احمد امين
08-18-2007, 03:35 PM
موضوع جديد
وليس فيه دليل على ما قالوا, لان ما كان شريعةً لموسى عليه السلام فلم ينسخ إلى ان بعث النبي صلى الله عليه و(آله) وسلم, لقد صارت شريعةً للنبي عليه السلام وكان فيما سلف شريعةً لغيره فلا دلالة في الآية على اختلاف احكام الشرائع وايضا فلا يختلف احدٌ في تجويز ان يتعبد الله رسوله بشريعة موافقة لشرائع من كان قبله من الانبياء, فلم ينفي قوله: (لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا) ان تكون شريعة النبي عليه السلام موافقة لكثير من شرائع الانبياء المتقدمين.
وقال ابن تيمية الجزء الثاني ص56 من دقائق التفسير: (واخبره تعالى انه جعل لكلٍ من اهل التوارة والانجيل والقرآن شرعةً ومنهاجا وامره تعالى بالحكم بما انزل الله امراً عام لاهل التوراة والانجيل والقرآن ليس لاحد في وقت من الاوقات ان يحكم بغير ما انزل الله والذي انزله الله هو دينٌ واحد اتفقت عليه الكتب والرسل وهم متفقون في اصول الدين وقواعد الشريعة وان تنوعوا في الشرعة والمنهاج بين ناسخ ومنسوخ فهو شبيه بتنوع حال الكتاب فان المسلمين كانوا اولاً مأمورين بالصلاة لبيت المقدس ثم امروا ان يصلوا للمسجد الحرام وفي كلا الامرين انما اتبعوا ما انزل الله عز وجل).
وقال ابن تيمية في الجزء الثاني ص52 في دقائق التفسير فجعل القرآن مهيمناً والمهيمن الشاهد الحاكم المؤتمن فهو يحكم بما فيها ((التوراة والانجيل)) مما لم ينسخه الله ويشهد بتصديق ما فيها مما لم يبدل ولهذا قال (لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا).
ومن خلال هذا العرض الروائي والتفسيري واقوال العلماء من ابناء العامة يتضح لنا ما اثبتناه في الابحاث المتقدمة من ان شريعة من قبلنا شريعةً لنا (هذا ما اثبتته اقوال علمائهم وفتاواهم كفتوى الشيخ صالح بن فوزان الفوزان)
ما لم يثبت بدليل قطعي ان هناك ناسخ للاحكام الثابتة للشرائع والسبل المتقدمة على سبيل ومنهاج شريعة خاتم الانبياء صلى الله عليه وآله ومما يشهد بصحة هذا ما ذكره الباري تعالى في محكم كتابه من آي كريم ((حتى تقيموا التوراة والانجيل)) فان القرآن الكريم يخاطب اهل التوراة واهل الانجيل بانهم ملزمون باقامة التوارة والانجيل لانها بالتالي تؤدي إلى الايمان والاقرار بما عليه النبي محمد صلى الله عليه وآله وشريعته.
ومما يشهد لذلك ما قاله ابن تيمية في الجزء الثاني ص56 في دقائق التفسير (قال في معرض تفسيره للآية الكريمة ((حتى تقيموا التوراة والانجيل)) هذا يبين ان هذا امر لمحمد صلى الله عليه (وآله) وسلم ان يقول لاهل الكتاب الذي بعث اليهم انهم ليسوا على شيء حتى يقيموا التوراة والانجيل وما انزل اليهم من ربهم فدل ذلك على انهم عندهم ما يعلم انه منزل من الله وانهم مأمورون باقامته إذا كان ذلك مما قرره محمدٌ صلى الله عليه (وآله) وسلم ولم ينسخه. ومعلوم ان كل ما امر الله به على لسان نبي ولم ينسخه النبي الثاني بل اقره كان الله آمراً به على لسان نبي بعد نبي ولم يكن في بعثة الثاني ما يضاد وجوب اتباع ما امر به النبي الاول وقرره النبي الثاني.
ولا يجوز ان يقال ان الله ينسخ بالكتاب الثاني جميع ما شرعه بالكتاب الاول انما المنسوخ قليلٌ بالنسبة إلى ما اتفقت عليه الكتب والشرائع).
ومن الشواهد الاخرى التي تدلل على ما ذكرناه مفصلاً فيما تقدم من ابحاث
ما جاءفي جامع البيان لإبن جرير الطبري - ج 3 - ص
في تفسير قوله تعالى(ومصدقا لما بين يدي من التوراة ) لان عيسى صلوات الله عليه كان مؤمنابالتوراة مقرا بها ، وأنها من عند الله ، وكذلك الأنبياء كلهم يصدقون بكل ما كانقبلهم من كتب الله ورسله
وفي تفسير ابن كثير لابن كثير - ج 1 - ص 373
ومصدقالما بين يدي من التوراة " أي مقرا لهم ومثبتا"
وفي تفسير القرطبي - القرطبي - ج 4ص 96
المعنى وجئتكم مصدقا . ( لما بين يدي ) لما قبلي
وكذلك مما يعد من الشواهد على ذلك:
ما ذكره ابن كثير في تفسيره في الجزء الاول ص46( في معرض حديثه عن تفسير قوله تعالى: ((حتى تقيموا التوراة والانجيل)), حيث قال: آمن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله, وقال تعالى: ((والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين احد منهم)) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على جميع امر المؤمنين بالايمان بالله ورسله وكتبه ثم فصل الكلام واكد على لزوم الايمان الاجمالي بما في الكتب المنزلة والتفصيلي بما انزل على خاتم الانبياء صلى الله عليه وآله وسلم).
ومما يمكن ان يصلح شاهدا ومؤيدا ماورد في قوله تعالىشرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب (فقد ذكر الرازي ماحاصله(شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ) والمعنى شرع الله لكم يا أصحاب محمد من الدين ما وصى به نوحا ومحمدا وإبراهيم وموسى وعيسى ، هذا هو المقصود من لفظ الآية ، وإنما خص هؤلاء الأنبياء الخمسة بالذكر لأنهم أكابر الأنبياء وأصحاب الشرائع العظيمة والأتباع الكثيرة.
