yasmeen
07-02-2007, 08:08 AM
البيان الاماراتية
عبد الحميد الأنصاري
بعد أن مزقوا صورته، وداسوها بالأقدام، وشتموه واتهموه، وقذفوا بطباخه المسكين من الدور ـ 15 ـ موثوق اليدين والرجلين، جاؤوا يطلبون الحوار والمصالحة!
دبروا انقلاباً دموياً على السلطة الشرعية واستولوا على المقرات والأجهزة، ونزلوا قتلاً وتنكيلاً باخوانهم ومواطنيهم، واحتفلوا بالنصر الالهي وسجدوا لله شكراً على التحرير الثاني لغزة من الخونة (عملاء) اسرائيل وأميركا، وخلا لهم الجو في غزة وأحكموا السيطرة عليها، أتوا قائلين (عفاالله عما سلف) ولنعد إلى اتفاق مكة (لاغالب ولا مغلوب)!
هكذا فعلت (حماس) بغريمتها (فتح) وهي ـ الآن ـ تحاول ـ جاهدة ـ سوق الوساطات العربية وممارسة الضغوط لتجاوز (فعلتها) وتشكيل حكومة وحدة وطنية! ولكن هيهات!
وإن تعجب فأعجب لما يقوم به أنصار حماس في الساحة العربية وبخاصة من الاسلاميين الذين احتشدوا في ذكرى مرور (40) عاما على سقوط القدس، ليقول أحدهم: (حماس جاءت إلى الحكم بانتخابات حرة، وما قامت به ليس إلا لقطع رؤوس المتآمرين!) هكذا تختزل ببساطة تلك الفظائع المنكرة وكأن الرئيس الفلسطيني لم يأت بانتخابات شعبية! لكن الاعجب، ما برر به ـ هاني الحسن ـ كبير مستشاري الرئاسة في برنامج ـ بلا حدود ـ في الجزيرة من أن حماس بانقلابها قد أفشلت مخطط دايتون لإبعاد حماس عن الساحة الفلسطينية!!
وكأن حماس لم تخطط ـ منذ البداية ـ للانفراد بغزة وطرد فتح منها. وتبلغ حماسة بعض الكتاب في تأييدهم لحماس ومقاومتها الأسطورية، إنهم يغضون البصر عما ارتكبته حماس في حق غريمتها وسقوط (145) قتيلاً، لدرجة أنهم يتهمون الرئيس الفلسطيني بالتواطؤ.. لماذا؟ لأنه لم يأمر بالمقاومة في غزة! إذن لماذا شكل لجنة للتحقيق في أحداث غزة؟ ولماذا أقال قائد حرسه ونائبه وقائد تنفيذية فتح بتهمة التقصير وأحالهم للمحاكمة العسكرية؟! ولماذا اتخذ العديد من الإجراءات العقابية؟
غريب أمر هؤلاء الكتاب، أنهم يتعامون عن الحقائق الدافعة لمجرد تعاطفهم وحماستهم للمقاومة!! وسيطرة ـ نظرية المؤامرة ـ على عقولهم ونفوسهم، هؤلاء ـ الآن ـ يلومون الدول العربية لأنها أيدت الشرعية!! وغير راضين عن فك الحصار ومنح المساعدات لماذا؟ لأن ذلك يدعم (عباس) ويضيق على (حماس) وفي ذلك خدمة لإسرائيل!!
هل رأيت منطقاً مقلوباً أعجب من ذلك؟ لماذا لا يكون دعم (عباس) دعماً للقضية كلها؟ لماذا هذا المنطق التخويني؟ لماذا هذا الدفاع المستميت عن حماس ولو ارتكبت الخطايا وأراقت الدم الفلسطيني المحرم وكرست الانفصال وانقلبت على الشرعية؟! إنها قدسية (المقاومة) التي لا تمس!! يتهمون (عباس) بالشروط التعجيزية .
ولا يطالبون (حماس) بأن تنفذ ما هو مطلوب منها من محاسبة مرتكبي الأعمال الإجرامية وتسليم المقرات وإلغاء الإجراءات التي اتخذتها، وهم بذلك ـ وإن لم يشعروا ـ إنما يكرسون الانفصال لأن حماس تريد الحوار وهي تسيطر على غزة وتريد من (أبو مازن) الاعتراف بالوضع القائم!! هل هذا معقول وجائز؟! نعم، فمنطق النضال يجب كل الخطايا!! والغازي والمجاهد والمناضل مغفورة ذنوبهم مهما عظمت!!
