المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأصوليون الأكثر نشاطا على الإنترنت والإغلاق المتكرر لمواقعهم لم يمنع انتشارهم



على
07-08-2004, 04:30 PM
يعد الأصوليون الأكثر نشاطاً على الإنترنت، «إذ أجادوا تطويع الشبكة العالمية لصالحهم في أحوال كثيرة. وبات من السهل جداً أن تبحث عن كتابٍ أصولي على الشبكة وتجده مطبوعاً بالكامل ومتوفراً بشكل مجاني حيث لا يتطلب الأمر سوى أن تكون ملماً بطريقة البحث الإلكترونية عبر مواقع البحث العالمية، وتدوين ما تود البحث عنه ويتولى محرك البحث عرض النتائج.

ومن الأمثلة على ذلك تنظيم «القاعدة» الذي تنتشر اصداراته وبياناته على الشبكة العنكبوتية. ومن هذه الإصدارات مجلة «صوت الجهاد»، وهي مجلة نصف شهرية وظهر العدد الأول منها في شهر شعبان من عام 1424هـ، وهي تصدر بنسختين; إحداهما على صيغة word، والثانية بصيغة pdf. ولا يوجد أي فارق بين الإصدارين من ناحية المحتوى بل الفارق فني بحت، فالصيغة الأولى تتسم بصغر الحجم مقارنة بالثانية مما يسهّل من عملية إنزالها وتصفحها للمستخدم العادي للإنترنت الذي يشكو من مغبة البطء في عملية نقل البيانات.

وتتميز الصيغة الأولى أيضا بسهولة الاقتباس منها عن طريق خيار النسخ واللصق مما يسهل عملية نقل أي محتوى موجود بالمجلة للمنتديات الإلكترونية المنتشرة في إرجاء الشبكة العنبكوتية، وهو ما يضمن رواجاً لمواضيعها.

ومحتوى المجلة هو في الغالب عبارة عن مقالات تأخذ البعد التحريضي في العمل الإرهابي ويكتبها المطلوبون أمنيا سواء كان ذلك باسمائهم الحقيقية أو بأخرى مستعارة. كما تحتوي المجلة على مقولات لعلماء يبرر بها التنظيم أعماله الارهابية. كما تحتوي على مقابلات مع أعضاء هذا التنظيم يستغلون فيها الأحساس العاطفي الديني للشاب السعودي الذي يتميز بتدينه الفطري. وبالطبع، فإن المجلة لا تخلو من بيانات يصدرها التنظيم على غرار بيان مسؤوليتهم عن عملية المحيا الارهابية أو ذبح الرهينة الأميركي بول جونسون.

ويلاحظ على المنتج النهائي للمجلة الاحترافية من ناحية تنسيق المواضيع وصورة الغلاف والتي تكون معدة دائماً ببرنامج فوتو شوب الشهير، المخصص لعمل الصور والرسومات، وهو برنامج احترافي يصعب على المستخدم العادي التعامل معه. ولا يخلو أي عدد من أعداد المجلة من عنوان بريد إلكتروني يستقبل به المشرفون على تحريرها المشاركات والأسئلة المختلفة. غير أن هذا البريد يتغير باستمرار، وذلك لأسباب أمنية، كما تقول المجلة.

وموقع مجلة «صوت الجهاد» في الإنترنت هو موقع متغير دائماً ولا يثبت على حال، اذ سرعان ما تلغي الشركات المستضيفة للمجلة استضافتها وذلك بعد أيام، وأحياناً بعد ساعات من صدورها ويعود ذلك إلى أن هذه المواقع التي تقدم خدمة الاستضافة المجانية تشترط في المواقع المستضافة أن لا تكون مواقع إرهابية وأن لا تتسم بالضغط الشديد من قبل الزوار حتى لا تزداد التكلفة عليها. ولا يحتوي الموقع على مجلة «صوت الجهاد» فقط لكنه يضم أيضاً كتبا ورسائل صوتية وتصويرية مختلفة، وهو المكان الذي يتم فيه نشر بيانات التنظيم الرسمية ومنها بيان قتل الرهينة الأميركي أخيرا.

وتكون الكتب دائماً بالصيغتين نفسها التي تنزل بها المجلة. أما الرسائل الصوتية والتصويرية فهي تكون دائماً معدة للفتح عن طريق برنامج ريل بليار، وهو برنامج شعبي ومعروف وموجود لدى أغلب مستخدمي الإنترنت.

