فاطمي
07-31-2007, 07:12 AM
خالد منتصر - ايلاف
* تطعيم شلل الأطفال اكتشفه أمريكى يهودى وحرمه- للأسف - باكستانى مسلم!
* فتاوى شيوخ باكستان ونيجيريا تحرم تطعيم شلل الأطفال لأنه يفقد رجال المسلمين قدرتهم الجنسية.
* إعلان مصر دولة خالية من شلل الأطفال تهدده فتاوى التحريم، وشيخ
الأزهر يتدخل ويقول التطعيم حلال.
* شلل الأطفال متوطن فى أربعة دول منها ثلاثة دول إسلامية!.
[ أدلى فضيلة شيخ الأزهر منذ أسبوع بتصريح غريب و مثير للدهشة، قال د.طنطاوى بدون سابق إنذار وفى زاوية منسية بالصحف القومية بأن تطعيم شلل الأطفال حلال!!، مرت الفتوى مرور الكرام ولم ينتبه إليها أحد، ولكننى سألت نفسى منذ متى كان تطعيم شلل الأطفال مجالاً للتحليل والتحريم ؟
، وتنبهت إلى أننا نعيش عصر هستيريا وعصاب الفتاوى، فالكل يطلب الفتوى فى أدق التفاصيل بداية من رنات المحمول وإنتهاء بتفاصيل العلاقات الحميمة داخل غرف النوم، وحسبت أن هذه الفتوى من ضمن سحابة الفتاوى السوداء التى تخنق مصر كلها فى صوبة قاتلة، ولكن للأسف لم تنطلق هذه الفتوى إعتباطاً، ولم تكن مجرد رقم فى طابور الفتاوى الفضائية أو الزيرو تسعميه، ولكنها كانت محاولة لإخماد شرارة فتنة فى مهدها، وكارثة تهدد نجاح مصر المرتقب فى إعلانها دولة خالية من شلل الأطفال، والأمر ببساطة أن البعض إستغل الجو الطالبانى الذى يعيش فيه الشارع المصرى وروج لفتوى ساذجة بأن لقاح شلل الأطفال حرام، والمصيبة أن البعض بدأ فى الإستجابة تحت مخدر الفتوى، وبعد أن كانت مصر منارة للإستنارة والتجديد الدينى، صارت المحروسة تابعة وإمعة للفتاوى الطالبانية والباكستانية والنيجيرية، تستوردها من هناك حيث يختلط الدين برائحة البارود، وحيث تختفى ملامح سماحة الإسلام تحت ركام سخام التطرف الذى تعيشه تلك المجتمعات بتقاليدها القبلية التى تستخدم الدين ولاتخدمه.
[ الفتوى الأزهرية كانت رداً على الفتوى الباكستانية ومن قبلها النيجيرية بتحريم فاكسين أو لقاح شلل الأطفال لأنه لقاح أمريكى، والأمريكان من وجهة نظرهم يريدون تعقيم الأطفال جنسياً فى محاولة إستعمارية لقطع نسل المسلمين وتحديد أعدادهم وإفقادهم قدراتهم الجنسية، والسؤال هل لايعرف شيوخ باكستان ونيجيريا أن أكبر مشكلة تواجهنا كمسلمين هى أننا أصبحنا كغثاء السيل، يعنى بالبلدى العدد فى الليمون، مجرد أرقام تتوالد وتتناسل وتتزايد فى متوالية هندسية سرطانية، وأن المسألة ليست بالعدد فإسرائيل لم يصل عدد سكانها إلى عدد سكان شبرا، وبرغم ذلك تعيش فى تقدم علمى مذهل يقارن بأوروبا والأمريكان وليس بمحيط الشرق الأوسط، والعدد يكون قوة إذا كان المسلمون كأهل الصين، يستخدمون هذا العدد بعقل مخطط، وليس بعقل ديناصورى، تعوقه ضخامة وترهل جسده فينقرض ويصبح أثراً بعد عين، وهذا هو حالنا ومستقبلنا كمسلمين وعرب بعد أن نتكاثر بدون مدد إقتصادى أو حضارى أو ثقافى، فننقرض بعد أن يأكل بعضنا بعضاً.