تفسير الرازي - ج 27 - ص 156
وبهذا ننتهي من البحث الرابع الذي عنوناه بعنوان المحور الرابع في روايات ابناء العامة في الباب والذي انتهينا من خلاله إلى ان شريعة من قبلنا شريعةٌ لنا ما لم يرد ناسخ في مسألة وفرع من فروعها ويجب علينا الايمان الاجمالي بتلك الشرائع السابقة على شريعة الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم.
المحور الخامس: روايات حكم الإمام المهدي بحكم داوود ومحل التشبيه فيها وتفسيرات لها على لسان علماء الامامية.
ففي بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار - ص 471
حدثنا أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار الساباطي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام بما تحكمون إذا حكمتم فقال بحكم الله و حكم داود فإذا ورد علينا شئ ليس عندنا تلقانا به روح القدس .
وفيه- ص 472
حدثنا أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار أو غيره قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام فبما تحكمون إذا حكمتم فقال بحكم الله وحكم داود وحكم محمد صلى الله عليه وآله فإذا ورد علينا ما ليس في كتاب على تلقانا به روح القدس والهمنا الله الهاما .
وفي الكافي للشيخ الكليني ج 1 - ص 397 - 398
باب في الأئمة عليهم السلام انهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود ولا يسألون البينة ، عليهم السلام .
1 - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور ، عن فضل الأعور ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : كنا زمان أبي جعفر عليه السلام حين قبض نتردد كالغنم لا راعي لها ، فلقينا سالم بن أبي حفصة ، فقال لي : يا أبا عبيدة من إمامك ؟ فقلت أئمتي آل محمد فقال : هلكت وأهلكت أما سمعت أنا وأنت أبا جعفر عليه السلام يقول : من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية ؟ فقلت : بلى لعمري ، ولقد كان قبل ذلك بثلاث أو نحوها دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فرزق الله المعرفة ، فقلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن سالما قال لي كذا وكذا ، قال : فقال : يا أبا عبيدة إنه لا يموت منا ميت حتى يخلف من بعده من يعمل بمثل عمله ويسير بسيرته ويدعو إلى ما دعا إليه ، يا أبا عبيدة إنه لم يمنع ما أعطي داود أن أعطي سليمان ، ثم قال : يا أبا عبيدة إذا قام قائم آل محمد عليه السلام حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل بينة .
2 - محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن أبان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : لا تذهب الدنيا حتى يخرج رجل مني يحكم بحكومة آل داود ولا يسأل بينة ، يعطي كل نفس حقها .
3 - محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : بما تحكمون إذا حكمتم ؟ قال : بحكم الله وحكم داود فإذا ورد علينا الشئ الذي ليس عندنا ، تلقانا به روح القدس .
4 - محمد بن أحمد ، عن محمد بن خالد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عمران بن أعين ، عن جعيد الهمداني ، عن علي بن الحسين عليهما السلام ، قال : سألته بأي حكم تحكمون ؟ قال : حكم آل داود ، فإن أعيانا شئ تلقانا به روح القدس .
5 - أحمد بن مهران رحمه الله ، عن محمد بن علي ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما منزلة الأئمة ؟ قال : كمنزلة ذي القرنين وكمنزلة يوشع وكمنزلة آصف صاحب سليمان ، قال : فبما تحكمون ؟ قال : بحكم الله وحكم آل داود وحكم محمد صلى الله عليه وآله ويتلقانا به روح القدس .
وفي كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق - ص 155 - 156
وهكذا يكون سبيل القائم عليه السلام له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه ، وأنطقه الله عز وجل فناداه اخرج يا ولي الله فاقتل أعداء الله ، وله سيف مغمد إذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده وأنطقه الله عز وجل فناداه السيف اخرج يا ولي الله فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء الله ، فيخرج عليه السلام ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ويقيم حدود الله ويحكم بحكم الله عز وجل .
وفي شرح أصول الكافي لمولي محمد صالح المازندراني - ج 6 - ص 419 - 421
باب في الأئمة ( عليهم السلام ) انهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود و آل داوود ولا يسألون البينة ، عليهم السلام والرحمة والرضوان
الشرح (للحديث الاول):
قوله ( ولقد كان قبل ذلك بثلاث أو نحوها ) أي وقد كان السماع قبل قبض أبي جعفر ( عليه السلام ) أو قبل لقاء سالم بثلاث سنين أو نحوها .
قوله ( دخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) ) استئناف كأنه قيل : ما فعلت ؟ فقال : دخلت قوله ( حتى يخلف من بعده ) خلفه تخليفا جعله خليفة كاستخلفه .
قوله ( إنه لم يمنع ما أعطي داود ) أن أعطي سليمان كما أن الله سبحانه أعطى داود حكما وأعطى سليمان حكما آخر كما حكما في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم ولم يمنعه إعطاء الأول من إعطاء الثاني مع أن دينهما واحد لوقوع كل على وفق مصلحة ، كذلك أعطى الأئمة حكما وأعطى قائمهم حكما آخر وهو أنه يحكم بعلمه ولا يطلب بينة كما حكم به أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في بعض القضايا وحكم به داود وسليمان ( عليهما السلام ) في بعض الأوقات : وقوله ( إذا قام قائم آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) ) يحتمل الكلية والجزئية لأن إذا بحسب العرف يفيد الكلية وبحسب اللغة يفيد الجزئية والأخير أظهر لأن عرف الشرع فيه غير معروف فالأولى بقاؤه على عرف اللغة .
