المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اية الله العظمى الشيخ اليعقوبي في سطور



زين العابدين
07-11-2007, 09:04 PM
نسبه واسرته

هو الشيخ محمد بن الشيخ موسى بن الشيخ محمد علي بن الشيخ يعقوب بن الحاج جعفر.

ابوه الشيخ موسى (1345-1402 / 1926-1982) خطيب شاعر أصدر مجلة الايمان في النجف (1963-1968) وكانت لسان النجف المعبّرة عن آلامها وآمالها -كما وصفت- في تلك الحقبة الزاهرة من حيث وجود المفكرين والعلماء العظام والمضطربة بالتيارات الفكرية والاجتماعية التي ماجت بها النجف وعموم العراق.

جده الشيخ محمد علي (1313-1385 / 1896-1965) الملقب بشيخ الخطباء لكونه مؤسس مدرسة جديدة في الخطابة وتخرج على يديه عدد كبير من رموز المنبر وقد اشار الى ذلك الخطيب الشهير المرحوم الشيخ احمد الوائلي في كتابه (تجاربي مع المنبر) محقق ضليع في التاريخ والادب والرجال وله مؤلفات وتحقيقات جليله.

وجد أبيه الشيخ يعقوب (1270-1329 / 1853-1910) ، شاعر كبير وخطيب ماهر استفاد من المدرسة العرفانية للشيخ حسين قلي الهمداني والشيخ جعفر الشوشتري، له ديوان مطبوع.

وراس الاسرة الحاج جعفر (1200- 1289) -الذي يتفرع منه آل اليعقوبي المنتشرون اليوم- من وجهاء النجف وكانت له املاك كثيرة وقد اعتمد عليه الشيخ موسى بن الشيخ جعفر الكبير كاشف الغطاء المتوفى سنة 1243 في بناء سور النجف لحمايتها من هجمات الوهابيين.

وقد سكنت الاصول الاولى للاسرة مدينة النجف منذ قرون بحيث ان الشيخ يعقوب المتقدم ذكره المولود في النجف 1853 يعبر عنها بمواطن آبائي في ابيات يقول فيها:

تغرّبت عن ارض الغري فلم تكن

تقر عيوني او تطيب حياتي

حبستُ ركابي عندها اليوم بعدما

أذبتُ عليها النفس بالزفرات

مواطن آبائي بهــــــــــــــا واحبتي

وفيها مغاني اسرتي وسراتي

والاسرة عربية المحتد تتفرع عن قبيلة الاوس الانصارية وجدهم معاوية بن اسحق بن زيد بن حارثة بن عامر كان قائد قوات زيد الشهيد ابن الامام زين العابدين (ع) واستشهد معه، وزيد بن حارثة او يزيد بن جارية على اختلاف النسخ من اصحاب رسول الله (ص) وقد اشرت الى تفاصيل عن الاسرة في كتاب (الشيخ موسى اليعقوبي: حياته-شعره).

ولادته و نشأته

ولد في النجف الاشرف فجر المولد النبوي الشريف 17 ربيع الاول 1380 الموافق ايلول/1960 في بيت جده اليعقوبي ونشأ هناك حتى عام 1968 حيث انتقل والده الى بغداد لارتباطه بمسؤوليات دينية واجتماعية مع المرحوم الشهيد السيد مهدي نجل المرجع الديني الكبير السيد محسن الحكيم واكمل دراسته الابتدائية والثانوية بتفوق فقبل عام 1978 في قسم الهندسة المدنية من كلية الهندسة في جامعة بغداد وتخرج فيها عام 1982 وتخلف عن الخدمة العسكرية منذ اللحظة الاولى لانه كان يرى ان مجرد ارتداء الملابس العسكرية هو تكثير للسواد على جيش الاسلام المتمثل بالقوات الايرانية في الحرب المفروضة، وهذه الحالة أخرت زواجه حتى انتهاء الحرب العراقية الايرانية فاقترن بعد نهايتها مباشرة بكريمة المرحوم الشهيد السيد محسن الموسوي الغريفي وبين الاسرتين مصاهرات متعددة.