[ قصة الفتوى الباكستانية بتحريم شلل الأطفال إنطلقت منذ خمسة شهور، وظلت تنمو وتتدحرج ككرة الثلج إلى أن أعاقت جهود منظمة الصحة العالمية فى إجتثاث المرض من هذه المنطقة، والتى ستؤثر على العالم كله، لأن فلسفة منظمة الصحة العالمية فى القضاء على شلل الأطفال شعارها طالما هناك طفل عنده شلل أطفال فى العالم كله لن نعلن عالماً خالياً من هذا المرض، أى أن شلل الأطفال ينتصر طالما هناك طفل مشلول على مستوى العالم، رفض آباء 160 ألف طفل منهم 24 ألف فى شمال باكستان وحدها تناول الفاكسين بناء على فتاوى إنطلقت من ميكروفونات الجوامع هناك تحذر
من أن اللقاح فيه تعقيم قاتل وسيفقد الرجال فحولتهم الجنسية ويحرم النساء من الحمل والولادة!، متقمصين دور يوسف وهبى فى فيلم كمال الشيخ عندما حذر من أن الدواء به سم قاتل!!، تزايدت الحالات فى الشمال الغربى لباكستان من 28 حالة إلى 39 حالة وهو رقم كارثة بالنسبة إلى منظمة الصحة العالمية التى إستطاعت أن تخفض نسبة الإصابة منذ حملة 1988 بأكثر من 99%، فبعد أن كانت تقدر ب 350000 حالة فإن عدد الحالات إنخفض فى 2005 إلى 1227 وفى العام الماضى 537 حالة فى العالم كله، وتمثل زيادة الحالات فى باكستان إنتكاسة لمجهودات المنظمة العظيمة فى القضاء على هذا المرض.
[ من أبرز الشيوخ الذين هاجموا لقاح شلل الأطفال وحرموه الشيخ Maulana Fazlur Rehman و Qazi Hussain Ahmed، وكان السلاح المستخدم فى نشر الفتوى هو المطبوعات وموجات الإف إم على الإذاعات المحلية، وكان التخويف بالفتاوى مرعباً لدرجة أن النساء فى بيشاور كن يذهبن سراً متخفيات إلى مستشفى خيبر فى بيشاور!، وبعد أن كانت مسئول منظمة الصحة العالمية فى باكستان يقول عن حملته الناجحة فى باكستان أنه قضى على الفيل ولم يبق إلا ذيله، إستيقظ الفيل وأخرج لسانه لهم وهز ذيله قائلاً " أنا لسه عايش وحى أرزق "!.
[ شلل الأطفال مازال يقطن أخطر أربعة دول فى جدول شلل الأطفال، للأسف من بين الأربعة دول ثلاثة دول إسلامية هى باكستان ونيجيريا وأفغانستان، والرابعة هى الهند، وكما شاركت نيجيريا باكستان فى جدول الدول التى إستوطنها شلل الأطفال، فقد شاركتها فتاوى الجهل، بل وسبقتها فى ذلك، فقد حظرت فى عام 2003 ولاية كانو بشمال نيجيريا ذات الأغلبية المسلمة تطعيم شلل الأطفال لمدة 11 شهراً، وكانت فتوى بعض الشيوخ النيجيريين هى السبب فى هذه المصيبة، وكانت الحجة
الجاهزة هى فقدان الرجال لفحولتهم وفقدان النساء لأنوثتهن، إنه التعقيم الإستعمارى قاتله الله، والغريب والعجيب أن الدول المتخلفة تقبل بالخصى السياسى والإقتصادى وتنتفض ثورة عند الخصى الجنسى فقط!!، المهم أن نيجيريا التى تمثل نحو 80% من الإصابات العالمية، نشرت المرض فى عشرة بلدان أفريقية كانت قد نجحت الحملات فى إجتثاث غالبية المرض اللعين منها فى إطار حملة المنظمة فى تطعيم 74 مليون طفل أفريقى، وكانت أمنية المنظمة أن تنجح فى نيجيريا كما نجحت
فى الهند التى إنخفضت نسبة الأطفال المصابين من 200 ألف إصابة منذ ربع قرن إلى 52 إصابة فقط فى العام الماضى!!، وهو جزء من الأمنية الكبرى بالقضاء عليه تماماً ليصبح شلل الأطفال هو المرض الثانى الذى يغتاله التقدم الطبى بعد الجدرى الذى قضى عليه 1978، ولكن الجهل مازال يؤجل هذا الإحتفال، والتخلف مازال يقف حجر عثرة أمام قوى نشر البهجة والصحة فى العالم، وبرغم هجوم القرضاوى لفتاوى علماء نيجيريا إلا أن الجهل إستمر، ولم يستمع أحد إلى صراخ كارول بيلامى رئيس صندوق الأطفال التابع للأمم المتحدة الذى قال " إنه خطأ لايغتفر أن نسمح بإصابة
مزيد من الأطفال بسبب إشاعات ".