الشرح (للحديث الثالث):
قوله ( فإذا ورد علينا الشيء الذي ليس عندنا تلقانا به روح القدس ) كما تلقى داود ( عليه السلام ) في رجل استعدى على رجل فقال : إن هذا أخذ مالي ، فأوحى إليه أن هذا المستعدي قتل أبا هذا وأخذ ماله ، فأمر داود بالمستعدي فقتل وأخذ ماله فدفعه إلى المستعدى عليه فعجب الناس . وكما تلقاه في شيخ تعلق بشاب معه عنقود من عنب فقال الشيخ : يا نبي الله إن هذا الشاب دخل بستاني وخربه وأكل منه بغير إذني ، فقال داود للشاب : ما تقول ؟ وأقر به ، فأوحى إليه أن يا داود إن هذا الشيخ قد اقتحم على أبي هذا الغلام في بستانه فقتله وغصب بستانه وأخذ منه أربعين ألف درهم فدفنها في جانب بستانه فادفع إلى الشاب سيفا ومره أن يضرب عنق الشيخ وادفع إليه البستان ومره أن يحضر موضع كذا ويأخذ ماله . وكما تلقاه في بقرة اختصم رجلان فيها فجاء هذا ببينة وجاء هذا ببينة فأوحى إليه خذ البقرة ممن هي في يده فادفعها إلى الآخر واضرب عنقه لأن الذي كانت البقرة في يده قتل أبا هذا وأخذ البقرة منه ، وأمثال ذلك كثيرة .
الشرح(للحديث الخامس) :
قوله ( قال كمنزلة ذي القرنين ) وجه التشبيه إما الوصية أو العلم والقرب والرفعة وليس الغرض منه إلحاق الناقص بالكامل لأنهم ( عليهم السلام ) أعلم وأقرب وشأنهم أرفع وأجل بل الغرض منه هو الإلحاق بالمعروفين بالعلم والقرب والرفعة في الصدر الأول ، وبالجملة لا يجب أن يكون الوجه في المشبه به أقوى لجواز أن يكون مشهورا مسلم الثبوت له عند المخاطب ، وقد مر توضيح ذلك في باب أن الأئمة ( عليهم السلام ) بمن يشبهون ممن مضى . قوله ( بحكم الله وحكم آل داود وحكم محمد ( صلى الله عليه وآله ) ) لعل المراد بحكم محمد ( صلى الله عليه وآله ) الحكم بظاهر الشريعة وبحكم الله أو حكم داود الحكم بباطنها وهو الحكم بالواقع وبما يلقي إليهم روح القدس وفيه دلالة على ما أشرنا إليه من أن القائم قد يحكم بحكم داود لا دائما كما أن داود قد كان يحكم به لا دائما ، فليتأمل .انتهى كلام الشارح.
ان محل التشبيه به في هذه الروايات
هو عدم سؤال المتخاصمين البينة فان الرسول (صلى الله عليه وآلهكان يحكم بالحكم الظاهري حيث اثر عنه (صلى الله عليه وآله) انما احكم بينكمبالايمان والبينات اما داود (عليه السلام) فكان يحكم في بعض الموارد بالحكم الواقعيلذلك نلاحظ ان الروايات التي شبّهت حكم الامام المهدي (عليه السلام) بحكم داود ذكرتمحل الشبه فقالت ولا يسأل بيّنة أي بمعنى ان الامام (عليه السلام) يحكم في بعضالاحيان بدون ان يحتاج الى طلب البينة من المتخاصمين، ففي الكافي الجزء الثالث ص503باب منع الزكاة الحديث الخامس عن ابي عبد الله (عليه السلام) في حديث له قالفاذا بعث الله عز وجل قائمنا اهل البيت حكم فيهما بحكم الله لا يريد عليهمابيّنة
هذا, ويحدثنا التاريخ ان امير المؤمنين (عليه السلام) كان يحكم في بعضالاحيان دون التماس البينة او يضيف اليها مجموعة من القرائن التي لا يلتفت اليهاعادةً ويحكم بها ثم يعلق (عليه السلام) بعد ذلك بان ما حكم به لم يحكم به غيره سوىداود (على نبينا وآله وعليه السلام) هذا من جهة, ومن جهة اخرى اتفقت كلمة اغلب العلماءمن الفريقين على ان للقاضي ان يحكم بعلمه كما سياتي قريبا نقل اقوالهم الدالة على ذلك، فاذا كان للقاضي الذي يعلم ظاهر الاحكام,الحكم بعلمه فكيف لمن يكون علمه علم الكتاب ومعنى علم الكتاب ليس القرآن فقط بليعلم واقع الاحكام الدينية كلهااذن فالمهدي (عليه السلام) يحكم بحكم داود وآل داود ولا يريد بينة وشاهدما ذكرناه من الروايت ما رواه قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائر في ج1 ص291في الباب السادس في معجزات الامام الباقر (عليه السلام) الحديث رقم 24 عن الباقرعليه السلام) في حديث اخذنا منه فقال لها (عليه السلام): بيني وبينك من يحكم بحكمداود وآل داود ويعرف منطق الطير ولا يحتاج الى شهود
وفي حديث آخر رواه العامليفي الصراط المستقيم ج2 ص254 عن الصادق (عليه السلام) قال: (انه يحكم بحكم داود ولايحتاج الى بينة يلهمه الله فيحكم بعلمه ويخبر كل قوم بما استنبطوه ويعرف وليّه منعدوّه بالتوسم
نقل العلامة المجلسي في البحار ج52 ص382 قولاً للعلامة الطبرسيفي كتاب اعلام الورى تحليلاً لهذا المعنى حيث قال وانه يحكم بحكم داود (عليهالسلام) لا يسأل بينة واشباه ذلك والجواب ان هذه الاخبار غير مقطوع بها وان صحّتفتأويلها انه يحكم بعلمه فيما يعلمه واذا علم الامام او الحاكم امراً من الامورفعليه ان يحكم بعلمه ولا يسأل عنه وليس في هذا نسخ للشريعة
اذن الامام (عليهالسلام) يحكم بحكم داود معنى انه لا يسأل بينة هذا اولاً .