ويؤكد الواقع أن التغير المتكرر للموقع لا يشكل عقبة في سبيل نشر المجلة وذلك بسبب توافر المنتديات الإلكترونية المختلفة التي تسمح لأعضاء التنظيم بالدخول اليها ونشر الموقع الجديد باستمرار مما يمكن القراء من معرفة أخر عناوين المجلة. ومن أشهر المنتديات التي تسمح بنشر روابط المجلة منتدى الساحة العربية ومنتدى الإصلاح ومنتدى القلعة.

ومن الملاحظ أن وجود مواضيع مجلة «صوت الجهاد» في المنتديين الأخيرين والتي ينشرها المطلوبون أمنيا أو المتعاطفون معهم هو في ازدياد مستمر، غير أن أصحاب الموقعين وبعد استشعارهم خطر المساءلة القانونية لما ما قد يعنيه الامر من تحريض على الإرهاب، قاموا بنشر إعلانات واضحة يتنصلون فيها من مغبة ما ينشر بالموقع، على اعتبار انه لا يمثل إلا وجهة نظر من كتبه.

وحقيقة فمثل هذا التبرير يمكن القبول به في حال كانت الحرية هي الأصل العام في المكان، غير أن الواقع يؤكد أن هناك تساهلاً بل وتشجيعا في نشر البيانات الأصولية المختلفة بما فيها بيانات تنظيم «القاعدة» واصداراته المختلفة في مقابل التضييق الكلي على المنتسبين للتيارات الأخرى في عرض رؤاهم وأفكارهم، مما جعل من هذه المنتديات بؤر تجمع للأصوليين العرب عموماً، والسعوديين منهم خصوصاً.

وقد يبدو خطر المنتديات الإلكترونية المتعاطفة مع «القاعدة»، من ناحية كونها مكانا رحبا لتجنيد المتعاونين مع «القاعدة»، وهذا التعاون يكون له درجات متعددة، فأضعف درجات التعاون هو تشجيع وتحريض التنظيم على الاستمرار في عملياته وخلق المبررات الشرعية لعملهم وهذا مشاهد بكثرة في هذه المنتديات.

وقد تشتد درجة التعاون بقيام العضو المتعاطف بنشر بيانات التنظيم في باقي منتديات الإنترنت مما يعرضه في الغالب لشطب اسمه من قائمة الأعضاء في الأماكن التي تتخذ موقفاً مناهضاً للتطرف أو بقيامه برسم صور وشعارات تشجع التنظيم على الاستمرار في عملياته ومن بعد ذلك يتولى هو وآخرون نشرها بطرق مختلفة أكثرها رواجاً هو البريد الإلكتروني.

ومثال ذلك ما قام به من رمزوا لأنفسهم بـ «مجموعة من المتعاطفين مع المجاهدين»، والذين قاموا بجمع جميع أعداد مجلة «صوت الجهاد» من العدد 1 وحتى العدد 17 وقاموا بدمجها ببرنامج معين بحيث يمكن للقارئ أن ينزل هذا البرنامج ويتصفح جميع الأعداد بكل سهولة ويسر، خصوصاً مع وجود خاصية البحث الدقيق فيه. أما أقصى درجات التعاون فلا يمكن تحديدها بشكل دقيق، غير أن من المؤكد أن هناك من تم تجنيده للتنظيم عن طريق هذه المنتديات.

واللافت أنه في أحوال كثيرة وبعد أن يتم إلغاء موقع المجلة، فإن المتعاطفين معها يقومون بإنزالها كاملة أو جزء من محتوياتها أو بياناتها في مواقع أخرى مجانية ثم يتولون نشر روابطها في منتدياتهم وهم بالغالب يختارون المواقع العربية وذلك بسبب حاجز اللغة الذي قد يقف عائقاً أمام بعضهم. ان استغلال الاصوليين لشبكة الإنترنت أمر يستحق النظر حيث فيه مثال واضح على محاربة الحداثة بمنتوجاتها في وقت تتسم التيارات الفكرية الأخرى المناهضة للأصولية بالضعف الشديد في الدفاع عن موقفها الآيديولوجي والترويج له عن طريق الإنترنت مقارنة بالأصوليين الذين يتمتعون بوجود الحافز المتمثل بفكرة (الاحتساب) وهو ما يفتقده غيرهم.