[ قصة إكتشاف لقاح شلل الأطفال هى نموذج ودليل على سماحة العلم وكيف أنه السبيل الوحيد لإنقاذ البشرية، وأن الإنجاز العلمى لادين ولاوطن له، إنه ملك الدنيا والعالم، ولاتصلح معه عنصرية أو تمييز، فالعالمان اللذان إكتشفا هذا اللقاح يهود، وللأسف نستطيع أن نقول أن لقاح شلل الأطفال إكتشفه عالم يهودى وحرمه رجل دين مسلم هو أبعد مايكون عن روح الإسلام.
[فى بدايات القرن العشرين خرجت الإحصائيات بأرقام مرعبة عن مرض شلل الأطفال، فكل سنة كان ينضم إلى طابور المعوقين نصف مليون طفل، وكان نصيب الولايات المتحدة وحدها عام 1916 27 ألف طفل مصاب، وكانت بداية الإهتمام على شكل حملات منظمة لمحاربة هذا المرض اللعين مع عيد ميلاد روزفلت 30 يناير 1938، وهو أشهر مريض بهذا المرض فى العالم، وإستطاعت الحملات فى أول عام تجميع 1،8 مليون دولار، وظلت محاولات علاج شلل الأطفال فاشلة حتى ظهر العالمان اليهوديان يوناس سولك وبعده ألبرت سابين ونجحا فى إختراع فاكسين ضد شلل الأطفال، وهو واحد من أعظم الإكتشافات الطبية فى تاريخ الطب، وقد ناضل كل منهما فى ظل العداء الشديد لليهود وقتها فى أن يظهر الإكتشاف إلى النور، فلم يجد سولك بسبب ديانته اليهودية أى وظيفة فى البداية، ولم ينقذه إلا أستاذه فرانسيز الذى أوجد له وظيفة فى معامل أبحاث الجيش الأمريكى، وكانت البداية أبحاثاً على فيروس الإنفلونزا، أما الباحث سابين فقد كان لقبه اليهودى وهو سابرشتين حاجزاً أمام مستقبله وخروج أبحاثه إلى النور، وكان سابين لايستطيع دخول عتبة أى كلية طب بسبب ديانته، ولذلك قرر تغيير هذا اللقب المعوق وإستعار لقب طبيبة شهيرة هى فلورانس سابين، وبذلك أفلت بأبحاثه وخرجت إلى النور، ولم ينعكس هذا الإضطهاد والظلم والتمييز على توجه سولك أو سابين الإنسانى، فلم يفكر كلاهما فى أن يقصرا إكتشافهما على اليهود فقط، ولكن هذا اللقاح العظيم خدم كل أبناء الديانات المختلفة، المسيحى والمسلم، الهندوسى والبوذى، عبدة الشمس وعبدة النار!!.
