المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في ألمانيا 300 نوع من الخبز



على
06-15-2007, 06:05 AM
في بلد ينفرد بإقامة «متحف الخبز العالمي»


كولون(لمانيا): ماجد الخطيب


http://www.aawsat.com/2007/06/14/images/daily.423479.jpg


قالت لاعبة التنس الدولية السابقة شتيفي غراف، في مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية المعروفة، إن الخبز مصدر حنينها الأساسي للوطن.

وتعيش غراف حاليا في لاس فيجاس مع زوجها لاعب التنس الأميركي الدولي اندريه أغاسي. وكان المسرحي الكبير، والشاعر الألماني برتولد بريخت، قد سبق غراف بالتعبير عن حنينه للخبز الألماني حينما كتب عام 1941 في «ريدر دايجست» الأميركية: «لا وجود لخبز حقيقي في الولايات المتحدة، ما أشد حنيني للخبز الألماني». وكان بريخت آنذاك قد اختار المنفى الأميركي هربا من بطش نازية هتلر.
وعادة يطلب الألماني المقيم في الخارج، وخصوصا المقيم منهم في الولايات المتحدة، من زوار الوطن أن يجلبوا له شيئا من الخبز الألماني الأسود عند عودتهم. ولا يختلفون في هذا عن العراقيين الذين يطلبون شيئا من بلح «البرحي» أو عن اليمنيين الذين يطلبون «تحميلة» قات من أهلهم المقيمين في الوطن.

وليس غريبا أن يذم بريخت الخبز الأميركي لأن زميله الكاتب الأميركي هنري ميللر سبقه في صب الشتائم على الخبز الأميركي. وكتب ميللر في كتابه «Stuff of life» يقول انه يعجز عن أكل الخبز الأميركي السيئ رغم قائمة المواد الطويلة التي تعدد محتوياته وفوائده. ويضيف انه يذهب إلى المطاعم الألمانية والروسية والصينية كي يتمتع بشيء من الخبز الجيد. ثم يعطي ميللر، المعروف ببذاءته، نصيحة للأميركيين عن كيفية تحسين مذاق الخبز الأميركي. يقول: «اقطع قالب الخبز طوليا كما تقطع بطيخة، اخرج العجين من الوسط، أحش الخبز بدهن فرامل السيارات، لفّه بالخرق التي تستخدمها عند تصليح سيارتك ثم خزنه لمدة ثلاثة أيام في صندوق السيارة كي يتخمر».

والخبز الألماني معروف عالميا بمذاقه ورائحته وتنوعه رغم أنه حديث قياسا بالخبز البابلي والفرعوني والصيني. وهناك 300 نوع من الخبز في ألمانيا، ولا ينافسه على المستوى العالمي في التنوع غير الجبنة الفرنسية (300 نوع أيضا). وهناك صفحة الكترونية ألمانية اسمها «الخبز الألماني يلتقي الجبنة الفرنسية» تشرح أفضل التوليفات بين الاثنين.

يعرف الدستور الألماني الخبز على انه «مادة تصنع كلها، أو جزء منها، من الحبوب، أو خلاصتها، ويضاف اليها الماء أو السوائل، تعجن، تخمر ثم تخبز بطرق مختلفة». وينبغى ألا تزيد نسبة الدهن في الخبز عن 10في المائة. ويبلغ وزن قالب الخبز المصنوع من الحنطة السمراء (الجاودار)، وهو اشهر أنواع الخبز الألماني، 1.5 كغم، يشكل طحين الجاودار كغم كامل منه، والماء 850 سنتيمترا مكعبا و30 غراما من الملح. ويفقد القالب 10 في المائة من وزنه بعد الانتهاء من خبزه.

وتشير «جمعية التغذية الألمانية» إلى وجود 1200 نوع من المعجنات في ألمانيا التي تشكل عجينة الخبز أساس تحضيرها وخبزها. واشهر الحبوب المستخدمة في صنع الخبز هي الحنطة السمراء، الشعير، الذرة، والرز. اما المواد المضافة إلى الخبز فتمتد بين السمسم والجوز واللوز وحب القرع وحب عبادة الشمس والزيتون والبصل، وأخيرا الزعتر. وعدا عن الخبز البيولوجي، المصنوع من المواد الطبيعية، فهناك اليوم خبز للحمية، خبز للمعانين من السكري، خبز خال من الكوليسترول والتريغليسيرايدز، وخبز الحوامل... الخ.