صاحب والده كثيراً منذ صغره في مجالس خطابته والى المساجد التي كان يقيم فيها الصلاة جماعة وكان يحفظ عدداً من الادعية فيقرأها على المصلين بعد اداء الفرائض وهو دون العاشرة من العمر ومن هنا بدأت نشأته الدينية وكان ينقل الى والدته بعد عودته الى البيت الموضوع الذي تحدث عنه والده بالتفصيل وكان والده يعرِّفه الى اخوانه ومعارفه في المجالس والمنتديات لنبوغه في الحساب فيمتحنونه وهو دون السابعة من العمر بمسائل في الضرب والجمع وهو يجيبها فوراً ولازال عدد من اقران ابيه يتذكرون ذلك ومن بين الذين استانسوا بهذه الموهبة المرجع الديني الكبير المرحوم السيد محسن الحكيم المتوفى عام 1970 وكان يقدم له هدية بعد كل امتحان.

وبعد انتقالهم الى بغداد سكنوا الكرادة الشرقية قرب جامع التميمي مقر المرحوم السيد مهدي الحكيم وكانت الكرادة يومئذ تزهو بالعلماء العاملين والمفكرين والشباب الواعين كالسيد مرتضى العسكري والشيخ عارف البصري P وفيها مكتبات قيمة في جميع حقول العلم والمعرفة فكان اخوه الاكبر المرحوم الشيخ علي يصحبه معه حباً به واعتزازاً ورعاية لمواهبه فاستفاد كثيراً من ذلك وكان ياتيه بالكتب المصورة للاطفال التي كانت تصدر في عدد من البلدان الاسلامية خصوصا سلسلة القصص الديني للاطفال التي كانت تردنا من مصر فبدات علاقته بالكتاب الديني وتعلق به ثم بدأ بقراءة كتب التاريخ والسيرة والرجال لما فيها من طابع قصصي مع ما فيها من الدروس والعبر.

وفي صيف عام 1970 بدأ المرحوم السيد علي العلوي مشروعاً للاستفادة من العطلة الصيفية للطلبة بفتح دورات دراسية في العلوم الحوزوية على مستويين: الاول للشباب حيث يدرّس السيد بنفسه الشرائع والمنطق وقطر الندى والثاني للاطفال يدرس فيها اولاده كتباً مبسطة كالنحو الواضح لعلي الجارم فكانت لهذه الدورة التي استمرت سنة او سنتين حيث سُفِّر المرحوم العلوي الى ايران أثر واضح في صقل شخصيته وتفكيره وكان بنفس الوقت يعطي دروساً متنوعة بحسب ما استفاد هو من مطالعاته ومن دراسته ومن حضوره في مجالس ابيه قبل صلاتي المغرب والعشاء التي كان يقيمها والده جماعة في مدينة الفضيلية.

انتمى في الصف الثاني متوسط الى مدرسة الامام الجواد الاهلية الشيعية التي كانت تهتم بالتوعية الاسلامية اضافة الى الدروس الاكاديمية المتعارفة، ودرس التربية الاسلامية فيها عند المرحوم الشهيد الشيخ عبد الجبار البصري الذي كان يقيم صلاة الظهرين جماعة قبل انفضاض الطلبة الى بيوتهم وخلال سنتين من وجوده في المدرسة تعلم الكثير وفتح عينه على مستوى اعلى من الكتب الدينية كالمدرسة الاسلامية للشهيد السعيد الصدر الاول P حيث كان احد زملائه من النشطين في هذا المجال وهو السيد صالح السيد مهدي الحكيم الذي كان يعد خلاصات لكتب السيد الشهيد الاول ويلقيها علينا وكنا خمسة حيث كانت تضم الحلقة المرحوم الشهيد الحاج جمال رضا علوان والسيد احمد السيد طاهر الحيدري والسيد علي محمد طاهر الحيدري ولما كانت الظروف الامنية صعبة آنذاك حيث اعدم الشيخ عارف البصري واقرانه عام 1974 فكانوا يتخذون التجوال في شوارع الكرادة الشرقية الهادئة فرصة لتناول هذه الافكار .

وخلال وجوده في المدرسة بدأت تنمو عنده القابلية على البحث والكتابة حيث كلفه احد المدرسين بكتابة تقرير فاختار الكتابة عن الخمر ونظراً لوجود مكتبة كبيرة في بيته وممارسته مع الكتب فقد اجتمعت عنده معلومات كثيرة عن الموضوع وفي النهاية اصبح كتاباً يناهز المئتي صفحة عنوانه (الخمر أم الخبائث) راجع فيه كتب التفسير والتربية والطب والاجتماع وكان مرتباً بشكل جيد.