[ حاول سولك فى أواخر الأربعينات تطبيق أبحاثه على القرود، وكان لقاحه عبارة عن فيروس ميت، وفشل فى أول تجاربه 1954 عندما حقن فى البداية 137 طفلاً بلقاحه، وإرتفع الرقم إلى 2 مليون طفل تقريباً، لكن 260 أصيبوا بعد لقاحه التجريبى، ومن بينهم توفى إحدى عشر مصاباً، وظل سولك يطور من حقنة المصل حتى أعلن إكتشافه العظيم على العالم عام 1955، وبعدها طور سابين الفكرة وجعل الفيروس مضعفاً وليس ميتاً وعلى شكل نقط فى الفم وليس حقناً، وخرج إكتشافه إلى النور
عام 1957، وإقتنع الأمريكان وقتها أن العلم لادين له، وأن هذين اليهوديين قد أنقذا أطفال أمريكا ومستقبلها.
[ وصفت إحدى المقالات شلل الأطفال بأنه "المحاصر الطليق "، وهذا بالفعل من أصدق التوصيفات لهذا المرض الذى ينجم عن عدوى تصيب الجهاز العصبى للأطفال حتى سن العاشرة، والكبار فيما ندر، والسبب هو فيروس معوى شديد العدوى له ثلاثة أنواع، أخطرها النوع رقم 1 الذى يتسبب فى حالات وبائية، و العدوى تحدث عن طريق التنفس والفم، حيث يعيش فى البلعوم والأنف فى البداية، وقد ينتشر فى حالات قليلة للجهاز الهضمى والعصبى، فيسرى مع الدم إلى المخ، ثم يدخل فى الخلية العصبية، ويتكاثر بسرعة فيها حتى يقضى عليها، وعندما تفشل الخلية العصبية فى تحريك العضلة يظهر الشكل الكلاسيكى للشلل.
[ من الممكن بل فى الأغلب الأعم لايتم تشخيص شلل الأطفال فى بدايته فهو يشبه فى بداياته نزلة برد عادية جداً، إحتقان حلق وحمى وصداع وقئ وفقدان شهية وأوجاع فى المفاصل، أما فى الحالات الشديدة فتتطور الأعراض، ويبدأ تدريجياً تصلب وتقلص عضلات الظهر والرقبة، وتضعف العضلات، ثم تشتد الآم الرأس والعنق، مما يحول الطفل إلى مجرد شئ هامد خامد لايستطيع الوقوف أو المشى أو حتى الإلتفات، وفى خمسة فى المائة من الحالات يحدث شلل للجهاز التنفسى أو بالتحديد عضلات الجهاز التنفسى.
[ يمثل البلعوم والأمعاء بيئة مثالية لتكاثر الفيروس، ويعد الإنسان المصاب المصدر الوحيد لنقل العدوى للآخرين غير المحصنين بطريقتين:
* الأولى هى براز المصاب الذى يلوث غذاء أو ماء أو أدوات خاصة تصل إلى فم شخص آخر وأيضاً عبر الصرف الصحى الملوث.
* الثانية هى الإفرازات البلعومية للمصاب.
[فترة حضانة المرض حوالى أسبوعين، ولكننا يمكن أن نميز الفيروس معملياً بعد 36 ساعة، بينما يظهر فى البراز بعد 72 ساعة، ويبقى فى محتويات براز الطفل المريض لمدة تتراوح مابين ثلاثة إلى ستة أسابيع، وللفيروس القدرة على العيش فى المياه والفضلات الرطبة لمدة قد تصل إلى ثلاثة أشهر، ويقاوم العصارة المعدية، ويتكاثر بصورة هائلة فى الأمعاء.
[ العلم إستطاع القضاء على شلل الأطفال فى نصف الكرة الغربى كله وفى 125 دولة فمنذ 1991 لم تظهر حالة واحدة، ومولت مؤسسة جيتس وحدها الحملة ب 85 مليون دولار، ولكن للأسف مازال يقف أمام المنهج العلمى فى التفكير الكثير من فكر القرون الوسطى الخرافى، الذى يكره الحياة والبهجة ويقدس الموت والشلل.
