المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إنّك كونٌ لخّصتْه سُطُور



ابوقاسم المنامي
07-08-2004, 07:32 PM
إنّك كونٌ لخّصتْه سُطُور*

أرسلها الشيخ الدكتور أحمد الوائلي (ره) إلى سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله تحية لديوانه "قصائد للإسلام والحياة".

رأيتك والحرف المعبّر صُوّرَةً بديوان شعر بالحياة يمورُ
تجسّدَتِ الّدنيا به فهْوَ بَسْمَةٌ ودمعٌ وحزنٌ مرّة وسرورُ
فكنتَ القريضَ الفذّ نَسْجاً وفكرهُ ورُبَّ كلامٍ للْكلام أميرُ
له نسبٌ نهجُ البلاغة جذره ونيران من دنيا الرّضى ونورُ
وما النّسْرُ إلاّ ابنُ العُقَابِ بِنزعهِ وتصْعدُ عنْ أفقِ البغاثِ نسورُ
لقد لاح لي لبنانُ في كلّ مقطعٍ به فهو جنّاتٌ ترِقُّ وحورُ
ونسْجُ مواويلٍ وعِشْقٌ ودَبْكَةٌ وحشدُ صبايا جُلّيَتْ، وأمورُ
وملحمةٌ للمجد في سفح يُحمرٍ وصيدا أساطير الفداء، وصورُ
براعِمُ من نبتُ الجنوبِ أتوا بما فريق وهي عن مثله ومشيرُ
وفاطمة بنت الجنوب ومدفع له بين زنديها صدىً وزئيرُ
تعقَّبَ إسرائيلَ يسحق زهوَها فجُنّ لها رعبٌ وذابَ غُرورُ
فيا لسلاحٍ لمْ يكن عندَ غيرنا تفجَّرَ فيهِ أضلعٌ وصدورُ
فدَيتُ صدوراً هدَّها الكدح والطّوى وألوَى بها وسطَ الحقولِ هجيرُ
بكل صدور للنياشين فوقها تربّع إفكٌ يشمخرُ، وزورُ
صدورٌ خلت من عزمة ورجولة فإن سمِعتْ صوت الأزير تخورُ
ومدفع بغي ما أصاب عدوه ولا هزّ ساح المجدِ منهُ هديرُ
بلى هو نارٌ في ترائب شعبه سواءً كبيرٌ منهم وصغيرُ
قرأتُك في هذا جميعاً فبان لي بأنّك كونٌ لخصتهُ سطورُ
مدى أنت فيه الحَبرُ بالعلم والتقى وأنت به البركانُ حتى يثورُ
ودفق شعور بالرنين مُوقَّع وما كلّ شعرٍ في مداه شعورُ
وما الشعر إن لم ينحني الفنّ عنده ويسجدُ إلا فضلةٌ وقشورُ
وإني أعيذُ الشعر من كلّ شاعر تدورُ فلا تلقاه كيفَ تدُورُ
على الفهم عبءٌ فهو لغز مُعتِّمٌ وفي السمع عبءٌ فهوَ فيه صخورُ
يسيح فلا تدري أين قراره وتغرق فيه صورة وتفورُ
يقولون حرّ وهو فوضى عريضة ومركب عجزٍ ما امتطاه قديرُ
أبا السادة الأطهار جذراً ومسلكاً وكل الذي ينمي الحسين طهورُ
لماذا ومن عهد نسيت رددتني لأمس له حلم الخيال يشيرُ
زمان به عان الزمان طِباعهُ فلا غصَّةٌ في صفوهِ وشرورُ
وأفق ثريّ بالنجوم يُرى به على كلّ درْبٍ للنجوم مسيرُ
تنوَّر من فكر ووجهِ مسائه وربَّ مساء تفتديه بكورُ
وفتْحُ أكمام القرائح صبحهُ ففي كلّ أيك احمد وجريرُ
ومنتجع الأرواح للذوق مرتع شهيٌ، وروضٌ للفهوم نضيرُ
وتِرْبُ صباً طارحته في مشاعر رفاقٍ وعهدٌ أبلج وعشيرُ
وأرض تمنّاها الجباه لترتمي عليها، على وادٍ حصاهُ تدورُ
بها لبين ماء السماء خِوَرْنقٌ فيها لموسى والنبوة طورُ
وعقد ونصف من قرون تتابعت وخَطْو عليٍّ في التُّراب عبيرُ
أخي وجزيل الشكر بالفضل والوفا فكلُّ وفيٍّ بالثناءِ جديرُ
تفقَّدني والخطب ما زال عاصفاً بابعاده والدّمعُ منه غزيرُ
وفقدُ أب ٍمن قادة العلم والتقى وتمزيقُ شعْب عادَ وهو كسورُ
وعفواً... وقد رافت على الروح غربةٌ وأطبقَ خطْبٌ واعتَسَفْنَ دهورُ
إذا لم أوفِ العاطفاتِ جزاءها فرُبَّ صغيرٍ مِنْ أخيْكَ كبيرُ

*نشرت في مجلة "العرفان" العددان 1و2، المجلد 74.