المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أصحاب المطاعم في بغداد يبتكرون طرقا متعددة لخدمة زبائنهم



جمال
07-09-2007, 03:57 PM
انتشار عربات الشواء في الأسواق وبناء جدران تعزلهم عن زبائنهم لتفادي التفجيرات

بغداد: نصير العلي

يقف أبو عماد ساعات طوال خلف طاولة صغيرة تحوي (منقلة) شواء وكيسا من الفحم وقطعة من الورق المقوى وبجانبه عربة صغيرة صممت لحفظ الأسماك الطازجة، بالقرب من ساحة بيروت في شارع فلسطين شرق العاصمة العراقية. ويمكن للمارة مشاهدة أبو عماد مستمرا بعمله ونار موقده لا تنطفئ، لكن من دون وجود الزبائن بقربه، لأنهم يفضلون وبحسب كلام أبو عماد الحصول على طلباتهم جاهزة لأسباب أمنية.

ومع تصاعد وتيرة استهداف التجمعات والمناطق المزدحمة ومنها المطاعم، تشهد العاصمة العراقية في الآونة الأخيرة ظاهرة انتشار عربات المأكولات التي تختص بشي اللحوم والسمك. ويعمل الزبائن على تحديد ما يرغبون بأكله لصاحب العربة ولا يعودون إلا بعد فترة من الزمن لتسلم طلباتهم تحاشيا للتجمعات في الاسواق والشوارع الرئيسية.

ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه كان يملك مطعما في منطقة الباب المعظم وسط بغداد، لكن تراجع الإقبال على ارتياد المطاعم الجيدة وحاجته للعمل اضطره إلى تغيير نمط عيشه، لكن بنفس القطاع. ويؤكد ابو عماد أن أرباحه جيدة من عمله الأخير ولا يحتاج إلى عمال وتأجير محال تجارية وأدوات وتنظيف وغيرها؛ فكل ما يحتاج إليه هو خبرته وهذه الأدوات التي لا تتجاوز قيمتها سعر أي سمكه تسبح في الحوض الذي بقربه.

ويقول ابو عماد ان «الزبائن يفضلون هذا النوع من المطاعم بسبب الوضع الامني المتدهور الذي دفع الناس الى التقليل من الاختلاط بغيرهم أو التجمع»، واضاف ان «وكل ما يبحثون عنه (الناس) هو الوصول إلى مكان عملهم والعودة بأسرع وقت للبيت لأن المكان الأكثر أمنا لهم».

ويقول ابو عماد ان اغلب الطلبات تأتي عبر الهاتف الجوال «فزبائننا نعرفهم وهم يتصلون بنا اما بشكل يومي أو بين فترة وأخرى وكل ما عليهم هم تحديد طلبهم»، ويضيف ان «منهم من يريد سمكا مسكوفا على الفحم فيحدد وزن السمكة وأيضا وقت مجيئه.. ومنهم من يحتاج إلى مشويات من نوع آخر فنقوم بتوصية أصحاب عربات أخرى قريبة منا لتلبية الطلب..المهم في الأمر أننا نعمل ونضمن سلامة الجميع».

وعلى بعد أقل من خمسين مترا وضعت (منقلة) مشويات أخرى، لكن ليس للسمك المسكوف بل لشواء الكباب والتكة وغيرها. ويقول صاحب العربة إن هذا المكان «لا يمكن تسميته بالمطعم، لأننا أصلا نتخذ من الأرصفة مكانا لعملنا، ونحن نتعمد عدم استخدام المناضد والكراسي وغيرها لأننا في غنى عن المشاكل، وعملنا مستمر؛ فهناك محال تجارية بالقرب منا نؤمن لهم كل يوم وجبتين، إضافة إلى الطلبات الخارجية والسكان القريبين الذين يفضلون مثل هذه الوجبات، فهي أرخص بكثير من أسعار المطاعم وآمن لهم».

في منطقة الباب الشرقي في قلب بغداد، حيث استهدف عدد كبير من مطاعمها في أوقات مختلفة، طرأت ظاهرة أخرى على مطاعمها؛ فأغلب المطاعم هناك أجري تحويرات عليها. فبعدما كان الزبون يتناول وجبته داخل المطعم أصبح الآن يتناولها في الخارج ويفصله عن صالة التقديم جدار يرتفع لأكثر من متر. وهذا التغيير ليس نوعا من الديكور بل لأسباب أمنية بحتة.

ويقول علي صبيح، صاحب مطعم، إن المنطقة تعد من بين المناطق الاخطر في العاصمة، وكثيرا ما تستهدف بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة وانتحاريين وغيرها «وهنا لا نستطيع تحمل أن نكون سببا في موت العشرات داخل مطاعمنا، ولهذا تعمدنا جعل الطلبات من الخارج وبذلك نضمن عدم وجود تجمع محصور داخل مكان ضيق وأن يكون الجدار فاصلا لحمايتنا»، ويضيف صبيح قائلا «لقد فقدنا الكثير من عمالنا خلال السنتين الماضية، وإذا استمر الحال هكذا فلا يمكن للزبون إيجاد مطعم يتناول فيه ما يسد جوعه». ويقول صبيح إن بغداد فقدت أكثر من 70% من مطاعمها «لأن بغداد عبارة عن حضر تجوال وسيارات مفخخة». ويضيف أن بعض المستثمرين بهذا القطاع شرعوا بتغيير مجال عملهم أو السفر خارج البلد والبدء بنفس المجال في مدن اخرى او إحدى الدول العربية.