على
07-08-2004, 04:16 PM
خالد القشطيني
كثيرا ما وجدت شبها بين الآرلنديين والعرب، ومن ذلك ولعهم بالشعر، مما يجعل تعاملهم بالحقائق والواقع تعاملا متساهلا.
كان رئيس الحكومة البريطانية غلادستون قد قال «لا حل هناك للمسألة الآرلندية. فحالما تعثر على الحل يغيرون المسألة». وهو ما حصل بالضبط للمسألة الفلسطينية. وقد ولع العرب بهذه الفذلكات اللغوية فروى ابن الجوزي مثلا في كتابه «اخبار الظراف والمتماجنين» ان خالد بن الوليد عندما حاصر مدينة الحيرة قال: ابعثوا لي رجلا من عقلائكم. فبعثوا اليه برجل نصراني هو عبد المسيح بن عمرو.
فجاء الى خالد وحياه قائلا: «انعم صباحا ايها الملك». فأجابه: «قد اغنانا الله عن تحيتك. فمن اين اقصى اثرك ايها الشيخ؟»، قال: «من ظهر ابي». قال فمن اين خرجت؟ قال «من بطن امي». قال: «فعلام انت؟»، قال: «على الارض». قال: «ففيم انت؟»، قال: «في ثيابي». قال: «اتعقل؟»، قال: «اي والله واقيد»، قال: «ابن كم انت؟» قال: «ابن رجل واحد». قال خالد: «ما رأيت كاليوم اسألك الشيء وتنحو في غيره». فقال: «ما انبأتك الا عما سألتني!».
الحكاية في الحقيقة تعطينا ردا مفعما على من ينكرون وجود الديمقراطية في التاريخ العربي. ففي هذا الزمان يأمر القائد فورا بتعذيب الرجل حتى يجيبه بما يريد، او يفعل ما فعلته الشاويشة انجلند في ابو غريب. والحكاية بعين الوقت تعطينا من زواية اخرى مثلا على تعامل العرب بالحقائق.
فها هنا شيخ من مشايخ الاسلام يصدق وقوع مثل هذا الحوار بين قائد مغوار وواحد نصراني والجيش يحاصر المدينة. والناس يموتون جوعا والسيوف منسلة متعطشة للضرب والفتك وهو يستمع لمثل هذا الحوار الكوميدي مع رجل اختاروه لرجاحة عقله.
وعلى غرار ذلك ذكر المبرد ان رجلا سأل عاقلا آخر، هشام بن عمرو الغوطي: كم تعد؟
قال: «من واحد الى الف الف»، قال: «لم ارد هذا». قال: «فما اردت؟»، قال: «كم تعد من السن؟»، قال: «اثنان وثلاثون، ستة عشر من اعلى وستة عشر من اسفل». قال:« لم ارد هذا». قال: «فما اردت؟»، قال: كم لك من السنين؟ قال: «ما لي منها شيء. كلها لله عز وجل». قال: «فما سنك؟» قال: «عظم»، قال: «فابن كم انت؟»، قال: «ابن اثنين، أب وأم»، قال: «فما أتى عليك؟»، قال: «لو أتى عليَّ شيء لقتلته»، قال: «فكيف اقول»، قال: «قل، كم مضى من عمرك؟».
يظهر ان هذه الحوارات هي التي اوحت للباحث اللغوي د. مصطفى جواد بنشر سلسلته الشهيرة «قل ولا تقل». انقطعت هذه السلسلة بوفاته. ولكن هذا التراث ما زال حيا عندنا، بل تشعب وتصاعد. اسمعوا لما يجري في مؤتمراتنا الفكرية ومفاوضاتنا السياسية لتدركوا افضال ابن الجوزي والمبرد على تفكيرنا. اسألوا بول بريمر ليعطيكم نماذج منها.
كثيرا ما وجدت شبها بين الآرلنديين والعرب، ومن ذلك ولعهم بالشعر، مما يجعل تعاملهم بالحقائق والواقع تعاملا متساهلا.
كان رئيس الحكومة البريطانية غلادستون قد قال «لا حل هناك للمسألة الآرلندية. فحالما تعثر على الحل يغيرون المسألة». وهو ما حصل بالضبط للمسألة الفلسطينية. وقد ولع العرب بهذه الفذلكات اللغوية فروى ابن الجوزي مثلا في كتابه «اخبار الظراف والمتماجنين» ان خالد بن الوليد عندما حاصر مدينة الحيرة قال: ابعثوا لي رجلا من عقلائكم. فبعثوا اليه برجل نصراني هو عبد المسيح بن عمرو.
فجاء الى خالد وحياه قائلا: «انعم صباحا ايها الملك». فأجابه: «قد اغنانا الله عن تحيتك. فمن اين اقصى اثرك ايها الشيخ؟»، قال: «من ظهر ابي». قال فمن اين خرجت؟ قال «من بطن امي». قال: «فعلام انت؟»، قال: «على الارض». قال: «ففيم انت؟»، قال: «في ثيابي». قال: «اتعقل؟»، قال: «اي والله واقيد»، قال: «ابن كم انت؟» قال: «ابن رجل واحد». قال خالد: «ما رأيت كاليوم اسألك الشيء وتنحو في غيره». فقال: «ما انبأتك الا عما سألتني!».
الحكاية في الحقيقة تعطينا ردا مفعما على من ينكرون وجود الديمقراطية في التاريخ العربي. ففي هذا الزمان يأمر القائد فورا بتعذيب الرجل حتى يجيبه بما يريد، او يفعل ما فعلته الشاويشة انجلند في ابو غريب. والحكاية بعين الوقت تعطينا من زواية اخرى مثلا على تعامل العرب بالحقائق.
فها هنا شيخ من مشايخ الاسلام يصدق وقوع مثل هذا الحوار بين قائد مغوار وواحد نصراني والجيش يحاصر المدينة. والناس يموتون جوعا والسيوف منسلة متعطشة للضرب والفتك وهو يستمع لمثل هذا الحوار الكوميدي مع رجل اختاروه لرجاحة عقله.
وعلى غرار ذلك ذكر المبرد ان رجلا سأل عاقلا آخر، هشام بن عمرو الغوطي: كم تعد؟
قال: «من واحد الى الف الف»، قال: «لم ارد هذا». قال: «فما اردت؟»، قال: «كم تعد من السن؟»، قال: «اثنان وثلاثون، ستة عشر من اعلى وستة عشر من اسفل». قال:« لم ارد هذا». قال: «فما اردت؟»، قال: كم لك من السنين؟ قال: «ما لي منها شيء. كلها لله عز وجل». قال: «فما سنك؟» قال: «عظم»، قال: «فابن كم انت؟»، قال: «ابن اثنين، أب وأم»، قال: «فما أتى عليك؟»، قال: «لو أتى عليَّ شيء لقتلته»، قال: «فكيف اقول»، قال: «قل، كم مضى من عمرك؟».
يظهر ان هذه الحوارات هي التي اوحت للباحث اللغوي د. مصطفى جواد بنشر سلسلته الشهيرة «قل ولا تقل». انقطعت هذه السلسلة بوفاته. ولكن هذا التراث ما زال حيا عندنا، بل تشعب وتصاعد. اسمعوا لما يجري في مؤتمراتنا الفكرية ومفاوضاتنا السياسية لتدركوا افضال ابن الجوزي والمبرد على تفكيرنا. اسألوا بول بريمر ليعطيكم نماذج منها.