاسم:
ليليان بتنكور
تاريخ ومحل الولادة: 1922 ـ باريس
الشهادة الجامعية: غير معروفة
المهنة: مالكة 'لوريال'
الحالة الاجتماعية: أرملة، أم لابنة واحدة.
علامات العملاق الفرنسي
تملك مجموعة 'لوريال' الفرنسية عددا كبيرا من الماركات العالمية مقسمة على:
صالونات حلاقة محترفة: لوريال بروفيشيونال، ردكين، ماتريكس، وكيراستاز.
كماليات فخمة: لانكوم، كاشاريل، هيلينا روبنستين، ديزل، بيوترم، كيلز، شو أوويمورا، عطورات رالف لورين، رالف لورين وجورجيو أرماني.
كماليات عامة: لوريال باريس، غارنييه، مايبيلين، جيمي مايبيلين، سوفت- شين- كارسون.
مستحضرات صيدلية: فيتشي، سانوفلور، لا روش بوساي.
مقر الشركة.. وأكبر صالون في العالم
يقع مقر شركة 'لوريال' الرئيسي في كليشي. وهي ضاحية تقع في شمال غرب باريس، وتنتشر فيها منازل محدودي الدخل وبيوت قديمة. وفي هذه المنطقة غير المعروفة كثيرا على الخريطة السياحية الفرنسية تقع أكبر شركة لمستحضرات التجميل في العالم. عندما تدخل المبنى الضخم تلاحظ حجم الحماية، وعيون كاميرات المراقبة تلاحقك أينما كنت. وفي الطابق السفلي، يقع أكبر صالون للشعر في العالم. هناك، يقدم حوالي 90 حلاقا قصات شعر مجانية لأكثر من 300 امرأة يوميا. وتضم المجموعة اليوم حوالي 17 علامة تجارية ومئات المنتجات. وتملك أكثر من 15 في المائة من السوق العالمي وتبيع 130 منتجا في الثانية الواحدة.
جائزة علمية باسمها
أسست ليليان بتنكور مع زوجها في 22 ديسمبر عام 1987 'مؤسسة بتنكور شولير' التي توزع جوائز 'ليليان بتنكور لعلوم الحياة' على علماء أوروبيين تحت سن الرابعة والخمسين. ويعرف عن هذه الجمعية أنها الأكثر ثراء في فرنسا، لكنها أيضا الأكثر سرية. ويذكر أن بتنكور حصدت الكثير من التكريمات والجوائز أبرزها في 31 ديسمبر عام 2001 عندما قلدها وزير العمل آنذاك برنار كوشنير وسام الشرف برتبة فارس.
اعداد: مارون بدران
maroun_bedran@yahoo.com