المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : د. علي جمعة: «الفتوى صنعتي وبلاش تتحشروا فيها»



سلسبيل
06-19-2007, 06:41 AM
المصري اليوم

مجدي الجلاد وأحمد البحيري



«المفتي ما هو إلا صنايعي يقوم بإصدار الفتاوي من خلال الاعتماد علي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وإجماع الفقهاء وعليه مراعاة مآلات الفتوي وتكييفها مع الواقع ومصالح العباد.. ونحن كالذين يسيرون علي الحبال لا نريد أن نغيب عن عصرنا وتراثنا»، هكذا وصف الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية طبيعة منصبه الذي يثير الكثير من المشاكل والأزمات.


جمعة لم ينف أنه صوفي وقال: «مصر كلها صوفية حيث يوجد بها ١١ مليون صوفي.. والمهم في ذلك هو تحديد معني الصوفية بإخلاء القلب من القبيح وتجميله بالصحيح.. والصوفية ضرورية لمواجهة الإرهاب والتطرف».


السياسة عنده نوعان: حزبية لا علاقة لرجال الدين بها من قريب أو بعيد ولا يدخلون أطرافًا فيها، ونوع آخر يقوم علي رعاية شؤون الأمة وهو ما يجب الاشتغال به مؤكدًا أنه لا يتعرض مطلقًا لأي لون من الضغوط السياسية في إصدار الفتاوي.


وأعرب جمعة عن دهشته من استغراب البعض لرؤيته الرسول صلي الله عليه وسلم في اليقظة متسائلاً عن الغرابة في أن يري المسلم النبي صلي الله عليه وسلم في اليقظة.


«المصري اليوم» التقت الدكتور علي جمعة.. وحاول المفتي كثيرًا تجاوز أزماته الأخيرة وفتاواه المثيرة بالتركيز علي طبيعة عمله.. ورصيد دار الإفتاء التنويري علي مدار ما يزيد علي مئة سنة.. لكننا حصلنا منه علي تعليقات وافية في الحوار التالي، عن فتاواه هذه .. وكذلك الفتاوي التي مازال يجهز لها.


* هل كرسي الإفتاء صعب؟
- الإفتاء يمكن أن يكون نوعًا من العبادة حينما يكون لوجه الله تعالي، وعندما يكون علي خطوات صناعته لأن الإفتاء صناعة تتكون من أربعة أشياء: تصوير المسألة ثم تكييفها ثم الحكم فيها ثم إيقاعها علي الواقع، وكل مرحلة من هذه المراحل تحتاج إلي علم وقيم وتدريب، يعني لو قلناها بالإنجليزي تحتاج Learning and training and education وإذا لم يكن المفتي صنايعيا فإنه يكون قد جانبه الصواب أي لم يفعل الصواب، فهذه المهنة تتحول إلي عبادة وهذا الكرسي يصبح شيئًا نبتغي به وجه الله عندما نحافظ علي الإخلاص والصواب أي إخلاص النية لله تعالي، والصواب باتخاذ مقتضيات الصناعة حتي يكون صنايعيا.


* هل فضيلتك ولي أمرنا في الدين؟
- ليس في الإسلام رجال دين أو مشرع، الحاكم في الإسلام واحد فقط وهو الله، وهذا مقرر في أصول الفقه ومجمع عليه بين طوائف ومذاهب المسلمين كلهم بأن الحاكم هو الله ورسول الله صلي الله عليه وسلم يترجم عن الله، والعلماء يجتهدون لمعرفة حكم الله، فإذن هذه المسألة ينبغي أن تكون واضحة قبل الإجابة عن هذا السؤال.


لذلك ما معني ولي الأمر حتي نحدد الأمور، المفتي يبذل مجهوده، كيف يبذل مجهوده؟ يوصل لك بيان الحكم الشرعي وهو أولاً يراجع المصادر وهي الكتاب والسنة ويراعي الإجماع الذي حدث حتي يكون دقيقًا في معرفة ما إذا كان الحال الذي عليه هو نفسه في القرآن والسنة، ويسير في هدي ونور كلام الأئمة عبر القرون وهناك دائرة المذاهب الأربعة السنية نبدأ بها ثم دائرة بقية المذاهب المعتمدة الزيدية والجعفرية والإباضية والظاهرية ثم دائرة للفقه الأوسع نحو ٩٠ مذهبًا وهذه الدوائر يسير فيها المفتي واحدة واحدة.