الذين يجهدون في سبيل (مصالحة) الاخوة الأعداء، ويضغطون على (عباس) لتجاوز فعلة حماس ـ بحجة أن العدو المستفيد من الفرقة ـ ألم يأن لهم أن يتعلموا من دروس الفشل المريرة؟ كم مرة تصالحوا ونقضوا، وعادوا أشد عداوة؟! وحتى ـ قدسية مكة ـ كما يقول غسان الإمام لم تمنع حماس من نقض وحدة النضال! لماذا لا نجرب ترك (حماس) وشأنها، تسير أمور غزة ما دام الشعب يريدها؟!
لتتفرغ حكومة ـ فياض ـ للضفة، و(حماس) لغزة في تنافس شريف لخدمة الشعب، ومن يدري لعل الوضع الجديد أفضل لجهة صيانة الدم الفلسطيني والحد من الفلتان الأمني وفك الحصار ووصول المساعدات وتحقيق الانفراج. لا يفيد البكاء على اللبن المسكوب ولا اللوم والاتهامات، وقد جربنا أن العالم رفض مساعدة شعب، اختار (حماس) لحكمه، والمجتمع الدولي ليس ملائكة ولا جمعيات خيرية توزع مساعداتها على المحتاجين، تلك دول لها مصالحها واستراتيجياتها التي لا تتغير بتغير مزاج الناخبين كما يقول مصطفى أحمد النعمان.
وما داموا اختاروا فليتحملوا مسؤولية اختيارهم كما لا لوم على عباس إذ لم يجلس مع من خونه وكفره وأهان رمز الثورة الفلسطينية ـ أبو عمار ـ وإذا كان الوضع الجديد يؤدي إلى الانفراج ووصول المساعدات ويضع حداً لصراع الاخوة الأعداء، فحتماً ستصل تلك المساعدات إلى غزة ولن يبخل الفلسطينيون على اخوانهم ولن تتعرض غزة للضائقة الاقتصادية.
لندع الشعب الفلسطيني يقرر ما يريد ولنحترم إرادتهم ولنكف عن التدخل في شؤونهم. كم من مبادئ سامية شوهناها باسم النضال، كم من كوارث لحقت بالفلسطينيين باسم النضال، فأصبح الفلسطيني، لاجئاً محكوما عليه بالعيش في المخيمات لا وطن ينتمي إليه مثل جميع البشر، بحجة النضال، تدخلنا في أمرهم وجعلناهم شيعاً متناحرة باسم النضال المسلح!
لقد آن الاوان أن نراجع ثقافة النضال بعد (50) سنة من الفشل في معظم ميادين التنمية بحجة النضال المسلح، لقد آن لنا أن ننتقد ونفكّك الهالة المقدسة للمقاومة المسلحة. لقد تقدمت المجتمعات بالنضال في مجالات التنمية والإنتاج والتعليم، ونحن باسم النضال والمقاومة المسلحة، عسكرنا مجتمعاتنا، عسكرنا مناهجنا التعليمية، ومنابرنا الدينية، والثقافية والإعلامية، وأصبحت عندنا (فضائيات) النضال القومي.
عسكرنا تاريخنا وحتى مفاهيمنا، مفهوم (الوطنية) عند المتقدمين تعني: الانغماس في تنمية المجتمع، أما (الوطنية) عندنا فتعني(الانغماس) في العدو ـ انتحاراً ـ أصبح مفهوم الوطنية لدينا مفهوماً سلبياً هداماً، فأنت (وطني) بمقدار كراهيتك وشتمك لأميركا وإسرائيل واستعدادك للتهلكة انتقاماً من العدو وثأراً لكرامة المسلمين المستباحة!!
باسم النضال المسلح، شاعت ثقافة التخوين والعمالة والتكفير، فأنت تصنّف في خانة (العدو) أو (العمالة) أو من كتاب (المارينز) لمجرد نقدك أو رفضك لمقاومة (حماس) أو (حزب الله) أو (الإرهابيين) في العراق، أو لأنك انبهرت بما عند الغرب من أساليب ونظم حضارية أو قلت كلمة إنصاف في حق الأميركان، باسم النضال، دسنا على المبادئ والقيم الدينية والأخلاقية المتوارثة جيلاً بعد جيل.
فقام مشايخ الإسلام السياسي بإصدار فتاوى تبيح تفجير المدنيين والأطفال في إسرائيل، وذلك من أجل عيون (حماس) باسم النضال استبحنا كل الخطوط الحمراء وأريق الدم الفلسطيني بيد الفلسطيني وبان زيف القيم النضالية، باسم النضال دفع زهرة شبابنا حياتهم وذهبت تضحياتهم سدى، باسم النضال، جعلنا عبدالناصر أسطورة وغفرنا هزائمه وتشويهه للشخصية المصرية وهدره للثروة والتنمية. باسم النضال المسلح هتفت الجموع لصدام وصدّقت مزاعمه في احتلال الكويت ثم بكت عليه. من أجل النضال المسلح أهدرت ثروات الأمة وفشلت مشاريع التنمية وأصبحت الأوضاع أكثر سوءاً.