وثانياً ان الله تعالى قالولا نفرّق بين احد منهم ونحن له مسلمون وقال تعالى واوحينا اليك كما اوحينا الى نوحوالنبيين من بعده واوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وايوبويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا وغيرها مما تقدم من ايات.فبمقتضى الجمع بين هذه الايات يتضح ان الموحى به امر واحد نعم هناك فرق في المناهجوالشرائع وعليه فحكم الامام الذي يعلم الكتاب حكم لاحكام الدين الاسلامي ومحلالتشبيه واضح جداً
المحور السادس: اقوال علماء ابناء العامة في حكم النبي (صلى الله عليه وآله) بل والقاضي بعلمه.
ففي كشاف القناع للبهوتي - ج 5 - ص 37
( وله ) ( ص ) ( أن يقضي ) ويفتي ( وهو غضبان ، وأن يقضي بعلمه ويحكم لنفسه وولده ، ويشهد لنفسه وولده ، ويقبل شهادة من يشهد له ( ص ) أو لولده . لحديث خزيمة ولأنه معصوم وفي المغني لعبد الله بن قدامه - ج 11 - ص 478
بناء على القاضي هل له أن يقضي بعلمه ؟ على روايتين لأن قاضي دمشق أخبره به في عمله ومذهب الشافعي في هذا كقول القاضي ههنا .
وفي بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد - ج 2 - ص 385
أن العلماء أجمعوا على أن القاضي يقضي بعلمه .
وفي الاستذكار لابن عبد البر - ج 7 - ص 94 - 95
والسلف من الصحابة والتابعين مختلفون في قضاء القاضي بعلمه على حسب اختلاف فقهاء الأمصار من ذلك ومما احتج به من قال إن القاضي يقضي بعلمه فيما قضى به علمه مع ما قدمنا ذكره ما رويناه من طريق ( غير واحد ) عن عروة وعن مجاهد جميعا بمعنى واحد ان رجلا من بني مخزوم استعدى عمر بن الخطاب على أبي سفيان بن حرب انه ظلمه حدا في موضع كذا وكذا فقال عمر اني لاعلم الناس بذلك وربما لعبت انا وأنت فيه ونحن غلمان فإذا قدمت مكة فاتني بابي سفيان فلما قدم مكة اتاه المخزومي بابي سفيان فقال له عمر يا أبا سفيان ( انهض بنا إلى موضع كذا فنهضوا ونظر عمر فقال يا أبا سفيان ) خذ هذا الحجر من هنا فضعه ها هنا فقال والله لا افعل ذلك ( فقال عمر والله لتفعلن فقال لا والله لا افعل فقال ) والله لتفعلن فقال لا افعل فعلاه عمر بالدرة وقال خذه - لا أم لك - وضعه ها هنا فإنك قديم الظلم فاخذ أبو سفيان الحجر ووضعه حيث قال عمر ثم إن عمر استقبل القبلة وقال اللهم لك الحمد إذ لم تمتني حتى غلبت علي أبا سفيان على رايه فاذللته لي بالاسلام قال فاستقبل القبلة أبو سفيان وقال اللهم لك الحمد الذي لم تمتني حتى جعلت في قلبي من الاسلام ما ذللت به لعمر ففي هذا الخبر قضاء عمر بعلمه فيما قد علمه قبل ولايته
وفي مغني المحتاج لمحمد بن أحمد الشربيني - ج 4 - ص 398
ولا يقضي بخلاف علمه يندرج فيه حكمه بخلاف عقيدته ، قال البلقيني : وهذا يمكن أن يدعى فيه اتفاق العلماء ، لأن الحكم إنما يبرم من حاكم بما يعتقده . ( والأظهر أنه يقضي بعلمه ) ولو علمه قبل ولايته أو في غير محل ولايته . وسواء أكان في الواقعة بينة أم لا ، لأنه إذا حكم بما يفيد الظن وهو الشاهدان أو شاهد ويمين فبالعلم أولى . وعلى هذا يقضي بعلمه في المال قطعا ، وكذا في القصاص وحده القذف في الأظهر.
وفي المجموع لمحيى الدين النووي - ج 12 - ص 150
على الصحيح أن القاضي يقضى بعلمه.
وفي فتح العزيز لعبد الكريم الرافعي - ج 5 - ص 503
ولو كان القاضي عالما بالحال وقلنا إنه يقضى بعلمه فهو كما لو كانت له بينة.
وهناك الكثير من الاقوال في هذا الباب تركت طلبا للاختصار.
ومن هنا يتبين سقم ما نقل عن الدكتور الغفاري من ذمٍ لشيخ الاسلام وثقته الكليني لعقيدته في هذا الباب حيث شنّع عليه بأن هذا العنصر عنصر يهودي، وخفي عليه ما مُلأت به الصحاح فضلاً عن غيرها من تراثٍ يهودي.
اذ تبيّن لك ان احاديث الكافي وغيره ناظرة الى ان حكمه (عليه السلام) بحكم داود لمكان التشبيه بعدم الاحتياج الى بيّنة، فكما ان داود كان يحكم ويدير شؤون ملكه بعلمه الذي آتاه الله اياه على حد تعبير الامام الصادق (عليه السلام) اذ قال (ان داود عليه السلام قال يا رب ارني الحق كما هو عندك حتى اقضي به...) وقد روت مصادر ابناء العامة قبلنا روايات تدبير داود بعلمه شؤون ملكه فقد روى الحاكم في مستدركه تحت الرقم 4135 (... فلم يزل داود يدبر بعلم الله ونوره، قاضياً بحلاله، ناهياً عن حرامه، حتى اذا ما اراد الله ان يقبضه اليه اوحى اليه ان استودع نور الله وحكمته ما ظهر منها وما بطن الى ابنك سليمان ففعل).
اذن فالنتيجة المستخلصة من الابحاث المتقدمة ان الامام عليه السلام انما حكمه بحكم داود من جهة عدم السؤال عن البينة وليس بذلك مما يشان به علينا كما هو بين.