المفتي عنده دائرتان الأولي دائرة الداخل الإسلامي والأخري دائرة الخارج يعني العالم من حولنا ونحن جزء منه، أو يمكن أن نقسم المسألة تقسيمًا آخر وهو دائرة الخبر ودائرة العمل الأولي لا يترتب عليها عمل فحينما يسألني سائل أين حديث «إنما الأعمال بالنيات» فأقول له رواه البخاري فهذا لا يترتب عليه عمل وهذه ليست فتوي، أو يسألني في الخبر هل الحادثة الفلانية حدثت أم لا؟ أسئلة من هذا القبيل كثيرة، مرة واحد سألني هل النبي صلي الله عليه وسلم تزوج من مارية القبطية؟ فاعتبرت أنها ليست فتوي لأنها من قبيل الخبر فلم أجبه فرفع علي قضية متهمًا إياي بالتقصير في الإفتاء، لأنه مسكين لم يعرف الفرق بين الإجابة عن السؤال المردود علي دائرة الخبر والسؤال المردود علي دائرة العمل.


ولذلك ترانا دائمًا نحاول جادين ومجتهدين في أن نراعي مقاصد الشرع ومصالح الناس وطبيعة العصر في دائرة العمل ومنها نبني جسورنا مع من حولنا في العالم، أما دائرة الخبر فلا نحاول أن نتدخل فيها كثيرًا لأن هذا قد يؤذي الشعور الديني ويحدث من الأضرار المترتبة علي ذلك بل ومن ذهاب هيبة المرجعيات والثقة فيهم والصدق معهم إلي أن يذهبوا إلي المتطرفين والإرهابيين وإلي آخره.


فنحن كمن يسير علي الحبل لا نريد أن نغيب عن عصرنا ولا نريد أيضًا أن نقدح فيما هو لدي الناس من هياكل مردودها إلي الخبر وهذه الموازنة قد لا يدركها كثير من الناس وهم يتكلمون عن قضية الإفتاء والآراء وفوضي الفضائيات .. كثيرًا ما يخلطون بين الدائرتين إنما الصناعة الصحيحة تجعلنا نفرق بين الدائرتين وإذا تقرر هذا فأنا الجهة الرسمية التي ارتضاها ولي الأمر من أجل أن تبين وتفتي وعندما اختارني تم ذلك وأنا عضو في مجمع البحوث الإسلامية وعضو مجمع منظمة المؤتمر الإسلامي ومجمع مؤسسة آل البيت بالأردن ولست عضوًا هنا فقط ولست مختلسًا علمًا لم يكن لي، إنما ولي الأمر عندما وضعني هنا وضعني وأنا أستاذ في الجامعة ومن هنا وليس مدحًا في نفسي وإنما تقرير لقضية أن هذا هو الوجهة الرسمية.


* ما مدي إلزامية الفتوي؟
- الفتوي لا تلزم القضاء وهي أصلاً غير ملزمة لكنها موجهة ولذلك فالعلاقة بين المستفتي والمفتي هي علاقة قبل كل شيء أدبية، فإذا افتقد المستفتي كل المفتين والوصول للحق أصبح هذا ملزمًا لأنه لم يجد إلا هذا، فقضية الإفتاء في ذاتها ليست ملزمة وإنما يعرض عليها قضية الالتزام في عوارض أخري تحيط بها.


* هذا يعني أن الكلام الذي أثير عن التبرك «ببول» الرسول لا علاقة له بالعمل وإنما بالخبر؟
- أتمني دائمًا أن ترجعوا لما كتبته عن مصر الخير والشخصية الاعتبارية وكيفية بناء الأحكام حولها ونرجع لقضية تطوير الحرف العربي.. أنا طورت الحرف العربي في الطباعة، وخاصة الطريقة التي تمت بها طباعة مصحف الملك فؤاد واستطعنا بعد أبحاث كثيرة لمدة ١٠ سنوات أن نفك شفرة هذه الطباعة،

حيث إن أصولها غير موجودة بين أيدينا حالياً فاستطعنا فكها ونكتب بها الكتب وما ترجمناه من الغرب وهذا جهد جبار كان ينبغي الالتفات إليه، لأنه يتعلق بالعمل، بحثنا في التجليد ووصلنا إلي غايته وقمته مع المماليك فجعلناها نقطة الانطلاق، بحثنا في الزخرفة ووصلنا في الزخرفة إلي نقطة عليا عند العثمانيين، بحثنا في الخط العربي ووصلنا إلي القمة فيه ثم بعد ذلك أنشأنا مؤسسة لتدريس وتطوير والاستعانة بالكمبيوتر لنشر هذا، وجعله شعبياً حتي يعود الجمال لعين الإنسان المسلم ويحدث ما يسمي التواصل.