Khmontasser2001@yahoo.com
http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphWriter/2007/7/251847.htm
* تطعيم شلل الأطفال اكتشفه أمريكى يهودى وحرمه- للأسف - باكستانى مسلم!
* فتاوى شيوخ باكستان ونيجيريا تحرم تطعيم شلل الأطفال لأنه يفقد رجال المسلمين قدرتهم الجنسية.
* إعلان مصر دولة خالية من شلل الأطفال تهدده فتاوى التحريم، وشيخ
الأزهر يتدخل ويقول التطعيم حلال.
* شلل الأطفال متوطن فى أربعة دول منها ثلاثة دول إسلامية!.
[ أدلى فضيلة شيخ الأزهر منذ أسبوع بتصريح غريب و مثير للدهشة، قال د.طنطاوى بدون سابق إنذار وفى زاوية منسية بالصحف القومية بأن تطعيم شلل الأطفال حلال!!، مرت الفتوى مرور الكرام ولم ينتبه إليها أحد، ولكننى سألت نفسى منذ متى كان تطعيم شلل الأطفال مجالاً للتحليل والتحريم ؟
، وتنبهت إلى أننا نعيش عصر هستيريا وعصاب الفتاوى، فالكل يطلب الفتوى فى أدق التفاصيل بداية من رنات المحمول وإنتهاء بتفاصيل العلاقات الحميمة داخل غرف النوم، وحسبت أن هذه الفتوى من ضمن سحابة الفتاوى السوداء التى تخنق مصر كلها فى صوبة قاتلة، ولكن للأسف لم تنطلق هذه الفتوى إعتباطاً، ولم تكن مجرد رقم فى طابور الفتاوى الفضائية أو الزيرو تسعميه، ولكنها كانت محاولة لإخماد شرارة فتنة فى مهدها، وكارثة تهدد نجاح مصر المرتقب فى إعلانها دولة خالية من شلل الأطفال، والأمر ببساطة أن البعض إستغل الجو الطالبانى الذى يعيش فيه الشارع المصرى وروج لفتوى ساذجة بأن لقاح شلل الأطفال حرام، والمصيبة أن البعض بدأ فى الإستجابة تحت مخدر الفتوى، وبعد أن كانت مصر منارة للإستنارة والتجديد الدينى، صارت المحروسة تابعة وإمعة للفتاوى الطالبانية والباكستانية والنيجيرية، تستوردها من هناك حيث يختلط الدين برائحة البارود، وحيث تختفى ملامح سماحة الإسلام تحت ركام سخام التطرف الذى تعيشه تلك المجتمعات بتقاليدها القبلية التى تستخدم الدين ولاتخدمه.
[ الفتوى الأزهرية كانت رداً على الفتوى الباكستانية ومن قبلها النيجيرية بتحريم فاكسين أو لقاح شلل الأطفال لأنه لقاح أمريكى، والأمريكان من وجهة نظرهم يريدون تعقيم الأطفال جنسياً فى محاولة إستعمارية لقطع نسل المسلمين وتحديد أعدادهم وإفقادهم قدراتهم الجنسية، والسؤال هل لايعرف شيوخ باكستان ونيجيريا أن أكبر مشكلة تواجهنا كمسلمين هى أننا أصبحنا كغثاء السيل، يعنى بالبلدى العدد فى الليمون، مجرد أرقام تتوالد وتتناسل وتتزايد فى متوالية هندسية سرطانية، وأن المسألة ليست بالعدد فإسرائيل لم يصل عدد سكانها إلى عدد سكان شبرا، وبرغم ذلك تعيش فى تقدم علمى مذهل يقارن بأوروبا والأمريكان وليس بمحيط الشرق الأوسط، والعدد يكون قوة إذا كان المسلمون كأهل الصين، يستخدمون هذا العدد بعقل مخطط، وليس بعقل ديناصورى، تعوقه ضخامة وترهل جسده فينقرض ويصبح أثراً بعد عين، وهذا هو حالنا ومستقبلنا كمسلمين وعرب بعد أن نتكاثر بدون مدد إقتصادى أو حضارى أو ثقافى، فننقرض بعد أن يأكل بعضنا بعضاً.