--- التوقيع ---
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
http://WWW.M-MAHDI.COM
وليس فيه دليل على ما قالوا, لان ما كان شريعةً لموسى عليه السلام فلم ينسخ إلى ان بعث النبي صلى الله عليه و(آله) وسلم, لقد صارت شريعةً للنبي عليه السلام وكان فيما سلف شريعةً لغيره فلا دلالة في الآية على اختلاف احكام الشرائع وايضا فلا يختلف احدٌ في تجويز ان يتعبد الله رسوله بشريعة موافقة لشرائع من كان قبله من الانبياء, فلم ينفي قوله: (لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا) ان تكون شريعة النبي عليه السلام موافقة لكثير من شرائع الانبياء المتقدمين.
وقال ابن تيمية الجزء الثاني ص56 من دقائق التفسير: (واخبره تعالى انه جعل لكلٍ من اهل التوارة والانجيل والقرآن شرعةً ومنهاجا وامره تعالى بالحكم بما انزل الله امراً عام لاهل التوراة والانجيل والقرآن ليس لاحد في وقت من الاوقات ان يحكم بغير ما انزل الله والذي انزله الله هو دينٌ واحد اتفقت عليه الكتب والرسل وهم متفقون في اصول الدين وقواعد الشريعة وان تنوعوا في الشرعة والمنهاج بين ناسخ ومنسوخ فهو شبيه بتنوع حال الكتاب فان المسلمين كانوا اولاً مأمورين بالصلاة لبيت المقدس ثم امروا ان يصلوا للمسجد الحرام وفي كلا الامرين انما اتبعوا ما انزل الله عز وجل).
وقال ابن تيمية في الجزء الثاني ص52 في دقائق التفسير فجعل القرآن مهيمناً والمهيمن الشاهد الحاكم المؤتمن فهو يحكم بما فيها ((التوراة والانجيل)) مما لم ينسخه الله ويشهد بتصديق ما فيها مما لم يبدل ولهذا قال (لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا).
ومن خلال هذا العرض الروائي والتفسيري واقوال العلماء من ابناء العامة يتضح لنا ما اثبتناه في الابحاث المتقدمة من ان شريعة من قبلنا شريعةً لنا (هذا ما اثبتته اقوال علمائهم وفتاواهم كفتوى الشيخ صالح بن فوزان الفوزان)
ما لم يثبت بدليل قطعي ان هناك ناسخ للاحكام الثابتة للشرائع والسبل المتقدمة على سبيل ومنهاج شريعة خاتم الانبياء صلى الله عليه وآله ومما يشهد بصحة هذا ما ذكره الباري تعالى في محكم كتابه من آي كريم ((حتى تقيموا التوراة والانجيل)) فان القرآن الكريم يخاطب اهل التوراة واهل الانجيل بانهم ملزمون باقامة التوارة والانجيل لانها بالتالي تؤدي إلى الايمان والاقرار بما عليه النبي محمد صلى الله عليه وآله وشريعته.
ومما يشهد لذلك ما قاله ابن تيمية في الجزء الثاني ص56 في دقائق التفسير (قال في معرض تفسيره للآية الكريمة ((حتى تقيموا التوراة والانجيل)) هذا يبين ان هذا امر لمحمد صلى الله عليه (وآله) وسلم ان يقول لاهل الكتاب الذي بعث اليهم انهم ليسوا على شيء حتى يقيموا التوراة والانجيل وما انزل اليهم من ربهم فدل ذلك على انهم عندهم ما يعلم انه منزل من الله وانهم مأمورون باقامته إذا كان ذلك مما قرره محمدٌ صلى الله عليه (وآله) وسلم ولم ينسخه. ومعلوم ان كل ما امر الله به على لسان نبي ولم ينسخه النبي الثاني بل اقره كان الله آمراً به على لسان نبي بعد نبي ولم يكن في بعثة الثاني ما يضاد وجوب اتباع ما امر به النبي الاول وقرره النبي الثاني.
ولا يجوز ان يقال ان الله ينسخ بالكتاب الثاني جميع ما شرعه بالكتاب الاول انما المنسوخ قليلٌ بالنسبة إلى ما اتفقت عليه الكتب والشرائع).
ومن الشواهد الاخرى التي تدلل على ما ذكرناه مفصلاً فيما تقدم من ابحاث
ما جاءفي جامع البيان لإبن جرير الطبري - ج 3 - ص
في تفسير قوله تعالى(ومصدقا لما بين يدي من التوراة ) لان عيسى صلوات الله عليه كان مؤمنابالتوراة مقرا بها ، وأنها من عند الله ، وكذلك الأنبياء كلهم يصدقون بكل ما كانقبلهم من كتب الله ورسله
وفي تفسير ابن كثير لابن كثير - ج 1 - ص 373
ومصدقالما بين يدي من التوراة " أي مقرا لهم ومثبتا"
وفي تفسير القرطبي - القرطبي - ج 4ص 96
المعنى وجئتكم مصدقا . ( لما بين يدي ) لما قبلي
وكذلك مما يعد من الشواهد على ذلك:
ما ذكره ابن كثير في تفسيره في الجزء الاول ص46( في معرض حديثه عن تفسير قوله تعالى: ((حتى تقيموا التوراة والانجيل)), حيث قال: آمن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله, وقال تعالى: ((والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين احد منهم)) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على جميع امر المؤمنين بالايمان بالله ورسله وكتبه ثم فصل الكلام واكد على لزوم الايمان الاجمالي بما في الكتب المنزلة والتفصيلي بما انزل على خاتم الانبياء صلى الله عليه وآله وسلم).
ومما يمكن ان يصلح شاهدا ومؤيدا ماورد في قوله تعالىشرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب (فقد ذكر الرازي ماحاصله(شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ) والمعنى شرع الله لكم يا أصحاب محمد من الدين ما وصى به نوحا ومحمدا وإبراهيم وموسى وعيسى ، هذا هو المقصود من لفظ الآية ، وإنما خص هؤلاء الأنبياء الخمسة بالذكر لأنهم أكابر الأنبياء وأصحاب الشرائع العظيمة والأتباع الكثيرة.
