المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من يختطف الأطفال الأبرياء ويقتلهم في الجزائر؟!



المهدى
06-30-2007, 07:03 AM
العائلات في حالة استنفار والأقارب في قفص الاتهام

http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/30-6-2007//290875_680004.jpg
ملصقات البحث عن ياسين في كل مكان وحتى خارج الوطن





الجزائر: نسيم لكحل


من يختطف الأطفال في الجزائر؟ ولمصلحة من يعمل الخاطفون؟ وهل حقا تدرج كل عمليات الاختطاف الأخيرة في خانة تصفية الحسابات العائلية؟ وهل من المعقول ومن المقبول أن تصل درجة تصفية هذه الحسابات الضيقة الى حد القتل؟ وبأي قلب يستأسد الخاطفون على أطفال ضعفاء.. وأبرياء؟!.

اختطاف 800 طفل خلال 5 سنوات
تقول احصائيات رسمية أن ظاهرة اختطاف الأطفال عرفت تزايدا مرعبا خلال السنوات الخمس الأخيرة، فقد أحصت الشرطة الجزائرية خلال عام 2001 اختطاف 26 طفلا، قبل أن ترتفع الأرقام بشكل ملحوظ لتعلن خلال سنة 2002 عن اختطاف 112 طفل من بينهم 71 طفلة، وتتحدث أرقام الشرطة الجزائرية كذلك لعام 2003 عن تسجيل 117 حالة اختطاف لأطفال..

أما في عام 2004 فتتحدث احصائيات أخرى لمصالح جهاز الدرك الوطني عن تعرض 168 طفلا للاختطاف وهي أعلى نسبة مسجلة خلال 5 سنوات، في حين سجلت 48 حالة عام 2006 ووفقا لهذه الأرقام فان ظاهرة اختطاف في الجزائر أحصت فقط من سنة 2001 الى غاية سنة 2006 قرابة 800 طفل اختطفوا في ظروف متباينة أعمارهم تتراوح في الغالب بين 5 و16 سنة.. هذه الأرقام تنذر بمدى خطورة الظاهرة خاصة عندما تتحدث التقارير الأمنية نفسها وتقول ان أغلب حالات الاختطاف هذه متبوعة بهتك العرض والاغتصاب، وفي بعض الحالات القتل كما حدث مع الصغير ياسين قبل أيام فقط(!).


قصة مأساة عمرها 50 يوما
انها قصة اختطاف عايشها الجزائريون لأنها أسالت الكثير من الحبر والصحف الجزائرية كانت تتابع تفاصيلها يوما بيوم، بل ان الرئيس الجزائري بوتفليقة شخصيا كان يتابع هذه القصة منذ اليوم الأول للاختطاف بعد أن شغلت الرأي العام الجزائري طيلة 50 يوما تمثل المسافة الفاصلة بين يوم الاختطاف ويوم 'الحقيقة'.. وأي حقيقة!.

هل رأيتم ياسين؟.. لا!
في منطقة برج الكيفان شرق العاصمة تقطن عائلة بوشلوح الصغيرة التي لم تكن تدري أنه سيأتي عليها حين من الدهر تطعن فيه في العمق ومن حيث لم يكن أحد يحتسب.. في وقت الظهيرة حيث تقل الحركة بل تنعدم يدخل ياسين (4سنوات فقط) الى البيت ليضع كرته التي كان يلعب بها ولا تفارقه الا نادرا، لكنه سرعان ما يعاود الخروج من البيت مسرعا دون كرته، وكأن أحدا كان ينتظره في الخارج طلب منه الاسراع في المجيء ليختفي بعدها والى الأبد..

بعد 10 دقائق فقط من خروجه تبحث عنه الأم وتنادي عليه ولكن لم يكن أحد يرد عليها.. بدأت نبضات القلب تخفق بسرعة متزايدة، لتنزل الأم الى أسفل العمارة التي تقطن بها وتسأل الأطفال الصغار الذين كانوا يلعبون أسفل العمارة: هل رأيتم ياسين؟ الجواب: لا لم نره.. لتبدأ رحلة بحث لم يكن أحد يتصور أنها ستطول الى ساعات بل الى ليال وأيام.

خيوط الأمل
صورة الطفل ياسين كانت معلقة في كل مكان ومنشورة في كل الصحف الجزائرية بل حتى أنها علقت كذلك في أماكن خارج الوطن في فرنسا وألمانيا.. أمه تشارك عدة مرات في الحصة التلفزيونية الشهيرة 'وكل شيء ممكن' التي تعنى بالبحث عن المفقودين لكن لا أحد يملك الجواب من السادة المشاهدين، ومن يملكه منهم لم يعرف الى حد اليوم..