[ قصة الفتوى الباكستانية بتحريم شلل الأطفال إنطلقت منذ خمسة شهور، وظلت تنمو وتتدحرج ككرة الثلج إلى أن أعاقت جهود منظمة الصحة العالمية فى إجتثاث المرض من هذه المنطقة، والتى ستؤثر على العالم كله، لأن فلسفة منظمة الصحة العالمية فى القضاء على شلل الأطفال شعارها طالما هناك طفل عنده شلل أطفال فى العالم كله لن نعلن عالماً خالياً من هذا المرض، أى أن شلل الأطفال ينتصر طالما هناك طفل مشلول على مستوى العالم، رفض آباء 160 ألف طفل منهم 24 ألف فى شمال باكستان وحدها تناول الفاكسين بناء على فتاوى إنطلقت من ميكروفونات الجوامع هناك تحذر
من أن اللقاح فيه تعقيم قاتل وسيفقد الرجال فحولتهم الجنسية ويحرم النساء من الحمل والولادة!، متقمصين دور يوسف وهبى فى فيلم كمال الشيخ عندما حذر من أن الدواء به سم قاتل!!، تزايدت الحالات فى الشمال الغربى لباكستان من 28 حالة إلى 39 حالة وهو رقم كارثة بالنسبة إلى منظمة الصحة العالمية التى إستطاعت أن تخفض نسبة الإصابة منذ حملة 1988 بأكثر من 99%، فبعد أن كانت تقدر ب 350000 حالة فإن عدد الحالات إنخفض فى 2005 إلى 1227 وفى العام الماضى 537 حالة فى العالم كله، وتمثل زيادة الحالات فى باكستان إنتكاسة لمجهودات المنظمة العظيمة فى القضاء على هذا المرض.
[ من أبرز الشيوخ الذين هاجموا لقاح شلل الأطفال وحرموه الشيخ Maulana Fazlur Rehman و Qazi Hussain Ahmed، وكان السلاح المستخدم فى نشر الفتوى هو المطبوعات وموجات الإف إم على الإذاعات المحلية، وكان التخويف بالفتاوى مرعباً لدرجة أن النساء فى بيشاور كن يذهبن سراً متخفيات إلى مستشفى خيبر فى بيشاور!، وبعد أن كانت مسئول منظمة الصحة العالمية فى باكستان يقول عن حملته الناجحة فى باكستان أنه قضى على الفيل ولم يبق إلا ذيله، إستيقظ الفيل وأخرج لسانه لهم وهز ذيله قائلاً " أنا لسه عايش وحى أرزق "!.
[ شلل الأطفال مازال يقطن أخطر أربعة دول فى جدول شلل الأطفال، للأسف من بين الأربعة دول ثلاثة دول إسلامية هى باكستان ونيجيريا وأفغانستان، والرابعة هى الهند، وكما شاركت نيجيريا باكستان فى جدول الدول التى إستوطنها شلل الأطفال، فقد شاركتها فتاوى الجهل، بل وسبقتها فى ذلك، فقد حظرت فى عام 2003 ولاية كانو بشمال نيجيريا ذات الأغلبية المسلمة تطعيم شلل الأطفال لمدة 11 شهراً، وكانت فتوى بعض الشيوخ النيجيريين هى السبب فى هذه المصيبة، وكانت الحجة
الجاهزة هى فقدان الرجال لفحولتهم وفقدان النساء لأنوثتهن، إنه التعقيم الإستعمارى قاتله الله، والغريب والعجيب أن الدول المتخلفة تقبل بالخصى السياسى والإقتصادى وتنتفض ثورة عند الخصى الجنسى فقط!!، المهم أن نيجيريا التى تمثل نحو 80% من الإصابات العالمية، نشرت المرض فى عشرة بلدان أفريقية كانت قد نجحت الحملات فى إجتثاث غالبية المرض اللعين منها فى إطار حملة المنظمة فى تطعيم 74 مليون طفل أفريقى، وكانت أمنية المنظمة أن تنجح فى نيجيريا كما نجحت
فى الهند التى إنخفضت نسبة الأطفال المصابين من 200 ألف إصابة منذ ربع قرن إلى 52 إصابة فقط فى العام الماضى!!، وهو جزء من الأمنية الكبرى بالقضاء عليه تماماً ليصبح شلل الأطفال هو المرض الثانى الذى يغتاله التقدم الطبى بعد الجدرى الذى قضى عليه 1978، ولكن الجهل مازال يؤجل هذا الإحتفال، والتخلف مازال يقف حجر عثرة أمام قوى نشر البهجة والصحة فى العالم، وبرغم هجوم القرضاوى لفتاوى علماء نيجيريا إلا أن الجهل إستمر، ولم يستمع أحد إلى صراخ كارول بيلامى رئيس صندوق الأطفال التابع للأمم المتحدة الذى قال " إنه خطأ لايغتفر أن نسمح بإصابة
مزيد من الأطفال بسبب إشاعات ".