وبعد انتهاء الدراسة المتوسطة عام 1975 التحق بالاعدادية الشرقية في الكرادة وكانت فرصة اكبر للالتقاء بنخبة من الشباب الرساليين الذين اثمرتهم في نهاية السبعينات حركة الشهيد الصدر الاول التحق عدد منهم بربهم شهداء بعد ذلك وبقي آخرون لازالت ذكريات صحبتهم والفترة التي عاشوها لها طعمها الخاص في النفس من بينهم العلامة الحجة الشيخ حسن علي موسى الربيعي الموجود الان في ايران.

وبعد انتهاء الدراسة الاعدادية عام 1978 دخل الجامعة وكانت احداث الثورة الاسلامية في ايران تتصاعد والاهتمام منشد الى مجرياتها وكان الجميع يتحلقون حول المذياع وكلهم آذان صاغية خصوصاً لاذاعة صوت مونت كارلو في نشرة الساعة الثامنة مساءاً حيث يعطي تفصيلاً أخبار الثورة حتى وصول الامام السيد الخميني )قده) الى ايران في الاول من شباط 1979 وانتصارها في الحادي عشر منه ولا ننسى الفرحة التي غمرتنا -والكلام لسماحة الشيخ- ولا أظن انني فرحت في حياتي بشيء او حدثٍ كهذا حيث تحقق حلم الرساليين جميعاً في إقامة حكومة الاسلام في الارض وفي صيف ذلك العام بعد انتهاء الامتحانات النهائية شنّت سلطات الامن القمعية حملة اعتقالات طالت الكثير من الشباب الواعي المتدين وتقلد صدام منصب رئيس الجمهورية في تموز من ذلك العام وازال معارضيه البعثيين ليطلق العنان ليده الاثيمة في فعل ما يشاء حتى اقدم على جريمة العصر باعدامه الشهيد العظيم السيد محمد باقر الصدر في نيسان 1980 ونحن في المرحلة الثانية من الدراسة فازداد الوضع الامني سوءاً وتكثف العمل بالتقية بعد قرار ما يسمى بمجلس قيادة الثورة المشؤوم في آذار 1980 باعدام كل من يرتبط بحركة السيد الشهيد الصدر P وفي ايلول 1980 بدأت الحرب على ايران الاسلام ونحن في بداية الدراسة في المرحلة الثالثة ومرّت أيام عصيبة ذقنا فيها الخوف والفزع لان العيون تتربص بنا وحاولوا ايقاعنا في الفخوخ لتحصيل تهمة ضدنا وكان ينجينا الله تبارك وتعالى وكانوا يصرّون على انتمائنا لحزب البعث ونحن نرفض بذرائع شتى فيتركوننا ويعودون الينا وبقينا على هذا الحال والحرب على الاسلام مستمرة وبدأت القوات الايرانية تستعيد التوازن وتحقق الانتصارات خصوصاً في الشوش ودسفول في آذار 1982 وفي المحمرة في مايس 1982 ونحن في الامتحانات النهائية للمرحلة الرابعة ولم يكن يمنعنا ذلك من الانشداد الى المذياع ومتابعة انتصارات جيش الاسلام وكمحاولة لتأجيل التحاقي بالخدمة العسكرية بعد تخرجي قررت ترك الامتحان في درس واحد لكي اتأخر عدة اشهر عسى ان يفرّج الله تبارك وتعالى لان الخيارات المطروحة احلاها مر ولكن أي درس اترك فإنه سيؤثر على معدل التخرج وحينئذ قررت ترك الامتحان في درس (الثقافة القومية والاشتراكية) الذي يوجه الطلبة بافكار حزب البعث وكانت مجازفة وعناداً للنظام وهو في عنفوانه وزهوه ولا انسى مسؤول ما يسمى بالاتحاد الوطني للطلبة حينما سلمني نتائج الامتحانات وهو ينظر اليّ بعينين مريبتين: أنت محمد موسى ؟ ويفهم منها العاقل ما يفهم لكنني توكلت على الله تبارك وتعالى ولم اكترث ونجانا الله منها. وبعد نجاحي في الدور الثاني كان عليَّ ان اؤدي الخدمة العسكرية وظهر تعييني كمهندس مدني في وزارة الدفاع وهذا يعني من الناحية المادية موقعاً مريحاً وفيه مردود مالي ضخم الا انني لم اكن افكر في ذلك طرفة عين وكان همي كيفية انقاذ نفسي من نار جهنم التي كنت اراها تحدق بي بمجرد لبس (الخاكي) أي الملابس العسكرية حتى لو كنت في باب بيتي فكان امامي احد خيارين:

الاول: عبور الحدود الى ايران الاسلام والهرب اليها بسرعة ما دامت وثائقي الجامعية بعد لم تسقط وهو قرار محفوف بالمخاطر لان الجبهات جميعا كانت تشهد معارك ضارية بين اونة واخرى.