الأبوان كانا يشعران بأن صغيرهما ياسين لا يزال على قيد الحياة.. قد يكون ضل الطريق فقط لم يريدا أن يصدقا فرضية الاختطاف لأنها ثقيلة على القلب ولكن للأسف كانت هي الحقيقة.

ويعود ياسين إلى البيت..
يوم 19 يونيو 2007 .. انه اليوم الذي توقفت فيه كل التساؤلات.. توقفت عمليات البحث.. لم يعد هناك من يقول أين اختفى ياسين.. بعد خمسين يوما من الاختفاء أو الاختطاف.. ياسين يعود الى البيت .. ولكن محمولا على آلة حدباء.. خرج من البيت حيا ليعود اليه ميتا وبأي طريقة؟!.

الكلب 'بيف' يفك اللغز

كانت الساعة تشير الى الرابعة مساء عندما انتشلت مصالح الحماية المدنية، جثة الصغير ياسين، التي عثروا عليها داخل بئر تقع بمزرعة لا تبعد الا 400 متر فقط عن مقر العمارة التي يقيم فيها، ولم تستطع جميع المصالح الأمنية فك هذا اللغز طوال خمسين يوما كاملا في الوقت الذي نجح في المهمة كلب صغير ووسيم يدعى 'بيف' في فترة لم تتجاوز ساعة من البحث، وهو كلب شارك في عمليات انقاذ سابقة خلال الزلازل والفيضانات، له قدرة رهيبة في التعرف على الجثث بل حتى على تعيين المكان الذي سار فيه الشخص المبحوث عنه..

عندما توقف 'بيف' فوق البئر
وما هي إلا دقائق معدودات حتى توقف الكلب فوق البئر ولم يرد التزحزح عن مكانه.. انه الاعلان عن العثور على جثة المرحوم التي وجدت في حالة تعفن.. بحثوا عنه في كل مكان وهو ينام في بئر لا تبعد الا أمتارا عن بيته.. كاد الوالد ينهار وهو يشاهد رجال الحماية المدنية ينتشلون جثة ياسين من غيابات الجب..

وحتى لو كانت المصيبة كبيرة فإنه كان محظوظا على الأقل في معرفة مصير ولده وحبيبه.. لأنه لم يبق معلقا بين الأمل والاشاعات ومكر بعض الناس الذين كانوا يتصلون به يوميا منهم من يطلب الفدية ومنهم من يكذب عليه ومنهم من يطلب الصبر.. ولكن حتى لو طويت صفحة ياسين فإن صفحة خاطفي ياسين لم تطو بعد، وتشير المعلومات الأولية الى أن المحققين يقتربون شيئا فشيئا من الجناة الذين قد يعلن عنهم قريبا.. وسيسألون: لماذا قتلتم ياسين أيها الجبناء؟!.

الجزائر أحصت في خمس سنوات فقط حوالي 800 طفل مختطف أغلبهم تنتهك أعراضهم
ياسين في الرابعة من عمره يعثر عليه داخل بئر عميقة بعد 50 يوما من اختطافه
تختطف ابن أخيها وتقتله وتقول إنها فعلت ذلك انتقاما من أخيها (والد الضحية)!
وحش بشري يختطف فتاة معوقة ويغتصبها عدة مرات في بناية مهجورة
الجزائريون يطالبون بتطبيق حد الإعدام على الخاطفين لأنهم 'أخطر' من الإرهابيين

مطالبة بتطبيق الإعدام

التقينا في العاصمة الجزائرية كذلك باسماعيل الذي قال لنا انه بعد ياسين لا أمن ولا أمان، وقال ان أي شخص لديه مشاكل عائلية مع الأقارب أصبح يخشى الانتقام بمس الأولاد وهو سلوك يصفه بالجبان.. أما صديقه التوهامي فلم ينتظر طويلا ليقول لي أنه يطالب الدولة بتطبيق حكم الاعدام في كل من يثبت أنه تورط في جريمة خطف الأطفال حتى يكون عبرة لمن تسول له نفسه العبث بأطفال لا حول لهم ولا قوة.. وللعلم فان الجزائر ألغت منذ سنوات العمل بحكم الاعدام واستثنت فقط جرائم الارهاب والمس بأمن الدولة.. والسؤال المطروح: ألا تدخل جريمة ترويع العائلات الجزائرية واختطاف أبنائها في نطاق المساس بأمن الدولة؟.