* كلام فضيلتك يعني وجود خلل، ولكن بصراحة هل تشعر أن هناك حملة فيها تنظيم ضدك؟
ـ عقلي يقوم علي «لا حول ولا قوة إلا بالله» وهذا يمنعني في أصل عقيدتي من تبني نظرية المؤامرة فلن يكون في كون الله إلا ما أراد وأنا بتكوينتي العقائدية والخلقية أري في كل محنة منحة حتي إنني أري أن مصيبة الموت بها منحة أخري تجعل الإنسان يصبر ويرتاح من عناء الدنيا بعد التعب الكثير، لو تخيلنا أن الناس كلها عاشت وكبرت في السن فأصبحت عبئاًَ علينا، لأن جد جد جد جدي عايش ولازم أرعاه فهنا الأرض لا تعمر والموت مصيبة بلاشك وقال عنها المولي عز وجل «فأصابتكم مصيبة الموت» وبه معان أخري فيه الوفاء والتألم لفراق الحبيب والعشير.


* ما معني أن تشترك الصحف القومية نفسها في الحملة ضد فضيلتك؟
ـ القضية هي خلط الدائرتين، الخبر مع دائرة الإفتاء وحينما نخلط بينهما يحدث مثل هذا، فإذا صدق هذا الخلط ينبغي أن تحدث هذه الضجة، أتذكر محيي الدين ابن العربي، كان يسير مع صديق له ثم كان الأولاد الصغار يلاحقونه ويقولون له: يا كافر يا كافر، فقال له صديقه: عرفهم بقدرك، وأنك عالم وغير كافر، فرد قائلاً الصورة الذهنية عندهم كافر فعلاً.. فأنا لما أقصد أقول لهم أنا مش كده يعني هذه الحاجات صحيحة وهذا أحد أنواع الصبر الجميل طالما الصورة الذهنية عني عندك كده، فهذا وحش قوي، لكن علي فكرة أنا مش صورتي كده في حقيقتي وهذه تحتاج إلي جلسة وشرح وتفصيل لا تتيحه الجدلية الصحفية الحديثة.


* هل أحد من داخل المؤسسات الدينية يستهدفك؟
ـ لا، كلهم أصدقائي وأساتذتي ونحن نعمل معاً وهذا شيء واضح للعيان وقد يكون شيئاً فريداً أن المؤسسة الدينية الآن تعمل علي قلب رجل واحد، ولكن في فترات سابقة حدثت نزاعات ما بين مشايخ الأزهر ووزراء الأوقاف والوزراء ورؤساء الجامعة، أما الآن فشيخ الأزهر ووزير الأوقاف ورئيس جامعة الأزهر والمفتي نحن جميعاً علي قلب شخص واحد.
إنها شائعات وغيرها لكن لا يوجد أحد يصطدم بالآخر.


* أكثر شائعة صدرت الفترة الماضية أن فضيلة المفتي ربما يكون مرشحاً لمشيخة الأزهر، وهذا سبب الصراع الخفي وغير المعلن؟
ـ خليني أكون صريح، أخرج الإمام مسلم في المستقيم حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم «كفي بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع» وهذا للعقل المستقيم.
كتبت عدة مقالات في هذا المعني أحدها تحت عنوان ألا ينسب لساكت قول «تقديم المسموع علي المرئي» نحن في النهار الآن وقلت لك نحن في الليل فهذا خلل في التفكير.


لا أريد أي لغط حول أي شيء ولا أريد أي دنيا لذلك، القضية أن كتاباً لم يفهم في سياقه وفيه جزء نُحي به من دائرة الخبر إلي دائرة العمل وهو ليس كذلك فلا بأس أن أسحب الكتاب وليس عندي أي مانع، لا نفسي ولا واقعي في ذلك، وقمت بإبلاغ مجمع البحوث الإسلامية بذلك قبل الجلستين الأخريين، وليس عندي أي مانع من سحب أي كتاب حينما يسير لغطاً غير مقصود علي حسبان الخلط بين الدائرتين.