عبد الحميد الأنصاري
بعد أن مزقوا صورته، وداسوها بالأقدام، وشتموه واتهموه، وقذفوا بطباخه المسكين من الدور ـ 15 ـ موثوق اليدين والرجلين، جاؤوا يطلبون الحوار والمصالحة!
دبروا انقلاباً دموياً على السلطة الشرعية واستولوا على المقرات والأجهزة، ونزلوا قتلاً وتنكيلاً باخوانهم ومواطنيهم، واحتفلوا بالنصر الالهي وسجدوا لله شكراً على التحرير الثاني لغزة من الخونة (عملاء) اسرائيل وأميركا، وخلا لهم الجو في غزة وأحكموا السيطرة عليها، أتوا قائلين (عفاالله عما سلف) ولنعد إلى اتفاق مكة (لاغالب ولا مغلوب)!
هكذا فعلت (حماس) بغريمتها (فتح) وهي ـ الآن ـ تحاول ـ جاهدة ـ سوق الوساطات العربية وممارسة الضغوط لتجاوز (فعلتها) وتشكيل حكومة وحدة وطنية! ولكن هيهات!
وإن تعجب فأعجب لما يقوم به أنصار حماس في الساحة العربية وبخاصة من الاسلاميين الذين احتشدوا في ذكرى مرور (40) عاما على سقوط القدس، ليقول أحدهم: (حماس جاءت إلى الحكم بانتخابات حرة، وما قامت به ليس إلا لقطع رؤوس المتآمرين!) هكذا تختزل ببساطة تلك الفظائع المنكرة وكأن الرئيس الفلسطيني لم يأت بانتخابات شعبية! لكن الاعجب، ما برر به ـ هاني الحسن ـ كبير مستشاري الرئاسة في برنامج ـ بلا حدود ـ في الجزيرة من أن حماس بانقلابها قد أفشلت مخطط دايتون لإبعاد حماس عن الساحة الفلسطينية!!
وكأن حماس لم تخطط ـ منذ البداية ـ للانفراد بغزة وطرد فتح منها. وتبلغ حماسة بعض الكتاب في تأييدهم لحماس ومقاومتها الأسطورية، إنهم يغضون البصر عما ارتكبته حماس في حق غريمتها وسقوط (145) قتيلاً، لدرجة أنهم يتهمون الرئيس الفلسطيني بالتواطؤ.. لماذا؟ لأنه لم يأمر بالمقاومة في غزة! إذن لماذا شكل لجنة للتحقيق في أحداث غزة؟ ولماذا أقال قائد حرسه ونائبه وقائد تنفيذية فتح بتهمة التقصير وأحالهم للمحاكمة العسكرية؟! ولماذا اتخذ العديد من الإجراءات العقابية؟
غريب أمر هؤلاء الكتاب، أنهم يتعامون عن الحقائق الدافعة لمجرد تعاطفهم وحماستهم للمقاومة!! وسيطرة ـ نظرية المؤامرة ـ على عقولهم ونفوسهم، هؤلاء ـ الآن ـ يلومون الدول العربية لأنها أيدت الشرعية!! وغير راضين عن فك الحصار ومنح المساعدات لماذا؟ لأن ذلك يدعم (عباس) ويضيق على (حماس) وفي ذلك خدمة لإسرائيل!!
هل رأيت منطقاً مقلوباً أعجب من ذلك؟ لماذا لا يكون دعم (عباس) دعماً للقضية كلها؟ لماذا هذا المنطق التخويني؟ لماذا هذا الدفاع المستميت عن حماس ولو ارتكبت الخطايا وأراقت الدم الفلسطيني المحرم وكرست الانفصال وانقلبت على الشرعية؟! إنها قدسية (المقاومة) التي لا تمس!! يتهمون (عباس) بالشروط التعجيزية .
ولا يطالبون (حماس) بأن تنفذ ما هو مطلوب منها من محاسبة مرتكبي الأعمال الإجرامية وتسليم المقرات وإلغاء الإجراءات التي اتخذتها، وهم بذلك ـ وإن لم يشعروا ـ إنما يكرسون الانفصال لأن حماس تريد الحوار وهي تسيطر على غزة وتريد من (أبو مازن) الاعتراف بالوضع القائم!! هل هذا معقول وجائز؟! نعم، فمنطق النضال يجب كل الخطايا!! والغازي والمجاهد والمناضل مغفورة ذنوبهم مهما عظمت!!
الذين يجهدون في سبيل (مصالحة) الاخوة الأعداء، ويضغطون على (عباس) لتجاوز فعلة حماس ـ بحجة أن العدو المستفيد من الفرقة ـ ألم يأن لهم أن يتعلموا من دروس الفشل المريرة؟ كم مرة تصالحوا ونقضوا، وعادوا أشد عداوة؟! وحتى ـ قدسية مكة ـ كما يقول غسان الإمام لم تمنع حماس من نقض وحدة النضال! لماذا لا نجرب ترك (حماس) وشأنها، تسير أمور غزة ما دام الشعب يريدها؟!