تفسير الرازي - ج 27 - ص 156
وبهذا ننتهي من البحث الرابع الذي عنوناه بعنوان المحور الرابع في روايات ابناء العامة في الباب والذي انتهينا من خلاله إلى ان شريعة من قبلنا شريعةٌ لنا ما لم يرد ناسخ في مسألة وفرع من فروعها ويجب علينا الايمان الاجمالي بتلك الشرائع السابقة على شريعة الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم.
المحور الخامس: روايات حكم الإمام المهدي بحكم داوود ومحل التشبيه فيها وتفسيرات لها على لسان علماء الامامية.
ففي بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار - ص 471
حدثنا أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار الساباطي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام بما تحكمون إذا حكمتم فقال بحكم الله و حكم داود فإذا ورد علينا شئ ليس عندنا تلقانا به روح القدس .
وفيه- ص 472
حدثنا أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار أو غيره قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام فبما تحكمون إذا حكمتم فقال بحكم الله وحكم داود وحكم محمد صلى الله عليه وآله فإذا ورد علينا ما ليس في كتاب على تلقانا به روح القدس والهمنا الله الهاما .
وفي الكافي للشيخ الكليني ج 1 - ص 397 - 398
باب في الأئمة عليهم السلام انهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود ولا يسألون البينة ، عليهم السلام .
1 - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور ، عن فضل الأعور ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : كنا زمان أبي جعفر عليه السلام حين قبض نتردد كالغنم لا راعي لها ، فلقينا سالم بن أبي حفصة ، فقال لي : يا أبا عبيدة من إمامك ؟ فقلت أئمتي آل محمد فقال : هلكت وأهلكت أما سمعت أنا وأنت أبا جعفر عليه السلام يقول : من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية ؟ فقلت : بلى لعمري ، ولقد كان قبل ذلك بثلاث أو نحوها دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فرزق الله المعرفة ، فقلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن سالما قال لي كذا وكذا ، قال : فقال : يا أبا عبيدة إنه لا يموت منا ميت حتى يخلف من بعده من يعمل بمثل عمله ويسير بسيرته ويدعو إلى ما دعا إليه ، يا أبا عبيدة إنه لم يمنع ما أعطي داود أن أعطي سليمان ، ثم قال : يا أبا عبيدة إذا قام قائم آل محمد عليه السلام حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل بينة .
2 - محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن أبان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : لا تذهب الدنيا حتى يخرج رجل مني يحكم بحكومة آل داود ولا يسأل بينة ، يعطي كل نفس حقها .
3 - محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : بما تحكمون إذا حكمتم ؟ قال : بحكم الله وحكم داود فإذا ورد علينا الشئ الذي ليس عندنا ، تلقانا به روح القدس .
4 - محمد بن أحمد ، عن محمد بن خالد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عمران بن أعين ، عن جعيد الهمداني ، عن علي بن الحسين عليهما السلام ، قال : سألته بأي حكم تحكمون ؟ قال : حكم آل داود ، فإن أعيانا شئ تلقانا به روح القدس .
5 - أحمد بن مهران رحمه الله ، عن محمد بن علي ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما منزلة الأئمة ؟ قال : كمنزلة ذي القرنين وكمنزلة يوشع وكمنزلة آصف صاحب سليمان ، قال : فبما تحكمون ؟ قال : بحكم الله وحكم آل داود وحكم محمد صلى الله عليه وآله ويتلقانا به روح القدس .
وفي كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق - ص 155 - 156
وهكذا يكون سبيل القائم عليه السلام له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه ، وأنطقه الله عز وجل فناداه اخرج يا ولي الله فاقتل أعداء الله ، وله سيف مغمد إذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده وأنطقه الله عز وجل فناداه السيف اخرج يا ولي الله فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء الله ، فيخرج عليه السلام ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ويقيم حدود الله ويحكم بحكم الله عز وجل .
وفي شرح أصول الكافي لمولي محمد صالح المازندراني - ج 6 - ص 419 - 421
باب في الأئمة ( عليهم السلام ) انهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود و آل داوود ولا يسألون البينة ، عليهم السلام والرحمة والرضوان
الشرح (للحديث الاول):
قوله ( ولقد كان قبل ذلك بثلاث أو نحوها ) أي وقد كان السماع قبل قبض أبي جعفر ( عليه السلام ) أو قبل لقاء سالم بثلاث سنين أو نحوها .
قوله ( دخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) ) استئناف كأنه قيل : ما فعلت ؟ فقال : دخلت قوله ( حتى يخلف من بعده ) خلفه تخليفا جعله خليفة كاستخلفه .
قوله ( إنه لم يمنع ما أعطي داود ) أن أعطي سليمان كما أن الله سبحانه أعطى داود حكما وأعطى سليمان حكما آخر كما حكما في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم ولم يمنعه إعطاء الأول من إعطاء الثاني مع أن دينهما واحد لوقوع كل على وفق مصلحة ، كذلك أعطى الأئمة حكما وأعطى قائمهم حكما آخر وهو أنه يحكم بعلمه ولا يطلب بينة كما حكم به أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في بعض القضايا وحكم به داود وسليمان ( عليهما السلام ) في بعض الأوقات : وقوله ( إذا قام قائم آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) ) يحتمل الكلية والجزئية لأن إذا بحسب العرف يفيد الكلية وبحسب اللغة يفيد الجزئية والأخير أظهر لأن عرف الشرع فيه غير معروف فالأولى بقاؤه على عرف اللغة .