عندما تقتل العمة ابن أخيها؟

قصة أخرى يذكر الجزائريون تفاصيلها كاملة.. انها القصة الأليمة التي ذهب ضحيتها البراءة 'وليد' في أحد أحياء العاصمة الجزائرية الذي اختطف نهاية السنة الماضية من طرف عمته شقيقة والده، والتي قامت بقتل ابن أخيها بطريقة بشعة، حيث عثر عليه عناصر من الشرطة داخل كيس أسود تم وضعه في حقيبة سفر، سقطت منه الجثة لتظهر رجلاه مكبلتين بشريط لاصق، كما وضع الشريط اللاصق أيضا على فمه وأنفه وعينيه.

وليد لم يعد إلى البيت.. ليس من عادته!
تفاصيل هذه الجريمة المريعة التي كان حي طرابلس ببلدية حسين داي وسط العاصمة الجزائرية مسرحا لها بدأت بالضبط يوم 19 سبتمبر 2006، التاريخ الذي تنقلت فيه والدة الطفل وليد الى مركز الشرطة للابلاغ عن تأخر ابنها وليد عن العودة الى البيت من المدرسة، فعقارب الساعة قد تجاوزت الخامسة مساء والطفل الصغير على غير عادته لم يعد الى البيت،

وبسرعة البرق يبدأ هاجس الاختطاف يلوح في الأفق بل ويخيم على منزل الصغير وليد.. الجيران والأقارب يتوافدون الى البيت، والمصيبة الكبيرة أن العمة الجانية لم تتخلف هي الأخرى عن الموعد وكانت من ضمن الوفود التي التحقت بالبيت بعد أن تحول تأخر وليد الى عملية اختفاء غامض ومحير (!).. وتمر الساعات تلو الساعات ولا خبر جديدا في الأفق كل ما هنالك اشاعات تسيطر على المكان.

ألو.. هنا الشرطة

وبعد أيام تتلقى الشرطة اتصالا يفيد بوجود جثة الصبي داخل منزل عمته شقيقة أبيه (من لحمه ودمه).. الشرطة تنتقل الى المكان يفتحون حقيبة وجدت في احدى زوايا غرف البيت، وهنا تظهر الحقيقة المرة كاملة وينتهي مسلسل الانتظار.. كيس بلاستيكي أسود اللون هو نهاية القصة.. انها جريمة قتل الصغير وليد.. ولكن ما هي الأسباب؟!

تقتل الصبي انتقاما من والده !؟

الشرطة توقف العمة وزوجها كذلك، العمة الجانية تنهار خلال التحقيق وتعترف بكل شيء لأنه لم يعد هناك شيء تستطيع اخفاءه.. تقول للشرطة قتلت وليد والسبب: 'لقد ظلمني أخي الأكبر (والد الضحية)، وكان يطاردني دوما بالرغم من ثراء العائلة، وللتخلص مني وافق على أول شخص تقدم لطلب الزواج مني دون مراعاة مشاعري..'. وبروح الجريمة ورائحتها النتنة تواصل الجانية سرد تفاصيل الجريمة التي وقعت في ذلك اليوم المشؤوم..

طلبت من زوجها الذهاب لزيارة أحد الأقرباء، ثم تكفلت بنقل ابنتها الى المدرسة التي يدرس فيها الضحية، الذي انتظرته عند خروجه في المساء من المدرسة لتأخذه معها الى بيتها بحجة اللعب مع ابنتيها في البيت، وهناك نزعت مئزره وحذاءه، وقيدت رجليه بالشريط اللاصق، ووليد كان يسأل عن سبب ذلك والعمة كانت تقول له انها ستلعب معه لعبة القفز، قبل أن تقوم بوضع شريط لاصق على فمه وأنفه وعينيه، فكان كل شيء جاهزا باحكام، ظل وليد يتخبط لتقوم بوضع قطعة قماشية داخل فمه، ثم وضعته قبل أن يختنق داخل كيس أسود خاص بالقمامة، وعقدته من الأسفل باحكام، ووضعته أمام..الثلاجة.. لقد مات.

.. على مرأى ابنتها الصغيرة

الكارثة الأخرى أن الطفلة الصغيرة ابنة الجانية كانت في البيت بعد أن أمرتها أمها بالبقاء داخل غرفة النوم، لكن شيئا ما دفعها لمتابعة مشهد الجريمة، وتتابع تفاصيل تحركات أمها عن بعد وترى بأم عينيها ما اقترفته والدتها.. في المساء الزوج يعود الى البيت ويلاحظ الارتباك على زوجته فتحوم من حولها الشكوك.. ماذا حدث.. ماذا هنالك.. لماذا أنت مرتبكة ماذا أصابك أو ماذا فعلت؟. أجيبي.. الزوجة لم تجد مفرا.. تخبره على أمل أن يساعدها في اخفاء الجريمة بل اخفاء العار..