وهناك رغيف الخبز المدور الذي لا يزيد وزنه عن 50 غم وقوالب الخبز التقليدية التي يزيد وزنها عن كيلوغرام. ويعتبر الخبز الفرانكفوني (في ولاية هيسن) حامل الرقم القياسي في الحجم والوزن لأن وزن قالب الخبز منه يرتفع إلى 3.5 كغم. ويشتهر مخبز «فرانكيشه دوبلباك» بصناعة الخبز الكبير وبأشكال مختلفة في كافة الولايات الألمانية الـ 16. وهناك المخابز «العائلية» الصغيرة التي تصنع الخبز الخاص في القرى إضافة إلى المخابز الكبيرة التي توزع الخبز في ألمانيا وفرنسا وايطاليا. ويعتبر مخبز «هوف بفستراي» قرب ميونخ اكبر المخابز الألمانية قاطبة لأنه يشغل 900 شخص يعملون على مدار الساعة.

وتوصي جمعية التغذية الألمانية بضرور تناول 5 ـ 6 شائح من الخبز الأسود، أو 150 ـ 250 غم، يوميا لسد حاجة الجسم من فيتامين ب والمواد المعدنية الموجودة في الخبز. ورصدت الجمعية أن بيع الخبز في ألمانيا ما عاد يقتصر على المخابز لأن المخازن العمومية صارت تبيع 62 في المائة من الخبز في ألمانيا تاركة للمخابز نسبة 38 في المائة فقط. ويدخل الجاودار كمادة أساسية في محتويات 66 في المائة من الخبز الألماني المطروح في السوق. وليس هناك اختلاف في النوعية والجودة لأن غالبية هذه الكمية من الخبز تنتجها المخابز الكبيرة المعروفة. ومقارنة مع الأجانب المقيمين في ألمانيا، وخصوصا مع الأتراك الذين يزيد عددهم عن 2.5 مليون، نرى أن خبز الأجانب عاجز تماما عن منافسة الخبز الألماني. فهناك نوع واحد من الخبز التركي، ربما بأشكال مختلفة، لكن محتوياته متشابهة وتعتمد الدقيق الأبيض. وهناك نوع أرغفة الخبز اللبناني (الأبيض والأسمر) والخبز الفارسي الرقيق، والخبز العراقي التقليدي إلى جانب الجياباتا الايطالية والكروسان الفرنسي. ويجد الأجانب صعوبة بالغة في تلفظ و حفظ أسماء أنواع الخبز الألماني، فهناك أسماء معقدة للخبز تتعدد بين انواعه مثل الرغيف والبقسماط والقرص والقالب. ولا يجد المرء، عند تصفح القاموس الألماني العربي ترجمة لأسماء أنواع الخبز ويختصر الكتاب معظم الأسماء بـ« رغيف» أو «نوع من الخبز».

وتنفرد ألمانيا بإقامة «متحف الخبز العالمي» الذي يؤرخ الخبز ويؤرشف أنواعه وأشكاله منذ تعرف البشرية عليه قبل أكثر من 6000 سنة. ويوجد المتحف في مدينة زالسشتادل قرب أولم (جنوب) وتأسس عام 1955 بجهود من العالمين فيلي ايزلين (1896 ـ1981) وابنه هيرمان (1926ـ ). ويحتوي المتحف على 14 ألف قطعة، يعرض 700 منها بشكل دائم، ويتم تجديد البقية بالنظر لسرعة فساد الخبز. ويؤرخ المتحف لتاريخ الخبز بـ 6000 مجلد ضخم، كما يحتفظ بأفلام علمية عن كيفية اكتشاف الحبوب وزراعته ومن ثم اكتشاف الخبز من قبل الإنسان. ويقيم المتحف يوم الأحد الأول من كل شهرا اكتوبر اليوم السنوي للخبز حيث يقيم الفعاليات التثقيفية والترفيهية ويتولى الخبازون تحضير الخبز حسب مختلف الوصفات العالمية.

وعرف الإنسان زراعة الحبوب قبل نحو 10 آلاف سنة، وسحق الحبوب في البداية مع الماء لصناعة الشوربة، ثم تعلم خبز المادة الغليظة القوام على الصخر الحار. وعرف المصريون القدماء الخبز قبل غيرهم وكانوا يصنعون 30 نوعا منه في الفترة بين 2860 ـ 1500 قبل ميلاد المسيح. وتسربت صناعة الخبز من مصر إلى اليونان ثم إلى روما وأوربا عموما، وكان أحد المخابز الرومانية العسكرية القديمة، قادرا على انتاج 36 ألف كغم من الخبز يوميا ليسد حاجة الجيش.