المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الانتحاريات واجهة الإرهاب الجديدة



جمال
08-13-2007, 11:20 PM
الانتحاريات .. واجهة الإرهاب الجديدة من الأرامل السود في الشيشان إلى متطرفات «المسجد الأحمر»

ومليكة العرود حالة مثالية لأرامل انتحاريين

بيتر بيرغن وبول كروكشانك *


الشيء الأخير الذي رآه سبعة من افراد الشرطة العراقيين في نقطة تفتيش بالرمادي أواخر يوليو (تموز) الماضي كان امرأة تقترب منهم. وبعد ثوان فجرت حزامها الناسف لتقتل نفسها والموجودين في الموقع. وقبل اسبوعين من ذلك في باكستان كانت مفجرات انتحاريات اقل نجاحا في تفجير أنفسهن والتحول الى شهيدات.

فعندما اقتحمت القوات الحكومية المسجد الأحمر في اسلام آباد، كان عدد من النساء بين المقاومين العنيدين. وابلغت امرأة «بي بي سي» لاحقا، وعلى نحو يكشف عن الندم، «كنا نريد أن ننفذ هجمات انتحارية، لكننا لم نكن نمتلك ما يكفي من المتفجرات».

أمندهشون؟ لا تكونوا كذلك. فمشاركة النساء في الجماعات والعمليات الجهادية قد زادت على نحو ينذر بالخطر في السنوات الأخيرة. وما لم نتوصل الى فهم الظاهرة، فان المتطرفات الاسلاميات قد يكن جزءا مهما من مستقبلنا.
واعتاد المتزمتون الاسلاميون التمسك بتحريم قوي لمشاركة النساء الفعالة في الصراع المقدس. وفي معسكرات تدريب «القاعدة» في أفغانستان تحت حكم طالبان، كانت الزوجات يعانين من عدم الاختلاط بالرجال، ذلك ان دور المرأة الأساسي هو تربية الابناء ليتبعوا آباءهم.

وفضلا عن ذلك فان الكثير من أفراد «القاعدة» هم من المتعصبين في كراهيتهم للنساء. تذكروا فقط وصية الخاطف الرئيسي في احداث الحادي عشر من سبتمبر، محمد عطا، التي اكدت على ألا تحضر امرأة جنازته أو تزور قبره.

ولكن منذ سبتمبر 2001 اصبحت النساء مشاركات على نحو متزايد في الارهاب الاسلامي. والعامل الأساسي الأكثر اهمية خلف هذا الاتجاه الجديد المقلق، هو احساس الجهاديين المتعمق بانهم يخوضون حربا كلية ضد الولايات المتحدة والأنظمة الاسلامية التي تدعمها.

ولكن احتلال العراق اقنع دائرة واسعة من المتطرفين في مختلف انحاء العالم بان برنامج بن لادن هو أفضل وسيلة لتوضيح عالمهم. فكل شيء عادل في الحرب الشاملة، وفقا لتقدير كثير من الجهاديين، وبالتالي فان آيديولوجيي «القاعدة» تخلوا عن كثير من اعتراضاتهم على لعب النساء دورا أنشط في صراعهم. وفي غضون ذلك فان نساء من باكستان الى العراق وبلجيكا، حفزتهن صور المسلمين الذي يتعرضون الى مظالم القوات الأميركية.

ومن بين الأمور المقلقة في هذا السياق تزايد عدد النساء المسلمات اللواتي نشأن في الغرب، واللواتي شاركن في عمليات ارهابية، ومما يثير المفارقة ان ذلك، في جانب منه على ما يبدو، نتيجة لآمالهن الأكبر في المساواة بين الجنسين في جميع المجالات. ومما يثير الدهشة ان ثانية مفجرة انتحارية من منتسبات «القاعدة» كانت موريل ديغوك، البلجيكية البالغة من العمر 38 عاما، التي تحولت الى الاسلام وسافرت الى العراق أواخر عام 2005 لتنفذ عملية انتحارية.

(فجرت ديغوك حزامها الناسف عند عبور دورية أميركية بالقرب منها في بعقوبة الواقعة إلى شمال بغداد، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2005، حيث قتلت نفسها من دون قتل أي أميركي). كذلك هو الحال مع زوجات عدد من أعضاء مجموعة هوفستاد، التي كانت لها صلة بقتل السينمائي الهولندي ثيو فان غوخ بامستردام عام 2004، وشاركن في تدريبات مع أزواجهن، بل رافقت إحداهن زوجها في مهمة فاشلة لقتل النائبة النسوية هيرسي علي. وكانت عافية صديقي المرأة الوحيدة التي يشاع أنها ميدانية من «القاعدة»، وهي باكستانية أميركية درست علم الأعصاب في أميركا وعملت هناك قبل اختفائها في باكستان عام 2003.

أما خارج أوروبا فهناك بعض النساء اللواتي قمن بعمليات انتحارية تحت الرغبة بالانتقام، مثل اولئك اللواتي سمين بالأرامل السود (تشبها بنوع من إناث العناكب) في جمهورية الشيشان واللواتي شاركن في الهجمات الانتحارية، وبعض النساء اللواتي تم تجنيدهن لصالح «القاعدة» في العراق. فعلى عكس اسامة بن لادن الذي كان مترددا اتبع أبو مصعب الزرقاوي سياسة تجنيد النساء لأعمال انتحارية. ففي سبتمبر 2005 استخدمت شبكة الزرقاوي امرأة في عملية انتحارية جرت في بلدة تلعفر لأول مرة.

وبعد شهرين شن مهاجمو أبو مصعب عمليات انتحارية داخل ثلاثة فنادق اردنية في العاصمة عمان، وتسببت في مقتل 60 شخصا وشاركت، في إحدى هذه العمليات العراقية ساجدة الريشاوي التي شاهدت إخوتها الثلاثة يقتلون داخل العراق.

ووثقت الباحثة فرحانة علي من مؤسسة راند كورب حوالي عشر هجمات انتحارية قامت بها نساء في العراق، ويبدو أن الزرقاوي رأى أن استخدام النساء في أعمال من هذا النوع سيشعر الرجال بالخجل ويدفعهم أكثر للقيام بها. ويمكن القول إن مليكة العرود حالة مثالية لأرامل انتحاريين. فهي مغربية ـ بلجيكية وكان زوجها الميداني في «القاعدة»، قد قام باغتيال أحمد شاه مسعود زعيم تحالف الشمال المضاد لطالبان قبل ساعات قليلة من هجمات 11 سبتمبر.

وسافرت العرود إلى سويسرا بعد الغزو الأميركي لأفغانستان وسقوط حكم طالبان. وعلى الرغم من أنها كانت معزولة عن زملاء زوجها وجاهلة بمهمة زوجها اللاحقة، لكنها بدأت تلعب دورا أقوى بعد عودتها إلى الغرب، حيث راحت تزور السجناء المنتمين إلى «القاعدة» في سجون أوروبا. وبسبب الحرب في العراق قالت لنا: «حتى أخواتنا عليهن أن يذهبن إلى المطارات ويعلن أننا نريد القتال». وأدينت العرود في الشهر الماضي بقيامها بأنشطة إرهابية في سويسرا، وهناك الكثير مثلها.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»