أنت لا تستحقين أن تكوني زوجة ولا أما ولا عمة

الزوج لم يكن ذلك الزوج الذي تصورته الزوجة.. لن أساعدك سوف أكون أنا من يكشفك فأنت لا تستحقين أن تكوني زوجة لي ولا تستحقين أن تكوني عمة الفقيد الصغير ولا تستحقين أن تكوني حتى والدة هذه الفتاة الصغيرة البريئة التي ليس لها أي ذنب في أن تكون ابنة مجرمة قاتلة.. الزوج يعرف أن التستر على الجريمة سوف يعقد المشكلة وسوف يقضي على العائلة بأكملها لأن الجاني سيعرف ان آجلا أم عاجلا، فيقرر فضح زوجته حتى ولو كانت الى وقت قريب أقرب الناس اليه، الشرطة تقبض على المجرمة وتودعها الحبس.

فتاة معوقة.. لم تنج من الاختطاف والاغتصاب!
في حادثة أخرى شهدتها احدى ولايات الشرق الجزائري.. شاب يبلغ من العمر 28 سنة يقوم باختطاف فتاة فقيرة صماء وبكماء تبلغ من العمر 16 سنة، حيث اقتادها بعنف الى داخل سيارته بعد أن كبل يديها، ثم احتجزها في بناية مهجورة تقع في ولاية بجاية الساحلية التي يقطن بها الجاني، الذي لم يتوقف عن هذا الحد بل قام باغتصاب هذه الفتاة المعوقة طيلة خمسة أيام كاملة، قبل أن تتمكن مصالح الأمن الجزائرية من تحديد هويته والقبض عليه ثم ايداعه الحبس بتهمة خطف وارتكاب جناية الحجز والتعذيب وهتك العرض في انتظار محاكمته على هذه الجريمة البشعة التي كشفت أن للاجرام فنونا وقد لا ينجو منه حتى المرضى والمعوقون.

آباء يمنعون أبناءهم من الخروج من البيوت
بعد أن استهدفت ظاهرة اختطاف الأطفال في فترة من الفترات أبناء رجال الأعمال والأثرياء والتجار بهدف ابتزازهم وطلب الفدية منهم من قبل بعض العصابات التي تكون مطالبها المالية كبيرة جدا، لجأ بعض رجال الأعمال مؤخرا الى تشديد الرقابة على أولادهم وبلغ الحد ببعضهم الى منع أبنائهم من الخروج من البيت خوفا من الوقوع في شراك عصابات الاجرام واللصوص، الذين أصبحوا يقومون بأي شيء يوصلهم الى المال حتى ولو أدى ذلك الى قتل البراءة مثلما حدث للطفل عامر من ولاية سطيف (300 كلم شرق العاصمة) الذي قتله المجرمون وربطوه بسلك فولاذي بعد أن رفض والده رجل الأعمال الاستجابة للخاطفين الذين طالبوه بدفع فدية مالية تقدر بمليار سنتيم (حوالي 75 ألف دولار اميركي)، فكان حظه سيئا على العكس من رجل أعمال آخر بولاية وادي سوف بالصحراء الجزائرية الذي أطلق الخاطفون سراح ابنه بعد أربعة أشهر من الاختطاف والحجز نجحوا خلالها من الحصول على فدية قدرتها بعض المصادر بحوالي 2 مليار سنتيم.

العائلات الجزائرية: لا أمان بعد الآن!

لجأت العائلات الجزائرية الى فرض تدابير خاصة لرقابة أبنائهم، ولم يعودوا يأمنون لا الصديق ولا القريب ولهم في قصة ياسين وأمثاله عبرة.. فأبو بكر أب لطفل صغير لا يتجاوز السنوات الثلاث قال لنا انه لم يعد يثق في جاره الذي كان يترك عنده 'عبدو'، وبالحرف الواحد يقول لي انه لا يأمن الا نفسه وزوجته على ولده.. أما زينب فأصبحت ترافق ابنتها أمينة الى باب المدرسة وتنتظرها كل مساء لتصطحبها معها الى البيت.. وكمال كذلك يقول أنه أصبحت له مشاكل في العمل لأنه يخرج دائما لانتظار ابنتيه أمام المدرسة قبل خروجهما بعشر دقائق على الأقل، لكنه يعتقد أنه مستعد أن يخسر العمل وغير مستعد تماما أن يخسر 'جيهان' و'اسمهان'.

المهدى
06-30-2007, 07:06 AM
من اصعب الامور ان يفقد المرء اطفاله خطفا او ضياعا ، ويقضى باقي عمره في البحث عنهم وعلى امل العثور عليهم ، لا شك ان حياته سوف تصبح جحيما ، الله يرجع كل مفقود الى اهله ويقر عيون والديه به .