الثاني: الاختفاء في البيت والتخلف عن الخدمة العسكرية وعاقبته الاعدام وقد كثر المنافقون والواشون حتى قتل الاب ولده والمرأة زوجها خوفاً من ان يدان الجميع بتهمة التستر واخفاء (الخونة) بحسب زعمهم.

فعزمت على الاول لانه اسلم لي ولاهلي رغم صعوبة الطريق عن شمال العراق بواسطة بعض الاكراد ورغم ما فيه من كسر قلب والدتي التي فقدت والدي في تموز 1982 وسيق ثلاثة من اخوتي الى الخدمة العسكرية في نفس السنة وكان الرابع مصاباً بعجز الكليتين وطريح الفراش فكنت انا سلوتها ولكنها لم تكن تعارض لي قراراً وودّعت اهلي في صبيحة احد ايام تشرين الاول عام 1982 مغادراً الى ايران الاسلام لكن الوسيط لم يحضر الى المكان المقرر وفشلت السفرة وبرّر ذلك بنشوب قتال في المنطقة المقررة للعبور.

وحمدت الله تبارك وتعالى وعدت الى البيت وكم كانت فرحة امي بي وقالت انك حين غادرت كان كيوم فقد ابيك.

فلم يكن لي بد الا الخيار الثاني فمكثت في البيت وكنت بين مدة واخرى أزوّر ورقة يستعملها العسكريون عند النزول باجازات لأهلهم لأِوهم الآخرين باني عسكري فعلاً وقد جئت الى أهلي باجازة اعتيادية ومضى على هذا الحال الشهر والشهران والسنة والسنتان وكلما نقول إقترب الفرج واذا بالامل يبتعد ولم يعد أحد يعرف كيف ومتى ستنتهي الحرب ولكني رغم ذلك ربما كنتُ اسعد انسان في تلك الايام لاني كنت في حالة روحية سامية ارافق القران الكريم والكتب التي احتوتها مكتبة والدي وسجادة الصلاة والراديو الذي اتابع فيه أخبار الجمهورية الاسلامية والحرب مع العراق ولا التقي بالاخرين حتى اهلي إلا قليلاً حيث كنت حريصاً على استغلال وقتي بأمثل صورة.

ومن لطف الله تعالى بي ان المكتبة ضمت امهات المصادر التي تُكوّن شخصية المؤمن الرسالي وفي مختلف حقول المعرفة ففيها الميزان وفي ظلال القرآن ووسائل الشيعة وشرح النهج وتاريخ الطبري والمراجعات وغيرها في التاريخ والادب والتفسير والفقه والاصول والرجال والوعي الاسلامي وكنت أثبت في اوراق رؤوس الافكار للكتب التي أقراها برقم الصفحة والجزء ليتسنى لي الوصول اليها بسهولة متى شئت ولازلت احتفظ بتلك الاوراق وكنت ولعا بالقرآن الكريم وتفسيره فختمته عشرات المرات في تلك الفترة واعتقد ان كثيراً من الالطاف الالهية التي غمرتني ولازالت هي بسبب صحبتي للقرآن وتعلقي به ونشأت لدي نتيجة هذه المطالعات المركزة افكار أصيلة وبحوث قيمة وكنت احتاج الى من يراجع لي جهدي ويوجهني ويرعاني فان القراءة وحدها لا تكفي واريد ان أصل الى مراتب اعلى لا تكفي القراءة وحدها لنيلها ولم يكن على الساحة من ينفعني في ذلك بسبب غياب الاكثر بين سجن وتشريد واعدام او سّيقوا الى الخدمة العسكرية وعمل الموجودين بالتقية وحصاري في البيت الى ان هيأ الله تبارك وتعالى سبباً للاتصال بالسيد الشهيد الصدر الثاني بالشكل الذي سأتحدث عنه بإذن الله تعالى في فصل مستقل([3]) فبدأت نقلة كبيرة في حياتي وفتحت امام عيني آفاق واسعة.

وبعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية وتخفيف قبضة النظام نسبياً سعيت الى تحقيق رغبتي في الانتماء الى الحوزة العلمية الشريفة وتكميل وانضاج تلك الحصيلة من المطالعة والثقافة ومهدت لذلك بالعودة الى النجف الاشرف والاقامة فيها عام 1988 وقد كنت الى ذلك التاريخ اسكن مدينة بغداد.

واستخرت الله تبارك تعالى فكانت النتيجة هي التريث فلم يكن امامي إلا الانشغال بالكسب لأني أصبحت مسؤولاً عن اسرة وزارني السيد الشهيد الصدر الثاني اكثر من مرة الى محل عملي ولم يكن يشغلني العمل عن مواصلة المطالعة وكتابة البحوث وكانت احد اعمالي وانا في محل الكسب كتاب (الرياضيات والفقه) الذي طبعه استاذي السيد الشهيد الصدر الثاني في نهاية الجزء الثامن من كتاب (ما وراء الفقه) ثم طورته كماً وكيفاً بعد التحاقي الى الحوزة الشريفة الى كتاب (الرياضيات للفقيه). وبعد انتهاء الانتفاضة الشعبانية([4]) المباركة واستقرار الوضع اعدت الاستخارة فكانت النتيجة جيدة جداً وتحقق الامل الذي كنت أصبو اليه منذ سنين وارتديت الزي الديني في شعبان 1412 الموافق شباط 1992 على يد المرحوم آية الله السيد الخوئي P وبمحضر عدد من العلماء والمجتهدين الذين هنأوني بذلك وترحموا على والدي وجدي وفرح السيد الشهيد الصدر الثاني عندما أخبره أخي المرحوم الشيخ علي بذلك وأخذ يتلفت يمنة ويسرة لعله يراني بهذا الزيّ المبارك وعبّر عن الحادثة بـ( انها بشرى حقيقية).

الدراسة الحوزوية

التحق بجامعة النجف الدينية برعاية المرحوم السيد محمد كلانتر (ره) لانها المؤسسة الوحيدة التي كانت الدراسة فيها منتظمة نسبياً اما بقية المدارس الدينية فكانت لاتزال اشبه بالمعطلة بسبب تداعيات الانتفاضة الشعبانية واقتحام الجيش للمدن الثائرة حيث عاث فيها بالفساد والتدمير وحتى في الجامعة التي كانت آمنة تقريباً لم يكن احد يجرأ على الدراسة في حرم الجامعة كما تنص عليه الوقفية خوفاً من إثارة حفيظة السلطة فكانوا الطلبة يدرسون في غرف السكن مدة ولم يكن يتجاوز عدد طلبة الجامعة (11) طالباً.

ونظراً للحصيلة العلمية والثقافية التي كانت لدى سماحته فقد قبل السيد كلانتر (قده) المعروف بحزمه الشديد في الإلتزام بالمنهج الدراسي المخصص بالترتيب ان يبدأ سماحته الدراسة مباشرة من اللمعة واصول الفقه للمظفر وكان يأخذ درسي لمعة في اليوم ودرساً في الاصول وامتحن مباشرة بعد انتهاء تعطيل شهر رمضان في مكتب السيد الخوئي (قده) وكانت درجته (95%)، درس الاصول عند سماحة الشيخ محمد جواد المهدوي واللمعة عند الشيخ المهدوي وسماحة السيد حسن المرعشي وفي فترات معينة كان يأخذ درساً ثانياً في الاصول وثالثاً في اللمعة وبعد تعطيل رمضان 1413 شرع بدراسة الكفاية عند الشيخ المهدوي نفسه بعد اكمال كتاب الاصول وبدأ دراسة الرسائل للشيخ الاعظم الانصاري (قده) عند سماحة الشيخ محمد امين المامقاني واكملها بعد اكثر من ثلاث سنين وبدأ دراسة المكاسب في ربيع الاول 1414 عند المرحوم السيد محمد تقي الخوئي في مسجد الخضراء وأكمل عنده قسم المكاسب المحرمة وشيئاً من كتاب البيع حتى وافاه الاجل بحادث سيارة في صفر 1415 فحضر مقداراً آخر عند العلامة السيد علي السبزواري ثم درس الخيارات الى آخر الكتاب عند العلامة الشيخ محمد أمين المامقاني وخلال هذه الفترة كان يستثمر خلّو مجلس السيد الشهيد الصدر من المراجعين في أوائل مرجعيته فيسأله عن الكثير من الاراء العلمية التي يتلقاها في دروسه وتحصل عنده مناقشات عليها او تنقدح في الذهن من افكار وكانت لهذه المناقشات الاثر الكبير في صقل مواهبه العلمية.

