المهدى
07-16-2007, 12:28 AM
قالوا إنهم يكرهون الجنود البريطانيين لأنهم توقفوا عن توزيع الحلوى واستبدلوا بها عيارات نارية
البصرة: جاسم داخل
يستيقظ احمد كاظم، 12 ربيعا، منذ الصباح الباكر متوجها من داره في منطقة الحيانية الشعبية غرب مركز محافظة البصرة، إلى شارع السيد حيث يقع السوق، لعلة يسبق أقرانه في الفوز بنقل حاجيات الزبائن الى منازلهم، بواسطة عربته التي يطلق عليها «الستوتة».
والستوتة هي عربة تشبه إلى حد ما الدراجة الهوائية ولكن بعجلتين خلفيتين يعلوهما صندوق مفتوح للحمولة وتنتشر بوضوح في المناطق الفقيرة في دول شرق آسيا، وقد تم استيرادها مؤخرا، ولا احد يعرف تسمية أخرى لها، وربما أطلق عليها هذا الاسم تصغيرا محببا لكلمة «الست»، أي المرأة المحترمة لكثرة استخدامها من قبل النساء لنقل حاجاتهن من السوق ومفردات البطاقة التموينية وقناني الغاز وصفائح الماء العذب.
يقول احمد الذي لم يدخل يوما إلى مدرسة انه يعمل في السوق منذ أكثر من ثلاثة أعوام، حيث كان يساعد أمه الأرملة في بيع البيض المسلوق والشاي للعمال، وعند مرض والدته تولى بنفسه إعالة عائلته بعد أن اشترت له أمه العربة، مشيرا إلى إن معظم الأطفال الذين يعملون على شاكلته هم من أبناء ضحايا الحروب وإعمال العنف.
عند مشاهدة هؤلاء الحمالين الصغار تدرك أنهم غير أصحاء أو انهم مصابون على اقل تقدير بفقر الدم لخلو وجوههم من نضارة الطفولة التي لعقتها أتربة الشوارع. لم يكن أطفال عربات الستوتة منتشرين في منطقة الحيانية ذات الكثافة السكانية العالية فحسب، بل تشاهدهم في كل أسواق المحافظة، وبعضهم يتفاخر بوجود عملاء دائمين لهم من المتسوقين، حيث ينقلون بمفردهم الحاجات من السوق إلى البيوت دون حاجة إلى من يرافقهم.
وبالرغم من انتشارهم وقلة أعدادهم، إلا ان أعمال العنف والتفجيرات العشوائية في الأسواق قد أفجعت أمهاتهم الثكالى طيلة الأربع سنوات الماضية. وقال قصي عناد، 10 أعوام، انه لا يخاف من التفجيرات، لكنه يكره الجنود البريطانيين، لأنهم في السنوات الماضية كانوا يوزعون الحلوى على الأطفال عند مرور دورياتهم الراجلة في الشوارع، لكنهم الآن لا ينزلون عن مدرعاتهم ويطلقون الرصاص ويقتحمون المساكن ويعتقلون الرجال. وأضاف انه وأصدقاءه يتسابقون في رشق الجنود البريطانيين بالحجارة لأنهم يريدون سرقة النفط كما يقول الناس الكبار. وأكد باسم علوان، 13 عاما، الذي زين عربته الستوتة بالصور والنغمات والاشارات الضوئية على «انه وأمثاله ليسوا بحمالين، لأن الحمال هو الذي ينقل الأشياء على ظهره، كما أنهم ليسوا من أصحاب عربات الدفع الذين يطلق عليهم الناس» عربنجية، «مشيرا إلى انه ترك الدراسة عندما كان في الصف الثاني الابتدائي لأن المعيشة صعبة، وان معظم خريجي الكليات نادمون لأن الكليات قذفتهم بعد تخرجهم إلى طوابير العاطلين ومساطر عمال البناء.