الشرح (للحديث الثالث):
قوله ( فإذا ورد علينا الشيء الذي ليس عندنا تلقانا به روح القدس ) كما تلقى داود ( عليه السلام ) في رجل استعدى على رجل فقال : إن هذا أخذ مالي ، فأوحى إليه أن هذا المستعدي قتل أبا هذا وأخذ ماله ، فأمر داود بالمستعدي فقتل وأخذ ماله فدفعه إلى المستعدى عليه فعجب الناس . وكما تلقاه في شيخ تعلق بشاب معه عنقود من عنب فقال الشيخ : يا نبي الله إن هذا الشاب دخل بستاني وخربه وأكل منه بغير إذني ، فقال داود للشاب : ما تقول ؟ وأقر به ، فأوحى إليه أن يا داود إن هذا الشيخ قد اقتحم على أبي هذا الغلام في بستانه فقتله وغصب بستانه وأخذ منه أربعين ألف درهم فدفنها في جانب بستانه فادفع إلى الشاب سيفا ومره أن يضرب عنق الشيخ وادفع إليه البستان ومره أن يحضر موضع كذا ويأخذ ماله . وكما تلقاه في بقرة اختصم رجلان فيها فجاء هذا ببينة وجاء هذا ببينة فأوحى إليه خذ البقرة ممن هي في يده فادفعها إلى الآخر واضرب عنقه لأن الذي كانت البقرة في يده قتل أبا هذا وأخذ البقرة منه ، وأمثال ذلك كثيرة .
الشرح(للحديث الخامس) :
قوله ( قال كمنزلة ذي القرنين ) وجه التشبيه إما الوصية أو العلم والقرب والرفعة وليس الغرض منه إلحاق الناقص بالكامل لأنهم ( عليهم السلام ) أعلم وأقرب وشأنهم أرفع وأجل بل الغرض منه هو الإلحاق بالمعروفين بالعلم والقرب والرفعة في الصدر الأول ، وبالجملة لا يجب أن يكون الوجه في المشبه به أقوى لجواز أن يكون مشهورا مسلم الثبوت له عند المخاطب ، وقد مر توضيح ذلك في باب أن الأئمة ( عليهم السلام ) بمن يشبهون ممن مضى . قوله ( بحكم الله وحكم آل داود وحكم محمد ( صلى الله عليه وآله ) ) لعل المراد بحكم محمد ( صلى الله عليه وآله ) الحكم بظاهر الشريعة وبحكم الله أو حكم داود الحكم بباطنها وهو الحكم بالواقع وبما يلقي إليهم روح القدس وفيه دلالة على ما أشرنا إليه من أن القائم قد يحكم بحكم داود لا دائما كما أن داود قد كان يحكم به لا دائما ، فليتأمل .انتهى كلام الشارح.
ان محل التشبيه به في هذه الروايات
هو عدم سؤال المتخاصمين البينة فان الرسول (صلى الله عليه وآلهكان يحكم بالحكم الظاهري حيث اثر عنه (صلى الله عليه وآله) انما احكم بينكمبالايمان والبينات اما داود (عليه السلام) فكان يحكم في بعض الموارد بالحكم الواقعيلذلك نلاحظ ان الروايات التي شبّهت حكم الامام المهدي (عليه السلام) بحكم داود ذكرتمحل الشبه فقالت ولا يسأل بيّنة أي بمعنى ان الامام (عليه السلام) يحكم في بعضالاحيان بدون ان يحتاج الى طلب البينة من المتخاصمين، ففي الكافي الجزء الثالث ص503باب منع الزكاة الحديث الخامس عن ابي عبد الله (عليه السلام) في حديث له قالفاذا بعث الله عز وجل قائمنا اهل البيت حكم فيهما بحكم الله لا يريد عليهمابيّنة
هذا, ويحدثنا التاريخ ان امير المؤمنين (عليه السلام) كان يحكم في بعضالاحيان دون التماس البينة او يضيف اليها مجموعة من القرائن التي لا يلتفت اليهاعادةً ويحكم بها ثم يعلق (عليه السلام) بعد ذلك بان ما حكم به لم يحكم به غيره سوىداود (على نبينا وآله وعليه السلام) هذا من جهة, ومن جهة اخرى اتفقت كلمة اغلب العلماءمن الفريقين على ان للقاضي ان يحكم بعلمه كما سياتي قريبا نقل اقوالهم الدالة على ذلك، فاذا كان للقاضي الذي يعلم ظاهر الاحكام,الحكم بعلمه فكيف لمن يكون علمه علم الكتاب ومعنى علم الكتاب ليس القرآن فقط بليعلم واقع الاحكام الدينية كلهااذن فالمهدي (عليه السلام) يحكم بحكم داود وآل داود ولا يريد بينة وشاهدما ذكرناه من الروايت ما رواه قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائر في ج1 ص291في الباب السادس في معجزات الامام الباقر (عليه السلام) الحديث رقم 24 عن الباقرعليه السلام) في حديث اخذنا منه فقال لها (عليه السلام): بيني وبينك من يحكم بحكمداود وآل داود ويعرف منطق الطير ولا يحتاج الى شهود
وفي حديث آخر رواه العامليفي الصراط المستقيم ج2 ص254 عن الصادق (عليه السلام) قال: (انه يحكم بحكم داود ولايحتاج الى بينة يلهمه الله فيحكم بعلمه ويخبر كل قوم بما استنبطوه ويعرف وليّه منعدوّه بالتوسم
نقل العلامة المجلسي في البحار ج52 ص382 قولاً للعلامة الطبرسيفي كتاب اعلام الورى تحليلاً لهذا المعنى حيث قال وانه يحكم بحكم داود (عليهالسلام) لا يسأل بينة واشباه ذلك والجواب ان هذه الاخبار غير مقطوع بها وان صحّتفتأويلها انه يحكم بعلمه فيما يعلمه واذا علم الامام او الحاكم امراً من الامورفعليه ان يحكم بعلمه ولا يسأل عنه وليس في هذا نسخ للشريعة
اذن الامام (عليهالسلام) يحكم بحكم داود معنى انه لا يسأل بينة هذا اولاً .