* كتاب «البيان لما يشغل الأذهان» الذي تقدم الشيخ يوسف البدري بسببه ببلاغ للنائب العام يطالب بسحبه من الأسواق.. هل ستسحبه؟
ـ أمره لله، ولن أسحبه، وهذا الكتاب قديم ولم أعلم بهذه القضية، حينما أفتيت بفتوي جواز عمل المسلمين بالعقود الفاسدة في الدول غير الإسلامية ومع غير المسلمين، كتب الدكتور عبدالعظيم رمضان فيه مقالاً بأننا قد وهبنا محمد عبده جديداً وهذه الفتوي تخفف علي المسلمين وهي مذهب الحنفية وكون إنسان لا يري هذا أو أن قلبه أو عقله لا يسمح له بهذا فهذا شأنه، فهذه فنيات، هذا الكتاب مصنوع للقضاء علي التطرف والإرهاب.

الذي يحدث أن الولد يأتي ليقول مجموعة من الأشياء مبنية علي الجيل الأول من التطرف وهذه الأشياء مبنية علي أننا في مصر مجموعة من المشركين ويراق الدم في الشوارع، فقلت لهم لا، وألفت كتاباً من أجل هذا، فيأتي ويقول إن الحلف بالنبي صلي الله عليه وسلم شرك، فنبين له أن هذا ليس كلام العلماء والفقهاء، ويقول زيارة الأضرحة شرك والضريح الذي بني عليه المسجد شرك، والإنسان لا يجوز له أن يعيش في بلاد غير المسلمين ويسمونها بلاد الكفر أو الحرب، فأوضحت في الكتاب أن كل هذا ليس المسلم المعاصر، هم عكسوا ابن تيمية، لأنه وقف مع الحكام ضد التتار،

بينما هم وقفوا مع التتار ضد الحكام، وتكلمت في هذا الكتاب بما يمنع الإرهاب، لأننا نشتغل في صناعة لمواجهة التطرف والإرهاب، فإذا المثقفون وقفوا مع الإرهاب من حيث لا يقرون يكون هناك خلل وأقول اقرأوا هذه الأمور من مداخلها الصحيحة، لأنها تتعلق بأمن مجتمع وأمن أمتنا وأولادنا وأحفادنا، لازم نمشي صح، والإسلام في مصر بخير وله أدلة وأي تيارات أخري تأتينا من هنا أو هناك تكون بدايات بذور الشر فإننا نفرغها من مضمونها وينبغي علينا جميعاً أن نتعاون في ذلك ونقف وقفة شخص واحد، لأن المسألة ليست هزاراً، لأنه إذا حدث في هذا المجال فراغ فلن يبقي فراغ، وإنما سيتجهون للاتجاه الثاني مباشرة ولن يبقي علي ذلك مطلعاً، فإما أن يكون عندي إيمان بما عليه الأزهر والعلماء، وما عليه الأئمة الأربعة عبر التاريخ وما هو شائع من طنجا إلي جاكرتا وإلا فيتم تبني الاتجاهات المتشددة التي لها مصالح وأهداف أخري.


* هل خلط الدين بالسياسة جزء من ملء هذا الفراغ وهل يمثل ذلك خطراً علي المجتمع؟
ـ هذا السؤال سابق علي الحالة التي نحن فيها الآن نحن في حالة أكثر بلاءً وخلطنا الدين نفسه بمشاربه المختلفة قبل ما نصل لأي شيء آخر.


* وجهة نظر فضيلتك في الإخوان المسلمين كجماعة سياسية؟
ـ بلاش الاستدراك ده في هذه الجزئية، لأنني لا أريد الدخول في ثنائيات، لأن مهمتي عدم الدخول في ثنائيات حتي يكون الإفتاء في محله الصحيح.


* تبرير فضيلتك لهجوم وزير الأوقاف علي فتوي التبرك بشرب «بول» الرسول؟
ـ هذا يرد به علي توجه عند المثقفين، ولكنه لا يهاجمني وإنما يقول رأيه، وليس معني أننا علي قلب رجل واحد أن نتفق تماماً في الآراء، فهو لم يهاجمني وإنما أبدي رأياً مخالفاً في هذه القضية.


* هل فضيلتك صوفي؟
ـ كل مصر صوفية ولدينا في مصر ١١ مليون صوفي والصوفية هي الصفاء أي أن الإنسان صافي القلب وأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، الصوفية معناها التخلية والتحلية أي تخلية القلب من القبيح وتحليته بالصحيح هذا هو الذي نريده وهو قضية التربية وكلها تهدف إلي إنشاء الإنسان الرحيم الذي يخلو قلبه من الحقد والحسد والتكبر ونملؤه بضدها وكيف يكون متعلقاً بالله تعالي ويساعد الناس ويكون نافعاً في المجتمع.