وأوضح محسن الساهي المكنى أبو علاء «صاحب ورشة تصليح عجلات» في سوق البصرة القديمة «لقد كثرت الطلبات على عربة أو عجلة الستوتة في السنوات الأخيرة لما توفر للعاملين عليها من مورد لا بأس به، وهي ارخص من عربات الدفع التي تتطلب جهدا كبيرا». وأضاف: «انها على نوعين أما أن تعمل بقوة دفع أقدام الراكب أو إنها تعمل بماكنة العجلة البخارية، وهي أسرع ولها إطارات أكبر.
وكانت منظمات دولية قد حذرت المسؤولين من حالة المأساوية لهؤلاء وغيرهم من أطفال الشوارع الذين اكتظت بهم المدن العراقية، وفقاً لتقرير أصدرته مؤخرا الشبكة الموحدة للإعلام الإقليمي حول الشؤون الإنسانية، التي تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة جاء فيه «يعاني أطفال الشوارع في المدن العراقية، الجوع كما يتعرضون للاستغلال الجنسي خلال سعيهم الدؤوب لتحصيل لقمة العيش، ويعزى ذلك إلى انتشار الفقر المدقع وارتفاع معدلات البطالة».
وكشف تقرير الشبكة عن «مئات العائلات التي وجدت في تجارة جنس الشذوذ لدى الأطفال مورد معيشة لها في ظلّ انسداد الآفاق وتردي الوضع الأمني بالعراق». وأكد تقرير أعدته منظمة أنقذوا الأطفال الأميركية صدر الشهر الماضي «على أن طفلا من بين كل ثمانية أطفال في العراق يموت قبل أن يبلغ سن الخامسة، نتيجة الأمراض والعنف». ووجهت نقدا لاذعا للحكومة واتهمتها بالإهمال في سبيل تحسين أوضاع الأطفال. وقال معهد فافو للعلوم الاجتماعية التطبيقية الذي قام بدراسة في هذا الخصوص، إن «حالات سوء التغذية قد ارتفعت بين الأطفال من 4% إلى 7.7% منذ مارس (آذار) عام 2003».
البصرة: جاسم داخل
يستيقظ احمد كاظم، 12 ربيعا، منذ الصباح الباكر متوجها من داره في منطقة الحيانية الشعبية غرب مركز محافظة البصرة، إلى شارع السيد حيث يقع السوق، لعلة يسبق أقرانه في الفوز بنقل حاجيات الزبائن الى منازلهم، بواسطة عربته التي يطلق عليها «الستوتة».
والستوتة هي عربة تشبه إلى حد ما الدراجة الهوائية ولكن بعجلتين خلفيتين يعلوهما صندوق مفتوح للحمولة وتنتشر بوضوح في المناطق الفقيرة في دول شرق آسيا، وقد تم استيرادها مؤخرا، ولا احد يعرف تسمية أخرى لها، وربما أطلق عليها هذا الاسم تصغيرا محببا لكلمة «الست»، أي المرأة المحترمة لكثرة استخدامها من قبل النساء لنقل حاجاتهن من السوق ومفردات البطاقة التموينية وقناني الغاز وصفائح الماء العذب.
يقول احمد الذي لم يدخل يوما إلى مدرسة انه يعمل في السوق منذ أكثر من ثلاثة أعوام، حيث كان يساعد أمه الأرملة في بيع البيض المسلوق والشاي للعمال، وعند مرض والدته تولى بنفسه إعالة عائلته بعد أن اشترت له أمه العربة، مشيرا إلى إن معظم الأطفال الذين يعملون على شاكلته هم من أبناء ضحايا الحروب وإعمال العنف.