تعلم من اساتذته (رحم الله الماضين وحفظ الباقين ) كلهم غير العلم الذي اخذه الالتزام بالتحصيل والمواظبة عليه بدقة والاحترام المتبادل والادب الرفيع الذي رسمته كتب الاخلاق للعلاقة بين المعلم والتلميذ.

لم يكن يفكر بالالتحاق بالبحث الخارج حتى يُكمل دراسة السطوح لكن استاذه الشهيد (قده) شجعه على الحضور بعد الانتهاء من نصف كتاب الكفاية فمن خلال المناقشات التي كان يجريها معه قال (قده) انك تستطيع ان تفهم مطالب البحث الخارج فلم يجد بداً من تلبية رغبة استاذه (قده) وتحقيق حلمه في ان يحضر البحوث العالية عند الاساتذة العظام وهو لا يتعارض مع دروسه الاخرى لانه (قده) كان يلقي بحث الاصول عصراً فابتدأ بالحضور في أواخر شوال 1414 (نيسان 1994) وكان في نهايات مطلب (استعمال اللفظ في اكثر من معنى) وبعد ايام بدا اول مطلب رئيسي وهو بحث المشتق الذي استمر ازيد من عام وقد قررّه سماحة الشيخ في مجلدين طبعا لاحقاً، واستمر حضوره عند استاذه (قده) حتى استشهاده في ذي القعدة 1419 وكان في مبحث النواهي، وفي (ذي الحجة 1415) بدأ حضور بحث الفقه عند سماحة آية الله السيد السيستاني وكان يباحث في كتاب الصوم حتى انهاه ودخل في كتاب الزكاة وكان سماحة الشيخ مواضباً على الحضور حتى انقطاعه في صفر 1420 وحضرت سنتين (1416-1418) بحث الفقه على كتاب المكاسب عند المرحوم الشهيد الميرزا علي الغروي (قده) كما التحقت ببحث استاذه الشيخ الفياض عندما بدأ في مبحث القطع (أي النصف الثاني من الاصول لاتمام ما بدأ به مع استاذه السيد الشهيد الصدر (قده) من النصف الاول فتحصل دورة أصولية كاملة وبقي معه اربع سنين (1417-1421).

درّس الفقه والاصول بجميع مراحل السطوح والمنطق والاخلاق والوعي الاجتماعي وله محاضرات كثيرة في ذلك طبع بعضها حيث كان يستثمر بعض المناسبات الدينية وبداية ونهاية المواسم الدراسية لاعطاء مثل هذه المحاضرات.

له ثلاث اجازات بالرواية احدها من السيد محمد كلانتر (ره) عن السيد السبزواري والسيد البهشتي وآغا بزرك الطهراني (قدهم) وثانيها عن العلامة الدكتور حسين علي محفوظ الذي له اكثر من سبعين طريقا وثالثها عن السيد عبد الستار الحسني الذي له بعض الطرق النادرة.

اجتهاده:

شهد عدد من المجتهدين ببلوغ الشيخ اليعقوبي هذه المرتبة الرفيعة من العلم وابرز تلك الشهادات ما خطه يراع سماحة آية الله الدكتور الشيخ محمد الصادقي الطهراني (دامت بركاته) وهو مجاز بالاجتهاد من قبل المرحوم آية الله السيد الخوئي عام 1368 هـ – 1966 م فكتب بعد ان اطلع على الكتب الاستدلالية ما نصه:

(بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وبعد:

فاني راجعت كراريس فقهية للاخ المفضال آية الله الشيخ محمد اليعقوبي حفظه الله تعالى ودامت بركاته العالية فوجدته مجتهداً عريقا عميقا مطلعا متضلعاً فله العمل بما يستنبطه في الفقه الموسوم بين الفقهاء ولا سيما الذين يؤصلون القرآن في فتاواهم