[ قصة إكتشاف لقاح شلل الأطفال هى نموذج ودليل على سماحة العلم وكيف أنه السبيل الوحيد لإنقاذ البشرية، وأن الإنجاز العلمى لادين ولاوطن له، إنه ملك الدنيا والعالم، ولاتصلح معه عنصرية أو تمييز، فالعالمان اللذان إكتشفا هذا اللقاح يهود، وللأسف نستطيع أن نقول أن لقاح شلل الأطفال إكتشفه عالم يهودى وحرمه رجل دين مسلم هو أبعد مايكون عن روح الإسلام.
[فى بدايات القرن العشرين خرجت الإحصائيات بأرقام مرعبة عن مرض شلل الأطفال، فكل سنة كان ينضم إلى طابور المعوقين نصف مليون طفل، وكان نصيب الولايات المتحدة وحدها عام 1916 27 ألف طفل مصاب، وكانت بداية الإهتمام على شكل حملات منظمة لمحاربة هذا المرض اللعين مع عيد ميلاد روزفلت 30 يناير 1938، وهو أشهر مريض بهذا المرض فى العالم، وإستطاعت الحملات فى أول عام تجميع 1،8 مليون دولار، وظلت محاولات علاج شلل الأطفال فاشلة حتى ظهر العالمان اليهوديان يوناس سولك وبعده ألبرت سابين ونجحا فى إختراع فاكسين ضد شلل الأطفال، وهو واحد من أعظم الإكتشافات الطبية فى تاريخ الطب، وقد ناضل كل منهما فى ظل العداء الشديد لليهود وقتها فى أن يظهر الإكتشاف إلى النور، فلم يجد سولك بسبب ديانته اليهودية أى وظيفة فى البداية، ولم ينقذه إلا أستاذه فرانسيز الذى أوجد له وظيفة فى معامل أبحاث الجيش الأمريكى، وكانت البداية أبحاثاً على فيروس الإنفلونزا، أما الباحث سابين فقد كان لقبه اليهودى وهو سابرشتين حاجزاً أمام مستقبله وخروج أبحاثه إلى النور، وكان سابين لايستطيع دخول عتبة أى كلية طب بسبب ديانته، ولذلك قرر تغيير هذا اللقب المعوق وإستعار لقب طبيبة شهيرة هى فلورانس سابين، وبذلك أفلت بأبحاثه وخرجت إلى النور، ولم ينعكس هذا الإضطهاد والظلم والتمييز على توجه سولك أو سابين الإنسانى، فلم يفكر كلاهما فى أن يقصرا إكتشافهما على اليهود فقط، ولكن هذا اللقاح العظيم خدم كل أبناء الديانات المختلفة، المسيحى والمسلم، الهندوسى والبوذى، عبدة الشمس وعبدة النار!!.