عند مشاهدة هؤلاء الحمالين الصغار تدرك أنهم غير أصحاء أو انهم مصابون على اقل تقدير بفقر الدم لخلو وجوههم من نضارة الطفولة التي لعقتها أتربة الشوارع. لم يكن أطفال عربات الستوتة منتشرين في منطقة الحيانية ذات الكثافة السكانية العالية فحسب، بل تشاهدهم في كل أسواق المحافظة، وبعضهم يتفاخر بوجود عملاء دائمين لهم من المتسوقين، حيث ينقلون بمفردهم الحاجات من السوق إلى البيوت دون حاجة إلى من يرافقهم.
وبالرغم من انتشارهم وقلة أعدادهم، إلا ان أعمال العنف والتفجيرات العشوائية في الأسواق قد أفجعت أمهاتهم الثكالى طيلة الأربع سنوات الماضية. وقال قصي عناد، 10 أعوام، انه لا يخاف من التفجيرات، لكنه يكره الجنود البريطانيين، لأنهم في السنوات الماضية كانوا يوزعون الحلوى على الأطفال عند مرور دورياتهم الراجلة في الشوارع، لكنهم الآن لا ينزلون عن مدرعاتهم ويطلقون الرصاص ويقتحمون المساكن ويعتقلون الرجال. وأضاف انه وأصدقاءه يتسابقون في رشق الجنود البريطانيين بالحجارة لأنهم يريدون سرقة النفط كما يقول الناس الكبار. وأكد باسم علوان، 13 عاما، الذي زين عربته الستوتة بالصور والنغمات والاشارات الضوئية على «انه وأمثاله ليسوا بحمالين، لأن الحمال هو الذي ينقل الأشياء على ظهره، كما أنهم ليسوا من أصحاب عربات الدفع الذين يطلق عليهم الناس» عربنجية، «مشيرا إلى انه ترك الدراسة عندما كان في الصف الثاني الابتدائي لأن المعيشة صعبة، وان معظم خريجي الكليات نادمون لأن الكليات قذفتهم بعد تخرجهم إلى طوابير العاطلين ومساطر عمال البناء.
وأوضح محسن الساهي المكنى أبو علاء «صاحب ورشة تصليح عجلات» في سوق البصرة القديمة «لقد كثرت الطلبات على عربة أو عجلة الستوتة في السنوات الأخيرة لما توفر للعاملين عليها من مورد لا بأس به، وهي ارخص من عربات الدفع التي تتطلب جهدا كبيرا». وأضاف: «انها على نوعين أما أن تعمل بقوة دفع أقدام الراكب أو إنها تعمل بماكنة العجلة البخارية، وهي أسرع ولها إطارات أكبر.
وكانت منظمات دولية قد حذرت المسؤولين من حالة المأساوية لهؤلاء وغيرهم من أطفال الشوارع الذين اكتظت بهم المدن العراقية، وفقاً لتقرير أصدرته مؤخرا الشبكة الموحدة للإعلام الإقليمي حول الشؤون الإنسانية، التي تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة جاء فيه «يعاني أطفال الشوارع في المدن العراقية، الجوع كما يتعرضون للاستغلال الجنسي خلال سعيهم الدؤوب لتحصيل لقمة العيش، ويعزى ذلك إلى انتشار الفقر المدقع وارتفاع معدلات البطالة».
وكشف تقرير الشبكة عن «مئات العائلات التي وجدت في تجارة جنس الشذوذ لدى الأطفال مورد معيشة لها في ظلّ انسداد الآفاق وتردي الوضع الأمني بالعراق». وأكد تقرير أعدته منظمة أنقذوا الأطفال الأميركية صدر الشهر الماضي «على أن طفلا من بين كل ثمانية أطفال في العراق يموت قبل أن يبلغ سن الخامسة، نتيجة الأمراض والعنف». ووجهت نقدا لاذعا للحكومة واتهمتها بالإهمال في سبيل تحسين أوضاع الأطفال. وقال معهد فافو للعلوم الاجتماعية التطبيقية الذي قام بدراسة في هذا الخصوص، إن «حالات سوء التغذية قد ارتفعت بين الأطفال من 4% إلى 7.7% منذ مارس (آذار) عام 2003».