والسلام عليه ورحمة الله

قم المقدسة

محمد الصادقي الطهراني

8 ذي الحجة الحرام 1424

11 بهمن 1382 هـ . ش) انظر صورة الاستفتاء

واذا علمنا بأن بعض هذه الكتب ألف عام 1420 فهذا يعني حصول الملكة منذ ذلك التاريخ وهو ما كان يعتقده الشيخ في نفسه الا انه لم يكن يصرح به لعدم الحاجة اليه بوجود من يؤدي هذا الواجب الكفائي أعني لوازم الاجتهاد وآثاره ومراعاة لبعض القواعد الحوزوية ولم يُعلن ذلك الا من على منبر صلاة الجمعة في صحن الكاظمين بعد سقوط صدام يوم 22 صفر 1424 لحدوث الحاجة الى هذا المستند الشرعي للاعمال التي تتطلبها المرحلة الجديدة.

ومن شهد بالاجتهاد سماحة آية الله الشيخ محمد علي ﮔرامي القمي (دامت بركاته) وهو مجاز بالاجتهاد من سماحة آية الله الشيخ المنتظري (دام ظله الشريف) وقال ما نصُّه:

بسمه تعالى

من الواضح ان العلماء هم حماة الدين الحنيف ومدادهم هو الفاصل بين الحق والباطل ومن العلماء الشيخ الجليل اليعقوبي (دام ظله) فقد نظرت تسريحا وبعضها بالدقة بعض ابحاثه فيما اشرتم من كتبه الشريفة فرأيته دقيقاً جامعاً فرأيي انه دام ظله مجتهد فله العمل بما استبطه وفقه الله تعالى لمرضاته.

14 ذي القعدة 1424 هـ) انظر صورة الاستفتاء

النشاطات :

كانت الفترة التي تلت استشهاد السيد الصدر الثاني (قده) وتسلّم الشيخ اليعقوبي لقيادة الحركة الاسلامية في العراق تتطلب الكثير من التوعية الفكرية والاخلاقية والاجتماعية وتصحيح الكثير من الانحرافات في السلوك والاعراف بسبب عملية التجهيل الواسعة التي قامت بها العصابة الصدامية وسدّ منافذ الفكر الاسلامي الاصيل لذلك حاول الشيخ اليعقوبي النهوض بهذا الواقع بمختلف الوسائل والآليات من الكتاب الى الكتيب الى المنشور والكاسيت وكان يستغل بعض المناسبات الدينية وبداية مواسم الدراسة في الحوزة العلمية ونهايتها لالقاء محاضرات في الوعي الاجتماعي والفكر الاسلامي أدّت الى صحوة كبيرة وإعادة الثقة بالنفس والقدرة على مواصلة محل الرسالة بعد أن اهتزت عند الكثير من المؤمنين باستشهاد السيد الصدر الثاني (قده) وحالة الاحباط التي سرت في قلوب المؤمنين وساعد عليها القضاء على كل معالم حركة السيد الشهيد الا جامعة الصدر الدينية فقد جاهد الشيخ اليعقوبي وطلابها واساتذتها – جزاهم الله خير جزاء المحسنين – من أجل البقاء رغم الضغوط الكبيرة وبقيت محتفظة بنخبة الخط الحركي من الفضلاء والطلبة الرساليين الذين تحمّلوا العبء الاكبر في إدامة الحركة الاسلامية وشاركوا عميد جامعتهم في انجاز عدد من المؤلفات والحواريات التي تركت صداها في المجتمع وخاطبت اغلب شرائحه كفقه طلبة الجامعات والعمال والموظفين والصياد والعشائر وحتى مهنة تجاره العتيق كتب لها حوارية فقهية رفعت من شأن هذه الشريحة وأشعرتهم باهتمام الحوزة الشريفة بهم فأعاد عددا منهم الى التمسك بالدين.

وقد بلغت الكتب المطبوعة التي ألفها الشيخ اليعقوبي بنفسه أو أشرف على تأليفها أو حواريات اجريت معه اكثر من (90) عنوانا في فترة اربع سنين تقريباً غير حوالي مأتي منشور تفصيلي حول قضايا اجتماعية عديدة وللتعرف على سماحة الشيخ انقر على هذا الرابط

http://www.yaqoobi.com/index01.html

بركان
07-11-2007, 09:35 PM
ونعم الشيخ

ولكن هل تغير موقفه من التيار الصدري ام لازال الصدام مستمرا