* هل الصوفية صيغة مناسبة للدين في مصر بالنسبة للدولة؟
ـ هناك تفسيرات سياسية أفعوانية لأمور متعلقة بالإنسان، والإنسان أكبر من هذا، فهو يعبد الله ويذكر أن هناك جهة تستغلة أو لا تستغله، لذلك نري أن هذه الأمور تختلف باختلاف العصور والظروف، ولم أدخل اللعبة السياسية حتي أري الإجابة عن هذا السؤال، وقضيتي أنا أن الإنسان يكون طيباً محباً للخير.


* ما الفتوي التي لم تكوّن فيها رأيا كاملاً حتي الآن؟
ـ هي اختلاف الأحكام المتعلقة بالشخصية الاعتبارية عن الأحكام المتعلقة بالفرد الطبيعي، فعصرنا فيه شركات عابرة للقارات وبنوك وهكذا، فأصبح هناك كيانات تعبر عنها بالشخصية الاعتبارية.. فهل يا تري نفس الأحكام المتعلقة بهذه الشخصية هي نفسها المتعلقة بالفرد العادي أم أن هناك اختلافاً؟ وما أصول هذا الاختلاف؟


* كيف يتم إصدار الفتوي؟
ـ أصل الفتوي بها ٣ أركان هي المصادر، والواقع الذي نسقط عليه الفتوي، وكيفية الوصل بينهما، فإن الواقع جزء من الفتوي وركن من أركانها، والوصل يتم عن طريق دراسة المصالح والمقاصد الشرعية ودراسة المآلات: ماذا ستؤول إليه هذه الفتوي؟.. ودائماً ما نتحري ذلك لأن هذه أصول الفتوي.


* هل هناك ضغوط سياسية في إصدار بعض الفتاوي؟
ـ لا إطلاقاً وكل المفتين يشهدون بهذا، نحن معنا ١٢٠ ألف فتوي منذ عام ١٨٩٥ إلي يومنا هذا ولا توجد فتوي فيها أيدت ورسخت شيئاً يتعلق بالحاكم أو بالحكومة، ولما تتكلم مع من يعتقدون غير ذلك، يضربون لنا مواقف بأن واحداً خطب خطبة فهل هي فتوي؟ أو كتب مقالاً فهذه كلها ليست فتاوي.. الحقيقة أنني لم أجد مطلقاً أي لون من الخلط بين الفتوي والسياسة وعلي مدي ١١٢ سنة لم يحدث أي تأثير أو ضغوط سياسية، وإن كانت الشائعة غير هذا، والذي ندعو إليه هو التثبت والحقيقة.


* هل تري فضيلتك أن الصوفية متغلغلة في الأزهر؟
ـ الصوفية، أنا أراها لابد منها حتي نقاوم الإرهاب لأن التوجهات المتشددة التي تريد إلغاء ثلث الدين وهي مرتبة الإحسان والتربية في منتهي الخطورة، ولابد علينا أن نؤكد علي ذلك، وإنما من كثرة الهجوم علي التصوف والانحراف به عن معناه ومقصده أصبح كلمة حولها لغط، بحيث يتقبلها كل شخص بمفهوم مختلف سواء بصورة جيدة أو غير صحيحة، فأنا أتقبلها علي أنها مرتبة الإحسان وغيري يتقبلها علي أنها مجموعة من البدع والخرافات، فلابد علينا من الاهتمام بالتربية والأخلاق والقيم والإنسان، ونرجعه مرة أخري إلي الإنسانية وليس إلي أنه قطعة لحم موجودة في المجتمع.


* فتوي فوائد البنوك تحتاج لرأي يقنع الناس فهل تفكر فضيلتك في ذلك؟
ـ بالنسبة لفوائد البنوك قريباً إن شاء الله وبناء علي ما توصلنا إليه في الشخصية الاعتبارية جمعنا والحمد لله ما يقنع به كثير من العلماء، ولقد بدأت بالفعل عرض هذه الفتوي علي كثير من العلماء وكثير جداً منهم اقتنع اقتناعاً تاما بأنه ينبغي علينا أن ندرس الحالة الراهنة بعد سنة ١٩٧٣ دراسة أخري غير التي سبقت من مجمع البحوث الإسلامية لسنة ١٩٦٥ لأن الواقع تغير، وسوف تصدر هذه الفتوي إنشاء الله قريباً.