لتتفرغ حكومة ـ فياض ـ للضفة، و(حماس) لغزة في تنافس شريف لخدمة الشعب، ومن يدري لعل الوضع الجديد أفضل لجهة صيانة الدم الفلسطيني والحد من الفلتان الأمني وفك الحصار ووصول المساعدات وتحقيق الانفراج. لا يفيد البكاء على اللبن المسكوب ولا اللوم والاتهامات، وقد جربنا أن العالم رفض مساعدة شعب، اختار (حماس) لحكمه، والمجتمع الدولي ليس ملائكة ولا جمعيات خيرية توزع مساعداتها على المحتاجين، تلك دول لها مصالحها واستراتيجياتها التي لا تتغير بتغير مزاج الناخبين كما يقول مصطفى أحمد النعمان.
وما داموا اختاروا فليتحملوا مسؤولية اختيارهم كما لا لوم على عباس إذ لم يجلس مع من خونه وكفره وأهان رمز الثورة الفلسطينية ـ أبو عمار ـ وإذا كان الوضع الجديد يؤدي إلى الانفراج ووصول المساعدات ويضع حداً لصراع الاخوة الأعداء، فحتماً ستصل تلك المساعدات إلى غزة ولن يبخل الفلسطينيون على اخوانهم ولن تتعرض غزة للضائقة الاقتصادية.
لندع الشعب الفلسطيني يقرر ما يريد ولنحترم إرادتهم ولنكف عن التدخل في شؤونهم. كم من مبادئ سامية شوهناها باسم النضال، كم من كوارث لحقت بالفلسطينيين باسم النضال، فأصبح الفلسطيني، لاجئاً محكوما عليه بالعيش في المخيمات لا وطن ينتمي إليه مثل جميع البشر، بحجة النضال، تدخلنا في أمرهم وجعلناهم شيعاً متناحرة باسم النضال المسلح!
لقد آن الاوان أن نراجع ثقافة النضال بعد (50) سنة من الفشل في معظم ميادين التنمية بحجة النضال المسلح، لقد آن لنا أن ننتقد ونفكّك الهالة المقدسة للمقاومة المسلحة. لقد تقدمت المجتمعات بالنضال في مجالات التنمية والإنتاج والتعليم، ونحن باسم النضال والمقاومة المسلحة، عسكرنا مجتمعاتنا، عسكرنا مناهجنا التعليمية، ومنابرنا الدينية، والثقافية والإعلامية، وأصبحت عندنا (فضائيات) النضال القومي.
عسكرنا تاريخنا وحتى مفاهيمنا، مفهوم (الوطنية) عند المتقدمين تعني: الانغماس في تنمية المجتمع، أما (الوطنية) عندنا فتعني(الانغماس) في العدو ـ انتحاراً ـ أصبح مفهوم الوطنية لدينا مفهوماً سلبياً هداماً، فأنت (وطني) بمقدار كراهيتك وشتمك لأميركا وإسرائيل واستعدادك للتهلكة انتقاماً من العدو وثأراً لكرامة المسلمين المستباحة!!
باسم النضال المسلح، شاعت ثقافة التخوين والعمالة والتكفير، فأنت تصنّف في خانة (العدو) أو (العمالة) أو من كتاب (المارينز) لمجرد نقدك أو رفضك لمقاومة (حماس) أو (حزب الله) أو (الإرهابيين) في العراق، أو لأنك انبهرت بما عند الغرب من أساليب ونظم حضارية أو قلت كلمة إنصاف في حق الأميركان، باسم النضال، دسنا على المبادئ والقيم الدينية والأخلاقية المتوارثة جيلاً بعد جيل.
فقام مشايخ الإسلام السياسي بإصدار فتاوى تبيح تفجير المدنيين والأطفال في إسرائيل، وذلك من أجل عيون (حماس) باسم النضال استبحنا كل الخطوط الحمراء وأريق الدم الفلسطيني بيد الفلسطيني وبان زيف القيم النضالية، باسم النضال دفع زهرة شبابنا حياتهم وذهبت تضحياتهم سدى، باسم النضال، جعلنا عبدالناصر أسطورة وغفرنا هزائمه وتشويهه للشخصية المصرية وهدره للثروة والتنمية. باسم النضال المسلح هتفت الجموع لصدام وصدّقت مزاعمه في احتلال الكويت ثم بكت عليه. من أجل النضال المسلح أهدرت ثروات الأمة وفشلت مشاريع التنمية وأصبحت الأوضاع أكثر سوءاً.