وثانياً ان الله تعالى قالولا نفرّق بين احد منهم ونحن له مسلمون وقال تعالى واوحينا اليك كما اوحينا الى نوحوالنبيين من بعده واوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وايوبويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا وغيرها مما تقدم من ايات.فبمقتضى الجمع بين هذه الايات يتضح ان الموحى به امر واحد نعم هناك فرق في المناهجوالشرائع وعليه فحكم الامام الذي يعلم الكتاب حكم لاحكام الدين الاسلامي ومحلالتشبيه واضح جداً
المحور السادس: اقوال علماء ابناء العامة في حكم النبي (صلى الله عليه وآله) بل والقاضي بعلمه.
ففي كشاف القناع للبهوتي - ج 5 - ص 37
( وله ) ( ص ) ( أن يقضي ) ويفتي ( وهو غضبان ، وأن يقضي بعلمه ويحكم لنفسه وولده ، ويشهد لنفسه وولده ، ويقبل شهادة من يشهد له ( ص ) أو لولده . لحديث خزيمة ولأنه معصوم وفي المغني لعبد الله بن قدامه - ج 11 - ص 478
بناء على القاضي هل له أن يقضي بعلمه ؟ على روايتين لأن قاضي دمشق أخبره به في عمله ومذهب الشافعي في هذا كقول القاضي ههنا .
وفي بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد - ج 2 - ص 385
أن العلماء أجمعوا على أن القاضي يقضي بعلمه .
وفي الاستذكار لابن عبد البر - ج 7 - ص 94 - 95
والسلف من الصحابة والتابعين مختلفون في قضاء القاضي بعلمه على حسب اختلاف فقهاء الأمصار من ذلك ومما احتج به من قال إن القاضي يقضي بعلمه فيما قضى به علمه مع ما قدمنا ذكره ما رويناه من طريق ( غير واحد ) عن عروة وعن مجاهد جميعا بمعنى واحد ان رجلا من بني مخزوم استعدى عمر بن الخطاب على أبي سفيان بن حرب انه ظلمه حدا في موضع كذا وكذا فقال عمر اني لاعلم الناس بذلك وربما لعبت انا وأنت فيه ونحن غلمان فإذا قدمت مكة فاتني بابي سفيان فلما قدم مكة اتاه المخزومي بابي سفيان فقال له عمر يا أبا سفيان ( انهض بنا إلى موضع كذا فنهضوا ونظر عمر فقال يا أبا سفيان ) خذ هذا الحجر من هنا فضعه ها هنا فقال والله لا افعل ذلك ( فقال عمر والله لتفعلن فقال لا والله لا افعل فقال ) والله لتفعلن فقال لا افعل فعلاه عمر بالدرة وقال خذه - لا أم لك - وضعه ها هنا فإنك قديم الظلم فاخذ أبو سفيان الحجر ووضعه حيث قال عمر ثم إن عمر استقبل القبلة وقال اللهم لك الحمد إذ لم تمتني حتى غلبت علي أبا سفيان على رايه فاذللته لي بالاسلام قال فاستقبل القبلة أبو سفيان وقال اللهم لك الحمد الذي لم تمتني حتى جعلت في قلبي من الاسلام ما ذللت به لعمر ففي هذا الخبر قضاء عمر بعلمه فيما قد علمه قبل ولايته
وفي مغني المحتاج لمحمد بن أحمد الشربيني - ج 4 - ص 398
ولا يقضي بخلاف علمه يندرج فيه حكمه بخلاف عقيدته ، قال البلقيني : وهذا يمكن أن يدعى فيه اتفاق العلماء ، لأن الحكم إنما يبرم من حاكم بما يعتقده . ( والأظهر أنه يقضي بعلمه ) ولو علمه قبل ولايته أو في غير محل ولايته . وسواء أكان في الواقعة بينة أم لا ، لأنه إذا حكم بما يفيد الظن وهو الشاهدان أو شاهد ويمين فبالعلم أولى . وعلى هذا يقضي بعلمه في المال قطعا ، وكذا في القصاص وحده القذف في الأظهر.
وفي المجموع لمحيى الدين النووي - ج 12 - ص 150
على الصحيح أن القاضي يقضى بعلمه.
وفي فتح العزيز لعبد الكريم الرافعي - ج 5 - ص 503
ولو كان القاضي عالما بالحال وقلنا إنه يقضى بعلمه فهو كما لو كانت له بينة.
وهناك الكثير من الاقوال في هذا الباب تركت طلبا للاختصار.
ومن هنا يتبين سقم ما نقل عن الدكتور الغفاري من ذمٍ لشيخ الاسلام وثقته الكليني لعقيدته في هذا الباب حيث شنّع عليه بأن هذا العنصر عنصر يهودي، وخفي عليه ما مُلأت به الصحاح فضلاً عن غيرها من تراثٍ يهودي.
اذ تبيّن لك ان احاديث الكافي وغيره ناظرة الى ان حكمه (عليه السلام) بحكم داود لمكان التشبيه بعدم الاحتياج الى بيّنة، فكما ان داود كان يحكم ويدير شؤون ملكه بعلمه الذي آتاه الله اياه على حد تعبير الامام الصادق (عليه السلام) اذ قال (ان داود عليه السلام قال يا رب ارني الحق كما هو عندك حتى اقضي به...) وقد روت مصادر ابناء العامة قبلنا روايات تدبير داود بعلمه شؤون ملكه فقد روى الحاكم في مستدركه تحت الرقم 4135 (... فلم يزل داود يدبر بعلم الله ونوره، قاضياً بحلاله، ناهياً عن حرامه، حتى اذا ما اراد الله ان يقبضه اليه اوحى اليه ان استودع نور الله وحكمته ما ظهر منها وما بطن الى ابنك سليمان ففعل).
اذن فالنتيجة المستخلصة من الابحاث المتقدمة ان الامام عليه السلام انما حكمه بحكم داود من جهة عدم السؤال عن البينة وليس بذلك مما يشان به علينا كما هو بين.
--- التوقيع ---
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
http://WWW.M-MAHDI.COM