[ حاول سولك فى أواخر الأربعينات تطبيق أبحاثه على القرود، وكان لقاحه عبارة عن فيروس ميت، وفشل فى أول تجاربه 1954 عندما حقن فى البداية 137 طفلاً بلقاحه، وإرتفع الرقم إلى 2 مليون طفل تقريباً، لكن 260 أصيبوا بعد لقاحه التجريبى، ومن بينهم توفى إحدى عشر مصاباً، وظل سولك يطور من حقنة المصل حتى أعلن إكتشافه العظيم على العالم عام 1955، وبعدها طور سابين الفكرة وجعل الفيروس مضعفاً وليس ميتاً وعلى شكل نقط فى الفم وليس حقناً، وخرج إكتشافه إلى النور
عام 1957، وإقتنع الأمريكان وقتها أن العلم لادين له، وأن هذين اليهوديين قد أنقذا أطفال أمريكا ومستقبلها.
[ وصفت إحدى المقالات شلل الأطفال بأنه "المحاصر الطليق "، وهذا بالفعل من أصدق التوصيفات لهذا المرض الذى ينجم عن عدوى تصيب الجهاز العصبى للأطفال حتى سن العاشرة، والكبار فيما ندر، والسبب هو فيروس معوى شديد العدوى له ثلاثة أنواع، أخطرها النوع رقم 1 الذى يتسبب فى حالات وبائية، و العدوى تحدث عن طريق التنفس والفم، حيث يعيش فى البلعوم والأنف فى البداية، وقد ينتشر فى حالات قليلة للجهاز الهضمى والعصبى، فيسرى مع الدم إلى المخ، ثم يدخل فى الخلية العصبية، ويتكاثر بسرعة فيها حتى يقضى عليها، وعندما تفشل الخلية العصبية فى تحريك العضلة يظهر الشكل الكلاسيكى للشلل.
[ من الممكن بل فى الأغلب الأعم لايتم تشخيص شلل الأطفال فى بدايته فهو يشبه فى بداياته نزلة برد عادية جداً، إحتقان حلق وحمى وصداع وقئ وفقدان شهية وأوجاع فى المفاصل، أما فى الحالات الشديدة فتتطور الأعراض، ويبدأ تدريجياً تصلب وتقلص عضلات الظهر والرقبة، وتضعف العضلات، ثم تشتد الآم الرأس والعنق، مما يحول الطفل إلى مجرد شئ هامد خامد لايستطيع الوقوف أو المشى أو حتى الإلتفات، وفى خمسة فى المائة من الحالات يحدث شلل للجهاز التنفسى أو بالتحديد عضلات الجهاز التنفسى.
[ يمثل البلعوم والأمعاء بيئة مثالية لتكاثر الفيروس، ويعد الإنسان المصاب المصدر الوحيد لنقل العدوى للآخرين غير المحصنين بطريقتين:
* الأولى هى براز المصاب الذى يلوث غذاء أو ماء أو أدوات خاصة تصل إلى فم شخص آخر وأيضاً عبر الصرف الصحى الملوث.
* الثانية هى الإفرازات البلعومية للمصاب.
[فترة حضانة المرض حوالى أسبوعين، ولكننا يمكن أن نميز الفيروس معملياً بعد 36 ساعة، بينما يظهر فى البراز بعد 72 ساعة، ويبقى فى محتويات براز الطفل المريض لمدة تتراوح مابين ثلاثة إلى ستة أسابيع، وللفيروس القدرة على العيش فى المياه والفضلات الرطبة لمدة قد تصل إلى ثلاثة أشهر، ويقاوم العصارة المعدية، ويتكاثر بصورة هائلة فى الأمعاء.
[ العلم إستطاع القضاء على شلل الأطفال فى نصف الكرة الغربى كله وفى 125 دولة فمنذ 1991 لم تظهر حالة واحدة، ومولت مؤسسة جيتس وحدها الحملة ب 85 مليون دولار، ولكن للأسف مازال يقف أمام المنهج العلمى فى التفكير الكثير من فكر القرون الوسطى الخرافى، الذى يكره الحياة والبهجة ويقدس الموت والشلل.
Khmontasser2001@yahoo.com
http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphWriter/2007/7/251847.htm