* وماذا عن نقل الأعضاء؟
ـ هناك فتوي مفصلة أظن أنها كافية ووافية، لأنها تحقق المصالح للمرضي وللمآلات، ومصالح المآلات هي التي تتكلم عن أنه لانريد أن يتحول الإنسان إلي قطع غيار تباع وتشتري، ولا نريد تسلط طبقة الأغنياء علي الفقراء، لا نريد ظهور مافيا للأعضاء وسرقتها والاتجار بالبشر وهذا مسلم به بين جميع العقلاء، ما الذي نفعله حتي نسد الباب علي هؤلاء؟ وكذلك حتي يخف المرضي ويذهب الألم.


* لكن فتوي مجمع البحوث الإسلامية مختلف عليها حتي الآن؟
- هذا الاختلاف خارج المجامع ومختلف أيضاً في نقطة أخري وهي تعريف الموت وهل الموت الإكلينيكي موت حقيقي أم لا؟
والخلاف بالأساس ليس بين علماء الشريعة وإنما بين الأطباء وهو خلاف عنيف، لأنه في مجمع الفقه في جدة وفي منظمة طبية أخري في الكويت توصلوا إلي أنه موت ثم فوجئنا بتوجهات عنيفة من أساتذة كبار في مصر، لهم وزنهم وثقلهم أنه ليس بموت، فصدرت الفتاوي هنا كبناء علي الطب وهنا صدرت أيضاً بناء علي موقف الطب وحدث تحيز نتيجة تحير واختلاف وجهات النظر بين الأطباء، فإذن هنا أستطيع أن أجزم أن فقهاء الشريعة كأنهم متفقون لأن المختلف هو الطبيب الذي يعطيه المعلومة، ولو أن الأطباء اتفقوا علي رأي واحد وكلمة واحدة لوجدت مباشرة الشرعيين في نفس اليوم وذات الساعة اتفقوا.


* هل تشعر فضيلتك أن جزءاً من أزمتك أن فضيلتك «مفتي عصري»؟
ـ أتمني أن أكون مفتياً عصرياً، والمفتي العصري مدح وليس ذماً.


* هل يمكن أن يدفع المفتي العصري ثمن ذلك؟
ـ الشيخ محمد عبده هاجمته الصحافة يومياً ولم يمكنوه من أداء رسالته ومنهجه وهو الذي نحتفي به الآن ونحتفل به في ذكراه المئوية.


* هل فعلاً رأيت الرسول «صلي الله عليه وسلم» في اليقظة كما ذكرت في كتابك «الدين والحياة.. الفتاوي العصرية اليومية»؟
ـ نعم، نص الحديث كده «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» أخرجه مسلم، ورأيت الرسول «صلي الله عليه وسلم» فعلياً ومن أجل ذلك كتبت كتاباً عن «مدي حجية الرؤيا» لم يشر إليه أحد وقلت فيه إن الرؤيا البصرية مثل الرؤيا المنامية وليس فيها حجة مثلما تراه في المنام، ولقد رأيت الرسول «صلي الله عليه وسلم» في اليقظة لحظات فقلت في نفسي كم شعرة شائبة في لحيته؟ فاختفي مباشرة،

وهذا الحديث وارد في مسلم، وشخص سألني عنه فقلت له نعم وأنا حدث لي هذا، وقلت ذلك لأنني أري في عملي كده، وحينما سأل أحد الأشخاص الشيخ سيد سابق في أحد اللقاءات في مسجد عمر مكرم عن إمكانية رؤية الرسول «صلي الله عليه وسلم» في اليقظة وكان هذا أمامي، فقال أنا رأيته يقظة ببساطة، وما الغريب في أن يري المسلم الرسول «صلي الله عليه وسلم» في اليقظة، والمرسي أبوالعباس يقول «لو غاب عني «صلي الله عليه وسلم» لحظة ماعددت نفسي من المسلمين» إذن الخرافة هي إنكار الواقع.


* هل المفتي صنايعي؟
ـ نعم إحنا صنايعية وبلاش تدخلوا في صنعتنا حشر كده لأننا صنايعية ولنا تجربة حياتية وابتلينا بالناس ومشاكلهم، وكتبت في العقلية العلمية والعقلية الخرافية، والعلمية هي التي تتفق مع النقل وهي التي يكون لها مصادر وطرق بحث وشروط باحث وأدوات ونتائج وجمل مفيدة.


* هل يحاسبك البعض علي حبك الجارف للرسول «صلي الله عليه وسلم»؟
ـ إنني أعشقه.